رواية البوص الفصل السابع والعشرون
لم تكن تعلم فريدة أنها مراقبة من قبل عاصي وأن خطتها قد أوقعتها في قاع اللعبة، فقد ذهبت.
الرؤية ذلك الطبيب بعد أن وجدته مصر على رؤيتها والتحدث معها.
فقد تحول الإهتمام الزائف إلى اهتمام كبير من ناحيته، وبالفعل قد وقع بحبها.
لذا كان عليها أن توقف تلك المهزلة التي تحولت إلى حقيقة، بالرغم من أن ما يفعله لم يكن متفق عليه
فالمقصد من كل هذا إثارة غيرة عاصي ليس إلا لكن مع إنها نجحت بذلك إلا أن الخطة قد انقلبت عليها رأساً على عقب وسقطت هي هذه المرة.
استندت برأسها بذعر إلى زجاج النافذة، شاردة الذهن لا تستطيع تحمل الخوف الذي سيطر على قلبها.
افاقت من تفكيرها على صوت توقف السيارة، العقد حاجبيها بالزعاج قائلة بعدم ارتياح: خير يا أبيه ليه وقفت العربية.
تنهد بغضب شديد والقسوة تمليء نظراته إليها هادرا بنرة قوية أنت إزاي يا ست هائم تقابلي واحد من ورايا
احمرار عينية أفقدها النطق لم تستطع التحدث، وارتجف جسدها حتى شعرت بأن قلبها توقف الثوان معدودة عن الخفقان.
طال الصمت القاسي بينهما أطرقت براسها بذعر.. أمسك دقتها بعنف قائلاً: مش بتردي ليه ولا علشان أنا ساكت كل الفترة دي.
اخفضت رأسها بفزع ثم تمتمت بذعر : أنا آسفة عن كل اللي حصل
اشتعلت ثورته الداخلية أكثر من ذي قبل وضم قبضته اليمني وضرب بها المقود أمامه عاقداً حاجبيها يغضب.
هادراً بانفعال : اسفة على ايه ها ... هوا في بنت محترمه زي حضرتك تعمل كده وتقابلي شاب من ورايا.
جف حلقها ولم تستطع مواجهته من كثرة الخشية منه.
انهالت دموعها بكلامه الجارح قائلة بخفوت مقصدش اللي حصل أنا... قاطعها بحدة: متقصديش آيه نفسي افهم أنا عمري ما تخيلت تعملي كده و يا ترى بردو كنتي هتهربي معاد من ورايا
انهارت رغماً عنها من شدة البكاء قائلة بحزن: أنا عمري ما هعمل كده أبدأ مع حضرتك أنا يس....
تامل دموعها هذه اللحظة شاعراً بأنه قد نفذ صبره، فهو لا يريد أن يراها باكية هكذا.
لذا هتف بحنق ياريت توفري دموعات دي البعدين.
نظرت إليه بأمل أن يسامحها هذه المرة لكن تهديده زادها خوفاً ورهبة منه.
ولم تستطع أن تتحدث مرة ثانية، تحس بداخلها أنها تريد القاء نفسها بين ذراعيه حتى تجعله يسامحها.
وبالأخص بعد اتهامها بالهروب مع ذلك الطبيب، قاد العربة فجأة.
بكل سرعة لديه، خشية عليه وعلى نفسها ورغم ذلك لم تحملت إلى أن وصلوا إلى المنزل
ما توقفت السيارة حتى هتف بها بضيق: إنزلي.
لم تجرؤ على سؤاله أنه سيترجل من السيارة أم لا.
هبطت هي راكضه إلى المنزل، وهو لم يتركها بل قادها مرة أخرى غاضباً.
استقبلتها بالداخل العربية، وحدتها على هذه الحالة النفسية.
وقبل أن تتفوه إحداهما، ألقت بنفسها بين ذراعيها قائلة بيأس : أنا إدمرت خلاص أنا تعبت يا دارة تعبت.
احتضنتها بحب قائلة بجزع ليه بس يا بنتي حصل ايه لكل ده.
لم تجيبها انما سحبت نفسها من بين ذراعيها بهدوء صاعدة إلى حجرتها كادت أن تنادي عليها.
لكنها تركتها داعية الله سبحانه وتعالى أن تكون بخير.
دخلت سهر الغرفة الذي ينام بها فتحي في الصباح وجدته مازال نائماً، شردت قائلة لنفسها بدهشة: هوا ليه نايم لغاية دلوقتي بقى معقولة كان سهران، طب وسفله مع سليم.
اقتربت منه بحذر خشية من أن يفرغ غضبه بها، تأملته كثيراً مع بالتسامة حزينة صدرت منها. جلست على طرف الفراش بجواره.
مدت يدها مترددة نحو شعره كادت أن تلمسه بيدها، لكنها أبعدتها سريعاً عندما تحرك ببطء وهو نائما.
ما أن استقر بمكانه حتى هتفت لنفسها بألم يقى معقوله يا فتحي لسه زعلان مني كل ده.
حبست دموعها وأغمضت أهدابها يضيق تم فتحتهما على يده التي وضعت ناحية ذراعها، سرى بجسدها قشعريرة باردة عندما لمسها هكذا.
النهدت وهي تعتدل بجلستها وأنت كي تنحني نحوه كي تبعد ذراعه، فوضع ذراعه الأخرى حول خصرها.
تجمدت بمكانها من الذعر الذي انتبابها للحظة. وقد اختلطت أنفاسهم معاً، حتى بدأت
بالانسحاب بهدوء شدد ذراعه كأنه يشعر بها.
تفحصته هذه اللحظة برهبة كبيرة ثم حاولت تهدأت أعصابها وتمددت بجانبه هذه المرة حتى إذا استيقظ تتظاهر بالنوم بالفعل تململ بعدها بعشر دقائق انتبه الذراعه الذي يضمها إليه قليلاً.
اغمضت عيونها بالحال، تأمل عيونها المغمضة تمتم بعدم استيعاب أنا مش فاكر حاجه من امبارح ليه تفحصها طويلاً ثم رفع ذراعه عنها قائلاً بدهشة وهيه إيه اللي ينيمها جنبي كده.
تمالكت نفسها بقوة حتى ينهض من جوارها لكنه لم يهب من مكانها بل راقب ملامحها مثل الأمس.
تمنت أن لا تنكشف حتى لا ينفعل عليها ويفرغ ثورته بها، دقق النظر عليها ثم لامس وجنتها برقة ديت الرعب بقلبها، حتى أنها كادت نجن وتنهض من مكانها وتحتضنه مثلما كانت تتمنى منذ ايام
أمسك يكفها واضعاً قبلة رقيقة عليها قائلاً لنفسه: رغم كل اللي يتعمليه يا سهر وعمري ما كرهتك وجدت نفسها تفتح أجفانها بتلقائية.
وهبت إليه تحتضنه دون وعي منها، على الرغم من خشيتها بسببه، تريد أن نظل بين هاتين
الذراعين التي تشعرها بالأمان.
بوغت بحركته قائلاً بسخرية : يعني كنتي صاحية كل ده، ويتمثلي عليا إنك نايمة. همست بجانب أذنه غصب عنى يا فتحي مقدرش أبعد عنك أكثر من كده، سامحني بقى.
صمت مفكراً فيما تفوهت به ثم ما ليت إلا أن قام باحتضانها هو الآخر مع ابتسامة خفيفة على شفتيه هامساً بنعومة: يحبك يا سهر.
صرخت ايتن وجهة هاتفة بعصبية: انت مجنون مع عثمان علشان تعمل اللي حضرتك عملته.
زفر بحدة قائلاً بتوتر : غصب على ده واحد خاطف منى بنتي كان لازم استغل الفرصة اللي جاتني
اقتربت منه غاضبة هاتفة تقوم تبلغه بمكان ملك..
زفر بضيق قائلاً: اللي يسمعك كده يقول إنك عامله عليها.
هدرت به قائلة: أنا لا عامله عليها ولا أي حاجه أنا بس كل اللي عملته اني ينتقم من سليم وأخليه يتحطم في ما بيحطمنا كلنا.
رد ببرود: تمام يعني كنتي بتستغلي الموقف وأنا بردو عملت نفس الشيء.
اتسعت مقلتيها بغضب قائلة بغيظ: تقوم تبوظ كل اللي أنا بعمله، انت مش عارف إن بكده فتحت النار علينا كلنا ومش هيسكت وانت أكثر واحد مجرب انتقامه عامل ازاي
زفر بحرارة متوتراً هذه المرة قائلاً بارتباك خلاص بلغي أدهم باللي حصل.
ضحكت بسخرية لاذعة لإثارة فزعه أكثر هاتفه وحضرتك عارف يعني إن الشخص ده بالذات البوص ممكن يقتله المرادي إذا حس بس إنه كان معانا في الموضوع.
ارتفع جانب شفتيه بتهكم ثم جلس على أريكة ما خلفه واضعاً قدم فوق الأخرى قائلاً بخبث: عايزه يعني تفهميني إنك خايفه إن سليم يقتله.
زفرت بغيظ قائلة: عثمان شغل استعباط مش عايزه.
ضحك باستهتار هاتفاً ببرود: آيتن اقفلي على الموضوع ده وخلينا نشوف منتصرف ازاي دلوقتي.
توقف عاصي بعربته بطريق هادي نوعاً ما، لا يعرف كيف فعلت ذلك وقابلته من وراءه.
لقد شعر منذ الصباح الباكر أنها لا تريد أن تتحدث إليه ولا أن تقابله حتى
ضم قيضته قائلاً بحدة أد ايه أنا كنت مغفل يا فريدة، ومش فاهمك كويس.
أغمض عيونه متذكرا عيونها التي كلما التقيت بعيونه تتحدث إليه دون كلمات.
ما عدا الفترة الماضية لاحظ أن نظراتها تحولت وكأنها ليست هي.
عاد إلى المنزل متخذ قراراً قد يبكيها ليلاً ونهاراً.
استقبلته العربية وجدت أن محياه لا يبشر بأي خير قائلاً باقتضاب فين فريدة.
ردت بقلق في اوضتها يابني يعني هتكون فين.
صعد الدرج ركضاً متجها صوب غرفتها، لم يتردد في فتح الباب دون استئذان.
هو لا يفعل معها ذلك إلا عندما يبدو غاضباً وبشدة.
هيت من مكانها بذهول صادم عندما دلف الحجرتها بهذا الإسلوب الفظ قائلة برهبة خير يا أبيه. نظرات الاستحقار والشر ملنت عيونه كالأعمى هذه اللحظات، تراجعت للخلف وعيونها تتابعه بقلق حتى تعثرت ووقعت وراءها على الفراش.
اختطف من يدها الهاتف وقاد يفتحه وياليته ما فعل ذلك.
لقد استمع الرسالة صوتية لم تقوم بحذفها فقد نسبتها تماما بعدما بعثها لها بالأمس.
من ذلك الطبيب عند اعترافه يحبه لها .. لهذا تجرأت وقابلته لتبعده عنها.
تحولت هذه الدقائق الأخيرة إلى كابوس مزعج لديها، عندما استمع لذلك.
عندها تحولت عيونه إلى شعلة من النيران، هامسة برعب: أنا مردتش عليه صدقني.
لم يجيبها على الفور إنما ألقى بالهاتف أرضا بكل قوته حتى تهشمت بعض من أجزاءه واستكمل
هو الباقي حتى لا تقوم بتصليحه بوضعه تحت قدمه ضارباً به وبكل قوته.
شهقت رغماً عنها مما يفعله بهاتفها فزحفت إلى الوراء، قام يجذبها من قدميها ممسكاً إياها من كتفيها بكل قسوته
هاتفاً بغلظة: شكلي كده معرفتش اربيكي.
تر فرقت عيونها بالدموع ولم تعرف ما يحدث معها، قائلة برجاء: صدقتي يا أبيه أنا عمري ما عملت حاجه غلط ولا من وراك.
لم يرد عليها إنما غرس أصابعه يكتفيها حتى تألمت بشده هاتفه به بضعف تستطرد: انا أقسم لك أذا قابلته بس علشان أخليه ما يتصلش بيه تاني.
انفعل عليها أكثر بقسوة شديدة هادراً بغضب: وأنا بقى المغفل الوحيد اللي موجود هنا ها انطقي قابلتيه كام مرة.
بكت بانهيار قاتلة بوهن أنا عمري ما قابلته من وراك غير النهاردة بس علشان أبلغه برأيي فيه وخلاص على كده.
هز رأسه بجدة باحثاً على أي شيء يفرغ به غضبه فأمسك بزجاجة من العطر.
ملقياً إياها أرضاً بعنف... أزعجتهما بصوت تهشمهما إلى أجزاء صغيرة عشوائية.
وضعت كفيها الرقيقتين على أذنيها من ذلك الصوت القوي الذي أصدره الزجاج.
هادراً بنبرة عالية: عارفه التي عقابك المرادي غير أي مرة حصلت قبل كده.
اتسعت مقلتيها غير مصدقة ما ينوي فعله، تفحص كل أدوات التحميل الموجودة بحجرتها. ثم جمعهما مع الهاتف المكسور وألقاهم بسلة المهملات.
قائلاً بحدة: أنا معلمك الأدب يا فريدة ....
حاولت منعه من استكمال انتقامه منها هامسة بيأس : أنا مغلطش ارجوك....
قاطعها، بدفعها بقوة إلى الخلف هاتفاً بصوته القوي : إبعدي علي شكلي دلعتك كثير.
صرخت به بتلقائية: أنا مظلومه يا أبيه مظلومه أنا مش زي لا عمني ولا زي ملك.
ما أن انتهت من عبارتها تلك حتى هوت لطمة قوية أفرغ بها كل غضبه نحوها، على وجنتها سال الدم كخيط رفيع من جانب شفتيها.
لم تكن تستوعب ما يحدث معها بصدمة كبيرة ولم يكن لديها الوقت كي تتألم وتصرح بسبب ما حدث
بل وجدت نفسها تترنح إلى الوراء كانت تسقط على السرير، دون أن يلحق بها ولا يشفق عليها.
وبدون رحمة أو شفقة على حالها كأنه مغيباً... فهذه المرة الأولى التي تراه على هذه الوحشية.
معلقاً بعصبية: انت بعمايلك السودة دي طلعتي كل النار اللي جوايا من ناحيتك ومن ناحية ملك.. يعني انت الجانية على نفسك يا فريدة.
كان صدره من كثرة ما يعانيه هذه اللحظات... يعلو ويهبط شاعراً باختناق.
توسلت إليه بدموعها لكنه كان معمي عن كل ذلك، ولم تؤثر به مهما فعلت.
توعدها مستطردا: ولسه هتشوفي مني أيام أسود من شعرك... واعملي حسابك مفيش تليفونات خالص بعد كده.
تأملته من مكانها على الأرض ومازالت تنتخب بانهيار مرددة برهبة أكثر من كده حرام عليك.
ما أن تفوهت بذلك حتى انتني صوبها ممسكاً بشعرها من الخلف حتى شعرت أن سيقتلعه من جذوره
هامساً بصوت مخيف: أنا اللي حرام عليا ولا عايزاني استنى كمان شويه والاتيكي هربانه زيهم ولا يمكن تجوزيه عرفي ما هو بالمره بقى.
تأملته كأنها ترى شخص آخر غير التي عرفته من قبل ولم تكن تتخيل أن يتهمها بهذا الشكل.
بصوت مخنوق أجابته بالم: أنا عمري ما هعمل كده أبداً.
ضيق عيونه بحنق هادراً بها اوعي تفكري انك مهما قولتي وعملتي هتقدري تخليني أتنازل عن اللي هعمله فيك وهتشوفي
مر ثلاثة أيام وفوجئت أيتن بوجود البوص أمامها وهذا ما كانت تتوقع حدوثه.
ابتسمت بسخرية مرددة إيه ده بقى معقول البوص يتكرم عليا ويزورني.
تنهد بغضب شديد معلقاً بحدة من غير كلام كثير إيه اللي خلاكي تساعدي مراتي وتهريبها وانتي عارفه كويس أوي إن مش هسكت لما أعرف.
رفعت حاجبها الأيمن بتهمكم مجيبة إياه بخيت: اعتبره فعل خير مني يا بوص.
زفرت بحرارة قائلاً بعدم تصديق: خير ومنك أنت.
ضحكت بخبت مرددة: أكيد طالما كنت هتقتل جنين لسه بيتكون.
ضيق عيونه بشر قابضاً على معصمها بقوة.
مهدداً بقوله الغليظ الكلمتين دول قوليهم لحد غيري مش فاهمك كويس.
امتلىء بداخلها رهبة رغماً عنها هاتفه: سليم أيوه أنا استغليت ملك بعد ما هيه اللي عطتني فرصة لده.
ضغط بأسنانه الأمامية على شفتيه حتى كادت تنزف دماً، هامساً بحلق : طيب ابقى شوفي بقى عواقب استغلالك الظروف ملك.
دفعها بعيداً عن طريقه ورحل بغضب شديد.
أخفضت برأسها بضيق عازمة أن تسعى جاهدة أن لا يحدث ما تتوقعه وتخسر جميع أموالها بسببه هذه المرة.
دخل عثمان بعدها بساعة قائلاً يتساؤل: إيه مالك شكلك مضايقة كده ليه.
زفرت بحرارة قاتلة بحدة أخوك كان هنا وشكله كده هيخرب بيننا المرادي.
تنفس بعمق شاعراً بالقلق من كلماتها، مجيباً إياها باقتضاب: ليه هددك ولا إيه.
هزت رأسها بالإيجاب قائلة: أيوه هددني بس مش قابلها صريحة.
مط شفتيه بارتباك معلقاً باضطراب طب والعمل هتعمل ايه دلوقتي.
هنفت به بغضب المفروض ان حضرتك تتصرف مش انت اللي روحت ليه وبلغته.
أبعد بصره عنها مجيباً بخفوت مكنش قدامي حل غيره علشان أقدر أشوف بنتي.
صرخت به بتلقائية: حلو ولما عملت كده شفتها لا يردو طب اتفضل بقي وشوف الخسائر اللي هتيجي من جديد.
طال صمته مفكراً ثم تحدث بحذر طب ما إحنا ممكن تتكلم مع أدهم .... قاطعته بخشونة: مش هينفع لسه من اسبوعين مخسره صفقتين سلاح ورا بعض هوا إحنا عارفين تشتغل منه.
أخذ عقله يعمل إلى السبيل من الخروج من هذه الورطة.
تعلم بضيق أن شاء الله هتتحل بس لازم تاخذ احتياطنا كويس، لم تجيبه إلا باختصار: اتصرف انت وأعمل اللي تعمله.
ما أن تفوهت ملك بعبارتها الأخيرة حتى اشتعلت عيونه با حمرار لم تره من قبل، أدركت أنها لم تفلح في التفوق عليه، لذا هتف بها بحدة إنت واعية إلى بتقوليه كويس
لم تستطع مواجهة عينيه التي تحدجها بقوة قائلة بحدة مماثلة : أيوه يا سليم وبالا بقى من فضلك امشي من هنا.
تنهد بحرارة مبتعداً عنها إلى الخلف قائلاً بضيق: اسمعيني كويس يا ملك هما كلمتين مش هقول غيرهم، يالا غيري ليسك ده وتعالي معايا.
التصقت بالحائط وراءها، مع انحباس أنفاسها التي لم تهدأ منذ أن شاهدته أمامها بغنة.
قائلة برهبة مش همشي معاك في أي مكان، أغمض أهدابه حتى لا يهينها أكثر وتعند معه وتتحداه من جديد.
ضم شفتيه بغيظ يحاول تهدأت اعصابه ثم وضع يده بشعره متتهدأ بضيق هاتفاً بهدوء مزيف: ملوكه حبيبتي يالا بيدا من هذا نهلة بتسأل عليكي باستمرار.
ضيقت عيونها تشعر بأنه يقول ذلك كي يقوم بإقناعها وتنصرف بصحبته، لكنها هدرت به شكلك بتضغط عليا بنهلة مش كده.
شعور الانتصار بداخله بدأ يظهر بوضوح بنبرة صوته القوية فهو يعلم جيداً مدى تأثيره عليها.
مردداً بابتسامة سحرتها: لا طبعاً نهلة لسه كانت بتسأل عليكي امبارح، ده حتى عايزة تكلمك في التليفون.
لانت ملامحها رويداً رويداً عندما تذكرت تلك الصغيرة التي اشتاقت إليها، حتى أنه ابتسم ابتسامة لا ترى مثلها من قبل، قائلة يحذر طب وإذا رجعت معاك هتقولي سقطي والكلام الفارغ ده.
قطب حاجبيه بشرود هاتفاً بها لا خلاص مش هقول بس.... بس اقترب منها مثلما يفعل معها دوماً وبتلك النظرات التي تجعلها تحت تأثيره.
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة هامسة بتوتر بس ... بس إيه يا سليم، الحتى نحو وجهها، الذي أصبح متورداً رغماً عنها، مدققاً البصر بشفتيها التي ترتجف شعرت بالخجل والتصقت أكثر بالحائط.
ودقات قلبها تسرع وراء بعضها بسرعة عالية مردداً بهمس دي آخر مرة تعمليها وتبعدي على يا ملوكه.
لم تستطع التقوه بأي حرف وارتعدت أطرافها، شاعرة بتوقف الزمن في هذه اللحظة التي لم الحسب من الزمن لديها، وتأملاته لها تجعلها تخبرها بأنه يقول الحقيقة.
لا يدري لماذا ابتسم يتلك اللحظة فقد أدرك أنه قام بتأثيره الصحيح عليها، مقترباً من شفتيها التي زاد ارتجافها كلما يزيد اقتراباً منها.
انجذبت صوبه هي الأخرى وأغمضت أهدابها شاعرة بأنفاسه أمام شفتيها، وقلبها يصرح بها أن تقترب هي الأخرى منه وتضمه إلى صدرها كما يضمها إليه فهي بالفعل تشتاق إليه... إنها الآن تشعر بأمان لم تشعر به منذ أن تركته.
بدأ بملامسة شفتيها لكن صوت نهلة أيقظها من شرودها الطويل هذا، قائلة بخفوت: تعالي با نهلة .....
عاد سليم إلى الفيلا في المساء ومعه إبراهيم، تمتم باقتضاب عايزك متخليش حاجه سليمة كله دمره سامعني كويس.
هز رأسه بالموافقة قائلاً بهدوء : تمام يا بوص... الصرف كي ينقذ ما طلبه منه .
ركضت ناحيته نهلة ... ابتسم لها هاتفاً بود: عامله ايه يا حبيبتي.
بادلته الإبتسامة قائلة باستغراب بخير يا عمو ... بس ماما ملك شكلها زعلانه معرفش ليه.
زفر بحرارة ممسكاً بأعصابه أمام الطفلة قائلاً بهدوء زائف طيب بالا على اوضتك دلوقتي.
فوجنت ملك بوقوف سليم أمامها ... في شرفة حجرتها تطلع إليها نظرات ذات مغزى مردداً بهدوء: ممكن أعرف أنت هتفضلي لإمتى مقاطعاتي بالمنظر ده.
لم تجيبه إنما نهضت من مقعدها ببط، زفر بضيق لهذا التجاهل.
أمسك ذراعها بقسوة لم تتألم أمامه، تحملته بداخلها حتى لا تظهر ضعفها أمامه.
متابعاً بحدة ملك أنا يكلمك ... جذبت ذراعه بعنف من قبضته هاتفه بغضب: لغاية ما تسيبني أمشي من هنا ... إنت رجعتني غصب علي ... قاطعها بحلق يعني كنتي عايزاني أسيبك مش كده.
حد جته بعيون حادة هاتفه أبوه تسيبني لأني تعبت من الحياة دي اللي أنا عايشاها.
ضيق عيونه متأملاً محياها غير مصدق ما يسمعه، فهي بالأمس لم تكن على هذه الحالة الغربية بالرغم من عدم تحدثها إليه.
مجيباً إياها ببرود: قلتلك ميت مرة مفيش مفر مني غير كمان انت مش شايفه منظرك بالي عامل ازاي.
ظنت أنه يسخر من مظهرها ، ترقرقت عيونها بالعبرات بصدمة رغما عنها.
هنفت بغضب منظري اللي مش عجبك ده انت السبب فيه.
شعر سليم أنها فهمت كلماته على أنه يسخر من شكلها قائلاً بلهفة: ملك أنا عمري ما كنت هس....
قاطعته بحدة مش فارقه معايا انت بتبصيلي إزاي أنا كل الحكاية إلى عايزاك تسيبني في حالي.
وضع أنامله فوق شفتيها التي بدأت في الإرتجاف بمجرد ملامسته لشفتيها
هاتفاً بخفوت كفاية يا ملك كفاية اذا بالنسبة لك سجن مع الأشغال الشاقة وعمري ما هسيبك ثاني أبداً.
زادت خفقات قلبها مع تلك التيرة المميزة لقلبها.
مع نظراته الممزوجة ما بين المكر والعبث مع نبرات صوته التي كلما تحدث، يجعل قليها وعقلها ينجذيان إليه.
دون رغبتها بذلك، رغماً عنها تجده دائم الظهور في خيالها الوردي.
هذا هو فارسها الذي جاءها من وسط عالم أسود مليء بالإجرام والمخاطر.
تركته عائدة إلى الغرفة، قامت بجذب نقابها ووضعته على الفراش
تأفف البوص لهذا التحول الذي أصابها، هاتفاً يضيق أكيد ده كله من أيتن... ثم عقد حاجبيه للحظة مردفاً بنفسه باستغراب ولا يكون هرمونات الحمل اللي بتخليها تتحول بالشكل ده.
دخل خلفها يحاول الوصول إلى عمق تفكيرها، هاتفاً بتهديد ملك اسمعيني كويس لآخر مرة أنا مش هسيبك أبدا... وإذا كان على أيتن هننسيها وتنسي خالص إنها ساعدتك... أيتن بس استغلتك لمصلحتها وأنت السبب.
تنهدت يضيق ثم صرخت به طب فقولی کده مين السبب من البداية.
طال نظره إليها دون أن يصدر منه أي تعبير على محياه أو تعليق يقوله.
اقتربت منه ببطء هامسة بغضب: أنا بكرهك يا سليم... عارف يعني ايه بكرهك ومش عايزه اعيش معاك ولو للحظة واحدة.
ركضت آيتن إلى تلك المخازن التابعة لها والعثمان ولم تجد غير مكان يحترق بنيران الانتقام.
تعالت صرخاتها العالية عندما رأت عثمان يركض صوبها.
مرددا بعدم استيعاب في إيه يا أيتن.. هتفت به بوجع أخوك قضى علينا يا عثمان، سلیم الأنصاري قضى على كل حاجه
اتسعت عيونه متأملاً لتلك النيران المشتعلة ثم تحدث بتلقائية غير مصدق ما يشاهده أمامه البوص عملها من تاني....
قاطعته بصوتها العالي أخوك دمرني ودمر لنا كل حاجه أخد كل شقانا الفترة اللي فاتت.
اقترب منها خطوة واثقة متأملاً لتلك العيون الذي يعلم جيداً منهما مدى كذبها عليه.
قائلاً بصوت خفيض كذابه با ملوکه... كل حرف نطقتيه دلوقتي بيدل على كديك.
ارتبكت لدى هذا الإتهام الصريح الذي تفوه به ولم تستطع مواجهة عيونه التي تدقق بوجهها باحثة عن كذبها .
قائلة بعناد مزيف وعرفت منين إلى كدابة ... قاطعها بجذبها من خصرها بذراعه الأيسر. مقترباً من محياها بغتة جعلتها تظن أنه سيغشى عليها من شدة اقترابه المفاجئ لها.
فقط تشعر بأن خفقات قلبها تزداد وتتحول طنين بأذنيها، غير راغبة في قريه هذا.
تحدث بخفوت عينيك دايما فضحاكي يا ملوكه ومنها بعرف أن إيه إنت بتقولي عكس اللي بتشعري بيه ناحيتي.
أغمضت أهدابها بياس فمهما حاولت مداراة مدى حبها وعشقها إليه.
يكشفها ويفضح أمرها بسهولة ويسر، حاولت نزع نفسها من ذراعه، لكنها فشلت...
في الابتعاد عنه كأنه يتلاعب بها وبأعصابها حتى يوترها، وتعترف بتلك الحقيقة القابعة في اعماق قلبها.
اشاحت بيصرها بعيداً عنه، قائلة بنبرة مخلوفه : أرجوك ابعد عني يا سليم.
تركتها بعد التمعن بوجهها جيدا بشكل مريح بهدوء: تمام يا ملك بكل كلامنا لساه منتهاش... وهعذرك بس علشان اللي انت فيه.
غادر الحجرة تاركا وراءه زوجة تتخبط فيما تعانيه من مشاعر عشوائية، تود التخلص منها مع ذكريات منذ أول معرفتها به و خفقات قلب بأس من هذا الحب القائم.
تأفف اليوم من تذكره لكلماتها الذي بات يعرفها كلما اقتربت منه وتحدثت إليه..
جلس خلف مقود السيارة لا يدري إلى أين يتجه بها.
وقبل أن يقودها وجد خادمته تهرول بسرعة كبيرة نحوه.
قائلة يتلعثم الح... الحقني يا سعات البيه ست هانم تعبانه اوي وشكلها هتولد.