رواية عهد الدباغ الفصل الثاني 2 بقلم سعاد محمد سلامه


 رواية عهد الدباغ الفصل الثاني 

بـ شقة بمنطقة راقية، ربما تلك الشقة هي كل ما يمتلك ذاك القاضي المُتقاعد... 
تبسم بمودة حين وضع ذلك الشاب أمامه كوب من الشاي قائلًا: 
شايك يا سيادة المستشار. 

تنهد بحنين قائلًا: 
مستشار مُتقاعد لآسف، تعرف يا "نديم" 
لما كنت بشتغل قاضي،كان نفسي أساوي معاشي وأتقاعد،لكن دلوقتي من بعد ما طلعت معاش حاسس بوحدة وبقول ياريت كنت فضلت أشتغل فى القضاء.

تبسم نديم وهو يجلس فى المقابل له قائلًا:
ليه تحس بالوحدة يا بابا،فى إيدك تستغل معرفتك بالقوانين وتفتح مكتب محاماة.

ضحك "عزت" قائلًا: 
المكتب ده لمتخرجين جديد، أنا خلاص كبرت علي إني أتحمل البهدلة بين المحاكم وكمان فين على ما المكتب يتعرف ويبقي له شُهرة... ومكانتي متسمحش إني أشتغل مجرد محامي فى مكتب مشهور. 

شعر نديم بغصة يُفكر فى نفسه هو الآخر درس الحقوق وتخرج منها وتقبل الوظيفة الحكومية بالشؤون القانونية بوزارة الخارجية، حقّا منصب له مكانته لكن المقابل مرتب ثابت حقًا ليس بالقليل، لكن شبة ثابت لا يزداد كثيرًا، كذالك هو أفضل من بعض زملاؤه تشتتوا بين مكاتب المحامين بحوافز قليلة، لكن بالتأكيد منهم بالمستقبل سينفرد ويُصبح له شآن وشُهرة تدر عليه المال والمكانه الأفضل والأرقى من مجرد موظف بالخارجية، فكر وحسم قراره لن يظل كثيرًا بتلك الوظيفة ويتقيد بها مثلما تقيد والده بالقضاء والنهاية مستشار متقاعد مجرد منصب رفيع وشرفي لا أكثر. 

❈-❈-❈
بمنزل محي 
بغرفة النوم 
أزاح محي طرف الدثار ثم إستلقي على الفراش يتنهد ببعض الإرهاق قائلًا: 
الجو بره بارد أووي. 

واقفته إجلال وهي تستلقي على الناحية الأخرى للفراش قائلة: 
فعلًا... البرد السنة دي شديد.

اومأ برأسه وهي يفتح يده لتقترب منه تضع رأسها على كتفها تبسم لها قائلًا:
البرد بيروح وبحس بالدفا لما بتبقي بحضني.

تبسمت له قائلة:
قلبك دايمًا دافي،يا محي،بس بصراحة رغم البرد بس خروجة الليلة كانت حلوة،صحيح المطعم كان فيه نسوان عريانه،بس صاحبك ومراته كانوا محترمين،كمان بناته الاتنين بصراحة كده الإتنين دخلوا مزاجي،أنا بقالي فترة بدور على عروسة لإبنك التاني،وزي ما يكون البنات الحلوة المحترمة بتخطفوا بسرعة،وهو ولا حاطط الجواز فى دماغه،كل اللى فى دماغه الشغل وبس،كمان سهراته بره كتير دي تقلق ممكن فى سهرة منهم واحدة كده ولا كده تلفت نظره، هو شاب وناجح ومعروف هو إبن مين وفيه الطمع، والبنتين ولاد صاحبك بصراحة يحلوا من عالمشنقة
أدب وجمال ودراسة كمان، عرفت إن الكبيرة متخرجة من كلية التربية طفولة والتانية بتدرس فى الجامعة الأمريكية إدارة أعمال. 

ضحك محي قائلًا: 
الشوية اللى قعدناهم سوا عرفتي عنهم ده كله... صحيح على رأي أمي الله يرحمها إجلال مراتك دي  تنفع وكيل نيابة وتقرر المجرمين عليها طريقة تسحب اللى قدامها تجبره يحكي لها قصة حياته من يوم ما أتولد. 

ضحكت إجلال قائلة  بدلال: 
دي موهبة  وقبول رباني، الناس بترتاح لى وتحكي لي من نفسها، بس سيبك من الكلام  ده إيه رأيك فى البنتين، بصراحة نفسي فيهم الاتنين. 

ضحك محي قائلًا بمرح: 
هتجوزيه الأتنين.

أجابته بتمني:
ياريت كان يجوز،بس بقولك إيه رأيك أهو نلح على إبنك،ونرتب ميعاد يشوفهم فيه واللى تعجبه من الإتنين يتجوزها،أنا بصراحة الاتنين داخلين راسي،بس البت الكبيرة اكتر،شكلها هادية الصغيرة فيها شقاوة كده،ممكن قدام شوية نبقي ناخدها لـ كنان يكون خلص جيشه.

اومأ براسه موافقًا يقول:
ممكن ليه لاء،أنا معايا رقم توفيق وهتصل عليه وأشوف ونحدد ميعاد عزومة و..

قاطعته قائلة:
خلى العزومة تبقي هنا فى البيت عشان نبقي على راحتنا،وكمان عشان يطول الوقت،القاعدة فى البيت غير فى المطاعم...بتبقى رايقة ومفيش دوشة.

واقفها محي قائلًا:
تمام.

نظرت له اجلال قائلة:
متقولش تمام وتستني وقت خير البر عاجله وكل ما كان أسرع أحسن.

ضحك محي قائلًا:
السلطانة إجلال لازم تنفذ اللى براسها فى أسرع وقت...يوم ولا إتنين كده واتصل على توفيق اعزمه على قهوة عندي فى المدبغة...

قاطعته إجلال بنهي:
لاء بلاش المدبغة...خليها فى المقر بتاع مصنع الجلود... وياريت لو ترتب كمان يتقابل هو  و... 

نظر لها تلاقت عيناهم، بمجرد النظر لبعضهما يفهمان بعضهما... أومأ لها مُبتسمً يهز رأسه بتوافق. 

❈-❈-❈
بغرفته 
كان يتكئ بظهره على بعض  الوسائد الموضوعة  على خلفية  الفراش يمدد ساقيه يضع حاسوبه على ساقيه يقوم بدراسة بعض الأعمال... لكن فجأة طلت برأسه تلك الفتاة التي إصتطدم بها قبل ساعات على سلالم المطعم... بسمة إىتسمت على شفتيه كذالك خفقة خاصة  فى قلبه، أغمض عيناه مازالت ساكنة بخياله، رقة صوتها تتردد فى أذنيه، لون عينيها الأخضر الذي يُشبة الغابات اليانعة..  عينان كأنهن غابتان تسكنهما أسرار بعيدة، عمقٌ يشدُه دون وعي منه… فتح عينيه سريعًا كأنه يخشي أن يغرق في ذلك الخيال أكثر، لكن صورتها أبت أن تفارقه... 
مد يده ليغلق الحاسوب بعدما فقد تركيزه تمامًا، تنهد قليلًا من أنفاسه محاولًا السيطرة على دقات قلبه التي بعثرت هدوءه... 
تمتم لنفسه مبتسمًا:
إيه السحر ده.. دي مجرد صدفة... مش أول مره تشوف بنت جميلة. 

عاد يغمض عينيه ثانية، وكأنه يستحضر خطواتها على السلالم، ارتجافة يدها حين اصطدم بها، ورائحة عطرها الخفيف الذي ما ما زال عالقًا بفؤاده... شعر بأن تلك اللحظة القصيرة كانت كافية لتوقظ شيئًا نائمًا داخله… شيئًا لم يتوقع أن ينهض بهذا الشكل المفاجئ... 
تحرك على الفراش، تقلب يمينًا ويسارًا، وكأن جسده يأبى الاستقرار بعد أن تسللت إلى عقله بعُمق. 

❈-❈-❈
بعد مرور يومين
بالمقر الخاص بمجموعة الدباغ
وقف محي يستقبل توفيق مُبتسمً بترحيب قائلًا:
المقر نور.

ابتسم توفيق بمجاملة قائلًا:
بوجودك.

ابتسم محي قائلًا:
بلاش نوقف خلينا نقعد من زمان الدنيا خدتنا كل واحد فى طريق.

جلس الإثنين معًا يتحدثان 
تسأل محي:
ها قولي بقي أخبارك،كمان بناتك واضح أنهم مش بس جميلات كمان ثقافة.. وأدب. 

ابتسم توفيق قائلًا: 
هما البنتين اللى ربنا رزقني بهم، أنا بعد ما خدت ميراثي فى أبويا كان حتة أرض زراعية وأنت عارف مكنش ليا فى الزراعة بس كان حظي بقي، أو زي ما بيقولوا رزق البنات، الأرض دخلت كاردون مباني وبقت بمبلغ كبير، جالى أكتر من مُشتري لها واتباعت بتمن عالي جدًا، فكرت لو حطيت الفلوس فى البنك، الفوايد مش هتزيد كتير، كمان نسيبي وقتها أشتري حتة أرض فى منطقة جديدة بالقسط وإتعثر فى تكملة الاقساط بتاعتها وعرضت عليه أسلفه قسط ولا اتنين، قالي لاء هو هيبيعها لان المنطقة جديدة وبعيدة وأكيد الخدمات زي الكهربا والمايه صعب توصلها بسهوله، إشترتها منه، قولت أهي مركونة قوم إيه الحكومة تختار المنطقة دي وتعمل فيها مشاريع وكمان رجال أعمال عملوا مصانع ومدينة سكنية وبقت المنطقة لها كُل المُميزات، كان فاضلي معايا مبلغ بعد ما اشتريت الارض من نسيبي قدمت على قرض صغير بضمان الارض وعملت عليها عمارة سكنية وبيعت كُل شُققها وسددت القرض واللى فاض حطيته فى البنك وفوايده بتسند جنب مرتبي، كمان خدت أول دورين فى العمارة شقتين، يبقوا لبناتي كُل واحدة شقة وأمنتهم كمان بتعليم وكل واحدة لها رصيد بإسمها فى البنك....تأمين ليهم... 
فرح يمكن هادية عكس عهد.. عهد شقية شوية

تفهم محي حديث توفيق قائلًا:
بس مش الفلوس ولا الشقة بس هي اللى بتأمن المستقبل يا توفيق.

اومأ توفيق قائلًا: 
عارف بس أهو برضوا لما تكون البنت شبعانه فى بيت أهلها مش هتزغلل عينها المُغريات اللى ممكن تضرها. 

اومأ محي موافقًا ثم قال: 
ربنا يرزقهم أزواج صالحة. 

آمن توفيق على ذلك، ظل بينهم حديث هادي الى ان سمعوا صوت طرق على باب المكتب، سمح محي بالدخول، سُرعان ما إبتسم ولمعت عيناه وهو ينظر الى ذلك الواثق الذي دلف للغرفة  ألقي السلام ثم نظر لـ محي قائلًا: 
إتصلت عليا وقولت عاوزني فى موضوع مهم. 

إبتسم له قائلًا: 
فعلًا، تعالي أعرفك على عمك توفيق صديق قديم وبعدها هقولك إيه الموضوع اللى كنت عاوزك فيه. 

عرفهما 
تحدث بصدق وإمتنان
-توفيق صديق قديم  وله معايا موقف جدعنة مستحيل أنساه. 

ثم تحدث بفخر
-"فاروق"إبني التاني وهو المسؤول التالت فى إمبراطورية الدباغ. 

إبتسم فاروق بمرح وهو يمد يده لمصافحة توفيق قائلًا بمرح ونبرة قبول: 
يعني الرجُل التالت. 

ضحك محي كذالك توفيق، ثم جلس ثلاثتهم 
تحدث محي: 
عمك توفيق  مش غريب هتكلم معاك في الموضوع عشان عارف  وقتك دايمًا مشغول. 

أومأ فاروق له ببسمه، بالفعل تحدث محي بأحد المواضيع تجاذب معهم توفيق بعد الإستشارات، كذالك أعجب  بعقلية فاروق رغم سنه لكن ذو عقلية رأسمالية متفهمة...
بعد وقت إنتهي النقاش نهض فاروق  قائلًا: 
تمام هنفذ كُل اللى قولت عليه. 

ثم نظر نحو توفيق وصافحه قائلًا: 
متشكر فعلًا إستفادت كتير من المناقشة مع حضرتك. 

صافحه توفيق بإعجاب قائلًا بمديح: 
بالعكس إنت واضح إنك زكي جدًا، أتمني نتقابل تاني. 

أومأ فاروق مُبتسمً ثم غادر. 

تتبعته نظرات كل من توفيق ومحي الذي لاحظ إعجاب توفيق بذكاء فاروق  وتلك هي الخطوة الأولى. 

❈-❈-❈
مساءً بشقة  توفيق 
جلست عهد جواره قائلة: 
بابا سبق وقولتلك إن فى رحلة شفاري فى شرم الشيخ وأنا نفسي أروحها. 

إعترضت والدتها قائلة  برفض قاطع: 
لاء طبعًا. 

نظرت عهد لوالدها بالحاح قائلة: 
أرجوك يا بابا توافق... 

قاطعتها والدتها: 
لاء طبعًا الرحلة فيها بيات هناك أكيد ممنوع، وفيهة شباب.. وإنتِ بنت. 
تنهدت  عهد بالحاح: 
يا بابا ارجوك، إنت عارف أخلاقي كويس كمان اقدر ادافع عن نفسي كويس 

تهكمت والدتها بإستهزاء: 
تدافعي بشوية حركات الكارتية العبيطة... قولت لاء. 

نظرت عهد لوالدها قائلة: 
القرار لـ بابا، أرجوك يا بابا دول هما تلات أيام 
وهنروح في باص مش طيران، يعني يوم رايح ويوم جاي ويوم بس هو اللى هنقضيه هناك ومعانا مشرفين دكاترة من الجامعة، أرجوك يا بابا. 

ظلت تلح حتى وصلت لغرضها، فتحدث توفيق: 
تمام أنا واثق فيكِ يا عهد. 

ابتسمت عهد بسعادة غامرة بينما هزت والدتها رأسها مازالت تود الاعتراض لكن تبسمت فرح ودعمت عهد فى ذلك. 
❈-❈-❈
بعد عِدة ايام، وبعد موافقة على قبول دعوة محي وزوجته لاستضافة توفيق وأسرته تم اللقاء بمنزل محي الدين بالغورية.
لقاء أُسري هكذا كان الظاهر لكن الباطن كان هدف إجلال... 

بعد ان تم التعارف بالنساء فيما بعضهم، تسألت إجلال: 
اومال فين عهد مجتش ليه. 

اجابتها زوجة توفيق بتبرير كاذب: 
عهد عند خالها متعودة كده تروح له وتفضل عنده كام يوم. 

اومأت إجلال

لكن إسم "عهد" 
كان له رنين خاص تردد بعقل فاروق الذي تعرف عليهم وجلس لتناول الغذاء معهم،ثم غادر هو والبقية وظل النساء الى المساء.

على باب المنزل تحدثت إجلال:
بقينا أصحاب وحبايب  ، الزيارة  دي كانت تعارق هستني الزيارة الجايه وتكون عهد رجعت بالسلامه أومأت كل من زوجة توفيق كذالك فرح التى شعرت بتوغل لشعور غريب تود اللقاء مرة أخري بـ فاروق الذي لفت نظرها دون سبب. 
❈-❈-❈
بعد يومين 
تنهدت عهد  بضجر قائلة: 
من وقت ما رجعت من رحلة شرم، وإنت مفيش عندك سيرة غير زيارتك إنتِ وماما وبابا، لبيت اللى إسمه محي الدباغ، زيارة هوستك بيهم. 

تنهدت فرح بحالمية قاىلة بتبرير: 
الحجة اجلال طريقتها فى الكلام لطيفة أوي، كمان "رابيا" مرات إبنها، لكن حسيت مع بنتها اللى إسمها "يارا" شوية غطرسة كده. 

تهكمت عهد قائلة: 
وغطرسة ليه دي ساكنة فى منطقة شعبية يعني، وبعدين أنا بستغرب إن رغم الغنا والصيت الكبير لـ محي الدين الدباغ 
ليه متمسك أوي كده بالعيشة فى منطقة شعبية زي الغورية مع إنه ممكن يعيش فى أرقي الاماكن فى مصر. 

اجابتها فرح: 
ده مش بيت عادي ده قصر من جوة. 

إعترضت: 
ولو بس برضوا فى منطقة شعبية، عن نفسي مقدرش أتحمل العيشة هناك وسط الدوشة والزحمة والعشوائية.... كمان البشر هناك لهم طباع خاصة بيهم عن نفسي مقدرش اتكيف مع الطبقة دي. 

تنهدت فرح بحالمية قاىلة: 
وأنا العكس أتمني أعيش هناك. 

تهكمت عهد ولم تُبالي. 

♛♛♛♛

بأحد النوادي الراقية والشهيرة 
اثناء خروجه من بوابة النادي
توقف بسيارته فجأة قبل أن يصطدم بتلك السيارة الفارهة... 
عاد للخلف وتجنب لها حتى دخلت دون إهتمام، نظر نحو السيارة كانت فتاة لاحظ جمالها بوضوح بسبب فتحها لـ شباك السيارة ولاحظ حديثها من السائس بنبرة تعالي...ظل لحظات حتى إبتعدت ترجل من السيارة وذهب نحو السائس وسأله بفضول:
مين دي أول مرة أشوفها هنا في النادي.

أجابه السائس:
دي آنسة "يارا محي الدين الدباغ"عضوة جديدة هنا فى النادي.

تسائل بإستفسار:
بنت محي الدينالدباغ بتاع المدابغ والجلود.

اومأ له السائس بـ نعم...
نظر نحوها بتأمل وهي تترجل من سيارتها تتهادي بخطواتها الرشيقة والمتعالية،لمعت عيناه...بينما تحدث له السائس بإحترام:
عن إذنك يا" نديم بيه"هروح أشوف شغلي.

أومأ له وظلت عيناه مُتسلطة نحو يارا حتى غابت عن محيط رؤيته،همس قائلًا:
يُحق لها تتغر مش بس جمال...لاء وكمال من أموال.   
❈-❈-❈
ليلًا
بشقة محسن 
كان جالسً بالفراش ينظر للا شيء، حتي أطفأت رابيا الضوء وتركت نور خافت،ثم توجهت للفراش ورفعت الدثار وإستلقت على الفراش ثم عادت تسحبه على نفسها... لكن لم تتفاجئ بإقتراب محسن منها وسحبه الدثار عنها وبلحظة كان يجعلها تستلقي على جانبها... يضع قُبلات متفرقة على وجنتيها ويتودد باللمسات الجريئه على جسدها، صمته يجعلها تشعر بالارتباك أكثر، كأن كلماته غابت وبقيت لغة الجسد وحدها تتحدث... قلبها يخفق بعنف، تُحاول أن تتمسك بهدوئها بينما كل حركة منه تُربكها أكثر... ابتسامته الخافتة عند قربه من أذنها زادت من ارتجافها، همست في داخلها محاولةً أن تجد لنفسها ملاذًا:
لماذا يصمت..بتلك اللحظات الخاصة أهو شوق... أم رغبة يُخفيها. 

ضغط أنامله على يدها جعلها تُدرك أنه لا يحتاج للكلمات، فهو يفرض حضوره بطريقة  عاهدته عليها منذ ليلة زفافهم الذي إقترب من خمس سنوات 
عيناها  التقت بعينيه القريبتين، لا تُفسر منهما أي مشاعر،قبول أونفور...،  صمته الدائم يحز فى قلبها... أنفاسه الباردة على وجنتها جعلت جسدها يتوتر أكثر، لكنها لم تبتعد… بل بقيت ساكنة، يراودها صراع بين رغبتها في الهروب وخوفها من فقدان تلك اللحظة... 
أصابعه انسحبت ببطء من يدها إلى كتفها، لا يطلب الإذن قبل أن يقترب أكثر، يستحل جسدها 

ارتجف قلبها لسماع اسمها فقط يخرج من بين شفتيه ... أغمضت عينيها للحظة، ثم فتحتها لتشعر بنفسها أمامه بلا حواجز...  رعشة خفيفة في جسدها كانت كافية لتُخبره أن لمساته تُعطي مفعولًا عليها، ارتباكها يختبئ خلفه قبول خجول... 
ابتسم محسن ابتسامة باهتة وهو يراقب ارتجافها، ثم رفع يده ببطء ليزيح خصلة شعر سقطت على جبينها... لمساته كانت حانية هذه المرة، مختلفة عن جرأته ... لم يتحدث وهو يلتحم معها بلقاء حميم.. 
نظرت إليه رابيا بعينين متسعتين، تشعر أن قلبها يخفق بجنون.... حاولت أن تقول شيئًا، لكن الكلمات خانتها. كل ما استطاعت فعله أنها وضعت يدها على صدره، حيث خفق قلبه واضحًا تحت يديها...
تنهد محسن بعمق، واقترب أكثر حتى كاد يلامس شفتيها، ثم توقف فجأة، كأنه يمنحها الخيار الأخير أن ترفض تلك المشاعر... لكن
ارتجفت شفتاها، لم تنطق بالرفض… بل أغمضت عينيها ببطء، وهو الإذن الصامت الذي انتظره ليُنهي تلك العلاقة ببرود وبلا حتى قُبلة إمتنان كما يرغب قلبها، إبتعد عنها وعاد يستلقي على الفراش بظهره يضع يده على موضع قلبه ينظر الى سقف الغرفة لا يشعر بأي مشاعر...فقط يعلم أن رابيا فُرضت عليه كزوجة بعد خطأ وقع الإثنين به كان مُخطط له بإتقان،هو لم يمتلك أي مشاعر نحوها حتى مع مرور سنوات على زواجها مازال لا يجمع بينهما سوا فراش وعلاقة زوجية بلا مشاعر من ناحيته برود تام... بينما هي تتعذب وبداخلها تتمني فقط منه نظرة عطف لا حُب. 

♛♛♛♛
بعد مرور عِدة أيام

بشقة  توفيق
نظرت فرح الى عهد سائلة:
إنتِ لسه ملبستيش مش هتيجي معانا عند طنط الحجة إجلال. 

ردت عهد برفض: 
لاء... أساسًا أنا مش متقبله الصداقة اللى حصلت بينك إنتِ وماما مع الست دي، معرفش السبب إيه. 

أجابتها فرح: 
والله ست لطيفة جدًا وزي ما ماما بتقول عليها عِشرية، مش عارفة إنتِ ليه مش متقبلة. 

تنهد عهد قائلة: 
معرفش السبب، بس أنتِ عارفه إني عكسك إنتِ وماما، مش بتآلف مع اللى حواليا بسهولة...عالعموم روحوا أنتم وأنا هفضل هنا،عندي بحث هعمل سيرش عنه عالنت.

قبل أن تتحدث عهد دلفت والدتهن نظرت نخو عهد سائلة:
ليه لسه ملبستيش هنتأخر عالحجة إجلال.

تنفست عهد بضجر قائلة:
مش فاهمه إيه حكاية الحجة إجلال،بعدين انا ماليش مزاج أجي معاكم...بلاش تعطلوا نفسكم.

بصعوبة أجبرتها والدتها قائلة:
الست سألت عنك قبل كده وقتها كنتِ فى شرم الشيخ...النهاردة كمان وهي بتكلمني أكدت عليا إنك تبقي معانا وأنا قولت لها إنك هتبقي معانا، هتكسفيني قدامها، يلا بلاش دلع وقومي غيري البيجامة والبسي طقم حلو كده. 

بصعوبة واقفت عهد قائلة: 
تمام، هقوم أغير هدومي وهاجي معاكم، بس لو حسيت بضيق أنا هستأذن وأمشي. 

أومأت لها والدتها قائلة: 
ماشي ممكن تتحججي باي حاجه  بس يلا إنجزي هنتأخر على ميعادنا. 

زفرت نفسها بضجر وإستسلمت لرغبتهن. 

.....      ......     ..... 
بعد وقت قليل 
إستقبلتهن إجلال بترحيب قائلة: 
القاعدة المرة دي قاعدة ستات وبنات وبس. 

تبسمت لها فرح كذالك عهد إبتسامة وِد 

جلسن يتحدثن بمواضيع كثيرة، كان لدي إجلال إنصات لردود،فرح وعهد،لاحظت فروق بينهن،عهد تبدوا أكثر تحفُظً عكس فرح تندمج بسهولة.

بعد وقت صدح رنين هاتف عهد أخرجته من جيبها قائلة:
دي زميلتي فى الجامعة،بس الشبكة هنا بتقطع.

ارشدتها يارا قائلة:
الشبكة بتقطع بسبب الطقس السئ إطلعي في الجنينة ممكن الشبكة تتعدل.

 
أشارت لها بيدها عن باب يوصلها الى الخديقة، بالفعل خرجت عهد. 

......     .....    .... 

قبل قليل ترجل فاروق من سيارته وتركها بالحديقه، توجه الى تلك الغرفة الخاصة بالمسبح منذ ايام لا يعلم ما اصابه حالة من الآرق وبعض الارهاق بسبب تزاحُم العمل... نظر نحو مياة المسبح فكر فى السباحة عل تلك الحالة تزول عنه، لكن الطقس باردًا، ذهب نحو ذلك الزجاج العازل بين غرفة المسبح والحديقة... زجاج شفاف من الداخل  ومُعتم من الخارج، من بالداخل يرا من بالحديقة بينما من الخارج لايرا ما بالداخل وقف قليلًا ينظر نحو الحديقة، ثم عاد ينظر  للداخل لكن سُرعان ما عاد ينظر للخارج، جحظت عيناه وهو يتأمل تلك التي تسير بالحديقة ترفع يدها على أذنها... تصنم للحظات... ثم زم نفسه واغمض عينيه بالتأكيد ذلك وهمً فما الذي سيأتي بها لهنا 
لحظة فقط أغمض عيناه ثم فتحهما وعاد ينظر للخارج 
إختفت... جالت عينيه بالمكان لا أثر لها...تأكد أنها كانت وهمً... زام عقله وتحدث بلوم: 
شوفتها مرة واحدة ومش عاوزة تروح من بالك، حالتك كده هيجيلك تهيؤات وجنان فوق يا فاروق. 

بالفعل ابتعد عن الجانب الزجاجي وخلع ثيابه  وقفز بالمسبح يغوص فى المياة كي يمحو خيالها. 

....... ــــــــــ..... ــــــــــــ
انهت حديثها على الهاتف قائلة: 
تمام لما ارجع الشقة هتصل عليكِ نعمل البحث سوا يلا باي باي. 

أغلقت الهاتف ونظرت حولها، أين هي، امامها اكثر من مدخل للمنزل، لا تتذكر المدخل التى خرجت منه.. لكن لم تفكر قائلة بمزح: 
"كُل الطُرق تؤدي الى روما" 
اكيد كل المداخل متصله بالبيت أدخل  من الباب ده وخلاص لكن وجدت نفسها أمام إتجاهين
وقفت بالممر تزفر نفسها بحِيرة  تنظر يمين ويسار لا تعلم أي إتجاة تسير فيه لتعود الى تلك الغرفة...إستنشقت الهواء البارد قائلة: 
و على فرح وهي... 

توقفت قائلة: 
ممكن فرح تتوه هي كمان البيت كبير وله كذا مدخل وأنا خرجت من مدخل وده مدخل تاني، مفيش حد من الخدامين قريب من هنا، أحسن حل أنا أمشي فى الممر ده لنهاية أكيد هيوصلني لجوة البيت. 

بالفعل سارت بالممر الى النهاية لكن تفاجئت بباب كبير مُغلق، إعتقدت أنه مدخل... تنهدت بإندفاع فتحت الباب ودلفت الى الداخل مباشرةً، إندهشت حين وجدت مسبح مائي بالغرفة، إقتربت من المسبح قائلة: 
كمان البيت فيه بيسين. 

إقتربت بفضول من حمام  السباحه وإنحنت تمد يدها فى المياة 
لكن 
فجأة شعرت بحركة فى المياة سحبت يدها لكن سُرعان ما شعرت بالهلع حين خرج بجسده من وسط المياة، شهقت بقوة من رؤيتها لجسده الضخم وخصلات شعره المُنسدلة على وجهه أعطته منظر شبه مُخيف...
إختل توازن جسدها وهي تقف لم تنتبه حركة قدميها فسقطت فى المياة... لحظات ورفعت رأسها من المياة تشهق تقاوم الغرق... 
سريعًا توجه نحوها ورفع جسدها من المياة وضعها فوق ذلك السطح الشبة بارد أو هكذا شعرت... ثم خرج من المياة وإرتكز على قدميه يمد يده يُزيل خصلات شعرها عن وجهها بمجرد ظهور ملامحها خفق قلبه بشدة، كذالك هي  تتنفس بصعوبة، تصدر شهقات متقطعة، ترتجف أطرافها وملابسها تلتصق بجسدها المبلل، فيزيدها بردًا فوق برد... 
اقترب منها أكثر، جاثيًا بجوارها، يضع يده على كتفها ليُثبتها، وصوته يخرج بنبرة قلق ممزوجة بشيء لم يسيطر عليه:
إهدي... حاولي تتنفسي بالراحة. 

رفعت عينيها نحوه، مقلتيها تلمعان من أثر الماء والذعر، لكنهما في اللحظة نفسها تحملان دهشة عميقة.... تلاقت النظرات بينهما  لثوانٍ  ارتجف قلبها بين ضلوعها، وكأنها لم تعد تسمع سوى صوت أنفاسه القريبة... 
مد يده يربت بخفة على ظهرها ليساعدها على استعادة أنفاسها، 
هدأت انفاسها قليلًا كذالك  خفقات قلبها وتحدثت بتعلثم: 
إنت الوحش العملاق. 

ضحك بإسمتاع تلمع عيناه بمرح قائلًا: 
وإنتِ جميلة الوحش. 

تعليقات