رواية صدمة تليها ضمادة كامله جميع الفصول بقلم هاجر نور الدين
_ إحنا كتبنا الكتاب إزاي عايز تنفصل عني؟
كانت جملتي المصدومة وأنا سامعاه بيقولي بكل بساطة،
"إنهُ عايز ينفصل عني."!
حسيت الدنيا بتضيق بيا وحسيت إني مستحيل يكون دا بجد،
بدعي من جوايا في وسط صمتهُ دا يطلع بيهزر أو بحلم.
ولكنهُ رد عليا بمنتهى البساطة وقال:
= عادي يعني يا سيرين ياما ناس كتبوا الكتاب وإنفصلوا،
وأهو دلوقتي أحسن بكتير من بعدين.
ضحكت بسخرية وأنا مش مستوعبة وقولت بتوتر:
_ إنت أكيد بتهزر ما هو مش معقول تكون بتتكلم بجد،
إنت فاهم إنت بتقول إي؟
أنا سيرين حبيبتك واللي بنتمنى اليوم دا وبنحلم بيه بقالنا سنين!
رد عليا بتنهيدة وقال بلا مبالاة:
= لأ مش بهزر إي اللي فيها يعني،
وبعدين عادي كنت بحلم بيه دلوقتي مش عايز أنا حُر.
إتكلمت بإنفعال وقولت:
_ هو إي البرود اللي بتتكلم بيه دا،
ولأ طبعًا مش حر، كلت وشربت إي عشان أتكتب مطلقة ونظرات الناس والمجتمع ليا بعد ما إنفصلت عن شخص المفروض بحبهُ وبيحبني ومفيش في علاقتنا مشاكل بعد كتب الكتاب بيومين بس!
إتكلم بعد ما زفر بضيق:
= وأنا مالي ومال المجتمع والناس ما يولعوا!
أنا مش مرتاح وأنا هضغط نفسي عشانهم!
إتكلمت وأنا مصدومة وقولت بصوت هادي:
_ إنت إزاي بتقول كدا بجد، لأ حقيقي مش مصدقة اللي بسمعهُ،
عمر أنا مش فاهماك، إي اللي ضاغطك وإي اللي مخليك مش مرتاح؟
سكت دقيقة كانت روحي بتتسحب فيها،
كنت بتمنى يقول آي حاجة ينفي بيها اللي قالهُ من شوية.
ولكنهُ لما إتكلم قال ببساطة:
= بُصي يا سيرين أنا مش عارف أقولك إي بصراحة بس أنا مش مرتاح، وحاسس إن كل حاجة بقت كبيرة أوي عليا وأنا لسة مش مستعد ليها دلوقتي، عشان كدا الأنسب ليا إني أبعد.
إتكلمت وأنا بحاول أهدي نفسي والدموع بدأت تتكون في عيني لما إتأكدت إنهُ بيتكلم بجد:
_ طيب طيب إحنا ممكن نحل كل حاجة مع بعض يا عمر،
إحنا الإتنين عارفين إن كل دا صعب ومسئولية كبيرة وهنعدي كل دا مع بعض، حبيبي أنا عارفة إن الفترة دي بتبقى صعبة ومليانة توتر واكن دا مش معناه إنك تستغنى عني بسهولة، دا أنا سيرين حبيبتك هتقدر تستغنى عني؟
خلصت كلامي وكانت دموعي نزلت على خدي بالفعل
نهيت جملتي الأخيرة وأنا بصالهُ في عيونهُ بعتاب وإيدي على دراعهُ.
ولكنهُ بكل بساطة، بكل هدوء، بكل جحود وتبلد مشاعر،
زاح إيدي من على دراعهُ وقال:
= مبقيتيش خلاص يا سيرين،
مبقيتيش حبيبتي ولا عايز أنا فعلًا مش حاسس ناحيتك بحاجة،
يمكن كل اللي فات دا تقدري تسميه وهم أنا كنت متوهم إني بحبك بس دلوقتي لما خلاص الموضوع خلص والمفروض نبقى في بيت واحد فهمت إن لأ مش دي الأنسانة اللي أنا عايزها.
دموعي زادت ولكن مسحتهم وخدت نفس عميق جدًا،
على قد ما قدرت حبست دموعي.
على قد ما قدرت تماسكت وتحاملت على مشاعري،
إتكلمت بنبرة مهزوزة ولكن قوية نوعًا ما وقولت:
_ مادام دا قرارك اللي بتقولهُ وإنت واعي مش من مجرد الضغوط والمسئولية يبقى متلزمنيش.
بصلي بإستغراب وقال:
= يعني إي؟
إتكلمت وقولت بحدة:
_ يعني يوم ما هبقى في بيت راجل وركز في كلمة راجل دي هبقى عايزاه فد المسئولية ومقدرني وعارف قيمة الإنسانة اللي معاه كويس خصوصًا لو كانت أنا، مش عيل وقت الجد يهرب.
إتعصب وقال بزعيق:
= إنتِ شكلك إتجننتي، إحترمي نفسك عشان ممدش إيدي عليكِ أنا عامل إنك بنت.
إبتسمت بسخرية وقولت قبل ما أسيبهُ وأمشي:
_ إبقى جرب عشان أخلي أصغر عيل في عيلتنا اللي بيبقوا رجالة من وهما صغيرين دول يقطعهالك، والكلام وجعك عشان على مقاسك مش أكتر.
خلصت كلامي وخدت شنطتي ومشيت من الكافيه اللي كنا قاعدين فيه بعد ما كان مفهمني إنها خروجة بمناسبة كتب كتابنا.
كنت حاسة بوجع رهيب،
ما صدقت خرجت ومشيت من قدامهُ عشان أعيط.
كنت منهارة ومقدرتش أمشي أو أركب مواصلات وقفت عربية وركبت بدون كلام وأنا بعيط ومش شايفة قدامي.
حاول السواق يتكلم وقال:
_ يا أنسة أنا مش...
سكتتهُ وقولت وأنا بعيط وبتشحتف وقولت:
= لو سمحت وصلني البيت دلوقتي حالًا.
فضل باصصلي شوية من غير كلام،
بصيت ناحيتهُ وقولت بعصبية:
= ممكن حضرتك تتحرك بتبصلي على إي مش فاهمة أول مرة تشوف واحدة بتعيط؟
ضرب كف بكف وقال وهو بيتعدل مكانهُ:
_ إستغفر الله العظيم يارب، لولا إنها بنت ومش في حالة كويسة بس.
قولتلهُ العنوان وهو بعدها متكلمش تاني وكمل طريقهُ،
كان طريقي طويل شوية لإني كنن ساكنة بعيد عن المنطقة اللي ساكنة فيها بحوالي ساعة إلا.
كان كل شوية يبُص عليا من المرايا،
بعد حوالي نص ساعة وقف العربية ونزل.
إتكلمت بتساؤل وقولت بضيق:
_ هو حضرتك رايح فين؟
إتكلم وقال بطريقة اللي مش فاهم حاجة وقال:
= هجيب حاجة من السوبر ماركت دا بعد أذن حضرتك يعني ينفع؟
بصيت الناحية التانية للشباك التاني ومردتش عليه،
كنت في الوقت دا هديت شوية وبقيت احسن بكتير.
كنت بفكر في كل حاجة عيشتها مع عمر،
كنت بفكر في المشاعر والاوقات الحلوة.
كان بقالنا سنتين ونُص مخطوبين وقبلها 5 شهور عارفين بعض من الشغل.
معقولة كل السنين وكل المشاعر وكل الذكريات دي كدابة ومش حقيقية وأنتهت في أقل من ثانية وقت ما المفروض تبدأ!
كنت على وشك العياط من تاني ولكن كان السواق رجع تاني،
كان في أيديه شنطة طلع منها علبة مناديل وفتحها وحطها قدامهُ في العربية وطلع منها منديلين وإداهوملي.
بصيتلهُ بهدوء وخدتهم منهُ وقولت بصوت واطي:
_ شكرًا.
مردش عليا وطلع بعدها علبة آي كريم من الكبيرة و2 شيكولاتة ومدهم ناحيتي وقال:
= ياريت تاخدي دول كمان، فيهم هرمون سعادة كويس وغير كدا أختي كل ما بتعيط أو بتضايق من حاجة بجيبهم ليها وبعدها بتبقى تمام.
إتكلمت برفض وقولت بنبرة إمتنان:
_ متشكرة جدًا لكن مش عايزة ومش هقدر أخدهم.
إتكلم وقال بنبرة مفيهاش نقاش:
= عادي ممكن تاخديهم تاكليهم في البيت مش حاططلك فيهم حاجة وتقدري تحاسبيني عليهم وإنتِ نازلة لو حابة.
بصيتلهُ في المراية اللي هو باصصلي فيها وحرك عينيه بمعنى "يلا."
خدتهم من إيدهُ فعلًا وقولت بإمتنان:
_ تمام بس هحاسبك عليهم وأنا نازلة.
إبتسم وقال:
= مفيش مشكلة، بس وإنتِ بتاكليهم إفتكري إن مش هما بس اللي طعمهم حلو، في حاجات كتير في الدنيا حلوة نقدر نعيشها أحسن ما نفضل في الجانب المُر ومتبتين فيه وإحنا مغميين عنينا عن الحلو ولكنهُ شئنا أم أبينا موجود.
إبتسمت وقولت بحزن هادي:
_ معاك حق، ربنا يهون على قلبي.
إتكلم بإبتسامة وقال:
= يا سبحان الله طلعتي بتعرفي تبتسمي أهو زينا،
مفيش حاجة مستاهلة روقي بقى.
إكتفيت بالإبتسامة وسكتت،
بعد شوية وقت وصلت البيت ونزلت.
جيت عشان أحاسبهُ ولكنهُ قال بهدوء:
_ ممكن حضرتك تبصي على نوع العربية؟
بصيتلهُ بعدم فهم وقولت:
= مش فاهمة؟
شاورلي بعينيه وحواجبهُ إني أروح من غير ما يتكلم،
روحت فعلًا وكانت عربية مرسيدس من الإصدار الغالي جدًا.
وقتها إفتكرت لما حاول يقولي حاجة وأنا منهارة ومش شايفة قدامي.
رجعتلهُ وقولت بتساؤل وذهول:
_ إنت مش…؟
قاطعني وقال بإبتسامة:
= لأ أنا مش أوبر أو تاكسي، والحمدلله إنك وصلتي بأمان بس خدي بالك بعد كدا وإنتِ بتركبي مع حد بدل ما ميطلعش كويس زيي ويخطفك.
إتكلمت بإحراج كبير وقولت بأسف:
_ أنا حقيقي أسفة جدًا والله، بجد مخدتش بالي حقيقي أسفة.
ضحك على توتري وقال:
= عادي مفيش حاجة، وحمدًلله على سلامتك تاني،
يلا مع السلامة.
خلص كلامهُ ومِشي على طول من غير حتى ما أحاسبهُ على الحاجة.
كنت حاسة بإحراج كبير جدًا وكأن حد جاب جردل مياه ساقعة ودلقهُ عليا.
قبل ما أطلع البيت وقفني عمر بعنف من دراعي وهو بيلفني ناحيتهُ وقال بصوت عالي في الشارع:
_ مين اللي إنتِ جاية معاه دا ومن إمتى وإنتِ سايباني عشان تتأخري كدا!
بعدت عنهُ بقرف وقولت بإنفعال:
= وطي صوتك الناي هتتفرج علينا وبعدين إنت مالك شيء ميخصكش.
إتكام بسخرية وبنفس نبرة الصوت العالية:
_ لأ هو أنا مش غيران يا حبيبتي إنتِ فعلًا متخصنيش بس أنا كدا كنت بتغفل!
إتكلمت بزعيق وعصبية وقولت:
= قول بقى إنك عايز تعمل شوشرة وسمعة ليا عشان تقفلها بإنك تسيبني بالطريقة دي صح؟
نزل بابا على صوتهُ وكان في بعض الجيران كمان طلعوا من الشباك يتفرجوا، إتكلم بابا وقال بتساؤل:
_ في إي صوتك عالي ليه ياعمر في الشارع؟
على عمر صوتهُ أكتر وقال وهو بيوجه كلامهُ للجيران في الشبابيك عشان يعمل فضيحة:
_ في إن بنتك المحترمة راجعة دلوقتي وهي سيباني بقالها أكتر من ساعتين واقف مستنيها هنا وفي الأخر أشوفها نازلة من عربية واحد قدام البيت.
كنت حاسة إني هموت من كتر التوتر ومن كتر الصدمات اللي باخدها فيه، مقدرتش أمسك نفسي أكتر من كدا ووقعت من طولي.