![]() |
رواية الشبح العاشق الجزء الثاني الفصل الاول بقلم رباب حسين
قوة الشر ليست مجرد خصم يُرى بالعين بل هي ظل كثيف يتسلل في القلوب قبل أن يطعن بالسيوف.... سلاحها الأول ليس الخنجر ولا السيف بل الضغينة... تلك النار التي تُشعلها في الأرواح المظلومة لتتحول الأشباح إلى جنود من غضب لا يُطفأ.... تمتلك أدواتها الغامضة التي تُرعب حتى الهواء.... تخلق أعداء لا تستطيع أن تراهم.... تهاجم كل من يقابله وتفرض السيطرة عليه ليتحول كل شئ إلى ظلام..... وكلما ازدهرت الضغينة اتسع عرش الظلام.... وكلما استسلمت القلوب للكره صار الشر سيدًا لا يُقهر..... فالخطر ليس في مواجهته بالسيوف بل في أن يستقر داخلك دون أن تدري حتى تُصبح واحدًا من جنده دون حرب..... وتتحول فجأة إلى شخص لا تعرفه ويتوجه لك أصابع الاتهام.... كيف سيواجه البشر كل هذا الشر؟.... وكيف ستحميهم ليان؟
مر شهر على طقوس مذبح صراخ الأشباح.... لم يظهر مالوس أو ميناس منذ أن أصاب ليان بهذا السيف.... كانت بنوفيل تعلم أن هناك خطبٍ ما فاختفاء مالوس كل هذه المدة ليس بشئٍ إعتيادي وهذا ما جعلها في ترقب مما هو قادم والقلق يسيطر عليها...... أما وئام وليان فاستغلو هدوء الأحداث ليقضو وقتًا معًا دون حرب إلا أن نداء الواجب قد قطع هذه الأجازة
يوم جديد في مشفى الأحمدي.... تصف سيارة الأسعاف ليركض المسعفين بحالة شديدة الخطورة لإصابة أحد الأشخاص في شجار أدى إلى الطعن داخل القلب.... ليقوم عامل الإستقبال بطلب قسم القلب فورًا إلى الطوارئ ليركض وئام وخلفه ليان وباقي الأطباء.... وصلو إلى الطوارئ ليتفاجأ وئام بالحالة وطلب الاستعداد للتدخل الجراحي على الفور ولكن قطع حديثه صوت الأجهزة لتعلن عن توقف القلب فحاول وئام أن ينعش القلب مرة أخرى لتنظر ليان إلى شبحه الذي يحمل الضغينة يخرج من جسده ليختفي على الفور فوضعت يدها على وئام فنظر لها لتحرك رأسها يمينًا ويسارًا في حزن ليتنهد وئام ويخرج من غرفة الطوارئ في حزن ولحقت به ليان حتى دخل غرفته أغلقت ليان الباب فقال في غضب : ديه تاني حالة تخش الطوارئ وتموت.... فيه إيه بيحصل في البلد؟
ليان : مش عارفة.... أنا قلقانة أوي فعلًا
بنوفيل : أنا قولتلك إن اللي بيحصل ده مش طبيعي.... إيه اللي وصل الناس لكل الغضب ده؟
ليان : المفروض لو مالوس أو لؤي هما السبب فأكيد كنتي هتحسي بقوة شرهم.... لكن بما إنك بتقولي إنك مش حاسة بحاجة يبقى مش منهم
وئام : ماشي مش منهم.... الناس اتجننت يعني.... معدل حالات القتل زاد بنسبة ٢٠ ٪ في أقل من شهر.... الناس ماشية بتتخانق مع بعضها وبشكل مش طبيعي
ليان : واللي بيموت بيخرج شبح ضغينة منه.... دايرة ومش بتخلص
وئام : إنتي عارفة عزيز لما جيه إمبارح عشان حالة القتل اللي حصلت ديه وجيه يحقق فيها قالي إيه؟.... قالي اللي بيقتل ويتقبض عليه بيبقى عامل زي المجنون وبينكر التهم
صمتت ليان تفكر قليلًا ثم قالت : أنا شكلي هنزل أحقق بنفسي.... هقرب من الناس أشوف إيه اللي بيحصل
بنوفيل : مش هتستفيدي حاجة غير إنك تقتلي الشبح اللي بيخرج لأنه الجاني هيبقى قدامك وساعتها الشبح هيجيلك وهضطري تقتليه
ليان : طيب أعمل إيه؟.... في إيدي إيه أعمله؟
بنوفيل : مش عارفة..... أنا قلقانة وكل شوية قلقي بيزيد أكتر
وئام : أنا عايز أروح
ليان : أنا نبطشية.... هتروح لوحدك؟
وئام : لا خلاص.... هفضل معاكي.... بس أنا مخنوق هطلع على السطح شوية
تركها وئام ليصعد على سطح المشفى ينظر إلى الشمس وهي تغرب في حزن..... لا يستطيع أن يمنع هذا الشعور الحزين الذي يتخلل داخل قلبه كلما فقد مريض من بين يديه.... ظهر ميناس وقد تغيرت هيئته كثيرًا بعد هذه الطقوس وشادي يقف خلفه يحوم حوله وقال : أنا عايز وئام
ميناس : لازم يقلع السلسلة ديه.... لو قلعها استغل الوضع فورًا
شادي : إنت متأكد إن ليان مش هتشوفني؟
ميناس : تعويذة التخفي مش هتخليك تبان.... جرب ولو لقيتها شيفاك اختفي فورًا وتعلالي بس إوعى بنوفيل تلحقك وتعرف مكانا
شادي : مش هتشوفني.... حاسس بده
ميناس : همشي أنا وخليك جنبه متسيبوش
كانت ليان تجلس لتشاهد الأخبار بالتلفاز وكاميرات الإعلام تصور حالة الغضب المنتشرة بين الناس بطريقة ملفتة للأنظار إلا أن قاطعتها الممرضة لتخبرها بأن الضابط عزيز ينتظر بالأسفل حيث أنه جاء للتحقيق بحادثة القتل التي حدثت منذ قليل فنزلت على الفور وصافحته ثم تنهد بقوة وقال : والله يا دكتورة أنا تعبت.... إنتي مش متخيلة الوضع في القسم عامل إزاي؟
ليان : للدرجادي؟!
عزيز : هو أنا ممكن أتكلم مع حضرتك شوية؟
ليان : اه طبعًا... اتفضل في المكتب
ذهبا معًا وجلسا بغرفة وئام وبعد أن قدمت له قهوة قال عزيز في إرهاق : أنا حاسس إن فيه حاجة غريبة ومش طبيعية..... حاجة ورا العقل.... مش مفهومة بالمنطق اللي متعودين عليه
ليان : احكيلي
عزيز : أولًا جرايم القتل اللي بتحصل كلها لناس ميعرفوش بعض خالص.... الغريب بقى إيه إن الجاني هو اللي بيستفذ المجني عليه وبطريقة مفتعلة جدًا.... يعني مرة جاتلي جريمة إن واحد قتل واحد بسبب إنه داس على المنديل اللي رماه هو في الأرض.... خدي من ده كتير بقى.... ثانيًا بعد ما بيقتله بيقف يبص للمجني عليه في صدمة.... إنتي عارفة إن فيه واحد فضل يصرخ جنب المجني عليه ويطلب إسعاف عشان يجو وهو اللي مسكه مموته بسبب الضرب ولما أجي أحقق معاهم يقولولي قتل إيه؟.... وأنا أقتله ليه؟ أنا معرفوش أصلًا..... تعالي بقى لقضية تانية اللي حصلت في المستشفى القريبة منكم ديه.... الجريمة اتسجلت عن طريق الكاميرات.... فا القاتل قالي مقتلتوش.... شغلت الفيديو عشان يعرف إن فيه دليل... الراجل داخل في حالة هيسترية وكل اللي على لسانه أنا مقتلتوش.... أنا معملش كده.... استغفر الله استغفر الله ووقع في الأرض بانهيار عصبي ولسه مرمي في المستشفى لحد دلوقتي.... أنا خلاص.... هتجنن من اللي بيحصل والوزارة ضاغطة علينا بشكل لدرجة عايزانا نفعل قانون الطوارئ وننشر عربيات التدخل السريع عشان نمنع أي جريمة من إنها تحصل.... بس ده هنعمل إزاي؟.... نمشي عسكري ورا كل واحد ماشي في الشارع.... ده الناس عمالة بتتخانق مع بعضها في كل حتة.... قالولنا امنعو الكافيهات من إذاعة أي مباريات للكورة بسبب التعصب عشان برده فيه واحد قتل واحد بسبب ضربة مرمة.... أنا بجد هتجنن.... وفي وسط ده كله افتكرتك يا دكتورة لما وقفتي وقولتيلي بمنتهى السهولة.... الجاني أهوه.... وفي كل جريمة بتحصل بفتكرك وكأن ديه إشارة من ربنا إنك ممكن تساعديني.... أنا مش عارف ده إزاي بس بجد أنا محتاج مساعدة من كل اللي حواليا
ليان : صدقني لو في إيدي حاجة مش هتأخر أبدًا
دخل وئام الغرفة وصافح عزيز وجلس أمامه ولاحظ عزيز السلسال برقبته فقال : إيه ده.... حضرتك لبست السلسلة برده يا دكتور
نظر وئام إلى ليان وقال : اه.... أوامر المدام بقى
ضحك عزيز ثم قال مازحًا : أوامر ولا كانت عملالك عمل.... إلا صحيح يا دكتور.... حضرتك كنت بتتكلم معاها بطريقة وحشة جدًا وفجأة اتجوزتو.... هو العيب من السلسلة صدقني... اقلعها يا دكتور
ضحك وئام وقال : لا لا.... من قبل السلسلة متقلقش
عزيز : بس هي شكلها غريب أوي بجد.... جبتيها منين ديه يا دكتورة؟
ليان : ديه طلبتها مخصوص
عزيز : فعلًا مميزة.... ممكن تقلعها أشوفها يا دكتور؟
ليان في إندفاع : لا.... مش.... مش هينفع
نظر لها عزيز في تعجب فقالت : فال وحش لا.... بلاش بلاش
عقد عزيز حاجبيه وقال : ماشي.... نرجع لموضوعنا.... هل لو احتجت حضرتك في قضية هتيجي تساعديني؟
ليان : حاضر.... هاجي أساعد حضرتك
ذهب عزيز لتقول بنوفيل في يأس : شفتي كلامه.... صدقتي إن فيه حاجة غلط؟..... ده حتى الراجل اللي مش فاهم أي حاجة لاحظ.... لا.... أنا مش هفضل قاعدة بتفرج كده كتير.... أنا هروح أدور على مالوس.... لازم أعرف هو مختفي فين.... هسيب معاكي جنة ولو احتاجتي أي حاجة بس نادي على اسمي
أماءت لها ليان وذهبت واقتربت منها جنة وقالت : إنتي قلقانة صح؟!
ليان : إنتي عارفة إن بقالي فترة كبيرة جدًا مشفتش ولا شبح ضغينة.... مفيش خالص..... بيروحو فين مع معدل القتل ده كله؟.... إزاي مستخبين كده؟
وئام : يمكن عشان بيتقبض عليهم.... أكيد الأشباح معاهم جوا الزنزانة
تنهدت ليان ثم قالت : عشان كده وافقت أروح لعزيز القسم.... هروح عشان أعرف إيه بيحصل بالظبط
وئام : طيب قومي روحي وأنا هشيل النبطشية عنك.... بكرة روحي لعزيز القسم خلينا نطمن.... عارف مش ترتاحي غير لما تطمني
ليان : لا لا.... مش عايزة اسيبك
وئام : متقلقيش عليا حبيبتي.... السلسلة معايا.... سيبي جنة معايا طيب عشان لو فيه حاجة حصلت تبلغك.... مع إني عارف إن مش هيحصل حاجة
ليان : مش عايزة اسيبك عشان بتوحشني.... البيت بيبقى وحش من غيرك
نهض وئام والتف حول المكتب ليقترب منها ليمسك يدها ويرفعها أمامه ليضمها بين ذراعيه ثم يقبلها وقال : مش هتأخر عليكي.... هو الليلة بس.... روحي عشان تعرف تنامي وتقدري تروحي القسم
عادت ليان إلى المنزل وتركت جنة بجوار وئام وجلست بالفراش تشعر بالقلق ولا تعلم لم إحساس الخوف يسيطر عليها.... حاولت أن تهدأ حتى نامت.... في الصباح ذهبت إلى قسم الشرطة وبعد أن دخلت لاحظت حالة الهرج الموجودة داخل القسم.... سألت عن الضابط عزيز ليقول العسكري : جيه أهوه يا مدام
التفتت ليان خلفها لتجد عزيز يركض إلي الداخل وتفاجأ بوجودها فقالت : خير يا حضرة الظابط.... بتجري كده ليه؟
عزيز : مصيبة.... فيه ٤ ماتو في الحجز.... قتلو بعض تحت
ليان في صدمة : مش ممكن.... أنا جاية معاك
أماء لها عزيز بأن تتبعه وركض لينزل إلى أسفل بغرفة الحجز ليتفاجأ بجثث ٤ أشخاص فدخل ولحقت به ليان لتجد القاتل ينظر إليهم في صدمة وحوله شبحان فنظرا إليها ولكن لم تعيرهما انتباه ولكن تعجبت بأن هناك ٤ قتلة وشبحان فقط.... نظر عزيز إلى العسكري وقال : هو قتل الأربعة؟
العسكري : لا.... الناس في الحجز قالو إن الأتنين دول قتلو دول أما الجاني ده فقتل الأتنين بعد ما خلصو عليهم
عزيز : إيه العك ده؟
أشارت ليان إلى جثتين وقالت : الراجل ده قتل دول
العسكري : بالظبط يا فندم
عزيز : غريبة.... الأتنين دول أصلًا هما اللي قتلو الأتنين اللي ماتو في المستشفى عند حضرتك يا دكتورة
الجاني في بكاء هيستيري : يا باشا أنا مقتلتش حد.... أنا فجأة لقيت الأربعة بيتخانقو مع بعض وقفت على جنب وقولت مليش دعوى لحد ما الأتنين دول ماتو وبعدين محستش بأي حاجة بعد كده فجأة لقيت الأتنين ميتين وأنا واقف قدامهم وبقيت المساجين بيبصولي وبيقولو إني قتلتهم وفجأة لقيت أشباحهم قدامي
عقدت ليان حاجبيها وقالت : إنت شايف أشباح؟
الجاني : أيوة.... أهم حواليا
نظرت ليان إليهما ولاحظت أن الجاني يشير إليهما أيضًا فقالت : حضرة الضابط ممكن تخرج العساكر من هنا؟
عزيز : أخرجو كلكم
خرج العساكر ونظر الجاني إليها وقال : إنتي كمان شيفاهم... بيبصو عليكي وإنتي بتبصي عليهم
عزيز : إنتو بتقولو إيه؟!
اقتربت ليان منه وقالت : إنت شايفهم إزاي؟
الجاني في توتر : معرفش.... شكلهم وحش أوي وبيبصولي بغضب
عزيز : إنتي مصدقاه يا دكتورة.... دول بيدعو الجنون.... تلاقيه سمع الأتنين دول وهما بيقولو نفس الكلام فا بيقلدهم
نظرت له ليان وقالت : الأتنين دول مين.... اللي قتلو إمبارح وأول إمبارح؟
عزيز : اه.... قالو نفس الكلام
وضعت ليان يدها على رأسها وكادت تصاب بالجنون.... كيف يرو الأشباح؟! ثم قالت : إنت بتشوف أشباح من إمتى؟
الجاني : أول لما فقت لنفسي ولقيتهم بيقولو إني قتلتهم لقيت الشباحين دول واقفين جنبي.... تعرفي تخلصيني منهم؟!
ليان : أعرف
مسك الجاني يدها وقال في رجاء : أبوس إيدك.... خلصيني منهم.... أنا خايف.... ومش هسرق تاني خلاص.... تبت.... مش هعمل حاجة غلط تاني
ليان : لو عملت كده إياك تجيب سيرة لحد.... فاهم؟
الجاني : حاضر.... ولا كأنك عملتي حاجة؟
عزيز : لا أنا كده مش فاهم حاجة
أخرجت ليان السيف وقتلت الشبحان به فنظر لها الجاني في تعجب وقال : إنتي قتلتيهم بإيه؟
أعادت ليان السيف خلف ظهرها وقالت : مش مهم
فتح عزيز عينيه في تعجب وقال : قتلت مين؟!.... إنتو بتقولو إيه؟
الجاني : هي صدقتني.... قولتلكم كلكم ومحدش صدقني بس هي صدقت.... أنا مقتلتش حد قوليلهم إني مقتلتش حد
صاحت ليان قائلة : بنوفيل
ظهرت بنوفيل أمامها لترى الجثث بالأرض فقالت : إيه ده؟.... مين دول؟ وإيه جابك هنا؟
ليان : الراجل ده بيشوف أشباح إزاي؟!
نظرت له بنوفيل ثم رفعت يدها أمام جسده فظهر آثر نصل في صدره فقالت في صدمة : ده ملعون.... جسمه فيه لعنة
عزيز : إنتي بتكلمي مين؟!.... لا لا.... أنا مش فاهم حاجة
نظرت له ليان وقالت : مش حضرتك كنت دايمًا بتقولي إني مش مرتاحلك.... معاك حق.... أنا مش طبيعية.... عايز تتأكد ممكن نروح أوضتك وأكدلك كلامي بس أهم حاجة الراجل ده محدش يدخل عنده نهائي وياخد حبس انفرادي لحد ما أشوف اللعنة اللي نزلت عليه نزلت إزاي
الجاني في صدمة : لعنة؟!.... أنا ملعون
ليان : متقلقش هحلها.... ممكن اتكلم معاك لوحدنا يا عزيز بيه
أماء لها عزيز وخرج أمامها وطلب من العساكر أن ينقلو الجاني بحجز إنفرادي ولا أحد يتعامل معه ثم ذهب إلى غرفته ومعه ليان فنظرت إلى بنوفيل وقالت : روحي هاتي وئام وتعالي
ذهبت بنوفيل فنظر لها عزيز وقال في غضب : دكتورة أنا مبقتش فاهم حاجة ولو فضلتي تكلمي نفسك هنقلك مستشفى المجانين ولو....
قاطع حديثه ظهور وئام فجأة أمامه لينظر له في صدمة ثم قال : بتعملي إيه يا ليان؟!
رفعت ليان سيفها وطافت أمام عزيز في الأعلى الذي ينظر إليها في صدمة وقالت : أنا ليان.... أخر سلالة بنات القمر