رواية أسيرة أحلامي الفصل التاسع 9 بقلم اسماء علي


رواية أسيرة أحلامي الفصل التاسع بقلم اسماء علي

_ ما تقعدي يا عائشة خيلتيني! 


رايحه.. جايه قدامي من ساعه، 

وبين کل دقيقة والتانيه تقف تشملني بنظراتها الغربية وتكمل مشي، 

بتمتم ببعض کلمات الغير مفهومه بالنسبالي.. 


_ مخيلاك؟ 

قالتها بهدوء مريب، 

بعد ما وقفت عن المشي.. 


_ آه يا عائشة.. بتلفي حواليا بقالك ساعه، وبتحدفِ ليا شوية نظرات ولا کإني قاتلك قتيل. 


_ أسود وحياتك! 


بصتلها بعدم فهم وإستغراب، 

قربت مني ببطء وهي بتقول ببرود:

 

_ مُجرد إنفجار بسيط في إحدي الدول، سيجعل العالم بأكمله يهتز.


ما بتفكرکاش بحاجه دي يا غيث؟


فتحت عيني بصدمه من جملتها، 

إزاي قدرت تترجم الجملة وأنا قايلها بلكنه إيطالية، 

بتتكلم إيطالي؟! 


_ ترجمتي الجملة إزاي؟ 


_ يمكن لإني بتكلم إيطالي! 

قالتها بسخرية لاذغة وهي بتشملني بنظراتها الباردة. 


بادلتها نفس النظرة، وأنا بقوم من علي الكرسي، وقلت: 

_ عشان كده بقالك يومين مش علي طبيعتك!


_ مش علي طبيعتي إزاي؟


_ يعني بتحومي حواليا علطول،

بتبصيلي بنظرات غريبة، حتي کنتِ بتسأليني بطريقة غير مباشرة عن الموضوع، وفاهمه کل حاجه وأنا فاكرك غلبانه.. 


طلعتي مش سهلة يا عائشة هانم! 


_ أووف بقي يا غيث! 

  متزلناش! 


ضحكت، وقلت: 

_ حاضر. 


_ هاا! 


_ هاا إيه؟! 


_ ما تقول يا غيث، هشحت الکلام منك! 


ضحكت جامد، وقلت ببرود: 

_ أقول إيه؟! والکلام إيه اللِ عايزة تشحتيه يا قمري؟


إتنفست بصوت عالي، وقالت بفارغ صبر: 

_ يا صبــر أيـــــوب! 


سكتت.. وقالت: 

_ البعيد مش هيحس ويقول؟ 


_ يقول إيه؟ 


_ يقولي يقصد إيه بالجملة دي؟ 


_ حاجه متخصكيش عائشة! 


_ أي حاجه تخصك تخصني غيث! 


النظرات هي اللي بتتكلم.. 

نظرات تحدي.. 

برود..

ثقة.. 


إتقدمت خطوتين منها،

ونزلت لمستواها.. أصحبت عيني الحنونه مقابل عينها المتحدية، 

إبتسمت وقلت بهدوء: 


_ أكيد يا عيون غيث! بس دي حاجه تخص الشغل، وأنا بس اللي أخصك مش الشغل. 


بس إيه الثقة و الشخصية الجامده دي؟ 


_ الکلام ده ما يتقالش لِ حرم غيث الرواي. 


ضحكت جامد علي جملتها، وقلت بفخر وحنان: 

_ بقيتِ بتتكلمي شبهي يا عائشة. 


إبتسمت بهدوء، 

ورفعت كتفها بقله حيلة، وقالت: 

_ أعمل إيه يعني؟ أنا طول الوقت معاك ومش بكلم حد غيرك. 


_ عايزك دايما معايا وجنبي، وفي أي حاجه متتكلميش غير معايا. 


قلتها وأنا بحرك إيدي علي وجنتها، 

وعيني في عينها.. 


_ اللي بيحصل، وهيفضل يحصل عامةً. 


_ أميرتي المطيعه. 


_ مش هتقولي بقي؟ 

رمشت بعنيها ببراءة، 

مع إبتسامه جميلة. 


عارف إنها مش هتحل، 

عنيدة، ودماغها ناشفه، 

دماغ صعايده فعلا، 

هتفضل فوق رأسي. 


نفخت بضيق، وبعدت عنها وأنا بقول: 

_ مش هنخلص يا عائشة؟ 


_ ريحني وقولي! 


_ لا! 

قلتها وأنا بتحرك ناحية باب الأوضة، 

فتحته.. سمعتها بتقول بعصبية: 

_ جاك لَوْيَه. 


ضحكت وكملت طريقي.. 

نزلت علي السلم، سمعتها من ورايا بتقول: 


_ يا غيث! 


_ يا ختاااااي! 

  هو يوم باين من أوله. 


_ ونبي يا غيث! 


_ إنتِ جايه ورايا ليه يا عائشة؟ 


_ ما إنت عارف! 


_ وعارف برضو إني قلتلك لا! 

  قلتها بصرامه ونزلت.. 


خطفت نظرة ليها، 

کانت واقفه علي السلم، 

فضلت مكانها بتبص علي طيفي بحُزن.. 


عارف إن عائشة حساسه، بس لو قلتلها علي أي حاجه هعرضها للخطر، 

وهي عنيدة ومش بتريح،و فضولها هيوديها في داهيه..  


واقف في المطبخ بشرب مياه، 

ضحكت بيأس وأنا سامعها للمرة اللي معرفش عددها بتقول: 


_ غيث! 


_ نعم يا عيون غيث! 

قلتها وأنا بلف ليها.. 


_ إيه ده يا عائشة؟ إنتِ بتعيطي لي يا حبيبتي؟ 

قلتها بلهفه لما لمحت دموعها.. 

قربت منها بسرعه ومسحت دموعها، 

وشديتها لحضني، وقلت بحنان: 


_ في حد زعلك يا إيشو؟ 


_ آه.. إنت! 


_ أنا؟! 


_ آه.. إنت مش بتحبني وأنا تقيلة عليك! 


_ مين الأهبل إبن الهبلة اللي قالك كده؟ إزاي بس مش بحبك وإنتِ القلب النابض لغيث ضلعه التائه منه يا عائشة.. 

ولو إنتِ تقيلة عليا فياريت تتقلي أکتر وأنا أشيلك في حبابِ عنيا يا ضي العين. 


خرجت من حُضني بهدوء، 

 مع إبتسامه هادية وحزينه علي ملامحها، 

دموعها لسه علي خدها، 

ورموشها مبلوله بشکل جذاب، 

ووشها أحمر من العياط.. 


_ وبعدين في الجمال ده؟ 


ضحكت بحزن وقالت: 

_ شكراً! 


_ لسه زعلانه مني يا إيشو؟ علفكرا أنا قلبي بيوجعني لما ألاقيكي زعلانه وبتعيطي! 


بصيتلي بهدوء، وقالت: 

_ أنا مش زعلانه ولا حاجه.. انا بس إتضايقت لما مردتش تقول عن الموضوع بتاع شغلك، مع إن كنت بحاول أقرب منك وأعرف أكتر عنك مش أكتر. 


بتتکلم بهدوء، 

ووازنه کلامه، 

بتغريني مش كده؟! 


_ عارف يا حبيبي! بس أنا لو قلتلك هکون بعرضك لخطر کبير وأنا مستحيل أسمح بكده؟ 


قالت بسرعه: 

_ مش هقول لحد والله يا غيث، وبعدين ما تخافش أنا مش بطلع من البيت أصلا غير معاك. 


بصتلها بهدوء، وقلت: 

_ تمام يا عائشة! 

 بصي يا ستي.... 


قعدت نص ساعه أحكيلها عن النظام والحوار بأكمله.. 

کانت بتسمع بحرص، 

ومنتبه لکل کلمه بقولها، 

بتدي رأيها في کل حاجه بقولها، 

عقليتها ناضجه ودماغها شغال، 

بتفکر قبل ما تتکلم وبتوزن کلامها کويس.. 


مش حد غريب، دي... 

دي عائشة.. 

مــراتي. 


_ وده کل الموضوع يا ستي. 


مسحت دموعها عادي خالص، 

وقالت بفرحه وحماسة طفل: 

_ أخيراً نطقت! 

 تصدق أن الدموع ديه ليها لازم؟ 


_ قصدك إيه؟! قصدك إنك کنت بتمثلي عليا؟! 


رجعت لورا بخوف، وقالت: 

_ يعني.. 


_ يعني؟ بتضحكِ عليا يا إيشو؟! طب وربنا ما أنا سايبك. 


صرخت برُعب وطلعت تجري، 

جريت وراها في کل البيت، 

قطعت نفسي اللي منها لله.. 


حلمي ما بين إيدي، 

بيت دافئ، مليان حب.. 

وزوجة صالحة مليانه حنان... 


'____________'

بعد يومين.. 


يوم من أسوء الأيام اللي مرِت بيها في حياتي بل الأشد سوءاً... 


کنت قاعد في البلكونه الملحقة بأوضتي.. 

بشتغل بتركيز، 

وقدامي كمية ملفات فظيعه، 

مليش في جو الشرکات والهم ده، 

بس أنا الوريث لبابا ولازم إهتم بيها برضو مهما کان الظروف.. 


بقالي تلت أيام بشتغل فيهم، 

حتي إني دبست عائشة معايا، 

وخلتها تشيل جزء من الشغل، 

ومن يومها وهي کارهه جنس الشغل کله.. 


_ صباح الخير يا سي غيث. 


"قلبي نداها فجأة لقاها"


_ صباح الفل يا عيون سي غيث. 


إبتسمت بلُطف وقالت: 

_ إتفضل قهوتك! 


_ تسلميلي يا ضي العين، بجد جات في وقتها! 


_ إي خدمة يا عمنا. 


_ قلب وروح ونن عين عمنا. 


إبتسمت بخحل، ولسه هكمل كلامي سمعت صوت المهزق يزن وهو بيقول: 


_ يلا يا عائشة، بسرعه! 


_ عايز إيه الواد ده؟ مش كفاية أنه واخدك مني؟ 


_ أعمل إيه طيب؟ هو بيحب يلعب معايا.. 


_ ما يروح يلعب مع أمه! 


_ مريم.. ده بيقولها مريم حاف كده. 


_ تربيتي! 


_ يا عائشة! 

صوت يزن للمرة التانية. 


_ هقوم أجيبة من شعره الواد ده. 


_ خلاص يا غيث، هروح اشوفه عايز إيه وأجي!. 


_ مستنيكِ. 

إبتسمت بلُطف ومشيت.. 


كنت مركز تركيز في الشغل اللي قدامي، 

فجأة سمعت صوت ضحکات عالية، 

وقفت وقربت من المکان عشان أشوف الصوت جاي منين... 


لقيت عائشة بتجري ورا يزن.. 

ضحكاتهم مالية المکان.. 

يزن بيضحك من قلبه.. 

وعلي وشه علامات الفرحه.. 


عائشة بتجري وکأنها بتعيد أيام طفولتها.. 

والضحكه مرسومه علي وشها.. 


مش عارف کام الوقت اللي عدي وأنا بتفرج عليهم، بس مش مهم.. 

المهم إني إستمتعت بلحظاتهم دي.. 


كنت لسه هدخل الأوضة، 

لفت نظري قرب عائشو ويزن من المسبح.. 

حاولت أنادي عليها أكتر من مرة عشان تبعد، لکن لا حياة لمن تنادي.. 


قررت أنزل و... 

ملحتقش أفهم إيه اللي حصل غير إن شُفت.. 


عائشة وهي بتتزحلق، 

وبتتخبط رأسها في طرف المسبح، 

وتقع فيه...


ثانية.. 

إتنين.. 

تلاته.. 

بحاول أستوعب المنظر اللي قدامي.. 


المسبح اللي بقي عبارة عن بركة دم.. 

يزن اللي بصرخ بإسمي.. 

خروج مريم من البيت علي صوت يزن.. 


وأنا.. 

وأنا واقف بستوعب أن اللي حصل ده.. 

حصل مع.. 

مع عائشة! 


محستش بنفسي، 

غير إن أنا بنط في المسبح. 


إمتي نزلت؟ وإزاي؟ وإزاي قدرت أوصل بالسرعه دي؟ 


طلعت عائشة من المسبح.. 

قطعت قميصي وربطت دماغ عائشة عشان تكتم الدم.. 

وشها کان شاحب، 

أزرق، مفهوش دم.. 

نفسها بيقل فترة بعد فترة.. 


وانا مش علي لساني: 

_ مستحيل، مستحيل يا عائشة، ملحقناش يا ضي العين، بلاش إنتِ، بلاش الأذي يکون فيكِ، هموت أقسم بالله. 


_ غيث قوم بسرعه نروح المستشفي! 


شلتها بسرعه، وطلعت أجري 

ركبت العربية وهي مازالت في حضني. 


_ هتسوق إزاي كده يا غيث؟ 

  هاتها هنا! 


_ لا! 


مش عايزاها تبعد عني، 

مش هقدر واللهِ، 

ده هي إسكير الحياة بالنسبالي، 

مش هستحمل فراقها واللهِ. 


لأول مرة أعيط، 

حاسس بدموعي علي خدي، 

المرادي مش زي أي مرة، 

دي غير.. وغير أوي كمان. 


مش شايف قدامي، 

عايز اوصل بسرعه، 

مش قادر أنزل عيني من عليها، 

قلبي بيوجعني کل ما أشوفها كده، 

ومش أي وجع..


_ غيث سوق براحه.. يلا وصلنا! 


شلت عائشة، ودخلت بسرعه، 

خدوها ودخلوه العمليات.. 


العيلة کلها جات، 

سليم ويامن كمان، 

إنطوان وصهيب. 


أنا واقف قصاد الأوضة، 

مستني.. 

مستني خبر.. 

بشرة.. 


طرف خيط أتشبس بيه، 

بس إيماني بربنا كبير، 

کبير أوي، بس بلاش.. 

بلاش هيا يارب.. 


حسيت فيه هرج ومرج دکاترة طالعه، ودکاترة خارجه.. 

الموضوع مش مطمئن.. 


خاࢪجه ممرضة من الأوضة بسرعة: 


_ إيه اللي بيحصل جوا؟ 


_ المريضة حالتها بتسوء أکتر من اللازم، الحادثة شديدة أوي علي دماغها.. أدعولها الأربعه وعشرين ساعه الجايين. 


صوت صفيررࢪ.. 

صفير دماغي.. 

طاقتي.. 

واعي.. 


_ غيث.. 


الفصل العاشر من هنا

تعليقات