رواية أنا لها شمس الجزء الثانى ( اذناب الماضي ) الفصل الواحد والاربعون 41 المعدل بقلم روز امين


 رواية أنا لها شمس الجزء الثانى ( اذناب الماضي ) الفصل الواحد والاربعون المعدل


تحرك ياسين المغربي وزوجته وابنته وكارم بصحبة فؤاد علام وإيثار ليصلا بهم إلى الطاولة المُعدة لهم، توقف ياسين وتحدث بإحترامٍ ووقار: 
-كنت حابب أسلم على معالي المستشار علام باشا زين الدين وابارك له

-أكيد طبعاً، ده شيء يشرف الباشا...قالها وهو يُشير بيده صوب تلك الطاولة الكبيرة الخاصة بعلام زين الدين وشقيقه أحمد وزوجتيهما،وبسام وزوجته، وأيضًا سميحة وزوجها وابنائها الذين حضروا من الامارات لحضور حفل الزفاف 
وصل ياسين وقف بهيئة جذابة من يراهُ يُدرك من الوهلة الأولى أن ذاك الرجُل ذو شأن عظيم، عيناه توحي بالقوةِ والثبات، نطق فؤاد بفخرٍ إلى والده: 
-علام باشا، ياسين باشا المغربي رئيس الباشمهندس يوسف في جهاز المخابرات عاوز يتعرف على جنابك
إعتدل علام بجلوسهِ وتطلع إلى الضيف يقيم نظراته ثم تحدث بابتسامة بشوشة لرجل ذو شموخ وعزة: 
-أهلاً وسهلاً يا ياسين باشا، نورتنا وشرفت الفرح 
مد ياسين يده وتحدث بانحنائة بسيطة تنم عن مدى توقيرهُ لمكانة ذاك الرجل الحكيم المعروف بنزاهته هو ونجله في السلك القضائب بل في الدولة بأكملها: 
-الشرف ليا يا معالي المستشار
وتابع بتوقيرٍ واحترام: 
-أنا سعيد جدًا إني قابلت شخصية كلنا بنوقرها وبنحترمها زي جنابك، سمعة معاليك تخلي أي حد يفتخر بمعرفة سعادتك. 

نطق علام بكلماتٍ صادقة: 
-متشكر لسعادتك وشرف كبير ليا أنا كمان إني اتعرف على وحوش المخابرات اللي مشرفين البلد وحاميينها من الاعداء والمغرضين
أشار فؤاد إلى والدته وقدمها: 
-دكتور عصمت الدويري، أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة، والدتي وجدة الباشمهندس يوسف
-تشرفنا يا دكتور...قالها مع انحناءة بسيطة من رأسه ثم أكمل فؤاد تقديم العائلة حتى وصل لصغيرهُ الرزين وتحدث: 
-وده إبني، زين الدين فؤاد علام 
رفع ياسين حاجبهُ يطالع الفتى الذي وقف يحيي ياسين وينطق بطلاقة: 
-اتشرفت بمعرفتك يا افندم
-زين الدين واخد صفات علام باشا، وده واضح جدًا من هيئته ووقاره
وتابع وهو يتطلعُ إلى فؤاد: 
-وطبعًا سيادتك طالع لجنابه مفيهاش كلام

نطق الفتى بلسانٍ طليق: 
-متشكر جدًا لحضرتك، وصفك بإني أشبه جدو وبابي شرف كبير ليا
أشار ياسين للجميع وهو يحتوي زوجتهُ بذراعه الملتف حول كتفها بحنانٍ: 
-أحب أعرفكم على عيلتي، مليكة هانم المغربي، مراتي 
قالها بفخرٍ واعتزاز مما جعل قلبها يتراقص،اومات برأسها للجميع وقالت بابتسامة لطيفة: 
-اتشرفت بمعرفتكم ، وألف مبروك لحضرة الظابط
نطق علام باحترامٍ وبشوشية: 
-الله يبارك فيكِ يا هانم، عقبال اولاد حضرتك 
قدم أيضًا كارم وابنته وأثناء حديثهم وجد فؤاد من يتشبث ببنطالهِ ويجذبه فنظر للأسفل ليجد ذاك الشبر ونصف وهو يقول باستياءٍ ظهر على وجهه وهو يُشير إلى حاله: 
-عرفه عليا أنا كمان يا بابي
ضحك ياسين وهو يطالع ذاك القصير وتحدث إلى فؤاد: 
-ده إبنك؟ 
حمله فؤاد وثبتهُ بأحضانه وتحدث وهو يطالع صغيره ببأسٍ مفتعل: 
- ده بقى أخرة صبري، بلطجي العيلة حضرتك، مالك باشا
تعالت ضحكات الجميع فنطق ياسين بمؤازة: 
-عندي النسخة التانية منه، "عز" إبني، ده بقى كارثة قومية 

اقتربت مليكة من الصغير وقامت بوضع قُبلة على وجنته وابتعدت لتتحدث إلى زوجها الذي امتلكه الغضب لتقرب زوجته من فؤاد دون قصدًا حين قبلت الصغير:
-إحنا لازم نعرفهم على بعض يا باشا
ابتسم لها ياسين مع إرساله لإشارات توعدية من عينيه جعلتها ترتعد وتعود للخلف، في حين نطق فؤاد بمجاملة: 
-إن شاء الله يا افندم
نطق المشاغب يسأل ياسين: 
-هو عز قدي يا عمو؟! 
-أكبر حبة بس نفس اللماضة...قالها ثم قبله،افلت فؤاد صغيره وتحدث إلى ياسين: 
-اتفضلوا يا افندم 
استأذن ياسين فتحدثت عصمت: 
-نورتونا
تحركت العائلة خلف فؤاد وجلسوا بمقاعدهم ولم يتركهم فؤاد إلا بعدما اطمئن على تقديم واجب الضيافة على أكمل وجه، انسحب هو وامرأته ثم تحدث إليها وهو يرمقها بنظراتٍ توعدية: 
-وحياة الدكتورة عصمت ما هفوتها لك يا إيثار

-هي إيه دي اللي مش هتفوتها لي يا فؤاد؟! 
-النبيتي... قالها بقهرة وهو يطالع حسنها الزائد في ذاك الثوب بلونه المحب إلى قلبه وتابع: 
-النبيتي يا مدام
ضحكت وتحركت بجواره وهي تقول بجدية:
-طب يلا نرجع ليوسف علشان نكون جنبه وهو بيستقبى عروسته. 
احتوى خصرها برعاية وتحرك بجوارها حتى وصلا لنجليهما. 

العودة إلى طاولة عائلة الزين، نطقت سميحة والغل والحقد يأكلان من قلبها وهي ترى احتواء فؤاد لتلك الدخيلة على عائلتهم كما تصفها دومًا: 
-الدنيا دي غريبة قوي
الجميع التفت إليها منتظرين تكملة حديثها، علام،عصمت، أحمد، نجوى، بسام، زوجته حتى الصغير زين الدين الجالس بجوار جده، فتابعت بابتسامة ساخرة: 
-مين يصدق إن عيلة الزين والرُتب اللي موجودة حوالينا دي وصفوة رجال الاعمال متجمعين في الفرح الاسطورة ده علشان يهنوا ويباركوا لإبن السكرتيرة اللي دخلت على عيلتنا بفستان ملبسهوش لخدامتي وشايلة إبنها على كتفها زي الـ.... 
لم تستطع تكملة حديثها من صوت عصمت التي هدرت غاضبة لنصرة زوجة نجلها ولم تتحمل عليها الإهانة من تلك الحاقدة: 
-سميحة،إتكلمي كويس واوعي تنسي إن اللي بتتكلمي عنها دي تبقى مرات فؤاد علام زين الدين
غضب علام واكتفى برمق ابنة شقيقه بازدراءٍ ولومٍ وحدة وفضل عدم الرد منعًا لإحراج شقيقه الذي شعر بالخزي من حديث نجلته وبدوره هتف بعينين تطلقُ شزرًا: 
-اعتذري لعمك ومراته حالاً
ابتلعت ريقها وشعرت بقبح ما نطقت به، حتى زوجها لم تسلم من نظراته الحادة لها، نطقت نجوى للدفاع عن ابنتها وتحسين موقفها أمام الجميع: 
-سميحة متقصدش اللي فهمتيه يا عصمت 

احتدمت بسؤالها: 
-أمال تقصد إيه يا نجوى؟! 
ابتلعت لعابها وهي تدافع عن نفسها كذبًا ومراوغة: 
-صدقيني يا طنط ما قصدتش اللي جه في بالك، أنا كنت هكمل كلامي وأقول انها ست ناجحة وبرافوا عليها إنها قدرت توصل بنفسها وإبنها للمكانة دي 
هتف احمد من جديد بنبرة حازمة وعينين تطلق سهامًا حادة: 
-قولت لك اعتذري وبعدها مش عاوز اسمع صوتك لحد الفرح ما ينتهي
تنفست بقوة لتنفس عن غضبها الكامن ثم نطقت بحدة تجلت بصوتها: 
-أنا أسفة لحضرتك يا عمو...قابل علام نظراتها الحادة بنظراتٍ باردة ثم ابتعد يتطلعُ على يوسف. 
-وآسفة لحضرتك يا دكتور... قالتها لزوجة عمها وهي تقلب عينيها بضجر تلعنُ بسريرتها تلك العائلة الغبية التي أعطت قيمة لتلك القروية الخبيثة كما دومًا تراها،همس "بسام" الجالس بجوارها قائلاً بلومٍ:
-خليكِ لطيفة وبلاش تفتعلي مشاكل وتولعي الأجواء يا سميحة
همست وقلبها يغلي كالبركان،حتى التعبير عن استيائها مُنعت منه بأمرٍ وجبر: 
-إنتم عيلة اغبية كلكم، ومش هتفوقوا غير لما تخسروا كل حاجة على إيد الهانم اللي علتوها على الكل، وبكره هفكركم لما تستولى على الشركة وتكتب كل حاجة باسمها

-جو المؤامرة اللي إنتِ عيشاه ده أكل دماغك خلاص، طلعي الست من نفوخك وعيشي حياتك يا سميحة 
وتابع بصدقٍ: 
-ده أنا اللي مكنتش بطيق أسمع اسمها تقبلت وجودها ومنصبها اللي تأكدت إنها أنسب حد ليه، وإن عمي وفؤاد وبابا كان عندهم بُعد نظر لأنها أثبتت مع السنين إنها جديرة وتملك عقلية "بيزنس وومن" زي ما بيقول الكتاب، والدليل النقلة الكبيرة والمكانة اللي وصلت بيها الشركة من ساعة ما مسكت الإدارة 
تعمقت بعينيه وتحدثت وهي تُشير بكفها على تجهيزات الزفاف الباهظة: 
-مسألتش نفسك الهانم عاملة الفرح ده منين؟! 
واسترسلت بشراسة: 
-اقول لك أنا، من فلوسنا يا باشا
وتابعت بسوء ظن بعائلة عمها: 
-خليكم انتم قاعدين واتفرجم على خيبتكم واتسرقوا وانتم ساكتين. 
اجابها بثبات: 
-اللي اعرفه إن الولد ماشاء الله شغال مع المخابرات، وكمان مع شركة كبيرة ودخله محترم. 
اشارت بكفها تحثه على التزام الصمت: 
-إسكت يا بسام، مبحبش أتناقش مع الاغبياء
إستاء من حديثها ورمقها بسخطٍ لتنطق زوجته: 
-سيبك منها يا بسام، أختك بقت مستفزة وتحسها اتحولت في الكام سنة الأخيرة

بينما مالت نجوى تهمس بأذن نجلتها: 
-اهدي وبطلي تهور، الكل لاحظ نرفزتك وكرهك للي اسمها إيثار، ألف مرة قولت لك مينفعش تحطي نفسك في موقف يظهر إنك حطاها في دماغك
وتابعت بكبرياءٍ وغرور:
-إنتِ سميحة الزين،مينفعش تخلي الكل يلاحظ إن حتة سكرتيرة شغلاكي
رفعت رأسها للأعلى بشموخٍ وتطلعت على فؤاد بجوارها والألم والحسرة تملكا من قلبها. 
________________

تركزت عينيه علي المدخل الرئيسي يترقب ظهور أميرتهِ الحسناء، إشتغلت الموسيقي الهادئة المعدة لدخول العروس وبلحظه تسمرَ بوقفتهِ واتسعت عيناه بذهولٍ وانبهار حين وجدها تطلُ من الباب كحورية هبطت عليهِ من الچنان أخذ نفسًا عالياً لينتفض داخلهُ بشدة وتسارعت دقات قلبهِ بوتيرة سريعة، قلبهُ يطالبهُ بالإسراع عليها وضمها وليختفي بها عن أعين الجميع، لقد كانت جميلة بل ساحرة بطلتها الهائلة

أما تلك الجميلة الراقية،كانت تتأبط ذراع والدها،عيناها تسبحُ المكان باحثة عن مالك القلب والهوى،تطلعت أمامها وجدت عاشقُ عيناها يقف بإنتظارها بهيئة جذابة تخطف الابصار، يرتدي حِلةً سوداء جعلت منهٌ وسيمًا للغاية، تشابكت الأعين وكأن الزمان توقف والمكان خلى من الجميع عداهما، تآهب وتنافرت عروق جسده بالكامل من شدة توتره، شعر به فؤاد فاحتوى كتفه مما عزز الثقة بنفسه، أقبل عليه ماجد فاحتضنه يوسف، نطق ماجد بقلبٍ يحمل العديد من المشاعر المتنوعة، مشاعر ثائرة هزت كيانهُ بالكامل،مابين سعادة لأجل ابنته وهو يراها أميرة بثوبها الأبيض، وما بين غيرةُ على صغيرته التي عاش حياتهُ بالكامل ليحميها كظلٍ يرعاها،وما بين ألمٍ وندمٍ وشعورًا مريرًا يستقر داخل أعماقه لفراق حبة العين وذهابها لأحضان رجلاً آخر

نحى كبريائهُ وشخصيته الصارمة جانبًا ونطق وهو يوصي من اختارهُ قلب صغيرته وفضلهُ على جميع من حاول التقرب إليها من الشباب: 
-أنا عارف إني ضايقتك وجرحتك كتير
غصة مُرة وقفت بوسط حلقه وهو يتابع بأعين متوسلة ونبرة متحشرجة من شدة خوفه على صغيرته: 
-بس أنا عارف إنك راجل محترم وهتصون بنتي وتعاملها بما يرضي الله، عارف كمان إنك مش هترد لي الأسية في بنتي، مش كده يا يوسف؟ 
نطق جملتهُ الآخيرة وانتظر متأملاً الإجابة بلهفةٍ قلب أب، ابتسم الشاب وربت على كفه كي يطمأن قلب ذاك الملتاع على ابنته: 
-قولتها لحضرتك قبل كده وهقولها لك تاني، بوسي بالنسبة لي هي النور اللي بشوف من خلاله حلاوة الدنيا،واللي من غيره تنطفي دنيتي وتضلم، فياريت تطمن قلبك 
وأشار إلى قلبه وتحدث:
-لأن بنتك ساكنة هنا،ومش هتخرج منه غير بموتي 

نطق سريعًا تحت احتراق قلب بيسان وهي ترى مدى تأثر والدها واحتباس دمعاته بالعيون:
- بعد الشر عنك يا ابني 
سحب كفه من خاصته ليحتضن كف ابنته ويقبلها متأثرًا وهو يقول: 
-ألف مبروك يا حبيبتي، ربنا يسعدك إنتِ وجوزك

-ميرسي يا بابي، ربنا يخليك ليا يا حبيبي...نطقت جملتها وهي تربت على كفه بحنان،سلم كفها إلى يوسف بينما سحبت فريال زوجها جانبًا كي لا تبكي صغيرتها تأثرًا من حالة ماجد الحزينة،وباتت هي في مواساته والتخفيف عنه،وقف مقابلاً لحبيبته تحت تصفيق الجميع وروعة الموسيقى،احتوى وجنتيها بكفيه ثم مال على جبينها يضع قُبلة إحترام وتقدير،ثم تحدث وهو متعمقًا بكلتا الساحرتين عيناها: 
-نورتي حياتي يا كل عمري
تلألأت عينيها بدموع الفرح وما شعرت سوى وهي تقول: 
-بحبك يا يوسف، بحبك
تعانقا بقوة كلاً مشددًا من احتضانه للآخر متناسيين العالم بأسره،تعانقت القلوب وتراقصت على أنغام عشقهما العتيق،كم تمنى كلاهما الوصول إلى تلك اللحظة، تأثر الجميع بذاك المشهد وبالتحديد المقربين من دائرتهم ممن يعلمون قصة حبهما التي شهدت كمًا هائلاً من المصاعب التي تجعل اجتماعهما يكاد يكون مستحيلاً،لكن لا مستحيل أمام قدرة الله وتدابيره وسعي الإنسان،نوبة من المشاعر المتأثرة أصابت قلب إيثار،تلك الأم التي ذاقت الأمرين على أيادي الأقرباء قبل الغرباء،تذكرت رحلة كفاحهما معًا،لطالما أسمتهُ شريك الكفاح ورفيق الدرب رغم حداثة سنهِ، طريقهما كان مفروشًا بالأشواك والصعاب، ومع إصرارها تخطته بقوة إيمانها بالله وثقتها بالنفس، سارعت دموعها بالنزول لتتعالى شهقاتها،شاركتها الدموع تلك الجميلة شريكة كفاحهما،تلك المرأة التي تخلت عن إنوثتها وحلم الأمومة مقابل العيش مع من اتخذتها إبنةً لها ومن الصغير حفيدًا،بكت كلتاهما إمتثالاً للحنين وسعادة قلبيهما،تعانقت كلاهما وتشاركتا المشاعر ككل شيئًا تقاسمتاه بالماضي،تحدثت إيثار من داخل أحضان الآخرى:
-شوفتي يا عزة، يوسف الولد الصغير اللي اتشاركنا وتعبنا في تربيته، كبر وبقى راجل والنهاردة بيتجوز من البنت اللي ببحبها
-عقبال ما تجوزي الواد مالك وتفرحي بيه... قالتها بدموعها لتجيبها إيثار بوفاءٍ لتلك المرأة جميلة القلب والروح: 
-وإنتِ معايا وبكامل صحتك يا أمي. 
لأول مرة تناديها بـ "أمي"،هذا هو اللقب الصحيح لعلاقتيهما، فلطالما كانت لها السند والداعم القوي والمعنوي والحماية، كانت كقطة شرسة تفترس بمخالبها من يحاول الاقتراب من صغارها، هكذا كانت وما زالت. 

لاحظ فؤاد حالة زوجته فاقترب ليجذبها بأحضانه وهو يقول بنبرة تحمل كل معاني الحنان والاحتواء: 
-إيه يا بابا، ينفع تعيطي في يوم زي ده وتبوظي الميكب اللي لينا ساعة شغالين عليه؟ 
شدد من احتضانها وتابع تحت شهقاتها العالية: 
-إفرحي يا حبيبي، إبنك بقى عريس قد الدنيا وراجل يشرف بجد

نطقت تطمأنهُ: 
-أنا مبسوطة يا حبيبي الحمدلله، بس اتأثرت شوية

إقتربت "تاج" و"نوارة" زوجة "وجدي" من "عزة" واحتضناها، تحدثت تاج: 
-خلاص بقى يا زوزة، مش فاهمة إيه علاقة فرح "چو" بعياطك إنتِ وماما
وتابعت مستنكرة حالة كلتاهما: 
-ده انتوا أوڤر دوز نكد 
ابتعدت عن حضنها لتنطق وهي تجفف دموعها بكفيها: 
-دي دموع الفرح يا هبلة، وإنتِ هتعرفي الحاجات دي منين وانتِ البعيدة مبتحسيش

تبدلت ملامح الفتاة وتحدثت بسخطٍ مفتعل: 
-تصدقي إني غلطانة علشان قاعدة أواسيكي وسايبة أخويا لوحده
وقبل أن تنصرف تحدثت إلى نوارة: 
-خليكِ معاها يا طنط وحاولي تهديها 
نطقت نوارة بطمأنة الفتاة: 
-روحي يا حبيبتي مع أخوكِ ومتشليش هم، خالتي عزة دي في عنيا 
بعد أن انصرفت نطقت عزة من بين دموعها التي مازالت تهطل بشدة: 
-ميغركيش لسانها الطويل ونفختها الكدابة اللي شبه الطاووس، دي وارثة حنية أمها وقلب جدها علام اللي زي الدهب. 

تحدثت نوارة: 
-كل ولاد إيثار وارثين حنيتها يا خالتي، ربنا يبارك لها فيهم

بدأ العروسان يتحركا باتجاة المكان المخصص لهما مع نغمات غنوة ادخلي عمري للفنان حسين الجسمي،تحت سعادة الجميع 
نطقت مليكة وهي تتطلع على العروسان بانبهارٍ لترابطهما الروحي: 
-شكلهم بيحبوا بعض قوي
وتابعت تسأل زوجها: 
-بس هما مش صغيرين شوية على الجواز يا حبيبي؟! 
أجابها وهو يراقب دخول العروسان:
-ما أنتِ لسه قايلة بنفسك يا قلبي،شكلهم بيحبوا بعض، فمقدروش يصبروا وخصوصًا إن ظروفهم المادية كويسة. 
وتابع وهو يتابع نظراته إلى فؤاد و إيثار: 
-تعرفي إن فؤاد علام مش أبو يوسف
ضيقت بين عينيها وسألته: 
-بتتكلم بجد؟ 
-وأنا إمتى هزرت معاكِ بالذات في الحاجات دي 
وتابع باستفاضة: 
-بصي يا ستي،إيثار هي أمه،كانت مطلقة وبتشتغل مديرة أعمال لرجل أعمال كبير
وبات يقص عليها ما علمهُ عن تلك الأسرة من خلال المعلومات التي حصل عليها من رجاله بعدما تقصوا عن تاريخهم بناءًا على أوامره،نطقت بدهشة وهي تطالع إيثار:
-برافوا عليها،ست مدهشة

ركز عينيه على إيثار وتحدث قاصدًا كي يرى غيرة زوجته التي تروي عطش قلبه: 
-هي فعلاً مدهشة،خصوصًا في اللون النبيتي
لكزته بحدة وهي تقول بشراسة:
-ياسين
-قلبه...قالها بأعين تفيضُ هيامًا لتنطق هي بشراسة:
-إتلم 
اجابها بابتسامة: 
-أوامر معاليك، بموت في شراستك يا وَحش
ابتسمت فاحتوى كفها بعناية وتلاقت الأعين. 
احتوت أيسل كف زوجها الموضوع فوق المنضدة،طالعها بأعين منزعجة تحمل الكثير من العتاب،فهو مازال غاضبًا منها برغم أنها تقربت منه وقضيا وقتًا خاصًا بهما حاولت من خلاله محو ما حدث، لكن يبدو أن الامر يحتاجُ منها بذل مجهودًا أكبر،نطقت بنبرة حنون وهي تذكرهُ بليلة زفافهما المميزة:
-فاكر يوم جوازنا يا حبيبي
تنهد براحة يحاول جاهدًا تجنب ما فعلته اليوم،نطق بهدوءٍ في محاولة منه بالاندماج:
- أكيد فاكر 
-وحياتي عندك متزعل مني،أنا آسفة...قالتها بأعين نادمة لامست قلبه، نطق متأثرًا بعينيها العاشقة: 
-خلاص يا سيلا، مش زعلان
-بحبك يا كراملة... قالتها بابتسامة ساحرة ليبادلها اياها بآخرى هادئة
همست مليكة إلى زوجها:
-أيسل وكارم إتصالحوا 
-ربنا يهديهم... قالها ثم تحدث بغمزة من عينيه: 
-هنقضي النهارده هنا في الأوتيل يا ليكة، وبكرة الصبح هنتحرك على اسكندرية إن شاء الله 
تبسمت وسألته بمشاكسة: 
-أيوا يعني عاوز إيه؟! 
-عاوز أدوق دلع حبيب جوزه لقلب جوزه
ضحكت بإنوثة لينطق: 
-والله شكلها ليلتنا هتبقى بيضا 
_________________

عودة للعروسان، وصلا للمكان المخصص لجلوسيهما، انهالت عليهم المباركات والتهاني من الأهل والمعارف والأصدقاء، احتضنت إيثار الفتاة وتحدثت: 
-شكلك زي القمر يا قلبي، طالعة شبه الملايكة في الحجاب
هتفت نوال المجاورة لحفيدتها بنبرة أوحت إلى اعتراضها: 
-بلا ملاك بلا شيطان، ابنك حكم رأيه ومشاه علينا ورمى كلامي تحت رجليه يا مدام، هو فيه عروسة تكتف نفسها بالحجاب في يوم فرحها؟! 

-عادي يا طنط إيه المشكلة، هي بقت محجبة أصلاً ومينفعش تتخلى عن حجابها لأي سبب
قيمتها بنظراتٍ ازدرائية ثم نطقت بسخطٍ شديد:
-مجتش من ليلة فرحها يا حبيبتي، أمال هما سموها ليلة العمر ليه،علشان مبتتكررش ومسموح للعروسة تعمل فيها كل حاجة 
كادت أن تجيبها فاقتربت منها فريال وهمست: 
-سيبك منها، ولا كأنك سمعتي حاجة
التزمت الصمت فلوت الآخرى فاهها متبرمة،ثم تحدثت تسألها من جديد:
-اطمنتي يا حبيبتي على البوفية؟
وتابعت:
-إتأكدتي إن كل الاصناف اللي طلبناها موجودة؟،وديوك الرومي أهم حاجه ،والعدد كمان علشان يكفي قرايبنا، إحنا عيلتنا الله أكبر تسد عين الشمس

أشارت بكفها صوب البوفيه ثم نطقت بحدة ظهرت بصوتها من اسلوب تلك المرأة الإستفزازي: 
-البوفيه قدام حضرتك أهو، تقدري تروحي للشيفات تسأليهم بنفسك وتتأكدي، وبعدين متقلقيش،حضرة الظابط عامل حسابه،والحمدلله الأكل كتير جداً ويكفي تلات أضعاف اللي موجودين في القاعة

نطقت بعدما استحسنت الفكرة: 
-عندك حق، أنا اروح أطمن بنفسي أحسن
انسحبت مهرولة لتنطق إيثار بعدما زفرت بقوة: 
-يا ستار، إنتِ متحملة الست دي ازاي يا فيري، دي بشعة 

-متحملاها علشان خاطر ولادي يا إيثار، وماجد كمان كويس والله 
أقبلت فريال إلى ابنتها وتحدثت: 
-زي القمر يا قلبي، الصغنن كبر وبقى عروسة يا ناس
نطقت بيسان وهي تحتضن كف والدتها: 
-حبيبة قلبي يا فيري، ربنا يخليكِ ليا

تحدثت فريال إلى يوسف: 
-عارف لو زعلتها هعمل فيك إيه
-جرى إيه يا فيري، إنتِ هتعملي عليا حماة ولا إيه؟ 

أجابته بمشاكسة: 
-آه يا حبيبي، وقرب لها كده بس وشوف اللي هيجرى لك
قرب من أذن بيسان وهمس بجرأةً و وقاحة جديدة عليه: 
-أمك دي غلبانة قوي، قال قرب لها قال، متعرفش الأشتباك والهجوم الشرس اللي هيحصل عليكِ النهاردة 
نطقت بوجهٍ منير يشع فرحًا: 
-على فكرة يا حضرة الظابط، إنتِ قليل الأدب قوي النهارده 

غمز يجيبها بوقاحة: 
-ده مش النهارده بس يا قلب حضرة الظابط، ده هيبقى العادي بعد ما دكتور ماجد سلمك ليا قدام الدنيا كلها وخلاص بقيتي ملك قلبي
بعينين شبه دامعة من شدة تأثرها: 
-أنا مبسوطة قوي يا يوسف، ومش قادرة أصدق إن من النهارده هنكون مع بعض ونعيش في بيت واحد من غير ما حد ينظر علينا ولا يلومنا ويبعد ما بينا
أمسك كفها ومال ليضع قُبلة حنون بباطنه عبر من خلالها عن مشاعرهُ الجياشة ثم رفع عينيه لتتلاحم مع خاصتيها الصافية ليذوبا بنظراتهم الهائمة متناسيين العالم بأثره. 
______________

أقبل عزيز احتضن شقيقته وهو يقول: 
-ألف مبروك يا إيثار
نطقت بسعادة وهي تحتضن شقيقها الأكبر: 
-الله يبارك فيك يا أبو غانم،عقبال أولادك يا حبيبي
احتضنها أيضًا وجدي وأيهم الذي تحدث بملاطفة شقيقته:
-كبرتي يا إيثو وجوزتي چو،كمان سنة وتبقي جده 

نطقت تنفي عنها حديث شقيقها الأصغر: 
-فشرت، أنا عمري ما هكبر حتى لو بقيت جده لعشر أولاد
ضحك وجدي وتحدث إليها: 
-سيبك منه ده بيغيظك. 
ابتسمت وتحركت بصحبة أشقائها يلتقطون بعض الصور التذكارية بصحبة العروسان 

اشتغلت موسيقى الرقصة الاولى فتحرك العروسان إلى المكان المخصص للرقص، بدأت الموسيقى لرقصة السلو، تلامست الأيادي وتشابكت الاعين وبدأ أولى خطوات رقصتهما، نطق بنبرة تقطرُ عشقًا وشوقًا: 
-مبروك يا حبيبي، من الليلة خلاص، هتبقى ليا وهبقى ليكِ، إنتِ متخيلة يا بوسي
وتابع بأعين تشعُ اشتياقًا: 
-مش قادر أصدق إن من النهاردة مكانك بقى جوة حُضني

-طب ممكن متخرجنيش منه ...قالتها برجاء وتابعت للتأكيد:
-مش عوزاك تخرجني من حضنك أبدًا يا يوسف

-أخرجك إزاي وأنا ما صدقت إن اللحظة اللي بقى لي سنين بتمناها أخيرًا جت
تطلع على المسؤل عن الموسيقى لتنطلق موسيقى حماسية، ابتعدت بيسان قليلاً ثم أقبلت عليه ليحملها من خصرها ويدور بها وسط تصفيقٍ حار من جميع الحضور، بات يدور بها وسعادة هائلة غمرت قلب كلاهما، صاحت بصوت يقطرُ أنوثة: 
-بحبك يا يوسف، بحـــــبك
أخذ يدور بحماسٍ وذيل ثوبها مثل الفراشة يلف معهُ بشكلٍ مبهر نال إعجاب الجميع ولفت أنظارهم، أنزلها بهدوء لتستقر ساقيها بالأرض، أسندت رأسها على كتفه كي تستعيد توازنها، اشتغلت موسيقى لأغاني حماسية فصعد أصدقاء العروسين ونور و مالك وزينة وزوجها وتاج وبدأو بالرقص مع شقيقيهم وعروسهُ الجميلة. 
تحدث "فؤاد ماجد" إلى يوسف: 
-ممكن أستلف منك العروسة القمر دي أرقص معاها شوية وأرجعها لك تاني؟ 
أجابه بملاطفة: 
-موافق، بس بلاش تتعود على كده يا باشا
ضحك وأمسك كفاي شقيقته وهو يقول: 
-إيه العروسة القمر دي، هو فيه حلاوة كده 
أه فيه... قالتها بممازحة وتابعت وهي تشير على حالها: 
-أنا
ضحك كلاهما ورقصت بصحبة شقيقها بسعادة أما يوسف فتشابك بكفيه مع تاج وزينة والصغيرة نور ومالك الذي رقص كثيرًا بمرح ثم انتقل ليشارك العروس الرقص هو ونور، نطق وهو يستعرض حركاتهُ الراقصة: 
-شوفتي يا بوسي أنا برقص حلو ازاي، أنا قولت لبابي يوديني مدرسة اتعلم فيها الرقص علشان فرحك إنتِ وچو، قال لي لو سمعتك بتقول كده تاني هسجلك باسم عزة رسمي
وتابع وهو يهز رأسه مستاءًا: 
-أبقى ابنها يعني،روحت قولت لـ"تاج"واتفقنا نتعلم على الانترنت، شوفت فيديوز كتير أنا وهي واتعلمت
-شطور يا ملوك... قالتها بوسي ليقترب منها يوسف الذي رأى تقرب مالك من نور وهو يقول لها: 
-تعالي أعلمك الرقص يا نور
ردت الفتاة بنعومة: 
-أنا بعرف لحالي، التيتا چايبتلي مدرسة رقص بتعلمني بالبيت
اكفهرت ملامحه وهو يتذكر رفض والده وكلمته التي هدده بها: 
-عارف يا مالك لو سمعتك بتجيب سيرة الرقص دي تاني هعمل فيك إيه، هعلقك في الشجرة اللي في الجنينة ومحدش هيقدر ينزلك، وهسرب لك مشموشة في شارع بعيد وابقى قابلني لو عرفت لها طريق تاني، إسترجل يَلا بدل ما اوريك الوش التاني لابوك، واللي هيكرهك في حياتك

كاد أن يتركها ويرحل امسكت كفه وتحدثت: 
-ماتزعل، تعا نرقص بدون ما حدا يعلم التاني
اتسعت ابتسامته وبدأ يتحرك معها تحت اعين يوسف التي اتسعت وتحدث بهمسٍ لحاله: 
-ربنا يستر وأبوك ما يشوفكش وإنتَ بترقص ومندمج مع بنت عمرو البنهاوي
سألته بيسان متعجبة: 
-إنتَ بتكلم نفسك يا حبيبي؟! 
-خالك هيضرب كرسي في الكُلوب ويقفل لنا الفرح من تحت راس المفعوص مالك...قالها وهو يُشير إلى ذاك الثنائي حيث انطلقا واندمجا برقصيهما مع تبادلهما للأحاديث والضحكات. 
______________

على الطاولة الخاصة بسيادة المستشار علام زين الدين وعصمت التي كانت تنظر لحفيدتها بأعين تفيض بالحنان، تحدث فؤاد الذي حضر وحاوط كتفي زين المجاور لجده:
-ما تقوم يا حبيبي ترقص مع اخواتك 

أجابهُ باحترامٍ ووقار: 
-معلش يا بابي،حضرتك عارف أنا مبحبش الأجواء دي 

نطق علام: 
-أنا لسه قايل له نفس كلامك، بس حفيدي محترم وملوش في الكلام ده
ابتسم الفتى لجده بينما ربت فؤاد على كتف نجله،تحدث فؤاد إلى أحمد وعائلته:
-نورت الفرح يا باشا،عقبال ما تفرح باحفادك

-عقبال فرح أولادك يا حبيبي... نطقها أحمد بابتسامة بشوش فأجابه فؤاد باحترامٍ: 
-في حياتك وحياة الجميع يا عمي 

نطقت سميحة بنبرة حنون:
-عقبال زين وتاج يا فؤاد

اجابها وهو يتطلع على أبناىها: 
-متشكر يا سميحة،عقبال أولادك، وعقبال أولادك يا بسام
-في حياتك يا سيادة المستشار 
وجه حديثهُ إلى زوجة عمه: 
-منورة يا نجوى هانم 
-ميرسي يا فؤاد، عقبال أولادك 

حضرت إيثار وبيدها عُلبة صغيرة ناولتها إلى علام وهي تقول: 
-ميعاد الدوا بتاع حضرتك يا بابا
أخذه منها وناولته كأسًا من الماء العذب ليرتشفه وراء الدواء، نطق أثناء ما كانت تتناول من يده الكأس: 
-تسلم ايدك يا بنتي
-بالشفا يا حبيبي...وتابعت لنجلها تحت احتراق قلب سميحة:
-ما تقوم يا زين تفرح مع اخواتك 
أجابتها عصمت: 
-ريحي نفسك، لسه جده وبباه قايلين له نفس الكلام 

-سبيه براحته يا حبيبي...قالها فؤاد ليتابع بجدية: 
-تعالي معايا نرحب بظباط جهاز المخابرات ونشوف لو ناقصهم حاجة
باغته علام بسؤاله: 
-هو اللي اسمه ياسين المغربي ده رتبته إيه في الجهاز يا فؤاد؟ 
-معرفش يا باشا، ولا يوسف نفسه يعرف... وتابع مسترسلاً: 
-جهاز المخابرات رُتب رجالته بتبقى سرية حتى عن عائلاتهم، ومش مسموح لهم بالإفشاء عنها ولا عن مهماتهم تحسبًا لأمانهم
واستطرد بتقييم: 
-بس على ما أظن الراجل ده رُتبته عالية، لأن الجهاز أسند له مهمة متابعة مشروع يوسف، وزي ما حضرتك عارف أهمية المشروع بالنسبة لتطوير الطيران الحربي
نطق علام وهو يقيم ياسين الجالس بطاولته: 
-هو شكله فعلاً حد مهم،بس تحسه لئيم ومش سهل
ابتسم فؤاد يجيب والده:
-سعادتك ده رتبة في المخابرات الحربية،يعني اللؤم والخبث والدهاء أساس شغلهم،اللي عرفته من يوسف إنه نازل في الفندق على أساس إنه رجل أعمال. 

هز علام رأسه أما أحمد فتحدث إلى فؤاد: 
-عاوزين نرتب يوم نقضيه في مزرعة الخيل مع بعض يا فؤاد، من زمان ما اتجمعناش مع بعض 
-بس كده، حضرتك تؤمر يا أحمد باشا، نخلص بس من فرح الأولاد ويسافروا على شهر العسل، وهرتب اليوم وأبلغ جنابك إن شاءالله. 
_______________

على طاولة ياسين المغربي 
اقبل فؤاد بصحبة الجميلة ذات الرداء النبيذي، تحدث بتوقيرًا لشخص فؤاد: 
-نورتنا ياسين باشا
نطق بهدوء واحترام: 
-ده نورك يا سيادة المستشار
وتابع موجهًا حديثه إلى إيثار: 
-ألف مبروك لحضرة الظابط يا مدام 
-ميرسي يا افندم،عقبال أولاد حضرتك.
أومى باحترام بينما نطقت أيضًا مليكة بابتسامة ساحرة تحت كظم ياسين لضحكاته: 
-اللون النبيتي يجنن عليكِ يا مدام،بالمناسبة،حضرتك مش باين عليكِ إنك أم العريس أبدًا 

-ميرسي على المجاملة اللطيفة دي يا افندم...شكرتها بتلك الكلمات بينما كظم فؤاد غضبه حين لاحت بمخيلته أن الرجال الحاضرين من الممكن أن يلاحظوا هم الأخرين جمال اللون على خليلة روحه،تضخمت مشاعر الغيرة لديه بعدما أكدت أيسل على حديث زوجة أبيها: 
-مليكة هانم عندها حق، شكلك يقول إنك ببداية التلاتين مش أكتر،وحقيقي اللون النبيتي كأنه اتخلق مخصوص علشانك.

تبسمت وشكرت كلتاهما في حين تحدث فؤاد كي ينهي ذاك الحديث الذي لو طال أكثر حتمًا سيصيبهُ بجلطة دماغية أو سيصاب بالجنون ويبعثها إلى المنزل مع الحراسة: 
-لو احتجتم أي حاجة ياريت تبلغوني 
انسحب الثنائي وتحدثت أيسل إلى كارم: 
-دي الميوزك اللي بحبها يا كارم، تعالى نرقص 
ابتسم لها وانسحبا ليرقصا معاً تحت سعادة قلب كلاهما. 

كانت زينة ترقص مع زوجها الحنون رقصة هادئة، نطق بنبرة رجل عاشق: 
-شكلك زي القمر يا قلبي 
بابتسامة حنون أجابته: 
-ده علشان إنتَ بتحبني ديمًا شايفني حلوة
ضحك ثم نطق بجدية: 
-زينة، بما إن اخواتك وجدتهم هنا في مصر، خلينا إحنا نتنقل في شقتنا وسيبي لهم الڤيلا يقعدوا فيها براحتهم 

نطقت بهدوء: 
-أنا مش فاهمة إنتَ إيه مشكلتك مع الڤيلا يا رامي، في الأول رفضت نقعد فيها بعد الجواز وصممت على رأيك، ولولا إني أقنعت مامتك وبباك وطلبت منهم يتدخلوا ويقنعوك مكنتش هتوافق
اجابها بصدقٍ: 
-مكنتش أحب إننا نبدأ حياتنا في مكان مش مِلكي،كان نفسي نتجوز في شقتنا ونكبر واحدة واحدة مع بعض يا زينة
حاوطت وجنته قبل أن تنطق مفسرة: 
-وأنا وانتَ إيه يا حبيبي، مش واحد، الورث ده رزق وربنا بعتهولنا في الوقت المناسب علشان نبدأ حياتنا واحنا مرتاحين
اومأ بهدوء، فتابعت هي: 
-وبعدين مينفعش نسيب البيت ونائلة فيه، هتفتكر إننا مش مرحبين بوجودها 

صمت كي لا يحزن تلك الرقيقة فهو يعشقها حد الجنون ولا يريد إحزانها أبدًا. 

رقصت أيسل بصحبة زوجها وأنضم لهما ياسين ومليكته وحتى إيثار وفؤاد انضم للجميع، كانت الأجواء حماسية الجميع يرقص بسعادة وحماس والاطفال أشعلوا الاجواء، وذاك المشاكس رقص مع والدته بعدما نحى والده جانبًا مما جعل داخل فؤاد يشتعل بافتعالٍ ومزاح
جاءت لحظة دخول قالب الحلوى الخاص بالعروسان، صفق الجميع بحماس وتحرك يوسف بجوار عروسهُ حتى استقر كلاهما أمام قالب الحلوى المكون من خمس طوابق،تشاركا في إمساك السكين بكفيهما وقاما بشق الخمس أدوار من الحلوى مع التصفيق الحار،قام العامل بوضع قطعة صغيرة داخل صحن صغير، أمسك يوسف بالشوكة وغرسها لتخرج بقطعة صغيرة وقربها من فم حبيبته وتحدث وهو يدللها: 
-يلا حبيبي إفتح بُقك
تبسمت بدلالٍ وفتحت فاهها لتلتقط القطعة تحت خجلها وسعادة حبيبها الذي نطق بوقاحة تعجبت منها: 
-كان نفسي ناكلها مع بعض بس مش هينفع علشان الهيبة كده هتروح، تتعوض لما نروح بيتنا إن شاءالله 
-إن شاءالله يا حبيبي...تناولت منه الشوكة وقامت بغرس قطعة هي الآخرى واطعمته بفمه تحت سعادة كليهما وتصفيقًا حار من الجميع
نطق مالك إلى عزة التي تجاورهُ: 
-أنا هاخد نور ونروح ناكل تورتة زي حضرة الظابط وبوسي

-تبقى ناوي على خرابها النهارده يا ابن إيثار،.... قالتها وتابعت بتحذيرًا بلهجة حادة: 
-اسمع يا شبر ونص، إنتَ تبعد خالص عن البت المسهوكة بنت عمرو دي،أبوك لو عرف هيعلقك على باب القصر يا منيل، واحتمال يشرد أمك في الشوارع هي كمان
وتابعت وهي تمصمص شفتيها: 
-ينيلك عيل، بقى من وسط بنات العيلة اللي ماليين الفرح، عينك ما تجيش غير على بنت عمرو البنهاوي الله يجحمه. 

بعد قليل افتتح البوفيه واتجه الجميع نحوه لاختيار أصنافه المحببة لديه، عدا أسرة ياسين المغربي وبعض الضباط، فقد حضر الطعام إليهم 

حضر بعض رجال عائلة البنهاوي وأيضًا عائلة ناصف وعلى رأسهم السيد محمد، الجميع حصل على استقبالاً رائع وحُسن معاملة وضيافة رائعة من مأكولات ومشروبات وتقديم أنواعًا متعددة من الحلوى والفواكة،وقفت نوال بجوار زوجها وتحدثت وهي تتطلعُ على المأكولات المتبقية وتحدثت: 
-بقول لك إيه يا عليوة، أنا هروح اتكلم مع الشيف واخليه يلف لنا الأكل اللي فاضل ده كله ناخده معانا
اتسعت عيني الرجل ليجيبها بذهولٍ من تفكيرها: 
-انتِ اتجننتي يا نوال، عاوزة تفضحي ابنك مع نسايبه، وبعدين هتعملي إيه بالاكل ده كله
أفرقه على قرايبنا وأتباهي بيه، ده فاضل خمس ديوك رومي ده غير اللحوم والكفتات والمشويات، ولا الجمبري شايف حجمه قد إيه

نطق الرجل يحذرها: 
-إعقلي واتلمي يا نوال، أكل إيه اللي هتاخديه وتتمنظري بيه قدام العيلة، هو احنا كنا دفعنا تمنه علشان ناخده؟! 

أجابته بغلٍ: 
-تلاقي علام زين الدين اللي دافع تمنه، واهي كلها فلوس عيالنا اللي لهفتها إيثار في عبها، انا اللي مصبرني ومبرد ناري إن فلوس ابنها بقت لبنتنا 

اكتفى الرجل بقوله: 
-لا حول ولاقوة الابالله

اشتدت سعادة إيثار بعدما استقبلها يوسف لترقص معه على غنوة للأم، رقصت معه بسعادة وأيضًا بيسان مع فريال التي تخطت سعادتها عنان السماء، أقبلت إيثار على ماجد وقدمت إليه التهنئة لزواج ابنته مما أسعدهُ بذاك التصرف: 
-الف مبروك يا دكتور، عقبال ما تفرح بفؤاد وهو في النيابة إن شاءالله 
اجابها بسعادة بلغت عنان السماء: 
-الله يبارك فيكِ يا مدام، عقبال تاج وزين ومالك. 
مالت فريال تحتضن زوجها كي تخفف عنه وطاة شعورهُ كأب وتحدثت: 
-ألف مبروك يا حبيبي 
-الله يبارك فيكِ يا قلبي

انتهى حفل الزفاف الذي خرج بصورة هائلة نالت استحسان الجميع، صعد ياسين وكارم وزوجتيهما للأعلى للمبيت في الفندق بعدما ودعتهم العائلة وداعًا يليق بهم، بينما ذهب كلاً من الحضور على وجهته

         ༺༻༺༻٭༺༻༺༻
ولچ العروسان إلى منزلهما ومعهما عزة وإيثار وفريال التي نزلت دموعها وهي تودع ابنتها،بينما تحدثت عزة وهي توصيه:
-عملت لك الحمام بالفريك اللي بتحبه يا نور عيني،وعملت لك البط بالبرتقال وديك رومي معتبر وحشيته بالخلطة اللي بتحبها

هتفت بيسان معترضة:
-هو كله من اللي بتحبه وزي ما بتحبه،إنتِ معملتليش حاجة من اللي بحبها ولا نستيني يا عزة؟!

لوت فاهها وتطلعت عليها وهي متأبطة ومتشبثة بقوة بذراع حبيبها: 
-كفاية عليكِ زينة الشباب اللي اخدتيه، مش طول عمرك مصدعانا بحبه بحبه،عاوزة إيه تاني يا اختي 
ضحك الجميع وتحدثت بيسان وهي ترمي رأسها فوق كتف زوجها وتشدد من ضمة ذراعه: 
-مش عاوزة أي حاجة تانية من الدنيا
ربنا يسعدكم يا حبيبتي... قالتها إيثار وتحدثت فريال وهي تحتضنهما: 
-خلوا بالكم من بعض 
نطق يوسف يطمأنها على فلذة كبدها: 
-روحي نامي وارتاحي وطمني قلبك يا حبيبتي، والله العظيم هحطها جوة قلبي وعيوني 
نزلت دموعها تحت تأثر الفتاة فسحبتها إيثار للخارج وهي تقول: 
-يلا يا فيري وسيبي الولاد يرتاحوا
خرجت ثلاثتهم بينما التف يوسف لعروسه الجميل وتحدث: 
-نورتي بيتك يا حبيبي 
حملها وبدورها لفت ساعديها حول عنقه مما زاد من اشتياقه ووله روحه، صعد الدرج متجهًا بها إلى الغرفة المخصصة لنومهما سويًا، كان يتحرك وعينيه لا تتركان خاصتيها حتى وصل للداخل وأنزلها بهدوءٍ، تطلع بعينيها ثم تحمحم وتحدث ببحة صوت متأثرة بجمالها الفتان: 
-حبيبي،هساعدك علشان تغيري الفستان ونصلي الأول،علشان ربنا يبارك لنا في حياتنا

أومأت دون كلام،ساعدها بفك سحاب الثوب وهو يبتلع ريقه،توضأ كلاهما وشرعت خلفهُ بالصلاة،بعد قليل انتهى من الصلاة ليستدير لتلك الجالسة خلفهُ،وضع كف يده على رأسها وبدأ يردد بعض الأدعية المخصصة لتلك الليلة متأملين الله عز وجل أن يبارك في حياتهما ويرزقهما السكينة والذرية الصالحة،انتهى ليأخذ بيدها،نطقت بخجلٍ:
-هدخل الحمام أغير هدومي وأرجع لك
-بسرعة يا بوسي...قالها باشتياقٍ ورغبة ظهرت بعينيه جعلتها تشعر بالتوتر والخجل

خرجت بعد عدة دقائق ليقف متسمرًا حين رأى جمالها وسحر عينيها، نظر لثوب نومها الرائع، تجولت عينيه يستكشف تلك الرسومات التي طلبها خصيصًا بدقة وقلبًا يرفرفُ من شدة سعادته، كاد قلبهُ أن يتوقف من جمال ما رأى فكل شيئًا بالحبيبة كان رائعًا ويدعو لفقدان العقل والسيطرة، اقترب عليها وتلاقت الأعين لتسبح في بحر الغرام، مال على كريزتيها يقتطفُ إحدى قبلاته الهادئة سرعان ما تحولت إلى شغوفة متلهفة،اتجه لتلك الطاولة الموضوعة بمنتصف الغرفة ومرصوص عليها بعض أصناف الحلوى والفواكة المتعددة،أمسك حبة من الشيكولاتة واقتضمها بفمه،ثم مال على شفتيها ليتذوقاها سويًا وهو يقول ببحة بصوته متأثرًا: 
-مش كده أحسن ولا إيه
تبسمت وذابت معهُ تتذوق طعم الشيكولاتة المختلطة بشهد الحب، نطق وهو يشدد من ضمته لها: 
-إنتِ ازاي حلوة قوي كده

حملها وتوجه نحو فراشهما الوثير المنثور بأوراق الزهور ورائحة الشموع العطرية تملؤ المكان، كانت الأجواء ساحرة وتجهيزات الحجرة التي أشرفت عليها إيثار بنفسها رائعة، غاصا داخل عالمهما السعيد ليستكشفا معًا نوعًا آخر من المتعة يتشاركاها في أولى جولاتهما العشقية، بعد مدة لا تقل عن ساعة

كانت تضع رأسها على صدره العاري، محتويًا جسدها بذراعيه والبهجةِ تقطر من عينيه وعلى ملامحه السعيدة، نطق وهو يضمها إليه ويضع قبلة بجوار شفتها السُفلى: 
-مبروك يا قلب حبيبك،بقيتي مراتي رسمي يا بوسي 
-بحبك... قالتها بنعومة وأعين ناعسة أثارت جنونه لينهال على شفتيها بقبلة عميقة ثم فصلها وبات يتحدثا بهيامٍ وولهٍ حتى غفي كلاً منهما بأحضان الآخر تحت عدم استيعاب أنهما أصبحا بالفعل زوجين شرعيين دون أية حواجز . 
     

تعليقات