رواية مجرد وهم ( كاملة جميع الفصول ) بقلم ناهد خالد


 رواية مجرد وهم الفصل الاول 

_أنا حامل..

ابتسمت اللي قاعدة قدامها بفرحة وقالت:

_بجد؟ الف مبروك يا حبيبتي ربنا يتمملك بخير، فرحتلك اوي.

_ياسر عاوزني انزله.

خبطت "فرحة" على صدرها بصدمة وقالت وهي مش مصدقة اللي بتسمعه:

_تنزليه! ليه؟

بصتلها بعيون مليانة دموع وجاوبت:

_عشان هو مبيحبنيش يا فرحة، ولا عمره هيحبني، انا كنت بنت ابوه جبره عليها عشان يبعد عن البنت اللي حبها.

_طب وانتِ ذنبك إيه؟ موقفش قدام ابوه ليه وعارضه! يعني يتجوز بنات الناس ويطلع غلبه عليهم! هو قالك إنه عاوزك تنزليه عشان مبيحبكيش؟

هزت راسها بلأ وقالت بدموع بتنزل من عينها زي المطر:

_لأ، قالي اصل مش جاهز له دلوقتي، ومش هقدر اتحمل مسؤوليته، وبعدين احنا لسه بنتعرف على بعض وماستقرناش مش يمكن مش هنتفق! مش يمكن منكملش!

ردت بعد ما هديت شوية وقالت:

_بصي، هو كلامه تحسيه منطقي، وصح، بس ليه فسرتي الموضوع غير كده؟

_عشان الست بتحس باللي معاها، اقولك على حاجه يمكن مينفعش اقولها بس بفضفض من غلبي.

واستها "فرحة" تقول:

_قولي يا فريدة، يابنتي انا اختك، يعني ان ماحكتيش ليا وخدتي رأيي وفضفضتي معايا هتعملي كده مع مين، ما حنا لا اب ولا ام عايشين وملناش إلا بعض.

هزت راسها كذا مرة بتأكد كلام اختها وقالت اللي محبوس جواها من سنتين:

_من وقت ما تجوزنا، ومن أول يوم كل ما.. يعني كل مانكون سوا..

ووطت راسها بكسوف وكأنها مش عارفة توضح اكتر، لكن "فرحة" فهمتها فقالت:

_فاهمه كملي...

رفعت راسها ورجع الحزن يكون هو الطاغي وهي بتكمل:

_بحسه مش حابب ده، بحسه بيقرب مني من باب ان ده الطبيعي والعادي، ويمكن اوقات بحس انه كاره العادي ده! تعرفي انه من أول ما ندخل اوضتنا بيقفل النور ومبيقبلش ابدًا يفتحه لحد ما ننام.. او على الاقل يروح هو في النوم، وكأنه مش عاوز يشوفني، مش عاوز عقله يعرف مين اللي معاه.. ساعات بحسه بيكون متخيلها هي مكاني.... ولو فتح النور وشافني مش بعيد يسبني ويمشي او على الاقل اكيد هيبعد عني، لما بنكون قاعدين سوا بناكل او حتى بنتفرج على التلفزيون بحس عقله مش معايا، هو قاعد معايا بجسمه بس.. لكن روحه وعقله في مكان تاني.

_هو معقول بيحبها كده!!؟

سألتها "فرحة" بصدمة من الكلام اللي بتسمعه، فردت عليها "فريدة" :

_والله ما عرف، انا لما عرفت الحكاية وقت الخطوبة وسألته قالي مش عاوز افتح كلام في موضوع اتقفل، ولما سألت امه في مرة، قالتلي ده كان موضوع خايب وخِلص، بس شكله مخلصش يا فرحة، او يمكن مخلصش بالنسباله، مش عارفه.

_المهم دلوقتي هتعملي إيه؟

بصتلها باستنكار وردت بنبرة قاطعة:

_مش هنزل ابني.. انا نهيت الموضوع معاه خلاص. 

_نهيتيه ازاي؟ 

رجعت بذاكرتها لليلة امبارح، بتفتكر اخر كلام كان بينهم بعد شد وجذب لاكتر من ساعتين.. 

وقفت قدامه وهي بتقول من بين دموعها ونظراتها المعاتبة له واللي بتبين خذلانها فيه:

_تمام، مادام ده آخر كلام عندك، فاسمع اخر كلام عندي.. 

مسحت دموعها بكفها بعنف وكملت وهي بتبصله بقوة:

_ انا مش هنزله، ولو مش هترجع عن قرارك.. يبقى نطلق.. وانا هتحمل مسؤوليته اللي انتَ خايف منها، وعمري ما هلزمك بجنية ناحيته، او أي حاجه عمومًا. 

كان باين عليه الصدمة، في الأول، لكن بعد شوية من سكوته رفع حاجبه بيستهزأ بكلامي:

_والله! يعني تهدي بيتك وحياتك عشان... 

_عشان ابني.. 

قاطعته وكملت بتضحك وكأنها قدام شخص مجنون:

_إيه؟ في حد يستاهل اعمل كده عشانه اكتر منه! انا ابيع الدنيا كلها عشانه، ما بالك بشخص بايع كل حاجه اصلاً.. لو انتَ اتخليت عنه انا مش هتخلى. 

رد بعصبية وهو بيقف قدامها:

_تخلي إيه وزفت إيه! انتِ بتتكلمي عن شوية دم لسه مبقوش انسان حتى! ليه محسساني انه موجود معانا وبقولك وديه ملجأ! محدش فينا لسه شافه ولا اتعلق بيه، بلاش أفورة. 

وكان رده اقسى حاجه ممكن اتحملها، ويخليني اخاف منه، اذا كان معندوش أدنى مشاعر لوجود ابنه، هيكون عنده مشاعر تجاه حد تاني! او شيء تاني! 

_احساسي بيه وبوجوده كفيل يخليني اتمسك بيه ولو زي ما بتقول شوية دم، مش ذنبي إنك انسان معندكش مشاعر، حتى مشاعر الأبوه ميتة عندك.. واسمع بقى اخر كلامي.. يا العيل ده يفضل يا تطلقني.. ولحد ما تقرر انا في بيت أهلي.. 

وجت تمشى من قدامه لكنه مسك دراعها بيشدها له بغباء، لكنها كانت اسرع في رد فعلها، وهي بتزقه بكل قوتها وبتعلي صوتها لأول مره في مواجهة له، وحتى اسلوب اول مره تتكلم بيه قدامه... 

_لا بقولك إيه واللي خلقك وخلقني لو ايدك قربت مني لاكون مفرجة عليك الناس، اوعا تفكر عشان اهلي ميتين هتدوس عليا، ولا عشان مانا بحبك هسيبك تجيب رقبتي تحت رجلك واقولك دوس يا حبيبي دوس.. لا ده انا اوحش ست تقابلها لو حاولت تيجي عليا او على اللي مني، ومش هخاف اني معاك لوحدي في البيت، مجربتنيش انتَ ايام الشقاوة، ايام ما كنت اكسر دراع وانا مكاني متهزش.. خاف يا ياسر، خاف من اتنين بنات اتربوا لوحدهم من غير اهل، ربوا نفسهم ووقفوا بطولهم قدام الدنيا..

وهو كان في قمة صدمته، مش مستوعب ولا متخيل ان دي مراته! ازاي اتحولت كده؟ دي كانت اهبل وأطيب واحده قابلها، لا عرفت يوم مكر الحريم ولا طريقتهم! ولا كانت بتمثل عليه؟


تعليقات