رواية الشبح العاشق الفصل التاسع 9 بقلم رباب حسين


 رواية الشبح العاشق الفصل التاسع 



منذ اللحظة الأولى لوميض الخلق.... حين انبثق النور من رحم العدم وارتج الوجود بصرخة الحياة.... وُلد الخير والشر معًا.... توأمان أبديان يسيران جنبًا إلى جنب في دروب الزمن..... الخير كان همسًا أبيض يضيء القلوب والشر كان ظلًا داكنًا يختبئ خلف الرغبات..... لم يكن أحدهما ليبقى دون الأخر.... فالخير ما كان ليُعرف لولا عتمة الشر والشر ما كان ليُخشى لولا بريق الخير.... كلاهما ارتسم في مسيرة الإنسان منذ خطوته الأولى على الأرض في نفسه بين الحلال والحرام.... في عينيه بين الرحمة والطمع.... في قلبه بين الحب والبغض.... ومنذ بداية الخليقة صارت الأرض مسرحًا للصراع الأزلي.... يتجلى في قصص الأنبياء الجبابرة.... في دمعة أم تُطلب الرحمة، في دعائها.... وفي قبضة طاغية تُشهر سيفها..... الخير والشر ليسا مجرد اختيار بل هما جوهران متلازمان بهما يتشكل معنى الوجود وبهما تُختبر الروح..... فالخير يُبقي للإنسان أثرًا خالدًا والشر يُلقي به في هوة العدم وما بينهما يمضي البشر على خيط رفيع.... يخطون بقراراتهم تاريخًا جديدًا يكرر نفسه منذ بداية الخلق حتى نهاية الزمن..... ومنذ هذه اللحظة بدأ الصراع بين قوة الشر والخير....
وضعت العرابة ثوبها على ليان وذهبت بها إلى المنزل ولحق بها وئام.... وضعتها على الأريكة وأحضرت لها غطاء فحرارة جسدها قد انخفضت من شدة التواصل مع الأشباح وشحب وجهها حتى زاد قلق وئام عليها ثم أخرجت لها لوح من الشيكولاتة وأمرتها بأن تأكلها.... تناولتها ليان وهي تنظر لها بتوجس وقالت : إنتي شبح برده؟!
العرابة : أنا بنوفيل.... عرابة الخير
ليان : أنا مبقتش فاهمة حاجة
بنوفيل : عشان مامتك ماتت قبل ما تفهمك وقبل ما تعرفي إنتي مين.... والصراحة أنا أخرت نفسي عنك لحد ما قوتك تزيد
وئام : ممكن تفهمينا من غير ألغاز
بنوفيل : حاضر..... الدنيا بين كفتين خير وشر.... أنا اخترت الخير ومالوس اختار الشر.... بس مالوس غلبه الضعف وزاد الحقد والاستغلال جواه ومع زيادة شر الإنسان وظهور بنات القمر مالوس استغل الأشباح اللى بتموت وهي شايلة ضغينة.... بدأ يتغذى عليها من أول قابيل وهابيل لحد وقتنا ده.... كل ما كان الحقد بيزيد وبينتج عنه جرايم كل ما الأشباح بتبقى أقوى وهو بيقوى زيادة..... لحد ما لقى كتاب قوة الشر.... أنا وهو دورنا على كهف القمر..... الكهف مليان أسرار وقوته للي يستخدمه ويدخل جواه..... لما لقاه قتل الحارس بتاعه ودخل خد الكتاب.... الكتاب فيه قوة تخليه يغلب أي حد حتى أنا.... الأمل كان في كتاب قوة الخير اللي موجود في نفس الكهف ومن ساعة ما مالوس خد قوة الكتاب وهو خفى الكهف ومحدش قادر يوصله.... لما لقيت الحارس قبل ما يموت قالي محدش هيقدر يغلبه غير بنت من بنات القمر..... أقوى بنت فيهم واللي هتتولد يوم ما المجموعة الشمسية تبقى في صف واحد والقمر يبقى مكتمل.... اللي هي إنتي يا ليان.... أنا كنت مع مامتك وهي بتولدك وعرفت إنك إنتي اللي هتخلصي العالم كله من قوة مالوس.... هتنقذي الناس من قبضته وتخلصي بنات القمر من استغلاله ليهم
ليان : هو بيستغلهم إزاي؟!
بنوفيل : بنات القمر يقدرو يشوفو الأشباح ولذلك بيقدر يتواصلو معاهم وهنا مالوس بيخليهم يدخلو جوا أجسادهم ويتحكمو فيهم ويحصل زي اللي حصل من شوية.... جرايم قتل وموت مفاجئ وحالات كتير زيهم
وئام : ومالوس بيستفاد إيه؟!
بنوفيل : لما الشبح بياخد بطاره وتروح الضغينة اللى جواه مالوس بيستحوذ عليها لأنها مصدر قوته..... مكنش قدامي حل عشان احمي بنات القمر غير السلسلة.... عملتها من حجر القمر وفضلت السلسلة تتوارث من بنت لأمها وتحمل قوة الأم لبنتها..... السلسلة ديه بتمنع بنات القمر إنهم يشوفو الأشباح ولذلك مفيش تواصل لكن جنة قدرت تكسر السلسلة وده اللي فتح عين ليان
ليان : اشمعنة هي اللي عملت كده؟
بنوفيل : عشان روح قوية.... روح طاهرة.... وللأسف كان جواها ضغينة اللي لما طلعت منها اتنقلت للؤي اللي بقى عدوك دلوقتي واللي بسببها بقى شبح الشر وأنا متأكدة إنه دلوقتي عند مالوس.... مالوس عارف إنك موجودة بس أنا ومامتك خفيناكي كويس جدًا عشان محدش يوصلك لحد ما تقدري تتحكمي في قوتك
ليان : طيب أنا عايزة السلسلة تاني.... تقدري تعملي واحدة تانية؟
بنوفيل : موجودة.... بس مش ده الحل..... الهروب أسهل طريق لكن بوجود مالوس وشبح لؤي فيه ناس كتير هتتأذي
ليان في خوف : أنا اللي بتأذي.... أنا قتلت لؤي.... حسيت بإيدي وهي بتخنقه
بنوفيل : عارفة.... بس مش إنتي اللي قتلتيه.... ليان أنا عارفة إنك مخضوضة وإنك مكنتيش مؤهلة لده.... بس خوفي عليكي من مالوس هو اللي خلاني بعيد عنك.... عارفة إن كل اللي بتسمعيه دلوقتي هو بعيد عن عقلك كبشر.... لكن إنتي مش من البشر.... إنتي بنت القمر.... ليكي مهمة لازم تخلصيها
وئام في غضب : وهي هتواجه القوة ديه إزاي لوحدها؟!..... عايزاها تسمع كل اللي بتقوليه ده والمسئولية اللي بتحطيها على كتافها وتتقبل الموضوع وتقولك يلا نحارب مالوس ولؤي
بنوفيل : لا إحنا مش هنحاربهم..... هي اللي هتحاربهم
وئام في استهزاء : بجد؟!..... لا كده تمام.... كده يلا يا ليان بقى عليكي مهمة روحي نفذيها وإحنا هنقف نشجعك من بعيد
بنوفيل : إنت مستهون بقوتها.... هي نفسها لسة متعرفش هي تقدر تعمل إيه..... لازم نستعد زي ما مالوس بدأ يستعد..... مش ملاحظ إن كل الأشباح طارت ورا لؤي؟!
وئام : خدت بالي
ظهرت جنة وقالت : ما عدا
نظرو لها جميعًا ثم أردفت : مقدرش بتحكم فيا عشان مبقاش جوايا ضغينة.... قررت أفضل معاكي يا ليان... تسمحيلي أحرسك
وئام في غضب : بعد إيه؟!.... بعد ما استغلتيها وخلتيها تقتل لؤي ويتحول للشكل البشع اللي شوفناه ده؟
جنة : غصب عني.... أنا بشر.... جوايا شر وخير.... هو قواني والضغينة اللى جوايا كنت بتتحكم فيا
نظرت لها بنوفيل وقالت : جنة ملهاش ذنب وطالما اختارت تبقى حارس ليكي أقبليها.... هي شبح قوي ولو لاحظت النقطة الحمرا اللي كانت في صدرها خلاص اختفت
ليان : كفاية.... كفاية كلام.... أنا مش مستوعبة أي حاجة دلوقتي.... أنا عايزة أنام..... بقالي يومين منمتش.... أنا مش بشر زي ما قولتي بس محتاجة أنام
نظر لها وئام وقال : نامي حبيبتي.... أنا جنبك مش هسيبك
نظرت له ليان قليلًا ثم قالت : اشمعنة وئام شوفته وأنا لابسة السلسلة؟
بنوفيل : وئام مش ميت.... وئام شبح لواحد عايش.... أقوى نوع يقدر يتحكم في اللي حواليه ده غير إن هو اللي دخل جسمك بمزاجه.... وفيه حاجة كمان.... فيه رابط ما بينكم..... الحب
ليان : بس وئام حبني بعد ما بقى شبح
وئام : لا.... أنا بحبك من زمان.... جنة خلتني أفتكر كل حاجة.... أنا حبيتك من أول مرة شفتك فيها.... يمكن مش هتصدقي عشان معاملتي ليكي.... بس الحقيقة إني كنت قاصد أعمل كده عشان مكنتش عايز أفكر في أي حاجة غير شغلي.... كنت كل يوم لما بتدخلي المدرج واشوفك كنت بضعف عشان كده كنت دايمًا بتلكك عشان تطلعي من المدرج.... كنت بتضايق لما ألاقيكي مهتمة بكل المواد إلا المادة بتاعتي ولما يبقى فيه عملي دايمًا بتيجي متأخرة وأنا مش بحب عدم الإلتزام عشان كده كنت بضغط عليكي
ليان : كان غصب عني عشان بابا
وئام : ما أنا فهمت حبيبتي.... لما دخلتي البيت هنا وشوفتك حسيت إني كنت مستنيكي.... لقيت نفسي غيران عليكي ومش عايزك تمشي عشان كده معملتش حاجة تبعدك عن البيت.... فكرة إني أبقى شبح وتختاري شقتي تيجي تسكني فيها وإنك الوحيدة اللي تشوفيني ده معناه إن الرابط اللي بينا هو أقوى من أي رابط
ليان : بس إنت لازم ترجع لجسمك
وئام : جنة وصلت المحاليل لجسمي تاني وأنا مش هرجع لجسمي غير لما اطمن عليكي.... لو رجعت مش هفتكر حاجة وهرجع أعاملك بنفس المعاملة.... مش هسيبك في الوضع ده.... أنا شبح قوي زي ما هي قالت وهفضل جنبك عشان أحميكي
ليان في بكاء : لا.... أفرض لؤي قدر يأذيك.... إنت شبح زيه..... لا يا وئام.... إرجع لجسمك.... أفرض قدر يدخل جسمي ويعمل زي جنة..... إنت.... إنت كنت هتموت.... أنا كنت هموتك بإيدي.... إبعد عني.... مش عايزاك تتأذي بسببي
وئام : مش مهم.... حتى لو هموت بس وأنا جنبك مش مهم.... إيه لازمة إني ارجع لجسمي وانسى اللي بينا ده.... انسى نظرتك ليا دلوقتي.... انسى حبك ليا اللي باين في عينيكي.... الموت جنبك ولا العيشة من غيرك.... مش هسيبك يا ليان.... هفضل معاكي
ظل ينظر داخل عينيها في حب...... إنتي اليقين وسط فوضى أيامي.... والأمان في زحمة المخاوف..... أحبكِ كما يحب الغريق شاطئ النجاة وأتمسك بكِ كما يتمسك القلب بأخر نبضة له..... فإن كان موتي هو الثمن فليكن فما قيمة حياة بلا قلبها؟
نظرت له بنوفيل وقالت : خليها ترتاح يا وئام.... جسمها محتاج راحة
أماء لها وئام وذهبت ليان إلى غرفتها وظل وئام بجوارها حتى نامت ثم خرج إليهما وجلس أمامهما وقال : طيب دلوقتي هي هتحارب إزاي مالوس ده؟
بنوفيل : السلسلة زي ما كانت حمياها من إنها تشوف الأشباح كانت مانعة قوتها إنها تظهر.... ليان مع الوقت هتكتشف قوتها بنفسها..... ليان أقوى مما تتخيل... متخافش عليها
وئام : أنا مش خايف.... أنا مرعوب.... إذا كان لؤي كان بالمنظر ده.... مالوس بقى هيبقى عامل إزاي؟!..... أنا كل أما افتكر نظرة لؤي بترعب
بنوفيل : لؤي ضعيف.... لو قدرنا نبعده عن مالوس هنقدر نغلبه بسهولة.... لو كان قادر يعمل حاجة لوحده مكنش هرب وراح عليه أول ما استدعاه
وئام : إزاي الأشباح اللى قتلوه راحو وراه؟!
بنوفيل : عشان الضغينة اللى جواهم مش من لؤي.... جنة اللي كانت بتتحكم فيهم لأنها أقوى لكن الضغينة اللي جواهم من عمك.... يعني عمك في خطر.... وخطر كبير
وئام : يعني إيه؟!
بنوفيل : يعني لو قتلو عمك زي لؤي ضغينتهم هتروح للؤي ومالوس..... وده اللي هيقويهم عشان هيساعدوهم..... ومعندهمش حل غير إنهم يستغلو ليان.... لأنها الوحيدة اللي تقدر تجيب حقهم بإنها تقتلو
وئام : طيب دلوقتي ليان مطلوب منها تعمل إيه؟
بنوفيل : تعيش حياتها طبيعي.... ومع الوقت قوتها هتزيد وزي ما قدرت تطرد جنة من جسمها هتقدر تمنع أي حد يدخل جسمها تاني
في الصباح استيقظت ليان.... تشعر بهدوء بداخلها عكس أمس.... خرجت ونظرت إليهم وقالت : أنا جعانة
وئام : هحضرلك أكل
دخل وئام وجهز لها الطعام ثم جلست لتتناوله وقال : عايزين نروح المستشفى
ليان : ليه؟!
قص لها وئام ما قالته بنوفيل أمس فقالت : يعني عايزني أروح أحمي عمك؟!
وئام : لا.... عايزك تعيشي حياتك طبيعي.... وجودك في المستشفى مهم
بنوفيل : لازم نوقف اللي عمك بيعمله لأن مش ناقصين أشباح زيادة
تنهدت ليان وقالت : حاضر.... هروح
خرجت ليان إلى الشارع وترى أشباح بكل مكان فنظرت إلى وئام وقالت : إيه ده كله؟!
بنوفيل : هتتعودي.... أهلًا بيكي في العالم الجديد
ليان : مش شايفة أي حاجة تفرح بصراحة
وصلت ليان إلى المشفى وقبل أن تدخل قالت : محدش يتكلم معايا غير للضرورة.... مش ناقصة الناس كمان تشوفني مجنونة
دخلت ليان ووجدت رامي ينتظرها فقال : إنتي فين يا ليان وسايبة تليفونك هنا؟
ليان : معلش كان عندي مشكلة إمبارح
رامي : طيب فيه مريض جيه إمبارح ومحتاج قلب مفتوح.... أنا ظبطله السكر والضغط وجهزته للعملية.... ممكن تعمليها خلال أد إيه؟
ليان : وديه على أوضة العمليات وأنا جاية
ثم نظرت إلى وئام فأماء لها ثم ذهبا معًا وعندما تعقمت ودخلت العمليات دخل وئام داخل جسدها ليجري الجراحة.... وما أنا بدأ حتى طردته ليان من جسدها فحاول وئام أن يدخل مرة أخرى وبعد وقت طردته فقال وئام في غضب : ليان.... متطردنيش من جسمك.... المريض هيموت.... اتحكمي في نفسك
أغلقت ليان عينيها وتنهدت بقوة ثم رفعت يدها له فدخل بجسدها وأكمل الجراحة.... بعد وقت انتهت الجراحة وخرجت ليان من غرفة العمليات ونظر لها وئام وقال : حاسس بتعب.... تعبتيني
بنوفيل : مش بمزاجها....شوية شوية مش هتعرف تدخل في جسمها
زفرت ليان ثم ظهر شبح فتحي فنظرت له ليان وقالت : إنت مين؟!
وئام : ده عم فتحي.... شايفاه؟!
نظرت له ليان وقالت : ده سؤال؟!
وئام : اه صح.... إزيك يا عم فتحي
فتحي : تعبت يا إبني.... يا موت يا ارجع لجسمي بقى
ليان : إنت في قسم المخ والأعصاب صح؟
فتحي : اه
ليان : وريني إنت في أنهى أوضة؟
أرشدها فتحي لغرفته فدخل ونظرت بالتقرير ثم نظرت إلى المحلول الذي بيده فوضعت يدها عليه وإذا بها ترى ما حدث معه
فلاش باك
كان شادي وصادق يقفان بجواره وهو فاقد الوعي أمامهما في فراشه فقال شادي : الراجل ده فصيلة دمه نادرة.... نادر أوي اللي هيطلب منه عضو
صادق : بس غالي عشان نادر.... خليه في الغيبوبة لحد ما حد يطلب فصيلته
شادي : تمام يا دكتور
عودة من الفلاش باك
نزعت ليان المحلول من يده ثم وضعت يدها على يده مرة أخرى ونظرت إلى شبحه وقالت : ألمس إيدي يا عم فتحي
لمس فتحي يدها فإذا به يعود إلى جسده مرة أخرى وفتح عينيه ببطء ثم نظر لها وقال في ضعف : أنا فين؟!
ليان : حمد الله على السلامة.... إنت فوقت من الغيبوبة.... مبروك يا عم فتحي
نظر لها وئام في صدمة ثم نظر إلى بنوفيل فقالت : قولتلك.... ليان أقوى مما تتخيل
كانت واقعة صدمة استيقاظ فتحي شديدة على صادق وشادي.... ترى ماذا سيفعلان عندما يعرفان أن ليان هي السبب؟

تعليقات