اسكريبت رحمة وضياء الفصل الثاني بقلم بسمة بهلوان
وأنا ما صدقت.. كان بيغسل ايده وأنا بصيت للأوضة وأخدتها جري، عاوزة أقفل الباب وأقفل البلكونة بس ملحقتش وهو وصل لي من ناحية البلكونة على آخر لحظة وبيضحك باستفزاز:
= والله ما أنتِ تاعبة نفسك.. هنام هنا برضه.
بصيت بخيبة أمل وقلت:
ـ لا متهزرش.
دخل وهو بيقفل باب البلكونة وراه، ونام على السرير وأنا باصة له بعدم تصديق وزهق، وفجأة قلت بحدة:
ـ اطلع يا "ضياء" بلاش لعب عيال.
= أنا عيِّل.
يا مستفز! دا بيرد وهو هيروح في النوم! وأنا عندي أرق من بدري ومش قادرة حتى أنام ولو لشوية غصب عني حتى، سيبته.. خرجت للأوضة التانية ولسة هاخد وضعية النوم لقيته جاي ببطانيته ونط على السرير ونام برضه..
ـ يا بايخ يا رخم!
بص لي بنص عين وراح لف ضهره ونام برضه، شكله تعبان أوي، وأنا على النقيض أخدت حاجتي ونمت على الكنبة، أيوة مش مريحة بس أريح بكتير من إني أنام جنبه دا واخد السرير بالعرض دا.
حاولت أنام وعدوا ساعتين وأنا لسة بفكر، مش قادرة أنام، كتر التفكير وقعني في دوامة ودماغي صدعت ومع ذلك مقدرتش أنام، بصيت لـ"ضياء" لقيته رايح في النوم خالص ولا كإنه ولد عنده شهرين.. شعره البني مبعتر على عينه الضيقة.. شبه الكوريين أوي بس بعيون رمادي.. ضحكت على شكل نومته المتلغبطة كإنه مستعد يتخانق مع حد.
نمت على جنبي اليمين وهو على السرير في وشي، وبعدين غمضت عيني، وفجأة من غير ما أحس.. رُحت في النوم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيت من النوم على صُوت حاجة معدنية بتقع، قمت فجأة مخضوضة وأنا عيني قفلت من الضوء اللي جاي من البلكونة، بصيت حواليّ أشوف ايه اللي وقع لقيت "ضياء" ماسك شماعات الهدوم اللي كانت معدنية وبيشيلها من الأرض علشان وقعت.. وباصص لي بابتسامة:
= كويس إنك صحيتِ، بجهز في الفطار أهو.
مكنتش فايقة خالص ونفسي أنام تاني، بس لازم أقوم علشان شُغلي، شُغلي كان على اللاب في البيت بس مرتبطة بمواعيد معينة، بصيت في الساعة لقيت لسة فاضل ساعتين على ميعاد الشغل..
قمت بس اتفاجئت.. بصيت تحتي.. أنا نايمة على السرير؟ لما أنا أنام عليه هو كان فين؟وبعدين مين اللي نقلني؟ سؤال غبي.. هيكون مين غيره يعني؟
بصيت له بدهشة وقلت:
ـ أنت نقلتني من على الكنبة؟
بص لي بيدَّعي الجهل وهو بيقول:
= مش أنتِ اللي بتمشي وأنتِ نايمة؟ أنا صحيت لقيتك في وشي.
كان نفسي أجيب أقرب حاجة ليّ وأحدفها على دماغه بس تمالكت نفسي، بصته مستفزة وهيعاند لو حاولت أتحداه وأقول إنه هو اللي عمل كدا..
قمت وأخدت شاور وقعدت بهدوم البيت بس لبست طرحة فوقها، لسة مش متقبلة إنه يشوف شعري عادي كدا.. كتبت المواعيد اللي ورايا كلها في ورقة لإني بدِّي حصص قرآن أونلاين.. كان ورايا خمس حصص النهاردة..
لقيت الفطار جاهز، كان من العيب إني أسكت فقلت له:
ـ شكرا إنك تعبت نفسك وحضرت لي الفطار.
بصيت له لقيته مبتسم وبيقول:
= حضرته لينا مش لكل واحد لوحده، بعدين دا واجب عليّ.. أنتِ مسؤوليتي.
حسيت بالذنب.. أنا مسؤوليته وهو بيعمل كل اللي يقدر عليه علشان يساعدني، وأنا على العكس بقرفه في عيشته ومش مهنياه على قعدة غير وبخناقة.. بس مش عارفة أعمل ايه.. دا جواز كان غصب عننا احنا الاتنين.. بس واضح إن أنا الوحيدة اللي مش متقبلاه.
خلصنا فطار وهو كان هيشيل الأكل، فأنا المرة دي ابتسمت له وقلت:
ـ أنا اللي هشيله، اعمل لنا أنت كوبايتين شاي بقى.
بص لي بدهشة وأنا ابتسمت بمكر، أنا مش طيبة خالص.. هعمل حاجة وهو قصادها يعمل حاجات.. حد قال له يتجوزني؟ وبعدين أنا نفسي أفهم منطق إن أهلنا يجوزونا غصب.. اللي هو أنتم لايقين على بعض فَيَلا هيلا بيلا!؟
بس على الأقل هو فكره منفتح وفاهم إن دا غصب عني، ومتعلم برة زيي كمان وعرف يعني ايه احترام علاقات وإنسانية على الأقل.. لإن البيئة المحيطة بيّ عكس كدا تماما.. أُمِّيين ورغم خبراتهم في الحياة وطول عمرهم.. إلا إن باين في قراراتهم قلة علمهم وحكمتهم.
هو عمل الشاي بالفعل وقعدنا شوية، مفيش موضوع نتكلم فيه.. بس فجأة لقيته قال:
= بتشتغلي ايه يا "رحمة"؟
أكيد شاف الورقة اللي عاملاها بتاعة المواعيد علشان يسألني السؤال دا، قلت له بسخرية:
ـ متعرفش عني حاجة غير اسمي شكلك، أنا بشتغل أونلاين.. بدّي حصص قرآن.
لمحت السكون على وشه بس فيه ابتسامة غريبة بتنمو على بُقه، أنا عارفة إنه أكيد هيستغرب.. ازاي معلمة قرآن وفاهماه ومفسراه وأعامله المعاملة دي..
بس.. أنا الموضوع دا أثر فيّ جدا وفضلت أعيط بالأيام علشان الجوازة متحصلش.. وفي الآخر حصلت.. مكنتش فاهمة ساعتها إنها كانت غصب عنه هو كمان.. ما أصل ازاي راجل يتغصب على الجواز؟
فهمت بعدها إنه خاف على مامته لإنها مريضة قلب ومن أقل رفض أو حاجة تحزنها بتتعب، وهو عمل كدا برًا ليها.. وبالفعل فهمني ليلة الجواز إن دي جوازة على ورق لحد ما نفهم بعض كويس.. وبعدها سافر وماشفتوش غير دلوقتي!
= بتعلمي قرآن؟ يعني ممكن تعلميني يا ميس؟
ضحكت بدون وعي على كلمته وبصيت له وقلت:
ـ رغم إني بعلم بنات بس، بس أنت استثناء.. حاضر هعلمك المهم تكون عاوز بجد مش يومين شغف ويروحوا لحالهم.
= بس كدا؟ من عيوني.
قالها بابتسامة واسعة وأنا بعدت عيني عنه بضحكة.. هو أنا اتكسفت دلوقتي؟
كمل كلامه وهو بيقول:
= عارفة؟ أنا من زمان نفسي أحفظ، لكن الحياة شغلتني ومقدرتش أحفظ غير سور معينة بتتكرر على طول.
ابتسمت من فضفضته وقلت له:
ـ زي ايه مثلا؟
= سورة البقرة مثلا، أنا الحمد لله بقرأها كل يوم.. ومن كتر قراءتي ليها بقيت بقرأها عمياني ومش بغلط غير حاجات بسيطة، إنما لو جيتِ للتجويد بقى فأنا أبيض يا ورد معرفش حرف فيه.
ضحكت على طريقته المرحة وهو حاطط ايده على خده وبيستنكر اللي هو بيعمله، مش عارفة ليه حاسة إن احنا مبدأناش فعلا بداية كويسة.. لو كنا اتجوزنا برضانا كان هيبقى أفضل راجل في العالم.. تقريبا.
ـ على فكرة دا تقدم كبير، يعني حافظ البقرة جزئين ونص غير مثلا جزء عم فأنت عندك حصيلة حلوة لو اشتغلت عليها شوية هتبقى ممتاز.
بص لي بأمل وقال بمرح:
= أنا في ايديكِ شهر كامل أجازة أهو، خليني أختم بقى أحسن أنا سمعت إن دعوة خاتم القرآن مستجابة ونفسي أدعي بحاجة كدا.
فضولي جذبني فسألته باستغراب:
ـ حاجة ايه؟
= هتعرفيها بعدين.
ـ بص، فاضل نص ساعة، استنى هجيب مصحف من جوة وأختبرك في البقرة.
لمحت حماسه وهو قاعد أول ما جبت المصحف، وبيحييني زي فرقة الجيش وبيقول:
= جاهز يا ميس.
ضحكت بلا وعي، مش مصدقة بجد ايه الراجل الصبور.. المستفز.. المرح.. الملغبط ذا!
ابتديت أختبره، إجاباته كانت كاملة وتقريبا كل حاجة صح، وسألته في سورة الكهف ومريم ورد صح وجزء عم كمان.. التجويد بس اللي عاوز يبقى شاطر فيه.
مسكت ورقة وقلم، وابتديت أشرح له واحدة واحدة أول حُكم في التجويد، كان سهل وبسيط وهو فاهم واستوعبه بسهولة، وبدأ يطلع لي أمثلة من الحكم دا.. وبالفعل بقى شاطر في أول حكم كويس أوي..
المنبه رن فعرفت إني لازم أبدأ حصصي، فسيبته يحفظ شوية وأنا قعدت أدي حصصي للحلقات والطالبات، عقدت 5 ساعات أناهد وأتكلم وبشرح كتير والطالبات برضه بيتعبوا في التسميع.. وفي وسط الحصص ألاقيه جايب لي مرة عصير.. مرة مية.. مرة شاي.
ـ تصدق بالله؟ أنا عمري ما اتدلعت كدا.
قلتها بضحك فراح غمز لي:
= الله يسهل لك بقى معاكِ راجل من دهب.
ـ مغرور.
= حبيبة قلبي الله يسترك، يلا كملي عقبال ما أنزل أجيب حاجة وآجي.
نزل بالفعل الساعتين دول، تقريبا راح يزور مامته وباباه، وأنا بعد ما خلصت طلعت من الأوضة.. اتخضيت أما لاقتيه في وشي وفزعني بطلعته المفاجأة ليّ وهو بيضحك..
ـ كدا يا رخم خضيتني!
= أنا غلطان، شفتِ كنت جايب لك ايه؟
طلع من بين جييوبه شوكولاتة غالية، مجربتهاش قبل كدا وشكلها نوع مختلف، عرفت بعدها إنها شوكولاتة فرنسية.. ابتسمت وأنا باخدها منه وهو قال بحنان:
= ليكِ عليّ كل يوم لما تحفظيني شوكولاتة زي دي.
ـ طب والله أنت تتباس.
أنا متعودة أقول الكلمة دي لأي حد بحبه، بس فجأة.. دي طلعت مني لـ"ضياء".. بصيت له بقلق لقيته باصص لي.. ايه الوش الخبيث اللي على وشه دا وهو بيقول:
= وأنا مش رادد حلفانك!
