رواية البوص الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم يمني عبدالمنعم


 رواية البوص الفصل الواحد والعشرون 

 العقاب

تفاجئ سليم بما تلفظت به زوجته

وتساءل في نفسه من اين انت بهذه الجرأة.

تنهد بصوت عال قائلا بحدة انت ايه اللي يدخلك في حاجه زي كده... طالما ميخصكيش.

عقدت كفيها بتوتر قاتلة باضطراب بالتأكيد بقى يخصني طالما بقيت مراتك.

ابتسم ساخراً بجانب شفتاه هامساً بنيره عايئة مش معنى انك بقيتي مراتي انك تتعدى حدودك معايا انت هنا موجوده علشان حاجه واحده بس وانت عارفاها كويس أوي وبعد ما ها زهق عارفه هيحصل لك ايه.

تأملته بوجه ممتقع كأنه الى بالسكين وغرزه في قلبها فكل ما يفكر به، هي رغباته ومصلحته فقط... مثل الدمية الذي يلعب بها الطفل ها قد اصبحت في نظره عروسه جميله ياخذ منها

جمالها وشبابها ويلقى بها عندما يريد التخلص منها.

أمسكت بدموعها حتى لا تذرفها أمامه ليزيد من اهانتها أكثر من ذلك....

قائله بحده بعض الشيء: انت اكيد مش بني آدم انت محرم ملكش غير في الاجرام ويس، اما اذا كانت الطفلة دي ينتك فهي بختها وحش أوي في ابوها رئيس العصابة.

انطلقت من عيونه نظرات شرسة كأنه حيوان سيلتهمها، خشبت من رد فعله.

لذا تراجعت إلى الوراء خطوتين لكنه باغتها بإمساكه اياها من ذراعها بقسوة.

قائلا بغضب: واضح أوي أن لسانك بدأ يطول واذا كان هيطول عليا أنا، فأنا ممكن القصهولك من دلوقتي، فابحذرك ان لسالك يطول مره ثانية.

لم تباغت كثيراً بردة فعله، فهي تتوقع منه أكثر من ذلك هزت رأسها بقوه رافضه ما يقوله.

قائلة بضيق رغم خوفها منه اذا كنت فاكر إني ها خاف منك فأنا مش خايفه، ولهله دي عمري ما

ها تخلى عنها، ووقت ما أمشي من هنا ها خذها معايا حتى لو طلعت بنتك فعلاً.

اتسعت عيناه في ذهول شديد لجرأتها التي زادت عن حدها قائلا بغضب ساخط: عارفه يا ملك انك لو محرصتيش على كلامك معايا، هندمك على كل كلمة وحرف نطقتيه.

جدیت ذراعها منه بقوة تتحداه من جديد قائله بصوت مرتجف اعمل اللي تعمله ما عادش يهمني أنا عارفه انك هترميني في أي وقت فياريت ترميني من دلوقتي.

تطلع إليها مطولاً دون أن يجيبها رغم شدة تورته الداخلية ضدها، تاركاً إياها تتخبط بمشاعر شتی.

اقترب من الباب كي يذهب لعمله مرة أخرى صرخت به بقوة تكمل غضبها منه.

قائلة بضيق ميتردش عليا ليه ها مش دي الحقيقة انك هترميني في أي وقت يعجبك.

تصاعد الغضب ونفاذ صبره عليها بداخل صدره ورغم ذلك كظم غيظ، ولم يلتفت إليها سليم بل تابع سيره دون أن يجيبها مغادراً المكتب.
ركضت ناحيتها نهلة تأملتها بتساؤل، قائلة بخفوت انت زعلانه ليه يا طنط.

ربتت على رأسها بحنان تطيل النظر إلى الشبه الواضح بينها وبين البوص الذي تجاهلها تماماً.

تنهدت ثم ابتسمت ابتسامة شاحبة قائلة: لا أنا مش زعلانه طول ما أنت معايا.

بادلتها نهلة بابتسامة مشرقة قائلة بهدوء: طب مش هتكملي لعب معايا.

هزت راسها بالإيجاب ممسكة بكفها الصغير عائدة بها إلى حيث ما كانوا يمكنون.

عقد عثمان حاجبيه بضيق حاد قائلاً بعدم فهم أنا لغاية دلوقتي مش فاهم، انت ليه حاطه ملك في دماغك أوي كده ومش سايباها في حالها في حين احنا من البداية قصدنا سليم وبس.

ضغطت على شفتيها بقوة، حتى أنها كانت ستدميها قائلة بحده انت ليه مش فاهم ان ملك دلوقتي هيه الورقة الرابحانه، بعد ما سليم دمر كل حاجه خططنا ليها وخصوصاً بعد ما كشف اللعبة من بدايتها لدلوقتي.

هز رأسه موافقاً اياها قائلاً بإعجاب اه فهمتك دلوقتي يعني قلتي بالمرة بقى تدمري حياته اللي اسه بادلها.

ضحكت ايتن باستهزاء ساحرة بما نفود به عثمان قائله بتهكم حياة مين اللي هتدمر يا عثمان انت فاهم اخوك كويس سليم مش بتاع جواز كان من البداية خالص اتجوزني، لكن رفض يتجوز وهوا شويه وهيزهق منها وياخذ اللي هو عايزه منها وهيطلقها في الآخر.

زفر شقيقه ثم جلس على مقعداً خلفه قائلا باقتضاب ازا فاهمه کویس پس كلمه حق تنقال انت كنت السبب ورا انه يكره الجواز.

ضيقت عيونها بقوة قائله بغضب: عثمان شكلك هننسي نفسك ولا ايه انت ناسي عملت فيه ايه. دمرته ووجعته يعني مشترك معايا في الي حصل له واللي هوا بقى عليه دلوقتي.

ابتسم بتهكم مجيباً باللامبالاة: مش كل ده كان من تخطيطك انت من البداية، لإن اهم حاجه عندك الفلوس والشهرة وبس

صمت قليلاً تسترجع كل ما مرت به مع سليم في الماضي، متذكره ذلك اليوم الذي كشفها على حقيقتها قائلا لها يحزن انت ازاي تكوني كده بعد كل اللي عملته علشانك تبيعيني لادهم الشرقاوي وتبيعيني كمان لعثمان وانت عارفه انه هوا اول واحد باعني ليه كل ده عشان الفلوس.

ثم ألقى بوجهها بحفنة من مئات الجنيهات الكثيرة مستطرداً بعصبية: خدي فلوس أهيه يمكن تنفعك وقت ما تلاقيش حد يقف جنبك.

اغمضت عيونها كي تلقي بهذه الاحداث وراءها إلى الماضي ... مثلما نسيت كل ما عاشته معه هامسة بخفوت أنا نسيت كل حاجه يا عثمان وما عنديش وقت افتكر انا عملت ايه وما عملتش

ايه .... يلا بينا عندنا ميعاد مع أدهم الشرقاوي.

وقفت سهر تطهو بعض الأطعمة داخل المطبخ كما أمرها فتحي يذلك، ففي الأوته الأخيرة بدأ

يلين بعض الشيء نحوها وبالأخص منذ جواز البوص.

حتى انها شعرت قد أصبحت مطيعة أكثر من ذي قبل على غير عادتها، رغم انه من البدايه كانت تهابه للغاية ولكن الآن لم تعد تخشاه مثل بداية معرفتها به وتلمت منه التغيير إلى الافضل. وأكد ذلك الإحساس بداخلها عرضه عليها الخروج إلى نزهه لكنها، أيت بحجة أنها لا تستطيع

مواجهة الناس الآن وهي في فترة تعتبر نقاهة.

استجاب فتحي لرغبتها بعدم الخروج معه وجلس يشاهد معها التلقان، يتطلع إليها كأنه يراها لأول مرة.

هذا ما لاحظته عليه حتى أنها بدأت تشعر بالتحسن بحالتها النفسية ووجدت الطمأنينة بعد ما افتقدتها في الأيام الماضية.

تنفست يعمق وهي ترى أثر ذلك التغيير بداخلها بعد ما لانت حالتها النفسية، كثيراً عن ذي قبل.

إن من اثر الادمان هو كان وراء تصرفاتها الحمقاء ففي الأمس ذهب بها إلى طبيبها المعالج.

فبشره بأنها افضل من الاول وركز على ضرورة زيادة رعايتها واحتوائها.

لهذا تغيرت معاملته لها مما أشعرها نحوه بالامتنان

ولج إليها فتحي بخطوات بطيئة يشاهد ما تصنعه من طعام معجباً بمظهره الشهي.....

مردداً بهدوء أول مره تطبخي من يوم ما اتجوزنا التفتت إليه يتوتر فقد بوغتت به أمامها.

قائلة بخفوت انت عارف كويس إن ده غصب عني وعلشان علاجي الفتره اللي فاتت.

ابتسم بهدوء قائلاً بابتسامة جذابة شكلها كده مش هتبقى أول ولا اخر مره انك تقفي وتعملي اكل و خصوصا انك بقيتي واحده متجوزه مسؤوله عنى مش كده ولا ايه.
احرجت سهر حتى أصبح وجهها مثل حبة الطماطم في كلماته الحانية.

اختلاج قلبها الذي أصبح فارغاً مثله مثل قارورة ماء فارغة أيضا الشغلت بالطعام حتى يتركها ولا يحرجها أكثر من ذلك.

شعر فتحي أنه لابدك من الخروج من المطبخ، ركض إلى الخارج مستمتعا برائحة الطعام. الشهي.

جلس فتحي ينتظر الطعام على مائدة مستديرة متوسطة الحجم شاعرا بالجوع.

انت زوجته بالطعام والاطباق العديدة.... حتى انه كاد ان يلتهمه بالأطباق من كثرة الجوع فقد تأخرت به في الداخل.

وجدته سهر يأكل بنهم شديد اندهشت من طريقته تلك قائلة بتعجب: انت ليه بتاكل بالطريقة دی

أجابها بسرعة: أنا هموت من الجوع .... لاحظت أنها بالفعل قد تأخرت عليه لهذا.

تحدثت بخجل: أنا أسفه يا فتحي يظهر إلي الأخرت فعلاً في عمايل الأكل.

ضحك ببساطة قائلاً بمرح ولا يهمك اديني باكل اهو وعلى فكرة بقى الأكل طعمه حلو أوي. تطلعت إليه بنظرات حانيه ممزوجة ببعض الحرج، فهذه هي المرة الأولى الذي يضحك لها هكذا.

همست من بين شفتين ترتجفان بالهناء والشفاء.

رفع بصره نحوها يتأملها بدقة متناهية، قائلاً باستغراب: ما تأكلي ما بتاكليش ليه.

وضعت قطعة خبز صغيرة داخل فمها تحت نظراته المتسائلة قائلة بهدوء مصطنع: أديني باكل أهوه.

ابتسم بخفة قائلاً بمزاح: طب كلي أوام يقى أحسن أخلصه قبل ما تشبعي.

اومات برأسها بالإيجاب، مندهشه من لطفه الزائد معها مرددة لنفسها: ربنا يستر ويفضل كده على طول ... وما يقلبش.

ناداها قائلاً بهدوء في حاجه يا سهر... توترت اعصابها للحظات قليلة هامسة باقتضاب: لا مفيش.

جلس عاصي في مكان عام مع مدير مكتبه، يستحيان كوبان من الشاي.

شرد الأول بذهنه دون التحدث يرتشف القليل من فنجانه بصمت وعقله مشغول على ملك.

اتساءل الآخر قائلاً بحذر: عملت ايه مع أيمن تراجع للخلف بمقعده مستنداً بظهره عليه.

مردداً بهدوء مصطنع أبدأ عرفت عنوانه الجديد ووصلت ليه وقابلته وكنت هموته في إيدي خلصه مني واحد صاحبه وأقسملي انه ما ساقها ولا يعرف عنها أي حاجه من قبل ما تهرب.

تطلع إليه بنظرات شائكة قائلاً: وانت صدقته بسهولة كده.

مط شفتيه با متعاض قائلاً يضيق هعمل ايه يعني مش قدامي غير كده غصب عني لازم أصدقه وخصوصا إنه باع تليفونه القديم ورمى الخط بتاعه علشان منتصلش بيه.... وجاب واحد ثاني غيره

صمت الإثنان يتطلعان إلى بعضهما كان الحديث توقف بينهما عند هذا الحد.

تقوه عاصي بكلمات مقتضبة طب انا ماشي دلوقتي وبكرة إن شاء الله تبقى تتقابل.

عاد إلى المنزل ووجد فريدة بانتظاره على الغداء، وقه بصرها عليه فهيت واقفة من مكانها على الفور.

مرددة بتوتر كنت منتظرة حضرتك تتغدى سوا ... حدج الطعام ولم ينظر إليها.

قائلاً بجفاء: اتغدي أنت مليش نفس للأكل.

انزعجت من كلماته المختصرة قائلة بهدوء مزيف لكن يا ابيه .... قاطعها بحدة وبعدين بقى قلتلك مليش نفس يبقى خلاص.

تماسكت رغماً عنها أمامه حتى لا تبدو أضعف من ذلك.

تحركت صوب الدرج، لكنه هتف بها بغضب: رايحه فين قبل ما تاكلي.

هزت رأسها بالرفض قائلة بخفوت متلعثم خلاص مبقتش قادرة عن إذنك.

نظرات شرسه بدت في عيونه... كادت تلتهمها قائلاً بغضب: واضح كده إني علشان ساكت

هتبتدي تعانديني.

خشيت من مقصده... عادت إلى مقعدها وبدأت تتناول الطعام تحت نظراته الساخطة.

بدى ارتعاشت يدها وهي تمسك الخبز، هدر بها كلي أفضل من كده... قبل ما يغمى عليكي من الجوع

تم تركها ودخل إلى مكتبه، جاءته العربية تقول بتساؤل : أعملك حاجه قبل ما أمشي يابني.

هز راسه بالنفي، انسحبت بهدوء عائدة إلى المطبخ.

فکرت فريدة بازدياد قسوته هذه الأيام، شعرت أنها وملك السبب وراء ذلك.

فقد أيقظت جروحاً قديمة بداخله، أكلت عدد لقيمات صغيرة ثم عادت الحجرتها.

فهي في أيام امتحانات ولا تريد الفشل، فيحطم ذلك من نفسية عاصي أكثر مما هو عليه.

الحمضت أهدابها تحاول التركيز فيما هي فيه... بوغنت برن هاتفها برقم غريب لم تعرفه.

ترددت في الفتح بالبداية لكنها أمسكته بقلب قلق، جاءها صوت شکت به .....

تردد الصوت مرة أخرى بتوتر : أنا منك يا فريدة.....

اتسعت عيونها بصدمة شديدة قائلة بدهشة: ملك مش معقول قوليلي انت فين وانا أجيلك...... أنت بخير طمنيني عليكي.

أمسكت دموعها كي لا تذرفها قائلة باشتياق: أنا بخير اطمني بس مش هقدر أقابلك دلوقتي خالص

توترت أعصابها أكثر وأحكمت غلق باب حجرتها قائلة بخفوت طب قوليلي على الأقل مكانك فين وهل فعلاً اتقابلتي مع أيمن.

تنهدت ببطء قائلة بيأس مش هقدر أقولك على مكاني غصب علي ... أما بالنسبة لا يمن انا مقبلتوش ولا مرة ومعرفش عنه أي حاجه وخصوصا بعد ما اتجوزت.

جحظت عيونها من هول ما استمعت إليه قائلة بقلق: اوعي تقولي انك اتجوزتي رئيس العصابة.

لمعت حدقتيها بالدموع قائلة بحزن: أيوه هوا يا فريدة لقيت نفسي مفيش مفر منه.

انهمرت دموعها بغزارة حزناً على ابنة عمها قائلة بحنان طب قوليلي هوا بيعاملك إزاي.

طال صمتها ولم تجيبها، فهمت ما تعانيه ملك استكملت يخفوت انا ممكن أبلغ عاصي بكل ده وينقذك....

قاطعتها بسرعه قائلة بلهفة: لا أرجوك إلا عاصي أخاف عليه منه ... ده خطير.

هزت رأسها بقوه رافضه ما تنطق به قائلة بحدة: لا لازم يعرف مش معقول هتفضلي في المعاناة دي كده على طول.

تجاهلت هذه الجملة رغماً عنها قائلة يتساءل: عاصي عامل إيه دلوقتي... طمنيني عليه.

زفرت بيأس هامسة بصوت خفيض: أبيه اتغير أكثر من الأول وهيتجنن عليكي .......

فجأة تناهى إلى مسامعها صوت أقدام تقترب من باب غرفتها فقالت على عجل : لازم أقفل دلوقتي

ارتعشت يديها وهي تقوم بغلق مصباح الحجرة... حتى يظن أنها نائمة.

رغم ذلك وجدت من يطرق الباب أسرعت نحو الفراش تختباً منه ... أغمضت أهدابها تحاول السيطرة على نفسها.

دون كشف حقيقة الأمر بعد مرور دقيقتين وجدت هذه الاقدام تعود من حيث أنت.

تنهدت بارتياح شديد وهي تضع فيضتها على قلبها الذي يخفق بسرعة شديدة.

امسكت بالهاتف مرة أخرى بعد ان الفته تحت السرير وسجلت الرقم التي قامت بالاتصال به ملك.

جلس كل من داخل مكتب أدهم الشرقاوي وأيتن وشقيقه عثمان، والأخير.

تأملهم بنظراته بضيق واضح قائلاً بصرامة من النهاردة موضوع أننا نتقابل كثير مش عايزه كفاية اللي حصل.

ظهرت ملامح الاستياء الشديد على وجه أيتن قائلة باستخفاف ليه البوص بقى بيخوفك أوي كده.

زفر بحدة وهو يضرب مكتبه بقبضة قوية قائلاً بالفعال: أنا عمري ما خفت منه ولا هخاف لكن الخسائر اللي خسرتها بسببه كبيرة ده غير إنه كان حرفلي مخزن ببضاعته قبل كده.

صمت شفتيها باستنكار لما يقوله قائلة باللامبالاة: ما انت أكيد الوضع هيتغير وهتعرف تعوض خسارتك.

نهض من خلف مكتبه منفعلاً بشدة قائلاً: انتي بتقولي ايه... وضع ايه اللي هيتغير مع وقف السوق كله في وشي ها.... وبعد ما طاوعتك وعملت المصيبة اللي جات على دماغك.
تدخل عثمان بالحديث قائلاً بلهجة حذره اهدى يا ادهم مش كده خلينا نتفاهم أحسن

أشاح بوجهه، مشيراً بأصبعه في وجهه قائلاً بعصبية أهدى ايه بس انت مش شايف كلامها ما هي مش خسرانه حاجه.

اجابته بصوت عالي هذه المرة: انا خسرت ولسه باخسر لغاية دلوقتى ولا انت مش واخد بالك.

هز رأسه بالنفي قائلاً بصرامة: عمر ما خسارتك ما هتكون في خسارتي أبدأ البوص، عمره ما هيسيبنا في حالنا بعد كده وخصوصا انه بقى عارف على كل حاجه ووقف في السوق كله في وشي يعني غير كده مش ها عرف اشتغل ولا هامشي شغلي في الأول.

صمتت ايتن ولم تستطع الرد عليه وانما أجابها عثمان قائلا بحرص اكيد في حل يا ادهم وزي ما في ناس بتشتغل مع سليم اكيد في ناس هتشتغل مع غيره.

حدجها ينظرات شرسه قائلا بحده محدش هيقدر يعارضه بعد كده انت مش عارف اخوك ولا ايه ده كل الصفقات اخدها لنفسه وما عرفتش اخد منه ولا صفقه ده غير تهديده ليه.

نقرت بأصابعها فوق مكتبه، فانك بترقب دلوقتي المفروض تفكر في اللي جاي مش في اللي راح وبعد ما يقى عنده نقطة ضعف مراته.

ثم نظرت الى عثمان بتهكم و اردفت ببرود: ده غير ان نهله موجوده هناك ونقدر قوى بسهولة نضغط بيهم عليه.

هنا لم يصمت الرجل قائلاً بحدة إنت أكيد اتجننتي با ايتن عايزة تدخلي طفلة صغيرة في موضوع كبير زي ده.

تجاهلت كل هذا وهي تضع قدم فوق الأخرى بكبرباء قائلة بسخرية انت ليه محسسني إنك حنين أوي عليها ... اللي يسمعك بتقول كده يحس إنك أحن واحد عليها بعد ما رميت أمها بالسجن.

حماق بمحياها بوجه ممتقع مصحوباً ببعض الغضب، رغم حقيقة كلماتها فزاده هذا نفوراً منها.

مردداً بضيق: قلتلك مدخليش أي حاجه تخصني مع البوص وبالذات نهلة.

زفر أدهم بحدة قائلاً بلهجة غاضيه ممكن بقى تسكتوا انتم الاثنين خلينا نشوف هتعمل ايه مع المصايب اللي احنا فيها.

قبل أن ينطقوا بأي شيء جاءه أحد رجاله قائلاً على عجل أدهم بيه الحق رجالة البوص استولوا على بضاعة جاية من عند طارق الشناوي.

بوغت الرجل بمن يضع قبضة قوية على كتفه، قائلاً بغلظة متهكمة: للأسف كنت جاي أبلغه بنفسي بس سبقتني.

التفت الجميع إلى صاحب الصوت بأعين جاحظة، بما فيهم أدهم الذي لم يفهم ما يحدث حوله من مصائب لم يدرك كميتها من كثرتها.

قائلين بصوت واحد البوص

تأملت ملك الحجرة التي أصبحت غرفتها، كأنها تراها لأول مرة فهي لم تعد تريد أن تعجب بأي شيء بعد كل هذه المعاناة.

فهي واسعة وكبيرة الحجم، أما من حيث الأناقة والجمال فهي مثال للفخامة والرقي. من الواضح بشدة أنه اعتنى جيداً بذوقه في تغييرها کي تليق به عندما تزوجا

لامت نفسها كثيراً على عرضها للزواج منه، عندما طالبها يبيع نفسها.

فقد ظن أنها من ضمن فتيات الليل الذين يبيعون جسدهم مقابل حفنة من المال سواء قل أو كثر.

لهذا أجبرت نفسها على الزواج به، حتى وافق بعد مجادلته عدة مرات.

رفعت بصرها نحو الخزانة الكبيرة، بنية اللون الممثلثة بالحياب المنوعة باهظة الثمن، والتي من كثرتها أصبحت لا تعرف أي شيء سترتدي فأذواقها كلها رائعة.

لذلك شعرت بالحيرة الآن في اختيار نياباً تليق بها.

تنهدت بضيق ثم اغلقت الخزانة وتوجهت نحو الفراش تنظر إلى السرير الذي أصبح سريرها مع زوجها.

فقد شعرت انها اصبحت داخل مستنقع معه لا تعرف السبيل إلى الخروج منه بسلام فهي مثل الحبيسة في غرفتها أو داخل المكان بأكمله.
فا من بعد ما تحدثت المرة الأخيرة، قررت عدم التكلم معه إلا فيما ندر

تذكرت عيناه بالأمس، تتأملها بنظرات لم تفهمها إلى الآن.

قبل أن ينام حتى أنه لم يتحدث إليها سوا مرة واحدة عندما طلب منها فنجان من القهوة.

حمدت ربها أنه لم يكلفها بالكثير فهي تخشى القرب منه إلى الآن، لامست أصابعه كفها وهو يأخذ منها الفنجان.

خفق قلبها بقوة وابتعدت مسرعة كان لمسته من عقرب سام، سیسمم لها جسدها.

لاحظ ذلك لكنه لم يعيريها أي اهتمام بل انشغل بحاسوبه الشخصي.

سمعت ملك صوت فرع على باب غرفتها فأجابت بصوت هادئ ادخل.

وجدتها نهلة التي أقبلت نحوها يخجل بعض الشيء.

ابتسمت لها بتشجيع قائلة بهدوء: تعالي حبيبتي متتكسفيش.

تأملتها الصغيرة قاتلة بنيرة هادئة ممكن اطلب من حضرتك طلب

ريتت على كتفها بحنان قائلة بحب: اطلبي يا روحي.

همست ببراءة أنا نفسي في تورتايه صغيرة على أدي علشان عيد ميلادي النهاردة ممكن تعمليها لي.

ابتسمت ملك بسعادة فهي لم تكن تعلم أنه يوم ميلادها.....

قائله يحنان طبعاً اعمل لك أحلى تورتة لأجمل نهلة في العالم، بس انا معرفش إنه النهاردة عيد

ميلادك وإلا كنت خليت البوص يجبلك أحلى تورتة.

قالت ذلك وهي غير واثقة بأنه سيوافق على طلبها ... لكن الفتاة فزعت عندما تفوهت بذلك.

قائلة بخوف: لا أرجوك متقوليش ليه كده أحسن يزعل مني.

احتضنتها بحزن من أجلها قائلة بحب متخافيش يا حبيبتي محدش يقدر يزعلك ..... وأنا

معملك أجمل تورتايه

بدت على ملامحها البريئة فرحة كبيرة فرددت بسعادة صحيح انا مش مصدقه نفسي ان اخيرا هيتعمل لي تورتايه مخصوص

ضحكت ضحكة صافية قائلة: طبعاً هوا في كام نهلة هنا.

رفعت يصرها إليها قائله بتساؤل هوا هينفع تعمليها لي النهارده

هزت رأسها مبتسمة يحب قائلة: أكيد يا قلبي يلا بيدا على المطبخ على طول، بس يارب تلاقي

كل الحاجات المطلوبة تحت في الثلاجة.

وقفت ملك تحدق بالثلاجة فوجدت كل الأطعمة المطلوبة موجودة بها، وأيضاً الأدوات المتاحة. بداخل المطبخ.

بجوارها وقفت نهلة هي الأخرى تتابعها وتستمتع باللحظات الحلوة التي تعيشها معها لأول مرة...

انتهت من خفق البيض والسكر والفانيليا وباقي الأطعمة حتى جاء دور الدقيق فقالت ملك مبتسمة: ها تحبي تساعديني.

تهلل وجهها بشدة مرددة بثقة طبعاً أنا أحب أساعدك... قوليلي أعمل ايه.

وضعت يدها على شعر الطفلة قائلة: طيب يالا أنا هقلب بشويش وانتي هتحطيني الدقيق شويه شويه .....

اومات الصغيرة برأسها بالايجاب قائلة بعدم تصديق : ماشي موافقة.

اثناء وضعها للدقيق على الخليط السكب منها جزءاً قليلاً، على الأرض وكمية أخرى على ثيابها.

ضحكت ملك على منظرها الذي جعلها هكذا احرجت نهله بعض الشيء من ضحكاتها.

اردفت مبتسمة: مالك زعلتي ولا ايه.

قبل أن تجيبها وضعت هي الأخرى كمية صغيرة على نفسها حتى لا تحزنها في يوم كهذا.

أصبحت هي الأخرى مثلها متلطخة بالدقيق ما بين وجهها وثيابها من المنتصف.

هنا تعالى صوت ضحكاتهم هما الإثنان حتى وصلت إلى خارج المطبخ.

صادف ذلك مرور سليم الأنصاري من أمامه، الذي اندهش من صوت الضحكات العالية.
توقف للحظة يتأكد من مصدر الصوت من أين يأتي، عرف أنه من المطبخ.

خطى نحوه بخطى ثابتة متوقفاً عند حافة الباب، وجدهم ما زالوا يضحكون على مظهرهم بالدقيق وهم بهذا الشكل.

لم تنتبهان إليه أي منهما وهو يحدق بهما مصدوماً، متسائلاً في نفسه: ما السر وراء هذه الفرحة العارمة، هذه هي المرة الأولى الذي يرى فيها ملك تضحك هكذا فمنذ أن جاء بها إلى هنا والحزن يعتري محياها طوال الوقت.

أنت ملك بحفنة من الدقيق والقطهم على وجه نهلة بطريقة عشوائية، زادت ضحكاتهما هما الإثنان.

أول مرة تشعر بالسعادة والضحك من قلبها هكذا منذ أن هربت من بيت شقيقها.

أثناء هذا المرح الخفيف لمحته نهلة عند الباب، عاقد الذراعين يراقب تصرفاتهم الطفولية، دون

أن تفهم محياه الغامض.

اشار لها بالصمت واضعاً إصبعه فوق شفتيه، امتقع وجه الطفلة وصحبت نفسها بخفه دون أن تخيرها وتحذرها بوجوده.

اندهشت ملك من فعلتها والتقدت وراءها وبيدها حفنة ثالثة من الدقيق .... وكلها الآخر تحمل به الباقي بداخل إناء غويط.

قائلة بمزاح : تعالى هنا رايحه فين بسرعة كده.

وبدلا من أن تلقي الدقيق على نهلة الفته على آخر إنسان تود رؤيته وبالذات في هذا التوقيت.

فقد صدمت بصدره العريض أمامها وتبعثر الدقيق كله على وجهه هو الآخر وعلى ملابسه كلها من الأعلى إلى الأسفل.

جحظت حدقتيها على آخرهما، مع ضربات قلبها السريعة.

تمنت أن تنشق الأرض وتبتلعها قائلة بصدمة شديدة: سليم

وقفت فريدة مترددة في الاعتذار إلى عاصي بعد أن قررت أن تعتذر إليه.

عن فتحها لجروح قديمة، تطلع إليها مطولاً دون أن يتحدث، راع بصرها بقلق.

النهد بضيق قائلاً ببرود: مش هقبل اعتذارك وبالا على اوضتك بسرعة

ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة بخفوت مضطرب طب ممكن تسمعني أرجوك.

هتف بها بصوت فاس: مش هينفع وبالا اتفضلي من هنا قبل ما أفقد أعصابي أكثر من كده.

انهمرت عبراتها التي تحيسها على الدوام أمامه، على وجنتيها بغزارة.

هب من مقعده على الفور... تراجعت هي بتلقائية عند اقترابه المخيف منها.

ضاغطا على شفتيه بغيظ غاضب قائلاً بلهجة كادت يغشى عليها بسببها: أنا قلت إيه ها.

مسحت دموعها كي لا يصرخ بوجهها قائلة بصوت منخفض : أنا أسفه مش هعيط ثاني.

تجاهل كلماتها واقترب منها أكثر حتى كاد أن يلاصقها قائلاً بنبرة مخيفة: شكلك كده بدأتي

تعترضي على أوامري اللي مبقتش عجباكي.

جاءت لتتحدث وتنفي عن نفسها تلك التهمة، أمسكها من كتفيها بقوة ضارباً بها، الباب من الخلف فاتغلق من قوة الضربة بظهرها.

متابعاً بقوة شكل كده هيدأ أعيد ربايتك من أول وجديد وأنا مستعد ومن دلوقتي.

أغمضت عيونها سريعاً حتى لا ترى وجهه المظلم الجامد، مع شدة تألمها.

مع دقات قلبها الخائفة التي كادت تخلقها، وارتعاش جسدها بين قبضتيه العقوبتين.

قائلة برجاء وألم أرجوك يا أبيه.... قاطعها بغلظة متترجنيش دلوقتي أجليه لبعدين علشان

هتحتاجيه كثير....

فتحت عيونها بحذر، والذعر يعتريها أكثر، مع تذكر عقابه لها وهي صغيرة قائلة بفرع: بلاش

الحبل يا أبيه.

ضحك بشراسة هذه المرة قائلاً بسخرية كويس أوي إنك لسه فاكره حاجه زي دي


تعليقات