رواية زهور بنت سلسبيل الفصل الثاني والثمانون
خرج من غرفته عازم أمره بالبوح بمكنون صدره، يخطو مهرولا عائدا إلى مجلسه الذي تركه على عجلة خوفا من افتضاح أمره قلبه يقرع طبول متعددة غير راسي على واحدة …غيره وعشق وخوف وتشتت، وقف متخوفا من نتيجة ما هو مقدم عليه قدمه تيبست مكانها عينه مشتتة يحاول الهرب من النظر لمن استحوذت عليه قلباً وقالباً، يبلع ريقه بصعوبه وتلك العظمة بحلقة تفاحة آدم! تعلو وتهبط بوضوح ترى رؤى الشمس للجميع!
أنفه انتفخ عينه توهجت أصبحت كنيران مشتعلة مع كل كلمة وقعت على مسامعه، يخطو للداخل بخطوات ثقيلة مجاهدا نفسة على التحمل ولا يفتك بالجالس يتدلل ويتغنج على الجالسة بجواره، يلقى السلام وهو يجز على أسنانه، محاولا الاعتذار برحيلة مسرعا.
عبدالرؤوف: السلام عليكم ، آسف والله رحلت سريع ومرحبت بعودتك بحمد الله سالم، السموحه منكم.
هوت قدمه قلبه خرج من مكانه يسمع حديثها كأنغام موسيقية
يستمتع بسماعها يغمض عينيه يحرك رأسة.
روحية: محصلش حاجه تطلب عليها السماح انت صاحب دار تدخل وتخرج وقت ماتحب، طلباتك أوامر وإن مشالتكش الارض نششيلك فوق روسنا و جوة عنينا و نغطيك برموشنا.
فقد أخر ذرات حصونه رمش عدة مرات تلمس بيده الفضاء حوله يبحث على شيء يستند عليه خوفا من أن يهوى أرضًا
من معسول كلماتها التي تشدو به.
_تتسع عينيه يوزع نظراته بين الواقف هيمان وبين إمه وتلك الابتسامة التي ملئت وجهها ونعومة صوتها التي تجلت بكلامها ينظر تارة لامة وأخرى لرؤوف،لـ ينتفض كمن لسعه عقرب،بما جال بمخيلته لـ يحمحم مرات متتالية مخرج كلاهما من هيامهما.
وائل: احم احم ولا يهمك يا عم إحنا إخوات مبناش الكلام ده واعتبر نفسك في بيتك تخرج وتدخل من غير ما تحس انك غريب واعتبرني اخوك وامي أمك.
تسعل بشدة بعد سماعها تلك الكلمات التي هوت عليها كالخناجر تطعنها لا تعلم لما شعرت بالحزن تجهم وجهها ومحيت ابتسامتها، تنظر للأرض بحزن ودمعه هاربة من مقلتيها تدحرجت لترفع يدها تبعدها خوفا من ملاحظتهم ما أصابها، لتمد يدها تلتقف كوب ماء مد لها، ترفع عينها تجد رؤوف هو من يحمله وتظهر بوضوح معالم القلق والرعب عليه.
روحية: مدت يدها تحمل الكوب منه توم براسها شاكرة اياه
تتناوله بيد مرتجفه تتساقط المياه منه.
_وائل بغيره جالية للعيان ينفس بغضب انفاسه كثور فى حلبة مصارعة ينظر لـ مصارعة بشراسة يضرب قدمه بالأرض مصدر انفاس عالية وفجأة ينقض عليه يود الفتك به.
ـ مش تتفضل تقعد تكمل أكلك يا أخ رؤوف لان فى كلمتين عاوز أقول هملك بعتهم زهور مع حاجتك الل طلبت منها تجيبها ليك.
روحية تضع كوب الماء على الطاولة، شعرت بحدة وتهكم فى حديث إبنها الموجه لرؤوف، تجلى صوتها تخفض بصرها حتى لا تشعر بالتوتر وتثير الريبة حول تبدل حالها.
ـ مكملتيش ايه ال حصل لى زهور و قبلتها إزاي.
_وائل يعتدل للخلف يشير بعينه لرؤوف بالجلوس بنظرة أَمِرْهَ: زهور بعد ما كلمت جدتها وقبل ما تينهي الاتصال معها باب الجناح خبط عليها وهى منبهة على الاستقبال محدش يزعجها واي حاجة مهمه يكلموها على تليفون الجناح، حاسة بالخوف حاولت تقفل مع جدتها وتشوف مين
جدتها رفضت وصممت تفتح الباب وهي معها على التليفون، فتحت الباب بشويش تشوف مين؛ لقت بنت وقفة قدمها .
زهور ظفرت انفاسها براحه وهي تري من تقف أمامها لتبتعد عن الباب سامحة لها بالدخول تحدث جدتها.
بعد إذن حضرتك إدي التليفون ل عبد الرحيم بيه.
الجدة: طمنينى فى الأول مين ال خبط عليكى.
زهور: حضرتك هتعرفي كل حاجه حالا، ممكن تفتحوا الأسبيكر.
الجدة: فتحتة خلاص ممكن تطمنيني قلبي خلاص مش متحمل.
زهور: حضرتك من دقايق قلت في حد من طرفك هيجي يقابلني، ممكن توصفها لي بالضبط.
الجد بفرحة واضحة بالكلام غادير وصلت عندك مش كده.
زهور: مش متأكدة إن كانت هي ولا لا.
الجد: هي أنا متأكد أنها هي غادير مقدرتش تتحمل الكلام اللي انا قلته وزي ما خططت بالضبط جاتلك الفندق عشان تعتبك وبنفس الوقت تتعرف على بنت عمها، زهور غادير بمية راجل حماقيه شويه طبعها زي طبعى وطبعك مش بتتنازل عن حقها واللي يهوب جنب ال منها تكله بسنانها زيك بالضبط، عمرك ما عرفتنا ولا عشتى معانا متحملتش
اللي عرفتيه وصممتي تعرفي الحقيقية وتساعدينا، افتحي الاسبيكر.
زهور: قبل ما افتحه ممكن تقولي حضرتك قولت ايه خلها تجي بالوقت ده.
الجد: اسمعيني وانا بكلمها.
زهور ابعدت الهاتف وفتحت السماعات الخارجية تشير بيدها للـ واقفة أمامها تضم يدها لصدرها تضرب الأرض بمقدمة نعلها تريد الحديث لترفع زهور اصبع يدها تشير على فاها تحسها على الإستماع وعدم الكلام.
الجد: غادير أثبتلي إن كنت صح طول عمري تربيتي ليكم،و كل القيم والمبادئ اللي غرستها فيكم ظهرت وقت الشدة معدن كم النظيف وأصل لكم الطيب هو رأس مالكم اسمعيني كويس انتي وزهوان، مكنش ممكن تتقابلوا في الظروف الـ أحنا فيها غير بالطريقة دى وخصوصًا زهروان مصممة متقبلش حد من العائلة غير لما تاخد حقها وتكشف الحقيقة، غادير أنا كذبت عليكي زهروان مرفعتش قواضي ولا حاجه زهروان عرفت كل ال حصل وصممت تساعدنا
ورسمت خطة حتعرفيها منها بعد ما تتعرفوا على بعض،
زهروان غادير أكتر وحده هتساعدك في اي حاجه تقف قدامك،تقدري تعتمدي عليها اعتماد كلى وتثقي فيها ثقة عمياء، شفتي بنفسك قدرت توصل للجناح اللي انتي فيه من غير ماحد يشوفها ولا يشعر بها.
أنا هقفل معاكم واسيبكم تكلموا وتخرجوا ال جواكم اتعرفوا على بعض، وأخر كلمة هقولها انا لو مت أموت وأنا مرتاح وسعيد عارفين ليه عشان ها كون مطمن إن عائلتي بأمان بيكم انتم الاتنين زهروان وغادير من النهاردة شركات وأملاك الغمراوي بأمان معاكم، من بكرة كل ما أملك هيكون تحت تصرفكم،لان عارف ومتأكد انكم مش ها تطمعوا ولا ها تغدروا بأولاد عمكم واخواتكم، حتى بنات وولاد عماتكم هتعرفوا تضمهم ليكم واللى أنا فشلت فيه هتنجحوا فيه انتم الاتنين، زهروان غادير خالوا بالكم من بعض.
تنظران لبعضهما عينهما تتحدثان دون أن تنطق إحداهما بكلمة ظلوا على حالتهما حتى تخدرت قدماهم دون شعور رفعتا يديهم يضمان بعضهما تربت كل واحده بحنان علي كتف الأخرى مغمضين أعينهم، تحدثت غادير.
_ تعرفي أنا كنت جاية وجوايا مليون سؤال وعتاب ليكي،لكن أول ما دخلت الفندق كل ال شغل تفكيري هتصرف ازاي لما أكون واقفة قدامك و شايفاكي بعنيا،بالرغم مش أول مرة أقابلك وأشوفك، بس المرة دي مختلفة، لأن هقابل بنت عمي ال اتربيت على حبها من غير ما اعرفها ولا اشفها حبتها من حب إخواتي وأولاد عمي لعمو زياد الله يرحمه لان مكنتش بشفها غير شبهة ونسخه منه كل واحد فيهم كان متعلق بيه بطريقتة زي ما تعلقوا به وهو عايش تأثروا بموته وشخصية كل واحد فيهم تكونت من الجزء ال أتعلمه منه.
زهور وهي لازالت على حالتها تشتد بضمها لغادير تشعر براحة وبنفض كل الثقل الذي كانت تشعر به على كاهلها.
إحكيلي عنهم اية الــ تعلموه منه اوصفلي شكله مين أكتر واحد فيه شبه منه،وأكتر واحد أتأثر بموته.
غادير تعالي نرتاح شوية وأنا هحكيلك كل حاجه.
زهور: لو قلتلك إني لأول مرة في حياتي أحس براحة زي دلوقتي، بس على العموم اتفضلي نقعد هنا، بس قبل ما يأخذنا الكلام في حاجة مهمة محتاجاها منك، وقبل ما تقولي هي ايه
الشنطة دي عوزاكي توصيلها لواحد قريبي ضروري لأنها مسألة حياة أو موت، ثانيا تعرفني ازاي دخلتي هنا من غير ما حد من الأمن يشوفك!؟
غادير هحكيلك كل حاجه بعدين بس الأول عرفني ايه حكاية الشنطة دي وعلاقته وقريبك ده مين وايه حكاية حياة أو موت؟!
زهور قصت لها كل شئ حتى خطتها مع جدها لأبعاد أبناء عمها فى مكان داخل البلد وعدم تهريبهم للخارج حتى ظهور برائتهم وبنفس الوقت تربيتهم من جديد وتعليمهم تحمل المسئولية والاعتماد على النفس.
غادير: حفيدة عبدالرحيم الغمراوي على حق، فولة واتقسمت نصين لا تلاته نفس الطبع والشخصية والدهاء، أمنتيهم بمكان استحالة حد يوصلهم فيه وبنفس الوقت عينك عليهم وكمان هطبقي المثل ال مربهوش أهله تربية….
زهور:هتربية زهور بنت سلسبيل.
غادير بحنان ربتت على كتف زهور.
إحكيلي كل اللي جواكِ عايزة اسمعك أعرف كل حاجه عنك، وايه حكايه زهور بنت سلسبيل دي!
زهور اتجهت للفراش تتكئ على جانبها يدها أسفل رأسها
ممكن الاول تحكيلي عنهم وعن شخصياتهم ومين فيهم اتاثر بموت والدي.
غادير شعرت بحاجة زهور بمعرفة شخصية والدها لتقص عليها.
_ زين أخذ الهدوء والطاعة يكتم جواه مايخرجش اللي تعبه حتى لاقرب حد ليه، متفاني في عمله مضحي عشان عالته، يجي على نفسه عشان ال بيحبه يكون مرتاح ومبسوط.
حازم: كان صغير وقتها أنا وهو بنا شهور ملحقناش نتعلم منه بس تأثرنا بموته لاننا عشنا حزن كل واحد فى العايلة عليه، كبرنا على حبنه ليه وليكي.
_تتنهد وتشرد بحديثها تتلمس شفتاها تضم يدها حول نفسها عينيها تلمعان بسعادة ترجع رأسها على حافة الأريكة تتسع ابتسامتها.
ـ زاهر ده حكاية لوحده كوكتيل واخد من كل واحد من رجالة العيلة خصلة من خصاله، واخد من بابا زيدان طبته وعفويته، ومن عمي زايد جسمه وطوله وكتير من ملمحه ومن جدة قوة شخصيته ومن عمي زياد عنده وجراءته،بيداري وجعه وراء صوته العالي وبداري حزنه وراء وحدته وبعده عيونه لونها بيتغير لما بيفرح،ضحكته تنور وشه وملامحه الباردة ال رسمها لنفسه.
زهور:ترفع نصفها العلوي ضاحكة،انتي حافظه كل حاجة فيه، فكرين زاهر ابن مين في العايلة.
غادير: مش بقول لك حفيدة الغمراوية، ترفع يدها لأعلى عشان اريحك زاهر يبق خطيبي أو بمعنى أدق جوزي مكتوب كتبنا من ثلاث سنين.
حمزة ده حكايته حكايات، أكتر واحد أتأثر بموت عمو زياد لانه تقريبا كان مثله الأعلى شخصيته تبدلت،متعرفيش بيفكر إزاي كل ما تقوليلي فهمتيه تلاقيه اتقمص شخصية غير شخصيته الحقيقية.
دايما بيظهر عكس ال جواه مش هو أخويا الكبير و أستاذي بالجامعة بس كتير بحس انى أنا ال الكبيرة واوقات كتير بحس انه غامض مش فاهمه شخصيته عينه دايما حزينه،قريب أوي من الكل وبعيد في نفس الوقت،أخذ من عمو زايد كتمان وجعه وحزنه بيأثر الكل على مصلحته وراحته ومن عمو زياد شخصيته المرحة وحبه وشغفه المصارعة والعاب القوى بس ما مارسها ش أبدا أو بمعنى أصح مشفنهوش بيلعبها أو بيتفرج عليها.
زهور تعتدل بجلستها ترجع ظهرها على الفراش،فور ورود إشعار رسالة على هاتف روحية تلتقطه من على الكومود بجوار الفراش، تقراها وتبتسم ترفع عينها تجاه غادير الشاردة تتلمس شفتاها.
زهور: غادير غادير هاي رحتي فين.
غادير: هاه مفيش بس شردت شوي،في ايه.
زهور بعد نص ساعة، هتروحي تقابلي قريبي اللي قلتلك عليه وتوصل إليه الشنطه دي وتطمني منه على ال واخد عقلك.
غادير: تقصدي مين.
زهور: ههه ال بقالك ساعة تفكري فيه وايدك على شفايفك.
غادير: تعرفى انك رزلة، لولا مافيش وقت ماكنتش عديت كلامك ده أبداً.
زهور: فعلا مفيش وقت بس قبل ما تمشي كنت عاوزه اعرف كل حاجه عن نيرة وأخواتها ونورين وتعرفي المستشفى ال هي فيها.
غادير: تقص عليها ما تعرفه من نقاط ضعف وقوة لكل واحدة ممن ذكرت اسمهم.
كدا حكيت ليكِ عن شخصية كل واحدة،عمو زايد هو بس اللي يفيدك بعنوان المستشفي.
زهور: كدة تمام دلوقتي هتعرفني آخر حاجة قبل ما تمشي تلحقي معادك مع خالي وائل.
_ خالك وائل، اللي اعرفه ان والدتك مالهاش اخوات وملهاش غير قريبة واحدة..
_ هو مش خالي بمعنى الكلمة، بصي أنا بثق فيه وهو بردة اللي دايما كان سند ودعم ليا، في حاجات كتير مشتركة مابيني وبينه هعرفك كل حاجة بعدين يدوب دلوقتي تلحقي تخرجي قبل ما الهوس كيبر يملوا الدور والفندق وابقى طمنيني اول ما توصلي البيت.
_ عندك حق وانا يدوب أوصل على معاد قريبك، في حاجات كتيره محتاجينها يدوب اروح اشتريها وارجع البيت
وبالنسبة إني اطمنك لم اوصل البيت شيليها من دماغك خالص لان انا متأكدة اني هاواجه عاصفة رباعية من سيدات الغمراوي وكله كوم وسيسيليا كوم تاني، دعواتك ليا.
زهور: من سيسيليا دي ال خايفة أوي منها.
_ سيسيليا زايد الغمراوى مش باينه من الارض أصغر أحفاد الغمراوية، جبارة رويترز العائلة محبوبة الكل، عندها حصانة تعمل كل حاجة ومتتعاقبش، أسرار كبار العائلة معاها، تونز وكاتم أسرار الكل، معشوقة أولاد الجيران والأقارب، لسانها مبرد، مأدبه زميلها بالمدرسة، مشيبه مدرسنها، لميضة وذكية وكل ده متعرفيش تأخدي منها حق ولا باطل، تشفيها تحبيها تتكلمى معاها تخطف عقلك قبل قلبك.
_ ياااه شوقتني أشفها واقبلها.
_ إن شآء الله نجتمع كلنا مع بعض قريب وتتعرفي على الكل.
زهور: أن شآء الله بس في مشوار مهم اوي لازم نروحه مع بعض حاولي تفضي بكرة اوبعده بالكتير.
غادير: مشوار ايه ده.
زهور: هتعرفي لما نتقابل، سيبى رقم تليفونك أول ما أكون جاهزة هبعتلك رسالة.
غادير: زهروان عايزة أسألك سؤال وخايفة تفهمني غلط.
زهور: مش هفهمك غلط لانه نفس السؤال اللي عندي.
غادير بذهول: قصدك ايه.
زهور: مقابلتنا النهاردة دي طبيعية!مش ده سؤالك؟وقبل
ما أجاوبك هقولك انا كنت رسمه سيناريوهات كتير أوى
ل مقابلة كل فرد في عائلة الغمراوي، إلا إنتي حاولت كتير أوي أتخيل شكل مقابلتنا ازاى معرفتش.
غادير: أنا عكسك كنت متوقعها باردة جافة، وخصوصا ان شفت طريقتك بالكلام ولسانك الل غسل حمزة وحازم من غير ما تخافى ولا تخجلي وبعد كلام جدو والفيلم ال حكاه ليا وأنا صدقته صراحة كنت جايه وناويه اني اعملك أسوأ معاملة، بس كل خططي باءت بالفشل.
زهور: هههه باءت بالفشل.
غادير: زهور انتي جميلة اوى وضحكتك حلوة، أنا حاسة انى اعرفك من سنين، انا ماليش اخت وانتى اختى آل طول عمري بتمناها.
أنهت كلامها لتجد زهور تفتح ذراعيها لترتمي غادير بأحضانها،تبكي كل واحده بصمت لترفع غادير رأسها وترفع يدها تكور وجه زهور بيدها تجفف دموعها بأطراف أصابعها
تبتسم لها تحدثها.
_ العيون الجميلة دي متبكيش، من هنا ورايح مش اشوف دموعك دي تاني.، عاوزة ضحكتك الحلوة تزين وشك.
زهور: بصوت باكي ممكن أحضنك مرة تانية، مجربتش، دفء وشعور الحضن قبل كده أول مرة حد يضمني كده.
غادير ببكاء: من هنا ورايح مش هنبطل أحضان ليكي عليا أحضنك كل ما نتقابل حتى واحنا قاعدين، وياستي بكرة تزهقي من الاحضان كفاية تيتا وال هتعمله، ظلوا وقت هكذا لتبتعد غادير عنها تبتسم بوجهها مش كفاية كده هتأخر على معاد قريبك،وكمان سيسيليا متاكده دلوقتي مقومة الدنيا،وخصوصا مش متعودة على غياب عمو زايد عنها.
زهور: تبتسم شوقتني أشوفها من كلامك عليها.
غادير: زهور اية رايك تجي معايا القصر تقبليها و.
زهور مقاطعتها تبتعد عنها:لا لا مش هينفع ابدا دلوقتي خالص، فى حاجه مهمه لازم أنهيها قبل كل حاجه.
غادير: برحتك يا زهروان الوقت ال تحبي تيجي أكيد كلنا هنكون سعداء بيكي ، دلوقتي انا لازم أمشي، واه فين حاجه قريبك.
زهور: ياريت تقولي زهور لسه بدري على زهروان اتفضلي الشنطة أهى، والعنوان… خالي بالك كويس وانتي خارجه
حد ياخد باله منك يراقبك والخطة كلها تفشل قبل ما تبتدي.
_ انتي طيبة اوي يا زهور، على العموم مافيش حد شافنى ولا انا دخلة ولاحد هيشوفنى وانا خارجة.
_ ازاي ده حصل رشيتي حد من الأمن ولا لبستِ طاقية إخفاء.
_ ههه حاجه زي كده ، متقلقيش، بكرة بالكتير ها تعرفى كل حاجه ، يلا سلام الساعه قربت على عشرة صباحا ورجوعى البيت هيبقى صعب وفيه مجازفة.
تبادلات الاحضان وخرجت غادير وأغلقت الباب خلفها تسير بالكلودور دون أن تلتفت خلفها حتى ابتعدت عن الجناح المقيمة فيه زهور وقامت بفتح إحدى الغرف ودلفت وأغلقت الباب.
زهور بعد رحيل غادير جلست على حافة الفراش، امسكت حقيبتها واخرجت دفتر مذكرات أبيها تتصفحها، توقفت عدة دقائق تقرأ بعناية إحدى صحفها حتى شعرت بالنعاس، تعتدل بجلستها تتمدد على الفراش وتصفح أخرى حتى ارتخت جفونها وذهبت بنوم عميق ضامه المتبقي من ذكرياتها والدها تشتد بإحتضانها.
لتفيق فزعة على إتصال هاتفي الفندق.
زهور تشهق فازعه وتلتقط الهاتف بيدها بعد ان هدأت قليلا
تستمع لحديث من يحدثها بذهول تغلق معه وتهب تعدل من ملابسها التي لازالت ترتديها من عدة أيام.
________
_ يغلق الهاتف وارتمى بأحضان زوجته يبكي كأنه لم يبك طوال عمره يبتعد قليلا عنها بعد مدة طويلة من ضمها يشعر ببكاها بصمت وحركة يدها على ظهره تربت عليه كطفل رضيع تهدهده إمه.
عبدالرحيم: أكثر من خمسين سنة وإنتى سندي وعكازي رميت حمولى عليكِ ما كلتيش ولا تعبتي ولا مره إشتكتي
شلتني بأزماتي بعتي ورثك وبيت أهلك وأنقذتني من ضياع الشركة بعد عبدالرحمن ما ضيعها، ربيتي أولادنا وأحفادنا أفضل تربية حتي بنات عبدالرحمن ربتيهم زي ولادك واحسن، كاتمتي حزنك وأوجاعك جواكي فضلتي تسكتي ما تتكلميش وتعيشي سنين عجزة عشان ما تجرحنيش بكلمة واحدة ولا تتهمني بإني السبب بموت زياد، زهور بعترفلك لأول مرة من عشرين سنة، أنا مكنتش ببقى نايم زي ما كنتي فكرة وانتي بتعاتبني وبتبكي على زياد وحرمانك منه ومن بنته كنت بمسك نفسي من ضمك و بموت ألف موته بتقطع من جوايا بس كنت بتحمل عشان تخرجي اللي جواكي كنت بستحمل كلامك واول ما تنامي أروح عند قبر زياد وأخرج كل اوجاعي أحكيلة عن كلامك وقد ايه انتي حزينه وموجوعة على فراقة.
زهور الجدة: سامحنى يا عبدالرحيم تعبتك سنين طويلة معايا.
عبدالرحيم: يبتسم لها يلمس بيده على وجهها بيده، سامحيني انتي على كل التعب والحزن اللي عشتيهم بسببي، زهروان كمان نفسى تسامحنى نفسي اغمض وافتح القى ال احنا فيه ده انتهي واتجمعت انا و اولادي واحفادي بما فيهم زهروان
واطمن عليها وبعدها اموت وانا مستريح.
زهور الجدة: شاهقة بعد الشر عليك ربنا يديك طولت العمر وتفرح ليهم كلهم وتشوف احفاد احفادك.
تصمت فزعه مع سماعهم دقات جرس الباب التي لا تتوقف.
—------
يقف وجهه كجمر شديد الحمرة يكظم غيظه بصعوبة بالغة يكور إحدي يديه والأخرى متكئ بها على كرسي أمامه، ينفس بغضب وهو يستمع لضحكات خافضة حوله ليرفع عينه يصوبها للمتحدث يكاد يفتك به.
_ هتفضل على الحالة دي كتير هتقدر تتحمل اكتر من كده، يابني انا دخلت مفهاش حاجه يعنى.
_ حمزة مش عاوز اسمع صوتك ابدا أدخل فين انت مش ازاى قدرت تدخل القرف ده مش شامم الريحة ولا لون الماية ولو كل ده ميفرقش معاك، فين المكان اللي..
حد يصرف ويفتح الباب ده ولا شباك مش قادر اتحمل اكتر من كده.
حازم: ريح نفس يا زين متحولش تفتح الشبابيك انا حاولت اكتر من مرة حتى فكرت أكسرهم للأسف معرفتش مقفولين من برة والباب نفس الكلام.
زين: مين الغبي اللي عمل كده لو اشوفه هقتله، لازم نتصرف ونفتح الباب ده بأي طريقة انا كمان مخنوق ومش قادر اتنفس لازم اخرج من هنا .
حمزة: هنفتحه ازاي وهو مقفول من برة ولو مخنوق ومحتاج تشم هواء اطلع زي حازم على السطوح وشم هواء وارجع.
زين: بالرغم من برودك ده الا انت اول مرة تفكر صح، مافيش غير كده انا هطلع فوق واشوف مكان اقدر انزل منه
وافتح الباب، البيت مش عالي ويكون سهل النزول.
حمزة: زين انت متأكد من اللى بتقولة.
زين: مقدمناش حل غير كده .
صعد زين وصعد الدرج الخشبي لاعلي، تجول على السطح
ينظر للأسفل عن مكان يستطيع القفز منه بسهولة دون أن يصاب بأي أذى ظل دقائق على هذا الحال، حتى وقع بصره على كومة من القش على مسافة قريبة من المنزل من الخلف، ليحسم أمره ويرتد للخلف وأخذ وضع الوثب ويقطع المسافة في خطوتين قافزًا على كومة القش لتهوي به ويسقط في مكان لزج ذو رائحة كريهة من رأسه لأخمص قدمه.
يخرج منه ينفض نفسه وهو يسب ويلعن حاله ومن احضرهم لهذا المكان ينفض عن يديه ويزيح عن وجهه وعينه تجحظ عيناه وهو يرى ما سقط به يشعر بالغثيان وهو يرى روث الحيوانات ليبتعد سريعا للخلف وهو يخلع نعله ويرميه بعيدا يرفع يده يبعد ما يتساقط من على جبهته وعينه وباقي وجهه ملطخ بالروث تلفت يمين ويسار حتى وقعت عينيه على
مجري مائي على بعد خطوات يهرول تجاهه، ليفزع
وهو يصتدم بأحدهم وسماع صرخات عاليه، وكلمات لم يفهم منها سوى….