رواية لغة بلا حروف الفصل التاسع بقلم روزان مصطفي
نزلت الفون بسُرعة وأنا مبرقة وقلبي بيدُق جامِد وجريت على جوة، منصور كان لسه نايم فـ جريت علي برُعب وأنا بصحيه وبقول: منصور، إصحى بسُرعة إلحقني..
بص ليا بنُص عين، وكان لابِس ساعة في إيدُه نسي يقلعها تقريبًا وقالي بصوت نعسان: بتعملي إيه في الوقت دا ما تروحي تنامي!
قولتله وأنا بترعِش وشفايفي شققت من كتر الخوف: كُنت بصور الراجِل فيديو وشاف الفِلاش بتاع فوني نسيت أقفلُه.
إتعدل منصور في سريرُه وهو بيفرُك عينيه وبيتاوب بيقول: راجل مين؟؟ وفيديو إيه؟
سحبتُه من دراعُه وأنا بقول بخوف: قوم بس معايا، الراجِل كُل يوم يعدي مِن قُدام بيتنا رايح للأراضي وهو شايل شوال شكلُه غريب على ضهرُه، شِوال فيه بُقع بُنية زي ما يكون دم قديم.
منصور إتعصب عليا وقال: الله يخربيتك على بيته!! إحنا مال أبونا بتدخلينا في حوارات ومشاكِل ليه كُل شوية! أم البلكونة دي هردمهالك بالأسمنت.
كُنت بترعِش مِن الرُعب فعلًا وأنا بقول: قوم بس وبعدين نتحاسِب بقولك شافني وخايفة.
قام منصور من السرير وهو طبعًا عمال يسِب ويلعن، ويشتكي قد إيه أنا سِت مش مُريحة وعملالُه مشاكِل.. فتح البلكونة وبص لقى الراجِل لسه واقِف تحت وباصص على بلكونتنا، أنا كُنت واقفة جوة الأوضة باصة بترقُب لضهر منصور في البلكونة ومخبية بوقي بإيدي بخوف.
خرج منصور من البلكونة وراح أوضة النوم سحب چاكيت الترينج بتاعُه وهو بيقول بجدية: خليكِ هنا متتحركيش.
برقت أنا بخوف وأنا بمسك دراعُه وبقول بهمس: مُستحيل أسيبك تنزِل.
إتأفف وهو بيقول: يا بنتي إوعي سيبي دراعي خليني أشوف إبن الـ... دا رايح فين بأم الشوال بتاعُه، ما إنتِ مش هاين عليكِ تنامي بدري وترحميني من المصايب.
قولتله بخوف حقيقي: بقولك الشوال عليه بُقع زي ما يكون دم قديم! لاحسن يعمل فيك حاجة.
بصلي بطرف عينُه وقال: أهو تبقي خلصتي مني، ساعتها بس هتعرفي إن اللي حاميكِ بجد راح.
سحب دراعُه من إيدي ونزل على تحت، ولإني شخصية عنيدة وفضولية من يومي نزلت وراه وتجاهلت تحذيرُه إني لازم أفضل في البيت.
وقفت على مدخل عمارتنا ولقيت منصور خرج ورا الراجِل، الراجِل أول ما شافُه سرع خطواتُه فـ قالُه منصور بصوت واضِح: بقولك يابا، نزلي الشوال اللي على ظهرك كدا؟
الراجِل لف وبص لمنصور بتوتُر، كان راجِل أسمراني أوي من الشمس، رفيع جدًا وفكُه باين، شعرُه خفيف إسود وعليه تراب جايبُه للجنب، عندُه ضب والسنتين الأماميين طوال ولونهم أصفر، عينيه عسلي فاتِح صُغيرة.. ورقبتُه طويلة، لابِس جلابية بيقولوا عليها هنا في البلد (لونها سمني) مفتوحة من الصدر مبينة الصديري بتاع الكلسون.. وشبشب إسود متبهدل.
بلع الراجِل ريقُه وقال بإبتسامة صفرا: خير يا بلدينا؟ هنروحوا الأرض دول حبة غلة كدا.
منصور ببرود وهو مثبِت عينُه على الراجِل: برضو نزِل الشوال عن ظهرك ووريني جواه إيه.
الراجِل بدأ يتعصب بس صوته كان هادي وقال: وإنت مِن الحكومة ولا إيه، شأنك إيه فيه إيه الشوال!
منصور بدأ يتعصب، وصوته يعلى وهو بيقول: همسكك أنفُضك! متخلنيش أكسرلك العضمتين اللي ساندينك، إنت رايح جاي بالشوال دا على الأرض وبتعدي مت قدام بيتنا وعينك مركزة معانا ليه.
الراجِل مردش عليه وإدالُه ضهرُه، هنا منصور إتعصب وسرع خطواتُه تجاه الراجِل اللي مقدرش يهرب لأن الشوال تقيل، منصور كعبل الراجِل برجليه وهو بيقعُد فوقه وماسكُه من جلابيتُه وبيضربُه في وشُه، صرخت أنا بإسم منصور وجريت عليه كُنت مرعوبة الراجِل يخرج سكينة مِن جيب الجلابية ويحطها في جسم جوزي، الناس بدأت تصحى وانوار البيوت إشتغلت، وفي منهُم وقِف في البلكونة.
سنان الراجِل إبتدت تنزل دم، ونزل رجالة البلد من بيوتهم راحوا ناحية منصور يسألوه إيه اللي حصل
منصور وهو بياخُد نفسُه وبيعدل هدومه: الراجِل دا مش مظبوط بيروح ناحية الأراضي اللي في منها أراضي فاضية وكل شوية يعدي بالشوال اللي شكلُه غريب دا في وقت متأخر كدا لا هو ساعة فجرية ولا هو حتى محصل ليل.
بدأ أهل البلد يسألوا الراجِل اللي واقِع على الأرض الشوال فيه إيه وهو مبيرُدش، وقِف منصور على رجليه روحت حطيت دراعي في دراعُه بخوف ووقفت وراه وأنا ببُص على الراجِل اللي في الأرض.
منصور بهمس بيني وبينُه: يعني مفيش سمعان كلام ونزلتي برضو، ماشي حسابنا فوق.
بدأ رجالة البلد يفتحوا الشوال..
لقوا فيه، جُثة طِفل مقسومة إتنين، والجزء اللي فوق بالراس هو اللي ظاهر، الولد فاتِح عينُه وبوقه وميت على الوضع دا، وخرجوا جُثة قُطة برضو!
المنظر والريحة بدون تفكير خلوني أرجع، أرحع بتعب شديد..
