رواية حارة الربيع الفصل الرابع عشر
أنا مش حزين أنا مجروح بصمت.
كلنا تحت سقف واحد بس أنا الوحيد اللي بدوّر على معنى.
رنّ هاتفه فجأة
رسالة من رقم غير مسجّل:يا وليد، اللي بيحب ما يستناش.
لو مش قادر تنقذ السفينة أنقذ نفسك.
رفع عينه وسأل بصوت بالكاد يسمعه:هو فيه حد حاسس بيا؟
ولا حتى دا وهم كمان؟
قبل 6 سنوات
نفس البيت لكن فيه ضحك، وحياة، وصوت تلفزيون شغّال العيلة كلها قاعدة، الأم بتجهز الشاي، الأب بيتفرج على الأخبار، وليد وسارة ونايف بيتشاجروا على الريموت.
هدوء مفاجئ لما دخلت تليفون الأب رنة غريبة، غير المعتاد.
قام بسرعة… طلع بره الصالة، وقف في البلكونة يتكلم بصوت واطي.
الأم لحقت وراه وهمست له:مين؟
قال ببرود:شغل سيبيني دلوقتي.
سارة لاحظت، ووليد حس إن في حاجة غلط.
الضحك اختفى وكل شيء اختلف بعدها.
بعد أيام
بدأ الأب يختفي كتير، يرجع متأخر، أوقات ما يرجعش أصلًا.
الأم ما كانتش تسأل، لكن كانت بتذبل.
وليد حاول يواجهه مرة، بس كانت الصدمة!
الأب بحدة:كبر دماغك، مش كل حاجة لازم تفهمها.
من بعدها وليد قرر يسكت.
لكن اللي وجّع قلبه أكتر، كان يوم لقاهم بيتخانقوا آخر الليل
وصوت أمه بيترجّاه:طب حتى عيالك خليك معاهم!
والأب طلع من البيت ومن يومها، حتى لو رجع، ما كانش هو نفس الشخص.
سارة وقتها كانت لسه في أولى ثانوي.
كانت بتخاف، وبتسأل، لكن مفيش حد يجاوب.
بدأت تكتب مذكرات، زي ما وليد بيعمل دلوقتي،
لكن قررت تبعتله، من غير ما يعرف.
كانت بتشوفه كل ليلة قاعد لوحده
بتلمح التعب في عينه، وبتحس إنها لو قالتله كلمة مواساة هيعيط.
لكن سارة ما بتحب المواجهة.
فبدأت تبعتله رسائل من رقم جديد،
رسائل بسيطة لكنها كانت الملجأ الوحيد له.
أول رسالة أرسلتها:يا وليد
مفيش حد بيفهمك غير اللي عايش نفسك.
ويمكن أنا كمان بدوّر على صوت يسمعني.
لو حسيت يوم إنك تايه افتح الرسالة الجاية.
دعاء: بنت أخت وداد، في شهور حملها الأخيرة، جسدها مُرهق، ونفسيتها أضعف.
محمود: زوجها، بارد الطبع، لا يُبدي أي اهتمام بها، يُظهر المسؤولية فقط أمام الناس، لكنه في داخله قاسٍ وصعب الإرضاء.
وداد: كبيرة العيلة، قلبها دافئ، وبيتها ملجأ للمكسورين.
بنات وداد وأحفادها، كل واحد منهم يعبّر عن احتوائه لدعاء بطريقته.
في يوم مشمس، يرنّ جرس باب بيت وداد…
تخرج وداد لتجد دعاء واقفة، تمسك بطنها، تكاد لا تقوى على الوقوف، وزوجها محمود يسندها لكن كأنه يسند باب .
