رواية زهور بنت سلسبيل الفصل الثامن والثمانون 88 بقلم مني عبد العزيز


 رواية زهور بنت سلسبيل الفصل الثامن والثمانون 

دائما نتسرع في الحكم على بعض الأشخاص نتيجة تراكمات سنين أو مواقف، مع اننا كبار وواعين إلا أننا نفتقر للفطنة وقراءة لغة العيون الأ اننا قد نندم  من  قرارات نتخذها فلا تجعل قراراتك بناء على تراكمات أو موقف قديم. 

تسرع في خطواتها  خلف ولدها، تقف بالقرب من باب المنزل الداخلى تنظر في إثره وهو يصعد السيارة وينطلق مسرعًا تنادي عليه تترجاه بالعودة، دون جدوى،  تلتفت للخلف تستمع لمن يحدثها  بصوت شغوف.

_ صوتك اللي متل الكروان ما ابغاه  أحد يسمعه غيري،  أوعدك  هجعله يوافق على هاي الزيجة، لا يكون بقلبك شر 
ولدك  متل والدي ما ها قصر معه، ولا هجعل ما بينكم  مشكلة بسببي،  لكن أجول هو معذور اللي عنده إم بها الفطنة والحنان ومجهره«شديدة الجمال»متل الوردة قهدة «البنت الصغيرة» لا بد يغار أحد يشاركة فيها،  ابغاكي تدشين دارك ولا يكون على بالك شر أنا مهعاود غير بيه ما هتركه الا وانا راضية وأخذ موافجته على طلب يدك  حتى لو ذبحني ما 

هتركة إلا وهو موافج ، اكيد هو راح  في مكان يهدئ روحه. 
صدجن أنا ما بعرف شو صار ليا، أشعر بجلبي انحاش من وقت ما ريتك وصوتك وقت سمعته خطف عقلي،  إكيد ما يحق لي أجول هاد الكلام وانتي مو حرمتى وحلالي لكن أنا ماعاد اعرف حالي،  والله وقت ما يوافج وتصيرى حلالي 
ما اعرف وقتها وش راح أسوي. 

تتسع ابتسامتها وعينها تلمع بفرحة واضحة تنظر للأسفل بخجل و تهرول مسرعة من أمامه كأنها فتاة صغيرة تستمع لكلمات غزل لأول مرة في حياتها. 

_ تقف على أول درجات الدرج تحدثة دون ان تلتفت له:  وانت هتعرف مكانه منين ولا هتعرف راح فين وتقنعه إزاي. 

يبتسم وهو يستمع لحديثها  :  يابعد عمري  ما تقلقي، هايد صغيرة،  أكيد ما هيروح بمكان بعيد وخصوصًا  وأنا هون 
مؤكد هو في مكان قريب بيريح أعصابه مو بسهل أدرى لكن والله  قلبى هو اللي نطق قبل لساني بلهفته وشوقه بأنك تكوني حلالي،  منك السموحه على الكلام  لكن  فقدت كل ذرات التعقل وأنا بين إيدكي هالا،  استغفرا الله أنا ما ليا واقفة هون أنا هرحل قبل ما  أفقد عقلي على الاخير. 

تدلف غرفتها وتغلق الباب خلفها وتقف خلفه تستند عليه بظهرها  قلبها يدق بسرعه تضع يدها على صدرها تهدئ من قوة ضرباته، ترفع يدها الأخري تحركها امام وجهها  كمروحة يد  تبرد تلك الحرارة المنبثقة من وجنتيها  التي أصبحت مشتعلة بالحمرة زادها شبابا وجمالا،  تقترب من النافذة  مع سماعها  لأصوات خارج المنزل تقف تستمع لما يقال تجد عبدالرؤوف يقف بالقرب من الباب الخارجي للمنزل  ينادي على أحد  الغفر الواقف على بُعِدْ من المنزل، 

عبدالرؤوف:  يا اخي لو سمحت شفت السيد وائل وين راح. 
الغفير:  حضرة العمدة  مشي من السكة القبلية. 
عبدالرؤوف:  شو هاي السكة. 
الغفير:  ها. 
عبدالرؤوف:  قصدى يعنى ايه السكة القبلية.
الغفير يشير إلى الطريق الذي عبر منه وائل:  هي دي السكة القبلية.
عبدالرؤوف:  فهمت عليك حبيب لو تكرمت تدلني وين ألقاه. 
الغفير: العمدة مالوش غير مطرح واحد بيقعد فيه، الخص اللي عند الساقية. 
عبدالرؤوف:  ما ابي اتعبك لكن لو ما أضيقك   فيك تدلني على الساقية هاي. 
الغفير يشير له وهو يتقدمه إتفضل أنا هوديك لحديه.
يسير خلفه وهو يحدثه ويتعرف عليه.  

           **********

تتسع ابتسامتها وهي ترى عبدالرؤوف يخرج بصحبة أحد الغفر تتابعه بعينها  وهو يسير بجوار الغفير يتحدث معه حتى تواري بعيدا وأصبحت لا تراه  أسندت رأسها على النافذة شاردة تحدث نفسها.
روحية:  هو أنا ليه فرحانه كده كأني لسه عيلة صغيرة مش خمسين سنة اللى في سني جدود عندهم حفيد واتنين لو وائل خلف أول ماتجوز كان ابنه أو بنته عدوا العشر سنين دلوقتي، 
ليه خايفه يا روحية بعد ما كنت طايرة من الفرح والسعادة  انك لسه مرغوبة وفي حد هيموت عليكي،  وقلبك رجع يحس بالحياة بعد ما  كان عايش ميت بعد موت بكر واللي عملته امك وسميحة  وجوازك من شفيق اللى كسرك وخلاكي ميته وانتي عايشه بلا قيمة  نظرة الحقد والاحتكار اللي دايما كانوا في عيون شفيق ونظرة الخذلان والحزن في عيون بكر كسروكي وخلوكي   ضعيفة هشة  مالكيش قيمة  هربتي وضيعت ابنك بضعفك لولا القوة المزيفة  إلا هربتي بها وهربتيه كنتى دلوقتي في خبر كان من شفيق ، آه يا روحية على  عزاب سنين والقهر والحسرة اللي عشتيها وانتي وحيده بتموتي ألف موته.

تعاود سؤال نفسها:  ليه خايفة بعد ما كنتي فرحانة وسعيدة؟  خايفه من ايه يا روحية من نفسك ولا من كلام الناس ولا خايفة  على وائل ولا من فرق السن  ولا خايفه من ايه؟ 

_ مش عارفه مش عارفه  سبب الخوف والقلق اللي جوني بعد ما الفرحة كانت مش سيعاني اني لسه مرغوبة وفي اللي حبني لنفسي من غير مصلحة ولا طمع؛ أمكن الخوف بقي ملازمني  أنا  تعبت ومن حقي أفرح وأعيش بعد العذاب اللي شفته أنا من يوم ما وعيت على الدنيا فرحتى ما كملتش، ليه لما الدنيا فتحت ليا باب الفرح وخلاص ضحت أرجع اخاف واتوتر وتسود فى عنيا بس لا أنا تعبت ومن حقي اعيش وافرح احس اني ست محبوبة ومرغوب فيا، كفاية  وحدة وحرمان وبكاء من حقي اتمتع باللي فاضل من عمرى ومضيعش الفرصة من ايديا. 

تنتفض كمن لدغها عقرب: 
      معقولة موافقتي على الجواز من عبدالرؤوف إني أحس بكده لا يا روحية دي  تبقى أنانية منك  الجدع ذنبه ايه لا لا أنا مش أنانية أنا من حقى أعيش، بس مش على حساب الجدع اللي حبك كل كلمة بيقولها بدل على كده ونظرة عنيه لما تيجى فى عنيكي بتقول  اللي لسانه منطقهوش، أنا كمان بفرح أول عنيا ما بتلمح طيفه قلبي بيدق لما بسمع صوته احس اني بنت ستاشر سنة وأول مرة تخرج  وتشوف راجل، قلبي ينتفض بقربة والله انا مش أنانية أنا حبيته ومعه رجعت أحب نفسي كل كلمة  بسمعها منه بتخليني ارجع عشر سنين وراء،  بحس  بقربة بفرحة  وأمان محستهاش مع بكر وشفيق حتى عمى نفسة محستش بالامان ده معه.

تتسع ابتسامتها أنا بقربة حبيت نفسي ورجعت أهتم بيها ماهو مش أنانية اني أعيش اللي فاضل من عمرى واحب واتحب.

تختفي ابتسامتها وعينيها تغيم بالدمع: طيب ووائل ياروحيه  نسيتيه ولا هتعملى ايه؟!
_ وائل ده وجع قلبي فرحتى المكسورة  دمع عيني اللي بيحرق  قلبي قبل جفوني وائل صعبان عليا حيرته وضعفه وقرارة  اللي دايما بيخاف يأخذه لوحده وائل لازم يتغير ويثق فى نفسه هو مش أول واحد يتولد بنفس ظروفه امكن هو أحسن من غيره  هو معروف أبوه وأمه وعائلته مين ومكانتهم ايه،  وائل لازم  يعيش ويفوق من وهم معيش نفسه فيه وساجن نفسه في ماضي الحمدلله اللي يعرفوه عنه يا اما ماتوا يا امه بيحبوه وبيخافوا عليه أحلام وزهور، انا لما يرجع  هكلمه مش هسكت لازم يشوف نفسه كمان ويعيش حياته ويتمتع بشبابه.
             ************
تسمع صوت خبطات على الباب الأمامي  للمنزل وقيام إحدى الخدمات بفتحه، لتعتدل بوقفتها وتتسع ابتسامتها، وهى  تشير الى من دلفت من باب المنزل تغلق النافذة وتسرع بالخروج من غرفتها تهبط الدرج مرحبة بأحدهم. 

روحيه:  أهلا أهلا بست البنات، مكنتش أشيع ليكى متجيش تشوفنى و تطمنى عليا.
تقترب منها تقبلها وتضمها وهي تحدثها:  مين قال أنتي دايما على بالي يا عمتي . 
روحية:  طول عمرك بكاشة يا ست وصفة بس مش عارفه طالعه لمين  لانك لا شبه  أبوك ولا أمك ،  لو كنت جيت  على بالك زى ما بتقولى  كنتى جيتى من نفسك مش لما بعتلك اكتر من مرة  . 
وصفة بحزن:  آسفه يا عمتى  غصب عنى،  لو بإيدى مكنتش فارقتك أبداً حضرتك كنتى محتجاني في حاجه  أنا تحت أمرك. 
تمسك بيدها و تجلس  بجوارها  على الأريكة  تبتسم  لها. 
روحية:  أقعدي هنا جنبي في الأول أنا كنت عاوزة اكلمك كلمتين، انتى طبعا عارفة غلاوتك عندى يا وصفة  من وانتي صغيرة، صحيح في كام سنة بعدنا عن بعض بس ابوكي الله يرحمه  كان بيزورني ومعرفني كل كبيرة وصغيرة عن البلد وياما حكالي عنك، وصفة من غير لف ولا دوران، امك جاتني من كام يوم تشتكيلي منك  ومن رفضك للعريس اللي جالك. 

تشير لها بيدها أن تتحلى بالصبر لحين الانتهاء من كلامها. 
روحية:  أسمعنى للآخر ولما اخلص كلامي،  قولي كل اللي عندك،  يابنتي  امك خايفه عليك العمر بيمر دلوقتى  بيجيلك عرسان مسبقلهمش الجواز يا ام  محصلهمش نصيب في 
جوزتهم الأولى لكن قدام  هيتقدملك الأرمل والعجوز اللي محتاجك تخدميه و تخدمى أولاده، 

دلوقتي إنتي لسه صغيرة  كمان سنه ولا اتنين هتعدي الخامسة وتلاتين  سنه  يعنى فرصة انك تخلفي عيل  بتقل،  امك نفسها تطمن عليكي إخواتك  الأصغر منك اتجوزوا و خلفوا عيل واتنين وتلاته 
وانتي رافضة الجواز الاول كنتي بترفضي عشان ابوكي وتعبه وانك بتخدميه مش هتقدرى تبعدى عنه،  لكن  دلوقتى  بترفضي ليه كل اللي يتقدملك، ايه اللي بيخليكي ترفضي من قبل ما تشوفيهم ولا تقعدي معاهم، ماهو مافيش سبب يخليكي ترفضي الا اذا كنتي . 
تصمت وتضع يدها على فمها تستغفر ربها وتقترب من وصفة تضمها لصدرها تربت على ظهرها. 
روحية:  يقطعنى يا بنتي سامحني مش قصدى والله حاجه  بس بصراحة الكلام اللي  بيتقال بعد رفضك للعرسان، يخلى الواحد يجنن. 

وصفة بصوت مخنوق بالبكاء وهي لا تزال تضم روحية :  انا عارفة انك ما تقصديش يا عمتى، عارفه كل كلمة بتتقال عليا، مش هلوم على الناس وانا امي واخواتي نفسهم بيقولوا رفضك  أكيد في سبب وخايفة  لو اتجوزت  ينكشف  بس والله العظيم  ما في حاجه من الكلام ده.
تخرج من بين أحضان روحية  تضع وجهها بين رحتى يدها تبكي بحرقة وبصوت منكسر حزين. 
  غصب عني قلبي وعقلي مش ملكي مشغولين بواحد تاني من وانا صغيرة  وأنا متعلقة بيه  سنين وانا بحب اللي بيحبه، كل مكان بيحبه أنا كمان حبيته حتى الاكل اللي بيحبه  انا بحبه واتعلمت اعملة  مش بس كده حتى دخلت نفس الكليه بتاعته عشان ابقى قريبه منه  لكن هو عمره ما حس بيا ولا شافني حتى، كنت بالنسباله  هواء  مهما عملت عشانه،  حتى لما حب زميلتى واتجوزها  انا معرفتش أكرهه ولا ابعد  بالعكس التمست له ألف عذر كنت بموت  من قلقي عليه لما بعد سنين معرفش عنه حاجه. 

أول مرة قابلته بالصدفة في المكتبة اللى كنتى فتحها بطنطا زمان كنت طايرة من الفرح حسيت بإن روحي رجعتلي  عيوني مانزلوش من عليه  كنت بحفظ ملامحه اللى عمرها ما راحت عن بالي ولو لحظه،  يوم ما رجع البلد من فرحتى  بقيت خايفة  أشوفه يبان عليا،ياما اتحججت عشان أجي هنا وأشوفه من بعيد  لبعيد ،كل ده وكان عندي أمل  يحس بيا بس للأسف هو مش شايفني من أصله.

خايفة أوافق على عريس من اللي اتقدمولي أظلمة وأظلم نفسي، خايفة في يوم أغلط في إسمه وانادي عليه  باسمه هو. 

روحية  تهب واقفة تنظر لها بذهول تحاول أن تجمع كلماتها:  بنت يا وصفة إنتي بتحبي وائل ابني مش كده. 

تومي برأسها ويرتفع صوت نحيبها  ترفع رأسها تنظر لها:  غصب عني والله ياعمتي من سنين وأنا بحاول أخرجه برة قلبي وأشغل تفكيرى بأي حاجه  لكن معرفتش تعبت والله تعبت لدرجة إني حاولت اسافر اي بلد تاني عشان اقدر انساه مقدرتش لقيتني بتعلق بيه أكتر وأكتر. 
روحية تقترب منها تجلس بمقابلها تضمها لها:  حاسة بيكي ياعين عمتك عارفه انه غصب عنك بس اسمعى الكلمتين دول مني، أنا عمرى ما اتمنى زوجه ليه احسن منك بالعكس انا بتمناك ليه… 
              **************
بس يا بنتي انا لازم اقولك الكلام ده اسمعي مني انا خايفة تضيعي اللي باقي من عمرك وشبابك على أمل يا يتحقق يا لا  انا عشان عارفة  هو كمان بيفكر في ايه،خايفه عليكي وفي نفس الوقت خايفة عليه   زي ما بتقولي القلب ما علهوش سلطان،  اللي انا شايفاه  هو متعلق بحد تاني  زي ما انتي متعلقة بيه وهو ولا حاسس بيكي هو نفس الكلام  متعلق بوهم ، خايفه يفوق منه بعد فوات الأوان عشان كدة يابنتي خديها نصيحه مني انا بقولك الكلام ده وأنا قلبي بيتقطع عليكم انتم الاتنين،  بس مش هبقى امينه لو قلتلك استنيه او اقولك حاجه غير فكري في نفسك شوية اقعدي مع نفسك شفي حالك،   قابلي الجدع اللي متقدملك خدي وقتك في التفكير اقعدي معاه مرة واتنين مترفضيش من الباب للطاق ادي نفسك فرصة تشوفي حد غير وائل، صلى استخارة وأي قرار هتاخديه أنا هقف معاكي فيه. 

تغمض عينها بقوة تبتعد عن روحية تجفف دموعها بظهر يدها تسحب نفس عميق تضم شفتيها تحاول السيطرة على دموعها ونحيبها  تمد يدها تلتقط كوب ماء من على الطاولة ترتشف منه قطرات تبلل جوفها تهب واقفة. 

وصفة:   حاضر يا عمتي  انا هعمل كل اللي قلتلي عليه،  بعد اذنك  انا لازم امشي دلوقتي. 
روحية  :  وصفة مش عاوزاكي تزعلي مني انا خايفة عليكي يا بنتي ولتاني مره  انا بتمناك ليه  اكتر ما انتي ما بتتمنيه، كفايه لو مت ولو حصلي حاجه هكون مطمنه عليه معاكي، انا لو بايدى مش هسيبك ابدا  تروحي لغيره. 
وصفة:  ربنا يديكي طولت العمر وتفرحى بيه و بأولاده،  بعد اذنك  انا لازم أمشي  محتاجة  اقعد مع نفسي وأفكر في كلامك،  ادعيلي يا عمتى أقدر أنساه وأخرجه من قلبي. 

روحية:  ربنا يهديلك حالك ويرزقك بنصيبك اللي يسعد قلبك ويريح بالك ويعوضك على سنين  صبرك. 

وصفة تجفف دموعها وتبتسم ابتسامه  صغيرة وتنحني تقبل وجنتي روحية  وتخرج  مسرعة دون أن تكمل تسرع بخطواتها تخرج من المنزل فور ابتعدها وقفت تضع يدها على فمها تكتم صوت بكاها التفتت تنظر للمنزل بحزن تنهدت عدة تنهدات وأسرعت بخطواتها تبتعد عن المنزل 

دموعها تنهمر بقوة حتى تلاشت الرؤية أمامها رفعت يدها تجففها وأطلقت لقدميها العنان حتى توقفت بالقرب من إحدى الأشجار العالية تبكي بحرقة وبصوت مكتوم تضع يدها على فمها تكتم شهقاتها وأزاحت دمعتها،  وخططت عدة خطوات حتى وصلت إلى مكانها المفضل وجثت على ركبتيها تبكي وتضرب الأرض بيدها وتقطع بعض الورود بهستريا وهي تتحدث وتسب، رفعت راسها وكتمت بكائها وهى تستمع لمن يحدثها تبلع ريقها بخوف  جعلها تفقد الوعى مما تسمع. 
_________
يستمع لما يقوله الطبيب بقلب مكسور وهو ينظر من زجاج الغرفة يرى ابنه ممدد على الفراش وموصل به مجموعة من الوصلات الطبية،  يحدث الطبيب بصوت أجش. 
عبدالرحيم: ياريت يا دكتور الكلام اللي قلته عن حالة زايد متقلهوش لحد من العائلة ولا حتى زيدان ابني مهما سألك قوله انه مرهق وتعبان من قلة النوم والأكل وأنا هختار الوقت المناسب وأبلغهم بحالة زايد. 

الطبيب:  أكيد أنا مقدر الوضع  بس حالة زايد بيه نفسية أكثر منها مرضية،  لو حضرتك تعرف  ايه اللي مزعله ومأثر في حالته ولو الاسم اللي بينادي عليه في نومه تكون جنبه ده هيحسن من حالته الصحية بدرجة كبيرة ويفوق بسرعة ويحرك ايده ورجله. 
            *********"
عبدالرحيم:  بتوتر بينادى على مين سلسبيل. 
الطبيب:  أيوة هو الاسم ده. 
عبدالرحيم يهز رأسه عدة مرات يعض شفتاه بقهر:  متشكر يا دكتور زي ما اتفقنا محدش يعرف حاجه عن حالته وانا هصرف وياريت محدش يعرف حاجه عن الاسم اللي بينادي عليه. 
الطبيب:  أكيد يا عبدالرحيم بيه متقلقش من النقطه دي بعد اذنك هدخل أطمن عليه. 

أوم برأسه وعينه مازالت مصلته على الممدد على الفراش يعيد تكرار كلام الطبيب بصوت ضعيف مملوء بالحزن:  فضلت تضغط علي نفسك قلبك مستحملش حتى بعد العملية مرتحتش صدمه وراء التانية لحد ما جات اللي مقدرتش تتحملها،  كله يهون اللي انك متقدرش تحرك رجليك وتمشي وتبق عاجز عن الحركة ده استحالة هسمح بيه ولا هسمحلك تستسلم صحيح أنا مش عارف اخرج من الحالة دي ازاي بس مش هيأس لحد ما أخرجك منها. 

ينهي حديثه مع نفسه ويهرول مبتعدا عن المكان يقابل زيدان بوجه يحدثه بسرعة. 
عبدالرحيم:  زيدان خد امك والباقين على بيت خالتك وتأمينهم كويس وتابع بعد كدة تجهيز القصر علي بكرا زي دلوقتي  منتهي وكل العائلة مستقرة فيه، ومتعرفش حد إني خرجت وسبت المستشفى قولهم إني هفضل مع زايد مرافق واني أمرت إنهم كلهم يمشوا. 
زيدان بقلق: نطمن على زايد ويخرج بالسلامه  وبعدها نجهز كل حاجة على مهلنا وبعد إذن حضرتك ليه خارج بسرعه كده  وزايد حصله . 

عبدالرحيم مقاطعا :  نفذ كلامي يازيدان أرجع ألقى كل حاجه جاهزة،  واطمن مشوار صغير هحاول محاولة يا صابت يا خابت  يلا سلام  . 

يتركه و يسرع بخطواته وهو ممسك بهاتفه يجري اتصال هاتفي، صعد سيارته وأخبر السائق الخاص به  بالعنوان لينطلق السائق بسرعة  كما أخبره. 

يحدث نفسه بصوت مسموع:  كنت معاهد نفسك هتسيب أحفادك براحتهم مش هتفرض عليهم رايك مرة ثانية، و هتسبهم  يعيشوا حياتهم براحتهم بعد انهيار زهروان،  لكن لا يا زهروان لا كله الا انتي انتي بالذات لازم  أمسك لجامك  وأعرف أسيطر عليكي  صحيح متأكد أنك هتتعبني  بس حياة زايد وشفاه يخلوني أطاطي  وانفذ كل شروطك،  اه يابنت زياد دونًا عن احفادي كلهم  انتي اللي توريثي طابعي وعندي
حتى نظرة التحدي بعنيكي وصوتك وعصبيتك، كنت طمعان اللي يورث طباعي زاهر ولا  زين للاسف محدش فيهم أخذ حاجه من طباعي غيرك  انتي وغادير، صحيح  على قد أنا ما حزين بالحصل والتشتت والبهدلة في العائلة وحالة زايد على قد ما مطمن بإن اللي جاي أفضل. 

بعد وقت وصل إلى وجهته لـ يترجل من السيارة  بعد إخبار السائق له بالوصول،  ينظر حوله يبحث عن أي أحد يسأله عما يبحث عنه،  يخطوا عدة خطوات يسير على طريق رملي طويل يوزع بصره في كل الاتجاهات حتى وقع على أحدهم يعمل في أرضه ينادي عليه يسأله عما يبحث، ليصدم مما سمع،  يخطوا تجاه الطريق الذي أخبره به،  ليقف مصعوق وهو يرى  تجمع من أهل البلدة وخاصة النساء يحملون الطيور بأيديهم وبالقرب من المنزل كم هائل من الماشية، وزاهر حفيدة يصرخ بأحدهم. 

يقف على بعد مسافة من المنزل  بوجه متجهم مما يرى ويسمع، أخرج هاتفه أجرى اتصال هاتفي  وهو يتلفت يمين ويسار قبل انتهاء الاتصال أتاه الرد. 
عبدالرحيم:  غادير انتي فين انا هنا قريب من بيت احلام ومش شايفك انتي  ولا زهروان. 
غادير:  جدو حضرتك جيت امتى. 
عبدالرحيم بحده طفيفة وعينه على زاهر الذي عالى صوته،  مش وقت اسئله يا غدير انطقي انتم فين. 

غادير:  جدو على ايد حضرتك اليمين وانت وشك للبيت هتلاقي طريق كله أراضي زراعية امشي فيه هتلاقينا  بعد عشر دقايق مشي. 
عبدالرحيم  :  تمام انا جاي حالا يسرع في خطواته مع سماع صوت صراخها بأحدهم ينادي على زهروان، يقف يلتقط أنفاسه  يرفع عينيه تجاه أصوات بالقرب منه تتسع ابتسامته وهو يرى غادير  تشير لشقيقها حمزة وذلك الشخص نسي اسمه تحدث معه منذ أيام وشخص أخر هرول من الطريق المقابل لهم ، تتسع ابتسامته مرة أخرى  وهو يرى لهفة حفيدة العنيد وغيرته على ابنة عمه وشجاره مع ذلك الشخص  ولكمه للأخر لكمة قوية  ،  تصدح ضحكته وهو يستمع  لحفيدته. 

غادير تشير بيدها تجاه وائل وحمزة وللآخر لا تعرفة :  ابعد انت وهو وهو محدش يلمسها فيكم  مفهوم، تجثو على ركبتيها تضع راس زهور عليها وتفتح حقيبتها تفتش بين اغراضها أخرجت قنينة عطر وضعت منه على يدها وقربتها من أنف زهور لتستجيب زهور وتبدأ بفتح  عينها تبتسم لغادير وتنتفض تعتدل ترفع نفسها وتهندم ملابسها مع سماعها لأصوات حولها ووقوع عينها على من ينظروا إليها  بلهفة. 
تهب واقفة تنفض ملابسها لتشعر بدوار اشد من اول مرة تغمض عينيها محاولة الثبات لتخيب محاولتها وقبل أن تهوى أرضا  فتحت عينيها وهي تشعر بأنها معلقة بالهواء ابتسمت ابتسامة طفيفة وغابت عن الوعي  مرة أخرى. 

عبدالرحيم واقف على بعد خطوات كما هو ينظر لما يحدث و قلبه يطير فرحا وهو يرى زهور أفاقت من إغمائها، تختفي ابتسامته  ويهرول  مقتربا منها وانحنى فزعا يلتقطها بين يديه قبل أن تهوى على الأرض، يلتفت الجميع اليه، يحدث غادير بلهفه وهو يسرع بخطواته ليتوقف يلتفت للخلف يصرخ بمن يتشاجرون خلفه. 

فور ان خطى عبدالرحيم  بزهور خطى وائل وذلك الشخص خلفه يصرخ بهم حمزة ويمسكهم من ملابسهم من الخلف. 
حمزة:  على فين يا اخ منك ليه. 
وائل ينفض يده بقوة  ويلتفت له يحدثة بعصبية:  انت مجنون يا بني عارف لولا الوضع وانك قريب زهور وحاسس نخوتك وغيرتك على  عرضك وبنت عمك،  كان ليا كلام معاك،  انت متعرفش زهور تبقي  مين. 

حمزة:  متنطقش اسمها لو سمحت انا ماسك نفسي عشان المعروف اللي عملته معانا وثقة بنت عمى فيك،  غير كده  ميصحش طريقتك دي، مفروض ملاحظ ان مينفعش تقرب منها وهى بالوضع ده لا من الدين ولا الأخلاق. 
يتركهم ويذهب خلف جدة وشقيقته يحدث جدة ويطلب منه أن يحملها بدلا منه. 
                 ***********
حمزة:  جدو حضرتك تعبت والمسافة طويلة ممكن أنا أكمل شلها. 
يقاطعه جدة دون التوقف:  يقولون مالا يفعلون،  بنت ابني  أنا كفيل بيها  ومش هسمحلك لا أنت ولا غيرك  تلمسوا طرف هدومها مش تشيلها، وخليك بعد كدة ثابت على موقفك 
ولا نخوتك دي على الغريب وحضرتك لا أوبن مين. 

يطبطء حمزة في مشيته بحك رأسه من الخلف 
ينظر ببلاهة  لـ غادير:  هو حصل ايه لكل ده،  أنا كل اللي أقصدة  إن اريحه  شفته مش قادر ياخد نفسه ومش قادر يمشي. 

يصمت وتصدح ضحكه غادير وتكتمها بيدها فور سماعها كلمات  جدها. 
عبدالرحيم:  مين اللي مش قادر ياخد نفسه يا حيوان،  أنا أقدر أشيلك انت نفسك وأنت قد التور مش هقدر أشيل بنت قد الفراشة. 
غادير:  تسرع بخطواتها تحاول الابتعاد عن شقيقها خوفا من بطشه على ضحكها من كلام جدها، حتى وصلوا الى الطريق المؤدي الى منزل أحلام  يتوقفوا قليلا يجوبوا بأعينهم  يبحثوا عن زاهر بين  الواقفون أمام المنزل يجدوا زاهر محاوط بمجموعة من  أهل البلدة  بالقرب من إحدى المواشي  التي تلد  يحدثهم  بعصبية بأن يبتعدوا ويتركوا له بعض الخصوصية، 

يغمض عينيه   يلتقط عبدالرحيم  أنفاسه  ويعاود فتحهم تتسع ابتسامته  وهو ينظر لوجه زهور يقبل رأسها يهمس لها  فعلا كان عندك حق  هنا افضل مكان يتربوا فيه ولاد عمامك واللي ما عرفتش أعلمه ليهم ولا أغيره بطباعهم  انتي قدرتي في كام يوم تعمليه  ويكمل سيره حتى  وصل  أمام  المنزل، يحدث حمزة بسرعه فتح باب المنزل ومنادات زاهر للكشف على زهور فور انتهائه مما يعمل.

يدلف عبدالرحيم  وغادير المنزل  يبحث بعينيه عن مكان  يضع زهور عليه  التفت لاغادير التي شهقت بصوت عالي وهي تنظر لحوائط المنزل  الاسمنتية الرطبة والأراضية الرملية،  والمكان الخالي من الاثاث الا من طاولة خشبية  وكرسي خشبي متهالك وأركتين،  خطى بخطى بطيئة تجاه إحدى الأرائك، يضم شفتاه بقهر وألم  مع كل خطوة تهبط دمعه من عينيه، انحنى يضع زهور على  الأريكة،  وجثى  يضمها ويبكي  وهو يحدثها ويقبل يدها مطالبها مسامحته. 

يجفف دموعه و يهب واقفا مع وضع غادير يدها على كتفه  تحدثه ببكاء،  ودخول حمزة وزاهر 
غادير:  جدوا معقولة  اللي شايفينه ده أنا مش مصدقة ولا قادرة استوعب ان في ناس ممكن تعيش في بيت زي ده. 

حمزة  بعد فتح الباب توجه تجاه زاهر المحاوط بجمع من أهل البلدة يمتدحونه ويشكرونه  بعد مساعدته في ولادة متعسرة لإحدى المواشي يدخل بين الجمع ممسك بيد زاهر يخرجه من بين الجمع ويهرول به تجاه المنزل يقف زاهر وينطر يده  وهو يصرخ بحمزة الذي رفع يده يشير داخل المنزل ليخطو بسرعة للداخل  يقف خلف جده. 

زاهر:  جدو حصل ايه ومين البنت دى.  

عبدالرحيم دون أن يلتفت له ازاح دموعه وتحدث بصوت حاول أن يظهر بعض القوة:  زاهر قرب إكشف على زهروان  بنت عمك وطمني عليها. 
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
عبدالرؤوف  إقترب من وائل  ووضع يده على كتفه من الخلف ليلتفت له وائل بوجه ممتعض، وعين حمراء كالجمر 
ليهدأ رويدا رويدا   مع وقوع كلمات عبدالرؤوف  على أسماعه. 
عبدالرؤوف:  أنا مقدر شو عم تشعر وقلبك  اللي عم يرجف من الخوف على زهور أنا مثلك خوفي لا يقل عنك بس اللي مطمني وريح عقلي وقلبي انها بين أهلها، وانا وانت شفنا لهفتهم وخوفهم عليها،  وسمعت كلام هاد ابن عمها و غيرته على عرضه،  صحيح انا فكرته انه عشقها لكن من كلامه تأكدت انها غيرة ابن عم على بنت عمه او أخ على اخته. 

وائل:  هههه خبير حضرتك في العواطف،  بتعرف في القلوب وال بيحب وبيتحب، وايه اللى خلاك متأكد قوى كده انه مش بيحبها  ده كان هيقتلنا لما قربنا  لها. 
عبدالرؤوف: مع انك تستهزء بي وفاهم شو تقصد بس الحمد لله انك لمحت لهاد الموضوع  انا هجاوبك اولآ  هو بيغير غير أخ مو غيرت حبيب ببساطة لو حبها ولو ذرة كان خاف عليها من نفسه ما كان طلب من جده إنه يحملها بدل عنه،  خوف على جده العود  لكن هو لو حبها عن حق وحقيق كان سند جده حتى يقويه على حملها خوفا عليها من نفسه اولا ومن إنها تقع ثانيا.
وثانيا:  كلامك  اني خبير في العواطف، اي نعم خبير وتعلمت هاي الخبرة من عدة أيام  قبل هالا كنت،  جاهل ما افقه شئ الحب هو فتاة جميلة  تجعلك تبغاها وتشتهيهاوقت الفراش ووقت ما تبعد ولا يفرق شي تعود العقل والقلب  بها لاجل   تبني عائله لتستمر الحياة  ولأجل تكون ناجح لابد من اكمال الوجه ب  عملك وعائلتك وتكون  انت انسان ناجح 
في نظر المجتمع كنت أنا أفكر بهاي الطريقة، حتى اني فكرت اني حبيت زهور اي نعم خيل لي أني أحبها لكن في الطريق لهنا تأكدت اني ما حبيتها تعرف شو أكد لى وقت ما قابلتك أول مرة  ما غيرت عليها ولا خفت  من مكوثك معها بالغرفة. 
             *********
قبل ما تسخر ولا تتحدث أعرف شو عم تفكر  وبدك تسأل،  الست الولده كَـيف عرفت بحبي ليها وليه ما هو وهم زي قبله؟ 
أجاوبك  مع اني مو من طبعي ولا اخلاقى أوصف حرمة ما صارت حلالى،  أول ما دشت من باب بيت زهور وأنا قلبي طار ما جعد عيني كانهم تسمروا عليهم كل لحظه والتانيه اتعوذ من ابليس واغض بصري مع كل كلمة تخرج من فمها، 

وزاد الأمر أول ما وضعت راسي على الفراش والله ما غمض لي جفن قلبي يفكر بيها وعيوني اغمضها وافتحها صورتها ما بتروح من عقلي،  فضلت على هاي الحالة ثلاث مرات أو أربع،  فوق هاد كله  نار تشتعل بقلبي وراسي هتطيح وانا ارها تدللك أو تقرب منها وانت ولدها، حاولت أبعد وأشغل حالى بشئ وافكر في اللى صار معي وش اسوي 

وكيف هقدر اخد حقى من فعل هاد بي،  كله يختفي وما افكر غير في طريقة أعبر فيها عن اللي بشعر بيه ثلاثة أيام لم أذق فيها طعم النوم وأنا أفكر وما قدرت أتوصل لحل، بمجرد ما ألقاك قريب وتضمها ولا تقبل يدها سكين ينغرس بقلبي، ما أخبي عليك وهاد وقاحة مني وأعذرني أخي عليها وربي يشهد ما كنت أود أحك  هاد الشي،  أنا كل ليله اتخيلها 

زوجتى والله وكيلك بتعذب من هاي لا أريد أرتكب هاي الذنب وتلك المعصية وأفكر بحرمة ما تكون حلالي الله وكيلك حتى ما تفكر السؤ بوالدتك ما تعاملني غير على إنى والدها متلي متلك بس القلب مثل ما بيقول ماعليه سلطان  ولا تقدر تتحكم فيه  لهاد أنا بطلب منك يد الست الوالدة على كتاب الله وسنة رسولك وكل حلالى في مصر وأي مكان راح  أكتبه بيع وشراء ليها، ولأخر مرة بقولك والله أنا ما كذبت في كلمة قلتها، كل ما أبغاه إنك تفكر في حديثي ولا ترد طلبي وترجعنى خالي الوفاض. 

وأمر آخر والدتك ما لها ذنب حتى تتركها تبكي وتنقهر عليك وقت ما تركتها ورحت من غير ما ترد عليها ولا تستجيب لندائها وأبشر لو وافقت والله  لتحيني ولو رفضت ما يكون بقلبك شر كأن الأمر ما صار ووالدتك مثل والدتي وهرحل من غير ما أسبب أي شي كأنك ما رتني ولا سمعت عنى وشاكر ليك فضل حمايتي.   

يقف وائل ينظر لعين رؤوف دون أن يبعدها عنه يرى صدق حديثه ومشاعره ليشعر بكل كلمة تخرج منه يحدث نفسه كيف لم يتعصب  يعيد كل كلمة يقولها رؤوف لم يلفظ وصف حسي او جمال والدته فقط يعبر بكلمات بعيدة كل البعد عن أي تشبيه أو تخيل بالرغم من ان الحديث صعب تحمله إلى أن كلامه مقنع وصدق مشاعره وصلت له ابتسم بداخله وأراد أن  يعمل اختبار له. 

وائل:  انا هسالك كام سؤال  واحنا في طريقنا للبيت لو جاوبت عليهم اجابه تقنعني بيك هوافق على جوازك من إمي ولو ما اقنعتني هوصلك للمحطة  تأخذ القطار وتشق طريقك بعيد عنا، يلا نركب العربية  عشان اجابتك هى التى ستحدد مصيرك. 

رؤوف:  يهز رأسه وتنثرت حبات العرق على جبهته  ابتسم ابتسامة خفيفة وصعد بجوار وائل السيارة الذي انطلق بها  ليباغت رؤوف بوابل من الأسئلة ويجيب رؤوف عليها جميعا دون أن يفشل في اجابة واحدة ليسأله أخر سؤال ويوقف العربة بمنتصف الطريق ثم ينطلق بها مرة إخرى وعلى وجهه ابتسامة ويهز رأسه بمكر. 

وائل:  مش هنكر انك نبيه وفطن وبتجاوب على كل أسئلتي بصدق وصدر رحب بس في سؤال اجابتك عليه هي اللي هتحدد نكمل طريقنا يمين او شمال بمعن اصح للبيت او للمحطة يمين هتكون المحطة شمال البيت. 

عبدالرؤوف ينظر لمفترق الطريق بقلب مرتجف يبتلع رمقة بقلة حيلة يهز رأسه بالموافقة ليسألة وائل. 

وائل:  انت تقريبا في سنى اكبر سنة او اتنين بالكتير وامي اكبر منك يجي تسعتاشر عشرين سنة يعني موضوع الخلفة ويكون عندك ولد او بنت معدومة ومافيش بنادم على وش الدنيا ميتمناش يكون عنده ولد يحمل اسمه ويورثه، هتعمل ايه وقت ما تحن للخلفة. 

رؤوف: أكون كذاب وما أنا صادق لو قلتلك ما فكرت وحنيت للولد،  وإن سبب من أسباب طلاقي الأول هو الولد لما حرمتي  سقطت الولد، واني كيف اي انسان رجل او إمرأة يتمنى يكون عنده ولد يحمل اسمه بس انا هترك هاد الأمر لله يدبرها وقتها لو حنيت للخلفه ما هنكر هاد ولا اخفيه لا هقوله وشرع الله  هنفذ و اتزوج بالحلال وأنجب بالحلال ولد وعشرة ما هكدب واقول هكتفي بوالدتك بدون ولاد  لان انا بشر والبشر يبغى كل شئ ملكة  الولد و الحلال والزوجة اللي تسعده،  وأنا أبغى اخبرك شي لا أنكر على الله هاد أنا لا أعلم ليش يخالجني شعور بأن معجزة بتصير والولد ما هيكون غير من. 

يصمت رؤوف فور انطلاق وائل بالعربية بسرعة فائقة  دون أن يمهله بإكمال كلامه ليغمض عينيه ويفتحها مع توقف العربة وسماعه غلق بابها بقوة يبتسم بسعادة وهو يرى توقف العربة أمام منزل وائل وروحية ليهبط من العربة مسرعا  يدلف خلف وائل ليقف بجواره بالقرب من باب المنزل الداخلي بعد ولوجهم للمنزل وتخطيهم صحن الدار والدرج الخارجي يقف بذهول  ينظر من باب المنزل المفتوح بعض الشئ يخطوا  خطوة واحدة  ثم يتراجع مرة أخرى بفاه مفتوح 
وعيون جاحظة 
             
يستمع لحديث والدته مع امرأة أخرى يلتفت ينظر لرؤوف ويعاود النظر لباب المنزل بذهول مما يستمع ليشعر بإقتراب أحد من باب المنزل ليمسك يد رؤوف يدلف من باب مكتب العمودية المجاور للباب الأمامي للمنزل، يقف خلفه ويشير لرؤوف بالصمت بعد تأكده من رحيل من كان قريب من باب المنزل اتجه للنافذة يرى من  وتجحظ عيناه فور رؤيته لهويته من خرج  يتابعه بعينه وأي  طريق يسلك ليلتفت لرؤوف ويشير له باتباعه يدلفا من الباب الداخلي يلقي السلام على والدته وقبل أن تجيبه القي عدة كلمات عليها  ويتركها هي ورؤوف ينظران له بذهول ويصعد غرفته. 

وائل:  السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، آسف يا إمى سيبتك ومشيت من غير ما أرد عليكي كنت محتاج افضل لحالي شوية عشان افكر مش هكدب واقولك اني فكرت واخدت قرار من نفسي،  بس انا اقتنعت من حاجتين كلام عبدالرؤوف وزهور، امه انتي اتظلمتي سنين بجوازك من شفيق واتجوزتي و متجوزتيش امكن صبرك ورضاكي واعترافك بغلطتك وتوبتك ربنا عوضك برؤوف وحط محبتك في قلبه وانتي كمان ربنا حط محبته في قلبك،  انا موافق  على طلبك يا رؤوف بجوازك من إمي، هسبكم شويه تفكروا و تناقشوا مع بعض هتعيشوا فين وامتى اجيب المأذون يكتب الكتاب ومستني رايكم تبلغوني بيه. 

يتركهم ينظران لبعض تارة وله تارة اخري حتي صعد الدرج ودخل غرفته وأغلق الباب خلفه. 

وائل يجوب غرفته وضع عباءته أرضا تمدد على الفراش وضع يده خلف رأسه يحدث نفسه:  معقولة وصفة انا ازاي كنت غبي بالشكل ده ما فكرتش ولا خطر على بالى انها ممكن تكون بتحبني دايما كنت بقول انها بتعمل ده جدعنه منها ولا بحكم القرابة، من وقت ما انقذتني من مصيبة موت الخدمة على يد شفيق ومحاولته اتهامي زمان بيها وشهادتها اني كنت في الكلية معها ولا المحاضرات اللي كانت تكتبها ولا الملخصات اللي كانت بتجبيها عشان اذاكر  فيهم.

ولا الاوضة دى اللى دايما كانت مترتبة وريحة الفل مش بتروح منها  كل زيارة لها للدوار،  ازاي محستش بيها ولا فكرت على سر اللى بتعمله، ولا لهفة عنيها وسعادتها يوم ما قبلتها فى طنطا والفرحة اللي كانت في كلامها مفكرتش فيها. 

يهب واقفا يتجه تجاه المرآه ينظر فيها ويحدث نفسه:  ليه في الوقت ده بالذات ظهرتي يا وصفة وانا بفكر في كلامك فرحان اني محبوب من حد ومحور اهتمامه، ولا ده شعور بالذنب ناحيتها ولا ده عوض ربنا على سنين وجع وظلم، أنا مش عارف اعمل ايه بس لازم افكر واخد قرار بسرعه حالتها وكلامها مش مطمني ممكن تعمل حاجة في نفسها أو توافق على العريس اللي متقدم ليها وتظلم نفسها،  لا انا مش قادر افكر لازم اخد قرار بسرعه حتى لو مش حاسس بيها وقلبي مفهوش مكان ليها بس لازم ارد لها جميل ليها من جميلها وانقذها من تدمير نفسها.


تعليقات