رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء الثالث الفصل الرابع والعشرون 24 بقلم فاطيما يوسف


رواية من نبض الوجع عشت غرامي الجزء الثالث الفصل الرابع والعشرون  بقلم فاطيما يوسف


حين وصلت إلى سيّارتها، جلست وأغلقت النوافذ بإحكامٍ كأنّها تغلق أبواب العالم عنها، لا أحد يراها، لكنّها ترى الجميع لأن الزجاج معتم ،رفعت نقابها لتتنفّس قليلًا، غير أنّ اللحظة اختنقت فجأة حين التفتت فرأت من ينهض خلفها من المقعد الخلفي، عينيه الخبيثتين تلتهمانها بنظراتٍ ماكرةٍ يقطر منها الفُجور،كانت الصدمة كريحٍ صرصرٍ جمدت دمها في عروقها، وكأنّ الظلّ الذي وثقت بفراغه قد خانها وتحول إلى ذئبٍ يبتسم في عتمةٍ خانقة وهو يردد :

ـ ده ايه الجمال ده كنت واثق ومتأكد انك وراكي حلويات ما شفتهاش قبل كده، يا أهلا وسهلاً بالحبايب .


ارتعبت بشدة من ذاك الصوت وتلك العيون الخبيثة وقبل أي شئ دارت وجهها سريعاً وأنزلت نقابها على عينيها ثم استدارت إليه وعلى حين غرة صفعته على وجهه بحركة سريعة لم تتوقع منها، مما جعله انصدم بشدة من رد فعلها السريع ذاك لتنطق بفظاظة وهي تجز على أسنانها بغضب :


ـ كيف تتجرأ يا عديم الأخلاق والدين تدخل عربيتي بالشكل الهمجي دي؟!

تعرِف أني هوديك في ستين داهية يا بجح. 


كان الآخر في ذهول من تلك الصفعة وهو يضع كفه مكانها ثم نطق بفحيح وهو يشعر بالنيران تكاد تخترق صدره :


ـ وماله ضرب الحبيب زي اكل الزبيب وعلشان لما نبقى حبايب هرد لك القلم عشرة وتاخدي قاعدتي دي وتتقبلي رد القلم بصدر رحب يا صعيدية غبية . 


على صدرها صعوداً وهبوطاً وهي تتنفس أنفاس عالية وأجابته وهي تنزع المفاتيح من سيارتها كي تفتح الباب وتنزل منها :


ـ الصَعيدية الغبية داي هتفرج عليك أمة لا إله إلا الله دلوك ، وهستدعي الأمن وهوديك في ستين ألف داهية، تعرِف ليه يا واكل ناسك ؟


وتابعت بغضب عارم :

ـ علشان اني امرأة محصنة وربنا عمره ما يكشف ستري أبدا لمجرم زييك يا وقح. 


تحدث سريعاً قبل أن تغادر السيارة وهو ينهاها أن تفعل :

ـ اصبري ما تنزليش قبل ما تشوفي إللي أنا جايبه لك ، يا اما هتندمي ندم عمرك كله ، واطمني مش همسك ولا هاجي ناحيتك .


ارتعب داخلها من تهديده ولكنها حاولت الثبات وهتفت بعزيمة وإباء:

ـ هو انت تقدِر أصلا تمسني ولا تاجي ناحيتي يا عبيط انت ؟!

قسما برب اللي خلقني لو فكِرت تعملها أقطـ.ـع لك يدك قبل ما تمسني، كانك اتجنيت في عقلك اياك! شكل الحريم اللمامة اللي كنت هتتعامَل وياهم هيخلوك تاخد مقلب في حالك وتفتكِرني صيدة سهلة زييهم أو ست تافهة بريالة! 

وأكملت بصوت صارم بشجاعة وعزة نفس :

ـ أني بت ابوها اللي عنديها تموت وهي بتاخد روح واحد زيك يحاول يكشف سترها ولا حد زيك يفكِر بس يقرِب مني ،الله الوكيل هقطِعك قطيع بسناني، 


واسترسلت حديثها الحاد وهي تشير إليه بسبابتها ويكأنه حشرة:

ـ اخلص ارمي اللي في حلقك يا مريض يا مؤذي وانجز علشان مطايقاش وجود واحد زييك في عربيتي ، هياجي لي اختناق من الريحة العِفشة اللي ملت المكان .


حقا لقد سكلته بأبشع الألفاظ، ورمت بكرامته أسفل قدميها، وجعلته يجلس ورائها وهو يغلي بنيران لا تُطفئ، ولكنه حاول الثبات هو الآخر ثم جذب التابلت وشغَّل المقطع المقصود وهو وأداره إليها مرددا بخبث وهو يمرر لسانه على شفتيه:

ـ اتفرجي وملي عيونك الحلوين وشوفي الباشا جوزك حبيب القلب وهو بيهيص مع المزة اللي كانت في الطيارة، شايفة ماسك في حضنها ازاي؟ شايفة رامي نفسه عليها إزاي ؟

شايفة بيبص لها ازاي وهياكلها بعينيه ؟


كانت تنظر إلى الهاتف وعينيها متسعتين من الصدمة وهي تراه يترنج بين يديها وعينيه تأكلها بنظرات تشتهيها بشدة وهي فقط تعي معنى تلك النظرة، 

أبعدت الهاتف بيدها عن عينيها، ودموعها الغزيرة تهبط على وجنتيها تحت نقابها بكتمان شديد، فتابع هو طرقه على جرح مشاعرها وهي ساخنة:

ـ مش ده المحترم اللي كلكم بتتكلمو عن أخلاقه ؟

مش ده المغني العظيم اللي استغنى عن حلمه وبقى شيخ العالم كله بيتكلم عن توبته العظيمة؟

واسترسل ذاك الحقير حكواه وهو يشعر أنه الآن في موقف قوة مع خصمه لأول مرة:


ـ ده أنا هصيته وهطلعه على الفضائيات وهعمل له أحلى وأجمل بارتيتا العالم كله يحفل عليها على السوشيال ميديا، هخليه يتصيت على مواقع الدعـ.ـارة .


شهقت بشدة من تهديد ذاك الحقير ثم هتفت سريعاً:

ـ لاااه، حرام عليك اوعاك تعمل اكده، جوزي ميعملش اكده واصل اكيد في حاجة غلط، اني واثقة ومتوكدة من كلامي .


ضحك عالياً وقد أعجبه تحايلها عليه ليقول بنبرة ساخرة من بين ضحكاته العالية :

ـ ايون شربناه حاجة أصفرة ، أو تصدقي دي كانت موضة قديمة، ممكن نقول مثلاً ؛ عملنا له تنويم مغناطيسي، أو إنه نوغا ولا نونو علشان ميعرفش يسيطر على نفسه، وعلى أعصابه لما شاف المزة الجامدة الجاحدة اللي ريل عليها هوا .


هدرت به بصياح وما زالت غير مصدقة حتى ما رأته عيناها :

ـ اخرص اني جوزي ميعملش اكده واصل، انت كداب ومفتري وحقير والسبب في كل البلاوي والدمار اللي احنا فيه دي .


هدر بها هو الآخر وهو يشير بسبابته في وجهها مما أرعبها:

ـ اوعاكي تعلي صوتك تاني أو تغلطي مرة تانية يا بني آدمة انتِ، يا إما قسماً بالله ما هفضل ألاعبكم على الهادي كده وهعمل اللي ما يسرش عدو ولا حبيب، أنا لسه لحد دلوقتي فاكر له إن هو ابن عمي، رغم ان هو في يوم من الأيام فضـ.ـحني على العلن وضـ.ـربني، وخلى سمعتي وطت في الارض، فـصوتك ما يعلاش تاني ولا تغلطي، وتعتذري حالا عن طريقتك وغلطك فيا وده اول حاجة في مشواري معاكم .


اضطرت أن تعتذر رغماً عنه، فقد يأتي على الإنسان الأبي وقتاً يُرغم فيه على أن يطاطي للريح كي تمر بسلام دون أن تبتلع الأخضر واليابس فقط بعض الرتوش التي تُداوى، لتنطق بلسانٍ ثقيل يأبى الذل والمهانة:


ـ أني بعتذر إذا صدر مني أي كلمة مش مقصودة.


وتابعت باستفسار بنبرة صوت مرهق للغاية:

ـ ممكن أعرِف انت عايز مننا ايه بالظبط علشان تبَعد عنينا؟


ـ عايزك، وبالحلال...نطقها ذاك الوقح دون خشية فعقبت هي بنبرة تحاول أن تكون هادئة وتركت الانفعال جانباً وهي تبتلع أنفاسها بصعوبة بالغة:

ـ عايزني كيف يعني؟!

مواخدش بالك عاد إني ست متجوَزة وحداي طفل صغير وهعشق جوزي؟

ولا انت فاكر إن الستات بتتبدل عادي، ولا حداكم اهنه في مجتمعكم المفتوح مفيش حدود للحرام والحلال؟!


أجابها ذاك الوقح بخبث:

ـ وأنا مش عايزك غير في الحلال يا ست البنات، تطلقي من جوزك وتخلص عدتك ونتجوز عادي جدا .


وتابع بنبرة مستفزة وقد حاول الاقتراب منها يداعب أنفها من فوق نقابها في حركة سافرة منه :

ـ وده يبقى حلال ولا مش حلال يا متعلمين يا بتوع قال الله وقال الرسول.


قبل أن يصل أصبعه إلى أنفها قضـ.ـمته وغــ.ــــرزت أسنانها الحادة مما جعله توجع من مكانه وقفز من على الكرسي ناطقاً بتوعد وقد ازداد صميماً على أن ينالها:


ـ طب يا عنيدة يا مغرورة يا مرات الشيخ هليلة انتِ قدامك شهر بالظبط انتِ وهو تطلقي منه، تخترعي له بقى أي أسباب، تستغل الفيديو اللي انا بعته لك دلوقتي على رقمك وتطلبي منه الطلاق، بصي تعملي اي حاجة بس اللي في دماغي هنفذه يعني هنفذه. 


على صدرها صعوداً وهبوطاً وهي تتنفس برعب فبيتها وزوجها وحياتها على حافة الانهيار من ذاك الوغد فحاولت بسؤالها ذاك أن تجعله يتزعزع عن إصراره على ذاك الطلب الغريب:

ـ طب وانت متعرِفش إن طلاقي من زوجي بالغصب والإكراه ميصحش ولا يجوز في ديننا وشرعنا؟!

ولا تعرِف إن جوازي منيك بالغصب بردو حرام وباطل ولا يجوز ؟


ابتسم بسماجة قبل أن يغادر السيارة وهو يدلك إصبعه المقضوم:


ـ ماهو الطلاق والجواز هيبقى برضاكِ يا ملكة جمال العشوائيات اللي بموت في صنفهم، باي.


تركها وغادر بحركات مستفزة ظلت تنظر على أثره، ثم بصقت بفمها وهي ترفع نقابها قليلا على أثره، ولم تلبث حتى استلمت رسالة عبر الهاتف بذاك الفيديو لذاك الحقير، 

استلمتها وقامت بفتحها بأصابع ترتعش، ثم أغلقت السيارة مرة أخرى جيداً وخلعت نقابها وانطلقت دموعها الحبيسة بشراهة على وجهها ونطقت بفم مرتعش من صدمتها لما تراه عينيها:

ـ كيف قدرت تحضنها وتحط يدك في يدها ؟

كيف قدرت تدخل معاها أوضتها وتعمل اكده يا آدم كيف ؟

ازاي جالك قلب تعصي ربنا بكَبيرة من الكبائر اللي تهتز لها سبع سموات بالشكل دي ؟


ثم وضعت يدها على قلبها المسكين كأنها تحاول أن تهدئه من ضرباته العنـ.ـيفة :

ـ آه ياقلبي آه على وجعك وقهرتك، آااااااه مقدراش ، يارب صبرني يارب .


وظلت على حالتها تلك ومكثت في سياراتها ما يقرب من ساعة تبكي وتنتحب بشدة حتى استطاعت تهدئة حالها بصعوبة بالغة وقررت الذهاب إلى منزلها ومواجهته، 

ما إن وصلت حتى وجدته يجلس مع ابنهما يداعبه ويلعب معه وما إن علم بوصولها حتى سألها بنبرة حادة:


ـ حمد لله على سلامة الهانم اللي عمال أرن عليها من بقالي ساعتين ومبترديش ومع حد علمي إن حضرتك خارجة من القناة من بقالك ساعتين وزيادة، والغريبة إني كل لما أرن عليكِ تكنسلي عليا .


وتابع بنبرة صوت أعلى :

ـ مش كفاية اللي أنا فيه، والقرف اللي أنا عايشه، لا وكمان حضرتك بتدلعي عليا وما بترديش، وبتختلقي أي خناقات على الفاضي، أنا تعبت منك، ومن طريقتك، ومن عقلك الصغير، أنا مش فاهم هتكبري وتعقلي امتى؟! أنا قرفت.


لم تجيبه ولم ترد على صياحه ببنت شفة مراعاة لوجود صغيرها بينهم، فهبطت لمستوى الصغير والتقطته وصعدت به إلى غرفتها دون أن تنطق حرفاً واحداً مما أذهله وجعله هو الآخر مصدوماً فتابع بصياح وغضب نظراً لأن حالته النفسية هو الآخر منذ اليوم المشؤوم الذي أبصر به ذاك الفيديو سيئة للغاية:


ـ والله العظيم إنتي ست مستفزة وباردة ومعندكيش دم ولا إحساس.


لم تنطق ولم تلقي بالا لما يقوله فهي إلى الآن ما زالت في صدمتها، ولم تريد أيضاً أن تتنازع معه أمام طفلها، دلفا كلاهما إلى غرفة الطفل وما إن انفرت معه حتى خلعت حجابها بالكامل واحتضنت طفلها برعاية وهي تبكي بشدة مما أذهل الطفل فردد ببراءة لحالة والدته فهو قد أتم عامه السادس وهو يخرج من أحضانها ناظراً بعينيها :


ـ مالك يا مامي، بتعيطي ليه؟

بصي متزعليش من بابي هو قال لي إن عنده مشاكل في الشغل واكيد ميقصدش يزعلك، وكمان هو عمره ما زعق لك قبل كدة، معلش يا مامي.

حاولت أن لا تبكي وهدأت من حالها بأعجوبة ثم احتضنته برعاية:


ـ لاه يا حبيبي مزعلناش ولا حاجة، أني بس تعبانة من الشغل ، يالا تنام في حضن مامي شوية علشان مامي بترتاح في حضنك . 


تمددا كلاهما وهي تحاول أن تصطنع النوم ، وبعد مدة مايقرب من عشر دقائق قد نام الطفل وذهب في سبات عميق، والآن حانت المواجهة بينها وبينه بعد أن اطمئنت على طفلها، أنه لايسمع مواجهتهم تلك، 


دلف إلى الغرفة بغضب وهو يريد أن يعرف سبب حالتها الغريبة تلك وجدها تمسك الهاتف تقلب في صفحاته وكأن شيئاً لم يكن، فاقترب منها وجذب الهاتف بحدة ورماه جانباً وقال متعجباً:


ـ لا بجد، ايه كمية الثبات الانفعالي اللي عندك دي! أنا مش فاهم انتِ جبتي البرود ده منين انت ما كنتيش كده؟!


إلى هنا قد طفح الكيل ونطقت بما صدمه:


ـ طلقني مش هعيش وياك لحظة واحدة بعد النهاردة ؟

نظر إليها بدهشةٍ عارمةٍ تكاد تزلزل ملامحه، غير مصدّقٍ أنّها تجرّأت على لفظ تلك الكلمة، اقترب منها بخطواتٍ غاضبةٍ كزئير العاصفة، وأمسك بذراعها يهزّها بعـ.ــنفٍ، وعيناه تتقدان نـ.ــارًا كأنّ جمر الغيظ اشتعل فيهما :


ـ أطلقك! انتِ ازاي قدرتي تنطقيها بعد السنين دي كلها؟!

ازاي لسانك طاوعك وقلبك هاودك إنك تفكري في حاجة زي دي؟!

انتِ أكيد اتجننتي ؟


ضحكت ضحكةً هستيريةً تفيض تحدّيًا وجنونًا، وقد انعقد العزم في عينيها كحدّ السيف، ثمّ ضـ.ـربته بقبضتها على صدره بضراوةٍ، ونطقت الكلمة من جديد بشراسةٍ، فـكانت في تلك اللحظة كاللهب حين يثور في الهشيم، لا يوقفه ماءُ الرجاء :

ـ متحاولش تستعطف قلبي علشان مصممة، انت استنزفت كل طاقتي ومشاعري وخلاص مبقتش قادرة حتى أبص في وشك يا أخي . 


ابتلع ريقه بصعوبةٍ بالغةٍ، وعجز عن استيعاب أنّ زوجته، وحبيبة عمره، بل روحه التي يسكنها، قد تجرؤ على قول تلك الكلمة، صارت ملامح وجهه أمامها غريبةً،ولم يدرِ كيف أو متى، غير أنّه وجد نفسه فجأةً يغوص في دوّامةٍ من الغضب والوجع، كغريقٍ تبتلعه أمواج العاصفة في بحرٍ لا يعرف له ساحلًا :


ـ انتِ فيكي ايه بالظبط، ماتنطقي بقى واعترفي انك خلاص مبقتيش مستحملة مشاكل الشغل وحياتنا، اعترفي يا هانم انك عايزة تسيبي جوزك في محنته وازمته علشان مش قادرة تكملي .


قامت من مكانها وجذبت الهاتف بحدة وقامت بتشغيل الفيديو ووجهته أمام عينيه وهو تصيح به:


ـ آه فعلا مش هقدر أكمل وياك بعد القذارة داي، اتفرج وملي عينيك يا جوزي، وأبو ابني، ياحب عمري، ممكن حضرتك تديني تفسير للقرف اللي بيحصل ده ؟


إلى هنا لم يستطيع الكتمان ولا التخبئة أكتر من ذلك فجلس بإهمال على المقعد وهو يضع وجهه بين يديه مرددا بحزن:

ـ أديكي تفسير ازاي وأنا ذات نفسي معنديش تفسير ازاي ده حصل ؟


ضـ.ـربت كفا بكف وهي تردد بذهول:

ـ معندكش تفسير كيف يعني؟ 

دي انت رايح لها أوضتها برجليك وفاتح لها دراعاتك بالأحضان ، وانت اللي بادرت بالقرب منيها كمان .


وتابعت وهي تضـ.ـرب على صدره بعـ.ـنف:

ـ مش مصدِقة حالي انك خاين من كتر ما كنت هثق فيك! اشمعنا قلت لي على موقف الطيارة ومحكتليش على الجريمة الكبرى اللي عميلتها وياها؟

انت أكيد كنت بتمثل عليا البراءة والطيبة والتوبة والحب السنين اللي فاتت داي كلاتها.


نطق بفم صادق وهو يحاول الدفاع عن نفسه:

ـ ابدا والله العظيم أنا عمري ما أقدر أخدعك انتِ بالذات ولا أمثل عليكِ الحب، ولا أقدر أصطنع الأخلاق ولا أخون عهدي في توبتي مع ربي.


وتابع بوجع وعينين يملؤهما الحيرة وهو يسألها :

ـ هو إنتِ مصدقة إني ممكن اخونك، أو ايدي بس تفكر تلمس ست غيرك؟


تنفست بصعوبة لتقول بنفس حيرته:

ـ أني لحد دلوك بسألك إيه تفسيرك للي حوصل دي وانت ترد علي بأنك متعرِفش!

وسألتك برده ليه ما قلتليش وما حكيتليش عن الفيديو وعن اللي حُصل فيه وبرده ما جاوبتنيش، معنى اكده إن في حاجة غلط، وانت كمان ما انصدمتش من الفيديو لما بوريه لك، وبرده معنى اكده إنك عارف، حاجات كَتيرة قوي يا "آدم" انت كسرتها جوايا بعد ما شفت الفيديو دي وعرفت إنك عارف عن الموضوع دي كل حاجة، 


وأكملت بصوت متعب ونبرة مهزوزة:


ـ علشان اكده اني ما اقدرش اعيش معاك بعد ما بقى فيه حاجات قدرت تخبيها عني وتوبقى خطيرة بالشكل دي، وياريت ننفصل بهدوء لأن طالما خبيت عني حاجات وعرفتها بالصدفة؛ يوبقى أكيد في حاجة غلط ما بينا احنا الاتنين.


ضـ.ـرب بقبضته على التخت وهو ينهرها بشدة:

ـ بلاش كلمة طلاق عشان دي كبيرة قوي على اللي بيني وبينكِ يا "مكّة"، إنتِ كده بتتخلّي عنّي في أشدّ أزمة بمرّ بيها في حياتي، ولحد دلوقتي بأكّد لكِ إنّي ما حبّتش، ولا هحبّ في الدنيا دي غيركِ، وكل اللي بيحصل ده مؤامرة، وإنتِ عارفة كده كويس، وكوني إنّ أنا ما قلتلكيش لأني لسه عارف من مدّة قريبة، وما تجرّأتش إنّي أجي أحكي لكِ حاجة زي دي، هقولها لكِ إزّاي؟ وأعرّفها لكِ بأيّ طريقة؟ وبأيّ شكل؟ إلّا لما أتأكّد إزّاي ده حصل! بلاش تهدّي كل اللي بينا في لحظة غضب، إنتِ عارفة كويس أنا بحبّك قدّ إيه، ويستحيل أعمل حاجة زي دي وأنا في وعيي، وأنا واثق من كده.


بكت بشدة وهي تحتضن جسـ.ــدها بيديها وكأنها تشعر بالصقيع الشديد:

ـ ليه ما جيتش حكيت لي عن اللي حُصل؟ ليه سبتني أنصدم لما أشوف حاجة قذِرة زي دي بينك وبين واحدة تانية؟ ليه في الموقف دي بالذات تخلّيني أنهار وأنا بشوف حاجة زي دي وإنت كنت عارف، حتى لو في حاجة غريبة؟ طب قول لي، إزّاي هقدر أستوعب اللي عينيّا شافته وأتعامَل معاك عادي اكده؟ قل لي، إزّاي هقدر أستوعب إن واحدة تقرّب منك بالشكل دي، وإنت كمان تقرّب منها بالشكل الحميمي دي؟! والله أعلم آخر الفيديو دي كان إيه، والعلاقة اللي ما بينكم وصلت لحدّ فين! وكل اللي إنت بتقوله لي وبتبرّره إنّك ما تعرِفش حاجة، بذمّتك دي كلام يُعقَل يا "آدم"؟


حاول أن يتذكر تلك الليلة وهو يكاد يعتصر عقله من شدة التفكير طيلة تلك المدة المنصرمة وأجابها:

ـ كل اللي أنا أقدر أقوله إنّي ما عملتش كده برِضاي، وفي الليلة اللي فيها الفيديو جت لي دعوة من إدارة الفندق إن في حفلة معمولة ليا علشان يحتفلوا بنجاح القناة، ونزلت الحفلة، وطبعًا كان في مشروبات بتتقدَّم فيها فطبيعي اني أشرب عصير من اللي متقدم لي، وعدّت الليلة، وصِحيت لقيت نفسي في أوضتي نايم على سريري، ما فيش ولا مرة لقيت نفسي في أوضة البنت دي، وهو ده اللي أكّد لي إن المشروب اللي أنا شربته فيه حاجة غلط، صدّقيني يا "مَكّة".


سألته بعدم فهم:

ـ الفيديو إنت كنت مفتّح، وإنت اللي رُحت لها الأوضة، وما كنتش غايب عن الوعي ولا حاجة، ووشّك بيبتسم لها، وهي شدّتك من إيديك ودخلتك الأوضة، وبدأتوا تقرّبوا من بعض بالشكل المقرف دي! يُبقى كيف كنت خارج عن الوعي أو شربت حاجة تخليك مش مركز؟! إلا إذا كانت خمور! هو إنت بتشرب خمور يا "آدم"؟!


هز رأسه نافياً بتأكيد:

ـ لا والله، عمري ما أشربها، وعمري أصلًا ما كنت بحبّها، حتى قبل حياتي ما تتغيّر، ما كنتش بشربها صدّقيني، وفي السفريّة دي، أنا ما شربتش خالص حاجة من النوع ده، ولو تاخدي بالك من الفيديو، هتلاقيني مش متّزن، وهي اللي بتسحبني من إيدي. وعلشان كده كنت الفترة اللي فاتت دي كلّها بفكّر إزاي ده حصل، ورُحت لدكتور مخ وأعصاب وسألته؛ الإنسان ممكن يعمل حاجة مُخزية، يعني أفعال ما تصحيش، وهو مش واخد باله منها رغم إنّه مفتّح وماشي؟ الدكتور ساعتها فاضل يسألني حاجات كتير، وبعدين جاوبني إن في عقارات طبيّة طلعت دلوقتي، لو الإنسان تجرّعها، بيعمل حاجات هو مش فاكرها، ولما يفوق ما يكونش عارف عنها أيّ حاجة، وبيبقى عادي صاحي لكن مش فايق، يستحيل يبقى فايق، وبيتكلم بلسان تقيل، ولو شفتيني في الفيديو هتلاقيني مش قادر أتمالك نفسي ولا أعصابي، يا "مكّة".


نطقت باستفسار وقلب متعب موجوع وهي تبتعد بعينيها عن مرمى عيناه وتشعر بالخزي من استفسارها:

ـ طب إنت مهتفتكرش القرب اللي حُصل بينك وبين البنت داي وصل لحد فين؟

يعني هل وصلت لعلاقة كاملة ما بينك وبينها ؟


أغمض عينيه وهو يشعر بوجعها وهو الآخر موجوع مثلها ليجيبها بحيرة:

ـ مش فاكر يا "مكّه" أيّ حاجه، أنا أصلًا ما كنتش أعرف حاجه عن الفيديو ده، ولا عن اللي حصل فيه غير لما شُفته زيّك بالظبط، يعني كنت ناسي الوقت ده حصل فيه إيه، وده برضه لما سألت وعرفت إنّ الدواء ده بيعمل فقدان للذاكره لمدة معينة، تكاد تكون ساعات أو أيّام على حسب الجرعة اللي اتاخدِت، علشان كده مش فاكر أيّ حاجة، وهتجنّن زيّك بالظبط علشان أعرف طبيعة العلاقة اللي حصلت ما بيني وما بين البنت دي وصلت لحدّ فين في الوقت ده! 


بللت شفتيها الجافتين من أثر بكائها وتابعت استفساراتها التى لم تنتهي بعد :

ـ طب إنت الفيديو دي جالك ازاي وعرفت امتى الموضوع ده طالما انت متعرِفش كيف حُصل ولا انت فاكر أي حاجة؟! هو انت شفت ولا قابلت البنت داي بعد ما رجعت من السفر ؟


حرك رأسه للأمام مما جعلها انصدمت وقال:


ـ أنا كنت مكلّف المساعد بتاعي يدور عليها علشان أفهم ليه عملت الفيديو ده وإحنا في الطيّارة، وشهّرت بيّا بالشكل ده؟! ومين اللي وراها؟ وكنت هجبرها تعمل فيديو تطلع تعترف بيه للناس عن الحقير اللي خلاها تعمل كده، وكنتُ عايزة أتاكّد إذا كان هو اللي في دماغي ولا لأ علشان الظنّ السيّئ، ولما عرفت مكانها رحت عندها، وهناك شدّيت معاها في الكلام لحد ما طلعت لي الفيديو ووريته لي؛ وقتها انصدمت، حاولت أسألها إزّاي ده حصل؟ ما رضيتش تقول لي أي حاجة، وهدّدتني إنّي لو ما بعدتش عنها أو حاولت أقرّب منها بأي أذى هتطلّع الفيديو للعلن، ما كنتش عارفة

أعمل معاها إيه، وبعد كده رحت لـ"سيف" في مكتبه واتخانقنا خناقة كبيرة وصلت إنّي أمدّ إيدي عليه جامد؛ هو كمان طلع بني آدم حقير ومريض نفسي ومصمّم يدمـ.ـرني ويدمـ.ـر بيتي وحياتي، بس أنا مش هسمح له بده لحدّ آخر نفسٍ.


انصدمت مما استمعت إليه لتقول بوجع:

ـ رحت لها بيتها كمان ؟!

كل دي حُصل وأني آخر من يعلم ؟ماني كل يوم كنت هسألك مالك، فيك ايه؟ احكي لي اللي بيك، كنت تزعِق لي وتنكد علي، بقى لنا أسبوعين متغير، وحالتك مش طبيعية وموترني في البيت، ومش عارفة أتعامل معاك، وفي الآخر يحصل ده كله من غير ما أعرِف، طب كنت خدني وياك وانت رايح للبنت داي.


وتابعت بغضب لما وصلا إليه:

ـ ازاي رحت لبيتها لوحدك وتقعد معاها بحجة إنك عايز تعرِف اللي بيحصل؟!

ليه ما عرفتنيش كل الحاجات داي وسايبني زي الأطرش في الزفة؟!

أني بجد مصدومة فيك، وبعد اذنك اني معيزاش أتحدت في الموضوع دي تاني، اني هاخد ابني واروح عند ماما مش هقدر اقعد اهنه في البيت دي ثانية واحدة، أني أعصابي تلفانة وما متحملاش .


اقترب منها وهو يشعر بالانهيار والخراب وجذب كف يدها وقبل باطنهما وهو يتحدث بوجع بعدما رمى حاله داخل أحضانها:

ـ متسبينيش أرجوكِ، أنا بحبك ومقدرش أعيش من غيركم، الموت أهون عليا يا "مكة"، أنا بحبك أكتر ما بحب روحي، وبخلص لك أكتر حد في الدنيا، متحرمنيش من حضنكم، انا عمري ما أخونك، والله العظيم أنا اتخدت على خوانة واتعمل علينا لعبة قذرة علشان يفرقونا ويهدو الحب اللي بينا، ده واحد قذر كل اللي همه يدمـ.ـرني ويخلي العالم كله يتكلم عني وحش، كل همه يسوء سمعتي واهو قدر، لكن لازم نثبت له إنه مش هيقدر يهد الحب اللي بينا، ويخرب بيتنا وحياتنا.


ـ مش قادرة أطلع صورتك من دماغي وانت في حضنها، أنا موجوعة قووي، آااه … نطقتها بنحيب شديد وهي متشبسة في أحضانه وتدفن وجهها في رقبته، وكلاهما متمسك بأحضان الآخر لتكمل هي بروح منهكة:

ـ احنا ليه بيحصل لنا اكده؟!

ابتلائك المرة دي صعب علينا قووي يارب، يارب إئذي المؤذي وحسبنا الله ونعم الوكيل.


ربت على ظهرها بحنو بالغ وهو يحاول تهدئتها:

ـ طريق التوبة محاط بالابتلائات هو أنا اللي هعرفك كدة بردو يا "أم أنس" ، خلى عندك ثقة في ربنا إنه كله هيعدي طول ما احنا مع بعض، بس عايز أعرف الفيديو جالك إزاي ؟


لم تريد أن تخبره بوجود ذاك الحقير في سيارتها حتى لا يذهب إليه مرة أخرى ويتشاجر معه، فالأمر يحتاج الآن إلى تفكير وتركيز كي يستطيعون التعامل مع عقليته المريضة، فأجابته باختصار :


ـ اتبعت لي على الموبايل مع تهديد اننا لازمن نطلق يا إما الفيديو هيتنشر على مرأى ومسمع من العالم كلاته.


ثم رفعت أنظارها إليه وهي تسأله بتوجس:

ـ طب هو ممكن فعلا يرفع الفيديو لو ما تطلقناش زي ما هو بيهدد؟!


تنفس بصعوبة وهو يجيبها:


ـ مش عايزك تقلقي ولا تخافي ربنا سبحانه وتعالى عمره ما هيضرنا ابدا طول ما احنا في عنايته وفي كنانته، في حاجة أنا هعملها لو نفعت بإذن الله هنطلع من المطب ده سالمين غانمين. 


ـ حاجة ايه دي اللي انت هتعملها؟ لازمن تعرِفني على كل حاجة قبل ما تعملها، من فضلك يا "آدم".

ـ هروح أقدّم بلاغ في النيابة بكل التهديدات اللي اتعرّضت لها، وفي حاجة كمان أنا عملتها هتنفعني في البلاغ، أول لما رجعت من عند البنت ورحت للدكتور، ما كانش طبعًا عدى على سفري 10 أيام، عملت تحاليل، والتحاليل أثبتت إن أنا تناولت عقار هلوسة، على طول بعت لإدارة الفندق يفرّغوا الكاميرات الموجودة هناك في اليومين اللي أنا كنت موجود فيهم، علشان يشوفوا البنت دي حطّت لي المخدّر ده إزاي، وكل ده كنت بعمله وأنا مش عايز أعرّفك حاجة علشان ما أتعبكيش معايا، ولا أتعب أعصابِك ولا نفسيتِك من الحرب الدنيئة اللي إحنا بنتعرّض لها دي، فعلشان كده عايزِك تطمني، ربنا إن شاء الله هيقف جنبنا، علشان عارف إن أنا ما عملتش حاجة غلط ولو حصل غلط فأنا كنت خارج عن وعيي.


وتابع بعيناي متعبة:

ـ تعرفي اني مش ده الموضوع اللي قالقني خالص حوار ان الفيديو ينتشر!

انا اللي قالقني ان البنت دي ما رضيتش تريحني وتقول لي انا وصلت معاها لحد فين في قربي منها؟ ولحد دلوقتي عمال أعصر دماغي، مش قادر أفتكر حاجة خالص عن اليوم ده نهائيا، ولا عارف ايه اللي حصل، وده اللي تاعبني جدا وتاعب نفسيتي، لكن بإذن الله كله خير .

                 *******


لم يكن فجر ذلك اليوم مثل أي فجرٍ مضى في دار "سلطان المهدي" كان الصمتُ يخيّم على البيت كستارٍ ثقيلٍ من الحزن، والريح تدقّ نوافذ الطابق العلوي كأنها تنوح مع أهله،

في الغرفة الواسعة، حيث كان "سلطان" يرقد في موتته، امتزج رائحة المسك بالبكاء المكتوم، ووجه "زينب" شاحبٌ كأن الحياة نُزعت منه، جلست عند رأس زوجها، تمسح بيديها على جبينه البارد، وعيناها تفيضان بدموعٍ لا تنتهي،

همست بصوتٍ مبحوحٍ لا يكاد يُسمع:


ـ ليه سبتني لحالي يا "سلطان" يا حبيب عمري، كنت دايمًا هتقول لي ما تخافيش يا "زينب" ، أني في ضهرك، طب فين ضهري دلوك ، انحنى من بعدك يا " سلطان" .

جثت على ركبتيها تبكي بحرقةٍ صامتة، حتى عاد "عمران" بعد أن أوصل الطبيب الذي اخبرهم بوفاته، وقد تغيّرت ملامحه كأن السنين انسكبت عليه فجأة، اقترب بخطواتٍ بطيئة، يمدّ يده يتحسس كفّ أبيه البارد، ثم جثى إلى جانبه، ينظر إليه بعيونٍ غائرةٍ تتأرجح بين الصدمة والوجع ،قال بصوتٍ متهدّج:

ـ الله يرحمك يا بوي، كنت دايمًا تقول لي؛ الراجل ما يتهزش اصل ، بس والله النهاردة أني مهزوز من جوّاي، وحزين على فراقك يا غالي .

مدّ يده يقبّل جبين والده، ثم سكت، والدمعة تتدحرج على خده دون أن يمسحها،


كانت "رحمة" و"حبيبة" تقفان خلف أمهما، تحتضنان بعضهما بخوفٍ الطفلات اللواتي فقدن سندهن، "رحمة" تمسح دموع أختها وتهمس:

ـ متعيطيش يا "حبيبة"، هو دلوك في رحمة ربنا، ربنا يغفر لك ويسامحك يا ابوي .


لكن "حبيبة" أطلقت أنينًا خافتًا وقالت:


ـ الله يرحمك يا أبوي، آه يا ابوي ياحبيبي.


اقتربت "سكون" بهدوءٍ من "زينب"، وضعت يدها على كتفها، وقالت بنبرةٍ دافئة:

ـ قلبي عندك يا ماما، ربنا يرحمه ويصبّرك ويصبرنا على فراقه يارب ،والله أبوي الحاج رحمة الله عليه كان خير، وذكراه هتفضل في كل ركن في الدار.


نظرت إليها "زينب" بعينٍ غارقةٍ في الدموع وقالت:

ـ بس أني مش هعرف هقدر أعيش من غيره كيف ؟ كان بيضحك لي الصبح، ويقول لي يا ضحكة الدار وستها ، اه يا قلبي يا اخوي فراقك صعب يا "سلطان" .


ربتت سكون على ظهرها وهي تحاول تهدئتها ولكنها هي الأخرى تبكي:


ـ ربنا يرحمه يا ماما واللي خلَف مماتش، "عمران" واقف مكانه، سندك وضهرك، هوني على روحك يا غالية . 


في تلك اللحظة، لم يكن في البيت سوى صوت البكاء، وأصوات الرجال في الخارج يتهيأون لتغسيل "سلطان"،

خرج "عمران" من الغرفة، ووقف في ساحة البيت، عيونه تائهة في الفراغ، والناس يتوافدون لصلاة الجنازة، كانت الشمس قد بدأت تطلع خجولة، كأنها لا تريد أن تضيء بيتًا نال منه الموت،

بعد أن صلوا عليه صلاة الجنازة في المسجد، مرّت الجنازة سريعاً ،وحمل "عمران" نعش أبيه على كتفه وهو يعتصر حزناً على فراقه، كان صمته يزلزل القلوب أكثر من البكاء، حتى قال أحد رجال القرية بصوتٍ متهدّج:

ـ الله يعينك يا "عمران"، أبوك كان سندك ، ويهون عليك فراقه . 

انتهت مراسم الدفن، وبدأت أيام العزاء الثلاثة، كان البيت يغصّ بالرجال والنساء، والدموع لا تجفّ، "زينب" لم تفارق كرسيّها في صدر البيت، كل من يعزّيها تجدها تردد:

ـ الحمد لله، ربنا يرحمه، كان راجل ما يتعوّضش.

أما "سكون"، فكانت تلازمها كظلّها، تعدّ لها كل ما تحتاجه، وتغيّر جلستها، وتمنع عنها التعب بلمساتٍ حنونةٍ تحمل في طيّها امتنان الزوجة التي رأت في حماتها أمًّا ثانية،

في اليوم الثالث، حين انفضّ الجمعُ وغادر الناس، ساد صمتٌ ثقيل، لم يبقَ في الدار إلا أهلها، كانت "زينب" جالسةً في غرفتها، تنظر إلى صورة "سلطان" المعلّقة على الجدار، نظراتها تائهة، والريح تهزّ الستائر بخفوتٍ كأنها تهمس باسم الراحل،

دخل "عمران" بهدوء، كان وجهه مرهقًا من العزاء، لكن عينيه تلمعان بصلابةٍ مهيبة، جلس على الأرض عند قدمي أمه، مدّ يده وقبّلها، ثم رفع رأسه وقال بصوتٍ خافتٍ لكنه مفعم بالعزم:

ـ يا حاجة، هوني على حالك البكا مهيرجعش الغاليين، والله لو بيرجعهم لا نبكي بدل الدموع دم، أني جارك، ضهرك وسندك من بعد أبوي، ووالله ما هخليك تحتاجي لحد طول ما أني عايش يا غالية.


مسحت دموعها وهي تربت على كتفه بحنو وهي تقول:

ـ حسك في الدنيا يا ضي عيني ، وجودك جاري هو اللي هيخلّيني أصبر ، اني بتقوى بيك يا ولدي، بيك بشد ضهري وبستند عليك، بس والله الفُرقة صعبة.


تحسس كف يدها بحنو بالغ وقال :


ـ عارف يا أمه، بس أبوي ما راحش، هو فايت فينا روحه، وسايب فيّ وصيته وهما أنتِ وخواتي البنات، وسايب لينا عزوته في البيت دي اللي عاش طول عمره يصونه.


اقتربت منهم "سكون"، وضعت يدها على كتفه وقالت:

ـ وربنا يبارك بارك فيك يا "أبو سَليم" وميحرمناش من وجودك جارنا .


ابتسم في حزنٍ وقال:

ـ ولا منيكم كلاتكم يا حبايب القلب والروح . 


في تلك اللحظة، دخلت "رحمة" و"حبيبة"، عيونهما محمرّة من البكاء، جلسوا بجواره في صمتٍ مكسور،

مدّ "عمران" ذراعيه واحتضنهما بقوةٍ كأنما يحميهما من العالم كله، وقال بصوتٍ مبحوحٍ لكنه مليء بالدفء:

ـ تعالوا في حضني يا بنات أبوي، من النهاردة لازم تعرِفو أني مش بس أخوكم، أني أبوكم كمان وكل حاجة وأي حاجة في بيت أبوكم تحت امركم حتى أني بروحي ومالي وكل ما أملك .

انفجـ.ـرت "حبيبة" في البكاء وهي تقول:


ـ يا "عمران" ، ما فيش حدّ يطبطب علينا غيرك ولا هيهون فراق بونا غيرك، آه يابوي .


ـ وأني موجود، ما تخافوش، لا انتِ ولا "رحمة"، طول عمري كنت شايفكم عينيّ اليَمين والشمال.


قالت "رحمة" وهي تمسح دموعها:

ـ وإحنا كمان يا "عمران" هنفضل في ضهرك، زي ما انت سندنا.


اقتربت "زينب" منهم، نظرت إلى أولادها الثلاثة، ثم مدت يديها تمسح على رؤوسهم واحدًا واحدًا، وقالت بصوتٍ متهدّجٍ لكن فيه قوة الأم التي تعلم أن الحياة لا تتوقف:

ـ ربنا يبارك فيكم يا ولادي، ويخليكم لبعض، أبوكم لو شايفكم دلوك هيرتاح في قبره.


نظر "عمران" إلى وجه أمه وقال:

ـ تعرِفي يا حاجة، أبوي كان دايمًا هيقول لي؛ البيت اللي فيه رضا أمّك عمره ما ينضر أبدا، وأني ناوي أحافظ على الرضا دي بعنيا يا غالية.


ثم التفت إلى "رحمة" و"حبيبة" وقال مبتسمًا رغم الدموع:

ـ ربنا يرحم بونا ويغفر له، وعلشان اكده يا بنات نتجمعوا سوا كل سبوع في بيت بوكم ونتلم حوالين أمنا، هي ملناش غيرنا واصل دلوك .


تحدثت "رحمة" من بين دموعها وقالت:


ـ حاضر يا "عمران" اللي تشوفه يا اخوي.


اقترب منهم جميعًا، جذبهم لحضنه مرةً أخرى، وقال بصوتٍ مبحوحٍ لكنّه ثابت:

ـ طول ما أني في الدنيا، محدش يخوفكم حتى لو مسؤلين من رجالة هفضل جاركم بروحي وقلبي، أني جداركم العالي اللي ما يقعش، وأبوي لو سامعني دلوك أكيد هيطمَّن إن ولاده بخير.


أغمضت "زينب" عينيها، ودمعةٌ ساخنة تسقط على خدّها، وقالت بهدوءٍ يوجع القلب:

ـ آه يا "سلطان" يا حبيبي، فراقك صعب علي .

احتضنها" عمران" برعاية وهو يحنو عليها،

وبينما كانت الريح تهزّ الستائر من جديد، شعر الجميع كأن "سلطان" مرّ بينهم بنسمته، وترك وراءه دفءً لا يُنسى، وبيتًا سيظلّ عامرًا بالحبّ ما دام فيه "عمران".


                     *******

ـ افتحي الباب ده يا "نور"، مش قادر أتحمّل، افتحي الباب، وابعدي عني، أنا مش عايز أضرّك ولا عايز أئذيكِي، افتحي الباب، مش قادر، جسمي كله بينشَر عليّا.


"نور" كانت مُصمِّمة على ألّا تفتح الباب، فأخذت المفتاح وألقته من حديد الشُّرفة بعيدًا عن الغرفة، وهي تتحدّاه وقد نطقت بقوةٍ وصلابةٍ تُشبه صلابةَ الجبال، فــكانت نظراتها كالسيف القاطع:


ـ مش هفتح الباب يا "مكرمي"، ومش هتخرج من الأوضه دي غير وإنت سليم ومعافى، مش بعد ما قعدنا تلت أسابيع في عـ.ــذاب ودمـ.ــار، وعدّت أصعب فترة عليك في العلاج والتعافي، تيجي في الآخر وعايز تدمّـ.ــر كل اللي إحنا عملناه! مش هيحصل يا "مكرمي"، المرّة دي غير كل مرّة.


كانت عيناه محمرّتَين، وجسده يرتجف كمن تسري في عروقه نارٌ خفيّة، يشدّ شعره بعـ.ــنفٍ مرعـ.ــب، ويضمّ جسده بذراعيه كأنّه يحاول احتواء الألـ.ــم الذي يغـ.ــرز أنيابه في كلّ ذرةٍ منه، بلغ أشدَّ مراحل العذاب، والوجع يسري فيه كسريان الـسـ.ــمّ في الدم، كان يقفز في الغرفة حول "نور" كوحشٍ جريحٍ ضلّ طريق العقل، وما إن رآها تُلقي المفتاح من النافذة ، حتى اندفع بكلّ قواه نحو النافذة محاولًا تحطيم حديدها أو كـ.ــسر الباب، لكنّ العجز كبّله كما تُكبِّل السلاسلُ أسيرًا في ليلٍ طويل، اقترب منها، وضـ.ــرب وجهها بكفّيه بقسوةٍ عاصفة، وصوته يجلجل كالرعد المنفلت من صدر الغضب، إذ لم يعُد في حالته الطبيعيّة، بل كان كبركانٍ ثائرٍ يلفظ آخر ما تبقّى فيه من اتّزان،

فــكانت الغرفة من حولهم كأنّها غابةٌ تضجّ بوحشٍ يصرخ بين أشجارها:


ـ همـ.ــوّتك، هخلّص عليكِ، إنتِ السبب في اللي أنا فيه! أنا تعبان، أنا همـ.ــوت، هنمـ.ــوت إحنا الاتنين دلوقتي بسببك! بتحدفي المفتاح ليه؟! أنا مش قادر أتحمّل، آه، مش قادر!


وبينما هو يضـ.ــربها بكفَّيه على وجهها بقسوةٍ عمياء، خارت قواها وسقطت مغشيًّا عليها، إذ لم تحتمل تلك الضـ.ــربات ولا جـ.ــسدها الضعيف صمودًا أمامه، كانت خارج الغرفة "سكون" التي سمعت الصّوت المدوي، فهرعت تنادي "عُمران" وهي ترتجف، بعد أن صادف مرورها بالمكان وسمعت صوتهم العالي،

سقطت "نور" على الأرض وبدت ملامحها كقمرٍ انطفأ ضوؤه فجأة، بينما الهواء في الغرفة يئنّ من شدّة الصدمة :

ـ إلحق يا "عمران"، في صوت جاي من عند أوضة الداكتورة "نور" وجوزها، وشكله كان بيُضـ.ــربها! شكل النوبة جت له، قرِب بسرعة قبل ما يعمل فيها حاجة .

أسرع "عُمران" يعدو بخطواتٍ متلاحقة، يتقدَّمه غفيران، وتتبعهم "سكون" بخوفٍ متصاعد، وحين وصلوا إلى الباب بدأ يطرق بعـ.ــنفٍ، غير أن الصمت كان سيِّد الموقف،


في الداخل، كان "مكرمي" جالسًا إلى جوار "نور"، يرفُس الأرض بقدمه من شدّة الإعياء، وجهه مبلّلٌ بالعرق، وصوته يخرج متقطِّعًا، مبحوحًا، كأنّه يُنتزع من بين أنفاسٍ تختنق، وهو يقول لها بصوتٍ خافتٍ يتهدّج من الألم والإنهاك:


ـ ليه رميتي المفتاح؟ حرام عليكِ، همـ.ــوت! إنتِ السبب، خليتيني أمدّ إيدي عليكي، مش قادر أتحمّل، آه... جسمي كله بيوجعني، أنا بمـ.ــوت، انتو بتعذبوني حرام عليكم.


أنهى "مكرمي" كلماته، ثم غاب عن الوعي من شدّة الإعياء، فما وجد "عُمران" بُدًّا من أن يقـ.ــتحم الباب بمعاونة الغفيرين اللذين كانا معه، وما إن دخلوا حتى تجمّدوا من هول المشهد؛ كانت "نور" ممدّدة على الأرض، الدم يسيل من فمها، وملامحها شاحبة كأن الحياة انسحبت منها، أمّا "مكرمي" فكان مُلقىً بجانب الحائط وقد اصطدمت رأسه به من فرط اضطرابه، ففقد وعيه هو الآخر،

المشهد كان فوضويًّا حدّ الألم، والوقت يركض كخصمٍ لا يُمهل، أسرع "عُمران" يتّصل بالأطبّاء الذين يُتابعون حالة "مكرمي"، فيما بادرت "سكون" بمحاولة إفاقة "نور"، تُمسك وجهها برفقٍ، وتُحدّثها بصوتٍ مرتجفٍ حنون،


تمكّن "عمران" من السيطرة على الموقف أخيرًا، وحين حضر الطبيب، كان كمن توقّع العاصفة من قبل؛ إذ سبق أن حذّرهم من أن نوبة كتلك قد تقع، لكن انشغالهم بموت "سلطان" جعلهم يُهمِلون حاله، أجرى الطبيب اللازم لـ"مكرمي"، بينما تولّت "سكون" إسعاف "نور" حتى استعادت وعيها بين ذراعيها، تبكي بكاءً مُرًّا، فضمّتها "سكون" إلى صدرها تُهدّئها :


ـ معلش يا حبيبتي، ربنا يصبّر قلبِك على اللي إنتِ فيه، ويعينِك ويقوّيكِ، المفروض ما كنتيش تفضّلي معاه في أوضة واحدة عاد، وأول لما شفتيه بالحالة داي كنتِ بَعدتي عنيه واصل.

أجابت "نور" بصعوبة بالغة، وصوتها يخرج متقطّعًا كأنّه يتعثّر بين أنفاسها، وقد بدت عليها آثار الإعياء والدوار من شدّة الصفعات التي تلقّتها من "مكرمي":


ـ غصب عني، ما قدرتش أسيبه لوحده، وخصوصًا إنه كـ.ــسر كوباية إزاز، وكان هيـ.ــموّت نفسه لو ما كنتش دخلت له، أنا عارفة إن أنا هيجرى لي كده، وعارفة إن أنا هتعب معاه، بس يا رب تعبنا يجي بفايدة يا رب ويتعافى بقى، أنا تعبت... تعبت، ما بقيتش قادرة.


احتضنتها "سكون" بحنو وكأنها شقيقتها وظلت تهدئها كثيراً، بينما كانت عيناي "نور" تتابع ذاك الملقى على تخته وهو غائب عن الوعي وجسده أصبح هزيلاً للغاية، وملامحه شاحبة، لم يصعب عليها حالها بقدر ما كان هو آخذا قطعة من قلبها تتوجع عليه، إنه العشق المدمـ.ـر ، عشق الروح للروح، قرأت "سكون" نظراتها وقالت :

ـ عارفاها اني النظرة داي، انتِ هتعشقيه وهتتمنى الوجع بدل عنه، وعلشان اكده اطمَني احنا جارك مهنفوتكيش واصل، ربك لما بيعطي الصابر على البلا بيعطيه بكرمه وكرم ربنا واسع ملهوش حدود.

يالا قومي اتسندي علي هوديكي لمكانك علشان تستريحي وتاخدي دش علشان جسمك متمرمط، هو مهيفوقش إلا الصبح عاد، والصباح رباح بإذن الله وفرج من ربنا .


                   *******

كانت مكه ومها وسكون ورحمه قاعدين كلهم مع بعض لان مكه جت علشان موت سلطان وطلبت من ادم انها تقعد في البلد شويه وهو يبقى يجي لهم لانها تعبت من الصراعات اللي حواليها هناك وعايزه ترتاح نفسيا وكانوا قاعدين في بيت مها راحوا لها زياره كلهم يفكوا عن نفسهم عندها لانهم بيحبوها جدا وبيرتاحوا في القعده معاها وفي بيتها وكلهم كانوا قاعدين في البرنده عند مها وهي كانت عامله لهم رز بلبن وكيك شوكولاته فكلهم لاحظوا على مكه التعب والسرحان وطبعا هم اصلا لما بيقعدوا مع بعض كل واحده فيهم بتبقى عارفه الثانيه اذا كانت طبيعيه ولا لا وهي كانت معاهم مش على طبيعتها نهائي ففضلوا يضغطوا عليها ويسالوها عن اللي فيها وكمان مش عادتها تسيب بيتها وتقعد بالاسبوعين في البلد معاهم فمكة حكيت لهم كل حاجه وحاولت تختصر الحوار عن موضوع الفيديو لكن هم فهموه بتلميحها هنا بقى اتكلمت رحمه وهي بتاكل كيك الشيكولاته باستمتاع وهتفت بسخرية:

ـ هو الموضوع التافه دي اللي منكد عليكم ومزعلكم انتِ وجوزك؟

ده انتو طلعتوا خيخة خالص .


انصدمو جميعاً من سخريتها وتحقيرها للأمر فهتفت "أم الزين" بذهول وهي تحتضن "مكة" الباكية وتحنو عليها:

ـ وه يا غريبة انتِ! كيف متبكيش على المصيبة اللي هي وجوزها فيها، دي الواد البَعيد اللي يتـ.ـشل في ايديه دي هيفضحهم على العلن وهيخلي سمعتهم هباب.


وأضافت "سكون" بدهشة هي الأخرى:

ـ "رحمة" حبيبتي انتِ موعياش هي قالت ايه دلوك، بتقول لك جوزها متصور صوت وصورة هو والبت الغبية اللي كانت وياه في الطيارة في أوضة وهو في حضنها وعلى سريرها في فندق وتقولي عاد اكده وببرود وانتِ قاعدة هتاكلي كيكة وكأن شيئاً لم يكن ؟!


تركت "رحمة" الكيك وجذبت طبق الأرز بلبن وبدأت تتناوله بلذة ونهم وأشادت بصنيعه لـ"مها" دون اكتراث لموقف اخواتها ووجعهم:

ـ تصدِّقي يا "أم الزين" أني هحسد "جاسر" واد عمي ، واخد ست بيت عليها حتة صينية كيكة وطبق رز بلبن محصلوش ، 


تعرِفي يا ام "الزين" أني لما باجي أقعد حداكي اهنه ومجرد ما أطلع لك الله اكبر يعني بحس حالي جعفر جارك، جمال ونضافة بيتك وريحتك ويا أبوي على ريحتك الزينة ولا وكلك وصنع يدك، هحس وأني خارجة من عِندك إني مش ست، هو انتِ يا "أم الزين" كل لما تكبر تحلى وتصير أحلى وأحلى .


قذفتها "سكون" بالوسادة وهي تهتف بغيظ بينما ابتسمت "مها" على كلامها :

ـ هو إنتِ البَعيدة فيكي دماغ تهزِر وتضحك وتحسد الغلبانة داي كمان واحنا في البلوى داي؟! تصدِقي بالله يا "رحمة" انتِ تشلي أني اكده اتوكدت إن جوزك هيتحمَل بلوة من برودك دي ، 

انتِ خلصتي الكيكة وأكلتي تلت أطباق رز بلبن وحدك .


وضعت "رحمة" الطبق من يدها وهتفت بزجر:


ـ أدي الطبق اها، سديتي نفسي يا مرت اخوي، لما اروح للعمدة ىخوي هقول له؛ مرتك زعقت لعمتها وهتحسدها على الوكل وهنكد عليكِ واخوي هيحبني وهيخلي ليلتك مطينة بطين ها .

وتابعت بجدية وهي توجه حديثها لـ"مكة":


ـ ابعتي لي رقم التليفون بتاع الواد دي، وعنوانه وكل التفاصيل اللي جوزك يعرِفها عنيه، وكمان عنوان البت اللي كانت وياه على الطيارة وفي الفندق، وفي خلال اسبوع واحد هخليه ياجي لكم يبوس القدم ويبدي الندم كمان، وبعدين دي موضوع تافه يعني ايه فيديوهات ولا تفاهات اللي انتم بتتحدتو عنيها ومرعوبين منها داي!

وكانها قضيه قتل والقاتل فص ميه وداب عاد !

ده انتم دماغكم هتخاف من الهوا دي تفاهات، تفاهات، وبعون الله العبد لله هتوريكم لعب الديفا عامل كيف ؟


نظرن إليها جميعاً وإلى ثقتها بحالها في دهشة شديدة لتنطق "مها" بتعجب :


ـ والله لو حوصل اللي هتقولي عليه دي نرفع لك القبعة، وأعمل لك بيدي قالب كيك شيكولاته عرضه مترين ، ووجبة جاموسة صبح وليل رز بلبن يا بت أبوكي .


صفقت"رحمة" وهي تلاعب شفتيها باشتهاء:


ـ طب جهزي بقى مقادير الكيكة ووجبة الجاموسة علشان مش هتنازل عنيهم يا "أم الزين" واصل.


الفصل الخامس والعشرون من هنا

غير معرف
غير معرف
تعليقات