رواية الغرفة الخالية الفصل الخامس 5 بقلم مصطفى محسن

  

رواية الغرفة الخالية الفصل الخامس بقلم مصطفى محسن

أنا ومحمد بعد الليلة دي قعدنا في أوضتي… قفلنا الباب بالمفتاح، وقلنا لبعض بصوت واطي:
ـ "أحمد مش طبيعي… لازم نعمل حاجة."

الأيام اللي بعدها… أحمد ما بقاش هو نفس أحمد اللي نعرفه.

كنت أنا ومحمد قاعدين في الصالة بنتكلم عن اللي حصل معانا من أول ما دخلنا الشقة. فجأة لاحظنا أحمد طالع من أوضته ماشي بهدوء غريب.

وقف قدام الحيطة اللي قصادنا… ومد إيده كأنه بيكتب حاجة.
قربنا وبصّينا… لقيناه بيرسم خطوط متشابكة، كأنها رموز أو أشكال مالهاش معنى.

قلت له بصوت متردد:
ـ "أحمد… إيه اللي بتعمله ده؟"

مردش.
عينيه كانت مفتوحة على الآخر، وكأنه مش سامعنا.

محمد قام بسرعة وسحب إيده من الحيطة.
أحمد بص له… بابتسامة باردة اترسمت على وشه، ابتسامة مرعبة خلت قلبي يقع في رجلي.

بعدها دخل أوضته تاني… وقفل الباب عليه.

بالليل… وأنا نايم، صحيت على صوت همهمة.
قمت أبص من فتحة باب أوضتي… لقيت أحمد واقف في نص الصالة، إيده مرفوعة لفوق، وعينيه مغمضة، وبيتمتم بكلام مش مفهوم.

محمد صحى هو كمان، ووقف جنبي بيشوف اللي بيحصل.
همس لي وهو مرعوب وقال:
ـ "أحمد مش طبيعي… أنا بدأت أخاف منه بجد."

رجعنا على سريرنا بسرعة، بس معرفناش ننام.
كل دقيقة نسمع صوت خطوات أحمد في الشقة.

لحد ما فجأة… سمعنا صوت تكسير في المطبخ.
جرينا هناك، لقينا المعالق والسكين مرمية على الأرض.
وأحمد واقف… ماسك سكينة في إيده، وشه متغير، عينيه مفتوحة على الآخر، وملامحه مختلفة عن أحمد اللي نعرفه.

لما شافنا… ابتسم ابتسامة مرعبة وحط السكينة على الترابيزة بهدوء، ومشي من غير ولا كلمة، ودخل أوضته.

أنا ومحمد وقفنا مشلولين من الخوف.
محمد قال بصوت واطي:
ـ "يوسف… أنا متأكد إن احمد فيه حاجة مش طبيعية."

رجعنا أوضتنا وقفلنا الباب بالمفتاح.
كنّا متوترين جدًا، بس قولنا لازم نحاول ننام.

الساعة عدت ٣ تقريبًا…
وأنا بين النوم والصحيان، حسيت حد واقف قدام السرير.

فتحت عيني بالعافية… لقيت أحمد واقف عند رجلي، عينه مفتوحة جدًا، والابتسامة الباردة لسه مرسومة على وشه.
كان واقف ساكت، بيتنفس بهدوء… وبص لي فترة طويلة.

محمد صحى على حركة بسيطة مني… ولما شاف أحمد، شهق وقال:
ـ "إنت بتعمل إيه هنا؟"

أحمد ما ردش.
لف وخرج من الأوضة بالبطء… وقفل الباب وراه.

قولت: يا محمد واضح إن اللي جاي… أخطر من اللي فات.

الليلة اللي بعدها الجو كان أهدى من العادة.
أنا ومحمد قررنا نقفل الباب كويس وننام بدري عشان ننزل الكلية ضروري، عشان عندنا محاضرة مهمة.

وفجأة… صحيت على صوت تكتكة في الأوضة.
فتحت عيني لقيت أحمد واقف جنب الدولاب، ماسك سكينة مطبخ في إيده!

كان بيتنفس بسرعة… وعينه ثابتة على محمد وهو نايم.
أنا شهقت من غير ما أحس، ومحمد صحى مفزوع.

محمد صرخ:
ـ "إنت بتعمل إيه يا أحمد؟!"

أحمد اتقدم بخطوة بطيئة.
كنت متجمد، مش عارف أتحرك.

وفجأة… باب الأوضة اتفتح بقوة.
دخل حمدول بسرعة، صوته عالي بشكل أول مرة نسمعه وقال كلام اول مرة نفهمة:
«درع النور يحوطهم — لا يمسُّهم سوء، ولا يقترب منهم ظل.»

أحمد عينه قفلت، وبعدين وقع على الأرض كأنه فقد وعيه.

أنا ومحمد جريْنا ناحية أحمد، بس حمدول وقفنا بإيده وقال:
ـ "متقربوش منه."

بص لينا بعينه اللي فيها برود مرعب وقال:
ـ "أنا قولتلكم من الأول… الشقة دي مش مناسبة ليكم. كل ما تقعدوا أكتر… الخطر هيزيد."

سكت شوية، وبعدين قال بصوت واطي:
ـ "امشوا… قبل ما اللي ساكن جوه أحمد يخرج."
وبعدها شال أحمد وحطه في أوضته.

بعد الليلة اللي أحمد حاول يهاجمنا فيها، أنا ومحمد قعدنا نفكر.
قررنا خلاص: "لازم نمشي من الشقة."

جبنا العقد اللي مضيناه يوم ما دخلنا، فتحناه بسرعة…
وبين السطور الصغيرة اللي محدش فينا ركّز فيها وقتها، لقينا البند:
"في حالة مغادرة المستأجر قبل مرور سنة كاملة، يلتزم بدفع قيمة الإيجار باقي المدة."

أنا قريت الجملة بصوت عالي
محمد شد الورقة مني وقال:
ـ "يعني لو مشينا دلوقتي… لازم ندفع ٦٠ ألف جنيه؟!"

قوتله: فيه فلوس هنخرج… مافيش فلوس مش هنخرج.

في اللحظة دي سمعنا خبط خفيف على الباب.
فتحت… لقيت الحاجة سعاد واقفة.
ابتسمت ابتسامة غريبة ودخلت من غير ما تستأذن.

بصّت حوالين الشقة كأنها بتفحصها وقالت.
ـ "إنتو تعبانين… أنا شايفة في وشوشكم متغيرة. إيه اللي حصل؟"

أنا حكيت لها بسرعة اللي حصل مع أحمد.
كنت مستني تندهش أو تقلق… لكنها فضلت هادية، كأنها عارفة.

قربت من أحمد اللي كان قاعد في الركنة.
حطت إيدها على كتفه وقالت بصوت غريب:
ـ "المسكين… ده مش ذنبه."

محمد قال لي بصوت واطي:
ـ "يوسف… خد بالك، صوتها متغير."

أنا حسيت جسمي اتجمد.
حاولت أبص في عينيها… لقيت نظرتها مرعبة.

وقبل ما نلحق نسألها، لمبة الصالة بدات تترعش وتقفل وتفتح فجأة،
الحاجة سعاد قالت بصوت عالى:
«ظلٌ يحرسهم… وهمٌ يحميهم… ورعبٌ يبتلع من يقترب.»

تعليقات