رواية مجرد وهم الفصل الثالث
حتى بعد ما سابتله البيت لسه عند قراره! وكأنه لاقاها حجة مناسبة عشان يخلص منها هي شخصيًا! ولو كان فعلاً عاوز يخرجها من حياته عشان يفضى للتانية فهي مش هتذل نفسها معاه اكتر من كده.
_تمام... يبقى امشي في اجراءات الطلاق.
قالتها بملامح جامدة ودخلت تجاه اوضة نومها عشان تاخد الحاجات اللي جت تاخدها:
_ياض اتلحلح، ادخل قولها كلمتين راضيها بيهم واصرف الشيطان ده عنك.
قالتها أمه وهي تنغزه في دراعه، فبصلها ببرود وقال:
_وبعد ما اراضيها، هتقبل بقراري؟
_يعني إيه يعني انتَ لسه مُصر انها تنزل العيل؟
رفع اكتافه بيقول:
_مفيش حاجه اتغيرت عشان اغير رأيي.
اتكلم أبوه وبعدها خرج من الشقة بغضب:
_سبيه خلاص، سبيه يهد حياته هو حر، بس ابنك مش هينزل، ولو كده اعمل زي ما مراتك قالت وطلقها، هي اصلاً خسارة فيك.
بعد ما مشي بصتله أمه بعتاب فقال بصوت عالي وغيظ من بصتها:
_بتبصيلي ليه؟! الغلط عندكوا مش عندي، انتوا اللي مُصرين تتدخلوا في حياتي، والمرادي كمان عاوزين تغصبوني!
_معاه حق، انتوا اللي غلطوا من الأول.
قالتها "فريدة" بعد ما طلعت من الأوضة وفي ايدها شنطة صغيرة، قربت منهم ووقفت قدام حماتها وقالت:
_لما انتوا عارفين هو قد إيه بيحبها ليه غصبتوه يسيبها؟ ولو عملتوا كده عشان خايفين عليه ليه تغصبوه يتقدم لبنت تانية! مش حرام؟ مش حرام يبهدل بنات الناس معاه ويخذلهم!؟ انا زيي زي أي بنت كنت داخله الجوازة دي بحماس وفرحة، هعمل كذا في بيتي وهعمل كذا وكذا وكذا مع جوزي، ولما اخلف هربي ابني على كذا وكذا، و و و.. كلها أحلام ابنك مدانيش نص فرصة عشان احققها، ابنك كان بيتعامل معايا كأنه عايش في فندق، لأ وفندق ليه...
كملت وهي بتبصله باستهزاء، ونظرة أمه مصدومة لانها اول مرة تعرف كلامها ده:
_كان بيتعامل معايا كأني شغاله جايبها في البيت، بيرجع من شغله ميبصش في وشي حتى، يتغدى ويقعد يعمل شغله على اللاب ولو كلمته يرد بالعافية، مفتكرش مرة قعدنا وحكينا اكتر من خمس دقايق، مفتكرش مرة بص في وشي لدقيقتين على بعض، دايمًا كان يبص في اماكن بعيد عني، وكأنه مش عاوز يصدم نفسه بأن واحده غيرها موجودة في حياته...
_لا مش كده طبعًا أنا بس...
قاطعته وهي بتقول:
_مش عاوزه اسمع منك، مش فارق اسمع اصلاً وفر كلامك انا فهمت وبررت من زمان، ووقت تبريرك انتهى.
نطقت أمه بذهول:
_وليه مقولتيش؟ ليه سكتي على كل ده؟
رفعت صباعين وهي بتشاور لها:
_لسببين، اول حاجه عشان حاولت اكون الست اللي مطلعش سر بيتها لأي حد مين ما كان، وتاني حاجة عشان لو كنت حكيت كنتوا هتضغطوا عليه وتفضلوا تكلموه وتقولوله يتعامل معايا ازاي، واكيد، مش ده اللي هكون عايزاه، انا عاوزه جوزي يتعامل معايا بطبيعته مش هشحت منه الاهتمام، ولا حد يوجهه.
بصتلهم هم الاتنين شوية وقالت بابتسامة:
_صدقوني وقت الكلام عدى، مبقاش له لازمة، بقى ماسخ، وإن كان على احلامي اللي هدتها هبنيها مع ابني، هعوض فيه كل اللي اتحرمت منه بسببك، الاهتمام، والحنية، والحضن، والحب اللي ملاقيتهومش عندك هديهمله بكل طاقتي، والأهم...
بصت لحماتها وكملت:
_لو في يوم اختار واختياره ماعجبنيش وقررت امنعه عنه، مش هخليه يروح يجرب مع حد تاني، حد يتأذي بسببه وهو ملوش ذنب، هعلمه ازاي مايجيش على حد مهما كانت أسبابه، ويكون صريح في العلاقات.. والعلاقة اللي مش هيعرف يدي فيها يقول من الاول مايعشمش ويكسر العشم، ميحطهاش معاه في خانة مش يمكن اعرف اكمل! يتعافى هو الأول بعدين يفكر في واحدة تكون شريكة حياته، مش يروح يشيلها عقده.
قالت جملتها الأخيرة وهي بتبص لياسر بقرف خلاه اتجمد مكانه، وحس وكأنها ضربته قلم على غفلة، بصت لحماتها تاني وقالتلها:
_انتوا كدبتوا عليا، فهمتوني انه مكانش بيحبها وكان بس متعلق بيها وانها خلاص اتجوزت مبقاش منها خطر، وانه هينساها بسرعة، مقلتوش الحقيقة، كان لازم تقولوا الحقيقة وانا اللي اختار برغبتي... يلا ما علينا..
اتنهدت وكملت:
_بس يا ريت لما تحبوا تجوزوه تاني ماتغصبهوش، وماتختاروش له عروسة غير لما تتأكدوا انه يصلح للعلاقة دي.. ونصيحتي خليه يتجوزها، حساهم هيليقوا على بعض موت.
وبصتله بعدها بصة من تحت لفوق قبل ما تتحرك خارجه من الشقة، وهو كان بركان مشتعل وراها، مش مصدق انها بتهينه وهو واقف مش عارف يرد عليها!
_شوفت وصلتنا ووصلت نفسك لأيه! واقفين مش عارفين نرد عليها عشان عندها حق، ولو كانت شتمت ماكنتش هقولها بتقولي إيه.
بصلها وهو على آخره وسابها ودخل اوضته ورزع الباب وراه.
----------------
بعد شهر..
_يعني هطلقها ولا لأ؟
سألته "سمر" وهو بيكلمها في التليفون، فرد بضيق:
_ما قولتلك يا سمر هطلقها هي صورة!
_اصلك يعني بقالك يومين بتقولي كده ومفيش جديد.
_بمشي في الإجراءات يا سمر، بعدين مستعجلة على إيه؟
_ومستعجلش ليه! احنا مش متفقين تيجي تخطبني؟
رد بتنهيدة:
_وانا مقولتش حاجة، اخلص بس من موضوع فريدة.
ردت بتأمر:
_متنساش اول ما تاخد عفشها هننزل نشتري العفش الجديد سوا، مش عاوزه مراية تكون موجوده في الشقة فيها ريحتها، حتى دهانات الشقة هغيرها، البلاط نفسه هشيله.
رد باعتراض:
_وتشيلي البلاط ليه بس ده لسه جديد.
_قولتلك مش عاوزه حاجه من ريحتها، وده حقي، ولا إيه؟
رد باستسلام:
_حاضر يا سمر.. حاضر.
وكان بدأ يتكلم معاها من ٣ اسابيع، لما هي اللي بدأت بالكلام بعد ما سمعت من المنطقة ان مراته سايبه البيت، بعتتله رسالة على الماسنجر ومن وقتها وهم بيتكلموا، وبعد كام يوم اعترفتله أنها لسه بتحبه وجوازها منساهاش حبها له بالعكس اتأكدت اكتر انها مش هتقدر تكون مع راجل غيره، وهو اعترفلها نفس الاعتراف وعرفها انه واقف على الطلاق مع مراته، ومن وقتها بقوا يتكلموا ويتفقوا هيعملوا إيه في حياتهم.
---------------
_ما شاء الله شغلك في الجرافيك هايل.
ابتسمت بامتنان وهي بترد:
_انا بشكر حضرتك جدًا، ده مجال كليتي، انا كنت كلية حاسبات ومعلومات، وبعد الكلية خدت كذا كورس في المجال والحمد لله كنت حباه اوي عشان كده تقدمت فيه.
_ايوه الاستاذ مدحت خالك كان بعتلي السي في بتاعك من يومين.
_انا بس اتمنى الموضوع مياخدش سكة الواسطة، يعني لو شغلي مش عاجب حضرتك او مش يناسب الشركة ياريت تبلغني بكل شفافية.
ابتسملها وهو بيرد:
_انا اول ما شوفت شغلك علقت عليه بصدق، وكون خالك كلمني عشان تيجي تشتغلي هنا ده شيء وخبرتك واتقانك لشغلك شيء تاني، انا بعين هنا الناس اللي تفيد الشركة، مش عدد وخلاص.
سكتوا شوية بعدين سألها:
_استاذ مدحت قالي إنك حامل؟
حطت ايدها على بطنها تلقائيًا وجاوبت:
_اه، اسبوع وهبدأ في الرابع.
_يعني قدامك ٥ شهور تقريبًا تقدري تشتغلي معانا اوفلاين فيهم.. وفترة الولادة وبعدها ل٣ شهور هتشتغلي معانا اونلاين، بس مش هنقدر نمد مدة ال٣ شهور اكتر من كده، انا مبعملش ده مع أي حد، بس هنا الواسطة ليها دور حقيقي.
وضحك فضحكت ضحكة هادية وقالت:
_لو ده مش هيعطل شغل الشركة معنديش أي مانع.
_يووه ده هيخسرنا ملاييين، بس يلا مش مهم، المهم استاذ زين يشرف بالسلامة.
ضحكت وهي بتسأله باستغراب:
_مين زين؟ انا مقولتش أنه ولد!
_عادي لو بنت تبقى زينة.
قالها بهدوء وجدية خلتها تشك للحظة إنه بيتكلم جد، هو فعلاً بيتكلم جد! ضحكت وهي بتبص للوحة الازاز اللي قدام مكتبه واللي مكتوب عليها "زين منصور"، واضح انه شخص نرجسي لدرجة إنه فاكر أنها ممكن تسمي ابنها على اسمه!