رواية فاتورة قلب الفصل الواحد والعشرون
يونس وادهم تبادلوا نظرات الرعب والخوف لبعض ، قلبهم كان بيدق بقوة كإنه هيتخلع من مكانه..
الكبير بصوت رخيم مليان سخرية : كنت متأكد إنكم هتتصلوا… إزيك يا يونس؟ قصدي يا حضرة الرائد يونس إيه الأخبار عند القبر؟ ريّحت سامي؟ ابقى ادعيله بالرحمة هو وعيلتك.
يونس يقفل عينه بقوة، صوته بيطلع غليظ ومرعوش بالغضب :
ـ ازاي تتجرأ وتخط رجلك خطوة في بيتي يا كلـ،،ـب ، ازاي تتجرأ تخطف عيلتي ومراتي ، قسماً بالله لو لمست شعرة فيهم… هخليك تتمنى المو،،ت ومتعرفش توصله.
يسمعوا ضحكة خافتة من السماعة، مستفزة، ومليانة برود ، الكبير ببرود وهو قاصد يغيظهم : ياااه… الغضب واضح في صوتك. بس الغريب إنك واقف تعيط عند قبر صاحبك… وأنا اللي ماسك رقاب عيلتك.
أدهم ياخد التليفون من إيد يونس فجأة، صوته حاد مليان نار : اسمعني كويس… اللعب ده هيتقلب عليك. فاكر نفسك قوي؟ أنت بتلعب مع ظباط ومحاميين وحكومة يعني بتلعب بالنا،،ر استنى لما تشوفنا واحنا جايينلك.
الكبير ببرود : أدهم… حلو إنك اتكلمت. بس صدقني، أنت دايمًا في الكفة التانية. يونس دايمًا الأهم عندي… هو اللي بيتوجع أكتر.
يونس يشد الموبايل بسرعة من أدهم، صوته غاضب : كفاية بقى ، كل دة هتتحاسب عليه ومش هيعدي كدة بالساهل!
الكبير بصوت مليان شر : عايز أشوفكم بتتلووا زي الديدان. كل ثانية بتتأخروا فيها… حد منكم ممكن متشوفهوش تاني.
صمت تقيل، يونس بيعض على شفايفه لحد ما الد،،م يبان، وأدهم عينه مليانة غيرة وغضب، مش قادر يستحمل إن عائشة مراته وحبيبته اتخطفت وحياتها في خطر
أدهم يتمتم وهو باخد خطوة لورا : هو عايز يكسرنا بس مش هنحققله اللي هو عايزه.
يونس بصوت مخنوق، بيبص على قبر سامي : مش هننهار… ومش هنسيبه.
صوت الكبير من السماعة، أهدى لكن أخطر : متتأخروش بس عشان المرة الجاية مش هتسمعوا صوتهم غير وهما بيتشاهدوا.
المكالمة تنتهي فجأة. يونس واقف متجمد، وإيده مسكة الموبايل كأنه لسه متصل. أدهم بيبصله بعيون كلها غيرة وحزن وخوف، والجو يزداد سوء فوق قبر سامي
- اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد🦋
في الأكاديمية مكتب واسع مليان أوراق وملفات، وعلى المكتب جهاز لابتوب مفتوح. مريم قاعدة قدامه، باين على وشها علامات التوتر والإرهاق. بتقلب في ورق، وتمسك موبايلها كذا مرة كأنها مترددة ترن على عائشة.
مريم بصوت متضايق، وهي بتكلم نفسها : معقولة يا عائشة! فين اختفيتي كده فجأة؟ لا رد على مكالمات ولا حتى رسالة... الشغل مولع هنا، وكل حاجة واقفة من غيرك... انتِ لسة كنتي بتشتغلي امبارح اونلاين فينك؟
تقوم من مكانها، تمشي شوية في المكتب وتبص على الورق المتراكم، تشهق بضيق.
مريم بتنهيدة وتعب : أنا كنت فاكرة إني أقدر أسيطر لوحدي على الاجتماعات والتقارير... بس إنتِ عارفة يا عائشة قد إيه التفاصيل دي معقدة، وانتي اللي كنتي شايلة الحمل الكبير. هو إيه اللي حصللك؟
ترجع تقعد على الكرسي، تمسك الموبايل تاني، تكتب رسالة وبعدين تمسحها بسرعة.
مريم بغصة : مش قادرة أبعتلك (إنتي فين؟) كأنها كلمة بسيطة... بس بجد أنا مرعوبة، حاسة إن ورا غيابك حاجة مش طبيعية... انا عرفاكي كويس يا عائشة قلبي مش مطمن.
يدخل موظف صغير يحمل شوية أوراق وملفات.
الموظف بهدوء : أستاذة مريم، دي الملفات والتقارير اللي كان المفروض حضرتك تبعيتها لأستاذة عائشة تراجعها وتوقع عليها.
الموظف يخرج. مريم تحط إيدها على وشها شوية وبعدين ترفع رأسها بعناد.
مريم بإصرار : لا... مينفعش أسيب الدنيا تقع. عائشة مهما غابت، لازم أقف مكانها لحد ما ترجع. بس يا رب تكوني بخير... عشان أنا بجد مش عارفة هكمل إزاي من غيرك.
تسكت لحظة، وبصوت واطي تكمل :إنتِ مش صاحبة شغل وبس... إنتي نصي التاني هنا. من غيرك المكان ده فاضي... فاضي أوي.
الكاميرا تركز على وشها وهي متوترة، تحاول تكتب إيميل لكنها تبطل وتبص للموبايل كأنها منتظرة رنة من عائشة. المشهد يسيبها وهي في قمة الحيرة والقلق.
- اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد🦋
في مخزن مظلم واسع، لمبات ضعيفة بتتهز كأنها على وشك تطفي. العيلة قاعدة متجمعة على الأرض، إيدين بعضهم مكتفة بالحبال. صوت خطوات تقيل بيقرب، وصدى الخطوات بيكسر الصمت. يدخل "الكبير"، واقف قدامهم بهدوء مرعب، ماسك تليفون في إيده، وابتسامة ساخرة على وشه.
الكبير بصوت واطي لكنه حاد : شايفكم... زي الفيران المحبوسة في المصيدة. كل واحد فيكم مرعوب، وده اللي أنا عايزه. الخوف... هو اللي بيخلي الناس تسمع الكلام.
يبص ناحية سلسبيل اللي بتحاول تبين شجاعة رغم رعشة إيديها والدموع المتحجرة في عينها.
الكبير بصوت مليان شر ونظرة قوية : وأنتِ... يا سيادة المحامية سلسبيل، اللي فاكرة نفسك قوية. هخليكي تعيشي كل يوم بندم إنك وقفتوا قصادي. مش إنتِ ولا يونس ولا أي حد فيكم هيعرف يوقفني.
سلسبيل ترفع راسها بعناد رغم عينيها اللي مليانة دموع، أيمن يمد إيده ناحيتها يحاول يهدّيها.
أيمن بصوت مرتعش : إحنا ملناش ذنب... سيب العيال، سيب البنات... لو عايز حاجة خدها مني... اعمل فيا اللي انت عايزه انا خلاص كبرت وعجزت لكن هما لسة بنات زي الورد وأمهم قلبها مفطور عليهم سيبهم في حالهم.
الكبير يضحك ضحكة باردة : ذنب؟ الذنب إنكم جزء من لعبة أكبر منكم. وأنا مبسبش لعبة إلا لما أنا اللي أخلصها... زي ما يونس حفيدك اخد راجل من أهم رجالتي انا هاخد اهم حاجة في حياته!
يبص لسالم، اللي بيعض شفايفه بقوة عشان يخبي خوفه.
الكبير بإستفزاز : سالم... أنا عارفك بتحاول تبين إنك راجل، لكن عينيك بتفضحك. الرعب فيها بيكفيني.
سالم بغضب وإصرار : انا راجل غصباً عنك ، إحنا مش هنخاف منك... مهما عملت.
الكبير يقرب ويمسك دقنه بقوة يخليه يبص في عينه : الخوف مش عيب... العيب إنك تفتكر إنك تقدر تهرب منه.
يبص لعائشة اللي بتترعش من الخوف ، والدموع سايحة على خدها.
الكبير برفعة حاجب بسيطة وسخرية : وأنتِ... الصغيرة اللي فاكرة إن أخوها يونس هينقذك. صدقيني... لو جه، هخليه يشوف بعينه إزاي كل واحد فيكم بينهار ويمـ،،ـوت قدامه. وهخليه يتمنى الموت قبل ما أنا أديهوله.
ضحى كانت بتعيط بقوة وهي بتحاول تحضن امها ، لكن مش عارفة بحكم ربطتها .
العيلة كلها ترتجف، الأصوات واطية في البكاء والدعاء. سلسبيل تحاول ترد بصوت مخنوق من الخوف، لكن فيه إصرار.
سلسبيل بقوة بتخفيض بيها خوفها : مهما عملت... يونس مش هيسيبك. إحنا وراه... وإنت نهايتك قريبة.
الكبير يقف لحظة، يضحك ببرود ويصفق بإيده ، ويتكلم بجمود : إعجاب شديد بالشجاعة... بس الشجاعة دي في الآخر بتكلف غالي. استعدوا... الجايات أصعب.
نهاد بصت لبناتها بخوف حقيقي ورعب واتكلمت : يونس مش هيسيبكم وهيدفعكوا تمن اللي بتعملوه دة ، يعني متفرحوش اوي كدة.
الكبير اتعصب واتكلم بعصبية شديدة وتحكم : يووووه يونس يونس يونس ، غطيلهم بقهم يابني مش ناقصة صداع.
يلف ويخرج، وصدى خطواته يسيبهم غرقانين بين رعب وخوف وانهيار. الكاميرا تركز على وشوشهم: أيمن مطاطي وشه بالهم والحزن، سالم مش قادر يخفي دموعه، عائشة حضنها مهزوز وهي بتبكي، وسلسبيل ماسكة نفسها بالعافية، عينيها مليانة دموع لكن نظرتها متحدية... وضحى لسة على وضعها..
- اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد🦋
في شوارع المدينة وقت غروب الشمس أنوار الشوارع باهتة، صوت سيارة بعيدة، وريح بتسرّح رفات العلب على الرصيف. لقطة بعيدة سيل من ظلّين بيجري في اتجاهين متقابلين لكن لهدف واحد قسم الشرطة.
يونس ماشي بسرعة، الكتفين منحنية، بيجري بخطوات ثابتة وعنيّه مولعة. وشه منقبض من التعب والخوف، لكن عينه فيها نار العزم. بين كل خطوة والتانية، بيتذكر صور من البيت: وش جده وأبوه وهي باينة عليها الابتسامة، ضحكة عائشة اللي اختفت، صور بتزود له الضغط.
يونس لنفسه بصوت خافت : لازم أوصل... لازم أعرف. لو ده آخر يوم في عمري، مش هسيبهم لوحدهم... هفضل ورا القائد دة لحد ما انقذ عيلتي من الهلاك!
يوصل قدام باب القسم، يقف ثواني ياخد نفس طويل، بيمسح وشه بيده بسرعة، بياخد نفس جديد ويدخل بعنف... والبرودة تدخل معاه لكن عزيمته أقوى.
مشهد أدهم
ادهم كان بيركض في شارع تاني، قميصه مرفوع، وجهه مرعوب لكن ثابت. في كل مرة يتخيل فيها الكبير، قلبه بيقف؛ بيتسائل لو هيلحقهم قبل ما يعمل حاجة. هو مش بس جرى عشان شغل هو جري عشان عائشة ، عشان ايمن ، عشان العيلة كلها!
ادهم بصوت مبحوح لنفسه : لازم أكون قد المسؤولية... لو حصل أي حاجة انا اللي هكون بدافع!
هو بيعدي شارع جانبي، عينُه بتلمع من دمعة مسكها وهو بيتحرك. ماحدش شايفها غير هو دمعة خفيفة بتقول له قد إيه الخوف دخل قلبه، لكن إيديه مش هترتعش.
أدهم ويونس بيلاقوا بعض عند باب القسم، نفس اللحظة. اتصافحوا بسرعة بدون كلام طويل ، نظرة بينهم بتقول أكثر من ألف كلمة. خد واحد فيهم يلمح عين التاني وبيبان الخوف والدموع في نفس اللحظة.
يونس بحدة وخفة حزن في صوته : هو معاه معلومات؟ مش لازم نسيبها
~~~~~~~~~~~~~
في غرفة مغلقة بزجاج ، لمبة منورة في النص وضوئها كويس ، في ترابيزة متوسطة في الغرفة وعليها بعض الملفات كان قاعد القائد مكبل اليدين على كرسي وقدامه يونس ، ومن برا ادهم وظباط أخرى بيراقبوا التحقيق وفي جهاز موصل بالغرفة يتيح للظباط أنهم يتكلموا فيه .
يونس كان قاعد قدام القائد وبيبصله بعيون غضبانة ، واتكلم بعصبية مكتومة : على حسب معلوماتي انك تعرف اماكن تواجد الكبير ومعلومات اكبر ، يلا اتكلم وقول كل اللي عندك.
القائد بصله بهدوء ، واتكلم ببرود : انا معرفش أي حاجة عن الكبير ، مجرد راجل بشتغل عنده وبس ، بيقول أوامر وانا بنفذها اكتر من كدة معرفش ، وياريت الحكومة متستناش مني اني اقول حاجة لأن حتى لو معايا معلومات مش هقولها.
يونس ضرب جامد بإيده على الترابيزة ، واتكلم بصوت عالي وغضب شديد : انت هتستعبط ، انطق وقول كل اللي عندك إلا وديني وما أعبد لاطفحك تراب الاوضة دي.
القائد حس بخوف من طريقة كلامه وشخصيته لكن اتكلم بنفس البرود عشان يخفي خوفه : انا قولت اللي عندي ، وكلام مش هنطق.
يونس قام من على كرسيه بغضب وقرب من القائد وانهال عليه بالضرب ، واتكلم وهو بيضربه لكمات متتالية : انطق انت اللي تعرف كل معلومات الكبير وكل كبيرة وصغيرة عنه ، عيلتي مخطو،،فة وحياتها متعرضة للخطر بسببك شوية كلا،،ب زيكوا ، اتكلم وقول ، فين الكبير.
أدهم جرى بسرعة وفتح الباب ودخل وقرب من يونس وهو بيشده من على القائد ، واتكلم : يونس أهدى كل دة مش هيفيد بحاجة بالعكس ، خلاص يا يونس هتمـ،،ـوته في ايدك ، سيبه!
بعد عنه يونس وهو بيتلاقط أنفاسه بشدة وغضب ، واتكلم ادهم بجمود : يونس أنت بالحالة دي مش هتقدر تحقق معاه ، اطلع برا التحقيق هدّي اعصابك وانا الجديد هتابعه معاك
يونس اتكلم بصوت عالي : لا انا اللي هحقق معاه ومش هطلع من هنا غير وانا معايا كل المعلومات ، يا إما هتاخدوه مني جثـ،،ـة.
كان أدهم ويتكلم لكن قاطعه يونس بحدة، اومأ له ادهم وطلع برا الغرفة ووقف ورا الزجاج بيتابعه ، ورجع يونس للقائد اللي كان الد،،م بيسيل من وشه.
اتكلم يونس بعصبية : اللي أنت شوفته دة نبذة بسيطة من اللي هعملوا فيك لو متكلمتش ، قسماً عظيماً لو ما نطقت لأقتـ،،ـلك في مكانك وانسى اني ظابط.
اتكلم القائد بصوت مبحوح وهو بيجمع الكلام بالعافية من تعبه : حاضر هتكلم ، هتكلم والله بس سيبوني في حالي.
لكمه يونس بغضب شديد وكإنه بيطلع كل غضبه فيه : يلااا اتكلم وقول فين مكان الكبير
القائد كان حاسس بألم شديد ، واتكلم بتعب : انا لو اتكلمت هيمو،،توني!
ضربه يونس لكمتين ممتاليتينليتين واتكلم بغضب واسع وصوت عالٍ : لو متكلمتش انا اللي همو،،تك ، انطق وقووول.
القائد بصوت مبحوح من وجعه : هقول هقول والله ، الكبير عنده تلت مناطق ، منطقة في مخزن على الطريق الصحراوي ، ومكان تاني في المنطقة الصناعية ، والمكان التالت في مزرعة مخفية في قرية ريفية .... بس اكتر مكان بيكون متواجد فيه المكان اللي في المنطقة الصناعية
يونس قام بسرعة واتكلم بجمود وعصبية : عارف لو طلع كلامك دة غلط ، هخليك تتمنى الموت ومتطلوش.
وكما كلامه للعسكري : سيبه في التخشيبة هنحتاجه.
القائد بخوف : انا قلت كل حاجة عايزين مني ايه تاني والله ما في حاجة تانية اقولها.
يونس اتكلم بعصبية : انت مفكرنا بريالة يلا ، ايه اللي يضمني انك بتتكلم بجد ، وكمان لسة في معلومات معاك هنحتاجها
- اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد🦋
في غرفة عمليات ضيقة مضاءة بأضواء بيضا باهتة، مليانة شاشات متوزعة على الحيطان. أصوات الكمبيوترات عاملة همهمة مستمرة. يونس قاعد قدام شاشة كبيرة، بيكتب بسرعة على الكيبورد، عينيه محمرة من كتر السهر، كل عضلة في وشه مشدودة. أدهم واقف ورا ضهره، إيديه متشابكة صدره طالع نازل بسرعة من القلق، ووشه باين عليه خليط من التوتر والغضب. ظابط تالت – شاب في أواخر التلاتينات – قاعد على جنب قدام شاشة عليها خريطة متصلة بالأقمار الصناعية، لابس سماعة بإيد واحدة وبيسجل ملاحظات بإيده التانية.
الظابط بحدة وهو مركز في الشاشة : لحظة… ركزوا معايا كده… عندي إشارة تحرك غير معتادة."
يونس يوقف عن الكتابة فجأة، يقرب بوشه ناحية الشاشة، صوته هادي لكن فيه رعشة غضب : فين بالظبط؟ وضّحلي الموقع.
الظابط يكتب بسرعة، الخريطة تكبر، ويظهر مربع أحمر حوالين المنطقة الصناعية، عند بوابة خلفية شبه متهدمة.
الظابط بجدية : من نص ساعة بالضبط دخلوا عربيتين بدون تسجيل رسمي. مفيش أي نشاط معروف في المصانع دي بقالها شهور."
يونس يضغط على الماوس بعصبية ويقرّب الصورة، يحاول يركز في لوحة العربية ، أدهم ميّل عليه، صوته متوتر : دي… دي نفس العربيات اللي رصدناها قبل كده عند المخبأ اللي فات. أنا متأكد.
يونس يضغط أسنانه، يغمض عينيه لحظة كأنه بيحاول يسيطر على انفجاره : يعني هما هناك… يعني العيلة جوه.
الغرفة تسكت لحظة، ما يتسمعش غير صوت الأجهزة. أدهم يزفر بقوة، ويضرب إيده في الطاولة : مش هينفع نقعد نتفرج. كل دقيقة بتمر ممكن تكلفنا حياتهم!
الظابط يلف بسرعة ناحيتهم، صوته فيه خوف وحزم : استنوا! المنطقة دي فخ. اللي يدخلها من غير خطة مدروسة مش بيطلع. الناس دي مسلـ،،ـحة تقيل… لازم نستنى تعزيزات.
يونس يقف فجأة، الكرسي يترمي وراه، عينيه مولعة.
يونس بعصبية هادية لكنها مليانة ألم : أنا مش هستنى. أنا مش هخاطر إنهم يقتـ،،ـلوا عيلتي وأنا واقف هنا بستنى إذن أو دعم.
الظابط يحاول يسيطر على صوته : يونس… ده تهور. مفيش مجال لعاطفة دلوقتي، دي عملية كبيرة وخطيرة. لو دخلتوا لوحدكم هتضيعوا كلكم.
أدهم يقاطعه، صوته حاد زي السكينة : ضيعنا كتير قبل كده وإحنا قاعدين نخطط ونستنى. المرة دي مش هيحصل. العيلة أولاً.
يونس يمد إيده ياخد خريطة مطبوعة من على المكتب، يبص عليها بسرعة، وبعدين يرفع عينيه للظابط.
يونس بصوت منخفض لكنه ثابت : بص، أنا وأدهم عارفين طرق الهروب القديمة اللي في المنطقة. إحنا الوحيدين اللي نقدر ندخل ونطلع بسرعة. إما تساعدنا… أو ابعد عن طريقنا.
الظابط يفضل ساكت لحظة، عينه تتهرب من نظرات يونس اللي مليانة إصرار، وبعدين يتنهد باستسلام : طيب… خدوا معاكم عربيات دعم حتى وأجهزة تتبع. على الأقل نعرف نرصدكم لو حصل حاجة.
أدهم ياخد الجهاز بسرعة ويربطه في أيده ، ويتكلم بلهجة تهديد : بس أوعى تتأخر بالدعم. لو اتأخرت… هنكون احنا واللي معانا مجرد ذكرى.
يونس يلم معداته بسرعة: مسد،،سه، كشاف، جهاز اتصال، ويحطهم في شنطته. يوقف لحظة قبل ما يخرج، يبص للشاشة اللي لسه بتعرض العربيات جوه المنطقة الصناعية.
يونس بصوت مخنوق لكنه قوي : استعدوا… الليلة دي مش هيناموا مرتاحين. الليلة دي هترجع العيلة.
الغرفة كلها تتوتر، حتى أصوات الأجهزة بقت كأنها أعلى. يونس وأدهم يخرجوا بخطوات سريعة، صدى خطواتهم يتردد، والظابط يفضل واقف مكانه، ماسك سماعته، عينه على الخريطة، قلبه عارف إن الاتنين رايحين على مو،ت مؤكد… لكن فيه شعور داخلي بيقوله إنهم فعلاً ممكن يعملوها.
- اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد🦋
في ساحة صغيرة جنب المبنى، الليل مايل للسواد، والهواء البارد بيخبط في وشوشهم. يونس واقف بيربط جاكيته التكتيكي ويعدل مسد،،سه في الجراب، وأدهم بيشيك على سلا،،حه ويغير خزنة الرصا،،ص. خطواتهم سريعة، نظراتهم كلها توتر واستعجال.
على بعد أمتار، صف عربيات الدعم متراصّ، الظباط جوه العربيات أو واقفين جنبها مستعدين. أنوار العربيات الخافتة منورة جزء من الساحة، والدخان الخفيف طالع من عوادم الموتوسيكلات الجاهزة للحركة.
يونس يرفع صوته وهو بيتكلم بصرامة : اسمعوني كويس… العربيات دي هتكون على أطراف المنطقة الصناعية. أول ما تسمعوا إشارتي باللاسلكي، تتحركوا فورًا وتعملوا طوق كامل حوالين المداخل والمخارج. محدش يدخل ولا يخرج.
أحد الظباط يرفع إيده باحترام : تمام يا فندم… بس لو حصل اشتباك؟
أدهم يتدخل قبل ما يونس يرد، صوته جاد : التعامل هيكون بحذر. الأولوية إن العيلة تخرج بسلام. أي حد يحاول يمنعنا… اتصرفوا معاه فوراً.
يونس يلف عليهم بنظرة قوية، صوته هادي لكن واصل : أنا مش عايز تهور. أي حركة غلط ممكن تكلفنا حياتهم. التزام كامل بالأوامر… مفهوم؟
الظباط كلهم بصوت واحد : مفهوم يا فندم!
يونس يطلع جهاز اللاسلكي من جيبه، يرفعه قدامهم : الإشارة هتكون كلمة (النسر). أول ما تسمعوها… تقفلوا المكان كله. محدش هيتحرك قبل كده.
أدهم يعدل سترته المضادة للرصا،،ص، وبصوته الخشن يقول : الليلة دي مش هتتنسي. ركزوا… وخليكم يقظين. هدفنا واحد: إن العيلة ترجع.
الوجوه كلها تتغير، بقت فيها حدة وإصرار. صوت تجهيز الأسلحة يملأ الساحة. يونس يبص لأدهم لحظة بعينيه اللي باين فيها الخوف المخفي، وبعدين يومي برأسه وكأنه بيقوله: يلا بينا… الطريق بدأ.
يونس بجمود : الوقت من هنا للمنطقة الصناعية يستغرق 3 ساعات يعني هنوصل بأمر الله الساعة 6 الصبح
الكل اومأوا له بتفهم ، واتكلم يونس بهدوء : لا إله إلا الله
الكل في صوت واحد : محمد رسول الله
- اللهم صلّ وسلم على سيدنا محمد🦋
في مكان مظلم، مخزن قديم في قلب المنطقة الصناعية. لمبات صفراء ضعيفة بتتهز مع صوت المروحة القديمة. العيلة كلها مربوطة على كراسي حديد، الحبال مجروحة إيديهم، ووشوشهم باين عليها الرعب والقلق.
يدخل الكبير بخطوات تقيلة، صوته العالي يسبق خطواته ، ويتكلم بسخرية : إيه؟ فاكرين إن يونس وأدهم هييجوا ينقذوكوا؟… لأ، دول دلوقتي بيدوروا على نفسهم قبل ما يلحقوا بيكوا.
نهاد بتبص لبناتها، بتحاول تحميهم بنظرتها : سيب البنات، مالهمش ذنب… خدني أنا ، اعمل فيا اللي انت عايزه بس متأذيهومش في حاجة!
الكبير يضحك بصوت عالي، يمد إيده ويمسك شعر سلسبيل من تحت الطرحة بعنف ويشدها لقدام : إنتِ؟! هههه، إنتي أكتر واحدة هتوجعهم… تخيلي جوزك شايفك بتتعذبي قدامه ومش قادر يعمل حاجة؟
سلسبيل تحاول تبعد راسها عنه، دموعها نازلة : حرام عليك… سيبنا، ربنا مش هيسامحك...اعتبرنا زي اخواتك البنات حتى!
الكبير ببرود : مقطوع من شجرة مليش اخوات ولا ام ريحوا دماغكوا من ام الاسطوانة الحمضانة دي!
سلسبيل بدموع وخوف : ياعم اعتبرنا زي بناتك !
الكبير ببرود : مبخلفش!
عائشة بدموع : لا دة انت مش باقي على حاجة بقى!
يضرب عائشة بالكف على وشها بقوة، صوت الخبطة بيرن في المكان ، يتكلم سالم بعصبية وصراخ رغم تعبه : إيدك عنها يا جبان! لو راجل وريني رجولتك عليا أنا!
الكبير يبتسم ابتسامة باردة، يرفع مسد،،سه ويصوبه ناحية الأب: برافو، راجل… بس للأسف الرجولة ملهاش تمن هنا.
ضحى بدأت تعيط ، صوتها يقطع القلب ،يتكلم ايمن بتعب : كفاية! كفاية، حرام عليك!
الكبير يشاور لواحد من رجاله : هات العصاية… خلينا نعلمهم يعني إيه يلعبوا مع الكبير.
يبدأ واحد من الرجالة يضرب الكرسي اللي مربوط عليه سالم، ضربات موجعة. صرخات سالم تعلى، والد،،م نازل من وشه ، وعائشة تصرخ بعياط : باباااا
الكبير يقرب منها، ينحني لوشها : كل صرخة منكم… متعة بالنسبة لي.
واحد يقرب من ضحى يضربها بالعصاية وهي بتصرخ بألم شديد ، ونهاد اللي بتصرخ من الخوف عليها وبتحاول تفك نفسها ، وسلسبيل اللي بتترجاه يسيب ضحى بعياط وهي بتحاول تفك أيدها.
- اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد🦋
بعد مرور تلت ساعات
التت ساعات عدوا على العيلة كإنهم تلت سنين ، عائشة اللي كانت مربوطة وطرحتها مش معدولة وعلى وجهها علامات الضرب ، وسالم اللي قاعد على الكرسي شبه فاقد الوعي والد،،م بيسيل من وجهه ، ايمن اللي مربوط في الكرسي ووشه في جرح ، ضحى اللي مربوطة في الكرسي بتعب ووجع في كل جسمها من الضرب المبرح ، نهاد اللي موقفتش عياط على بناتها وألمهم واحساسها بالعجز أنها مقدرتش تدافع عنهم وهي شيفاهم موجوعين..
يدخل عليهم الكبير وهو بيتكلم بتهديد : كل اللي شوفتوه الليلة دي مجرد نسخة مصغرة من اللي عملوا فيكوا دلوقتي ،
وكما كلامه وهو بيبص لعائشة بشر : أو بمعنى أصح هعملوا فيكي أنتِ!
بصله عائشة برعب شديد وهي بتترعش من الخوف واتكلمت بصوت مرتعش من شدة الخوف : أنت هتعمل فيا ايه؟
اتكلم سالم بعصبية وترجي : انت عايز ايه من بنتي؟ بالله عليك سيبها في حالها ومتعملهاش حاجة اعمل فيا اللي انت عايزه.
اتكلم الكبير بشر واضح وحقد : انا عايز عائشة عشان هي تخص يونس وادهم يعني الألم هيبقى مضاعف ليهم وعايز أكسرهم مع بعض.
اتكلمت نهاد بخوف على عائشة : لا سيبها في حالها متجيش جنبها!
اتكلم الكبير وهو بيشد عائشة بغضب هو وراجل من رجاله : انتوا لسة هتتكلموا وتترجوني ، يلاااا تعااالي معااايا!
عائشة كانت بتعافر من أيده وبتحاول تتخلص من قبضاتهم ، كانت بتصرخ بأعلى صوتها عشان تستنجد بأي حد لكن مافيش حاجة سمعتها سوى ضرب سالم بالكرسي في الأرض وهو ليحاول يفك نفسه ويدافع عن بنته لكن مبيقدرش وكلام ايمن وعياطه وتوسله للكبير ، لكن لا حياة لمن تنادي!
لم يهتم الكبير ورجالته بعياط وخوف عائشة وكانوا بيسحبوها بقوة شديدة بعدم اهتمام ، وعائشة بتترجاهم لعل يكون عندهم ذرة رحمة أو إنسانية ، لكن لم يهتم أحد لصراخها ،
وصلوا لغرفة جنبها شاشة صغيرة عليها ودي شاشة بيكتبوا عليها باسورد معين الغرفة تتفتح.
عائشة وهي بتتحرك بقوة عشان تحرر نفسها من قبضاتهم : سيبونييي حرام عليكوا متعملوش فيا كدة.
الكبير ببرود ونظرات حادة وهو بيزقها للغرفة : الوداع يا أميرة الحب.
عائشة قامت بسرعة وجريت ناحية الباب عشان تطلع ، لكن كان الكبير اسرع منها وقفل الباب بسرعة واتحبست عائشة في الغرفة ، وطلع الكبير ورجالته للعيلة
الكبير قعد على الكرسي واتكلم ببرود وسخرية : خلاص مافيش عائشة تاني ، اصل يا حرام اتحبست في اوضة مليانة غاز سام وكلها نص ساعة وتتخنق وتفارق الحياة.
الجملة نزلت عليهم كالصاعقة ، كإن جردل مية ساقعة اتدلق عليهم في عز الشتا ، كانوا بيصرخوا بأعلى صوتهم لكن اللازق اللي على فمهم مانعهم من تفريغ حزنهم وغضبهم ، سالم كان بيحاول يفك أيده من الحبل اللي رابط أيده بقوة وهو مش حاسس بألمه ومافيش حاجة في دماغه غير فكرة أن عائشة ممكن تروح من أيده ، ايمن كان بيبكي بشدة من تخيل أن حفيدته نور بيته بتصارع الحياة لوحدها ، سلسبيل وضحى الدموع كانت منهمرة من عيونهم خوفاً على عائشة.
~~~~~~~~~~~
في الوقت دة كانت الشمس كانت بتبدأ تطلع، السماء غامقة كإنها بتدل على خطورة بتقرب، والهواء البارد بيخترق الصمت. وعربيات الشرطة المصفحة تقف على بعد خطوات من سور المنطقة الصناعية، كشافات مطفية، عشان ميكشفوش نفسهم.
يونس بينزل من العربية الأولى، لابس السترة الواقية والخوذة، ماسك السلا،،ح بإيد ثابتة، عينه مركزة ومليانة حذر. أدهم ينزل جنبه، لمعة التركيز باينة في عينيه. باقي الضباط واقفين في صف منظم، ملامحهم جدية، الصمت بينهم بيقول أكتر من أي كلام.
يونس بصوت واطي لكنه حاسم : يا رجالة… إحنا داخلين دلوقتي على جحر تعابين. الكبير جوه ومعاه العيلة. كل خطوة بحساب. مفيش رصا،،صة تخرج إلا لو لازم… فاهمين؟
الفريق في صوت واحد : فاهمين يا فندم!أدهم يلمح حركة بسيطة ناحية البوابة الحديد الكبيرة ، ويتكلم :في واحد بيتمركز هناك… هتكون عين ساهرة للكبير.
يونس يومي له براسه، يرفع يده بإشارة سريعة لواحد من القنا،،صة. القناص يثبت سلا،،حه، طلـ،،ـقة واحدة صامتة تخترق الظلام… الجندي اللي كان مرابط يقع بهدوء من غير ما حد ياخد باله.
يتحركوا كلهم ببطء، خطوات محسوبة، كأن الأرض كلها لغم. أصوات أنفاسهم مسموعة تحت ضغط الصمت.
يدخلوا من باب جانبي صدئ، أدهم يفتح الطريق، وراهم يونس، والباقي موزعين على شكل نصف دائرة حماية.
الممر الداخلي للمخزن طويل، ضلمة خانقة، لمبات مكسورة بتتدلى من السقف. يونس وهو بيشاور بإيده : يمين… صفين… واحد يغطي والتاني يتحرك.
يتوزعوا بدقة عسكرية. كل ضابط يثبت سلا،،حه ويمسح المكان بعينه قبل ما يتحرك زميله.
فجأة، صوت خطوات تقيلة ييجي من بعيد. الفريق كله يوقف في لحظة، أسلحـ،،ـتهم مرفوعة. يونس يومي بإيده إشارة "انتظر". الخطوات تقرب… لحد ما يظهر ٣ من رجالة الكبير.
أدهم بصوت خافت : دلوقتي وقتنا.
في لحظة، الفريق يفتح نار محسوب، ضربات قصيرة وسريعة، الرجالة التلاتة ينهاروا من غير ما يلحقوا حتى يردوا. الصمت يرجع تاني، لكن معاهم ريحة البارود.
يونس بحدة وصوت عالي : كملوا… مفيش وقت.
يتحركوا أعمق جوه المخزن. صوت أجهزة اللاسلكي الصغير بين الضباط يشتغل ، ضابط من الخلف : المكان آمن لحد دلوقتي يا فندم، مفيش خسائر.
يونس يتنفس بسرعة، لكن عينه لسه مركزة : خليكوا صاحيين… دي بداية بس.
وفجأة، من آخر الممر، دوشة عالية… أبواب حديد بتتفتح فجأة وصوت صرخة : ناررر!
رجالة الكبير يفتحوا رشا،،شاتهم. الرصا،،ص ينهال زي المطر. الفريق يختبئ بسرعة ورا الأعمدة الخرسانية، يردوا بدقة متناهية. الشرر يطير من ارتطام الطلـ،،ـقات بالحديد.
أدهم بصراخ وسط الضوضاء : يمين مغطي! شمال تقدم!
الضباط يتقدموا بخطوة بخطوة، رصا،،صهم محسوب، كل طلـ،،ـقة بتوقع واحد من رجالة الكبير. يونس بنفسه يزحف لقدام، يسدد من مسافة قريبة، يسقط اتنين بسرعة.
صوت رجالة الكبير يضعف، واحد ورا التاني بيقع. بعد دقائق قليلة، الصمت يملأ المكان تاني… كل الفريق واقف، مفيش ولا إصابة.
يونس يمسح العرق من جبينه، يبص حوالينه، ويقول بصوت مليان ثقة وغضب : خلصوا… ودخلنا صح.
داخل غرفة بعيدة في نفس المخزن:
الكبير قاعد على كرسي معدني، بيشرب سيجارة. ورا منه واحد من رجاله اللي لسه باقي معاه. فجأة صوت الرصا،،ص والصرخات يوصله.
الرجل يرجع خطوة بخوف ويتكلم بصوت مرتعش باين فيه الخوف : يا بيه… دول… دول دخلوا!
الكبير يحدق فيه، عينه متوترة لأول مرة، السيجارة بتتهز بين صوابعه ، ويتكلم بصوت مبحوح : إزاي… إزاي وصلوا لحد هنا؟
يسمع آخر صوت رصا،،ص بيتلاشى… الصمت يخيم، بس الصمت
يسمع آخر صوت رصا،،ص بيتلاشى… الصمت يخيم، بس الصمت المرعب اللي معناه إن الفريق سيطر.
الكبير يرمي السيجارة في الأرض، يقف بسرعة، يحس قلبه بيخبط في صدره ويتكلم بهمس وخوف : يونس… جاي!
- اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد🦋
عند عائشة ، كانت حاطة أيدها على صدرها وبتكح جامد وبتاخد نفسها بالعافية.
عائشة بتعب وهي بتخبط على الباب بقوة : افتح..الباب.. حرام عليكوا مش قادرة اخد نفسي... حد سامعني... الحقوووني!
عائشة كانت بتضرب الباب وهي بتاخد نفسها بالعافية وعينها محمرة وعمالة تكح ،
عائشة وهي بتضرب بخفة على الباب وكإنها استسلمت لقدرها واتكلمت بتعب وهي بتكح بقوة : يارب... اح اح اح... سا..ساعدني ، يارب ، فينك.. يونس..
فكت عائشة طرحتها بتعب وهي بتكح جامد وبتحاول تحافظ على وعيها ، وفكت اول زرارين من هدومها عشان متكتمش رقبتها وتحاول تشد حيلها..
لكن الغاز كان سام بشكل مش طبيعي والأكسجين اختفى من الغرفة والغاز مليء المكان بأكمله ،
عائشة كانت بتحاول تهدي نفسها وتحافظ على توازنها لكن جسمها ساب وسقطت مغشية على الأرض .
- اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد🦋
الهدوء كان خانق في الممر الطويل، خطوات القوة مدروسة، وصوت الأحذية بيخبط في الأرضية الرخامية بشكل منظم. يونس ماشي قدام، ملامحه متحجرة، لكن جواه نار قلق بتولع، صورة عيلته وهما في إيد الكبير مش فارقة من دماغه. أدهم جنبه، إيده على سلا،،حه، وعينيه بيلمع فيهم خوف مكبوت.
واحد من الظباط أشار بسرعة : الغرفة دي يا فندم.
يونس اومأ إيماءة صغيرة برأسه، صوته كان متحشرج من جوه لكنه ظاهر قوي : جاهزين.
بإيد قوية، يونس دفع الباب برجله فجأة، الباب اتفتح بعنف وخبط في الحيطة، والغرفة كلها اتفزعت.
الكبير اتنفض مكانه، بصله بصدمة، عينيه اتسعت من الصدمة، ولون وشه قلب وهو بيقوم بسرعة : إيه ده؟
أدهم رفع سلا،،حه في وشه بخطوة سريعة، صوته جه حاد لكنه مش قادر يخفي رعشة الغضب : ولا حركة! في ثانية واحدة تعرف إنك خسرت كل حاجة.
يونس دخل بخطوات ثابتة، الظباط وراه واخدين مواقعهم حوالين الغرفة، كل واحد منهم قلبه متعلق بمصير العيلة، والقلق واضح في نظراتهم.
يونس بص للكبير بحدة، صوته جه تقيل : فين العيلة؟!
الكبير اتلخبط، رجع خطوة لورا وهو بيحاول يضحك ضحكة مهزوزة : إيه... عيلتكوا؟ هو انتو داخلين هنا عشان...
يونس انفجر، صرخ بصوت مبحوح من الغضب والقلق : جاوبني قبل ما أخليك تندم على كل ثانية عشتها!
أدهم شد الكرسي برجله ورماه ناحية الكبير : اقعد! وقول الحقيقة... عيلتنا فين؟!
الكبير عرق، عينيه بتتحرك بسرعة بين وجوههم، حس إنهم مش مجرد ظباط جايين يقبضوا عليه... دول رجالة مشتعلة قلوبهم بخوف على أهلهم.
يونس قرب منه، صوته منخفض لكنه مليان وجع : إحنا مستعدين نخسر أي حاجة... إلا هم.
الظباط وقفوا متحفزين، كل واحد ماسك سلا،،حه بإيد متوترة، قلبهم بيخبط أسرع من خطواتهم، لكن عيونهم مركزة على الكبير، مستنيين أي كلمة تدلهم على طريق ينقذوا بيه العيلة.
الكبير اتنفس بسرعة، صوته اتكسر : استنوا... أنا... أنا هقول... بس متعملوش حاجة طايشة.
يونس وأدهم اتبادلوا نظرة سريعة، فيها خليط من الصرامة والخوف، نظرة بتقول : لازم نخلص بسرعة... العيلة أهم من أي انتقام.
~~~~~~~~~
الجو كان مشحون بالغضب المكبوت، يونس و أدهم بيشدوا الكبير بكل قوة، إيديه متكلبشة والظباط محاوطينه من كل اتجاه، خطواتهم سريعة متوترة، والعيون كلها مرصودة على أي حركة ممكن يعملها، أنفاسه متقطعة ووشه باين عليه لأول مرة طيف من الخوف بعد ما كان متماسك. يونس كان ماسك إيده بإحكام، عروقه بارزة من شدة العصبية، وفي قلبه نار بتتأجج كل ما يقربوا من المكان اللي قال عليه. أدهم في الناحية التانية بيبص حواليه بحذر ، سلا،،حه في إيده الثانية، صوته الواطي مع الظباط بيأكد أوامر الحذر وعدم التهاون.
كل خطوة كانت تقربهم من لحظة الحقيقة، من لحظة يكتشفوا إذا عيلتهم عايشة ولا لأ. يونس قلبه بيخبط في صدره كأنه بيصارع الزمن، عينه في كل زاوية، ودموع مكتومة جوه عينيه، مش عارف هيطلعها خوف ولا غضب. الكبير واقف يتماسك لكن كل ما يونس يشد عليه أكتر يتعرق، يعرف إن النهاية قربت.
وأول ما دخلوا المكان، ريحة العفن والد،،م ضربت في وشهم، كأنها صفعة على القلوب قبل الوجوه، الظلام كان متقطع بنور كشافات القوة، والهدوء المرعب اتكسر بنبضات القلوب المتسارعة. عيون يونس أول ما وقعت على عيلته، اتسعت فجأة، خطواته اتجمدت لجزء من الثانية قبل ما يندفع ناحيتهم، وأدهم جنبه بنفس الاندفاع، الاتنين شايفين أهلهم متبهدلين، هدومهم متسخة، آثار الضرب واضحة على الوجوه، وجر،،وح صغيرة متفرقة.
الصدمة الحقيقية كانت في عيونهم، عيون مرعوبة، منهكة، وكأنها فقدت الأمل قبل لحظات من دخولهم. يونس حس بغصة خانقة في حلقه وهو بيجري يحاول يوصل، صوته بيتهز من جوه صدره لكنه محبوس مطلعش، وأدهم إيده ارتعشت للحظة قبل ما يشد نفسه تاني. الظباط بسرعة اتحركوا يفكوا قيود العيلة، أصوات البكاء والأنين ملأت المكان، لكن جوه قلب يونس في صرخة أعلى من أي صوت.
وبين كل ده، الصدمة الأكبر لما بص حواليه ملقاش عائشة. كل العيلة قدامه، متبهدلين، منهارين، لكن عائشة مش موجودة. اللحظة دي كأنها جمدت الزمن، يونس اتسمر مكانه وعينه بتدور في كل اتجاه، صوته أخيرًا انفجر وهو بينادي باسمها، النداء اتحول لصرخة هزت جدران المكان، أدهم ووشه قلب من الخوف وهو كمان بيبص حواليه، عارف إن الاختفاء ده مش مجرد غياب عادي.
يونس رجع عينه على الكبير، والغضب بقى نار حقيقية في وشه، دموعه محتبسة لكن صوته وملامحه بتفضح اللي جواه، خطف خطوات سريعة عليه، مسكه من هدومه وهو متكلبش وهزه بعنف، أدهم اضطر يدخل بينهم علشان يسيطر عليه لكنه هو نفسه عينه فيها لهب من الغضب. الكبير ابتسم ابتسامة خبيثة باهتة كأنه مستمتع يشوفهم بينكسروا، وده زاد غضب يونس اللي كان بيحاول يسيطر على نفسه بالعافية.
المكان كله كان مليان مشاعر مختلطة، فرحة ممزوجة بالوجع إنهم لقوا عيلتهم عايشين، خوف مرعب على عائشة المفقودة، وغضب حارق تجاه الكبير اللي لسه متماسك رغم إنه واقع في إيديهم. كل نفس كان تقيل، كل عين كانت مليانة دموع، وكل لحظة كانت بتعدي كأنها ساعات، الكل في انتظار الكلمة الجاية من الكبير، أو أي دليل يقودهم لعائشة، لكن الصمت المميت اللي لسه مسيطر هو أقسى من أي اعتراف.
- اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد🦋
في فيلا رقية وفراس
كانت رقية قاعدة على الأريكة في الصالة وماسكة كوباية النسكافيه بتاعتنا و حاطة أيدها على قلبها وعمالة تفكر في كلام أدهم
فلاش باك....
رقية كانت طالعة من شركتها وركبت العربية مع فراس
رقية بإبتسامة : عامل ايه يا حبيبي معلش اتأخرت كان في ملفات بوقعها عشان كدة اتأخرت
فراس بإبتسامة : عادي ولا يهمك يا حبيبتي ، اه فكريني أكلم وليد صاحبي خلف امبارح عايز اباركله.
رقية بإبتسامة : بجد ما شاء الله يتربى في عزه.
فراس بخبث : وعقبالنا يا حبيبتي لما نجيب عيل صغير كدة.
رقية بخجل : فراس اتكلم بجد ، مبحبش كدة بتكسف.
فراس بضحك : الله هو أنا قولت حاجة ، انا بقول نخلف حتت عيل ، غلطت في حاجة؟
كانت رقية لسة هترد بس قاطعها صوت رنين هاتفها ، بصت في شاشة الموبايل لقيت أدهم بيرن عليها ، ردت عليه بإبتسامة
رقية بإبتسامة وفرحة : أدهم عامل ايه يا حبيبي وشوشو عاملة ايه كو...
قاطعها أدهم بصوت حزين وهو بيقول : عائشة والعيلة اتخطفوا ، العصابة اللي إحنا بنعمل تحرياتنا عليهم وماسكين القضية بتاعتهم هما اللي خطفوهم عشان يكسرونا وموقف القضية
رقية بصدمة : أنت بتقول ايه يا أدهم ، عيلة مين اللي اتخطفت وقضية ايه أنت المفروض واخد إجازة.
فراس استغرب وش رقية وكلامها ، ووقف العربية ومنها على جنب.
أدهم بتعب وحزن : للأسف اتضرينا اننا ننزل الشغل نمسك قضية والعصابة عشان يهددونا خطفوا العيلة ، خلي بالكوا على نفسكوا كويس عشان دلوقتي كبيرهم بيلعب على نقطة ضعفنا ، انا هبعتلكوا حراسةة مشددة ليكوا هيكونوا معاكوا في كل مكان ودة لسلامتكوا.
رقية بدموع : أدهم يعني دلوقتي عائشة مخطوفة! عيلتكوا يعني حتى سلسبيل واختها وامها العيلة كلها!
أدهم اتنهد وقال بحزن و بيحاول يبين صوته طبيعي : رقية بالله عليكي ما تعملي فيا كدة انا فيا اللي مكفيني.
رقية بحزن ودموع : اسفة يا حبيبي انا اتصدمت من الخبر مش اكتر ، أنت كويس دلوقتي طب؟
أدهم بنبرة حزينة وصوت مبحوح ودموع : أبقى كداب لو قولتلك اني كويس الحقيقة لا مش كويس خالص يا رقية ، عائشة والعيلة مخطوفين حاسس اني مقيد.
رقية دموعها نزلت واتكلمت بحزن : خلي بالك من نفسك يا أدهم الموضوع مش سهل ، خلي بالك من نفسك عشان خاطري
أدهم الدموع نزلت من عينه بغصة واتكلم وهو بيداري نبرة صوته : حاضر ، أهم حاجة خلي بالكوا من نفسكوا وأنا زي ما قلتلك هبعتلكوا حراسة مشددة لحمايتكوا!
قفلت المكالمة وهي بتعيط بشدة على الخبر وحال أخوها وحكت لفراس كل حاجة وهو فضل يهديها
باك...
رقية وهي حاطة ايدها على صدرها وبتتكلم بعياط : يارب احفظوا يارب ومتصبهوش حاجة وحشة ، يارب يكون بخير
دخل عليها فراس واتصدم من منظرها وعياطها راح عندها وشدها لحضنه واتكلم بصدمة وحنان : بس بس ايه كل العياط دة كله ، اهدي كدة وخدي نفس.
رقية وهي في حضنه وبتبكي بقوة : أدهم يا فراس أدهم ، خايفة عليه أوي اول مرة أخاف عليه كدة ، خايفة يحصله حاجة
فراس بحنان وهو بيمشي أيده على شعرها : أهدي طيب الأول وخدي نفس وبعدين نتكلم ، اهدي.
طلع رقية من حضنه بدموع وهي بتاخد نفسها بقوة : أدهم خايفة عليه أوي ، عندي وسواس من ساعة ما عرفت الخبر خايفة أوي طول عمره بيطلع مهمات اه ببقى خايفة بس مش كدة أدهم بنتعامل مع عصابة يعني أنا ممكن في أي وقت ابقى مكانهم
فراس وهو بيحاول يطمنها : يا حبيبتي احنا معانا حراسة مشددة غير حراستنا يعني لو أي بالذي مستحيل يدخلوا هنا ، إذا كان على أدهم فربنا الحافظ ، انا واثق إن شاء الله إن أدهم هيطلع من المهمة دي بخير ومحدش هيتأذى ادعيلهم كلهم عشان المهمة صعبة عليهم
رقية بدموع : بدعيلهم كلهم والله بس أنا مليش غير أدهم بعد وفاة ماما وبابا وخايفة يحصله حاجة.
فراس وهو بيقبل رأسها بحب : ربنا يحميهم كلهم مش عايزك تقلقي خالص يا رقية.
- اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد🦋
يونس وهو بيفك قيود سلسبيل بسرعة والقلق مالي عينيه : سلسبيل، فين عائشة؟
سلسبيل بصوت متقطع من التعب : الغرفة... الغرفة اللي تحت... مليانة غاز سا،،م ، عائشة محبوسة فيها بقالها مدة...
يونس بيشهق بصدمة والدموع بتلمع في عينيه، وأدهم بيتجمد مكانه وصوته يخرج مرتجف من شدة الخوف والغضب : غاز؟! انتِ متأكدة يا سلسبيل؟
سلسبيل بهزّة ضعيفة : آه... أنا سمعتهم... بيقولوا محدش هيستحمل هناك... وإن الغاز..دة سا،،م
أدهم يلف بسرعة على الكبير وهو متكلبش، ويشده بعنف : فين الغرفة؟! إزاي تسيبها تموت جوه؟!
يونس بيقرب بخطوات تقيلة والغضب مالي ملامحه، انهال عليه من الضرب ومسكه من رقبته بعنف : لو عائشة حصَلها حاجة، عمري ما هسيبك تتنفس لحظة زيادة في الدنيا دي... فين الغرفة دي؟
الكبير يحاول يتمالك نفسه، بس عينيه بتفضحه، بيحس بخنقة شديدة من كتر الضغط على رقبته ، اتكلم بصوت مرتعش وهو بياخد نفسه بالعافية : هتكلم ..هتكلم بس سيبني عايز اتنفس..
كمل كلامه بعد ما يونس شال أيده من على رقبته : الغرفة... تحت... محتاجة باسورد عشان تتفتح...
أدهم يهزه بقوة صوته بيعلو : قووول الباسورد! دلوقتي ، أخلص مافيش وقت !
الكبير بتعب وصوت مبحوح : الباسورد... عندي... بس الغرفة تحت... لازم أكون معاكو...
يونس يصرخ فيه وهو بيقرب أكتر، عروقه بارزة من شدة الغضب : انت فاكر إنك لسه بتساوم؟!
الظباط يثبتوه من جنابه، وأدهم يرفع إيده كأنه هيضربه بس يوقف نفسه ويكز على أسنانه : نزلنا دلوقتي... مفيش ثانية تتأخر.
يونس يشاور بعصبية : الظباط معانا، الكبير هينزل، لو فكّر يلعب أي لعبة، رصا،،صتي هتكون آخر حاجة يشوفها.
أدهم بعصبية وعيونه مليانة خوف : يلا... عائشة مش هتستحمل أكتر من كده... لازم ننقذها بسرعة
يونس لبعض ظباط القوة : انتوا هتبقوا هنا مع العيلة تحموهم ولو اي حاجة حصلت ابدأوا هجوم على طول والعيلة متتخدش ، قسماً بربي لو جرالهم حاجة لتتحملوا انتوا المسؤلية.
القوة تتحرك بخطوات سريعة، الكبير في النص متكلبش، والظباط محيطين بيه، ويونس وأدهم في المقدمة. ملامحهم كلها خوف وغضب، قلوبهم بتدق بسرعة، ايدهم بتترعش من الخوف والدموع مالية عينهم وكل ثانية بتعدي كأنها ساعة.
~~~~~~~~~
القوة تتحرك بسرعة في الممر الضيق المؤدي للقبو، صوت خطواتهم بيرن في السكون المرعب، والهواء بيبقى أبرد كل ما يقربوا. الكبير ماشي قدامهم وهو متكلبش، والعرق بيغرق وشه، الظباط ماسكينه بقوة عشان ميفكرش في أي حركة.
يونس بعيونه اللي متعلقة بالباب الحديدي بخوف اللي في آخر الممر ، واتكلم بدموع وصوت مرتعش : هي هناك؟!
الكبير بصوت متقطع وخوف : آه... الغرفة دي...
أدهم يتقدم خطوة، صوته مليان رجاء وغضب في نفس الوقت : افتح الباب بسرعة... بسرعة!
الكبير بصوت متعب وهو بيتنفس بصعوبة : محتاجة باسورد...
يونس بعصبية وهو بيهزه بعنف : احنا واخدينك نتصور جمبك...قووول دلوقتي ولا والله ما هتشوف الشمس تاني!
الكبير وهو بيترعش : اربعة... سبعة... اتنين... تسعة...
الظابط يقرب من لوحة الأرقام ويحط الباسورد، الباب يفتح ببطء وصوت الحديد بيصرّخ مع الحركة. فجأة ريحة خانقة تخرج من جوه، غاز تقيل بيملا الممر، يخلي عيونهم تدمع وأنفاسهم تبقى تقيلة... أجهزة الرصد بتثبت أن الغاز السام مالي المكان.
أدهم وهو بيغطي وشه بإيده بسرعة : يونس! لازم ندخل بسرعة وإلا هنفقدها!
يونس بعصبية وهو بيشد سلا،،حه ويأمر الظباط : اثنين معانا، والباقي يغطونا...
يدخلوا الغرفة وسط دخان أبيض تقيل، الرؤية ضعيفة، والغاز بيخلي التنفس صعب. يونس يصرخ بأعلى صوته : عااائشة!
صوت سعال خفيف يجي من زاوية مظلمة، أدهم يلف بسرعة عينه تلمح جسد عائشة مرمية على الأرض، إيديها متكلبشة ورأسها متراخية على جنب.
أدهم بصوت مبحوح وهو بيجري عليها : عاااائشة!
يونس يلحقه بسرعة، يركع جنبها ويهزها بخوف : اصحّي يا أختي... سامعاني؟
أدهم إيده بترتعش وهو بيحاول يفك قيدها : تنفّسها ضعيف... يا رب الحقنا!
الظباط بيحاولوا يغطيوا الغرفة، واحد فيهم بيصرخ : الغاز تقيل جدًا! لازم نخرجها فورًا وإلا هتفقد الوعي للأبد!
يونس بعصبية وصوت متكسر : هاتها يا أدهم... أنا هغطيكم...
أدهم يشيل عائشة بين إيديه وهو بيترنح من ثقلها وتعب الجو، صوته بيتهدج : استحملي يا حبيبتي... أنا هنا... مش هسيبك.
يونس يغطيهم وهو بيصرخ في الظباط : انسحبوا دلوقتي!
يتحركوا بسرعة في الممر والغاز بيطاردهم، يطلعوا فوق وهم بيكادوا ينهاروا من ضيق التنفس. أدهم يرقد عائشة على الأرض، كان وشدها شاحب ولونه اصفر وشفايفها زرقا وايدها متلجة ،ملامحه مليانة ذعر، صوته بيرتجف : دكتور بسرعة! هي لسه بتتنفس بس ضعيفة!
يونس ينزل على ركبته جنبها، عينه بتدمع وهو ماسك إيدها : اصحي يا عائشة... إوعي تسيبينا...خلي معايا يا حبيبتي اتأخرت عليكي عارف بس جيت اهوا..اصحي يلا.
أدهم بدموع وهو بيشدها لحضنه وبيقوم بتعب ودموع : لازم ننقلها مكان في هوا بسرعة
أدهم شال عائشة في حضنه، نفسه متقطع وصوته بيرتعش : استحملي يا روحي... أنا معاكي ... هتبقي كويسة بس فتحي عيونك.
يونس بيجري جنبه وبيأمر الظباط اللي ماسكين الكبير بعصبية : افتحوا الطريق! بسرعة!
الممر كله مليان بخطوات سريعة وصوت كركبة، لحد ما يوصلوا لغرفة العيلة اللي لسه متكلبشين. الباب يتفتح فجأة، وأدهم يدخل وهو شايل عائشة جسدها مرمي كأنها بلا حياة.
سلسبيل تصرخ بصدمة : عااائشة!
سالم دموعه تنزل بحرقة : عائشة يا بنتي ، إيه اللي حصلك!
أيمن بحزن والدموع بتسيل على خده على حال عيلته اللي اتشقلبت مرة واحدة : عملوا فيكي ايه يا نور بيتنا!
أدهم يرقدها على الأرض وسطهم، عينيه مليانة خوف وهو بيمسك وشها وبيتكلم بصوت مرتعش ودموع : عائشة... افتحي عينيكي، قولي أي حاجة بالله عليكي... تتكلمي حركي صوابعك أعملي أي حاجة بس متعمليش فيا كدة أبوس ايدك
يونس ينزل على ركبته جنبها، إيده ماسكة إيدها الباردة، صوته مخنوق : سامعاني يا عائشة؟ إحنا هنا... مش هسيبك أبداً... هتبقى كويسة يا حبيبتي!