رواية لما قابلتك الفصل الثاني بقلم نوري
: بسبس، كابتن
كنت واقف في البلكونة سرحان وبفكر في كذا حاجة، الشقة اللي هجيبها، والورشة اللي عايز أكبرها .. وليلى اللي مش ناوية تريح قلبي أبداً
سمعت صوت بسبسة جاي من تحت، بصيت لقيت شهد واقفة في بلكونتهم وبتناديني
* عايزة اية
: الناس تقول اذيك اية الاخبار مش عايزة اية
ضحكت
* اذيك يا ستي وأية الأخبار
: كله فل، فاضي اطلع اتكلم معاك
* ايوا تعالي
: طب خلي حياه تعملي كوباية شاي عقبال ما اطلع
* انتوا شوية كمان وهتدمنوه
: حصل
دخلت من البلكونة وفي ثواني كان الباب بيخبط
: سامو عليكووووو، ألا أمك فين
* اسمها امك يا بيئة
: متزعلش يا سيدي، الماموه بتاعتك فين
: تعالي يا حبيبتي
: حياااااااااه
حطيت ايدي على ودني من صوتها العالي، قفلت الباب ودخلت وراها الصالة قعدت جمبهم
: عملتيلي الشاي
: شاي اية
بصتلي بنظرة شر وقالتلي
: هو انت مقولتلهاش
* هو انتي اديتيني فرصة دة في ثواني كنتي هنا
: عموماً شكراً
: خلاص متزعليش انا هقوم اعملهولك
: مليش غيرك والله مليش غيرك
استنت لما ماما دخلت المطبخ ولفتلي بأنتباه
: بقولك اية، أنت اية حكايتك بقا بالظبط
* حكاية اية؟
: هنستعبط بقا
* انتي جاية تجري شكلي يا بت انتي ولا اية
: لا جاية اعرف اخر اللي بتعمله هيكون اية
* في اية مش فاهم بجد
: في موضوع ليلى
* ليلى
: يا حنين، اية النبرة دي، شكلك واقع في حبها لشوشتك انت كمان
* انا كمان؟ قصدك إنها بتحبني
قولتها بلهفة وانا كل املي أنها تأكد كلامي، سكتت ورجعت لورا وهي بتبصلي
: انت عايز منها اية يا سيف
* بحبها وانتي عارفة
: معنديش شك في كدة، لكن اخر الحب دة اية
* انها تكون في بيتي
: طب اية اللي موقفك عن كدة
* مش عارف، بس انا خايف عموماً
: خايف من اية
* من أنها متكونش شايفاني اصلا وتطلع مشاعري من طرف واحد رغم إني لما بشوفها بحس عكس كدة، ومن إنها ترفضني، هي متعلمة ومثقفة، وانا وقفت عند الثانوية وفاتح ورشة، اكيد مش هتقبلني وانا كدة
: اة يا غبي
* طولي لسانك مرة كمان وبكف أيدي على قفاكي
: ما اعملك اية ما انت هتضيع البت من ايدك
* عايزاني اعمل اية يا شهد
: تصارحها
* مقدرش
: يبقى متعلقهاش بيك
بصيتلها وسكت
: انا وانت مش صغيرين وعارفين إن ليلى معجبة بيك ومتقبلة وجودك في حياتها، يبقى يا تاخد قرار، يا تبطل تعشمها بكلامك وتصرفاتك معاها
* مش بعشمها وخلاص والله، بس هي فعلا مش بتديني امل في حاجة
: عشان انت مش واضح معاها، خوفك منعك ومخوفها هي كمان، خليك معاها واضح ورسيها على بر
* حاضر، بس يارب الاقي منها رد فعل ومتهربش زي كل مرة تشوفني فيها
: يا غشيم، دة من حبها فيك
* يعني انتي متأكدة من مشاعرها
: زي ما متأكدة من مشاعرك بالظبط
* اومال ليه بتهرب مني طيب
: عشان هي إنسانة رقيقة وخجولة مش دبشة زيك
* والله ما أنا سايبك المرة دي
قامت تجري من قدامي على المطبخ وانا وراها، وقفت ورا ماما واتحامت فيها
: شوفي يا خالتي ابنك عايز يضربني ازاي وانا معملتلوش حاجة
* يا سلام يا بريئة يا ملاك
: بس بقا انتو كبرتوا على الحركات دي
* ما هي اللي لسانها عايز قصه
: تشكر يا ابن خالتي
* يا سلام على الأدب
: خلااااص، بت، خدي كوباية الشاي وانزلي
: انا كنت نازلة اصلا، وسع كدة
خرجت من شقتنا ودخلت انا اوضتي، قعدت على السرير وانا بفكر في كلامها، انا عارف انها صح واني لازم اكون صريح مع ليلى، لكن خوفي مانعني، وعارف اني كدة بأذيها لأني مش مرسيها على حاجة بسبب اني بلمحلها وبس وكمان بطريقة مش مباشرة، يمكن فهمت سكوتها وخجلها غلط عشان كدة اتراجعت، بصيت في الأرض وانا حاسس بتوهان، بحبها آه، يمكن أكتر من أي حاجة في حياتي، بس مش قادر أخد خطوة، كل مرة بتكلمني فيها، أو حتى لما بشوف ضحكتها، بحس إن الدنيا كلها بتهدى، بس بعدها على طول بييجي الصوت اللي في دماغي يقولي
"هي مش ليك يا سيف، دي بنت متعلمة، بنت ناس، وأنت مجرد ميكانيكي"
اكيد هتبقى عايزة تتجوز واحد تتباهى بيه قدام الخلق، مش واحد زيي لا معاه شهادة ولا شغلانة عالية ويطلعلها اخر الليل بشحم مبهدل كل حتة فيه، حاسس اني كدة بظلمها وأنها تستاهل حد احسن مني مليون مرة .. لكن أنا بحبها، ودي اكتر حاجة تعباني
طلعت من جيبي الانسيال بتاعها اللي وقع منها وهي عندي في الورشة، كانت جميلة اليوم دة، اجمل ما شافت عيني في حياتي كلها حرفياً، عم إبراهيم كان عندي مستنيها هي والبنات وطنك ينزلوا عشان رايحين فرح حد من معارفه، قعد معايا في الورشة وفي وسط ما احنا بنتكلم عيني جت عليها نازلة على السلم، مكنتش ببالغ في أول مرة شوفتها فيها لما قولت أنها ملاك، كانت لابسة فستان ستان رقيق زيها وماسكاه من الجانبين وهي نازلة، عينيها جت في عينيا لكن بصت في الأرض تاني بسرعة
• أخيراً نزلتوا
• معلش عقبال البنات ما خلصوا، اذيك يا سيف يا حبيبي
* الحمد لله يا خالتو انتي عاملة اية
• الحمد لله، عقبال ما افرح بيك كدة يارب
خطفت نظرة سريعة ليها عشان محدش يشوفني
* يارب يا خالتو، ادعيلي
• بدعيلك من قلبي على طول يا حبيبي
• يلا بقا عشان العربية مستنيانا، سلام يا سيف
* سلام يا عمي
مشيت معاهم بسرعة وهي بتتجنب تبصلي، فستانها شبك في حديدة ف فكته ومشيت معاهم، لكن انسيالها وقع منها وهي مش واخدة بالها، حاولت الحقهم عشان اديهولها لكن كانوا ركبوا العربية ومشيوا، فضلت ماسكه في أيدي وانا بتأمله، كان فضة وفيه فراشات كتير صغيرة، جميلة وتشبهلها، خدته حطيته في جيب بنطلوني النضيف عشان ميتوسخش ولا يقع مني، ومن ساعتها وهو معايا، مرضيتش ارجعهولها رغم أنها سألتني عليه، كان نفسي في حاجة من ريحتها تفصل معايا وتصبرني على بعدها عني بالشكل دة
فوقت من شرودي وانا لسة ماسك انسيالها في أيدي، وقفت في البلكونة وبصيت على بلكونتها تحت، لقيتها قاعدة زي كل ليلة في الهدوء وبتقرأ كتاب، مقدرتش أشيل عيني من عليها وفضلت واقف من غير ما اعمل اي صوت، معرفش فضلت واقف قد اية لكن مملتش ولا تعبت ابداً، بعد شوية قفلت الكتاب ودخلت جوا وقفلت باب البلكونة ف عرفت انها هتنام خلاص، بصيت للسما بهيام واتنفست بعمق، رجعت ابص لأنسيالها اللي في أيدي
* اوعدك اني مش هضيعك من ايديا أبداً، لكن برضو مش هجيلك إلا لما أكون الإنسان اللي تفتخري بيه
_ صباح الخير يا عمو
• صباح الخير يا عيون عمو، صاحية بدري النهاردة
_ بحاول اظبط نومي شوية
• جدعة، اصلا السهر دة مفيش منه فايدة، مفيش احسن من إن الواحد ينام بدري ويصحى فايق لشغله
استغليت النقطة دي وفتحت معاه كلام في الموضوع اللي شاغلني
_ طب .. بمناسبة الشغل، عايزة اتكلم مع حضرتك في موضوع
• قولي
_ انا عايزة اشتغل
• تاني يا ليلى، مش كنت قفلنا كلام في الموضوع دة وخلصنا
_ يا عمي انا مقدرة خوفك عليا والله، بس انا محتاجة الشغل دة
• ليه يا بنتي، هو انا حرمتك من حاجة، عمرك طلبتي حاجة وقولتلك عليها لأ
_ يتقطع لساني لو قولت كدة، دة انت عملت اللي ابويا نفسه معملوش معايا وزيادة
حط ايده على خدي وطبطب عليا
• عشان انتي بنتي، والأبوة مش بس في الدم، الأبوة في اللي يخاف عليكي ويشيل همك قبل همه
_ عارفة يا عمي، وربنا عالم أنا مقدرة ده قد إيه، بس الشغل مش علشان فلوس ولا حاجة، أنا بس حاسة إني محتاجة أعمل حاجة من نفسي، أتعلم وأجرب
• مكانك هنا يا ليلى، وسطنا، وسط اللي بيحبوكي
_ بس يا عمي .. أنا كبرت، ومش عايزة أفضل عايشة على مجهودك، نفسي أعتمد على نفسي حتى لو في حاجة بسيطة
بصلي شوية وسكت، كان باين عليه التردد بين خوفه عليا وبين فخره بكلامي، وبعد لحظة طويلة اتنهد وقال
• طب خلاص، مش هقف قدامك، بس بشرط
_ شرط اية
• إن الشغل ما يجيش على حساب راحتك، ومواعيده متكونش متأخرة، وترجعي على هنا على طول أول ما تخلصي
_ يعني موافق؟
• موافق يا بنتي، بس لو تعبتي أو حد ضايقك أول واحد هتعرفيه هو أنا، مفهوم؟
ضحكت وأنا بمد إيدي احضنه بحماس
_ وعد يا عمي، مش هخيب ظنك أبدًا
ابتسم وقال وهو بيطبطب على إيدي
• ربنا يوفقك يا حبيبتي ويكملك بعقلك الجميل ده، قوليلي بقا، هتشتغلي فين
_ في مصنع عمو بدير، كان قالي قبل كدة أنه محتاج بنات تشتغل
• مممم، طب وانتي مرتاحة لشغل المصنع
_ يعني اة عشان هو مش بعيد عن البيت وكمان القرشين اللي هيطلعوا منه مش وحشين
• وهتنزلي فيه امتى
_ المفروض بكرا إن شاء الله
• ماشي، أمرنا لله
: وانا يا بابا
_ بسم الله الرحمن الرحيم انتي بتطلعي امتى
: في اي وقت يا حاج، المهم، انا كمان عايزة اشتغل
• ما شاء الله، وتشتغلي فين بقا
: في المكتبة اللي على اول الشارع
• دة انتوا مظبطينها سوا بقا، كل واحدة جايبة ليا شغلانة مختلفة وجاية
_ أبداً والله، بس احنا فعلا تعبنا من قاعدة البيت
• ماشي، مش هرفض ليكم طلب، بس زي ما قولت ل ليلى هقولك، مفيش تأخير ولو حد ضايقك كدة ولا كدة تعالي قوليلي فوراً
: يعيش بابا احلى اب في الدنيا
• بكاشة جداً
: بس بحبك
• وانا كمان بحبكم كلكم
اخدنا في حضنه ف بصينا لبعض وضحكنا واحنا مبسوطين أنه أخيراً وافق
_ بكرا إن شاء الله تنزلي بدري، مش عايزين نتأخر من اول يوم يا روان
: حاضر يا ستي مش هتأخر، بس جامد حوار انك اقنعتي عمك، قولتيله كدبة اية عشان يوافق
_ وانا هكدب ليه يعني، قولتله الحقيقة كلها
: غريبة
_ ليه غريبة
: ابداً، بس اصل الحوارات كلها بتمشي بالكدب يعني
_ لا طبعاً مين قال كدة، ليه نكدب اصلا، دة حرام
: متحبكهاش اوي كدة، كدبة بسيطة والدنيا بتمشي، طب دة انا مرة كنت خارجة مع مؤمن من ورا امي ويومها روحت البيت متأخر وعشان عارفة إنها هتمسكني تزعقلي وتسمع بيا الحارة قومت كدبت عليها وقولتلها إني خبطتني عربية وناس وصلوني لحد هنا، وفعلا صدقت والحوار عدى
كانت بتضحك وهي بتحكي وكأن دي حاجة عادية المفروض تحصل
_ يعني مش كفاية انك خرجتي مع الواد المقرف لا وكمان كدبتي عليها
: ما انتي عارفة أنها متعرفش اني بكلمه
_ ما انك تكلميه دة في حد ذاته اصلا غلط
: بقولك اية يا ليلى متوجعليش دماغي وتقعدي تفوليليعصح وغلط وحرام، فكك مني
_ انا خايفة عليكي
: لا يا حبيبتي انا عارفة أنا بعمل اية كويس
_ براحتك
قفلت معاها وانا مضايقة من أسلوبها وكلامها، بدأت احس إن شهد كان معاها حق في كل مرة قالتلي فيها إنها مش شبهنا، بس الفكرة اني مشوفتش منها حاجة وحشة، مأذتنيش في حاجة يبقى ليه ابعد عنها
: كنتي بتكلمي مين وبتتخانقي كدة
_ روان
: يادي زفتة، خير
_ كنت بقولها تصحى بدري بكرا إن شاء الله عشان منتأخرش على الشغل
: لا ثواني كدة، هو انتي هتاخديها معاكي
_ ايوا
: ليلى انا تعبت معاكي، حقيقي تعبت، ليه مش قادرة تقتنعي أنها مش كويسة ومشيك معاها هيجيبلك مشاكل
_ يا شهد هي معملتش معايا اي حاجة وحشة
: بس بتجرك لطريقها
_ وانا يعني هبلة
: اة هبلة والبت دي مسيرها توقعك في مشكلة وابقى قولي شهد قالت
_ طب خدي بس، يا شهد .. شهد
خرجت وراها لقيت حياه برا مع مرات عمي، قعدنا احنا الاتنين ساكتين عشان محدش ياخد باله وبعدين نبقى نتكلم
° كويس انكم جيتوا، تعالوا ساعدوهم بقا عشان أنا عندي مذاكرة متلتلة
_ يا عيني ع الكوتي اللي لسة بيدرس
° يا بختكم يا ولاد المحظوظة، ياربي امتى اخلص مذاكرة خالص وارتاح زيهم
_ لسة بدري عليك يا صغنن
° هعضك وترجعي تشتكي لبابا
_ اهون عليكي يا لوما
° مش هتأثري عليا لا
قالتها وهي بتجري على الأوضة ف ضحكنا كلنا، الباب خبط ف روحت افتح، لقيته واقف قدامي بهيبته المعتادة، كان شايل شنط كتير غير اللي على الأرض
* مفيش اتفضل مفيش اذيك، اي حاجة طيب
قالها وهو بيبتسم ف ابتسمت انا كمان و وسعتله يدخل
* انا جيبتلكم كل اللي طلبتوه
• جدع حبيب خالتو
: هو انتوا بتعجنوا اية مش فاهمة
: قرص يا قلب خالتك
: حد يعمل قرص دلوقتي
• ايوا احنا اية المشكلة
: المشكلة إن الساعة داخلة على تسعة وانا وليلى هننام بدري عشان الشغل
* شغل؟ شغل اية
كان بيبصلي بأستغراب ومستني مني رد
_ اصل احنا لقينا شغل قريب من هنا وهننزل بكرا إن شاء الله
* وعمي وافق؟
_ ايوا
* غريبة، وهتشتغلي فين
_ في مصنع عمو بدير
* طب ليه تتعبي نفسك
_ لا مش تعب ولا حاجة، اصل انا زهقت من قاعدة البيت
* طب وهتروحي وترجعي امتى
_ هو من عشرة لحد أربعة
* حلو، طب انا هنزل اوصلك الصبح إن شاء الله
: بسبس، كابتن، انا كمان هشتغل على فكرة
* هوصلك انتي كمان
_ لا ملوش لزوم يا سيف متتعبش نفسك
* ولا تعب ولا حاجة، خلينا اوصلكم عشان اكون مطمن
: يا حنين
* اخرسي
_ بتقولوا اية
* لا ولا حاجة، المهم، بكرا الصبح إن شاء الله الاقيكم جاهزين
_ إن شاء الله
* طيب .. انا هنزل بقا، عايزين حاجة
• لا يا حبيبي تسلم
خرج من الشقة و وقفت على الباب ببص عليه، لكن فجأة لف وبصلي، ارتبكت لكن متحركتش من مكاني
* هستنى ادوق من القرص اللي بالسكر بتاعتك اللي بتعمليها حلو
ابتسمتله أول ما افتكرت أنه بيحب يدوقها من ايدي، كل ما نيجي نعمل باخد منهم شوية عجين اعمل بيه قرص بالسكر عشان مش بحب اللي بالعجوة، داقها مني اول مرة ومن بعدها مبقاش ياكل غير اللي بعملها انا
_ هعملك طبق مخصوص
* دة يا هنايا والله
_ تصبح على خير
* وانتي من اهل الخير
قفلت الباب لما نزل ودخلت وانا ضحكتي من الودن للودن، قعدت جمبهم بحماس واخدت عجينة ليا على جمب وابتديت اعملها بحب
هو انا عندي كام سيف يعني
