![]() |
رواية جرح فتي الفصل السابع بقلم ولاء علي
ــ أنت في سنة مهمة لازم تهتم بأكلك ومذاكرتك علشان ترفع رأسي وتبقى مهندس قد الدنيا.
ضحكت عليها وقولت بهزار:
ــ قولي بقى إنك عايزة يتقال لك مرات المهندس راحت، مرات البشمهندس جات.
ـــ أيوا طبعاً وما أعوزش ليه؟
ــ لاء أنا كدا ممكن أتغر وأقعد أذاكر أكتر الواحد مننا مش بيلاقي كل يوم حد يشجعه...
ــ لاء بقى دا أنت هتلاقي من دا كتير متخافش.
ــ هبقى متدلع! وهتتعبي من دلعي في الآخر وأحب الكيكة وتضطري تعمليها كل يوم ليا.
ــ وأنت شايف إن دا تعب يا علي؟ أنا واحدة بحب المطبخ في بينّا علاقة روحية وبعدين دا الكيكة عاملاها عشان خاطرك.
في مرة من مرات العمر أو في لحظة من لحظاته بتحس إنك عايز الدنيا تقف وصوتها يقف وأنت تقعد بس باصص للي قلبه مال له.
ــ أنت ليه اختفيت
كل الفترة اللي فاتت وكإنك كنت متجنبني قصد؟
مسحت على وشي وجاوبتها :
ــ علشان مكانش ينفع أبوكي يكون مستأمني على شغله وفلوسه ومشغلني معاه وأنا على الصعيد الآخر بخونه وبأبص لأهل بيته من وراه، ودي الصراحة حركات عيال، الراجل يحس فيروح يأخد خطوة ميعلقش بيه بنات الناس وخلاص.
جلسات هادية، حلوة ومتتعة
كفيلة تشيل من حزني زعلي.
كفيلة تخلي واحد كاره الدنيا وبيعد الأيام وعاوزها تعدي لواحد حابب العمر يقف في اللحظة دي ويقعد هادي وصافي.
ــ هو... هو ليه مامتك مجاتش؟ ولا حد من إخواتك؟
ــ علشان هي تعبانة شوية .
أرد أقولها إنهم مبحبونيش؟ ولا أقول إنهم كارهين لي الخير! ولا إني تقيل على قلبهم ووجودي تقيل وسطهم وإن علي في نظرة واحد بيساعد أو شايل مصاريف البيت وبس.
كدا كدا هييجي وقت ويعرفوا كلهم، بس ساعتها مش عارف حياتنا هتكمل ولا كل حي هيروح لحاله.
ــ علي، عمالة أكلمك هو أنت سرحت في إيه ؟ ومال وشك قلب كدا ؟!
بصيت لها وقولت:
ــ مفيش، بفكر في بكرا شايل إيه.
ــ كل خير إن شاء الله، يلا تصبح على خير بقى.
بعد فترة كنت دهنت الشقة وجهزتها لأننا متفقين إن فترة الخطوبة مش هتكون طويلة وبكدا الفرح كمان شهر.
بعد ما الشقة اتفرشت وكان باقي على الفرح يومين، كنت واقف بخلص كام حاجة في ضلف المطبخ وبظبطهم ودخل عم زيدان.
ــ تعالى يا علي عايزك برا، هستناك في الصالة.
سيبت اللي في إيدي وطلعت له.
قعد وسكوته كان مُريب.
ــ أنت أبوكم سابكم ومشي وأنت صغير وقعد سنين ولا بيدور عليكم ولا بيسأل فيكم صح؟
وكأن جردل ميه متلجة إتكب عليا في اللحظة دي، يعز على الراجل يعيش قهر الرجال اللي الرسول صلى الله عليه وسلم استعاذ منه، بس أنا بقالي سنين بعيشه.
كمل :
ــ من كام يوم إخواتك جم المنطقة هنا وسألوا عليا وولاد الحلال كتير ودلوهم عليا، قابلتهم على القهوة اللي على أول المنطقة، وقالوا لي كل حاجة.
كنت متماسك تماسك وهمي .
سألته بصوت مهزوز:
ــ قالوا لك إيه ؟
ــ قالوا لي ألحق بنتي منك علشان متعيش معاك نفس مصير أمك مع أبوك وإن شغلك في الشمال وإنك مش مظبوط.
خدت نفس عميق بحاول أتغاضى عن الغصة اللي واقفة في زوري وقولت له:
ــ وأنت بقى ياعم زيدان رأيك إيه؟ مصدقهم؟
المشكلة إن مفيش أي رد فعل على وشه، وأنا عزيز عليا تنزل مني دمعة.
بس أنا والله مكنتش وحش معاهم علشان أشوف منهم كدا.
ــ أنت شايف إيه ؟
ــ مش أنا اللي أشوف يا عم زيدان؛ إنت اللي تقرر.
ــ ولو أنت مكاني وحد جه قال كدا على واحد المفروض إنه هيبقى جوز بنتك اللي هي حتة من روحك كمان هتقبل؟
بصوت مهزوز سألته:
ــ أكيد لما طلبت إيد بنتك أنت سألت عليا أو بعتت اللي يسأل عليا وعلى أهلي في بلدي صح؟
ــ وعارف عنك وعن أهلك كل حاجة وكنت مستني يطلع منك حركة كدا ولا كدا.
حتى إني أخد نفس تقيل عليا.
كمل:
ــ بس المشكلة إني لاقي واحد كويس، مشوفتش منه حركة نقص ولا غدر، حتى في الشغل شايفك من ءأمن الناس اللي شغالة معايا، وعلشان كدا يا علي أنا مرفضتكش، بل بالعكس أنا شوفت فيك واحد بيسعى، ولو كنت حسيت إن في جواك ولو ذرة غدر واحدة أنا مكنتش قبلت إنك تكون جاري حتى.
كأن كان في جبل كاتم على نفسي وفجأة إتشال.
قال بهدوء:
ــ شوف يا علي أنا إتعاملت مع طوب الأرض ــ تعبير مجازي قصده ناس كتير ــ فأنا عندي خبرة في الناس والكداب أو الغدار أو حتى قليل الأدب مهما حاول يبين أو يمثل فأكيد بيكون في حركة ولو بسيطة بتكون كفيلة تفضحه وتبين حقيقته، عارف أنت عامل زي الزرعة الكويسة اللي طلعت بين زرع كدا زي السم، لو كنت إتسابت يا كنت هتكون زيهم يا هيسموك ويموتوك علشان كدا أنت صح في إنك بعدت، وعلى فكرة أنا روحت عند عمك وقعدت معاه وعرفت كل حاجة.
بصيت في الأرض وفي دمعة نزلت غصب عني لما حسيت كإني متعري وإنه عارف كل حاجة.
ــ أنت حاطط وشك في الأرض ومكسور ليه يا علي؟
هزيت رجلي باستمرار ولسة وشي في الأرض وقولت:
ــ علشان ربنا مرزقنيش بالأهل اللي أتشرف بيهم يا عم زيدان، يعني شكلي إيه وأنت عارف كل حاجة عنهم؟ أنا في نظرك إيه ؟
ــ أنا مش لسة عارف، أنا عارف من ساعة ما أنت كنت لسة خاطب فاتن، شوفتني إتغيرت معاك ولا بصيت ليك بصة إنك حد قليل؟ دا أنا حتى عرفت من فاتن إنك بتكمل في تعليمك بعد ما سيبته ودلوقتي في آخر سنة في الدبلوم وانك عايز تكمل تعليمك ويبقى معاك شهادة.
ــ فعلاً أنا في آخر سنة.
ــ أنت يا ابني معدنك أصيل وراجل وتعرف تفتح بيت، بس إعمل في حسابك لو زعلت البت أنا هجيب المنشار وأول ما تنزل منها دمعة بسببك أنا هد.بحك.
ضحكت على اخر جملة قالها بهزار وأنا بشكره:
ــ شكراً يا عم زيدان، جميلك دا جوا عيني هو وبنتك، مش على رأسي بس لاء دي هشيلها جوة عيني.
ــ ودا اللي أنا عايزة يا ابني وهو إنك تتقي ربنا فيها وتشيلها في عينك، أما بالنسبة لاخواتك لما جُم فأنا سيبتهم يخلصوا كل كلامهم وبعدها طردهم بس قبلها مسحت بكرامهتم وخليتهم عِبرة لمن يعتبر.
أول ما خرج أنا دخلت جري إتوضيت وصليت ركعتين شكر لله وأول ما سجدت عيطت، بيقولوا إن الراجل مبيعيطش، بس أنا النهارة عيشت مشاعر القهر والكسرة، ومعاكم كرم ربنا ولطفه.
يارب
أنا مش عارف أستوعب بس برضو هما ليه يعملوا فيا كدا وأنا اللي كان بقالي سنين مفحوت وساكت، يعني لولا فضل ربنا وكرمه وإن عن زيدان حد حكيم كانت ممكن وقتها يلغي كل حاجة وتحصل مشاكل كتيرة بدون تفكير.
عزمت على الفرح ـــ اللي بالمناسبة كان على البحر ــ العيلة لأني منزلتش هناك أصلا و ولا عزمت إخواتي ولا أمي.
بعد تلات شهور.
ــ يا علي بقى إصحى أنا قاعدة مستنية النتيجة بتاعتك على نار وأنت بارد بطريقة بجد مستفزة.
شديت الغطاء على وشي وقولت :
ــ أنا عملت اللي عليا والباقي بقى مش بتاعي بتاع ربنا.
بالليل كنت رجعت من الشغل وهي كانت في المطبخ فدخلت وهي بتعمل المسقعة.
ــ دا أنتِ راضية بقى ومبسوطة وواقفة تعملي لي الأكل اللي بحبه.
ــ هو عنيا ليك وكل حاجة بس ليه تزهق من الطبيخ .
مسكت خيارة وقطمت منها وأنا بقولها:
ــ بالمناسبة أنا نجحت وجيبت 89 % .
أول ما سمعت كدا زغرطت.
ـ يا ألف نهار أبيض يا ألف نهار مبروك يا حبيبي .
ــ الله يبارك فيكي باقي بقى أنجح في المعادلة .
قلبت في الأكل وهي بتقول بحزن وتردد.
ــ عارف النهاردة شوفت إتنين كانوا صحابي وإحنا صغيرين .
ــ وبعدين إيه المحزن في كدا؟ كانوا مزعلينك وأنتِ صغيرة نرجع بالزمن ونضربهم لك ؟
