رواية هيلين الفصل الثاني بقلم هنا محمود
تسير في الأزقة و هي تضم سترتها الرقيقة علي بدنها مستمتعة بأشعة الشمس التي تبث الدفئ لها ...
نوڤمبر بالندن مشهور بأجواء الخريف و رياحة الرشيقة..
دلفت لقصر عائلة "والتون" لم تلبث لثواني حتي دفئ بدنها بسبب المدفئه المشتعلة...وضعت أغراضها داخل غرفتها ....
خرجت لتجد والدتها تتناول الطعام صحبة شقيقها يتناولون غدائهم دون إنتظارها كالمُعتاد ، لم تعلق عليهم . حضرت شطيرة لنفسها و خرجت للحديقة الخلفية...
نسمات الهواء تُداعب خصلاتها برفق مرسلة شعور بالراحة داخلها ، احست بحركة جوارها
ألتفتت ببسمة واسعة ما أن علمت هوية ،رفعت كفها تستأذن أولا قبل أن تمسح علي رأس الصغير ..:
_روبين..
طالعها بعيون طفولية لتتابع بالمسح علي رأسة بحنان..:
_عملت ايه في المدرسة؟...
رطب شفتاه بخقة ليكتفي بإجابة مُختصرة..:
_كويس ...
فهمت أجابة لتفتح ذراعة تضمة لها بحرص حتي لا تزعجة ...تري نفسها بِه!...هو ذون ثمان سنوات وحيد كما في ماضيها !....
قاطع جلستهم صوت الخادمة ..:
_ايلينا ...چوليا هانم عايزاكي...
طبعت قبلة رقيقة علي رأس الصغير قبل أن تنهض و تتوجة للداخل ....
مكتب يليق بكبار العائلات بالندن عَشيرة "والتون" من داعمة الوطن وقت الحرب و لم يخونونه علي عكس عشيرة "أندريا"!...
جلست بإحترام أمام سيدة القصر "چوليا" عيناها تنظر للأرض بأدب ..:
_حضرتك طلبتيني...
ازاحت "چوليا" خصلاتها الشقراء بعيد عن عيناها لتنبس..:
_انتِ عارفة حالة روبين كويس...
همهمت ليها فتابعت..:
_انتِ الوحيدة البيتجاوب معاها ، عشان كده عايزاكي تكوني معاه دايمًا تعتبري نفسك المُربية بتاعة...
زامت شفتاها بضيق ،...تريد الرفض لكنها لاتنسي أفضالها عليها !...
قالت بتردد.:
_بس أنا كُنت عايزة امشي...، انا بساعد في القصر يمكن اقدر اسدد جزء صغير من ديني ليكي بس وجودي مع روبين يعني بقائي هِنا علي طول
لم تعد تتحمل بقائها في ذلك القصر أضحت جدرانه تخنقها ...تفهمت "چوليا" حالتها لتقول ..:
_هدعمك في قرارك لكن مش دلوقتي ، لما حال روبين يتحسن أكتر هتمشي...انتِ هتستلمي كُل اموره لكن طبعًا قراراتة هترجع ل"وليام" الأول..
لم تعطيها فرصة الرفض قد أتخذت قرارها من الأساس ...شكرتها بأدب لتستقيم من مكانها لكن أوقفها كلماتها..:
_أيدن هيرجع نهاية الاسبوع....
و ما أن سمعت اسمة حتي شعرت ببرودة أطرافها ، هو سيعود ...من كان يطاردها بأحلامها سيعود ، الغريب الوحيد الذي يعلم بسرها!...
قد غادر البلاد منذ أربعة عشر عامًا بسببها هي ، فضيحة لم تفهم معناها حينها قد نفته هو من موطنة!..
دلفت لغرفتها و عقلها يكاد ينفجر من كثرت التفكير شاعرة بعيون مراقبة لَها وقفت "جيسكا" والدتها أمامها بعيون حاقدة..:
_كُنتِ بتعملي ايه في المكتب ؟...
كانت ستتجاهلها لكنها اجابتها بكذب..:
_كانت بتقولي اني اهتم بأمور القصر أكتر ...
ضيقت عيناها بعيون مشككة لتقترب مِنها بعيون كارهه..:
_المهم تكوني بعيدة عن روبين ، اوعي تقربي من حفيدي....
لم تعطيها رد فعل بل انسحبت بعيدًا لحديقة القصر الخلفية كعادتها ....
"روبين" هو أبن شقيقتها" روما" و "و وليام" وريث عشيرة "والتون" ...
ذنب لم تفترقة لكنها دفعت ثمنة .....
______________________
ثوب رقيق مثلها يحيط بدنها اعلاة سترة طويلة تقي جسدها من برودد نوڤمبر ....
أخذت كُتبها لتذهب للجامعة لكن أوقفها جسد طويل امامها رفعت عيناها لتلمحة "جاك" خطيبها!...
فتح ذراعية لها ليستقبلها بعناق ، هرولت بخطاها له و البسمة تعلو ثغرها لقد عاد!...
_رجعت أمتي أنا مش مصدقة؟...
مسح علي خصلاتها و هو يضمها له اكثر ..:
_من يومين ...
ابتعدت عنه و هي ترمقة بضيق..:
_يومين و انتَ هِنا و مفكرتش تشوفني او تبعتلي رسالة حتي !...
ابتسم علي غضبها بلطف ليقرص وجنتها..:
_كان في مشاكل تبع الشغل خلتني معرفش اجيلك انا حتي مرجعتش لوحدي ...
لم تعقب علي حديثة فهي سعيدة ان صديق طفولتها قد عاد!....حاوطت ذراعة بود قائلة بمرح..:
_احكيلي عملت ايه هِناك؟...
ابصرها ببشاشة و هو يطوق كتفها فهو قد إشتاق لها حقًا....
مر الوقت و هما يتبادلون الحديث لينبس بمرح كعادة..:
_ايه رايك نقطف تفاح زي زمان..
هي فتاة تخلت عن طفولتها من زمن حتي ابسط الأشياء لم تعد تُسعدها لكن وجوده يذكرة بأوقاتها السعيدة...اومئت له ببسمة..:
_يلا بينا...
تسلل بخفة للحديقة الجانبية المنتشر بها أشجار التفاح ، اشار لها ..:
_استني هجيب حاجة نجمع فيها...
لم تضيع وقت حيث أمسكت بالأخصان تتسلقها بحرص، القت بالحبات التي تلتقطها من أعلي و مع كُل ثمرة بتسلل لها ذكري قديمة ، طيف يلاحقها من بين صفحات الماضي..:
_انتِ مين ؟..و بتعملي ايه هِنا؟..
شهقت بصدمة لتحرك قدمها دون إراده مؤدية لتهاوي جسدها ...اغمضت عيناها مستعدة للآلم ، لكنها شعرت بأيدي تحاوطها!...
فتحت عيناها برفق لتتسع عدستيها بقوة ، كان هو !...لقد عاد ، كابوسها عاد...