رواية البوص الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم يمني عبدالمنعم


 رواية البوص الفصل الثاني والعشرون 

 هل أحببته حقاً

بوغت الرجل بمن يضع قبضة قوية على كتفه، قائلاً بغلظة متهكمة: للأسف كنت جاي أبلغه بنفسي بس سيقتني.

التفت الجميع إلى صاحب الصوت بأعين جاحظة، بما فيهم أدهم الذي لم يفهم ما يحدث حوله من مصائب لم يدرك كميتها من كثرتها.

قائلين بصوت واحد البوص

ضحك ضحكة عالية جعلتهم يذهلون منه، وبنظراته الساخرة التي حطمت بداخلهم أي بريق أمل في الفوز عليه.

مهما خططوا وديروا له أشغل سيجاره و نفت دخانه في وجوه الجميع.

باستهزاء مردفاً بعجرفة إي مالكم مفاجأة مش كده.

جلس على أريكة جلدية خلفه، واضعاً قدمه فوق الأخرى بكبرياء، يحدق في عيون الجميع

صمت مبتسماً بتهكم يرى تعابير وجوههم ما بين الصدمة الشديدة والبعض الواضح في عيونهم.

تحدث إليهم بعبث قائلاً: يقى معقول اللمة الحلوه دي تفوتني برد و ..... مش كنتوا تدوني خبر قبلها بيوم حتى علشان ابقى عامل حسابي

من كثرة المفاجأة تلجمت ألسنتهم، ينظرون إليه بطرف خفي.

ضحك هذه المرة أيضا ضحكات عالية متابعاً باستخفاف: إيه مالكم مش قادرين تنطقوا ليه

اوعوا تكونوا خفتوا مني ولا حاجه.

هنا تنهد أدهم الشرقاوي بصوت يدل على فروغ صبره قائلاً يغيظ: اوعى تكون فاكر إنك

مخوفتنا ... وإذا كنت ساكت فأنا أقدر أخلي رجالتي يرموك بره مكتبي.

صفق له ساخراً من قوله، ثم أخذ نفتاً من سيجارة قائلاً بغلظة: محدش يقدر يتكلم قصادي.... وجرب بنفسك يالا وريني.

لم يستطع أن يتقوه بحرف واحد ضاغطاً على أعصابه حتى لا يخسر أكثر مما خسر.

حدجته ايتن بكره قائلة بثبات مفتعل ممكن تعرف انت جاي عايز إيه.

رمقها باستهزاء وهو يضم شفتيه باللامبالاة فائلاً بلهجة متهكمة جاي أشوف الخطط الفاشلة اللي ينعملوها كل شويه من ورايا فاكرين نفسكم هندمروني بسهولة.

زفر بقوة ثم نهض من مجلسه واضعاً كفه على كتف شقيقه الأكبر عثمان مردفاً بهدوء قاتل: من کده با عثمان ولا انا غلطان

ارتبك أخيه ولم يتفوه بحرف واحد، إنما استكفى بالنظر إليه فقط.

مما جعل سليم يقول باستخفاف: مش بتنطق ليه انت مش اتفقت معاهم ضدي زمان ودلوقتي حتى في يوم فرحي استغليت بردو الفرصة علشان تخلص على اخوك مش كده ما تتكلم، ساكت ليه.

حاول شقيقه أن يتحدث بعدما عاتبه بطريقة اللامبالاة، قائلاً بضيق : ما انت دائما مش بتسبلي أي حلول غير كده.
شعرت أيتن بالغيظ من البوص وذكره أمامهم يوم فرحه، قائلة بحده وانت بتسمي جوازتك من بنت زي دي جوازة.

ضيق عيونه مستفسراً بتهكم قائلاً بخشونة: أظن إنت آخر واحده تتكلمي في موضوع زي ده.

امتقع وجهها بشدة، وتجاهلت عبارته الأخيرة مجيبة بثقة مزيفة مسكينة هتشرب مقلب عمرها ... متعرفش اتجوزت مین

صرخ بوجهها بغتة قائلاً بغضب: اخرسي خالص مسمعش أي حرف منك وجوزاي شيء میخصکیش، وان عرفت بس انك جيتي اسمها على لسانك متعرفيش معمل فيك إيه ساعتها ..

زفرت ایتن بحده متذكره ذلك الموقف الذي حدث بالأمس قائلة لنفسها بضيق غاضب: عمرك ما متخلص مني يا سليم وانت بالذات، عارفني كويس أوي مش باستسلم بسهوله.

قطعت كلماتها لأخذ نفساً عميقاً تستجمع نياتها الإنفعالي، عقدت كفيها يضيق غاضب.

مردقة بحدة بقى جه الوقت اللي سليم الانصاري يكلمني بالطريقة دي، بس لا أنا مش غبيه علشان أقف أتفرج عليكم انتم الاثنين.

فتحت فريدة عيونها ببطى، تحاول أن تعي ما تعيشه الآن، تأملت بضعف فوجدت جسدها فحكم الرباط بمقعد خشبي كل يد تستند إلى المسند معقود حول معصمها حبل متين

حتى قدميها مقيدان بذات الحبل نفسه بطريقه لم تستطع أن تفك قيدها.

بعد أن ترجته كثيراً أن لا يفعل بها ذلك، لكن عاصي قد أصبح لا يرى ولا يسمع أحداً.

نادت بصوت متحشرج قائلة: دادة ارجوكي تعالي فكيني

لكن احدا لم يرد عليها ولم يجيبها إلا الصمت، ذرفت دموعها كثيراً من شدة تعبها وقد نامت طيلة الوقت توماً منقطعاً غير منتظم.

اي حوالي ست ساعات على الأقل ورغم ذلك لم يشفق عليها عاصي، وتركها بقلب حزين بالأمس.

تنهدت يضعف قائله لنفسها: الله يسامحك يا ابيه ليه لغاية دلوقتي مش واثق فيا مهما قلت وحلقتلك غمرك ما هتصدقني ازاي هتصدقني وكل اللي في قلبك سواد من ناحية الماضي اللي مأثر عليك وعلى تعاملك مع اللي حواليك.

تلفتت حولها فلم تجد أحداً ... زفرت بياس هذه المرة مرددة لنفسها: ياترى هوا فين الدلوقتي.

بعد مرور ساعتين ارهفت السمع ففوجئت بخطوات ثابتة تتقدم نحو المكتب.

حاولت أن تبدو طبيعية بعض الشيء حتى لا يغضب أكثر فإن رأى دمعة واحدة فسينهال عليها بكلمات لا تريد سماعها.

كفى ما تمر به..... فتح الباب ودخل عاصي ووجهه متعب كأنه لم يذق طعم النوم منذ الأمس هو الآخر إلى هذا الوقت المبكر من الصباح.

تأمل عيونها المتعبة والمتورمتين من كثرة البكاء، أخذ يتنفس بعمق منتظراً منها أي ردة فعل..

لكنها لم تستطع مجابهة عيونه المستفسره زفر بضيق قائلاً: ها عجبك اللي انت فيه دلوقتي

أغمضت أهدابها تخفي آلامها الداخلية حتى لا تقضيه قائلة بصوت متردد: مش كفاية كده أرجوك يا أبيه انا اسفه على كل اللي عملته.

ارتفعت ابتسامة جانبيه من جانب شفتيه ساخرا بیاس مرددا باختناق : كلمة أسفه دي جايه متأخرة أوي.... ابتلعت رياتها بصعوبة بالغة.

هامسة بصوت حزين أنا يجد مفهتش إني أخطأت إلا بعد اللي حصل.. وبالذات بعد ما عرفت إنت ليه حببت علينا كل ده.

انتني نحوها يتأمل وجهها الذي ملنوه الحزن... قائلاً بجهود أنا هسيبك دلوقتي تطلعي على اوضتك، يشرط بعد كده ما أشوفش ونك ده قدامي لمدة أسبوع.

في الصباح الباكر استيقظت ملك فجأة على صوت مياه آتية من المرحاض.

تلفتت حولها فلم تجد سليم نائم كالعادة بجوارها، تنهدت بعمق هامسة لنفسها بدهشة: يا ترى

في إيه مقومه على الصبح بدري كده.

فهو منذ الأمس لم يتحدث إليها بعد ما حدث في المطبخ، كانه لا يريد تذكر ما حدث بينهم. أو هناك ما يشغل تفكيره ولا يريد التحدث عنه كعادته الغامضة بالنسبة لها فهي لا تعرف عنه شيئا إلا القليل من ما شاهدته بعينها او سمعته من تلك الفتاة التي ادعت أنها حبيبته القديمة. اغتنمت فرصة عدم وجوده الذي يربكها دائماً، ونظراته القائمة التي لا تفهم أغلبها.

هيت واقفة من مكانها على الفور تسرع باتجاه باب الغرفة ... قبل خروجه من المرحاض.
وضعت يدها فوق مقبض الباب وجاءت لتفتحه فأتاها صوت حازم من الخلف: رايحه فين كده

على الصبح !!!

اتسعت عيونها من شدة صدمتها عندما تقوه بذلك.

ولم تتحرك من مكانها وكأنها ضربت فوق رأسها بقوة.

زفر سليم بضيق عندما وجدها صامتة ولم تعيره أي اهتمام.

اقترب منها بخطوات واسعة واضعاً كفه الأيسر فوق كتفها ملفتاً إياها ناحيته بحدة.

اغمضت أهدابها تخفي رهبتها منه تأملها برهة بصراع داخلي مردفاً بتساؤل: مبترديش عليا ليه ها.

ابتلعت ريقها بصعوبة كبيرة ثم أطرقت بأهدابها الطويلة أرضاً شاعرة باضطراب داخلي مرددة

بتردد: أبداً مقصدش أي حاجه.

رفع قبضته من فوق كتفها مقترياً منها أكثر متفحصاً لوجهها الذي امتقع لونه.

قائلا بیرود برد و مجاويتيش على سؤالي رايحه فين كده.

تسارعت دقات قلبها بسرعة كبيرة قائلة بتوتر كنت .... كنت نازله تحت احضرتك الفطار.

تنهد تاركا اياها ليمشط شعره باهتمام قائلاً بنبرة مميزة ليه هيه انتصار لازمتها ايه هنا.

ضمت شفتيها بتردد قائلة بصوت خفيض أصل انتصار مش موجوده النهاردة.

التفت إليها بنظرات متسائلة رغم غضبه الداخلي.

قائلاً بلهجة جامدة ليه راحت فين يعني من غير ما تستأذن مني.

ان دردت لعابها يتردد قاتلة بخفوت: هيه بصراحة عندها ظروف في البيت واستأذنت مني امبارح

لما انت اتأخرت في الرجوع بالليل.

رفع حاجبه الايمن باستخفاف مردداً باستهزاء: وهيه من امتى هتاخد منك الإذن.

تطلعت إليه باضطراب، تتمنى الهروب من أمامه على عجل قائلة برهبة: انا اللي سمحت لها تمشي علشان انت اتأخرت وأخوها كان تعبان فكان لازم تمشي بسرعة.

هز رأسه يضيق داخلي، مقطب الجبين قائلاً بلهجة ساخرة: واضح انك حبيتي دور الزوجة اللي كلمتها ماشية على الكل...

احمرت وجنتيها بالرغم من نبرته المنهزنة بها قائلة باعتراض: لا أكيد مش ده اللي أقصده.... أنا بس انتصار صعبت عليا من أكثر من كده.

دقق النظر بمحياها ثم أشار إليها بيده قائلا باختصار تمام انزلي حضري الفطار

تركها تغادر الحجرة واستكمل تجهيز نفسه للهبوط بالأسفل.

وقفت ملك تعد الطعام بحرص مثلما أخبرته، كي تهرب من عيونه التي تشعر بأنه يحاصرها به.

في كل مكان تذهب إليه حتى الحديقة بالخارج لم يكن ليسمح لها بالخروج إليها... لولا وجود

امسكت بملعقة من الخشب تقلب الطعام داخل إحدى الأوالي شاردة الذهن بما حدث بالأمس. بعدما ألقت عليه بحقنة من الدقيق على ثيابه.

امتقع وجه ملك لا تعرف كيفية الخروج من هذا الموقف الصعب، ومع تلك النظرات الذي يتأملها بها من راسها حتى أخمص قدميها، وقد عقد حاجبيه بوجه حاد إثر ما فعلته.

جف حلقها بشدة تريد الدفاع عن نفسها، رغم ذلك بنبرة خافتة تحدثت بتوتر : أنا ... أنا اسفه مقصدش كل اللي حصل ده. أنا بس كنت بهزر مع نهلة.

دون أي تعليق من جانبه أخذ البوص بحفنة من الدقيق هو الآخر ولطخ به وجنتيها ببطء وجزء

من أعلى ثيابها، وتعابير وجهه تدعو إلى السخرية من جانبه.

ارتفع جانب شفتيه بابتسامة ماكرة قائلاً بخبث: نبقى كده خالصين.

قطبت حاجبيها بضيق عندما شعرت أنه يسخر منها بهذه الطريقة الفهيئة لشخصها.

غادر المطبخ بقتة.. ضيقت عيونها بضيق غاضب وهي ترى الشباب وقد تبعثر عليها الدقيق قائلة

بصوت منفعل استنى عندك رايح فين كده.

لم يلتفت إليها بل تركها تفرغ غضبها في نفسها، زادها هذا إزعاجاً منه، ركضت خلفه على الدرج سريعاً حتى لحقت به وأمسكته من ذراعه بقوة.

لكن قدميها خانتاها وكانت تسقط من الأعلى إلى الأسفل، لولا أن حاصرها البوص بذراعه حول خصرها.

اتسعت عيونها من الصدمة ونظرت خلفها متخيله نفسها بالأرض، أغمضت عيونها بقوة بذعر.
ضمت شفتيها بغيظ هامسة لنفسها: هوا السبب لكل ده.

فتحت عيونها سريعاً تعاليه لكنها رأت تلك العيون الواسعة تراقب تعابير محياها الذي مزج بين الغضب والضيق.

التقت العيون بحديث هامس لم يحدث بينهما من قبل، حديث لم تشهده من حتى في أحلامها، هكذا هي العيون عندما تنطق وتعبر عن ما لم تستطع أن تعبر به الألسن.

احمرت وجنتيها فاعتدلت في وقفتها ، فوجدت نفسها تلتصق بصدره أكثر من ذي قبل، ومازال ذراعه يحيطها من الوسط، أخذت نفساً عميقاً.

تريد أن تسيطر على تلك المشاعر التي تجتاح كيانها عندما يكون بذلك القرب، دفعته بيدها من صدرة فجأة للوراء، ابتسمت العيون التي تدفق النظر بها قائلاً بخيت حد قالك تلحقيني لهناء ابتلعت ريقها بقوة وهي تقبض على قبضتيها بشدة قائلة بغيظ: انت السبب لان أعتذر تلك وأنت برد و مقدرتش وضعي

هز رأسه ساخراً من كلماتها قائلاً بيرون هوا كده التي يبدأ لعبة لازم يتحمل نتيجتها.

انصرف من أمامها تاركاً وراءد قلباً مخنوقاً من الضيق قائلة لنفسها: هتنتظري ايه من واحد زبه. تذكرت أنها لم تعد بعد قالب الكيك، عادت إلى الأسفل وجدت أن المطبخ يريد التنظيف أولاً من الدقيق الذي تبعثر أنت إليها نهلة قائلة بهدوء: مش مهم یا طنط تعمليه خلاص

اقتربت منها تداعب وجنتها قائلة بابتسامة صافية مين قال كده التي هيتعملك أحلى تورتة بس الأول روحي اوضتك العبي أكون نضفت المكان علشان أعملها.

ابتسمت الطفلة ثم ذهبت بعد أن قامت بتقبيلها قائلة ببراءة ماما بردو كانت بتقولي كده.

ضيقت حاجبيها قائلة لنفسها: معقول تكون نهلة فاكرة مين مامنها، أعدت ملك الكيك وقامت بتزيينها بشكل مناسب لطقة يستها .... ومازالت شاردة بما قالته الفتاة البريئة.

انتهت ملك من ذكرياتها عند هذا الحد عندما وجدت سليم بوجهها بغتة، وقتما التفتت وهي تريد وضع الأطعمة على الطاولة كادت من المفاجأة أن يقع منها الطبق الذي بين يديها.

نظراته لها جعلت أنفاسها تعلو من شدة اقترابه منه ابتلعت ريقها قائلة بخفوت : أنا انتهيت من الأكل خلاص تقدر أوي تروح تقطر.

لم يجيبها إنما أطال صمته حتى أنها شعرت بأن قدميها ستخونها وستسقط أرضا.

خدجها بتلك العيون التي تزيدها توتراً منه قائلاً بهدوء خشيت منه مالك يا حلوة عايزاني أطلع أفطر ليه بالسرعة دي.

امتقع وجهها، ضمت شفتيها بحذر ولا تعرف بأي شيء تجيبه، هي لا تستطيع أن تخبره بأنه كلما يكون بقربها في الفترات الأخيرة، ترتبك أكثر وأكثر حتى تنفسها يكاد يضيق مع خفقات قلبها العالية.

أحس بها سليم من صوت تنفسها العالي، ابتسم بمكر مفسحاً لها المجال لتمر من من أمامه تاركة المطبخ على الفور، لكن نظراته تتبعها لم تتركها.

جلس على رأس الطاولة، ويجانيه من جهة الشمال نهلة ابنة شقيقه التي جلست شبه خائفة منه. وبالجهة الأخرى جلست ملك، لتحاشي النظر إليه.

تأملت الطفلة التي لم تتذوق أي شيء من الطعام الذي أمامها، قائلة باستغراب: كلي يا حبيبتي ليه مش بتاكلي.

خشيت الصغيرة من التحدث أمام البوص، الذي كان يأكل وعيونه على الطعام أمامه.

نهضت ملك من مكانها تشجعها وجلست بجوارها، مردفة بخفوت بالا كلي بسرعة يا إما مش متلعب سواء

بصرت الطفلة بطرف خفي باتجاه البوص، قائلة بتردد: حاضر بس... قاطعها سليم هذه المرة قائلاً يجمود ممكن تاكلي بقى من سكات وإلا انت عارفه ايه اللي هيحصل إذا مأكلتيش

وجدت ملك الفتاة تقبل على الطعام بينهم شديد، وسرعة لم تراها من قبل نظرت إلى زوجها بضيق وفهمت شدة رهبتها منه.

لم يأبي لتلك النظرات التي ترفقه بها استكمل طعامه باستمتاع كأنه يغيظها أكثر كلما وضع بقمه قطعة صغيرة من الطعام، لولا وجود الصغيرة لكانت تركت الطعام من أجل ما يفعله بها.

قامت زينب بوضع صينية مملوه بالطعام أمام فريدة قائلة: يالا انا جبتلك القطار النهاردة لغاية عندك قاطعتها قائلة بحزن : مليش نفس يا دادة.

قطبت حاجبيها بدهشة قائلة: لازم تاكلي بسرعة علشان ده خلاص كلها يومين وامتحاناتك تبدأ.

زفرت فريدة بضيق قائلة : قلتلك مليش نفس يادادة أنا مش جعانة. تنهدت بببطء قائلة : يبقى شكلك كده زعلانه، قوليلي مضايقه ليه.
اغمضت عيونها تتذكر عاصي وهو يقوم بطردها من الغرفة بعد أن هددها بأنه لا يريد رؤيتها لمدة أسبوع.

مما أثار الحزن بنفسها، شعرت بها زينب، ريتت على ظهرها قائلة بهدوء : حبيبة قلبي مفيش حد يقدر يزعل فريدة الصغيرة اللي كلنا بنحبها.

عبرت بتلقائية عما يجيش بصدرها مش بيحبني يادادة، فهمت ما ترمي إليه، ابتسمت بخفة هامسة بنيرة خافتة: تلاقيه بس في حاجه معصباه ومتنسيش غياب اخته مأثر عليه، بالا بقى كلي ده لو شاف الأكل راجع زي ما هوه هيتعصب أكثر.

تنفست بعمق شاعرة بضيق بصدرها من شدة الحزن قائلة باستسلام : خلاص يا دادة سبيه هنا ووقت ما يجيلي نفس هاكل.

شعرت بأنها تريد الخروج من هذه الغرفة التي تحس وكأنها ستطبق على أنفاسها، ولم تعد تريد أيضاً أن تفتح كتاباً كلما تذكرت تلك العيون الصارمة التي تتأملها بكل غضب الدنيا كلها.

فتحت كتاباً أمامها وبعض من الأوراق على مكتبها تحاول مداواة النفس التي كسرت بداخلها. اندمجت مع مرور الوقت بالمذاكرة.

جاء موعد الغداء ولم تأكل من طعام الأفطار بعد حزنت زينب من أجلها عندما وجدت الصينية مثلما وضعتها لم تتحرك من مكانها ولا نقص منها أي قطعة من الخبز.

قائلة يحزن يابنتي مينفعش اللى انت بتعمليه ده، شكلك كده عايزاه يتعصب عليكي

رد تنهدت بضيق قائلة: دادة أرجوك عايزة أذاكر وبس، أجابتها باستغراب: طلب بذمتك متركزي إزاي

رمانتها بياس شارد مرددة: عادي مركزة في كل مرة زفرت قائلة باستسلام: خلاص انت حرة ما تبقيش تزعلى من اللي ممكن يحصل.

انصرفت و تركتها تحس بالوجع بداخلها بعد أن عاد إحساسها باليتم من جديد، تتمنى في هذه اللحظة وجود والدتها لترتمي بين أحضائها وتبكي على صدرها.

مثلما كانت تفعل وهي صغيرة، تحضنها وتنام بحضنها الدافئ التي لم تشيع منه قط لياقي حياتها.

ذرفت دموع الحزن والحنين إلى والدتها المتوفاة الطلق رنين هاتفها يخرجها من هذا الشعور الحزين.

وجدتها صديقتها الوحيدة التي تطمئن عليها دائماً وبالأخص بعدما هربت ملك، حدثتها قليلاً التطمئن عليها.

روت لها تفاصيل ما حدث دون الدخول في سيرة عمتها التي هربت إنما أبلغتها بما فعل معها عاصي فقط.

ذهب عاصي إلى عمله دون الحديث إلى زينب للسؤال على فريدة، وهذا ما استغربته زينب وأرجعت ذلك إلى ما حدث بالأمس.

دخل فتحي المنزل في المساء وجد سهر تشاهد التلفاز بمزاج عال لم يراها عليه منقبل ابتسم بتلقائية قائلاً بتساؤل: إيه مالك كده شايفك مبسوطة أوي النهارة.

أجابته على الفور قائلة باستغراب: وده يزعلك في حاجه. ابتسم بخفة وهو يأخذ من الفشار التي تضعه أمامها

قائلاً: لا أكيد ده يبسطني طالما انت مبسوطة.

تأملته بحب لأول مرة مر الكثير من الوقت كي يراه ويشاهده يتحقق.

قائلة بخفوت عارف يا فتحي ان ربنا عوض عليا بيك في حياتي.

قدم من رد فعلها عليه ، وتأمل عيونها التي تتألق بحب وهي تنظر إليه دون خوف هذه المرة.

قائلاً بدهشة: يعني معقول ميفتيش بتخافي مني زي الأول، هزت رأسهها ببطء تتفقد عيونه الواسعة وأهدابه الطويله وأمسكت بيده قائلة برقة: استحالة إلي أخاف منك ثاني، وأنا أسفه

على كل لحظة زعلتك فيها يا فتحي.

ابتلع ريقه بصعوبة فها هو حب عمره يتحول إلى حقيقة أخيرا ويحدث مالم يفكر به أو يتوقعه من قبل.

لم يستطع أن ينطق بحرف واحد بل ظل صامتاً، دون التحدث إليها مستمتعا بما تقوله وتتفوه به

مما جعلها تستكمل بكلمات خافته على استحياء منها وما فعلته في الماضي.

قائلة بأسف انا عارفه اني غلطت في حقك كثير من زمان بس بجد كان غصب عني.

قاطعها بوضع اصبعه على شفتيها مشيرا إليها بالا تتحدث او تستكمل ما تقوله.
تلاقت نظرات الأسف من عيونها مع نظراته الغير مصدقه لما تقوله.

قائلاً بحنان: خلاص يا سهر أنا مش عايزك تفتكري الماضي علشان بحاول انساه وانت كمان انسيه علشان تقدر تكمل مع بعض من غير مشاكل، وأنا أوعدك من دلوقتي، اني معوضك عن السنين اللي ضاعت من عمرنا، واي حاجه حصلت في الماضي انسيها خالص ومتفكريش فيها ثاني.

امسکت بیده ووضعت كفها الأخرى فوق قبضته قائلة بحب انت عارف ان انا مش يطيق البوص ولا يحبه بس رغم كده احسن حاجه عملهالي هو جوازي منك يمكن كانت بطريقة مزعجه علشان يعلمني الادب صح بطريقه مستفزه شويه بس بجد هي احسن حاجه حصلت لي في حياتي.

ابتسم ابتسامه جذابه جعلتها تنجذب إليه تلقائياً هي الأخرى وتبادله نفس الابتسامه الرقيقة.

قاتله بخفوت ربنا يخليك ليه وما يحرمنيش من وجودك في حياتي.

دقق النظر بعيونها بهيام وحب تراهما لأول مرة ثم وضع كفه الأخرى فوق يدها هامساً: يعني خلاص مش زعلانه مني.

هزت رأسها ببطء بالإيجاب لم وضعت رأسها على صدره بحب أغمضت أهدابها تشعر بأمان لم تحس به من قبل.

أحاطها بذراعه من خصرها هامساً بجانب أذنها: إنت أجمل ما في حياتي يا سهر.

مر ثلاثة أيام وما زالت فريدة جالسة بغرفتها لا تخرج من غرفتها كما طلب منها ابن عمها.

لا تقرب الطعام إلا القليل ومهما تقنعها زينب لا تجيب الحاجها، حتى لاحظت شحوب وجهها من فرط عدم الاكل.

عاد عاصي في المساء متأخراً لا يريد التحدث إلى أحد.

دخل المطبخ يريد عمل فنجان من القهوة، فهو يشعر بالصداع قليلاً

قطب حاجبيه عندما وجد الطعام مثلما تركه في الصباح داخل الثلاجة.

زهر يضيق متذكراً أنه قد حذرها من قبل على أفعالها هذه دون جدوى.

تنهد بنفاذ صبر ملقيا بعود الثقاب أرضاً بعد أن أشعل به الوقود قائلاً لنفسه بسخط : هتتمرد تاني وانا ماسك نفسي عنها بالعافية.

خرج من المطبخ منادياً بصوت عال: دادة زينب انت فين .....

لم تجيبه مثلما تفعل في معظم الأوقات، نظر بساعة يده وجدها الحادية عشرة والنصف.

فهم أنها نائمة الآن... لكن بالتأكيد ما تزال فريدة مستيقظة، فامتحانها سيبدأ الأسبوع المقبل.

صعد على الفور إلى الاعلى باتجاه غرفتها، وجد الاضاءه منعكسة من تحت الباب.

طرق عليها الباب سريعاً دون اللجوء إلى التفكير الكثير، الذي يحاول أن يجده بنفسه لكن أفعالها لا تبشر بالخير أبداً.

ارتبكت فريدة وهي تسمع صوت الطرقات السريعة، ظنت انها زينب كالعادة لكن ما أن أقدمت على فاتحه.

حتى فوجئت بمن يحدجها بعيون مشتعلة من الغضب الكامن بهما، تراجعت بخطواتها إلى الوراء والرهبة تتصاعد بداخلها.

أقبل نحوها فوراً ... دون التحدث إليها ساحراً إياها من ذراعها.

ضاغطاً عليه بشدة قائلاً بلهجة جامدة انت ايه ليه مش بتسمعي الكلام.... انا مش محذرك كذا

مره قبل كده.

امتقع وجهها بشدة غير تألمها الشديد من لمسات اصابعه الحادة التي تتمسك بها بقوة كأنها

ستهرب منه.

حاولت التحدث ببطء مبادرة إياه بالاعتذار رهبة منه بقولها الخائف: أنا آسفه یا آبیه مقصدش

أزعلك مني.

هز راسه بضيق حاد مقترباً من وجهها بعيون حمراء تكاد تلتهما.

مردداً بغضب: هوا كل مرة أكون فيها محذرك تقولي مقصدش... أنا مش كفاية اللي أنا فيه جايه . الكملي عليا إنت كمان.

طال صمتها هذه المرة، فهذا هو تحذير زينب لها اليوم .... هزها بعنف متابعاً بحدة: ما تنطقي ما بترديش ليه ولا شاطرة بس في كل شويه مقصدش

لمعت الدموع بعيونها الواسعة الذي وقف يدقق النظر بهما يريد أن يعرف كيف لها أن تتحداه

بهذه الطريقة.
هامسة بصوت حزين أسفه مش هتتكرر تاني.. وده وعد مني.

أزاحها للخلف وعيونه تتريص بها ... شعرت بأن وراء نظراته الغاضبة الكثير من الألم.

مما جعلها تقترب منه بتردد بعد أن أوشكت على الوقوع أرضاً، تتناسى المها.

قائلة بخفوت مضطرب: مش عايزاك تزعل مني، ومن النهاردة مش هزعلك مني ثاني أبدا.

حدق بعيونها التي تطلع إليه على استحياء واعتذار من جانبها.

يريد تصديقها بفارغ الصبر فهو تعب من كثرة الخلافات معها، لذلك أغمض أهدا به شارداً بماضيه

المؤلم الذي يتجدد كلما أغضبته منها.

صمته هذا جراها أكثر على الوقوف أمامه مباشرة حتى كادت تلاصقه.

مردده بصوت خفيض أبيه عاصي... مهما تعمل معايا عمري ما أفكر إني أزعل منك أو إني أسيبك في يوم من الأيام.

تأمل ذلك الوجه الصغير والبرئ بالنسبة له مطولاً ... يحاول كبح مشاعر تعتريه بداخله هذه اللحظة أمام محياها الرقيق الذي سيظل بداخل وجدانه للابد.

نسي غضبه منها رغم ذلك حتى سألته بلطف: سامحتني يا أبيه ولا لسه زعلان مني.

اهتر قلبه لثوان معدودة... ولم يجيب على تساؤالها إنما تلاقت أبصارهم في صمت لم تعتاده منه من قبل.

شارداً بتلك الفتاة الصغيرة التي تربت على يديه وكبرت أمام عيونه طوال الوقت.

حتى أصبحت فئاته المفضلة، رغم صغر سنها بالنسبة له.

حنته فريدة على التحدث قائلة باستعطاف: أبيه سامحتني ولا لسه.

أغمض رموش عينيه عند مواجهة عيونها التي تستطيع أن تكشف حقيقة ما في قلبه بسهولة .... نافضاً تلك المشاعر الجياشة المسيطرة على قلبه بهذه اللحظة.

أجابها بجمود الأفضل ليكي إنك تذاكري دلوقتي امتحانك الاسبوع الجاي.

جاء ليتركها وجد من تنمسك بيده برقه كلما كانت تغضبه منها وهي صغيره تفعل ذلك.

مرددة بتردد بيقى لسه زعلان مني ... أمام تلك النبرة الضعيفة والدموع التي تريد أن تهبط.

رق قلبه لها مجيباً إياها ببطه خلاص انا مسامحك يا فريدة.

تهلل وجهها الرقيق بسعادة غامرة بمجرد أن تقود بذلك، فلم تكن تتوقع رد فعله هذا.

مسحت دمعة كادت تفر منها رغماً عنها هامسة بعدم تصديق بجد سامحتني... اوما رأسه بالإيجاب بصمت.

نسي نفسه أمام تلك الابتسامة التابعة من القلب... اقترب منها بخطوات بطيئة متمعناً بوجهها على غير عادته.

احمرت وجنتيها بشدة دقات قلبها تخفق كالطيل بين جنبات صدرها.

متسائلة في نفسها ما السر وراء تلك النظرات... كاد قلبها يقفز من فرحته.

عندما نطق بنبرة مميزة فريدة ... انتظرت منه استكمال عبارته لكن بغتة طرق بكفه فوق جبهته متذكراً شيئاً.

مردفاً على عجل : القهوة ...!!!

ركض على اثره خارج الحجرة ... ضيقت حاجبيها مشدوهة من فعلته ....

جعلها ذلك تهرع خلفه بحذر وقهوة ماذا ... الذي يتذكرها بعد أن تجدد لديها أخيراً بصيص من الأمل في معاملته لها.

دخلت خلفه المطبخ ... وجدته يغلق محبس الموقد بعد أن سقطت معظم القهوة عليه.

وقد أمسك بالآتيه الموجود بداخلها بافي القهوة ... فوجئ بسخونتها الشديدة.

بعد عدم انتباهه لذلك ... سقطت منه على الأرض... هرعت نحوه فريدة سريعاً قائلة بلهفة: حاسب يا أبيه.

التفت صوبها يحاول ألا يغضبها بما في داخله، أسرعت تأخذ قيضته تحت... الصنبور مثلما كان يفعل معها وهي طفلة.

قائلة بتلقائية: مش تخلي بالك يا أبيه... حدجها بضيق من فعلتها فقد شعر أنها تعامله كالطفل الصغير.

قائلاً بيرون من أنت بردو السبب في نسبي للقهوة.

تجاهلت تلك الجملة وأنت بمنشفة المطبخ ووضعتها على يده باهتمام كبير أقلقه.

قائلة باضطراب استنى هنا لغاية ما أجيبلك دقيق.

منعها عن ذلك بإمساكه إياها من معصمها .... مردداً بجفاء مش عايز حاجه بالا روحي نامي الوقت اتأخر.

رددت باستغراب: بس يا أبيه إيدك..... قاطع جملتها بغلظة: فلتلك مش حاجه بالا نامي.

تأملته للحظات صامته بالرغم من مشاعرها الجريحة، ناظره القبضته التي مازال متمسكاً بها.

كانه يخبرها غير ما في قلبه.... لاحظ ذلك فتركها سريعاً .. أمراً إياها بالإنصراف: قلتلك على اوضتك.

أولاها ظهره حتى لا تجد مجالاً لمجادلته.... تأكد من مغادرتها هامساً لنفسه بضيق: اسف يا فريدة غصب عني.

انتظرت ملك زوجها لحظة وصوله من الخارج متأخراً ... تنفست بعمق كي تشجع نفسها على مواجهته من جديد.

فهي لم تترك له معاملة نهلة بهذه الطريقة القاسية الخالية من أي مشاعر إنسانية.

دون أن تتحدث معه عنها، دخل سليم إلى الغرفة وسط شرود مشاعرها المتشتته، فوجدت به أمامها يبتسم لها بعبث.

رفع حاجبه الأيمن باستخفاف مردداً باستهزاء: إيه مالك أول مرة تشوفيني ولا إيه.

أغمضت أهدابها تخفي ذلك القلق الذي اعتراها بسببه، لم تجيبه على الفور مثلما توقع.

بل ضمت قبضتيها بارتباك واضح بجلاء اقترب منها محيط إياها من خصرها، أخذ يتفحص

وجهها الممتقع ثم تبابها.

أمسك يخصلة من خصلات شعرها بين أنامله، كأنه يضغط على أعصابها المتوترة أكثر من ذلك. التني نحوها هامساً بجانب أذنها بعبث إيه يا ملوكه وحشتك أوي للدرجادي علشان كده مستنياني لدلوقتي.

أخذت خفقات قلبها تزداد اختناقاً من كثرة تزايدها ... تحاول الابتعاد عنه.

لكنها لم تستطع على فعل ذلك، ولا مواجهة بصره الذي يتفرسها كعادته كلما كانت بقربه.

لمس وجنتيها كأنه يحتها على النطق... تلعثمت تدافع عن نفسها بقولها المضطرب: أنا بس كنت عايزة أتكلم معاك.

ابتسم ابتسامة ساحرة جعلت المشاعر الجياشة تسيطر عليها مرة أخرى.

قائلاً يمكر ويا ترى بقى عايزه تتكلمي معايا ليه ... ثم صمت والسخرية بادية على وجهه مردفاً بتساؤل عايت ولا تكوني بقيتي مهتمة بيه زي أي زوجه تسأل جوزها كنت فين واتأخرت ليه. أخذت نفساً عميقاً تواجه كل ما تشعر به الآن، رغماً عنها قائلة بخفوت: لا كنت هتكلم معاك

بخصوص نهلة.

ضيق عيونه مستفسراً عما تتفوه به ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة فهو لم يسأل وسيصمت كما من الواضح عليه.

كي تستكمل كلماتها ... أردفت بصعوبة ليه كل مرة تكلمها وتعاملها بالقسوة دي، ليه عملت ايه لكل ده مش حرام عليك تبقى حابسها وكمان تخوفها بطريقتك معاها اللي كل ماذا بتسوء.

زفر سليم مبتعداً عنها كي يتهرب منها، ويقوم بتغيير ثيابه متجاهلاً كل ما قالته لكنها لم تتركه بل وقفت وراءه تحته على الاجابة على تساؤلاتها الكثيرة.

متابعة بضيق ليه ما يتردش عليا، ليه مش بتجاوبني على اسئلتي.

التقت اليها بوجه متجهم قائلاً باختصار: قلت لك قبل كده ما تدخليش في اللي ملكيش فيه. هزت رأسها باعتراض رافضة ما يقوله قائله بحده لا هتدخل ولازم تقول لي ليه بتعاملها كده.

دقق النظر بمحياها الغاضب قائلا ببرود: أنا محتاج أنام ممكن تسيبيني دلوقتي.

تأملته وهو يتركها ويتمدد على الفراش دون أن يتحدث إليها ... متجاهلاً لها.

مما أشعرها بالسخط يداخلها والغيظ وضمت شفتيها بغضب من هذا التجاهل.

اقتربت منه ثائرة عليه مرددة بقوة انت لازم تتكلم معايا زي ما يكلمك انا مش جارية عندك. اندهشت من ردود أفعاله عندما جذبها من يدها ممسكا إياها برقة صدمتها.

متأملاً لذلك الوجه الغاضب قائلاً بتهكم خافت: ومين قال إنك مش الجارية بتاعتي.

ذهلت من رده عليها هكذا... حاولت جذب قبضتها ... بوغنت به يجذبها أكثر ناحية وجهه الساخر.

متابعا بعبث خافت واحلى جارية شافتها عيني والدليل على كده إني اتجوزتك.

بعد مرور أسبوع نهضت ملك من نومها على آلام بأسفل بطنها.

عقدت حاجبيها من شدة ما تشعر به من ألم تلفتت حولها تستغيث بسليم أو بانتصار الخادمة.

لكن لم يكن هناك أي شخص تناديه وجدت الساعة بالمنبه بجوارها قد تجاوزت الواحدة صباحاً.

أغمضت عيونها بضعف عندما شعرت بداور بطء يحتل كيانها كأنه سيغشى عليها في الحال.

هيت واقفة من الفراش تتابع خطواتها البطيئة رغماً عنها صوب المرحاض.

غسلت وجهها يعنف عدة مرات علها تخفف من ضغط الدوار على أعصابها، ثم رفعت عيونها تنأمل ملامحها بالمرأة.

اتسعت حدقتيها على آخرهما غير مصدقة ما تشك به وتشعر به الآن، صارحه يفزع: لا لا لا

مستحيل يكون اللي يفكر فيه صح.

دقات قلبها تزايدت بشدة عندما هتف شئ ما بداخلها لا تدري كنهه .....

يهتف بها صوتاً قوياً كأنه آت من عالم آخر، مؤكداً لها بأن شكها بمحله بالفعل وقد أصبحت حامل من ذلك المجرم رئيس العصابة البوص.


تعليقات