رواية البوص الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم يمني عبدالمنعم


 رواية البوص الفصل الخامس والعشرون 

 المتملك

اتسعت حدقتيها بصدمة كبيرة بعدما تفوه به سليم قائلة بذهول: في السجن... إنت أكيد بتكذب مش كده.

زفر بحرارة متطلعاً إليها بحنق قائلاً بخشونة ملك احفظي لسالك بدل ما أندمك.

اقتربت منه دون أن تدري قائلة بضيق حتى لو انت بتقول الحقيقة، ما هو مش معقول تكون دخلته يعني لوجدها ... أكيد انت السبب.

رمقها بامتعاض يكبت بداخله غضباً شديداً من قولها هامساً بجانب أذنها بصوت كالفحيح: ملك ابعدي علي بدل انا مش عارف ممكن أعمل إيه... صمت برهة متابعاً بتهديد ولا تحبي تشوفي.

امتقع وجهها بلون أبيض... بعد أن تيبس جسدها بمكانه لا تستطيع الرد عليه، خشية من تصرفاته الحمقاء الغير متوقعة.

فغر فاه فريدة بذهول تام من سؤال عاصي لها بكل الهدوء البادي على محياه... حتى إنه التجم لسانها ولم تقوى على الرد عليه ..... تتعجب من أمر ذلك الطبيب فلم يكن هذا من ضمن الإتفاق.

قطع شرودها قائلاً بهدوء مفتعل : يعني مردتيش على سؤالي ايه رأيك.

أطرقت برأسها إلى الأسفل يخجل وعدم استيعاب لما يحدث فلم تكن تتوقع أن يحدث ذلك ولا

يكون هذا رد الفعل الذي تنتظره منه.

قائلة بتردد: المهم رأي حضرتك الأول... ضيق عاصي عيناه بعدم تصديق متطلعاً إليها بحنق مكتوم، يحاول كبح جماح عصبيته الذي يعمل على مداراتها اليومين الماضيين رغماً عنه ..

بلغ ريقه بصعوبة بالغة قائلاً بنبرة جافة مش مهم رأيي دلوقتي ... قاطعته بجرأة أغاظته بها:

مش مهم إزاي يا أبيه انت دلوقتي في مقام أخويا الكبير.

ما أن استمع لجملتها الأخيرة حتى شعر أنه سيلطمها على وجنتيها علها تفيق مما هي فيه.

لكنه بدلاً عن ذلك قبض كفيه بجواره يشدهما بقوة كبيرة قائلاً بلهجة جامدة: والله مش أنا اللي هتجوزه....

وضعت يدها أسفل دقتها تطلع إليه شدرا قائلة بهدوء: عارفه علشان كده يسألك إذا كنت شايفه مناسب ليه ولا لا أكيد حضرتك عندك خبره على

زفر بغضب مكبوت: يعني أفهم من كده إذا أنا وافقت حضرتك هتوافقي

تنهدت برود قائلة: أكيد طبعاً طالما الدكتور أحمد شخصية محترمة جدا يبقى ليه لا.

كظم الغيظ بداخله من ذلك البرود التي تتحلى به كانها شخصية أخرى لم يكن يعرفها من قبل. أما عن الطبيب فهو بالفعل لم يجد ما يعيبه ولم يجد أي سبب كي يرفضه من أجله.

لذا تحدث بوجه عابس تمام طالما بتقولي كده يبقى شكلك موافقة.

توجست من تلك النبرة التي يتكلم بها ... لهذا ضيقت عيونها الواسعة باستغراب قائلة بتلقائية: يعني أفهم من كده حضرتك موافق .... قاطع كلماتها قائلاً يحمود مختصر: اكيد انا بس هسال

عليه وبعدين أبلغه برايي.
شعرت أنها بدأت بلعبة وستكون صاحبة المركز الأخير وستخسر أمامه و بجداره....

قامت ملك بارتداء كامل ثيابها ما عدا النقاب مما أثار غضب سليم أكثر من ذي قبل.. وهو يتطلع إلى أناقتها هادراً بحدة فين النقاب.. أنا قلت ايه.

اجابته بعناد: مش هلبسه با سليم واعمل اللي تعمله، أحس أنه على وشك أن ينفجر بوجهها. قائلاً بنفاذ صبر ملك لاخر مرة بقولك البسيه.

تطلعت إليه بقلق حذر فامحياه لا يبشر بأي خير، لذا شعرت بأنه يخفي أشياء خلف قناع البرود الذي يتحلى به في وقت معين من الأوقات.

ابتعدت بارتباك للوراء... قائلة بضيق سليم اطلع برا يا إما مش هروح معاك أي مكان.

ارتسمت ابتسامة خفيفة على شفتيه قائلاً بعبث: ملوكه حبيبتي بلاش تختبري صبري أكثر من كده، لم تأبى لتهديده المبطن و فرشت شعرها حتى قاربت على الانتهاء.

فوجئت به يأتي بحجابا طويل ويضعه على شعرها المسدول على كتفيها مما أثار غضبها الداخلي أكثر رغم صدمتها بما يفعل دفعته بعيداً عنها .... أمسكها من معصمها بقسوة هاتفاً: عارفه إن عملتيها ثاني هندمك ندم عمرك ما ندمتيه قبل كده.

رمقته بامتعاض تتمنى أن تلقي بما في يديه أرضاً، لكنها لم تستطع خصوصاً أنه يهددها بشدة. هذه المرة.

انصاعت لما يفعله بها وأخذت تساعده بارتداء الحجاب وبعدها قامت بارتداء النقاب وضبطه جيدا، تمعن بها بعدما أصبحت جاهزة للإنصراف.

هاتفاً بجمود: قدامي بالا بسرعة على تحت ... كالطفلة الصغيرة انصرفت أمامه حتى لا يقوم بتهديدها مرة أخرى، جلست بجانبه داخل السيارة.

أخذت عيونه تتأمل إياها من رأسها إلى أخمص قدميها وبالأخص تلك العيون التي لم يظهر غيرها من النقاب والتي في الفترة الأخيرة بدأت تؤترانه.

ترقبت شهر يوم كامل ظهور فتحي أمامها لكنه رفض أن يحادثها، أو حتى يراها صدقة داخل المنزل.

شعرت سهر بأن ذلك التجاهل شديد القسوة هذه المرة على قلبها الذي لم يعد يحتمل معاناة وحرمان أكثر مما تعيشه الآن، وقفت داخل الشرفة في اليوم التالي تترقب وصوله إلى البناية

الذين يقنطون بها.

زفرت بضيق عندما تعلق بصرها بالطريق ولم يأتي بعد هتفت بداخلها يتأفف حزين لامتي يا فتحي منفصل كده بسبب ماضي أليم لا راضي يسيبني ولا يسيبك.

نظرت الساعة يدها وجدتها قد قاربت على منتصف الليل، تساءلت وعلامات الاستفهام تتزايد بداخلها، لماذا تأخر هكذا، هل ما يفعله منذ الأمس يقصد به إذلالها أكثر.

زفرت بحزن قائلة بنبرة متهدجة: سامحتي يا فتحي أرجوك وانسى كل اللي مرينا بيه، منك الله با ادهم یا شرقاوي كان فين عقلي لما اتجوزتك وخلتني مدمنة واقتل طفل جوايا كان لسه بيتكون.

لم تستطع أن تكبح دموعها أكثر من ذلك يقلب موجوع عن ماض لا تريد تجديده أمامها مرة ثانية.

هذا الماضي التي لا تريد تذكره أبداً، لقد قلب حياتها رأساً على عقب، جعلها جحيما تعيشة رغماً

تفاجيء الموجودين بانتظار سليم بصحبة زوجته التي ترتدي النقاب هذه المرة، الدهشة والدهول علت وجوه الجميع مما أجبرهم على الإلتزام الصمت التام.

ولم يجرؤ أحد ما على التساؤل عن الأسباب وراء هذا الاحتشام الزائد من وجهة نظرهم، شعرت ملك بأن علامات الاستفهام تتزايد بعيونهم.

جعلها هذا تريد الهروب من أمامهم والذهاب من حيث يجلسون، أمسك البوص بكفها كانه على درايه بما تنوي فعله أو تفكر به.

شعرت بإحراج أكثر عندما تقوه بهدوء: أنا عارف إنكم متفاجئين من شكل ملك المرادي بس أنا بصراحة اللي خليتها تلبس كده.

اضطربت بدها بداخل قبضته ومن هذه الجراه التي يتحلى بها طيلة الوقت، حتى أن ذلك الشاب الذي كان يتطلع إليها المرة الماضية لم يستطع أن يعلق بأي شيء.

هتفت فقط زوجة أحدهم قائلة بابتسامة عذية: ده شيء طبيعي أن حضرتك تلبسها كده بصراحة لازم تغير على واحده في جمالها.

ابتلعت ملك ريقها بصعوبة من نظراته إليها كأنه يبلغها بأن هناك من يويد رأيه، صحبت يدها من كفه والقلق يعتريها شاعرة أيضاً باختناق نفسها فهي لا تحبذ ارتداؤه وتصر على خلعه لولا وجود زوجها
رمق البوص الشاب بنظرات تحدي صامتة وصلته، كأنه يخبره بأنها ملكه وحده وليست متاحه للجميع، كل ذلك جعل الأخير يخجل بعض الشيء، جابراً نفسه على التحدث بأشياء تخص العمل معاً.

وضعت ملك يدها على جبهتها شاعرة بمزيج من التعب والضيق فمع مرور الوقت بدأت تشعر بالدوار، وضع سليم كوب العصير الذي بين قبضته، ملاحظاً تغيرها.

ضيق حاجبيه مندهشاً ... انحلي قليلا نحو أذنها هامساً بعيث مالك يا عمري مش على طبيعتك ليه.

توتر محياها خلف النقاب تحاول إجابته بأسلوب مقنع قائلة: مفيش حاجه بس .... قاطعها باهتمام قائلاً: بس إيه انطقي.

ابتلعت ريقها بصعوبة وعيونها ترقب وجه الجميع بقلق قائلة بهدوء مصطنع: محتاجة أدخل الحمام

نطقتها والألم يعتصر معدتها مما جعلها لم تنتظر رده نهضت من مكانها سريعا، اتجهت صوب المرحاض تسرع الخطى حتى لا يلاحظ أحداً إجهادها.

رفعت النقاب عن وجهها تفرغ ما في بطنها من طعام ودموعها تسيل على وجنتيها، دون إرادة منها.

وضعت يدها على بطنها تتأوه من كثرة الألم هامسة لنفسها بضعف: أنا لازم أمشي من هنا بسرعة وإلا هتكشف في أي وقت..... وساعتها سلیم مش هیسکت.

غسلت وجهها جيداً ثم ضبطت نقابها من جديد بسرعة حتى تلحق به وتخبره بأنها تريد أن تنصرف

خرجت من المرحاض تفاجئت به يقف أمامها متفحصاً لعيونها الدامعة، ضيق عيونه بتساؤل قائلاً بغموض إنت كنتي بتعيطي ولا إيه.

ارتبكت بعض الشيء كأنه يقرأ ما في تفكيرها، قائلة بتردت وأنا معيط ليه يالا بينا علشان ضي

قاطعها بإمساكه المباغت الذراعيها والصاقها للحائط التي بجانبها قائلاً بغلظة: ملك قوليلي الحقيقة انت من بدري وأنا ملاحظ إنك مش طبيعية.

حركته المباغتة ديت الرعب في قدميها وتلجم لسانها فاقدة للنطق .... خشية نظراته المتفحصة اليها.

وبدلا من أن تتحدث إليه هزت رأسها نافية ما يظنه ورغم عدم اقتناعه بما يراه، إلا أنه أشار إليها بالإنصراف أمامه أغمضت عيونها بالارتياح.

عندما فعل ذلك متنهدة بداخلها بقلق على الرغم من ارتياحها فهناك إحساس قوي لم تدري كنهه يمنعها من الراحة التامة.

أتي فتحي من الخارج في وقت متأخر شاعراً بأحاسيس متضاربة يداخل تفكيره المشدت، تارة يتأقف من ذلك الوضع، وتارة أخرى غير راض عن ما وصلوا إليه بعد تصالحهما.

سمعت سهر صوت خطواته عندما اغلق باب المنزل، حدقت بنفسها بالمرأه سريعاً قبل الخروج بملاقاته وضبطت من ثيابها وشعرها.

على الرغم من خشيتها الشديدة منه، وافراغ غضيه بوجهها، فتحت باب حجرتها على حذر وترقب.

أغلقته خلفها بهدوء بالغ بصرت فوجدته جالساً على الأريكة الموجودة بغرفة الإستقبال، واضعاً كفيه على وجهه..

اقتربت منه بخطى بطيئة، بمزيج من التردد والتوتر، استجمعت شجاعتها قبل أن تخونها. هامسة باضطراب: فتحي لغاية إمنى هتفضل زعلان مني.

تفاجيء بوجودها أمامه، تجهمت ملامحه عند رؤيتها أمامه قائلاً بغلظة: مين اللي سمحلك بالخروج من أوضنك.

لمعت عيونها بعبرات متأثرة بحديثه معها قائلة بحزن: أنا اللي سمحت لنفسي لإن مبقتش قادرة على بعدك عن أكثر من كده.

احتقن وجهه للحظات ثم هب من مكانه تاركاً إياها متجاهلاً لما تقوله متجها صوب غرفته.

لحقت به وأمسكته من ذراعه تترجاه بقولها اليانس : فتحي أنا عارفه إني غلطت وأحدث عقابي من ربنا ومنك ارجوك كفاية كده.

تأمل لذلك المحيا الحزين قائلاً بجمون روحي نامي دلوقتي بدل ما أزعلك أكثر ..... قاطعته

باحتضانها إياه بإسلوب مباغت هامسة بلهفة حزينة أنا بحبك يا فتحي ومش قادرة على هجرك

ليه ثاني... فيقتش متحملة فراقك.

ظل عاصي طوال الليل مستيقظاً من كلمات فريدة عن الطبيب الذي تقدم لخطبتها، بعد تغيرها الشديد ناحيته، وهو الذي قام بربايتها منذ الصغر ساهراً عليها عندما تكون مريضة، حتى عندما كبرت يهتم بشئونها في كل شيء.

وإذا مرضت يذهب بها للطبيب ويسهر بجوارها ... مثلما كانت طفلة فهي من وجهة نظره لانزال تلك الصغيرة.

التي تستقبله دائماً بابتسامتها العذبة المعلومة بالبراءة، الذي لا ينساها أبداً، وخجلها منه طوال الوقت واحمرار وجنتيها التي تزيدها جمالا ورقة وجاذبية لديه كلما التقت عيونهم سوياً.

وعندما يكون غاضباً منها أو من أي شيء آخر، يرى خوفها منه والخشية من مجرد التحدث إليه. أو الإقتراب منه.

لكن الآن ها ذي قد تبدلت أحوالها واصبحت ليست هكذا.

بل أصبحت جريئة على عكس المعتاد بدليل أنها لم تعترض على خطبتها من ذلك الطبيب.

هب من فراشه شارد الذهن شاعراً بأن رأسه سينفجر من كثرة التفكير بها.

ضم قبضتيه بغيظ قائلاً بحدة إن ما أدبتك من أول وجديد يا فريده مبقاش أنا عاصي.

جلس سليم لوقت متأخر من الليل داخل مكتبه شارد الذهن في تلك الملامح المتعبة اليوم

شاعراً كأنها تخفي عليه شيئاً ما تخشى اخباره بها.

عقد حاجبيه بحدة مفكراً بنفسه، ما هو هذا الشيء استند براسه إلى مقعده، تنهد يضيق لم يعتاد على ذلك

نهض من مكانه بعدة صاعداً إلى حجرتها ... فتح باب الغرفة دون أدنى مقدمات كأنه يريد أن يرى ماذا تفعل عندما تكون بمفردها.

لم يجدها كما توقع ... بحث عنها بالمرحاض فلم يجدها أيضاً.

ضم قبضته بقوة طارقاً بها على الحائط التي بجانبه... منادياً بأعلى صوته على خادمته متسائلاً عنها.

أخبرته بحذر أنها بحجرة نهلة منذ أن أتوا من الخارج.

تنهد بنفاذ صبر... قائلاً بلهجة جامدة طيب روحي انت.

شرد برهة مفكراً ماذا يفعل فقلبه مملوء بالشك، لا لم يناديها بل سببحت وراءها.

اتجه صوب الخزانة وقام بفتحها بعصبية، باحثاً بداخلها عن أي دليل يؤيد ذلك الشك الذي يزيد. طوال الوقت بداخل قليه.

ظل يبحث بهمجية حتى وجد شيئاً ما كأنه مخبأ بداخل حقيبة يد صغيرة تابعة لها.

فلماذا شعر بأن هناك شيئاً خاصاً بها تخفيه عنه بالأخص فحقائبها جميعاً معلقة في المكان الآخر المقابل لها بالخزانة.

لكن هذه بالذات موجوده داخل ثيابها فلماذا هي بالتحديد فتحها سريعاً بعصبية وألقى بكل ما اتحتويه على الفراش خلفه.

بعثرهم بعشوائية أمامه ليرى ما هو هذا الشيء، فإذا به يجد اختبار حمل منزلي ولم ينتبه لتلك الورقة المطوية التي ناولتها إياها أبتن الخاصة بحقيقة زواجها منه فقد سقطت أرضاً بجانب . الخزانة.

أمسكه يتطلع إليه جيداً مضيقاً عيونه بحدة، كي يتأكد أكثر... فإذا به هو بالفعل.

اتسعت عيونه الجامدة بغضب زائد هادراً بحيرة قوية قائلاً بانفعال : ملللللك .

اهتز قلبها بشدة وهي تسمعه يصيح عليها بهذه الطريقة ليلاً هكذا.

تركت نهلة بعدما أقامتها بفراشها الصغير قبيل تداؤه عليها .....

قائلة لنفسها بعدم ارتياح: أكيد في حاجه حصلت.

وقفت أمامه تطلع إليه بصدمة كبيرة وعيونها تتابعه ممسكاً بذلك الاختيار بداخل راحت يده.

ارتعد قلبها من نظراته الغير طبيعية والمملوءة بالقسوة لم تشاهدها منه من قبل.

اقترب منها ببطء ثابت وعيونه تتمعن بوجهها كالوحش الذي سيفترس فريسته في أي لحظة سانحة

رفعه أمامها قائلاً بصرامة: ممكن تقوليلي إيه ده.
امتقع وجهها بشدة حتى أنها لم تستطع أن تواجهه أو تجيب سؤاله الغاضب.

بخطوات متعثرة عادت للخلف تحركها نظراته البغيضة، فكلما اقترب منها خطوة واحدة عادت أدراجها إلى الوراء.

لهذا التصرف الأحمق التي يسببه تعيشه الآن هذا الموقف الصعب.....

وإخفاء حملها عليه إلى الآن، طال صمتهما معاً كاد يقتله صوتها من حلقها عندما.

أمسكها بقبضة قوية من ذراعها بغتة جعلتها تتألم بشدة.

ها درا بها: يعني ما يترديش عليا، ثم وضع الاختبار أمام عينيها.

قائلا بقسوة ده ايه اللي جابه بين لبسك ابتلعت ريقها الجاف بصعوبة.

قائلة بخفوت: ده اختبار حمل علشان أنا ... أنا.

هزها من كتفيها بغتة جعلتها تتألم بشدة قائلاً بغلظة: التي إنه انطقي.

أجابته بوهن : أنا ... أنا حامل نطقت الكلمات الأخيرة والفرع يملأ قلبها منكسنة على نفسها من

رد الفعل التي تعرفها منه على ذلك الخبر.

زفر بحرارة غاضية قائلاً بخشونة: وليه مقولتليش

الدلوقتي... ولا مستنيه لغاية ما تبقي في الشهر التاسع وتبلغيني.

اللي حصل.

كادت تفقد وعيها لهذا الحديث الحاد من جانبه، ارتعدت أطرافها قائلة يتردد: أنا أسفة مقصدش

استشاط أكثر من جملتها

هاتفا بنبرة جامدة طالما الحكاية كده يبقى الجنين ده لازم تنزليه ومن بكره.

جحظت عيونها للحظات غير مصدقة أنه سيطلب منها هذا الطلب البغيض.

هزت رأسها عدة مرات بعدم استيعاب وجذبت نفسها بقوة من قبضته.

هاتفه بتلقائية: أنا استحالة أنزله مهما عملت.

تمعنها باهتمام هادي كالذي يسبق العاصفة ثم جذبها ناحيته من دراعها فجأة مرة ثانية.

هاتها بصرامة وتحذير: قلت لك الطفل ده لازم ينزل يعني لازم ينزل يا إما هتشوفي أيام عمرك ما شفتيها، مني قبل كده.

قالها وانصرف من أمامها، ولم يأبى لوضعها الصحي ولم يمكث للاستماع لرأيها فهذا أمر واضحو غير مسموح بمناقشته معها أكثر من ذلك.

وضعت ملك يدها على فمها تطلع إلى وجهها الشاحب في المراه غير راغبة بموقفه القاسي هذا.

هاتفه بنفسها بلوم: انتي اللي غلطانه يا ملك ليه مرمتيش الاختبار من ساعتها ومكنش كل ده حصل

وضعت كلها الآخر على بطنها شاعرة بحركة الجنين البسيطة بداخل أحشاءها.

قائلة لنفسها بعناد أنا استحالة انزله مهما عمل.

دخل سليم إلى غرفة مكتبه يريد أن يفرغ ثورته الداخلية الشديدة على أي شخص أمامه. شاعراً بالغضب يسري في عروقه من رد فعلها عليه، وكيف تحيا عليه هذا الأمر الذي كان يخشاه

منذ البداية.

فهو لا يريد الإنجاب، لا منها أو من غيرها ... لم يعد يثق بأي شخص.

رغم مشاعره التي بدأت تتحرك وتنجرف نحوها رغماً عنه قصورة وجهها لم تعد تفارقه في الأونة الأخيرة.

لكن هناك شيئاً ما يمنعه من إظهار بعض هذه المشاعر أمامها حتى لا يشعر بالضعف خيالها.

يجد نفسه مرغماً على أشياء كثيرة يود فعلها ولكنه أسقطها من حساباته الشخصية منذ سنوات عديدة.

لم يستطع عاصي النوم بتلك الليلة الطويلة عليه رغم توعده لها.

دخل إلى شرفة حجرته مستنداً إلى بابها المفتوح بكتفه يضم ذراعيه بضيق أمام صدره.

شارداً بتلك الذكريات القديمة التي من كثرة اهتمامه بها لم يبعثها لوحدها يوما إلى المدرسة. دائما كانت بصحبته، تنهد بغيظ من تصرفاتها الحمقاء والبرود اللامتناهي من جانبها هذه الفترة. وهو لم يعتاد منها على ذلك، بل بالعكس يريد دائماً أن تكون تحت سيطرته الكاملة كما إعتاد ذلك منذ نعومة أظفارها.
عاد من مكانه يمشي بالغرفة على غير هوادة.

ثم توقف بحنق متأملاً ببصره من الشرفة مرة أخرى إلى خارجها.

والليل الحالك يلف المكان حول المنزل، غادر الحجرة يفتة صافقاً بأبها خلفه بحدة.

متجها إلى غرفتها بضيق متناهي يعتريه، أتى إلى أذنيه صوتها التحدث بهاتفها بهذا الوقت

المتأخر.

قائلة بالامبالاة: هوا مين ده اللي يمشي كلامه عليه، عقد حاجبيه اكثر وهو يستمع لكلماتها السخيفة تلك بالنسبة إليه.

فتح الباب بغتة وواريته قليلاً مردقة على فكرة بقى ده يعجب أي حد وواضح عليه إنه شخصية محترمة جدا.

نواری عاصي عن نظرها قليلاً عندما انصت العبارتها الأخيرة شد قبضتيه بقوة بجواره يريد فقط السيطرة على أعصابه الغاضبة التي تملكته.

تابعت قائلة بإعجاب على فكرة بقى ده وسيم ومكانته كويسه جداً تتمناها وتحلم بيها أي بنت.

أغمض أهدابه بحدة قائلاً لنفسه بحنق ياه كل ده على الدكتور اللي عرفتيه من كام يوم..... قطع كلماته ظناً منه أنها تعرفه منذ فترة ولم تخبره بأمره خشية منه.

توعدها بداخله مستطردا بسخط: ماشي يا فريدة.

المحته يدخل إليها يريد أن يعاقبها بقسوة مثلما كانت صغيرة.

أعقبت ذلك بإغلاق هاتفها سريعاً لدى رؤيته.

قائلة بتساؤل مرتبك في حاجه يا أبيه ... اقترب منها يصمت طويل.

قائلاً بالامبالاة ذاكرتي مادة بكرة كويس لما ماسكة تليفونك وبتتكلمي براحتك

ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة قائلة باضطراب طبعا ... طبعاً يا أبيه ده أنا تلميذتك.

رمقها بضيق قائلاً بجمود على العموم كملي مذاكرتك دلوقتي وبعد الامتحان تتكلم.

كاد أن يغادر الحجرة لكنها أوقفته بنبرة مرتجفة: عملت إيه في موضوع خطوبتي للدكتور أحمد.

هذا كاد أن يصرخ بها بثورة لم تراها من قبل، لكنه حاول ضبط أعصابه ولم يجيبها على الفور.

اقتربت منه بحذر بطيء كي تواجهه متابعة بحياء: حضرتك ليه مش بترد عليه.

فجأة الصقها بظهرها للحائط وراءها بكل قوته قائلاً بغلظة: مش تذاكري الأول وبعد كده تتكلمي

عن العريس.

ارتجف قلبها للمساته الذراعها الذي يزيد من ضغطه عليها غير عالي، بما تشعر به من ألم.

أغلقت جفنيها حتى لا تبكي بلوعة قائلة يخفوت أليم: أنا اسفه مكنتش أعرف انك هتضايق أوي مني كده.

جذبها نحوه بقسوة وغيرة من ذراعيها قائلاً بصرامة وأنا هضايق منك ليه ها، انت مش عندك امتحان بكرة يالا ذاكري.

اعقب حديثه بالقاءها بعنف على السرير بجوارها مستكملاً بحدة: ممنوع الكلام في الموضوع ده ثاني إلا لما تخلصي الامتحانات الأول.

تم صمت برهة من الوقت مستطردا بتهديد وياريت يعني ميتفتحش الكلام ده لا معايا ولا مع أصحابك يا إما هتلاقي رد فعل مش هتتوقعيه مني.

في صباح اليوم الثاني وجدت ملك زوجها مستيقظاً قبلها كأنه لم يتم بعد طوال الليل.

يتناول فنجان قهوته الصباحية مرتدياً كامل تيابه، اعتدلت بقراتها بحذر.

تتحاشى النظر إليه، رمقها طويلاً بضيق شديد قائلاً بجمود يالا علشان تجهزي نفسك وهنروحسوا للدكتورة هتنزلك الجنين.

جحظت مقلتيها بصدمة كبيرة قائلة بعدم تصديق إنت بتتكلم جد.

ضم شفتيه بجمود قائلاً بحسم طبعاً بتكلم جد وحجز تلك عندها من إمبارح

هزت رأسها بعدم استيعاب هاتفة به: أنا استحالة أنزله عارف يعني إيه استحالة انت كده بتقتلني اذا قبله.

اقترب من فراشها قائلا بحدة: أنا اللي عندي قلته يا ملك وكلامي يتنفذ وبس..

وقفت امامه تجابهه بعناد ودموعها تسيل على وجنتيها دون أن تدري.

قائلة: يبقى تسيبني أمشي من هذا طالما وصلت لكده يا إما موتني أسهل عليا.
قطب جبيله بضيق غير مصدق ما تفوهت به، واضعاً قبضته على كتفها بقوة قائلاً بغلظة: أنا

كاني ما سمعت أي حاجه من اللي قولتلها ... ويالا البسي بسرعة وأنا هستناكي تحت.

جاءت تجيبه على كلماته الغاضبة، انصرف من أمامها قبل أن تلحق به.

تهاوت ملك على الفراش خلفها تذرف الدموع الغزيرة قائلة لنفسها بقهر: إزاي أنزله... ازاي

عايزني أنزل قطعة مني ومنه ... ساعدني ياربي أعمل إيه.

وقف إبراهيم بجواره بجانب العربة بانتظارها إلى أن جاءت.

تطلع إلى عيونها التي تورمت من كثرة البكاء والتي لم يظهر غيرها من خلف نقابها.

فتح لها الباب وجلس سليم بجوارها من الخلف وقاد إبراهيم السيارة.

خلال ذلك لم يتحدثون مع بعض طوال الطريق إلى أن وصلوا إلى عيادة الطبيبة المنشودة.

دخلت بصحبته إلى هناك وكان الكل بانتظارهم حدجها بتساؤل صامت مندهشاً من هذا البرود الذي تتحلى به ولا تعاند من جديد.

انها منذ قليل كانت لا تقبل ما سيحدث، فماذا حدث كي تكون هكذا.

أخذتها الممرضة للداخل قائلة بهدوء: الفضلي معايا، شعرت بأنها تسحب قدميها بتناقل

ك المحكوم عليه بالإعدام

جلس سليم والقلق يعتريه لا يعرف أهو خوفاً عليها أو هل هو قرار صائب سيأخذه.

لا يدري ما هو الوقت الذي مر عليه حتى جاءت الممرضة.

قائلة من فضلك يا بوص الدكتورة عايزة حضرتك.

اوما براسه پایجاب، وسار بجانبها إلى أن أدخلته غرفة جانبيه.

بعد قليل خرج منها وجد الممرضة ملقاة على الأرض مغشيا عليها.

وملك لم تعد موجودة بالحجرة ..... جن جنونه في تلك اللحظة.

بحث عنها بالعيادة بكاملها فلم يجدها، فصرخ باسمها قائلاً بغضب : ملتلك


تعليقات