رواية مجرد وهم الفصل الثاني 2 بقلم ناهد خالد


 رواية مجرد وهم الفصل الثاني 

مش مستوعب ولا متخيل ان دي مراته! ازاي اتحولت كده؟ دي كانت اهبل وأطيب واحده قابلها، لا عرفت يوم مكر الحريم ولا طريقتهم! ولا كانت بتمثل عليه؟ 

والحقيقة ان كل ست جواها قوة خفية هتظهر يوم ما تحاول تيجي عليها، او تأذيها بأي شكل. 

-انتِ بتهدديني؟ 

-احسب اللي تحسبه, كلامي واضح مش محتاج شرح. 

-انتِ عاوزه إيه؟ 

رفعت حاجبها وهي بتقول:

-اللي عوزاه قولته, يا تتقبل الطفل يا تطلقني. 

-انتِ يا بنتي روحتي فين؟ 

رجعت من سرحانها على صوت "فرحة" فقالت:

-مفيش... المهم إني قولتله يطلقني يإما يتقبله, وجيت اقعد في البيت هنا لحد ما يبلغني بقراره. 

-تفتكري هيطلق؟

بصتلها بحيرة حقيقية وقالت:

-مش عارفه, بس حتى لو مطلقش هيكون بسبب تدخل أهله.

-هم عرفوا؟

-ايوه امه كانت بتكلمني الصبح لما طلعت شقتي وملاقتنيش اتصلت عليا, وحكيت لها, بس تعرفي, ندمت إني حكيت, كنت عاوزه اعرف هو هيتصرف ازاي قبل تدخل أهله. 

-بصي عمومًا هو وشه مكشوف ومش هيتكسف يقولك إنه رجعك أو وافق على الولد بسببهم, فأكيد لو ضغطوا عليه هيعرفك وهيبان عليه. 

----------- 
-أنا لما امك قالتلي مصدقتش, قولتلها لأ هي اكيد فهمته غلط, ابنك لسه متجننش عشان يطلب من مراته طلب زي ده. 

بصله بسخرية وقال:
-لا اتجننت, اتجننت من يوم ما قررتوا تمشوا حياتي على كيفكوا. 

قام وقف مرة واحدة وهو بيكمل بعصبية:

-اتجننت لما خيرتوني بينكوا وبين الوحيدة اللي حبيتها, فاكر قولتلي إيه؟ قولتلي لو اتجوزتها تطلع من بيتي وتنسى إن ليك أهل... للدرجادي كنتوا كارهين إني أكون مبسوط في حياتي؟ 

وقفت أمه قدامه وهي بتقول بتدافع عن موقفهم:

-مفيش أهل بيكرهوا الفرحة لابنهم, بس انتَ اللي معمي, عاوز تتجوز مين؟ سمر؟ سمر اللي مطلقة ومعها عيل؟ 

-دي حاجة متعبيهاش, في ناس كتير نصيبهم بيكون كده, يتجوزوا ويطلقوا, إيه المفروض كل ست اطلقت بعيل تحرم الجواز على نفسها؟ 

رد وهو بيدافع عنها بنفس العصبية فلوت أمه بوقها دليل على إنها مش راضية ابدًا عن منطقه وقالت:

-يا بني انتَ عارف يعني إيه معاها عيل؟ مش هقولك إنها كانت متجوزة قبل كده ومتكنش دي أول بختك, بس عارف يعني تتحمل مسؤولية عيل مش ابنك؟ ولو في يوم جيت عليه حسابك قدام ربنا هيكون عسير, طب بلاش كده.. انتَ مش شايفها عاملة إيه في طليقها؟ شايفها مجرجراه كل يوم في المحكمة ازاي؟ وعامله معاهم مشاكل للركب, يا بني ده لما واحده نصيبها بيخلص مع واحد بتسايسه لحد ما تاخد حقوقها منه أو حتى عشان العيل اللي بينهم ميكونش بينهم مشاكل وقرف, هي عملت إيه؟ ضربت اخته واتهجمت عليها في شقتها, وشتمت أمه, ورفعت عليه بدل القضية تلاته, واحنا سامعين إن لا الولا ولا أهله بتوع مشاكل. 

-وهي يعني اللي بتاعت مشاكل! بعدين هم غلطوا في حقها ويستاهلوا, هي حكيالي.

-ايوه هم بتوع مشاكل, والحتة كلها تشهد, أمها اللي بتنزل تقول شكل للبيع وتتخانق مع أي حد يقول كلمة متعجبهاش, ولا اخوها اللي كذا مره يعمل مشاكل ويضرب شباب من المنطقة واللي راح فتح راس طليقها لما مرضيش يديلهم العفش. 

شاور بصابعه لها كأنه مسك عليها دليل وقال:

-شوفتي؟ انتِ اللي قولتِ اهو, مرضيش يطلع عفشها, يعني هو اللي غِلط, هي كانت رايحة تاخد حقها.

رد أبوه وقال:

-عشان راجل ناصح, وعارف شرهم وحوارتهم, يطلع العفش وتاني يوم يعملوا محضر تبديد ويثبتوا فيه إنهم مخدوش حاجه وعاوزه عفشها! الراجل قالهم العفش مش هيطلع إلا بمحضر عشان يثبت إنها خدته, يعني مغلطش ولا حاجة, وحتى لو غِلط, إيه الدنيا بقت بلطجة! اروح افتح دماغه؟ 

-ولاه يا ياسر انتَ بتكلم البت دي؟

سألته أمه لما خطرت الفكرة في بالها فجأة, فاتسعت عين أبوه وهو بيصله بقلق:

-اوعا ياض تكون بتكلمها بجد! 

-اكيد يا حاج بيكلمها, مش لسه قايل اصلها حكيالي.

قالتها أمه وهي بتضرب كف على التاني, فرد هو بيوضح:

-حكتلي لما روحنا نزور أبوها لما تعب ودخل المستشفى, ما نتِ شوفتيني واقف معاها قدام المستشفى. 

-طيب احنا روحنا عشان جارنا وواجب نروح نزوره, انتَ بقى مكانش المفروض تييجي, لازم تحترم وجود مراتك في حياتك, وخصوصًا إن سمر بعد ما طلقت ممكن شيطانها يوزها تلف عليك, وانتَ بشكلك ده تقريبًا ما هتصدق, وهتنسى مراتك وإن كلامك مع البت دي يعتبر خيانة لها. 

كملت أمه بنصيحة:

-وانتَ يا بني زي ما مترضاش إن مراتك تعمل انتَ كمان متعملش, اكيد مش هتقبل تعرف إنها بتتكلم مع راجل كانت بتحبه قبل كده حتى لو كلام عادي, فيا حبيبي زي ما تحبها تعمل اعمل انتَ كمان. 

قال أبوه فجأة بإدراك:

-احنا إيه دخلنا في الحوارات دي صحيح! احنا كنا بنتكلم في المهم, عن ابنك, إيه الهبل اللي قولته لمراتك ده؟ انتَ حقيقي عاوزها تنزل العيل؟ 

- يا جماعه افهموني انا مش جاهز دلوقتي لموضوع الخلفه ده, انا اصلاً لسه بتقبلها في حياتي, لسه بتأقلم على الوضع انها بقت شريكة حياتي, يقوم ييجي عيل يصدمني ويزود عليا المسؤولية اكتر! وانا اصلًا متفق معاها اننا نأجل موضوع الخلفه ده وكانت موفقاني, إيه بقى اللي طلعه فجأة في دماغها ويخليها تاخد القرار من ورايا وتقرر تحمل. 

 ردت امه:

- يمكن عشان ما حستش بالامان معاك فحبت تجيب عيل يضمن لها ان جوازكوا ده مستمر, وبعدين يعني إيه لسه متأقلمتش عليها هو انتَ مش واخد بالك ان انتوا بقالكوا سنتين متجوزين! يعني سنتين ومتأقلمتش ليه ان شاء الله؟ عاوز تعيش معاها 10 سنين عشان تاخد بالك انها بقت مراتك وتتعود على  وجودها وبعدها بقى تبقى تفكر تخلف؟ 

بصلهم باستغراب وقال بنبرة واضح فيها الاستنكار:

-هو انتوا كمان هتحددولي اتعود عليها امتى؟ انا بجد مش مصدقكوا! هو انتوا مش شايفين انكوا بتدخلوا في حياتي زياده عن اللزوم! لدرجة ان انا تقريبًا ما بقتش احكم  اقرر انا عاوز إيه وامتى؟

علق ابوه على كلامه وهو بيقول:

- وانتَ مش شايف إن كل ما نفتح موضوع بترجع تاني لنفس النقطه, اننا بنقرر في حياتك, وانا فاهم كويس إنك تقصد بنقرر في حياتك دي على  موضوع الست سمر, فلو هي دي نقطة الخلاف قول عشان نبقى فاهمين احنا بنتكلم على إيه,  يعني انا دلوقتي بكلمك على مراتك وابنك وانتَ بترجع لنفس النقطة تاني.

- عشان هي دي النقطة اللي كل حاجه بدأت من عندها, قررتوا تتدخلوا في حياتي فرفضتوا خالص إني ارتبط بيها وعجزتوني بأنكوا تخيروني ما بينها وما بينكوا, وطبعًا اخترتكوا, وبعدها بشويه قررتوا إني اكيد لازم اتجوز مش هعيش مترهبن, فجبتولي فريدة  و اقنعتوني بيها, خلاص اتجوزنا والمفروض اني استقل بحياتي جايين دلوقتي برضوا تتدخلوا فيها, هي دي مش حاجه غريبه وتزهق! 

 ردت أمه وقالت:

- لا مش حاجة غريبة, الغريب فعلًا اننا نعرف انك عاوز تعمل مصيبه زي اللي انتَ عاوزها وتموت ابنك اللي لسه ما جاش على الدنيا, واحنا نقف نتفرج ونسكت ونقول اصل هي حياته وهو حر فيها.

-انا مش جاهز والله ما جاهز دلوقتي للخطوه دي, ومش عاوز اجيب عيل ابهدله معانا, انا لسه اصلًا مش عارف الجوازه دي هتستمر ولا لأ, انا مش  ناوي اظلمها هي كمان معايا, فانا مقرر اني لو فضلت على نفس الوضع اللي انا فيه دلوقتي واحساسي ناحيتها فترة طويلة يبقى كل واحد فينا يروح لحاله, عشان ما تضيعش سنين عمرها معايا على الفاضي.

-ولما انتَ عندك ضمير قوي كده, ما فكرتش كويس ليه قبل ما تتقدملي وتدخلني معاك في حرب ملهاش لازمه وهطلع في نهايتها خسرانه؟ 

 كان صوت "فريدة" اللي كانت واقفه على باب الشقة المفتوح بعد ما جت علشان تاخد كذا حاجه نسيتها, و سمعت حوارهم الأخير,  بصوا لها كلهم بتفاجئ من وجودها, ورد هو عليها بعد شويه:

- انا عمري ما فكرت اظلمك ولا اشيلك شيلة مش شيلتك, بس انا اتصرفت تصرف أي حد مكاني هيعمله, اني فكرت ان بعد ما أهلي رفضوا اني ارتبط بالانسانة اللي عايزها لازم هتجوز وهكون أسرة وبيت,  والأكيد اني كنت لما احب اتجوز هيكون الموضوع عن طريقهم لأني مش هفكر احب تاني, عشان كده لما قالوا ليا عليكِ ماعترضتش من باب إن دي حاجه طبيعي هتحصل,  وصدقيني انا وقتها كنت حاطط في دماغي وناوي اني ماسمحش بتجربتي الأولى تأثر على جوازي ولا اظلم البنت دي معايا ايًا كانت هي مين, و ماعتقدش اني  في فترة جوازنا ظلمتك معايا,  بالنسبه لموضوع الحمل انا كل اللي طلبته اننا نأجل لحد ما احس نفسي جاهز لمسؤوليه زي دي,  بس انتِ اللي استعجلتي ورحتي قررتِ ونفذتِ من ورايا ووقفتِ الوسيلة اللي كنتِ بتاخديها. 

ردت بدموع غزت عينيها:

_عشان اتكلمت معاك كذا مرة، قولتلك عاوزه احمل كفاية سنتين ضاعوا من عمرنا، وانتَ بترفض، فكرت لما احطك قدام الأمر الواقع هتتقبل، فكرة إنك خايف من الفكرة بس لما تحصل هتحب وجوده.

_وانا مش مسؤول عن معتقداتك، انا مسؤول عن الكلمة والقرار اللي قولته، غير كده دي مشكلتك انتِ، أنا راجل مش عيل عشان مبقاش عارف انا عاوز إيه، وانا فعلاً مش جاهز للعيل ده.

قالها بكل برود نزل على قلبها زي الصاعقة، حتى بعد ما سابتله البيت لسه عند قراره! وكأنه لاقاها حجة مناسبة عشان يخلص منها هي شخصيًا! ولو كان فعلاً عاوز يخرجها من حياته عشان يفضى للتانية فهي مش هتذل نفسها معاه اكتر من كده


تعليقات