![]() |
رواية الحلم والقدر الفصل الثاني بقلم منه السيد
دكتور: دي نتيجة التحاليل بتاعت المريضه.
– "تمام، سيبيهالي هنا، شكراً يا مريم
– "على فكرة يا دكتور، ليلى لسه رايحة تركب محلول لمريضة في بيتها بعد الشغل."
يوسف رفع عينه بسرعة:
– "لوحدها؟"
– "أيوه، بتقول المريضة دي ست طيبة من قريبهم."
يوسف هز راسه وقال:
– "تمام، بس قوليلها تاخد بالها... الدنيا مش أمان زي الأول."
مريم ابتسمت وقالت وهي خارجة:
– "واضح إن حضرتك بقيت مهتم بيها قوي."
يوسف بص لها بنظرة فيها شوية جد وشوية خجل:
– "أنا مهتم بالشاطرين... والمخلصين."
---
تاني يوم الصبح، ليلى وصلت المستشفى، وشها منوّر رغم إنها نايمة ساعتين بس.
دخلت على يوسف وهي بتقول بابتسامة:
– "صباح الخير يا دكتور يوسف."
– "صباح النور يا ليلى، عاملة إيه؟ المريضة اللي روحتي لها امبارح عاملة إيه؟"
– "الحمد لله، كويسة جدًا. كانت بتدعيني طول الوقت."
– "تدعيلك؟ ليه؟"
– "قالتلي إيدي خفيفة، وقالتلي ربنا يرزقني براحة البال."
يوسف بص فيها لحظة، وقال بهدوء:
– "واضح إنك بتسيبي أثر في كل مكان بتروحيه."
ليلى ضحكت بخجل:
– "يمكن عشان بحب اللي بعمله."
– "وده باين... بس عندي سؤال."
– "تفضل يا دكتور."
– "أنتِ من القاهرة أصلاً؟"
– "لأ، أنا من المنصورة، بس ساكنة هنا مع ماما."
– "والدك؟"
ليلى سكتت لحظة، وملامحها اتغيّرت خفيف.
– "هو مش معانا دلوقتي."
يوسف لاحظ التغيّر في صوتها، بس محترم زي ما هو، ما سألش تاني.
قال بابتسامة خفيفة:
– "تمام، معلش لو سؤال محرج."
– "ولا يهمك يا دكتور، أنا متعودة على الأسئلة دي."
دخلت غدير وقتها، وقالت وهي بتضحك:
– "يا جماعة الجو هنا تقيل ليه؟ أنا حاسه إني داخلة على فيلم درامي!"
ليلى ضحكت:
– "ده الدكتور بيسألني بس."
يوسف بص لها وقال:
– "كنت بس بتعرّف على الفريق اللي بيشتغل معايا."
غدير قالت بخبث وهي بتغمز:
– "واضح إن حضرتك عايز تعرف أكتر من كده!"
ليلى: "غدير، بلاش هزارك ده بقى!"
يوسف ضحك بخفة:
– "مش للدرجة دي يا غدير، بس فعلاً ليلى بنت شاطرة ومجتهدة."
غدير خرجت، وليلى وقفت تراجع الملف اللي في إيدها.
يوسف لاحظ إنها بتحرك صوابعها وهي بتقرأ الآيات اللي حافظاها في سرها قبل ما تبدأ الشغل.
كان بيتأملها في سكون، مش بإعجاب سطحي، لكن بانبهار بالسكينة اللي حواليها.
قال في سره:
"يا رب احفظها من كل سوء... البنت دي مختلفة."
---
آخر اليوم، ليلى خرجت من المستشفى، لقيت ماماها رحاب مستنياها عند البوابة.
ركبت وهي مبتسمة:
– "إزايك يا ماما؟ النهارده كان طويل أوي."
رحاب:
– "طويل بس باين عليكي مبسوطة."
– "أه، دكتور يوسف شكرني قدام الكل النهارده."
رحاب اتلمعت عينيها:
– "يوسف؟ اللي بيدير القسم عندكم؟"
– "أيوه يا ماما، هو محترم جداً وهادي."
– "هادي يعني كويس يا بنتي، ما يمكن ربنا يبعته رزقك."
– "مامااااااااااا!"
رحاب ضحكت وقالت:
– "ماهو اللي زيك لازم يتخطب بسرعة، محدش هيستناك كتير."
ليلى سكتت وبصت من الشباك، والدنيا كلها كانت ماشية حواليها عادي…
بس قلبها لأ، كان بيدق بطريقة مختلفة.
---
وفي نفس الوقت…
يوسف كان راجع بيته، قاعد في العربية، ماسك موبايله.
فتح أرقام الشغل، وفضل واقف عند اسم "ليلى علي.
تاني يوم في المستشفى: "صباح الخير يا دكتور."
يوسف التفت بسرعة، نبرة صوته كانت هادية بس فيها قلق خفيف:
– "صباح النور يا ليلى... انتي راكبة المحلول للمريضة اللي في غرفة 6 امبارح؟"
– "أيوه، في حاجة؟"
– "التحاليل بتقول إن الجرعة كانت ناقصة نص سنتي."
ليلى اتصدمت:
– "إيه؟ مستحيل يا دكتور! أنا متأكدة من الجرعة، كنت مركّزة جدًا."
يوسف سكت، باصص في الورق، وبعدها رفع عينه وقال بهدوء:
– "أنا مصدقك... بس النظام لازم يراجع كل حاجة."
ليلى حسّت بحرارة في وشها، وشوية دموع اتحبست في عينيها،
مش عشان غلطت، لكن عشان أول مرة تحس إن في حد ممكن يشك فيها حتى لو للحظة.
---
بعد شوية، الموقف اتكشف إن الغلط كان من المعمل مش منها،
بس وجع الكلمة فضل جواها.
راحت تقعد لوحدها في أوضة التمريض، بتكتب الملاحظات وهي عايزة تبين إنها تمام،
بس يوسف دخل ووقف قدامها.
– "ليلى."
ما ردّتش.
– "أنا آسف... ما كانش قصدي أضايقك."
– "حضرتك ما ضايقتنيش، كل واحد بيعمل شغله."
– "بس أنا غلطت، وكان لازم أصدقك من الأول."
سكتت شوية، وبعدها قالت:
– "المهم إن المريضة بخير."
يوسف بص لها وقال بهدوء:
– "وانتِ؟"
– "أنا تمام يا دكتور."
بس الحقيقة إنها ما كانتش تمام.
هو حس بده، بس سابها تخرج براحتها.
---
بعدها بكم يوم، ليلى وهي راجعة البيت، لقت مامتها قاعدة مع واحدة من الجيران، ووش رحاب منور بشكل غريب.
رحاب أول ما شافتها قالت بحماس:
– "ليلى! يا بنتي أنا كنت مستنياكي، في عريس جاي يشوفك!"
ليلى وقفت مكانها متجمدة:
– "إيه؟!"
الست الجارة قالت:
– "ابن أختي يا حبيبتي، شغال في شركة كويسة، مؤدب وابن ناس."
ليلى قالت بهدوء:
– "ماما، أنا مش بفكر في جواز دلوقتي."
رحاب ردت بحدة خفيفة:
– "ليه يا بنتي؟ هتستني إيه؟ الناس بتتقدملك وانتي رافضة، أبوكي حاله مش سهل، وأنا مش هعيش لك العمر كله!"
ليلى سكتت، وجواها غليان،
مش بس من الضغط... لكن لأنها لأول مرة حست إن في حد تاني بقى في دماغها — حد مش المفروض تفكر فيه أصلاً.
---
تاني يوم في الشغل، كانت شارده جدًا.
يوسف لاحظ ده، وقالها وهو بيعدي جنبها:
– "مالك يا ليلى؟ باين عليكي تعبانة."
– "لأ يا دكتور، كويسة."
– "مش باين."
– "هي بس شوية ضغط في البيت."
– "ممكن أساعدك؟"
– "حضرتك ساعدني كفاية في الشغل، متشغلش بالك."
يوسف سكت، بس نظرته كانت فيها حاجات كتير.
هو كمان بقى مش فاهم نفسه...
بيحاول يقنع نفسه إنها مجرد ممرضة مجتهدة،
لكن كل مرة يشوف فيها ابتسامتها، قلبه يعند عليه.
---
بعد المغرب، رحاب اتصلت بليلى وهي لسه في المستشفى:
– "ليلى، العريس هييجي النهارده بعد العشاء."
ليلى قالت:
– "ماماااااا، أنا مش جاهزة ولا ناوية."
– "بلاش عناد، شوفيه بس، مش خسرانة حاجة."
قفلت السكة، وقلبها واجعها.
طلعت على السطح فوق المستشفى، المكان الهادي اللي بتحب تصلي فيه وقت الورد.
وقفت تبص للسماء وقالت بهمس:
– "يا رب، أنا مش عايزة أزعلها، بس قلبي مش مطمن... ونا عايزة أكمّل طريقي بسلام."
في اللحظة دي، يوسف طلع فوق برضه من غير ما يعرف إنها هناك.
شافها من بعيد وهي رافعة إيديها بتدعي،
فضل واقف مكانه، مش قادر يتحرك، كأن المشهد شدّه من جوه.
قال في سره:
"يا رب، لو وجودها ابتلاء، قوّيني. ولو رزق... قرّبه."
------
وفي البيت، لما رجعت، لقيت العريس قاعد في الصالة.
شاب مهذب بس فيه حاجة مش مريحة.
كان بيبص لها نظرات كلها تقييم، مش إعجاب.
سألها:
– "انتي بتشتغلي تمريض؟"
– "أيوه."
– "يعني هتختلطي برجالة كتير؟"
رحاب قالت بسرعة:
– "هي شغلها محترم جدًا."
بس هو ردّ ببرود:
– "أنا بصراحة مش بحب الشغل اللي فيه احتكاك."
ليلى سكتت، وبعدها قامت وقالت بهدوء:
– "أنا آسفة، بس واضح إننا مش هنرتاح لبعض."
رحاب بعد ما خرجوا، انفجرت فيها:
– "انتي بتبوّزي كل حاجة يا ليلى! هتفضلي لوحدك لحد إمتى؟"
ليلى عينيها دمعت، وقالت:
– "يا ماما، يمكن ربنا لسه كاتبلي حاجة تانية... وأنا مش عايزة أتجوز وخلاص."
---
وفي الوقت ده، يوسف كان في بيته، ماسك المصحف في إيده،
بس ف كل صفحة بيقراها، بيلاقي عينيه بتتخيلها.
قال في سره:
"يا رب، لو ليها نصيب في حياتي... قرّبها مني بالحلال، ولو مش ليا... ابعد قلبي عنها.
___________________
“إحنا عندنا نهارده ضغط جامد، الحالات كتير ومفيش طاقم كفاية. خدي بالك.”
– “تمام يا دكتور، حاضر.”
لكن وهي ماشية، لمحت إن وشه متغير، وكأنه مضايق أو بيفكر في حاجة.
يمكن هي السبب... أو يمكن لا.
---
الساعة قربت على 11، وجت حالة طوارئ خطيرة جدًا —
ست كبيرة دخلت فاقدة الوعي، والضغط والسكر واقعين.
الممرضة اتأخرت، والدكاترة كلهم مشغولين في العمليات.
يوسف بص على ليلى وقال بحزم:
– “ليلى، انتي اللي هتبدأي المحلول فورًا، وأنا هراجعك.”
– “تمام.”
بدأت تشتغل بسرعة، إيدها ثابتة، ركبت الكانيولا زي المحترفين.
المريضة كانت بترتعش وبتنطق بصعوبة:
– “يا بنتي... ربنا يكرمك، إيدك خفيفة أوي.”
ابتسمت ليلى وقالت:
– “الحمد لله، هتبقي كويسة بإذن الله.”
– “انتي ملاك يا بنتي، ربنا يباركلك. أبوكي أكيد فخور بيكي.”
ليلى سكتت لحظة، عينها دمعت من غير قصد وقالت بهدوء:
– “ربنا يشفيه.”
– “هو مريض؟”
– “أه... شوية.”
وبس، سكتت، وكملت شغلها.
يوسف سمع جزء من الكلام، لكن ما قالش حاجة.
بس جواه بدأ يقلق...
هو عارف إن ليلى بتحب الخصوصية، بس كلمتها دي خلت حاجات كتير تدور في دماغه.
---
بعد نص ساعة، الدنيا قلبت في القسم.
المريضة نفسها فجأة حصل عندها هبوط حاد في الضغط،
وحد من التمريض قال بصوت عالي:
– “المحلول اتبدّل! دي مش التركيبة الصح!”
الكل اتوتر، ويوسف صرخ:
– “مين اللي جهّز المحلول؟!”
واحد قال:
– “ليلى يا دكتور، هي اللي ركّبته.”
الهدوء نزل على المكان كأنه انفجار.
يوسف بص لها بعيون متصدمه وقال:
– “انتي متأكدة إنك استخدمتي النوع الصح؟”
– “أيوه يا دكتور، أنا متأكدة!”
– “طب الورق؟ وين الملف اللي كان على الترولي؟”
– “كان هنا من شوية!”
الكل بدأ يدور... لحد ما الممرضة رجعت وقالت بخوف:
– “يا دكتور، في ورق ناقص ومحلول ناقص كمان.”
ليلى وقفت مصدومة، مش مصدقة إن في حد ممكن يكون لعب في شغلها.
يوسف رفع صوته شوية وقال بحدة:
– “ليلى، ده خطأ كبير جدًا، ممكن يعرّض المريضة للموت!
أنا مش قادر أستوعب إنك كنتي السبب في حاجة زي دي.”
الدموع نزلت من عينيها وهي بتقول:
– “بس أنا ما عملتش كده يا دكتور، والله ما لمست حاجة غلط!”
– “أنا مش باتهمك، بس لازم نعرف الحقيقة.”
---
بعد ساعات من التحقيق والمراجعة، اكتشفوا إن فيه زميلة تانية غيورة من ليلى كانت السبب —
بدّلت الأوراق والمحاليل عشان تغلطها، لأن يوسف دايمًا بيشكرها.
يوسف اتجنن لما عرف،
دخل الأوضة اللي فيها ليلى، كانت قاعدة لوحدها بتعيط.
قالها وهو متضايق من نفسه:
– “ليلى، أنا آسف جدًا... كنت غلطان.”
– “مش مهم يا دكتور، خلاص.”
– “إزاي مش مهم؟ أنا زعقتلك قدام الكل!”
– “حضرتك كنت مضغوط... وأنا متعودة الناس تظن فيا غلط.”
الكلمة الأخيرة كسرت قلبه.
قرب منها وقال بهدوء:
– “انتي عارفة إنك أكتر واحدة هنا عندها ضمير.”
– “بس ده مش كفاية، يا دكتور، الناس ما بتشوفش اللي جوانا... بيصدقوا أول كلام يوصل.”
– “اللي يهم إن ربنا شايف.”
– “وهو ده اللي مخليني صامدة.”
---
وفي نفس اللحظة، رحاب كانت في البيت سامعة إشاعات من جارة بتقول:
> “بنتك حصل معاها مشكلة في المستشفى، قالوا خربت حالة غلط!”
رحاب ولعت من الغضب،
ولما ليلى رجعت البيت بالليل، قامت زعقت فيها قدام الباب:
– “انتي عايزة تفضحيني يا ليلى؟! مش كفاية الناس بتتكلم على أبوكي؟!”
– “يا ماما والله ما كنت غلطانة!”
– “كله بيقول كده في الأول، لحد ما الغلط يبقى حقيقة!”
ليلى بكت وقالت وهي بتصرخ:
– “انتي عمرك ما صدقتيني يا ماما!
عمرك ما دافعتي عني... ولا حتى سألتي لو أنا كويسة!”
رحاب سكتت للحظة، وبعدين قالت بصوت مكسور:
– “أنا بخاف عليكي... بخاف الناس تأذيكي زي ما أذتني.”
الكلمة دي كسرت الجو كله.
ليلى قربت منها وقالت وهي ماسكة إيدها:
– “يا ماما، الناس مش هتسكت، بس إحنا نقدر نسكتهم بالحق، مش بالخوف.”
---
وفي نفس الوقت...
يوسف كان قاعد في مكتبه، بيقلب في الملف اللي فيه اسم ليلى.
بيفكر فكل اللي حصل، وبيقول في سره: