رواية البوص الفصل السادس والعشرون 26 بقلم يمني عبدالمنعم


 رواية البوص الفصل السادس والعشرون 

 الحيرة

زاغ بصر سليم بجميع أنحاء العيادة بأكملها غير مصدق أنها بالفعل هربت منه بعد محاولاته

العديدة أن لا تفعلها.

ركض بالفعال إلى إبراهيم الذي كان بانتظاره بالأسفل بجوار السيارة.

ملتفتاً يميناً ويساراً حول المبنى عله يعثر عليها.

تنهد بغضب قائلاً بعصبة اركب بسرعة ملك هربت.

تغير محيا الأول من هذا الخبر. قاد سليم هذه المرة.

ضرب مقود العربة بقبضتيه قائلاً بحنق يا ترى روحتي فين... وازاي عرفتي تهربي مني بالسهولة دي، أنا محدش يقدر يعملها معايا كده لوحده أكيد في حد ساعدها.

خدجه ابراهيم بقلق حذر ولم يجيبه خشية من ردة فعله المتوقع في مثل هذه الظروف.

انطلق كالمجنون بالسيارة زائداً من سرعتها بقوة، أراد أن يخبره بأن يقود ببطء ولا يسرع هكذا.

لكن تملكه الخوف أكثر منه قبض على مقود العربة بقوة متناسياً أنه بالطريق.

ولا يجوز القيادة هكذا لكنه ذم شفتيه بحنق قائلاً: مش هسيبك يا ملك وهجيبك حتى لو في آخر الدنيا.

أفاقت من البنج وجدت نفسها في غرفة هادئة وواسعة نوعاً ما.

نهضت من تمددها على الفراش على صوت الباب وهو يفتح دخلت عليها آخر من كانت تود

رؤيتها وبصحبتها خادمتها تضع لها صينية مملوءة بالطعام.

ابتسمت لها يحيث قائلة: اتمنى تكوني نمتي كويس في البنج ....

تنهدت بضيق قائلة: أنا لولا وضعي كان عمري ما كنت لجأت لك أبداً.

مطت شفتيها وهي تجلس على أريكة بالحجرة قائلة ببطء: عارفه بس أنا يعتبر جتلك في الوقت المناسب وأنقذتك منه.

تنهدت ملك يحزن قائلة بصوت مخنوق هوا للأسف مسبليش فرصة ثانية أنقذ بيها نفسي والجنين اللي لسه بيتكون غير كده.

اقتربت منها أيتن قائلة بهدوء: أنا يعترف إن أنا استغليت الفرصة اللي عنطيهاني... بس أنا

حقیاتی محبتش سيرتك لأي حد اعرفه.

اطرقت ببصرها بضيق قائلة بشرود: أنا أهم حاجة عندي أنقذ نفسي من اللي أنا فيه.

ذمت شفتيها قائلة باختصار: طب على العموم القطري الأول وبعد كده هنشوف هتعمل ايه.

غادرتها على الفور تاركة خلفها قلبا حزين على ما وصلت إليه.

عادت برأسها إلى مسند السرير شاعرة بالعديد من المشاعر التي شنت أفكارها التي لم تهدأ أبدا.

هيت مكانها يضعف دخلت إلى المرحاض بعد قليل خرجت منه.

ابدلت ثيابها المكونة من منامة قطنية، كحلية اللون يناسب بشرتها وجسدها الذي يزداد كلما مر

عليها الوقت.
لم تكن تشتهي الطعام كثيراً ورغم ذلك أرغمت نفسها، على تناول وجبة إفطارها.

انتهت من الطعام تم وقفت وفتحت جزء من النافذة الموجودة بالغرفة.

همست لنفسها بشرود الإمتى ياربي هفضل هربانه كده لغاية امتي، أنا من ساعة ما سيبت عاصي وأنا حاسه اني تايهه وحياتي كل يوم بتدمر عن اليوم اللي قبله.

وضعت يدها على بطنها تحاول أن تستوعب ما تمر به مردقة بضيق ليه يا سليم قلبت حياتي من يوم ما قبلتك وفي الآخر سيبتك حتى لو كان بطريقة انت مش بتحبها بس سيبتك غصب عني وعنك.

انهمرت دموعها غير راغبة بأي شيء سوى الاطمئنان على جنينها الذي ينمو داخل احشاءها.

ضمت ذراعيها حو بطنها تحتويه كأنها تحميه من مصير مجهول.

تدخيل بذات الوقت بحث سليم عنها ووقع ما فعلته عليه، وأنه بالتأكيد لن يصمت وسيقلب الدنيا كلها من أجل أن يجدها.

تنهدت باستسلام متذكرة كيف طالبت أيتن بمساعدتها، فمنذ أن علمت بالأمر.

أخذت هاتف خادمتها بعد أن تذكرت تلك البطاقة الورقية باسمها التي تركتها لها عند آخر لقاء بينهما.

شيء ما بداخلها جعلها تحتفظ بها ... أخرجتها من الخزانة وحدثتها باختصار شديد.

فكان من أيتن إلا أنها لم تصدق ما هذه الفرصة الذهبية التي جاءتها على ورق من ذهب.

واستغلتها أحسن استغلال وبالفعل قامت الأخرى بخطة فقد انتظرتها خلف البناية بالأسفل مع مساعدة رجلين من رجال يعملون معها.

وقد ضربوا الممرضة على رأسها حتى فقدت الوعي، وأنقذوها من على فراش العملية بعد أن

كانت بالبند.

وهربوا بها من باب خلفي للبناية وجاءت بها أيتن إلى هنا، تنهدت بحزن من تذكرها لكل ما مرت به اليوم.

عادت فريدة من الكلية بصحبة عاصي الذي لم يحادثها طوال الطريق، تركها تدخل للمنزل وقد أخذ بعض التصاميم الخاصة بعمله وانصرف دون أدنى كلمة.

جلست بغرفة الاستقبال والحزن يعتريها ... دخلت عليها مربيتها قائلة بتساؤل: ها يا حبيبتي عملتي ايه في الامتحان.

رفعت إليها بصرها قائلة: حليت الحمد لله ممكن تعمليلي فنجان قهوة من فضلك.

رينت على ظهرها بحنان قائلة: مالك يا بنتي شكلك مش عجبني

اغرورقت عيونها بالدموع المباغتة هامسه بألم مبقتش عارفه يا دادة أنا خلاص تعبت من تصرفات أبيه عاصي معايا.

أمسكت بكفها قائلة بحنان: معلش يا بنتي يمكن في حاجه مضيقاه.

أطرقت برأسها أرضاً قائلة: دادة أنا عمري ما زعلته وهوا لغاية دلوقتي بيعاملني كاني لسه طفلة اللي رباها زمان من صغرها.

النهدت قائلة بود: فريدة يا بنتي أنت عارفاه كويس هوا آه عصبي لكن بردو بيخاف على زعلك في الآخر.

زادت العبرات بداخل مقلتيها قائلة بألم نفسي يحس فيه يا دادة أنا تعبت من عصبيته طول الوقت وانفعاله عليا حتى ولو بسبب بسيط

احتوتها مربيتها بين ذراعيها قائلة بحنان: معلش حبيبتي هوا تعبان من ساعة ما ملك سابت البيت ولازم تقدري ده.

تنهدت ببطء قائلة بصوت منتخب مبقتش قادرة استحمل انا ذنبي إيه.

رينت على كتفها بهدوء قائلة: اهدي كده إن شاء الله خير واصبري واللي جاي احلى بأمر الله.

انتهى عاصي من عمله قائلاً لمدير مكتبه : أنا مش جاي بكرة خلي بالك من الشغل ولو في أي مشكلة بلغني بيها على طول.

هو الرجل رأسه بإيجاب قائلاً بهدوء: ماشي يا بشمهندس.

غادر مكتبه وتفكيره وعقله مع تلك التي لم تعد صغيرة كما كان يتخيل دائماً.

وصل إلى المنزل وقد حل المساء... بحث عنها فقد توقع أن يراها عندما يدخل إلى المنزل. فهم أنها ما زالت غاضبة منه بعدما أظهر ضيقه منها، في العربة ولم يحادثها.

زفر بضيق قائلاً لنفسه بحدة لما أشوف آخرتها معاكي يا فريدة.
استقبلته العربية بابتسامة حنون أجهز لك الغدا يابني.

اشار بيده رافضاً مجيباً إياها قائلاً بهدوء: إعمليلي بس فنجان قهوة وهاتيهالي مكتبي.

ولج إلى مكتبه، فتح النافذة متأملا الشارع الرئيسي من الخارج شارد الذهن.

أخرجته من تفكيره العربية فقد أنت له بالقهوة، كما أمرها ... أمسك يفنجان قائلاً بهدوء: هيه فريدة كويسه يا دادة.

اومات برأسها بالإيجاب قائلة: أيوه يا بني أنا غدتها ودخلت أوضتها علشان تذاكر.

ضم شفتيه قائلا: طب روحي انت دلوقتي، زفر بحرارة بعدما غادرته.

جلس خلف مكتبه يريد أن يفرغ ثورته الداخلية بعمله، بدلاً من أن يجن منها ومما تفعله به هذه الأيام

بعد مرور أكثر من ساعة صعد الحجرته، توقف لثوان معدودة أمام باب غرفتها.

لم يجدها تتحدث عبر الهاتف، اطمئن قليلاً بداخله، تأمل الباب للحظات معدودة ثم خطى خطوة واحدة الجاد حجرته.

بغتة توقف عندما فتح الباب وراءه العقد حاجبيه بضيق عندما أغلقته مرة أخرى.

ضم شفتيه يحلق وهو يقبض قبضتيه بجواره حتى لا ينفعل عليها.

أسندت فريدة ظهرها إليه، والعبرات تغرق وجنتيها دون أن تدري بها.

أغلقت أهدابها بيأس فهو لن ولم يشعر بها يوماً ما، فكيف تنتظر أن يغير طبعه معها.

هي من ستتحطم جميع أحلامها على يديه، جلست على الفراش بجوارها.

مسحت دموعها بضيق قائلة بشرود: أنا انتهيت خلاص ياريتني ما ساعدتها ياريتني أنا المرت و مفيش حد حاسس بيا.

جهزت سهر الغداء لزوجها حتى تسترضيه جلست بانتظاره في غرفة الإستقبال.

مر الوقت عليها ولم يأتي في ميعاده المعتاد، تنهدت بحزن، فمنذ الموقف القديم.

لم يغفر لها فعلتها إلى الآن. تعبت من انتظاره، غلبها النعاس عندما تأخر بها الوقت.

مستندة برأسها إلى ظهر الأريكة، عاد فتحي متأخراً وجدها نائمة كما هي على الأريكة.

زفر بضيق قائلاً لنفسه مفيش فايده متفضل كده لغاية امتي

تأفف بضيق شديد وهو ينحني نحوها حتى يحملها إلى غرفة النوم.

لكنه توقف فجأة واتجه إلى الحجرة حاملا غطاء كي يدترها بها.

تنهد متفحصاً لمحياها وهي نائمة، قائلاً لنفسه بنفاذ صبر ياريتني أقدر أبعد عنك، للأسف الشديد حاولت كثير وما قدرت على نفسي.

جلس بجوارها مدققاً بعيونها النائمة، متابعاً بنبرة حادة كل لما أبصلك افتكر حبي ليكي من ساعة ما شفتك من زمان ونظرات عينيك وابتسامتك اللي كانت مش بتفارق خيالي.

بس خلاص كل ده انتي بتضيعيه بعمايلك السودة ومشاكلك اللي مش بتخلص.

لم يعد سليم إلى الفيلا بعد، ومازال يبحث عن زوجته، فتح نافذة سيارته.

وأخذ ينفث دخان التبغ يحاوط وجهه الغاضب، فمن تظن نفسها فاعلة.

هل تعتقد أنها سوف تفر منه إلى الأبد... ستكون واهمة إن فكرت بذلك.

تنهد بحرارة قابضاً باليد الأخرى فوق المقود.... هامساً لنفسه بغلظة: هالاتيكي يا ملك وهجيبك حتى لو في آخر الدنيا.

مرت خمسة أشهر ولم يجدها سليم، باحثاً عنها بكل مكان ولا يزال مستمراً ومتأملاً بالعثور عليها بأقرب وقت.

اثناء هذه الشهور قد تغير تماماً عن شخصيته المعهودة قد تغير للنقيض.

فقد شغفه بكل شيء حتى بعمله، لم يكن يعلم بأن غيابها سيؤتر به إلى هذا الحد.

بسببها قد نسي جميع خلافاته مع أدهم وغيره، حتى عمله قد تركه لإبراهيم يتولاه بنفسه.

تنهد بضيق وهو يحاول أن ينام طوال الليل لكنه لم يستطيع ذلك.

أخذ يتقلب على جانبيه لم يتسلل النعاس إلى جفنيه بعد، قائلاً لنفسه: لإمتى هفضل كند زي النايه .... قاطع افكاره طرقات على الباب.

قطب حاجييه بدهشة قائلاً بهدوء ادخل... حدق بمن فتح الباب وجدها تهلة إبنة أخيه عثمان

بهت لدى رؤيتها تدخل على استحياء قائلة بتوتر : أنا كنت بسأل على ماما ملك.
زفر بحرارة أخافتها وتراجعت إلى الوراء بقلب يخفق بعنف، تنهد لدى رؤية شحوب وجهها قائلاً بهدوء: تعالى يا نهلة.

لم تتحرك من مكانها ولو بخطوة واحدة، فناداها مرة أخرى قائلاً: يقولك تعالي متخافيش اقتربت بخطى ثقيلة باتجاهه، ابتسم ابتسامة خفيفة كي يشجعها على الاقتراب منه.

وقفت أمامه تطلع إليه يتوتر قائلة بتردد أصل ... أصل كنت خايفه أنام لوحدي.

تنهد متذكراً أنها كانت تنام بصحبتها، قائلاً بنبرة مطمئنة: تعالي نامي جنبي هنا.

شعرت بالخجل من ذلك قائلة بخفوت بس أنا ... قاطعها بوضع كفيه على وجنتيها قائلاً بود: تعالي يا نهلة متتكسفيش أنا ابقى عمك .

لأول مرة تجده يهتم بها إلى هذا الحد، بل ويبتسم لها أيضاً.

تشجعت وجلست بجواره في الفراش، قائلة بتساؤل بريء: عمو هيه ماما ملك فين.

شعر بأن قلبه سيتوقف عند ذكر اسمها، قائلاً بتردد راحت عند أهلها كام يوم وجايه.

نظرت إليه بأمل قائلة: يعني قربت تيجي يا عمو .... أصل غيبتها طولت أوي.

حاول سليم أن يضبط أعصابه حتى لا يظهر عليه الإضطراب الذي يعصر فكره.

زاغ بصره بداخل الحجرة لا يعرف بأي شيء يجيب تساؤلاتها الحائرة.

ابتلع ريقه بصعوبة قائلاً بهدوء مصطنع: معلش أصلها من زمان مشفتهمش وهترجع إن شاء. تنهدت الطفلة بباس مرددة بحزن طب ممكن تبقى تتصل عليها علشان عايزه اسمع صوتها بس. زفر متجاهلاً هذه العبارة رغماً عنه، وضع كفه على كتفها قائلاً بهدوء: تعالي نامي دلوقتي، وبعد كده تبقى نتصرف.

انصاعت الأوامره والصنت له واعتدلت وتمددت بجواره قائلة ببراءة تصبح على خير يا عمو.

نظر إليها بشرود و دترها بغطاء خفيف، محاولاً النوم هو الآخر.

لكن عبداً لم يتم إلا بوقت متأخر من الليل، نوماً متقطعاً غير منتظم.

شعرت ملك ببعض الألم في ظهرها هامسة لنفسها بوهر: ايه التعب ده ياربي من الصبح.

نهضت من فوق الفراش ببطء تحاول أن تتماسك حتى تقف ولا تسقط أرضاً.

ون هاتفها الجديد بإطلاق رلينه المتوالية قائلة بضيق: أيوه يا أيتن في حاجه.

تنهدت قائلة: أجهزي علشان ميعادنا مع الدكتورة أنتي ناسيه ولا ايه.

زفرت بضعف قائلة: حاضر هليس بس وهنزل

انتظرتها أيتن داخل عربتها بأسفل البناية التي تقطن بها في الفترة الأخيرة بعد أن تركت منزل ایتن و جلست في غرفة وحجرة استقبال ومطبخ ومرحاض صغير فوق أحد الأسطح.

فقد كان هذا برغبتها فقط وساعدها هذا على الهروب إلى الآن من البوص.

ابتسمت أيتن لدى رؤيتها قائلة: اركبي بالا.. ركبت بجوارها شاردة الذهن.

رفعت الأولى حاجبها الأيمن، قائلة: تصدقي إن النقاب ده ساعدني على هريك كويس ولغاية دلوقتي.

تنفست بعمق ولم ترد عليها، قادت الأخرى السيارة متجهة إلى الطبيبة المنشودة. أغلقت عيونها طوال الطريق لا تتذكر سوى وجهه وعيناه القاسية التي كثيرا ما كانت تخشاها. فقد عاشت طوال الفترة الماضية لا تفكر غير به وبابنتها القادمة التي بانتظارها بفارغ الصبر. فهي الآن في الشهر الثامن أي قد قاربت على الولادة، وكلما قارب الوقت تخشاه بشدة.

على صحتها وصحة طفلتها التي لم تولد بعد، وصلت إلى العيادة.

تفحصتها الطبيبة وهي تبتسم قائلة بهدوء: الحمد لله طفلتك حالتها الصحية كويسه بس لازم تاخدى حقن الرئة الأول وبعد كده هتعملى المرة الجاية أشعة ضرورية قبل الولادة.

اومات برأسها بالإيجاب واستعما في نفس اللحظة لصوت نبض قلب ابنتها على جهاز الأشعة أمام الطبيبة.

تأثرت ملك كثيراً والسالت دموعها هاتفه بحنان: ده صوت دقات قلبها. أخرجت الطبيبة صورة صغيرة لأشعة صغيرتها داخل رحمها.

قائلة ببطء دي صورة بنتك امسكتها بيداً مرتعشة كادت أن تتأثر أيتن هي الأخرى لكنها ابتسمت قائلة: مش بالا بقى علشان مواعيدنا الثانية متتاخر كده.

أخذت تتأملها كثيراً قائلة بود: شكراً لحضرتك.
بعد أسبوع جلس سليم بصحبة نهلة تتناول طعام العشاء معه، فقد كانت هي الوحيدة التي تؤنس وحدته في هذه الفترة الحالية.

فقد وجد شيئاً جديداً ينشغل به تطلع إليها قائلاً: على فكرة يا نهلة أنا قدمتلك في مدرسة وهتروحيها مع بداية الدراسة.

فرحت الطفلة وهبت من مكانها واحتضنت إياه قائلة بسعادة بجد أنا فرحانه اوي يا عمو أنا من زمان وأنا عايزه أدخلها.

ريت على شعرها وقد سعد لعدم خوفها منه في هذه الفترة.

قائلا بصوت هادئ طبعاً وأنا حققتلك رغبتك يالا بقى كملي أكلك وادخلي نامي بدري علشان..... قبل أن يستكمل حديثه.

أتاه صوت إبراهيم قائلاً بحذر: لو سمحت يا بوص عايز حضرتك.

ترك نهلة ناهضاً من مكانه قائلاً: ها في أخبار جديدة..... هز رأسه بالنقي قائلاً بقلق: لا مفيش بس... بس.

قاطعه بنفاذ صبر قائلاً بعصبية بس إيه انطق ... تنهد الرجل قائلاً بتردد أخوك عثمان برا و عايز حضراتك.

ضم قبضتيه ناظراً إلى الصغيرة التي تستكمل طعامها قائلاً بضيق: أنا مطلع أقابله بعيد عن هذا. دفق النظر إلى شقيقه عثمان قائلاً بحدة خير أنا مش قولتلك ما تجيش هنا.

زهر أخيه قاتلاً بهدوء ظاهري جاي اشوف بنتي يا سليم.

هز رأسه بالنقي قائلاً بغضب وأنا حذرتك قبل كده ورفضت ولسه بحذرك إطلع من هنا قبل ما تصرف معاك بشكل مش هيعجبك.

تنهد بضيق مردداً بصرامة وأنا مش مطلع من هنا غير لما أشوفها الأول، وبأنهي حق تخبيها بعيد عني.

أمسكه البوص من كتفيه بقوة وعنف قاتلاً بحنق: لانك متستاهلش تكون أب.

ضيق عيونه بحدة متأملاً أخيه بنفاذ صبر قائلاً بعصبية: وده شيء ما يخصكش.

ترك كتفه وضم قبضته اليمنى و ضربه بفكه قائلاً بغلظة: لا يخصني طالما دخلت أمها السجن كان لا يمكن اسببها مع واحد حقير زيك.

تطلع له وهو يعلم جيداً أنه لم يقنعه بسهولة ولم يتغلب عليه قائلاً بيأس، بس أنا في الآخر

أبوها يا سليم.

أزاحه إلى الخلف بقسوة قائلاً بحدة: عارف وللأسف الشديد ده من سوء حظها.

دم شفتيه بغيظ قائلا بحنق وده بردو ينطبق عليك اوعى تفكر إنك أحسن ولا افضل مني.

قطب سليم حاجبيها وركك بقدمه اليمني بعنف حتى أنه اصطدم أرضاً بكل قوته.

جعله هذا يصرح بألم شديد وتابع ركله مرة أخرى قائلاً بخشونة ودي علشان تفوق من اللي انت فيه وتعرف مين الأحسن من الثاني.

هب من مكانه بألم قائلاً بانفعال : طب طالما كده بقى يبقى عمرك ما هتعرف تكون أب وخصوصاً مع هروب مراتك من هنا.

زفر بعمق واشتعلت عيونه يغضب وأمسكه بعنف من ياقة قميصه قائلاً بغضب: وعرفت منين إنها هربت ها قولي....

شعر بأن هذه اللحظة هي التي ستنقذه من بين يديه، فوجيء به يجذبه ناحيته يخشونة مستطرداً بتهديد عارف إن ما نطقتش با عثمان هدفتك في مكانك صاحي.

خشي من نظراته ووعيده له قائلاً بضيق: طب أبعد إيدك الأول وشرط كمان لازم توريني بنتي.

ابتعد عنه ثم زفر بحرارة كبيرة قائلاً بشراسة مش هوريهالك غير بمزاجي وانت عارف كويس أقدر أعمل إيه.

هز رأسه باستسلام قائلاً بيأس عارف وللأسف الشديد مجبر إني أخبرك.

في حوالي الساعة الواحدة ليلاً بعد منتصف الليل، أحست بألم أيقظها من النوم.

اعتدلت ملك بقراتها ببطء شديد قائلة لنفسها بعدم ارتياح مش عارفه ليه قلقانه أوي كده قلبي مش مرتاح

نظرت بالهاتف وقبل أن ترى الساعة سمعت صوت طرقات عالية على الباب

تجمدت بمكانها من كثرة خشيته من هذا القادم بوقت متأخر هكذا.

قائلة لنفسها بفزع يا ترى مين اللى هييجي في وقت زي ده.
عادت الطرقات مرة أخرى قائلة بذعر أنا استحالة أفتح الباب دلوقتي أعمل إيه اتصل عليها ولا ايه

قاطع صوت تفكيرها المرهق هذا قائلاً بحدة: افتحي يا ملك أنا عارف إنك جوا.

فرغ فاهها بصدمة بالغة واتسعت حدقتيها بذهول، تلجم لسانها وتيبست بمكانها أكثر.

وضربات قلبها تصرح أكثر من ذي قبل بعنف شدید تکرر نداره بصوت غاضب: قلتلك افتحي الباب بسرعة بدل ما أكسره يا ملك.

بخطى ثقيلة تحركت نحو الباب رغماً عنها، ناسية أن تستبدل ثياب نومها بملابس أخرى من هول دورها.

وفتحته يتردد وهي تشعر بأنها سيغشى عليها.

وجدته أمامها كما توقعت بطوله الفارع، ولحيته التي تمت أكثر من ذي قبل.

وقد تحجرت بمكانها شاعرة بأن قدميها تم تيبسهما بالأرض.... وتلجم لسالها تماماً.

فقط قلبها هو من يريد بإلقاء جسدها بين ذراعيه لكنها لم تستطع ذلك.

تأملها سليم هو الآخر كأنه يراها لأول مرة مع نبضات قلبه السريعة.

فلم يعد يفهم ما يشعر به بتلك اللحظات المسروقة من وقتهما معاً بعد غيابها عنه طيلة هذه الفترة الماضية.

لم يكن الإشتياق سر هذا الصمت الطويل بينهما وكلاهما يتطلعان إلى بعضهما البعض بل على العكس الهجر والوجع حلا مكانه .... حتى أنها لم تفهم بعد ما معنى نظراته لها.

انتبهت لنفسها جيداً هذه المرة شاعرة بمزيج من الإحراج والخوف وهو مازال يدقق النظر اليها والى ثيابها

ضمت ذراعيها أمام صدرها على خجل نظراته تزيدها إحراجاً فابتعدت بخطواتها إلى الوراء. خشية من عودته مرة أخرى إلى إسلوبه القاسي والشديد.

كلما اقترب منها خطوة تبتعد هي خطوتين للخلف تحركها نظراته لها، فمن الواضح أنه لم يذق

طعماً للنوم في الأيام التي مضت.

فعيونه حمراء وقد نحل وجهه أكثر من ذي قبل .... وشعره الأسود الفاحم قد تبعثر بعشوائية ما بين جبينه ومنتصف رأسه وآخره.

هل بعدها عنه من فعل به ذلك، أم ماذا لقد شعرت بالحيرة من مظهره، أخيراً سمحت لنفسها بأخذ بعض الهواء من فمها وأنفها مع احتباس خفقات قلبها لتوان بسبب خوفها واضطرابها الذي یزداد كلما يقترب منها.

تطلع إلى محياها ثم الحدر ببصره إلى بطنها التي كبرت خلال هذه الفترة التي هربتها منه..

قائلاً باختناق ليه تعملي فيه كل ده ... ليه .

شعرت بأن يداً قوية تزيد قلبها اختناقاً مجيبة إياه بخفوت إنت السبب لكل ده يا سليم.

عقد حاجبيه بحدة قائلاً بضيق ليه هوا انا قولتلك إهربي وابعدي على كل الفترة دي.

أغمضت أهدابها ببطء شديد فمن الظاهر لها أنه سيحملها نتيجة كل شيء قد حدث .... وهي لم

تستطع أن تتحمل كل هذا.

لذا هتفت به بوجع انت اللي اضطرتني أعمل كل ده أولاً أنا معرفش إذا كنت مراتك ولا لا..... ثانياً بقى وده المهم بالنسبة لي انت كنت عايزني أنزل قطعة مني لسه بتتكون بدون رحمة كل ده و عايزني أقف اتفرج لا يا يوم لا.

اقترب منها بغتة، اتسعت عيونها بصدمة بالغة حتى أنها لم تستطع النطق محاصراً خصرها بذراعه الأيسر، هاتفاً بنبرة قوية إنت مراتي ... يا ملك.... فاهمه يعني إيه مراتي أنا..

جف حلقها من صوته الغاضب والانفعال المتطاير من عينيه فهذا ما كانت تريد أن تسمعه منذ فترة طويلة.

من أجل أن يهدأ ذلك القلب الصغير بين جنبات صدرها اشتد ذراعه ضاغطاً عليها، تماسكت حتى لا تنالم أمامه.

لمعت دمعة حائرة من مقلتيها قائلة بوهن فين الدليل على كلامك .... ابعد عني يا سليم كنت في امان طول ما انت بعيد عني وعن اللي في بطني.

ضيق عيونه متأملاً محياها هامساً بغضب : متأكدة من كلامك ده أجبرت نفسها على الإبتسام بسخرية لاذعة لإثارة غضبه أكثر من ذلك وهي تعلم مسبقاً أنها كاذبة فيما تنوي قوله.

مرددة بعبث مصطنع اکید بوم

اشتعلت النيران في عيونه وهو ينظر إلى تلك التي تجلس برفقته غير مبالية بما سيحدث لها
بعد ذلك.

قائلاً بصوت غاضب: فريدة.

هبت من مكانها بارتباك عند رؤيته مقبلاً نحوها، هادراً بها مين اللي سمحلك تقعدي معاه.

جاء ليدافع عنها أحمد اسكته بنظرة من عينيه الحادة قائلاً بغلظة: إنت امشي قدامي من سكات.

ثم وقف امام الآخر يتحد مردداً بصرامة طلبك مرفوض يا دكتور احمد معنديش بنات للجواز.

ثم سحبها من ذراعها فجأة بكل قوته كشاة يريد ذبحها، لم تكون قادرة على استيعاب كل ما يحدث معها فعقلها مازال مشوشاً.

فهي لم تكن تتوقع أن يأتي ويراقبها بهذه السرعة وبهذا الاهتمام الذي لن يجلب سوا الشقاء فيما بعد.


تعليقات