رواية الغرفة الخالية الفصل الرابع 4 بقلم مصطفى محسن

 

رواية الغرفة الخالية الفصل الرابع بقلم مصطفى محسن

تاني يوم فعلاً الحاجة سعاد جت الشقة.
إحنا كنا قاعدين متوترين ومستنيين اللحظة دي… يمكن نلاقي إجابة.

بس أول ما دخلت، أول سؤالها كان:
ـ "فين حمدول؟"

أنا ومحمد وأحمد بصّينا لبعض.
محمد قال:
ـ "هو في أوضته."

راحت الحاجة سعاد ناحية الأوضة وخبطت…
حمدول مردش.
فتحت الباب… لاقتها الاوضه فاضية.

قلبنا الشقة كلها… مافيش أي أثر له.
الحاجة سعاد بصّت لينا وقالت:
ـ "يمكن خرج."

نزلنا سوا للبواب وسالت:
ـ "عم بركات… متعرفش حمدول راح فين؟ أصل بندوّر عليه في الشقة ومش موجود."

بركات رفع حاجبه وقال باستغراب:
ـ "حمدول؟ لأ، ما شفتوش وهو خارج خالص من امبارح."

أنا اتلخبط… طب راح فين؟
مش معقول يختفي كده.

رجعنا الشقة تاني.
الحاجة سعاد كانت واقفة في الصالة، ساكتة وباصّة حوالين الشقة بنظرات غريبة.
سألتها:

ـ "يا حاجة سعاد… هو إيه اللي بيحصل هنا؟"

بصّتلي من غير ما ترد.
وفجأة… كل الأبواب اللي في الشقة اتقفلت مرة واحدة "طررخخخ".
النوربقى بيطفى وولع لوحده.

وسمعنا صوت خطوات تقيلة جاية من الطرقة…
خطوات بطيئة… بتقرب وبتقرب أكتر.

أنا وأصحابي كنا متجمدين مكانا، والحاجة سعاد واقفة… ولا كأنها متأثرة.
وكأنها مستنية حاجة تحصل.

النور رجع فجأة…
بس الغريب… على الحيطان كان مكتوب بخط أحمر كبير:
"اختاروا مين تصدّقوا."

فجأة الحيطان رجعت طبيعية… كأن ولا حاجة اتكتبت عليها.
وإحنا واقفين مرعوبين.

الحاجة سعاد بصّت لنا وقالت بهدوء:
ـ "ما تقلقوش… مافيش حاجة. أوقات البيوت القديمة بيكون ليها طابع غريب. ناموا وإنتو مطمّنين."

الكلام بتاعها ما دخلش دماغنا… بس طريقتها الهادية خلتنا نتلخبط.
هل فعلاً إحنا بنضخّم الموضوع؟

بعد شوية، الحاجة مشيت.
قفلنا الباب وفضلنا قاعدين في الصالة، محدش قادر يتكلم.

وفجأة… لاقينا باب الشقة اتفتح وحمدول دخل واقف في الطرقة.
بصلنا وقال بنفس نبرته التقيلة اللي بتقطع النفس:
ـ "أنا قولتلكم… الشقة دي مش مناسبة ليكم."

وبعدها رجع جوه أوضته… والباب اتقفل وراه بهدوء.

أنا ومحمد وأحمد كنا بنتنفس بصعوبة…
ومش عارفين دلوقتي مين نخاف منه: الحاجة سعاد ولا حمدول.

من بعد اللي حصل الليلة اللي فاتت، أنا ومحمد لاحظنا إن أحمد بقى غريب.

في الأول كان ساكت أكتر من المعتاد.
يقعد بالساعات في أوضته، ولما ننده عليه يرد بعد تأخير، كأنه كان في مكان تاني.

مرة دخلت عليه… لاقيت عينيه مركّزة على نقطة في الحيطه.
قلتله:
ـ "أحمد… بتعمل إيه؟"

بصلي ببطء وقال بنبرة باردة:
ـ "الحيطة بتتنفس… إنت مش شايف؟"

خوفت… ومشيت من غير ما أرد.

محمد بدأ يلاحظ نفس الحركات.
في الليل، نسمع أحمد ماشي في الصالة لوحده.
مرة صحيت على صوته… كان بيضحك لوحده، ضحكة مرعبة، غير ضحكته اللي أنا عارفها.

وفي يوم… وأنا ومحمد قاعدين ناكل، أحمد طلع من أوضته.
مشيه كان متصلّب… وبص على الأكل، وبعدين قال:
ـ "هو إنتوا لسه فاكرين إنكم بتاكلوا؟"

محمد اتنرفز وقال:
ـ "قصدك إيه يا أحمد؟ كلها نعمة ربنا."

أحمد ابتسم ابتسامة غريبة وقال:
ـ "هتفهموا قريب."

تعليقات