رواية الشبح العاشق الفصل السادس
الحياة عبارة عن إختيارات.... دائمًا ما كنت أختار واجبي كطبيب على أي شئٍ أخر..... تركت الحياة وراء ظهري بمفاتنها.... عشت بين الكتب والمراجع.... أحببت مهنة الطب من تفاني أبي لها فأصبحت مثله.... لم أهتم للحب ولا الزواج.... لم أسمح لعقلي أن ينشغل بشئ أخر وعندما وصلت من العلم إلى درجة تؤهلني أن أجعل غيري يعشق الطب مثلي لم أتردد.... كنت ألقي نفسي خلف ظهري حتى وإن شعرت بانجذاب نحو أي فتاة لم أدع لنفسي مجال للتفكير بها وكأني كنت أعاقب ذاتي بالعمل.... أما الآن فأنا مجبر على الإختيار.... بين مهنتي كطبيب عليّ أن أنقذ المريض الذي بين يدي وبين هذه الفتاة الصغيرة التي إذا استخدمت جسدها مرة أخرى لأنقذ المرضى ستصل إلى ما أنا عليه الآن.... ستلاقي ما لقيت ومن الممكن أسوء.... ماذا أفعل؟..... كيف لي الإختيار بين موت قريب وموت بعيد؟....
وقف وئام ينظر إليهما في صدمة بعد أن سمع ما يخططان له مما دب الخوف في قلبه وشعر أنه يجب أن يحمي ليان بكل الطرق فليس لها علاقة بما يفعلان..... ظل بالمكتب حتى خرج صادق ليمر على المشفى والمرضى ومعه شادي فاقترب وئام من المكتب وبحث بالملفات عن الملف الخاص بحالته ثم أخذه وذهب به إلى ليان داخل العناية المركزة..... وقف أمامها فنظرت له في ذعر وقالت : خضتني يا دكتور
وئام : معلش سامحيني.... الملف أهوه
ليان : طيب هاخده للؤي يقراه
وئام : هيقولك جيبتيه منين؟
ليان : هشيل الاسم من عليه وهديه الملف كأنه مريض معرفة يعني
زفر وئام وقال : مفيش غير لؤي ده؟!
ليان : الوحيد اللي هثق فيه
نظر لها وئام في غضب وقال : ديه ليه بقى؟!.... وإيه الوحيد اللي هثق فيه ديه؟!.... وأنا مش بتثقي فيا مثلًا؟
ليان : مقولتش كده يا دكتور.... أقصد الوحيد اللي هثق فيه إنه يشوف الملف وميجبش سيرة لحد
وئام : لا برده مش موافق.... أنا حر يا ستي أنا المريض واختار الدكتور اللي يعاجلني
ليان : إنت شبح مش مريض
وئام : ما كفاية تهزيق بقى.... يعني عشان شبح خلاص يعني مليش رأي
ليان : معنديش غيره
وئام : مش قولتي صاحبتك تخصص مخ واعصاب
ليان : اه
وئام : خلاص أعرضي الملف عليها
ليان : اشمعنة يعني.... فرق إيه لؤي عن روما
وئام : هي حلوة؟!
ليان : وده إيه علاقته بالحالة معلش؟!
وئام : مش يمكن تنفع حالتي أنا بعدين
ليان في غضب : هو لؤي مفيش غيره خلاص
حرك وئام حاجبيه ونظر لها بابتسامة وقال : غيرانة؟!
ضحكت ليان وقالت : اه طبعًا.... أصلها لو شافتك هتعجب بيك أوي
عقد وئام حاجبيه وقال : وهي هتشوفني إزاي يعني؟
ليان : قول لنفسك بقى.... أنا هروح اسأله وإنت خليك جنب جنة.... بلاش دلع
وئام : لا متقلقيش على جنة خلاص.... عدت مرحلة الخطر ولو جرالها حاجة دلوقتي هيبقى فيها شك.... وبعدين على فكرة هي فاقت وبتبصلك وتقريبًا فكراكي مجنونة عشان بتكلمي الهوا
التفتت ليان لها رأتها تنظر إليها بعينيها البنيتين فابتسمت لها وقالت : حمد الله على السلامة
جنة : فين ماما؟
ليان : هتيجي كمان شوية.... قوليلي إنتي حاسة بحاجة؟
جنة : صدري بيوجعني
ليان : إنتي بنوتة قوية خالص وقدرتي تخفي لوحدك.... أول مرة أشوف بنوتة قوية كده.... أنا هديكي دوا عشان متحسيش بوجع ماشي
جنة : عيني مش شايفة بيها كويس
ليان : طيب هطلب دكتور يشوفك ممكن من الوقعة عينك اتأثرت.... هديكي دوا أهوه وهروح
أعطتها ليان مسكن وذهبت إلى لؤي لتخبره بالأمر ولحق بها وئام وهو يبدو عليه الضيق فقالت ليان : فكها بقى يا دكتور
وئام : بس بس.... وبقولك إيه يشوف الملف وخلاص
ابتسمت ليان وذهبت إلى لؤي وطلبت منه أن يفحص جنة ليطمئن على حالة المخ بالأول ثم أعطته الملف وطلبت منه رأيه.... نظر لؤي بالملف قليلًا ثم قال : ده تلف شديد في المخ وغالبًا هيبقى في غيبوبة.... ده مين المريض ده؟!
ليان : يعني حالته صعبة كده؟!
لؤي : اه جدًا.... صعب يفوق من الغيبوبة بسهولة
نظر وئام بالملف ثم فتح عينيه في صدمة وقال : كفاية يا ليان يلا
نظرت ليان إليه ثم عادت النظر إلى لؤي وقالت : طيب شكرًا يا لؤي
لؤي : العفو.... أنا هروح أشوف جنة
ذهب لؤي ونظرت إلى وئام وقالت : أكيد هنلاقي علاج
وئام : ده مش الملف بتاعي أصلًا... أنا فصيلة دمي AB ده فصيلة دمه O
نظرت ليان بالملف في صدمة وقالت : يعني إيه؟!.... طيب ليه اسمك على الملف
وئام : عشان عمي مش عايزني أقوم.... عمي عايزني أفضل في الغيبوبة وعشان كده مانع أي حد يقرب مني..... والملف ده عشان لو أي دكتور شافه هيعرف إن حالتي ميأوس منها زي ما لؤي قال
ليان : طيب عايزين حل
وئام : مفيش حل غير إن حد يعملي فحوصات من جديد عشان أعرف الحالة إيه
ليان : كده فيه مشكلتين.... الأولى مين هيعمل كده والتانية والأصعب هنعمل كده إزاى وعمك رافض أي حد يقربلك
وئام : سيبيها عليا
نظرت له ليان في تردد ثم قالت : هو أنا ممكن أسألك سؤال؟!
وقف وئام ونظر لها وقال : طبعًا.... من غير ما تستأذني
ليان : ليه عمك بيعمل معاك كده؟!.... كان فيه خلافات ما بينكم
تنهد وئام وقال : مش فاكر.... بس الواضع إنه لا مفيش خلافات.... الفكرة في المستشفى.... فيه حاجة بتحصل في المستشفى فعلًا زي ما عم فتحي قال
ليان : هو أنا بدأت أخاف ليه؟!
دنى بوجهه أمامها ونظر داخل عينيها وقال : طول ما أنا جنبك متخافيش
شعرت ليان بالخجل منه فنظرت بعيدًا عن عينيه فأردف : تعالي بقى اتفرجي على شغل العفاريت
ليان : لا مش عايزة
ابتسم وئام وقال : ما أنتي هتبقي شايفة كل حاجة.... متخافيش تعالي بس
ذهب وئام وليان إلى الطابق الذي به غرفة وئام ووقفا بعيدًا عنها قليلًا ثم قال : خليكي هنا وأنا هطلع الممرضة اللي قاعدة جوا أول ما تلاقيها خرجت تدخلي
همست ليان له وقالت : طيب والكاميرات؟
وئام : هاتي الاسكرف بتاعك ده
أخذه وئام وطار به نحو الكاميرا ثم وضعه على الكاميرا وأماء لليان بيده ثم دخل الغرفة ووجد الممرضة تجلس أمام جسده وتقرأ كتابًا.... قام وئام بتحريك الستائر فلاحظت الممرضة ذلك فنظرت إليها فتوقف وئام عن الحركة وبعد وقت عادت الممرضة لتقرأ الكتاب فقام وئام بتحريك الستائر مرة أخرى فتركت الممرضة الكتاب من يدها واعتدلت في جلستها تنظر إلى الستائر في خوف وتوقف وئام مرة أخرى...
وضعت الممرضة الكتاب على الطاولة بجوارها ووقفت لترى إذا كان هناك شيئًا خلف الستائر أم لا فلم ترى شيئًا ثم عادت إلى الكرسي فوجدت الكتاب عليه ومفتوح فعقدت حاجبيها في تعجب ثم اقتربت من الكرسي بخطوات بطيئة وقلبها يرتجف من الخوف وصوت دقات قلبها وصل إلى أذنيها وكادت أن تمسكه بالكتاب فنفخ وئام بالأوراق فتحركت بسرعة فتوقفت الممرضة تنظر إليه ثم وجدت الستائر تفتح كلها فركضت خارج الغرفة في خوف وهي تصرخ ومرت من أمام ليان ثم نظرت إلى الباب فوجدت وئام يشير إليها كي تأتي فركضت إليه وقال : بسرعة قبل ما يرجعو وأنا هقفل الباب من جوا
ليان : طيب هروح فين؟
وئام : روحي لقسم الأشعة وقوليلهم دكتور صادق عايز أشعة مقطعية على المخ وفيه سرنجة جوا البلطو بتاعك أنا حططهالك خدي مني عينة دم وحليليها
أماءت له ليان وركضت بجسده إلى المصعد وذهبت إلى قسم الأشعة ونفذت ما طلبه وئام ثم أخذت عينة دم منه وعادت به إلى غرفته..... كانت الممرضة ترتعش في خوف والممرضات تحاول تهدئتها ليعرفن ما حدث معها ولكنها لم تكن تتحدث وإن تحدثت لا يفهمن ما تقول ثم ركضت الممرضة تبحث عن صادق وبعد وقت وجدته يمر على المرضى فأخبرته بما حدث فقال شادي : قولتلك المستشفى فيها حاجة غريبة مش مصدقني
الممرضة في خوف : معلش يا دكتور صادق أنا مش هرجع الأوضة ديه تاني
صادق : هو إيه شغل العيال ده.... تعالو معايا نشوف
ذهب صادق ولحق به شادي والممرضة ووقفت الممرضة خارج الغرفة فنظر صادق بالغرفة ووجد الكتاب على الطاولة كما وضعته والستائر كما هي ووئام نائم في ثباته فنظر لها وقال : ما الكتاب مكانه أهوه والستاير زي ما هي
الممرضة : والله يا دكتور ده اللي حصل.... معلش يا دكتور أعفيني أنا من المهمة ديه
صادق : خلاص خلاص..... روحي وأنا هشوف حد غيرك.... شادي شوفلي ممرض أحسن مش عايز بنات.... بلاش دلع فاضي
نزلت ليان وأخبرت وئام أنها تحمل العينة معها فطلب منها وئام أن تطلب صورة دم كاملة فنفذت ليان ذلك ثم سمعت المذيع الداخلي يطلب أحد من قسم القلب فركضت ليان على الفور ولحق بها باقي الأطباء فوجدت شاب بالعقد الثالث مصاب بأزمة قلبية حادة وهناك إنسداد بالشرايين فقال رامي : نعمل أسترة للقلب طيب
وئام : لا ده شريان تاجي.... لازم قلب مفتوح
فقالت ليان ما قاله وئام فقال معتز : اه.... ليان معاها حق.... طيب هتقدرى تعملي العملية تاني؟
فقال وئام : لا
نظرت له ليان في تعجب ولم تفهم لما قال ذلك فأردف : مفيش عمليات تاني
ليان : طيب ثواني يا جماعة وجاية
ابتعدت ليان عنهم قليلًا ثم نظرت إلى وئام وقالت : يعني إيه مفيش عمليات تاني؟!.... الراجل حالته محتاجة تدخل جراحي زي ما أنت قلت
وئام : مش هدخل جوا جسمك وأعمل عمليات تاني..... خلاص
ليان : إزاي يا دكتور بتقول كده؟!.... الراجل حالته ممكن تسوء.... فين واجبك كطبيب حتى لو شبح ده واجبك ولازم تعمله
نظر لها وئام في حزن وهو بداخله صراع أيختار واجبه كطبيب أما يحافظ عليها.... تعجبت ليان من نظرته وكأنه خائف من شئ ما وينظر لها في حزن ثم ينظر إلى المريض فقالت : طيب فهمني إيه منعك؟
وئام : خايف عليكي
ليان : من إيه طيب؟!.... أنا مش فارق معايا أي حاجة غير المريض.... لو سمحت يا دكتور لازم نلحقه
رفعت كفها بالهواء ونظرت لها وكأنها تطلب منه أن يصافحها كي يدخل بجسدها..... لم يجد وئام خيار تاني فقال بداخله : هنقذ المريض وهحميكي
ثم وضع يده على يدها ودخل جسدها ثم عاد إليهم بالطوارئ وقال : جهزو المريض للعملية
بعد قليل كان وئام ينظر إلى الأطباء من حوله وهم يشاهدونه وهو يجري العملية الجراحية ليتعلمو ويكتسبو من خبرته أو خبرتها كما يظنون... علم صادق وشادي بأن ليان تجري عملية أخرى وهذا ما زاد غضبهما فقال شادي له : أنا هتصرف بطريقتي معاها
أنهى وئام العملية ثم خرج من الغرفة وبدأ أحمد يسأل بعض الأسئلة وأجابه وئام ثم لمح وئام وجه ليان بالمرآة فتذكر إنه داخل جسدها وكأنه مفتقد لشعور أن يجري الجراحة بنفسه ثم نظر إليها في حزن فهو يأذيها رغمًا عنه فابتعد عن الناس وخرج من جسدها فوجدت ليان دمعة تنساب من عينيها فنظرت له وقالت : ليه حزين كده؟.... ليه دموعك بتنزل بالشكل ده؟.... فهمني يا دكتور في إيه
وئام : أنا أسف يا ليان..... غصب عني متزعليش مني.... بس أنا جنبك وهحميكي من أي حاجة
ليان : تحميني من إيه؟!
وئام : عمي عايز يخلص منك عشان بتعالجي المرضى
تعجبت ليان منه فقالت : ليه عايز يعمل كده؟!... أمال فاتح مستشفى ليه؟!.... لا كده معاك حق فيه حاجة غلط فعلًا بتحصل..... بس ثواني.... هو أنت مردتش تنقذ المريض عشان خايف عليا؟!
وئام في خجل : اه.... مش قادر أئذيكي بالشكل ده..... لو جرالك حاجة هيبقى أنا السبب
نظرت ليان داخل عينيه ثم صمتت قليلًا تتأمل نظرة بداخلهما لم تراها من قبل وشعرت بنبض قلبها يعلو وتاهت عيناها داخل عينيه إلا أن قاطعهما فتحي الذي وقف أمام وئام وقال : دكتور..... جنة ماتت
نظر له وئام في صدمة ولاحظت ليان نظرته فقالت : فيه إيه؟!
وئام : أجري يا ليان.... عم فتحي بيقول جنة ماتت
ركضت ليان سريعًا إلى غرفة العناية ووجدت والدها يتسلم جثتها بعد الغسل والتكفين فاقتربت من والدتها المنهارة في البكاء وقالت : حصل إيه؟!
الأم : كنت بتكلم معاها وفجأة وشها ازرق كأنها مش بتتنفس وبعدين الأجهزة بدأت تعمل أصوات دخلت الممرضة وقالتلي خلاص ماتت.... راحت خلاص يا دكتورة
ضمها زوجها وهو يبكي أيضًا ثم أخذت العائلة الجثمان للدفن
فتحي : دكتور وئام
نظر له وئام في حزن فأردف : بعد ما أعلنو الوفاة خدو جسمها ودخلو يغسلوها بس خدو وقت طويل أوي وبعدين خرجو بيها زي ما أنت شايف.... أنا قعدت أدور عليك لكن لقيتك جوا جسم الدكتورة وبتعمل عملية
وئام : مدخلتش إنت ليه تشوف اللي بيحصل؟!
فتحي : خفت.... مش هكدب عليك يا أبني أنا حاسس إني خلاص قربت من الموت لو كنت شفتها وهما بيغسلوها كنت هزعل على نفسي.... وبعدين خفت أشوف حاجة جوا بصراحة.... شوف يا دكتور اللي بيحصل في المستشفى ديه
اقترب وئام من ليان التي تبكي حزنًا على جنة وقال في غضب : أنا لازم أفوق من الغيبوبة بأي شكل