رواية جاريتي الجزء الثاني الفصل الثلاثون
كان الجميع صامتا وكأن على رؤسهم الطير ... كان والديها يلومان نفسيهما وبشده كيف غفلا عن ابنتهما ... كيف لم يفكرا للحظه فى كل ما قالته كيف تغافلوا وتناسو
كان زين ينظر إليهم يقدر مشاعر حزنهم على ولدهم ولكن كيف يعيشون في عالم الأموات ويتركون الأحياء يموتون بالبطئ وقف على قدميه واقترب من السيده أمينه جثى أمامها على ركبتيه وقال وهو ينظر إلى عينيها بلوم
ليه سيبتيها كده ليه وصلتيها لكده ... قلبك محسش بيها
نظرت إليه وعيونها تملئها الدموع .... وقالت
- طارق أول فرحتى ... شاب لسه بيفتح ... كان ديما حنين وطيب ديما يقولى حاضر يا أمي .. تأمريني . كنت بقف جمبه أحس أن أنا إللى بنته مش هو إللى ابنى ... وفرحكانت على طول ماسكه فيه رايحه جايه معاه ... لكن أنت معاك حق في كل إللى قلته ... قلبي إزاى محسش ببنتي إزاى أسيبها تعيش ميته
وانهارت ببكاء مرير يقطع نياط القلب
كان السيد أحمد يستمع إلى كلماتها وهو يجلد نفسه بتلك الكلمات فأمينه ليست المخطئه الوحيده فهو أيضاً مخطئ و بشده
كان زين يشعر بالحيره ماذا عليه أن يفعل الأن قلبه معلق بذلك الباب الذي تختفى خلفه تلك المجنونه القصيره .
شعر بنظرات السيد أحمد فقال
- أدخلها يا ابنى ... أدخلها
استيقظت من غفوتها لتجد نفسها تنام أرضا شعرت بألم قوى في عينيها ... ولكنها لا تتذكر ما سبب نومها هنا استمعت لصوت فتح الباب لتنظر إلى الذي يقف أمام الباب بارتباك ابتسمت شعر من نظره عينيها أن هناك شيء خاطئ فأراد التأكد فقال
- أخبارك أيه
لتبتسم وهي تقف على قدميها
الحمد لله يا زين باشا كويسه
ليقطب جبينه وهو يردد خلفها
باشا
لتقول موضحه بطريقتها المرحه
- أيوه باشا وشرطه وسلطه وكده یعنی .
لينظر لها بشر وهو يقول
ماشي يا خطيبة الباشا .... أجهزي علشان عايزك في مشوار
نظرت إلى ساعتها لتجدها تشير إلى الحادية عشر فقالت له
- أحنا بليل ولا الصبح
ليشير لها برأسه بإتجاه الشباك .
لتنظر إلى الشباك ثم عادت بنظرها إليه من جديد
هنخرج دلوقتي .. الوقت تأخر
ليقول هو بأقرار
أولا هنتعشا معاهم بره لأنهم لسه متعشوش مستنين حضرتك تصحى ... ثانياً ... أنا مستأذن من والدك والمكان إللى رايحله على ما نوصل هنكون الصبح
وخرج سريعًا وهو يفكر ماذا حدث لها ... أنها تتعامل بشدة وأنها شيء لم يكن .. هل يجوز أنها تريد تخطى الموضوع ام أنها حقًا من كثرة الضغط عقلها جعلها تنسى كل ما حصل
كانوا في انتظاره أمام الباب وشعروا بخوف عميق بسبب تلك النظره الحائره في عينيه وصمته قرب منه السيد أحمد وقال
أيه يا بني هي فيها حاجه
لينظر له زين باندهاش وقال
بتتعامل عادى جدا وكأن مافيش حاجه حصلت
كانت نظرات السيد أحمد مندهشه و حائره وكذلك السيده أمينه عاد بنظره إلى زين وقال
- وأنت قولتلها أيه
ظل زين صامت لبضع ثواني ثم قال
- أنا أتعاملت عادى وكأن مفيش حاجه حصلت وطلبت منها تجهز علشان هنخرج نتعشى معاكم وبعدين هنخرج حتى هي اعترضت لكن أنا أقنعتها أننا هنروح مكان بعيد هنوصل الصبح وطبعاً ده بعد ما أخذت أذنك
زادت نظرات الحيره في عين السيد أحمد وكان ينظر إلى زين بشك فأوضح زين قائلاً
- أنا عارف حضرتك بتفكر في أيه بس صدقني أنا وفرحمحتاجين بعض جداً وأنا مش هاجيب لها سيرة الموضوع إللى حصل النهارده إلا لو هي أتكلمت فيه وأرجوكم أتعاملوا معها طبيعي جداً و حاجه كمان أنا عايز حضرتك تثق فيا أنا بحب فرح وعمرى ... عمري ما هأزيها
خرجت فرح من غرفتها تبتسم ابتسامتها المعهوده .
وقالت بمرح
- أنا جاهزه جداً للفسحه الغريبه
نظر الجميع إليها بأبتسامه بسيطه فقال زين
طيب يا جماعه يلا بقا ألبسوا أنتو كمان علشان نخرج .
جلست فرح على أقرب كرسى ليجلس زين أمامها صامت فقالت هی باندهاش
- حاسه أني نايمه من وقت طويل
نظر لها باستفهام وقال
مش فاكره حاجة حصلت عليها قبل النوم
جعدت أنفها كالأطفال وقالت
- لا .. مش فاكره حاجه خالص .. حتى أنا مش فاكره أنا رجعت إزاى من الشغل .
هز رأسه بنعم دون كلام وبعد عدة دقائق خرج السيد أحمد والسيده أمينه وعلى وجههم ابتسامه هادئه وقال أحمد
- يلا أحنا جاهزين ... تعالى يا فرح
لتقترب فرح من أبيها ليضمها بقوه وقال
ربنا يخليكي لينا يا بنتى ... ونقدر نسعدك زي ما أنت ديما بتسعدينا
كانت تشعر بالغرابه ولكنها أيضاً تشعر بسعاده قويه وكبيره
وخرجا من الباب وكل منهم يفكر فيما حدث وسيحدث
كان يجلس خلف مكتبه فى الشركه يتحدث عبر الهاتف .... ليفهم من زهره ما هي تلك المعضله الكبيره التي تقف أمامها وحين شرحت له الوضع صمت لثواني يفكر ثم قال لها
أوقفى الشغل النهارده يا زهره .. وبكره ان شاء الله كل حاجه هتكون محلوله ... أنا مستنيكي
أغلق الهاتف وظل يطرق بأصبعه على سطح المكتب اعتدل في جلسته ومد يده يضغط زر استدعاء سكرتيره الجديد
شاب في الثلاثين من عمره نحيل ومتوسط القامه ولكن ملامحه شديدة الوسامه بخشونه رجولیه ممیزه
طرق الشاب الباب برفق ثم دخل يقول بأدب
تحت أمرك يا باشمهندس
ظل صهيب صامت لثوانى ثم قال
- أسمها افندم يا شريف مش تحت أمرك
ليبتسم الشاب فهو وقع صريعاً في عشق صهيب من المقابله الأولى وكل ذلك بسبب تواضعه وأخلاقه الكريمه
في نفس اللحظة التي عرف فيها بحاجه شريف للعمل مع كل مؤهلاته المميزه عينه فوراً ليس فقط سكرتير له بل أيضاً مدير للمكتب فى غيابه وسكرتير تنفيذي
ومن وقتها وشريف يعتبر صهيب صاحب فضل كبير عليه
يخرجه صهيب من أفكاره وهو يمد يده بهاتفه طالباً منه إخراج رقم شركه الهاشمي.
نفذ شريف في صمت فأكمل صهيب
يريدك مع صاحب شركه الهاشمي معاد النهارده ضروري جداً.
أعاد شريف الهاتف إلى صهيب وقال
ثواني وأقول لحضرتك الميعاد.
بعد عدة دقائق طرق شريف الباب وقال
المعاد بعد نص ساعه.
ليهز صهيب
طيب شوف السواق فين خليه يجهز العربيه.
في تلك اللحظة دلفت زهره إلى المكتب فحیت شریف قائله
- إزيك يا أستاذ شريف .. أخبار الشغل مع صهيب ايه
يبتسم شريف بامتنان وهو يقول
- الباشمهندس ونعم مديرى الشركات.
يبتسم صهيب وقال بغرور مصطنع
يا ابنى دى أقل حاجه عندى.
وقف صهيب لتقول له زهره
- على فين كده
ليقول بغموض
على شركة الهاشم ... ادعيلى.
وخرج هو وشريف وجلست زهره مكانها تشعر بالحيره
كانت جلسه العشاء مميزه حقا ... لم تتوقف فرح عن إضحاك الجميع حتى ذلك الثلجي نجحت في إخراج صوت ضحكه عاليه منه كانت الساعه قد شارفت على الثالثه صباحا حين أعاد زين السيد أحمد وحرمه إلى البيت بعد أخذ الأذن بالذهاب في رحله صغيره وسيعودا في نهايه النهار
كانت تشعر بالحماس وهى تخرج خارج مدينتها لأول مره إحساسها بالغموض وأنها لا تفهم إلى اين يأخذها كان يجعلها تتمرجح بين الحماسة والخوف .
وصل إلى مدينته الساعه السابعه ليذهب بها إلى حيهم القديم أوقف السياره أمام بيت قديم نسبياً وطلب منها أن تترجل وقفت تنظر إلى الحى والبيوت بتمعن ثم نظرت إلى البيت الذي يقف أمامه زين وقالت بوجه طفولي بكاء
أنت جايبنى فين يا باشا أنت هتموتني ولا أيه
لينظر لها بشر وأشار لها أن تدخل البيت ظلت واقفه أمام الباب فدفعها بيده إلى الداخل ودفعها مره أخرى لتصعد السلم
كانت تصعد درجات السلم لذلك البيت المهترئ بجانبه تمسك بيده بشده ويظهر الخوف جلياً على ملامحها وهو يبتسم في سعاده من تلك الطفله التي ارتبط بها من وقت التقاها وهي دائماً تضحكه بحركاتها هي دائماً تظهر القوه وفي آخر الأمر ترتعش خوفاً وأكثر ما جعله يأتى بها إلى هنا ... إنفجارها أمس وخروج كل ذلك الضيق .. أراد أن يكشف لها ذاته كما أكتشف هو ذاتها
كان يشعر بالخوف من القادم ولكنه أراد أن يكونا سويا إلى الأبد والأن سيتضح كل شئ
نظر لها و قال
أنت مسكاني كده ليه هو أنا ههرب
لتنظر له لتقول بصوت باکی
- هو أحنا فين يا باشا والله أنا معملتش حاجه غلط
ليقطب جبينه وهو يقول
باشا أيه يا فرح دى تالت مره تقوليها النهارده هو أنت ديما كده تحبى تضايقينی
لتنظر له وعيونها تمتلئ بالدموع وتقول
- أحنا فين طيب أيه المكان الغريب ده
ليقف أمامها وهو يقول باستفهام غاضب
- أنت بتثقى فيا ولا لا .
لتنظر حولها بخوف تنظر لذلك البيت القديم من حولها بخوف ثم هزت رأسها بنعم
ليرفع حاجبه متزامنه مع حركه رأسه المستفهمه
لتقول بصوت يرتعش خوفاً
- بث بثق فيك
ليكتف يديه أمام صدره وهو يقول
- مش باين
لتبتعد خطوه للخلف وهى تمسح تلك الدمعات التي تسيل على خدها وقالت
- أنت ساعات بتبقى طيب معايا .. وساعات بتبقى مش طايق منى كلمه ساعات بحس أنك ممكن تكون بتحبني وساعات بحس أنك مبتكرهش حد قدى وساعات بحس أنك فاهمني شايفنى من جوه زى النهارده وساعات بحس أنك بتتعامل مع كائن فضائي وأنا دلوقتي مش فاهمه أنا فين وليه وبعدين هو أنت ليه بتضايق من كلمة باشا لما بقولهالك ما كل الناس بتقولك يا باشا وبعدين هو مش أنت باشا فعلاً وهترجع شغلك تاني وتبقى ظابط
ليظل ينظر إليها بتركيز وهو يفكر هل ظلمها يوم وضعها في تلك الخانه هل ظلمها حين ضغط عليها بأسلوبه الجاف وتعامله الغير سوى لماذا كان يرى فيها هايدى رغم الإختلاف الكلى بينهم ... لابد من أن يتخلص من ذلك الماضي إلى الأبد
تقدم الخطوه التي ابتعدها وقال بهدوء عكس ما يشعر به
- أولا كل إنسان جواه جزء طيب وجزء شرير بس الجزء الشرير ده بيطلع مع إللى بيكرهم ومين قالك أني مش
بحبك بس
صمت قليلاً يحاول استجماع كلماته تنهد بصوت عالى ثم أكمل قائلاً
- أنا في حاجات كتير مرت عليا قبلك خلتني بالطبع دهحلق وكل شيء تحت الاختبار ..... بس لازم تتأكدي أني بحبك ولا مكنتش معاكي دلوقتي .. ولا جبتك هنا
ثم نظر إليها بشر وهو يقول بصوت عالى وعصبي
- هو أنت بتشتغلى عندى ولا حد غريب عنى علشان تقولي يا باشا طيب أيه رأيك بقاوقفك طبور ذنب واكدرك
ليظهر الخوف جلياً على ملامحها ليشعر بالغراب هل صدقته
لانت ملامحه ونبرته وهو يقول لها وهو يقترب من وجهها
أومال مين يقولى يا زين ... يا زيزو ... يا حبيبي
لتتلون وجنتاها بشده بحمره قانیه جعلته يضحك بصوت عالى
لتضربه في صدره بغضب مصتنع وهي تقول
- مستفز
ليقبل يدها وهو يقول
تعالى بقى أفهمك أنا جايبك هنا ليه .. قبل ما أكلك
وقال الأخيره وهو يغمز لها بشقاوته
كانت تشعر بالأنبهار هي الأن تقف في غرفته القديمه شقاوة طفولته ... وبداية صباه حب مراهقته وبدايه عمله في الشرطه كانت تنظر إلى الصور المعلقه على الحائط صوره له مع شخص يشبه بشدته من الواضح أنه والده ... وشهادة تخرجه ... وصوره له مع سفيان وبعض الأصدقاء الآخرين التي لا تعرفهم
كتب دراسة ... وكتب أخرى) أدبيه ... زاد اندهاشها ذلك الثلجي يقرأ كتب أدبيه لن تندهش أن وجدت روايات عليه
عاطفيه أيضاً
كان يتابع حركتها في غرفته واستكشافها كل أنش فيها .
اندهش من إحساسه
كان يتمنى أن يجدها منذ وقت طويل ... وكأنه كان يحلم بها منذ صباه وأحلام المراهقه .... كانت هنا معه في تلك الغرفه
وقفت أمام صوره لأمراه جميله يبدوا عليها الوقار مصحوب بفيض حنان تنظر إليها بتمعن وقف خلفها وقال
- أمي
نظرت له نظره سريعه ثم عادت إلى الصورة قائله
- عنيك شبه عنيها رغم الفرق الكبير
فقال باستفهام
- فرق أيه
فقالت سريعاً موضحه
- عنيها كلها حب وحنان .. وعنيك كلها خوف شك برود
ثم نظرت إليه باهتمام حقيقي وأكملت
نفسي أعرف أيه إللى غير نظرة عنيك إللى شفتها في الصوره اللى هناك دى
وأشارت إلى صورته مع والده
ظل صامت ينظر إليها ثم قال
- لأني نحس ..... قاتل ..... لأنى حسيت بالخيانه .
قطبت بين حاجبيها ... وظهر الأندهاش على ملامحها
ليجلس هو على سريره واسند رأسه على ظهر السرير وقال
- هحكيلك كل حاجه ... لأنى بجد محتاج أتكلم .
