رواية زهور بنت سلسبيل الفصل السابع والثمانون 87 بقلم مني عبد العزيز


 رواية زهور بنت سلسبيل الفصل السابع والثمانون 


تنظر بعتاب ولوم  إلى زوجها تارة وأخرى لإبنها  وهي تضم حفيدتها  تخفض بصرها للأرض تبكي بقهر إقترب منها  زايد بخطي بطيئة يشعر بأن المسافة تطول فيما بينهم يقف أمامها وعينه على الواقفة على بعد خطوات منهم  يتحدث بصوت متحشرج  من محاولته التحكم في عدم نزول دموعه. 

زايد:  عارف كلكم  فاكرين إني سبب موت سلسبيل وإني دفنتها وخلاص،  أقسم لك يا أمي أنا مكنتش السبب بالعكس أنا روحي طلعت مع روحها وادفنت جنبها،  أنا  تفاجأت  انها جات الفندق وعرفت بموت زياد وإنها مقدرتش تتحمل الصدمة وقعت من على سلم الإدارة،  والإسعاف  اخدتها على المستشفى،  أنا أول ماعرفت مستنتش لحظه جريت على المستشفى  فضلت جنبها لآخر لحظة في عمرها ووصيتها على زهروان،  حاولت اعرف موجودة فين و مكانها ايه بس للأسف  ماتت قبل ما تقول مكانها،  أنا اشتريت مدفن وراء مدفن  زياد بالضبط ما يفصلش ما بينهم غير جدار عشان أحقق طلبها بأنها تدفن جنبه   عملت لها جنازة كبيرة وصلاة في أكبر مسجد  بالبلد  خرجت ليها شهادة وفاة باسمها سلسبيل أحمد،  مقدرتش أقولك يا أمي لأني عارف قد ايه انتي زعلانه على وفاة زياد، مقدرتش أقولك أي حاجة من اللى حصل، فضلت أدور على زهروان طول السنين اللي فاتت  مخلتش مكان مدورتش في،  صدقنى يا أمى  أنا  لو كان بإيدي أموت وسلسبيل تعيش مكنتش اترددت، ولو لسه واقف على رجلي فده عشان  أنفذ وصيتها   و زهروان 
تأخذ ورثها وتعيش مع عائلتها  وأوعدك يا إمى انتي والست أحلام،إن مش هسمح  بإن زهروان  تسجن  لو حتى اضطريت أعترف على نفسي للمرة الثانية إنى  أنا اللى قتلت عاصم. 

                      ********

يصمت مع فتح باب حجرة التحقيق وخروج الدكتور أحمد  تقترب منه أحلام وخلفه أحد المجندين  يسير بخطوات  هادئة ويقف ينادي على   السيد يحيى،  تتمسك أحلام بيده يبعد يدها ويربت عليها ويبتسم لها ابتسامة مطمئنة ويدخل خلف المجند 
يدلف حجرة التحقيق وينظر تجاه زهور الجالسة بإحدى زوايا الحجرة  منكسة رأسها، يروي كل ما حدث وما اخبرت به إلينا حتى القبض عليهم بعد مشادة  مع ذلك الشخص المدعو عماد و  مداهمة الشرطة لشقة القتيل. 

تقترب  الجده  من الدكتور أحمد وبصوت متحشرج من  البكاء تسأله  :  لو سمحت يابنى  طمنى زهروان عاملة ايه  هي كويسة كده،  اتكلمت ولا لا،  الله يخليك طمني عليها  ليه خرجت وسبتها مخرجتش معاك ليه. 
أحمد يبتسم بوجهها يحدثها  بصوت رزين:  إتفضلي يا إمي ارتاحي حضرتك  هنا في الأول،  للاسف الضابط  طلب  مني الخروج عشان التحقيقات،  وها يدخل الكل واحد واحد
للتحقيق  معه وانا خرجت بعد ما تحقق معايا،وزهروان الضابط رئف بحالتها  وقعدها على جنب لحد ما التحقيق ينتهي   

أحلام بعد دخول ليحيى  تجلس على  الكرسي بالردهه أمام حجرة التحقيق عينها على باب الحجرة  قدمها ترتجف، تلتفت تنظر ل محدثها نظرة  حادة  تستمع لكلماته  لى تلين ملامحها وتهدأ قليلا مع كل كلمة وقعت على إذنها. 
                **********
فور ابتعاد والدته يقترب من مكان جلوس أحلام يلصق ظهره للحائط  يحدثها بصوت ضعيف. 

_  ست أحلام أنا عارف  قد ايه حضرتك زعلانه وحزينه على  موت سلسبيل،  ومقدر حزنك ووجعك عليها وكمان حاسس بوجعك على زهروان،  ست أحلام  أنا حاسس بوجعك ده   تخيلي لما تعيشي عمرك دمعتك المتحجرة جوة   جفونك   مش قادره تنزليها  كل لحظة بتمر عليكي بتفكرك بيها تفضلي تلومي نفسك على سلبيتك، تتمنى الزمن يرجع لوراء  وتصلحي  غلطة عملتيها  أنك اترددتي  تخرجي اللي جواكي،  فوق كل ده تعيشي عمرك كله عشان غيرك وأبسط حقوقك إنك تعيشي مع الانسان  اللي قلبك ندى بعشقة ما قدرتيش تخرجيها ولما  خلاص  اتشجعتي وربنا قواكي وقلتي خلاص فاض بكي وهترحمى قلبك وأختارتي تعيشي لنفسك تصدمي أكبر صدمة في حياتك،  ويأخد أقرب الناس ليكي كل  أحلامك وقصور الرمل اللي رسمتيها بحياتك تتهدم قصاد عينك ،  ولما الأمل يرجع قدامك  وتقولي خلاص هاخد الخطوة وأشجع وأعيش اللي ضاع من عمرى تصدمى أصعب صدمة  قلبك يقف عند اللحظة دي  تعيشي زي الإنسان الآلي  بلا قلب ولا مشاعر عايشة على ذكرى  أول نظرة عيونك وقلبك ندوا بالحياة والعشق  تخيلي  لما  تعيشي عمرك  كله على  ذكرى لحظه مرت عليكي  اهو أنا قدامك سنين وأنا عايش على  اللحظه دي  أعتبر ميت أكلكينا  والذكرى دى هى اللي أكسير الحياة بالنسبة لي. 

أحلام بصوت  متوتر تخرج كلمتها  ودموعها تسيل بصمت:  حبيت سلسبيل  مش كده،  حبيتها لما  شفتها أول مره  عند خالتك فضلت شهر ترقبها كل يوم  في كل مكان  وفجأة إختفيت،  استعريت من فقرها  مش كده. 

زايد بذهول مما سمعه  يبلع رمقة بصعوبه دقات قلبه تتسارع 
:  عرفتي منين  الكلام ده مين حكالك  محدش غيري  أنا وولدي يعرف الكلام ده،  قولي يا ست أحلام أبوس إيدك  مين قالك الكلام ده. 

أحلام:  سلسبيل  قالت الكلام ده  لانها شفتك كتير وانت بتراقبها  وكتير كانت بتشوفك  واقف قدام عمارة خالتك بالساعات عيونك على بابها لحد ما تخلص شغلها وتنزل وانتي تمشي وراها بعربيتك لحد الحارة،  فجأة اختفيت ومظهرتش تاني. 
زياد قلبه يكاد يقف دموعه تسيل بلا هواده يخرج كلماته بصعوبه ينظر لوالده  بألم:  قالتلك ايه  وقتها  مشاعرها كانت ايه  حاست بيا وليه براقبها ولا لا،  طيب ليه مسألتش وعرفت أنا فين  ليه اتجوزت زياد واختفت شهور ليه ليه لما زرت خالتي بعد كدة ماشفتهاش ولامرة طالما كانت عايشه في نفس البيت،  متسكتيش ردي عليا  ليه استعجلت  طالما حست بيا. 
                   ***********
أحلام  :  سلسبيل  كانت خرجه من أزمه   نفسيه محتاجه حد يقويها ويخليها ترجع تثق في نفسها تحس إن في حد شريها وبيحبها،  عطتها انت الأمل وبعدت  ومعرفتش عنك حاجه 
ظهر زياد في حياتها  بطريقة عجيبه  تمسكه بيها وطلب  انه يتجوزها  وجاب والدته وصحبه وعملها فرح في حارتنا الكل اتحكي بيه حست وقتها بعوض ربنا ليها حبته،  وأول مرة عرفت إنك أخوة  جات عندي المحل وكانت منهارة من العياط من صدمتها  بس الشهادة  لله كان حب زياد  سيطر عليها  كل خوفها   يحصل مقابلة ما بينكم وزياد يحس بأنك عينك منها،  عشان كده  الكام مرة اللي زرت المرحومة خالتك  كانت بتقفل عليها أوضة نومها هي وزياد ومبتخرجش لحد زياد ما يرجع من شغله. 

أتي يتحدث  قطع كلماته  وابتلعها بجوفه  كجمر يحرقه  أزاح دموعه وهب واقفا مع فتح باب غرفة التحقيق  وخروج يحيى ومنادات العسكري على أحلام بالدخول للتحقيق معها،  ظل واقف مكانه حتى إقترب منه والده سحبه من يده وابتعد قليلا  ليرتمي بحضان والده يبكي بحرقة  دون أن يخرج كلمة واحدة  مهما طلب والده منه التحدث بما يؤلمه لهذه الدرجة. 

يبتعد عن والده  مع سماع مناداة أحد عليه يبتعد  ويجفف دموعه ويخطو تجاه غرفة التحقيق  يدلف اليها  يدلي بأقواله  وعينه على زهور الجالسة لم ترفع عينها  لو للحظة واحدة، انتهى من التحقيق  وقف قليلا ينظر تجاه زهور  حاول أن يحدثها لم يقوى على التحدث وطلب منه الخروج لاستكمال التحقيق  نظر لها  مطولا  وخرج  يقف بعيدا عن  الجميع  يتلمس قلبه ويسحب نفس عميق يشعر بالاختناق ليخرجه سريعا ويغمض عينه بحسرة، يجلس على الدرج  يسند رأسه  على الحائط جواره يغمض عينه يسبح في ذكرياتها  غير عابئ بما يحدث، يفتح عينه  مع سماع صوت هرج وأصوات صرخات عالية  يرفع عينه تجاهها ويعتدل بوقفته يستمع لما يقال  يسرع بالابتعاد دون أن يشعر به أحد. 

قبل ذلك بدقائق، 
                  **********
دلفت غادير  غرفة التحقيق  تسرد كل ما حدث  للضابط  وأجابت على كل أسئلته، انتهت من أقوالها سريعا وخرجت،  ليدخل عماد مكبل بالاصفاد بعد استدعاء المحقق له  ليتم مواجهته باعترافات  الجميع ومواجه زهور له وتم استدعاء هالة السكرتيرة التي حضرت  قبل وقت  للشهادة  فور علمها بما حدث،  ليتفاجأ الضابط بإتصال هاتفي يخبره بإلقاء القبض على سيدة  تحاول قتل فتاة  بالقرب من  مسرح الجريمة،  وبالتحقيق معها كشف هوية السيدة  والفتاة، ليطلب امتثالهم أمامه للتحقيق، بعد التحقيق وادلاء كل منهما بشهادته  وكلام الفتاة اعترافاتها  التي هي نفسها إعترافات زهور،  لتنهار السيدة  وتعترف بما فعلته بعد ما رأت زهور أمامها،  لتصاب بحالة من الهستيريا وتهجم عليها تحاول قتلها وزهور مستسلمة لا تبدي أي ردة فعل لولى  المحامي  والضابط  استطاعوا ابعدها عنها  وسط صرخات نهال بتركهم لها. 

زهور بعد أن  تم ثبوت برائتها تم الإفراج عنها تخرج  من غرفة التحقيق  يلتف الجميع  حولها لتصرخ بهم بالابتعاد تحدثهم  بصوت متحشرج  تشهق  من كثرة بكاها تلتقط أنفاسها بصوت عالى وسط حديثها. 

زهور:  محدش يقرب لي ابعدوا  . 
أحلام ببكاء تقترب منها تحدثها بحنان  :  بنتي حبيبتي  حمدالله على سلامتك. 
زهور الجدة تقترب منها  تفرد ذراعيها تحاول ضمها تبتعد زهور خطوتين للخلف وتشير لهم. 

زهور:  قلت محدش يقرب لي   ولا يقول حمدالله على السلامة ولا حد ياخدني بالأحضان  أنا مكنتش مسافرة ورجعت،  وفروا على نفسكم أي كلام وأي مشاعر  لا هتودى ولا هتجيب،  لو فاكرين بكام كلمة وحضن هتكونوا بتوسوني و تخرجوني عن حالتي يبق غلطانين قبل كده  ايوة كان ممكن يحصل،  أي كلمة ممكن تصبرني او تديني دافع 
والحضن ده لو من كام ساعه كنت اتمنى وجوده  وترمي فيه. 

زهور الجدة  :  أنا جدتك يا زهروان  نفسي أحضنك واشم ريحة  ابني فيكي. 
                 *******
زهور:  هههه تشمي ريحه ابنك فيا، هو ده  اللي همك ريحة ابنك  وانا فين من ده بالنسبالك ابق ايه وابق مين، أداة تشوفي ابنك فيها لكن انا إيه ومحتاجه ايه ولا فارق معاكم،  بس أنا بقي لا شبه ابنك ولا رحتي رحته،  لا شافني ولا شفته،  ولا حتى اسمه اتناديت به ،  كل ال يربطنى بيه كام ورقة  بداية من شهادة ميلادي لوصيته،  يا ريتني ما كنت شفتها ولا قرتها،  بسببها أنا وقفة هنا،  من وقت ما مسكتها وقلبي ده اتوجع فوق ما هو موجوع مليون مرة،  بس كل هان الا إمي  واللي جرار لها إمي اللي  ماتت ودفنت تحت التراب والدنيا كلها نبشت فى عرضها،  حتى انا بنتها ياما اتهمتها ودعيت عليها عمرى ما قلت إمي كنت بقول عليها سلسبيل من  كام ساعه بس كنت بسبها واتهامها وهى بريئة ومظلومة  من كل تهمة  اتهمتها بها. 

تلتفت لأحلام التي تحسها على الهدوء وترفع يدها تربت على كتفها،  لتوقفها زهور وترفع يدها تشير لها بالابتعاد. 

زهور:  متقربيش ومتحاوليش تلمسني،  مش بعد السنين  الطويلة دي واللي عشته بسببك،  تيجي دلوقتي عاوزة تواسيني،  ايوا انتي سبب  من الأسباب الكتير اللي ظلموني وظلموا إمي،  بدل ما تيجي تدوري عليها و تسألى ليه ما رجعتش وحصل لها ايه،  فضلتي  قاعدة  زي ما انتي قال مستنيها ترجع و خايف  تجي متلقناش،  محاولتيش مرة  تخاطري وتيجي تدوري عليها  أو على أبويا  على الأقل عارفة مكان بيته وإسمه  وبلاش حجة مكنتيش تعرفي  إنه من عيلة غنية  
ومعروفة  لان ده مكنش هيفرق فى حاجة،   لكن انتي  استسلمتي عشتي دور المغلوبة على أمرها ودور الضحية،  الدور عجبك وحبيتيه ، لوحد وجعني  بعد الظروف  يبقى انتى، سبتني سنين بلعن فيهم هم  الاتنين ومفيش  مرة قولتيلي   لا بلاش  متعرفيش ظروفهم ايه ،  كل اللي عملتيه نقلتي من بلد لبلد  عشان تحمي نفسك مش تحميني. 

أحمد يقترب منها  يحاول ان يواسيها:  زهور يابنتي… 

تقاطعه وتشير له بيدها:  أنا مش بنتك  ولا بنت حد، أنا بنت سلسبيل وبس، فبلاش انت كمان  تحاول  تغلطني أو تلعب دور الأب لأن لاأنا بنتك ولا إنت أبويا،  بالعكس أنا كنت بالنسبالك  لعبة تسلية  سهتك على التفكير في ولادك وذنب موتهم،  وأول ما لقيت  حد ملى المكان ده ولا فرقت معاك ولا  دورت  ايه حصلي ولا رحت فين. 

تشير بيدها على الجميع كلكم  أذتوني بلا استثناء،  كل واحد فيكم كان سبب وجع انا اتوجعته. 
تجفف دموعها بيدها تسحب نفس عميق  تبلع رمقها،  توزع نظراتها بالمكان تقع عينها على حقيبتها  على أحد الكراسي  تخطوا تجاهها تلتقطها بيدها  تضمها لصدرها تغمض عينيها 
وتعاود فتحها  وبلهجة أمره. 
_  من النهاردة مش عاوزة أعرف حد  ولا حد يعرفني،  أنا علاقتي بيكم  أخرها هنا  انتم بالنسبالي متعنوليش  حاجه  
انا عشت لوحدي طول عمري  وهكمل الباقى من حياتي لوحدي،  من هنا ورايح لو حد  فيكم حاول يقربلي  هيلاقي معاملة  مش هسترة وفروا عليا وعلى أنفسكم اللي هيحصل وقتها. 
                  *******
تخطوا  للخارج  وسط ذهول الجميع  وبكاء أحلام وانهيارها ليربت يحيى على كتفها ويضمها له ويخطو ايضا للخارج، ويقترب عبدالرحيم من حفيدته غادير يشير لها دون أن يتحدث بالذهاب  خلف زهور،  لتومي برأسها وتجفف دموعها  وتسرع  بخطواتها خلفها،  ويقترب هو من زوجته  يحاوطها بيده ويساعدها بالجلوس على أحد الكراسي  محاولا تهدئتها. 

،،،،،، 
خرجت زهور تسير بالطريق  تضم حقيبتها لصدرها  دموعها تسيل بلا توقف،  ظلت على حالتها  طوال الليل تسير بلا هدف حتى تورمت قدماها تشعر بالألم توقفت عن السير وأشارت إلى عربة  أجرة  وأخبرته بوجهتها، كل هذا وغادير تسير خلفها  خطوة بخطوة فور صعود زهور بالعربه  أشارت إلى أخرى وطلبت منه أن يتبع السيارة التي بها زهور حتى توقفت أمام. 

،،،،، 
يتلفت عبدالرحيم  يبحث عن زايد فلا يجد له أثر يغمض عينه  ويجلس بجوار زوجته،  يتنهد بحزن،  يهمس لحالة  انت كمان يا زايد اكتر اظلمت كتير وانا اول من ظلمك يا بني،  كلام زهروان  فعلا صح ومفروض انت كمان  كنت وقفت زيها من سنين طويلة  وخرجت كل اللي جواك،  خرجت وجعك  كنت بعدت وعشت حياتك  زي ما انت عايز،  أنا ظلمتك يابني ظلمتكم كلكم، ظلمت احفادي كمان  ظلمت زهروان لما وافقت انها تساعدنا  في إثبات برائتنا  من جريمة  أنا من سنين  طرف الخيط فيها.

يفيق على هز زوجته لكتفه وتحدثه بلهفه:  عبدالرحيم  مالك بتتكلم كدة ليه زايد ماله حصله ايه  معناه ايه الكلام اللي قولته ده،  وزايد فين مش شيفاه،  زايد فين يا عبدالرحيم ارحمني وقولي معنى كلامك ايه وابني راح فين. 

عبدالرحيم  ينظر لها بحزن:  أنا السبب فى كل اللي أولادي وأحفادي بيعانوا منه،  ظلمتك وظلمت اولادى واحفادى  لما فضلت اخويا عليهم لما نفذت وصية أمي وبريت بقسمي ليها بإني  مش هسيبه ولا هتخلي عنه لاخر يوم في عمري،  ظلمتك لما طلبت منك تربي بناته وتخدميهم،  ظلمت أولادي لما غصبت عليهم يتجوزوا،  وادي نتيجة الظلم  واحد مات والتاني عايش ميت وفوق كل ده احفادي كلهم حياتهم ادمرت بسبب  غلطتي بس خلاص أنا مش هقف  في طريق سعادتهم 
ولا مستقبلهم وأول خطوة  هعملها،  هو زايد لازم أحله من العهد اللي  عهده قدامي  لازم  أصحح الغلطة دي واسيبه 
يعيش حياتة  زي ما هو عايز حتى لو بعد ومشي مش هعترض ولا هزعل،  كفاية ظلمى ليه السنين دي كلها. 

              ********
يهب واقفا  يمد يده لزوجته يطلب منها مرافقته. 
زهور الجدة:  أنا مش فاهمه حاجه،  عهد إيه وظلم ايه  فهمني بتقول ايه  وزايد هتلاقيه فين دلوقتي. 

عبدالرحيم:  تعالي بس هتفهمى كل حاجه انا عارف هلاقى زايد فين دلوقتي  . 

خرج عبدالرحيم  يسند زوجته  حتى وصلوا الي السيارة الخاصة بهم وأخبر السائق وجهتهم ليصلوا إليها  يترجلا من السيارة وهو يساعدها  يخطو بها تجاه  أحد المدافن يدلف اليها وهو ممسك بيدها تنظر للمكان بذهول ومن كم الاشجار والورود به لتقف مستمرة مكانها تضع يدها على فاها وتلتف تنظر لزوجها بعيون دامعة  بعد ما رأته وسمعته. 

زايد  يجلس أمام أحد القبور يضع رأسه على حافته ويده تتلمس موضع الأسم  يتحدث بنحيب وصوت يقطع نياط القلوب:  أنا كل اللي عشته في حياتي  كوم واللي عرفته النهاردة كوم لو في يوم اتوجعت وحسيت بالظلم  مش هيكون قد الظلم اللي حسيت بيه النهاردة بالرغم من اني فرحت لما سمعت كلام أحلام على قد ما قلبي وجعني والحزن ملاه أكتر من لحظة موتك قدامي،  ظلمتني وظلمت نفسك  ليه لما حسيتي بيا  مبينتليش انك كمان اهتمامك ولا حاولتى حتى  تلفتي نظري انك حاسة بيا،  ليه اتجوزتي زياد ليه لما كنت بذور خالتي تقفلي على نفسك وموجهتنيش إمكن وقتها  لو عرفتني انك مرات أخويا وانك حبتيه كنت بعدت، ومعرفتيش حاجه عني. 

كانت حاجات كتيرة اتغيرت أولها مكنتش أنا بقيت ميت وانا عايش وقتها كنت ممكن اتوجع شوية وبعدها ارضي واتعايش بالواقع اللي فيه او ممكن كنت قبلت حد غيرك وحبته وممكن كنتي انتي وزياد عايشين دلوقتي  وبنتكم عايشه ما بينكم، ظلمتني وظلمت نفسك وظلمتي بنتك يا سلسبيل، بنتك اللي من يوم ما جات على الدنيا وهي مظلومة لو كنتي سمعتيها النهاردة  كنتي عرفتي قد ايه اظلمت الدنيا جات عليها،  سلسبيل أنا قلبي موجوع اوي  ومع كل ده  نار حبك لسه قايده فيه طيفك قدام عيوني مش بيفارقني،  كاني لسه شايفك كأن  دى أول مرة عنيا شافوكي حبك بيزيد مش بينقص جواه ارحميني واخرجي منه معدش عندي قدرة اتحمل أكتر من كده، فارقي عيوني ابعدي عني محتاج  أشوف نفسي وولادي ولادي أكتر حد ازيته في حياتي وسيسيليا اللي سمتها باسم قريب من اسمك عشان افضل انطق حروف اسمك مع اسمها، فارقني بقى واخرجي من قلبي خلاص معتش في عمر أعيش موجوع من جديد كفاية كفاية  وجع كفاية كفاية، يصرخ ألما ويقع على الارض.  

عبدالرحيم انتفض من وقفته مناديا باسم ابنه يجسوا على ركبتيها يضع رأسه على فخذه يحاول إفاقته وزوجته تصرخ باسم والدها وتجسوا بمقابلة زوجها تهز ابنها  تحاول إفاقته. 

ينادي الأب على السائق الذي دلف مفزوعا من تلك الأصوات يساعده في حمل ابنه للذهاب إلى المشفى. 
________

وصلت زهور وخلفها غادير لم تراها اوتشعر بها  لمحطة السكة الحديد اتجهت لأحد الأشخاص تسأله عن شئ  لتسرع بعدها بخطواتها وتهرول حتى صعدت على متن قطار لتصعد غادير خلفها  تجلس على مقربة منها،  كادت غادير أن تكشف أثناء مرور الكمساري ليسألها عن التذكرة،  لتلتف للخلف حتى لا تراها زهور، بعد وقت طويل  ومع ساعات الصباح الأولى وصل القطار إلى وجهته تترجل زهور 

            ********"

وغادير خلفها  تخطو على مقربة منها  تسير زهور في طريق رملي طويل  بعد وقت شعرت غادير بالارهاق والتعب توقفت لتستريح وتلتقط أنفاسها، تنظر بحزن تجاه زهور التى تسير تضم حقيبتها لصدرها  لم تقف للحظة أو تستريح  بعد لحظات استراحت فيهم  أكملت السير خلف زهور التي ابتعدت عنها مسافة طويلة  تسرع بخطواتها  حتى أصبحت على مقربة منها  تقف تلتقط أنفاسها مرة أخرى. 

زهور منذ ترجلها من القطار تسير بلا توقف فقط تضم حقيبتها لصدرها دموعها تسيل بصمت تحدث نفسها بلوم وعتاب كلما شعرت بألم في قدميها من السير تذكر حالها وتحس نفسها بكلمات . 
زهور:  تعبتي يا زهور شوية مشي تعبوكي،  ولا تعبنه من الوجع اللي جواكي،  ولا اللي تعبك ظلمك لامك سلسبيل،  سلسبيل اللي فضلتي  تلعني فيها وتستعري منها، جاية هنا ليه لكي مين عشان تيجي عشانه،  ليه هنا!؟ 

معرفش ايه جابني هنا ولا ليه بس انا  معرفش مكان تانى غير هنا،  هنا عشت وكبرت وأظلمت، ايوة عرفت ليه رجليا   جبوني  هنا عشان أعرفهم ان سلسبيل ماتت سلسبيل مش خطية ولا باعتني سلسبيل ماتت ماتت،  لازم اعرف الكل لازم اخذ حقها من كل واحد قال عليها كلمة مش كويسة. 

شكلك إجننتي يا زهور ناس مين اللي تعرفيها الناس ملهاش ذنب الناس ليهم الواقع واللي شافوه وسمعوه،  تعالي هنا قوليلي هتقوليلهم ايه  سلسبيل بريئه هتستفادى ايه ولا هم يشغلهم ان كانت بريئه ولا لا عايشه ولا ميته، طيب قوللى    هما مين أصلا اللي هيعرفك بعد السنين دي  أكيد الناس نسيوكم ، هتفتحي القديم من تاني،  وهتقوللهم ايه انتي مين زهور بنت سلسبيل ولا زهروان بنت زياد،  ما تنطقي هتقوللهم ايه. 

هقولهم انا انا. تصمت قليلا  و تعاود الحديث مع نفسها. 

_ مش عارفة اقولهم ايه ولا ازاى بس أنا موجوعه تعبانه 
حاسة بنار جوايا  حاسة بظلم، عايزة اصرخ  واقول امي مظلومة بريئة،  هي فعلا أظلمت  بس الناس ملهاش ذنب هم كان ليهم الظاهر، اذا كنتي انتي بنتها من لحمها ودمها  وشكيتي فيها وكنتي بتدعي عليها وكتير استعرتى من مناداة الناس عليكي بسلسبيل جاية هنا ليه يا زهور  اكيد في سبب  
جواكى متكدبيش على نفسك. 

_ أنا معرفش مكان تانى غير هنا  هنا بحس اني بلاقي نفسي  برجع اقف على رجلى  هنا بعرف اتنفس  براحتي بحس اني بتولد من جديد بكون زهور و زهروان  مش  بكون مشتتة  ابكى واصرخ و اشتم  من غير ما اكون خايفه البيت هنا مش اربع حيطان البيت ده انا كل زاوية  وركن فيه بتشبهني بلاقي روحي فيه. 
تقف مرة واحدة تنظر أمامها تهبط دمعتها تكمل حديثها لنفسها بقهر تضرب حقيبتها بقبضة يدها:  حتى البيت سترك وغطاكِ ضحيتى بيه،  معقولة نسيتى انك جبتي  ولاد عمك فيه عشان تحميهم. 

تضحك بتهكم  وتكمل حديثها:  تحميهم برده يا زهور انتي كنتي بتربيهم وبنفس الوقت تعيشيهم في كبرهم اللي عشتيه في صغرك كأنك بتقولي ليهم  دوقوا من اللي انا دوقته أنتم عشتم في طرف وعز طول عمركم عيشوا بقي في الفقر والذل اللي انا عشته،  قولتي في نفسك تضربي عصفورين بحجر واحد  تخبيهم وبنفس الوقت تأدبيهم عشان تكسري شوكتهم متخليش  واحد فيهم يقدر يرفع عينه فيكي،  سبقتي 
انتي برجاله العائلة قبل حريمها. 
                    *******
تتسع ابتسامتها  كل يوم بتكتشفى في نفسك  حاجه جديدة شخصيتك كل يوم بتتغير عن اليوم اللي قبله. 

تقف تنظر أمامها بدهشة  وهي تري تجمع لأهل البلدة أمام المنزل!  تهز رأسها تحاول التفكير ماذا عليها أن تفعل؟  
هل تذهب وترى ما يحدث ولما هذا التجمع وتقف في مواجهة مع أبناء عمومتها ومع أهل البلدة ليست مستعدة لتلك المواجهة وقد يكشف عن هوايتهم ويقترب منهم الخطر وتكون سببًا في دمار عائلتها،  تسحب نفس عميق وتهز رأسها بيأس تلتف لجهة الطريق  المؤدي للبلدة ومرة أخرى للطريق المؤدي للأراضي الزراعية لتخطو تجاهه حتى وصلت لمكان مظل تحت شجرة كثيفة تشعر بدوار أصاب رأسها  تنظر أمامها على الساقية  وتسند رأسها على الشجرة بجانبها حتى ارتخت جفونها واستسلمت للنوم. 
              *********

يصعد على سطح المنزل مهرولا هربا من بطش ابن عمه بعد أن ألقى عدة نكات عليه مما يحدث معه منذ يومين يقف يلتقط أنفاسه من شدة الضحك، يرفع جزعه وعينه تجوب بالمكان يرى جمال المكان من أعلى وتلك المساحة الخضراء والأشجار العالية الممتلئة بالطيور التي تصدح اصواتها يلتفت بكل إتجاه  منبهر من جمال المنظر حوله يتمتم بذكر الله يقترب من حافة السطح يقف ينظر لإحدى الطرق البعيدة نسبيا عن البيت  وهو يرى من بعد فتاة تقف يرفع أصابع قدمه ليرفع نفسه لأعلى مسافة يتأكد ممن وقعت عليها عينيه ليفتح فاه ويغمض عينه ويعاود فتحها وهو يرى من تقف على مسافة منها ليسرع بهبوط الدرج حتى كاد ان تنزلق قدماه يخرج مهرولا غير عبء بمن يقف وبمن ينادى عليه ليقف مصدوما وهو لا يراها بنفس المكان الذي رآها فيه قبل قليل يتلفت حوله يمين ويسار حتى وقعت عيناه على من تقف على مقربة منه ظهرها له تنظر تجاه أحدهم،  يخطو تجاهها ينادى عليها بصوت هامس تلتف له وعلى وجهها  ابتسامه تزين ثغرها ليقترب منها  لترمى حالها بين احضانه وتقبل وجنتيه ليبعدها سريعا عنه وهو يتلفت يمين ويسار وسط ضحكتها يشير لها بالصمت يحدثها بحده طفيف. 
_ هشش ايه الي بتعمليه ده لوحد شفنا ممكن يقيم علينا الحد ولا ينزلوا فينا ضرب لحد ما يظهر لينا صاحب. 

_  هههه  هو لما اخت تحضن اخوها وتبوسه  يقيموا عليها الحد. 
_ هم ايه عرفهم بانك اختي ياست غادير هانم. 
غادير:  حاجه  بسيطة نوريهم البطاقة الشخصية  بتاعتنا، ولنا يقروا اسمائنا ويلقونا اخوات غادير زيدان وحمزة زيدان أكيد هيتأكدو اني اختك. 

حمزة:  يعنى تفتكرى  لو في حد شافنا هيستنى لما نخرج البطاقة انتي  اصلك متعرفيش الناس هنا اساليني انا بقالنا كام يوم شفنا العجب فيهم. 

غادير:  ههههه أخدت بالى شيفه لبسك اهو قدام عنيا،  من أمته بتلبس قميص وتنزل اكمامك كده لا وبنطلون واسع فين العضلات  والقميص المرفوعة اكمامه City Short البرمودا Capri والتيشيرت الكات والهاف مين قدر يعمل فيك كده أكيد يستاهل جائزة نوبل عمل اللي مافيش حد قدر يعمله حتى عبدالرحيم باشا بجلالة قدرة.
حمزة: يشير برأسه تجاه زهور هو في غيرها عبدالرحيم الصغير،يلتفت تجاه شقيقته من حق قوليلي مشيه وراها زى ضلها  الباشا الكبير ولا الصغير اللي طلبوا ترقبيها  وايه حصل والاهم تعرفتي عليها ولا لسه  . 

غادير:  انا اللي ماشية وراها من نفسي صحيح جدو طلب مني  ارقبها بس انا رقبتها من قلقي وخوفي عليها من اللي حصل لها  خفت تعمل في نفسها حاجه، وايوه اتعرفنا على بعض وبقينا صحاب كمان. 

يلتفت لها بذهول مما يسمعه اتى يتحدث  جحظت عيناه مما رأى  يقف ينفخ بغيظ  وهو يرى من يترجل من سيارته  يخطو بخطى مهرولة يرفع عبائته على كتفه  يجثو على ركبتيه  ينظر لزهور  بعين تكاد تخرج من مقلتيه من السعادة وعلى وجهة علامات التأثر ليجذب غادير من  من يدها ويبتعد من المكان، يقف خلف احدي الاشجار وبجواره غادير التي تحدثه بهمس. 
غادير: ده وائل كويس اوي الحمدلله  هو ده اللي هيعرف يخرجها من حزنها، ياااه ازاى مش جه في بالى اتصل عليه  
من وقت ما نزلت من القطار. 
حمزة يلتفت لها ويعتدل بوقفته:  نعم  حضرتك بتقولي ايه مين اللي يخرجها من حزنها  وحضرتك تعرفيه منين،  عشان ندمانه اوى انك متصلتيش عليه. 
غادير تنظر تجاه زهور وتعاود النظر لشقيقها طيب تعال نقعد في اي مكان  رجليا معتش قادرة اقف عليهم. 
يجذبها من يدها ويجلسها خلف الشطرة ويجلس في مقابلها عينيه على زهور ومن يجلس بالقرب منها يحدث شقيقته دون النظر اليها. 

حمزة:  اتفضلي قولي كل اللي عندك. 
غادير ببتسامة تحدثه بمكر:  وانتي مالك متعصب كده ليه اللى تكون غيران عليها. 
حمزة بعصبية   وبصوت هامس يجز على أسنانه:  غادير بلاش  انتي تتلئمي عليا اخلصي إتكلمى وفهمني ايه معنى كلامك انه يخرجها من حالتها واللي حصل وكمان تعرفي البنادم السمج ده منين انطقى من غير لف ولا دوران. 

غادير بإبتسامة تومئ برأسها:  من إمتى حصل. 
حمزة: قصدك إيه. 
غادير:  عيونك فضحينك على فكرة بس إمتى وإزاي. 
حمزة بتهرب وعينه كما هي لا تبتعد عن زهور ومن معها:  غادير بلاش مكر جدو ده دلوقتي  هو امتى وازاي إخلصي 
احكي اللي عندك لو تكرمتي. 
غادير تقص له كل شئ من وقت حريق  القصر حتى قدومها خلف زهور لتصمت فور وقوف حمزة  مهرولا وهو يصرخ بأحدهم. 

                   ***********
ينظر لمن يجلس مقابلته بغيظ شديد تجحظ عيناه مما يسمع ويصعق وهو يرى  ما يحدث ليهب واقفا ويسرع بالخروج وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة ويضرب يده بالأخرى يصعد الى سيارته يسير بأقصي سرعة ليوقف السيارة مرة واحدة محدثا سحابة من الغبار فور توقفه فجأة بالطريق  الترابي 
وهو يرى من تجلس أسفل الشجرة يترجل من السيارة  يهرول تجاهها يرفع عباءته لكتفه ويجثو مقابلها ينادى عليها بصوت حنون وقلبه يكاد يخرج من مكانه. 
_ زهور زهور. 

تفتح عيناها بخمول تعتدل بجلستها تحاول رسم ابتسامة خفيفه على ثغرها تتحدث بصوت ضعيف به بحة شديدة. 

زهور:  خالى وائل  كانك  حسيت بيا وقد ايه أنا محتاجة  اتكلم معاك تخيل كنت لسه بفكر فيك ومحتارة  أعرفك أني هنا ازاى. 
وائل بسعادة:  بجد يازهور كنتى بتفكرى فيا. 
زهور توم برأسها:  انت الوحيد اللي  ممكن  اكلم معاه من غير ما اخاف ولا أكسف. 
وائل يعتدل بجلسته:  وأنا اهو قدامك وتحت أمرك اتكلمى خرجى اللى جواكى و أنا هسمعك مش هقطعك نهائي لحد ما تخلصي كلامك. 
زهور تسحب نفس طويل تخرجه براوية  تنظر أمامها عينها تخونها بسيل من الدموع وهي تقص عليه: طلعت مظلومة  ماتت من الحزن والقهر أخر كلمة  ليها  كانت بتوصي عليا 
ظلمتها أكتر واحدة ظلمتها. 

تصمت قليلا ثم تبدأ بقص كل ما حدث وما فعلته من وقت ما أرسلت له غادير تقابله وتعطى له  أمانة عبدالرؤف حتى قدومها  للبلدة. 

يلتفت تجاهها بحزن يحدثها بحده طفيفه ولوم:  غلطتي يازهور غلطتى كتير ذنب إمى أحلام وجدتك ايه ليه تحمليهم وجعك ليه توجعيهم  وتتهميهم  ، ستك ام ابوكى ممكن تكون غلطتت عشان قالتلك انها محتاجه تحس بإبنها فيكى بس لازم تلتمسي عليها العزر دى ام اتحرمت من ابنها ومصدقت تلاقى ذكرى منه تشبع شوقها ليه،  وامى أحلام اتظلمت زيها زيك وزى سلسبيل امك خوفها من رجعها لمصر كان ليه أسباب كتير اولها خوفها من مصيرها لو رجعت وكان عم يحيى حصله حاجه  واتقبض عليها او اهلة واللي هيعملوه فيها وانتى عارفه قد ايه كانت بتترعب لما كانت بتحكى عن 

اللي حصل زمان وتاني حاجه خوفها من رجوع امك لهنا، وسنه وراء سنه الخوف من الرجوع بقى مسيطر عليها ومتنكريش لما رجعت رجعت من خوفها عليكي وعشان تحميكي رجعت وانتى يومها كنتي شايفه حالتها وقد ايه كانت مرعوبة من رجوعها الحارة،  زهور انا حاسس قد ايه انتي موجوعة وكمان حزنك على امك كبير، قصدقنى انتى قدها 
وهتعرفي  تسيطرى على حزنك ووجعك وتقفي على رجليكى وتعيشي حياتك، صحيح وجعك وحزنك على موت ابوكي وامك مأثر فيكي وبتفكرى تنسحبى وتكتفى  بنفسك بس مش هتعملى كده لا شخصيتك ولا تفكيرك  هيخليكى  تتسحبي من 
مسئولية انتى حملتيها لنفسك. 
                     ********

زهور تجفف دموعها تلتفت تجاه وائل ببتسامة:  تعرف أنا  سألت نفسي كتير ليه أنا جيت هنا، دلوقتى جواب سؤالى عرفته أنا لقيت الجواب في كلامك كل حيرتي  راحت خلاص وعرفت هعمل ايه بعد كده. 

وائل بسعادة:  صحيح  يازهور بتلاقي رحتك هنا وبكلامى. 
زهور تحاول الابتسامه تهز رأسها وتحمحم  وتغير الحديث سريعا:  الا قولي  عبدالرؤوف عامل ايه ولما امانته وصلته عمل ايه وقال ايه و وستى روحية  صحتها عاملة ايه. 

وائل بغيظ من تهربها من الجواب على سؤاله:  ماتفكرينيش بالبنأدم ده واللي عمله ولا إمى أنا ماصدقت خرجت من الدوار بسببهم قبل ما ارتكب جناية. 

زهور بذهول:  حصل ايه  خلاك تقول الكلام ده!؟ 
وائل يضرب بعبائته يرفعها ويحاوط بها كتفه ورقبته:  الباشا في يومين بقي عاشق ولهان بيقول شعر  ويتغزل في ست الحسن والجمال لا ومش فارق معاه اي حاجه  ومستغنى عن عمرة. 
زهور: بدهشه  أنا مش فاهمه حاجه  وعلاقة عبدالرؤوف وستي روحيه ايه بكلامك. 
وائل بعصبية :  زهور الاستاذ بيحب إمى والنهاردة  طلب ايديها لا وام وائل  عجبها الوضع وعايشه دور البنت الخجولة المكسوفة وفرحانه بالغزل وكلام الشعر اللي بيتقال عيني عينك قدامى كأني شرابت خرج ولما اتكلمت، طلعت ابن مش بار ومش بيهمنى سعادة إمي. 
زهور بضحكه:  والله ما فهمه حاجه  ما تقول قصدك ايه وايه سبب عصبيتك دي. 
وائل:  زهور  بقولك رؤوف طلب امى للجواز وياريت إكتفي بكدة لا البيه نازل يقول قصايد شعر فيها ويتغزل في حسنها  قدامى من غير خجل ولا خشي والمصيبة إمى موافقه. 
زهور:  وانت زعلان عشان امك موافقة ولا غيران ان في حد هيأخد امك منك. 

وائل بذهول:  انتى بتقولي ايه يا زهور بقولك عبدالرؤوف  اللي من دورى بيحب إمى لا وكمان عاوز يتجوزها  مش وخده بالك من الكلام  . 
زهور:  وفيها ايه مش شايفه حاجه في الموضوع،  واحد حب وحده وعبر عن حبه ليها وطلبها بالحلال  وهي وافقت ده ابسط حقوها متهيقلى مفهاش اي حاجه  غير ان ابن غيران على إمه. 
وائل:  ببساطه كده والسن يا زهور فرق السن امى اكبر منه مش وخده بالك وهو بيني وبينه سنتين تلاته فرق ما بنهم اكتر من عشرخمستاشر سنة. 

زهور:   أكيد الحب السن ميوقفش عائق قدامه طالما هم الاتنين حبو بعض ووعين وقدرين يتحملوا اي مسئوليه واي قرار يبق ايه المانع. 
وائل:  يكاد يطير من السعاده من كلام زهور:  صحيح يا زهور  السن مش عائق يعني لو في حد في سني اتقدم لوحده اصغر. منه هتوافق. 
زهور بمغزي من كلامها:  أكيد السن مش عائق كبير بين 
اي اتنين يحبوا بعض والاهم يكونوا  متأكدين من الحب ده، بس احكيلي  عبدالرؤوف  اعترف بحبه ازاي وستي روحيه ردت قالت ايه. 

وائل بحزن يهز رأسه فقد وصلت الرسالة اليه من كلامها لينظر أمامه بشرود يقص عليها كل ما حدث. 

وائل:  كنت قاعد في المضيفه  مع كام واحد  بحل مشكلة  بين اتنين على أرض ويدوب مشيوا لقيت رؤوف داخل عليا زي اللي عامل عامله ومتوتر وبيصب عرق من ساسه لراسه 
ومرة وحده لقيته بيعترف بحبه لامي وبيطلبها مني مقدرتش 
امسك نفسي نزلت فيه ضرب وجات امي تسلك ما بنا ولما قولتلها على اللي طلبه لقيتها  قلبت بنت 18 وكسفت وسبلت بعنيها وقالت الجدع ما  غلطتش واحد اتقدم لوحده  ليه اتخانق معاه واضربه قبل ما اخد رايها. 
مقدرتش اتحمل سبتلهم البيت لما لقيتها بترد عليه وتقوله يسبها تفكر وهترد عليه بعد يومين. 
زهور بضحكه هبت واقفه لتشعر بدوار شديد  وتسقط أرضا.



تعليقات