رواية الشبح العاشق الجزء الثاني الفصل الخامس عشر 15 والاخير بقلم رباب حسين


رواية الشبح العاشق الجزء الثاني الفصل الخامس عشر  بقلم رباب حسين

أحيانًا يقف الإنسان عاريًا أمام المستحيل محاصرًا بجدران الخوف عاجزًا عن إيجاد منفذ أو طريق...... لكن حين يكون الحبيب في كفة والمستحيل في كفة أخرى تميل الروح دون تردد لتختار التضحية.... لتقتحم النار بقدميها وتصارع العواصف بيدين مرتجفتين... هي لا تملك القوة الكاملة.... فقط السلاح الذي بين يديها والذي يعجز عن حل هذه اللعنة.... لكنها تملك شيئًا أعظم : قلبًا يرفض أن يستسلم ونبضًا يصرخ باسم الحبيب كنداء حياة..... في كل خطوة على أرض الخطر ينكسر داخلها وهم العجز ويزهر الإصرار كزهرة عنيدة تنبت في صخرٍ قاسٍ..... المواجهة مع المستحيل لا تعني الانتصار عليه بل أن تتجرأ على النظر في عينيه دون انكسار.... أن تخوض الحرب التي لم يُقدر لك أن تربحها فقط لأن هناك قلبًا يستحق أن تهزم العالم من أجله..... وما أعظم أن يتحول الإنسان حين يحب بصدق إلى معجزة صغيرة تمشي فوق خطوط النار وتحول الصعب إلى جسرٍ نحو النجاة حتى وإن احتاج لطلب المساعدة من كل من يعرفه فقط لينبض قلبك بين يدي مرة أخرى....

نظرة عينيه كانت تذيب قلبها كما ينصهر الجليد بين النيران.... وداع يقتل الحب والروح تُعذب بلوعة الفراق..... ليس الوداع فقط بل الأمر بقتلك بيدي هو من يعصف بكل ما في عقلي.... لن أفعلها.... لن أرضخ لهذا.... فلتقتلني أنت بدلًا عني.... لا ترمقني بهذه العيون المودعة..... لا تنظر إليّ نظرة رضا بالرحيل حتى تنهي هذه الحرب..... لا ترغمني على زرع هذا السيف داخل صدرك لأنهي نبض القلب الذي ينبض من أجلي..... قد مررت باختبارات أقسى.... أعنف.... ولكن هذا ليس بإختبار.... هذا بمثابة شق جسدي إلى نصفين.... فلتكن شرًا.... فلتكن خادم له.... فلتكن عدوي ولكن لا تكن قتيلي.... فماذا أكون دونك؟ ولمن سينبض قلبي بعدك؟

وقفت أمامه تنظر إليه وهو يبتسم والألم يعتصره من الداخل.... قوة الشر تقضي عليه.... تنهي إنسانيته بداخله وينظر إليها راجيًا وقال وئام : اقتليني يا ليان

بكت بإنهيار معلنة حداد روحها التي تتألم بداخلها قائله بكل عزم : لا.... مش هقتلك.... مش هقدر

أمسك وئام كلتا ذراعيها واقترب منها هامسًا لها : هفضل معاكي.... حتى لو شبح.... هفضل جنبك.... بس الموت عندي أهون من إني أكون عدوك.... مش هقدر أرفع سلاحي في وشك واقتلك بيه.... إنتي عارفة إنك لو قتلتيني ميناس هيختفي وسلاح الشر كمان.... اقتليني.... اقتليني قبل ما اتحول لوحش.... مش عايز أبقى وحش يا ليان

ليان : وأنا مش هعرف أعمل كده.... إنت بتطلبو مني إيه بجد؟!

بنوفيل : حبيبتي وئام كده كده مش هيستحمل قوة ميناس ولا هيقدر يستخدمها بس لو فضلت تستحوذ عليه هيقدر مالوس يستدعيها بالبلورة اللي معاه.... لازم وئام يموت قبل ما طاقة ميناس هي اللي تموته.... يعني كده كده وئام هيموت مفيش حل

ليان في رفض وغضب : لا لا.... أكيد في حل.... أكيد هلاقي حل إدوني بس وقت

وئام : ليان أنا موجوع.... مش مستحمل الوجع ده.... أنا بحاول أتماسك قدامك بس بجد مش قادر.... خلصيني من الوجع يا ليان.... إعتبريني مريض بيطلب موت رحيم

ليان : وأنا كطبيبة عمري ما وافقت على الموت الرحيم.... ومش هستسلم مهما حصل مش هقتلك بإيدي ولا هسيبك تموت.... إديني بس فرصة..... إستحمل شوية يا حبيبي عشان خاطري.... إنت بتطلب مني حاجة مستحيلة.... طيب سيبني بس أفكر في هدوء.... نص ساعة بس

نظر لها وئام في حزن وقال : طيب.... خدي وقتك

جلست ليان تفكر في صمت أما عند الهرم فكان حديث الناس يعلو في الأرجاء..... كيف حدث هذا وكيف اختفا ليان ووئام؟!.... كيف طافا بالهواء؟.... وكيف اختفت الأشباح فجأة؟.... أسئلة كثيرة تداولها الناس تحت أعين معتصم الذي صدق الآن ما قالته ليان.... أما عزيز فجلس أرضًا يتألم ونظر له آسر وقال في سعادة : اللعنة خلصت يا عزيز

عزيز : الحمد لله.... أنا مش عارف أقف يا آسر مش قادر

آسر : طيب هدور على معتصم يرجعك للمستشفى

ذهب آسر وترك روما بجواره وذهب ليبحث عن معتصم حتى وجده وأخذ معتصم سيارة الشرطة وأعاد عزيز وآسر وروما إلى المشفى.... كانت سيلين تبحث عنهم في ذعر فقد كانت معهم بالغرفة واختفو فجأة من أمامها وتوجهت إلى باب المشفى لتنتظر عودتهم.... دخلو معًا وركضت إليهم سيلين في قلق وقالت : إنتو روحتو فين؟

عزيز : اللعنة خلصت.... ليان نهتها

سيلين : شكلك تعبان أوي

آسر : اه... لازم يرجع أوضته

رافقو عزيز إلى غرفته وتركو سيلين معه بالغرفة وذهبت روما لتتصل بليان كي تطمئن عليها.... نظر عزيز إلى سيلين وقال : أنا كنت عايز أقولك حاجة

سيلين : مش هينفع يا حضرة الظابط.... اللي في دماغك صعب يحصل

تعجب عزيز وقال : ليه؟!.... مش مرتاحة للموضوع ولا أنا مش مناسب؟

سيلين في حزن : لا.... أنا اللي مش مناسبة.... إنت عارف بابا يبقى مين.... ده أنت اللي قابض عليه بنفسك..... وعارف إن قضيته صعبة وممكن ياخد إعدام

عزيز : مليش دعوى أبوكي يبقى مين.... مش هكدب عليكي وأقولك إني مفكرتش في الموضوع واه الصراحة اترددت في الأول بس مين بيختار يحب مين ويكره مين؟!.... أنا من أول مرة شفتك فيها وأنا معجب بيكي ولما سألت وعرفت إنك بنت دكتور صادق حاولت أشيلك من دماغي بس معرفتش وفي النهاية إنتي ملكيش ذنب ولا عملتي حاجة غلط عشان أبعد عنك..... لما شفتك تاني إتأكدت إنك دخلتي جوا قلبي وحاليًا مش فارق معايا أي حاجة غير إنك تبقي معايا ولو إنتي معندكيش مشكلة معايا أنا شخصيًا ورفضاني بس بسبب كده فا أنا معترض على رفضك ده لكن لو إنتي مش عايزاني أصلًا ده موضوع تاني

سيلين : لا أنا معنديش إعتراض عليك..... بس أنا ممكن أئذيك في شغلك

عزيز : لا متقلقيش.... أنا حر في حياتي الشخصية.... إنتي بس وافقي وأنا هكلم وئام

ابتسمت سيلين في خجل حتى قاطعها دخول آسر ويبدو عليه الحزن قائلًا : وئام بيموت.... روما كلمت ليان وعرفت إن ميناس قبل ما يموت نقل طاقته جواه

وقفت سيلين في صدمة وهي تنظر إلى آسر ولا تستوعب ما يقول.... مر نصف ساعة ووئام يتألم في صمت ولاحظت بنوفيل ألمه.... هي تعلم مدى تأثير هذه القوة القاتلة على جسد بشري فاقتربت من ليان قائلة في همس : لقيتي حل؟

أماءت ليان بلا وهي في قمة اليأس فأردفت بنوفيل : وئام تعبان أوي

نظرت له ليان وارتسم على وجهها الحزن ووضعت كلتا يديها على رأسها في غضب ثم ضربت الطاولة أمامها بعنف فتحركت من عليها بلورة الصفح فنظرت لها ليان وفتحت عينيها وقالت : مش البلورة ديه بتمتص الشبح لو جوا الإنسان وتحبسه؟

بنوفيل : اه.... ليه؟

ليان : يعني عندها القدرة على إمتصاص الشر؟!

بنوفيل : أيوة بس مش هتستحمل ميناس ولا السلاح

أمسكت ليان البلورة بيدها ووقفت بمنتصف الكهف وهي تضعها على كف يدها واستحضرت قوتها ووضعت يدها الأخرى على الكتاب وقالت بصوت مرتفع : قمر

ظهرت أمامها قمر التي نظرت إليها بنوفيل في اشتياق وقالت : مش ممكن.... قمر؟!

كان وئام ينظر إليهن وهو يشعر بالإعياء الشديد ثم قالت قمر : وحشتيني يا بنوفيل

بنوفيل : مش أكتر مني.... إنتي إزاي هنا؟!

قمر : حفيدتي طلبتني..... وأنا جيت.... قولي يا ليان عايزة إيه

نظرت لها بنوفيل في تعجب فهي أول من قام باستدعاء بنت من بنات القمر وقالت ليان : عايزة كل بنات القمر هنا دلوقتي

بدأت بنات القمر بالظهور واحدة تلو الأخرى حتى أمها التي نظرت إليها في اشتياق وقالت ليان : قولتو لو احتاجت مساعدتكم هتقفو جنبي.... أنا مبقاش ليا حد في الدنيا ديه.... عايشة لوحدي من ساعة بابا مات.... كانت الوحدة بتقتل فيا كل يوم وعايشة على ذكريات ماما وأنا صغيرة ووالدي اللي فضل يصارع المرض سنين.... لحد ما الدنيا صالحتني وبعتت ليا وئام.... هو كل دنيتي وحياتي كلها..... ملجئي وقوتي الحقيقية.... من غيره هضيع ومش هقدر أكمل.... كل اللي عايزاه إنى أخرج منه الشر اللي سكن في قلبه.... اللي ميناس زرعه جواه عشان مبقاش لحد غيره..... مش معايا غير بلورة الصفح.... أنا إديتها قوتي عشان تحتوي شبح واحد..... لكن لو إنتو ساعدتوني هنقدر نزود قدرتها ونحبس جواها ميناس وسلاح الشر..... هتقدرو تساعدوني؟!

قمر : طبعًا.... كلنا معاكي

ناهد : وهنفضل دايمًا سند ليكي... ومتنسيش لو قدرنا نعمل كده هنبقى امتلكنا قوة ميناس للأبد وسلاح الشر كمان

قمر : بالظبط.... فا قدامنا دلوقتي فرصة نقضي بيها على شر مالوس.... حطو إيديكم كلكم على إيد ليان واستخدمو قوتكم كلها عشان نوسع قدرة البلورة

وضعت قمر يدها وبدأت بنات القمر في وضع أيديهن وأخر من وضعت يدها كانت ناهد لتقف أمام ليان تنظر لها بعين الأم الحنون ووضعت يدها على وجنتها لتزيل هذه الدموع وباليد الأخرى أمسكت البلورة وأغمضن أعينيهن وبدأن في إرسال طاقتهن حتى إمتلأ الكهف بنور قوي لتشع البلورة بإضاءة زرقاء ساحرة.... وكأن نجم مضئ وضع بين يد ليان ثم إبتعدن عن البلورة لتنظر ليان إلى وئام الذي بدأ أن يتنفس بصعوبة واقتربت منه ووضعت البلورة أمام هذا السواد الذي كاد أن يغطي جسده كله وأمسكت ليان السيف باليد الأخرى وأغمضت عينيها ليبدأ السواد ينتقل إلى البلورة التي بدأ يتحول لونها إلى الأزرق الداكن بمزيج من اللون الأسود وبالمنتصف تجمعت نقطة حمراء.... فتحت ليان عينيها لترى ما حدث فوجدت وئام ينظر إليها في سعادة وقد اختفى هذا الشر من جسده واختفت بنات القمر.... نظرت ليان إليه وهي تبكي من شدة السعادة وتنظر إلى البلورة بين يديها حتى اقتربت منها بنوفيل وأخذتها من يدها وهي لا تصدق ما حدث ثم قالت : خلاص يا ليان.... سلاح الشر بين إيدينا..... مالوس مش هيعرف يعمل أي حاجة تاني.... نجحتي يا ليان.... الحرب بتاعتك خلصت

وئام : أيوة بس وجود البلورة ديه خطر.... لو مالوس لقاها هتبقى مشكلة

بنوفيل : صح.... عشان كده لازم نخفيها كويس.... ونحط عليها قفل ميتفتحش إلا بقوة بنات القمر..... وبكده مالوس مش هيقدر يقربلها

نظر وئام إلى ليان وضمها إليه قائلًا في سعادة : مبقاش فيه حاجة تفرقنا تاني.... أنا مش مصدق إنك عملتي كل ده عشاني

ليان : عشانك هعمل أي حاجة بس تفضل جنبي

وئام : عمري ما هسيبك أبدًا يا حبيبتي..... ده أنا عايش بسبب حبك ليا

إنتهت الحرب.... وانتصر الخير بالأخير.... تم وضع البلورة في مكان أمن داخل الكهف ووضعت بنوفيل عليه قفل.... وبجواره سلسلة بنات القمر..... أما مالوس ففقد كل شئ وأصبح كالأسد دون أنياب

بعد مرور شهر

تم الحكم على صادق بالإعدام وتم تنفيذ الحكم..... حضرت سيلين ووالدتها وخطيبها عزيز مراسم الدفن..... وعاد الاستقرار والسعادة إلى حياة ليان ووئام.... وفي صباح يوم جديد استيقظت ليان وهي تشعر بالإعياء فركضت إلى المرحاض ووقفت أمام المرآة متعجبة من ألم معدتها الذي لازمها منذ فترة..... خرجت من المرحاض لتجد وئام يقف أمام الباب ينظر إليها في قلق فطلبت منه أن تذهب إلى المشفى ودخلت عند الطبيب.... بعد الفحص نظر لها الطبيب في سعادة قائلًا : مبروك يا دكتورة.... إنتي حامل

ليان في سعادة : بجد يا دكتور؟!.... حامل؟

الطبيب : أيوة.... حامل في شهر

اختفت ابتسامتها وعقدت حاجبيها قليلًا ونهضت مسرعة وخرجت من الغرفة لينظر الطبيب إلى وئام والتعجب ظاهر على وجهيهما فركض وئام خلفها وأمسك يدها ليدخل معها إلى غرفته قائلًا في قلق : فيه إيه يا ليان.... مالك؟

ليان في خوف : حامل في شهر.... شهر يا وئام

وئام : طيب إيه المشكلة؟

ليان : بنوفيل بتقولي إن فيه طاقة شر بتتكون جوا الرحم..... أنا حملت منك وإنت جواك طاقة ميناس

وئام في صدمة : لا.... لا مش منطقي.... إزاي يعني؟!.... يعني اللي جواكي ده إيه؟!.... أنا مش فاهم

ليان في خوف : معرفش بس أنا لازم أنزله

بنوفيل : مينفعش تنزليه

ليان : ليه مينفعش أنزله؟

بنوفيل : عشان اللي في بطنك سلالة بنات القمر..... لو موتيها السلالة هتتقطع وساعتها مالوس محدش هيردعه

ليان : يعني إيه؟.... إزاي تبقى بنت القمر وجواها طاقة ميناس

بنوفيل : معرفش.... معرفش حاجة.... بس اللي متأكدة منه إن اللي جواكي بنت القمر وواجبي إني أحميها.... نستنى لما تتولد وساعتها نشوف هنعمل إيه

ها هو العجز يعود إلى حياتها..... هذه المرة الإختبار بفلذة كبدها..... بنتها.... سلالة بنات القمر وحاملة للشر..... لم تستطع أن تجهض هذه الفتاة التي تتكون داخل أحشائها ونفذت أوامر بنوفيل...... بعد مرور ٨ شهور.... ولدت الطفلة البريئة التي لا تعرف ما الذي يخبيه القدر لها وعندما حملها وئام بين يديه وفتحت عينيها له وجدها تمتلك عين زرقاء وأخرى خضراء.... تعبيرًا عما تحمله بداخلها.....قوة الشر وقوة الخير.... تُرى ماذا ستكون وماذا ستفعل؟.... هل ينتصر الخير بداخلها أم يتغلب الشر عليها؟....

الجزء الثالث الفصل الاول من هنا


لمتابعه روايات سكيرهوم زورو موقعنا علي التلجرام من هنا

تعليقات