رواية قلب السلطة الفصل الثالث والثلاثون
انفجر صوت "شامل" غاضبًا وهو يلتفت نحو "أبو شمس":
ـ "إيه ده يا أبو شمس؟! ده اللي كنت بتقولي عليه بيتحرك حوالين المنطقة؟"
أجابه الحارس بسرعة:
ـ "أيوه يا باشا... اتتبعناه من امبارح، ولقيناه بيقرب من البيت بتاع رائد بيه. مسكناه قبل ما يعمل أي حركة... ولقيناه فعلاً ناوي يوصل لأخته."
اقترب شامل من "مهاب"، أزاح العصابة عن عينيه بيده، فرفع مهاب رأسه في تحدٍ، وعيناه تشتعلان رغم الإرهاق:
ـ "كنت عارف... كنت عارف إنك ورا كل ده يا شامل."
رمقه شامل بنظرة باردة، وانحنى قليلًا حتى صارت عيناهما متقابلتين:
ـ "وأنا كنت عارف إنك غبي كفاية لدرجة إنك تيجي لحد باب رائد برجليك."
ضحك مهاب بسخرية ممزوجة بالغضب:
ـ "غلطان لو فاكر إنه هيقدر يمنعني عن أختي. هيندم... قسم بالله هيندم يا شامل."
تراجع شامل، أشار للحارس أن يخرج، ثم وقف أمام مهاب صامتًا للحظة، كأنما يدرس ملامحه بعين الصياد:
ـ "يمكن... بس قبل مايندم، هيخليك إنت اللي تدفع التمن الأول."
---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜
وقف شامل صامتًا للحظة، يدرس مهاب بعين الصياد، والجو في الغرفة يختنق بالتوتر، وكأن الهواء ذاته يحمل تهديدًا لا يُرى. مهاب رفع حاجبيه بتحدٍّ، كأنه يتحدى العالم كله، وقلبه ينبض بسرعة، لكنه لم يحرك ساكنًا.
أومأ شامل للحارس، الذي اقترب بخطوات هادئة وأزال القيود عن مهاب جزئيًا، لكنه لم يجرؤ على تحريك قدميه بعيدًا عن مكانه.
نظر شامل إلى مهاب بعينين ثاقبتين، صوته منخفض لكنه مثقل بالسلطة:
ـ "يمكن... بس قبل ما تدفع التمن، لازم تعرف إن اللعب معايا ليه ثمن، ومفيش حد بيخرج من عندي من غير ما يدفع."
مهاب ابتسم بسخرية ممزوجة بالغضب، رغم شعوره بالخطر يقترب من كل جانب:
ـ "تمام يا شامل... أنا مستعد. بس فاكر، التمن اللي هادفعه مش دايمًا هينفعك، يمكن يجيبلك لعنة بدل ما تجيبلك مكسب."
وقف شامل للحظة، يزن كلماته، ثم تحرك بخطوات واثقة نحو الباب، كأنه يترك للغرفة سحرها المخيف وحدها:
ـ "تمام. دلوقتي خلينا نبدأ اللعبة بجد... اللعبة اللي هتوريك إن القوة مش بس في اليد، لكن كمان في الدماغ."
أغلق الباب خلفه، وصمت الغرفة ثانية، لكن مهاب شعر بأن كل ثانية تمر ثقيلة كأنها سنين، وأنه في قلب شبكة ضخمة من السلطة والخطر.
ثم فجأة، دوت ضحكة خافتة من مهاب، مختلطة بتوتره:
ـ "يلا بينا، يا شامل... اللعبة ابتدت خلاص، وأنا مش هخاف."
مرت دقائق، وكل حركة لمهاب كانت محسوبة، وكل نفس محسوب. كان يعرف أن شامل لا يستهين بأحد، وأن أي خطوة خاطئة ممكن تودي بحياته.
وفجأة، فتح الباب مرة أخرى ودخل أحد رجاله حاملاً ملف كبير. نظر شامل لمهاب قائلاً بصرامة:
ـ "الملف ده فيه كل اللي تحتاج تعرفه عنك وعن اللي حواليك. كل أسرارك، كل نقاط ضعفك... كل حاجة."
شعر مهاب بقشعريرة، لكنه حاول يظهر هدوءه:
ـ "تمام... هات الملف. ونشوف مين الأقوى هنا."
أمسك شامل بالملف ووضعه أمام مهاب على الطاولة الحديدية، ثم ابتسم ابتسامة خفيفة لكنها مشحونة بالتهديد:
ـ "خد بالك، مهاب. القوة مش بس كلام أو تهديد. اللعبة دي فيها دم، فيها وجع، وفيها قرارات هتغير حياتك."
فتح مهاب الملف ببطء، الصفحات مليانة صور، أسماء، ملاحظات، حتى خطط محكمة... وكلها كانت دليل على سيطرة شامل الكاملة على كل شيء.
رفع رأسه بنظرة تحدي:
ـ "تمام... أنا شفت اللعبة بتاعتك. بس فاكر، مش كل حاجة عندك هتمشي زي ما أنت عايز."
ابتسم شامل ابتسامة باردة، ثم عاد إلى مكانه كأنه ينهي درسًا لمتهم:
ـ "خلينا نشوف مين اللي هيندم الأول... مين اللي هيدفع التمن الحقيقي."
عاد الصمت إلى الغرفة، لكن التوتر كان أعمق من أي وقت مضى. مهاب شعر أن اليوم ده مش بس اختبار لقوته، لكنه اختبار لعقله، لدهائه، ولقدرته على النجاة في قلب السلطة، حيث لا رحمة، ولا ضمير، ولا مكان للضعفاء.
---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜
وقف الهواء في الغرفة كأنه منتظر كلمةٍ تُحرّك المدفع كله. ضوءٌ باهت يتسلل من لمبة معلقة، يرسم ظلالًا حادة على وجوه الرجال، وتجمد الزمن لحظة أمام الكلمة التي طالب مهاب بها شامل.
رفع مهاب رأسه، وكانت عيناه تتقدّان، لا خوف في نبرته بل تحدٌّ مجبولٌ بالغضب القديم، وكأنه يسكب عمرًا من الإهانة في جملةٍ واحدة. قال بصوتٍ عاميٍّ خشن، له وقعُ الريف وصلابته:
— "إنت اللي هتدفع التمن يا شامل، مش أنا. تقدر تقولّي إنت متجوزتش يقين لحد دلوقتي؟ أنا هقولك: إنت مش عايز أي صِلة تربطك برائد، إنت عايز تخلص من كل القرف ده، زيّك زي ليلى. قرفانين من اللي بيعمله رائد."
سكتت الغرفة لوهلة، وبدا صوت الساعة على الحائط أكثر صخبًا من محادثاتهم. شامل استدار ببطء، وجباه الرجال تحفّق كأنها تملك سؤالًا واحدًا — كيف سيتحوّل هذا التحدي إلى ورقةٍ رابحة؟
ابتسم شامل ابتسامةٍ قصيرة، لا تصلح للراحة، بل لنسج السكاكين:
— "كلام جامد يا مهاب... طيب وريني يا عم، هتخلي كلامك ده يتعمل إزاي؟"
ردّ مهاب بحدةٍ لا تُخفي نبرة الوجع:
— "مش لازم أشرحلك كل حاجة، اللي لازم تعرفه إنك لما تلعب بقلوب وبيوت الناس، بتفتح على نفسك أبواب ما تسدش. وانا؟ أنا ما بتهدأش غير لما أخلص حسابي."
اقترب شامل خطوة، وصوته صار أخطر لأن هدوئه كان مُحضّرًا للنزال:
— "خلاص. لو انت متأكد... خليك واثق إن التمن هنا هيتدفع. بس انت برضه هتتعلم إن اللي بيبدأ الحرب ممكن ما يخلصهاش."
تبادلا النظرات؛ نظرةٌ تحمل وعودًا بالثأر، ونظرةٌ تمتحن حدود السقوط. في تلك اللحظة كان واضحًا أن ما قيل ليس مجرد كلامٍ في غرفةٍ معتمة — إنه إعلانُ بدء معركةٍ لا يعود فيها أحدٌ كما كان.
-----
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜
ثبت القلب في حلقها وهي تضغط على زر الاتصال كأنها تلحظ لحظة سقوط. رنين قصير، ثم صوت مشحون بالدهشة من الطرف الآخر يطرق السماعة.
قالت يقين بصوتٍ مضطربٍ، عاميًّا لكنه محمّلٌ بالرهبة:
— "يا شامل، انت فين؟ واتأخرت ليه؟ سألت عليك في المكتب وقالولي إنك مجتش خالص."
صمت في الطرف الآخر لحظة، ثم جاء صوت شامل هادئًا لكن مِثقاله ثقل القرار:
— "كنت في مشوار، بس رجعت من شوية. في إيه يا يقين؟ صوتك متخض."
قابضَت يقين على الهاتف كأنما يمسكها من آخر خيط:
— "أنا قلقة على ليلى من رائد... الراجل قافل على نفسه من الصبح، مش بيفتح الباب... وخايفة يفتحه في أي لحظة وتطلع همته في ليلى. لازم نلاقي مهاب."
ارتجف صوتها وهي تقول آخر كلمة، كما لو أن العبء كله قد هبط على كتفها:
— "مهاب بس يطلع، عنده حل، هو الوحيد اللي يقدر يسيطر على الموضوع من جوه. شامل... الحقوني، ماقدرش أراجع نفسي وخايفة يحصل حاجة."
سمعها شامل يتنهد بعمق، ثم ردّ بصوت صارم يحاول أن يخفي مكان مهاب:
— "اطمني يا يقين، مش هسيب حاجة للصدفة. هكلم الرجالة دلوقتي وندور عليه. قوليلي مكان بيت ماما ليلى فين لاني نسيته ؟
سكتت يقين للحظة، تحاول أن تتذكر عنوان منزل والدة ليلي
— "في شارع الورداني، جنب مخبز الكعبة. لو رائد فتح الباب ممكن نلاقي مشاكل قدامنا ، ولازم نمنع ده بأي تمن."
رد شامل سريعًا، كمن يضع خطة على عجل:
— "تمام. أنا هبعت واحد يدور علي مهاب، انتِ خليكِ جنب ليلى، خلي الباب مقفول وراكي، وما تفتحي ليه . لو حصل أي حاجة، ابعتيلي رسالة
أطبقت يقين على الهاتف، كأنها تشد على وعدٍ بقوتها الأخيرة، ثم همست وهي تتلمس الحائط بعصبية:
— "ما تخليش رائد يحس بخوفنا، لو حس بيه ممكن يعمل أي حاجة. لو لقيت مهاب كلميني فورًا."
انقطع الاتصال بعدما طمأنها شامل بكلماتٍ قصيرة؛ لكنها لم تشعر بالاطمئنان. جلست يقين لحظة، تسمع دقات قلبها المدوّية، وتراه يتسارع مع كل خطوة تمر خلف الباب. في رأسها صورة ليلى وحيدةً وربما في خطر، وفكرةٌ واحدة تتكرر: لابد أن يجدوا مهاب قبل أن يتحول الخوف إلى كارثة.
-----
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜
كانت نيرفانا تسير بخطواتٍ متثاقلة نحو مائدة الطعام في بهو القصر، شعرها منسدل على كتفيها، وجهها شاحب من قلة النوم، وعيناها تحملان أثر سهرٍ ثقيلٍ لم يُمحَ بعد.
جلست على الطاولة بهدوءٍ مريب، وبدأت تصبّ لنفسها كوبًا من العصير، تحاول أن تتجاهل كل الضجيج الذي يدور داخلها.
كانت الشرفة نصف مفتوحة، والضوء يتسلل بكسلٍ عبر الستائر البيضاء، كأنه يخاف من الدخول إلى هذا الصباح المشحون بالتوتر.
لم تمرّ لحظات حتى انفتح باب القاعة بصوتٍ واضح، فالتفتت نيرفانا.
دخل رائد بخطواتٍ ثابتةٍ كعادته، بملامحه الجامدة التي لا تُظهر شيئًا مما في داخله.
لكنها هذه المرة لم تنهض، لم تبتسم، لم تقل له صباح الخير.
بل نظرت إليه بصمتٍ طويلٍ، نظرةً تجمع بين الخذلان والغضب.
اقترب منها، صوته هادئٌ لكنّه يحمل نغمة الأمر التي اعتادها:
ــ صباح الخير يا نيرفانا... فطرتي؟
رفعت رأسها نحوه وقالت ببرودٍ جارح:
ــ لا... بس شكلّي شبعت من حاجات كتير.
تجمّد للحظة، ثم جلس قبالتها بهدوءٍ مصطنع، كأنه لا يريد أن يشعل شرارة الانفجار القادم.
ــ يعني إيه الكلام ده؟
رمقته بعينين دامعتين، وقالت بنبرةٍ تخنقها الحسرة:
ــ يعني إيه اللي عملته يا بابا؟!
إزاي قدرت تعمل كده في مس ليلى؟!
تغيّر وجهه قليلًا، وصوته انخفض وهو يقول:
ــ نيرفانا... الموضوع مش زي ما إنتي فاهمة.
قاطعتْه بحدةٍ لم تعهدها في نفسها:
ــ لا، أنا فاهمة كويس!
فاهمة إنك جرّحتها، وأهنتها، قدام الكل!
دى مراتك، حتى لو اختلفتوا... مكانش تستاهل كده منك، ولا من اللي حواليك!
أطرق رائد للحظة، كأنه يقيس كلماته قبل أن ينطق بها:
ــ مهاب... هو السبب في كل اللي حصل.
مهاب هو اللي حرّض، وهو اللي لعب بالعقول.
أنا ما كنتش ناوي أعمل كده... بس ليلى متورطة.
كنت بحميكي، وبحمي البيت كله.
نظرت إليه نيرفانا بعينين تلمعان بالغضب والخذلان معًا، وقالت بصوتٍ مرتعش:
ــ حتى لو هو السبب... حتى لو عمل ألف حاجة...
هي ذنبها إيه؟!
هي بتحبك يا بابا، بتحبك بصدق!
إزاي قدرت تكسرها بالشكل ده؟!
ارتفع صدره مع زفرةٍ طويلةٍ، ثم قال بجمودٍ خافت:
ــ الحب لوحده ما بيكفيش يا نيرفانا...
فيه حاجات أكبر، فيه خيانة، فيه أسرار، وإنتي ما تعرفيش منها حاجة.
نهضت من مكانها، ووقفت أمامه بشجاعةٍ مفاجئة:
ــ لا، أنا عارفة كفاية!
عارفة إنك لما بتغضب... بتنسى مين اللي قدامك.
يمكن مهاب أخطأ، يمكن مس ليلى كمان غلطت، بس إنتَ اللي غلطت فينا ..
و فيّ أنا قبلها.
قال بحدةٍ خافتة:
ــ إنتي مش فاهمة اللي بيحصل يا نيرفانا!
اقتربت منه خطوة، وصوتها ارتجف لكنها لم تتراجع:
ــ لأ يا بابا... أنا فاهمة أكتر مما تتخيل.
فاهمة إنك بتخاف تضعف، حتى لو اللي قدامك يستاهل الرحمة.
بس اللي عملته .. مش قوة.
ده وجع... وجع ليكي وليها وليّا أنا كمان.
ظلّ رائد صامتًا، ينظر إليها طويلاً، حتى خُيّل إليها أنه يبحث عن ملامحه القديمة خلف ذلك الوجه الصلب الذي لم يعد يُشبهه.
ثم قال بصوتٍ منخفضٍ جدًا:
ــ يمكن عندك حق... يمكن غلطت.
بس خلاص... اللي حصل حصل.
واللي اتكسر... صعب يتصلّح.
هزّت نيرفانا رأسها بمرارة، ورفعت كوب العصير ترتشف منه رشفة صغيرة ثم قالت:
ــ يمكن فعلاً صعب... بس طول ما فيك نبض، تقدر تحاول.
مش علشانها... علشان نفسك.
ثم تركته واقفًا، وسارت بخطواتٍ هادئة نحو باب القاعة، بينما بقي هو مكانه، يتأمل فنجان القهوة الذي برد أمامه، كأن كل ما داخله تجمّد مع برودته.
---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜
جلس "مهاب" على المقعد الخشبي في غرفة ضيقة، يرمق "شامل" بعينين حادتين، صوته يرتجف بالغضب المختلط بالخوف:
ــ "هو إنت ليه لغاية دلوقتي مقولتش لرائد على مكاني؟! تحب اللعبة تكون لصالحك؟"
نظر إليه "شامل" بهدوءٍ مصطنع، وكأن كل الأعصاب في جسده متجمدة، ثم رد بصوت منخفض:
ــ "مش دايمًا الكلام اللي بيتقال بيكون لصالحك... الحق عليّ يا مهاب، أنا خايف عليك."
ارتجف مهاب بعنف، وضغط على حافة الطاولة بأصابعه، حتى أصدرت خشبته صريرًا:
ــ "خايف عليا؟! من رائد؟! كفاية اللي عمله في أختي! ضربها بالرصاص في رجلها .
تنهد شامل و رد عليه قائلا
طلعت حامل، وحالف إنها تنزل الجنين... يا مهاب ، فاهم حجم الكارثة؟!"
ابتسم "شامل" ابتسامة قصيرة، جافة، مليئة بالتحليل البارد:
ــ "عارف يا مهاب، أنا فاهم كويس... بس انت كمان لازم تفهم حاجة. أنا مش جاي أظلمك، بس اللعب دلوقتي محتاج دماغ هادية. رائد مش هيسيبك تمشي من غير حساب."
قاطع مهاب بسرعة، صوته مشحون بالغضب:
ــ "مش عايز أسمع ولا كلمة! هو فاكر نفسك فوق الكل؟! ده اللي حصل مع أختي نتيجة اللي بتعمله أنت ورائد مع بعض!"
تمتم "شامل" بصوت خافت، كأنه يهمس لنفسه قبل أن يسمع الآخر:
ــ "مهاب... أنا بس بحاول أحميك. لو اللعبة اتسرّبت، ولو رائد عرف الحقيقة كلها... الوضع هيبقى أسوأ منك، وحتى منك ومن أختك."
نظر مهاب إليه بعينين مليئتين بالريبة، ثم قال بصوتٍ مجروح:
ــ "حماية؟! ده إللي عمله ضربها بالرصاص؟! وانت هتحاول تحميني؟!"
وقف "شامل" ببطء، اقترب منه، وأدار وجهه نحوه بعزم:
ــ "اسمعني كويس... أنا عارف إنك زعلان، وإن دماغك مولعة... بس لو انتصر الغضب دلوقتي، الكل هيخسر. وأنا عايزك بس تبقى عاقل، تفكر قبل ما تتحرك."
جلس مهاب ثانيةً، يعض على شفته، عيناه تلمعان بالغضب والصدمة في الوقت نفسه، وهو يهمس:
ــ "مش عارف إذا كنت عايز أضربك ولا أشكرك... بس صدقني يا شامل، لو حصل أي حاجة لأختي، مش هتسلم منّي!"
ابتسم "شامل" بابتسامة قصيرة، مخيفة بعض الشيء، وقال بصوت هادئ كأنها حقيقة:
ــ "عارف، ومش هسيبها تمسّ. بس دلوقتي، خليك معايا شوية... وخلي دماغك أوسع من الغضب. اللعبة لسه طويلة يا مهاب... ولسه مفاجآت كتير مستنياك."
---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜
جلس "مهاب" في صمتٍ طويل بعد كلام "شامل"، يحدّق في الطاولة وكأنها تكشف له كل الأسرار المخفية.
ثم رفع رأسه، عيناه تلمعان بالغضب والعزم، وقال بصوت منخفض لكنه حاد:
ــ "تمام... أنا مش هسيبها كده. مهما كان الثمن، هحمي ليلي."
ابتسم "شامل" بابتسامة قصيرة، مخيفة بعض الشيء، وقال:
ــ "ده الصح. بس لازم نخطط صح، أي حركة غلط، وممكن الكارثة تحصل أسرع مما تتوقع."
تنهد مهاب، وأمسك الهاتف أمامه، كأنه يفكر في أول خطوة:
ــ "أول حاجة، لازم أعرف كل حاجة عن تحركات رائد. هو دلوقتي مش هيعرف مكاننا، بس محتاج نعرف هو حيطّلع على إيه."
أومأ "شامل" برأسه:
ــ "تمام... أنا هأجهزلك كل المعلومات اللي أقدر أوصلها لك. بس خلي بالك، كل خطوة لازم تكون محسوبة. أي تهور، ورائد هيفهم اللعبة ويخلي كل حاجة تتقلب علينا."
مهاب أخذ نفسًا عميقًا، وصوته أصبح أكثر جمودًا:
ــ "مش فارقة معايا الخطر... أهم حاجة ليلي تبقى بأمان. حتى لو اضطرّيت أواجهه أنا لوحدي."
اقترب شامل منه وقال بهدوءٍ ثاقب:
ــ "خلي بالك من كلمة 'لوحدك'، يا مهاب. أنا معاك، بس لازم تحافظ على أعصابك، مش كل حاجة تتحل بالعنف."
ابتلع مهاب غصة، ثم قال بعزم:
ــ "مش هسيبها لوحدها، ومش هسيب رائد يلعب فيها كده تاني. لو هو السبب في كل ده، يبقى لازم يدفع تمن اللي عمله. وأنا مش هرتاح إلا لما أشوفه مسؤول عن كل حاجة حصلت."
ابتسم شامل، وقال بصوت خافت لكنه واثق:
ــ "كده تمام. دلوقتي نفكر في الخطوة الجاية. وأنا معاك خطوة خطوة. بس حافظ على هدوءك... الغضب لو طغى، هيدمرنا."
مهاب رفع رأسه، عيناه مليانة شرارة نار، وقال بحزم:
ــ "أهو كده... اللعبة ابتدت. ورائد هيعرف إن الغلط عمره ما يمر من غير حساب. هيفهم إن مهاب مش لعب عيال، وإن أي حد يلمس أخته، هيدفع التمن بنفسه."
جلس الاثنان في صمتٍ قصير، يتبادلان نظرات استراتيجية، وكأنهما يحضّران ميدان حرب قادم، وكل ثانية تمرّ تزيد التوتر، وتثقل الهواء بصوت أنفاسهما.
مهاب همس لنفسه، وعيناه ما تزالان تلمعان:
ــ "مش هسيبها... ومش هسيب حد يلعب بيها. أي حد، حتى رائد، هيدفع تمن كل حاجة عملها."
---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜
جلس "شامل" بجانب مهاب، عيناه تراقبان تحركاته بعناية، وكأنهما يقيسان نبض الغضب في صدره. صوته كان هادئًا لكنه محمّل بالجدية:
ــ "أنا خليتك هنا شوية، يا مهاب، عشان توقف الغضب اللي جواك. بس مينفعش تفضل بعيد كده أكتر من كده... انت لازم تروح وتواجه رائد، وتشيل عن ليلي الحمل الثقيل ده."
رمقه مهاب بنظرة حادة، يلتقط كل كلمة، وصوته يخرج كأنه يختبر الأرض:
ــ "أيوه... بس إزاي؟! إزاي أروح وأواجهه؟ هو مش هيهدي، الا لما ينتقم مني علي خطف بنته
هز شامل رأسه ببطء، مع ابتسامة خفيفة لكنها مليئة بالحذر:
ــ "طبعا، احنا هنروح على أساس إني أنا اللي لقيتك، مش هنبين لأي حد إننا متفقين سوا على اللي عملناه. اللعبة كلها هتبقى واضحة بس قدامك، وإنت اللي هتتحرك."
نظر مهاب إليه بعينين محتدمتين بالغضب والقلق:
ــ "يعني... أنا لوحدي، والليلة دي هتكون مصيرية... ومفيش حد يعرفنا؟"
تمتم شامل، وكأنه يهمس للريح:
ــ "بالظبط. كل خطوة محسوبة، وكل كلمة لازم تكون موزونة. بس أنا واثق إنك تقدر تعمل الصح، وتحرّر ليلي من كل اللي حصل."
تنفس مهاب بعمق، عيناه تحترقان بعزيمة لا تلين:
ــ "تمام... خلاص. هروح وأواجهه. ومفيش حاجة هتوقفني... حتى لو كل الدنيا ضدّي."
ابتسم شامل ابتسامة خفيفة، ثم قال:
ــ "تمام... دلوقتي، ركّز بس، وفكّر في كل خطوة. وإوعى الغضب يمسكك، عشان اللعبة محتاجة دماغك قبل أي حركة."
وقف مهاب، جسده كله توتر وحرارة، كأنه يستعد لدخول ساحة حرب، بينما ظل شامل بجانبه كظل هادئ، يراقب ويخطط، لكنه لن يظهر أمام رائد أنهم متفقين.
---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜
خطا مهاب بخطوات ثابتة نحو قصر رائد، وشامل يسير خلفه بهدوء، عيناهما ترصدان كل حركة في الطريق. كل ثانية تمرّ كانت تضغط على صدر مهاب أكثر، لكن الغضب بداخله يمنحه قوة لا تلين.
دخلوا القصر بصمت، ممرّين من الممرات الفسيحة، حتى وصلوا إلى مكتب رائد، حيث كانت الأنوار خافتة، والجو مشحونًا بالسكينة المزيفة.
فتح مهاب الباب فجأة، ودخل قبل أن يلحقه أحد، صوته صارخًا من التوتر والغضب:
ــ "رائد! لازم نتكلم دلوقتي!"
رفع رائد رأسه من على مكتبه، عينيه تتسعان مفاجأة:
ــ "مهاب؟! إيه اللي جابك هنا؟!"
تقدم مهاب خطوة للأمام، عيناه مشتعلة:
ــ "أنا جيت عشان أوقفك قبل ما تعمل أكتر من اللي عملته في أختي ليلي!"
ابتسم رائد ابتسامة هادئة، حاول أن يخفي ارتباكه:
ــ "ليلي؟! إنت شايف نفسك إيه دلوقتي؟ إنت مش عارف إنت داخل على مين!"
قطع مهاب كلامه بغضب:
ــ "مش فارقة معايا مين! مش هسيبك تكمل في اللي عملته! كل حاجة هتدفع تمنها... ودي آخر مرة تحاول تمس أختي!"
وقف شامل عند الباب، ينظر بعينين هادئتين، كأنه مجرد مراقب، لا يظهر أي شعور بالانحياز، رغم أنه يعرف أن كل كلمة وكل حركة قد تغيّر مجرى المواجهة.
رد رائد بصوت منخفض لكنه حاد:
ــ "أنت فاكر نفسك أكبر مني؟! الليلة دي مش هتعدي من غير ما تعرف إنت مين يا مهاب و ازاي تقف قدام رائد."
صرخ مهاب بغضب محتدم:
ــ "مش مهم! أنا مش هسيب أي حد يلمس أختي ! مفيش حاجة هتوقفني، حتى لو كل الدنيا ضدّي!"
اقترب مهاب خطوة أخرى، وارتجف مكتب رائد تحت وقع كلماته، وكأن الغضب المشتعل فيه سينقل زلزالًا إلى المكان كله.
ابتسم رائد ابتسامة قصيرة، ثم قال:
ــ "تمام... أهو إحنا هنشوف مين اللي هيدفع التمن أولاً."
التوتر ارتفع، الهواء أصبح مشحونًا بالتحذير، وكل عين في الغرفة تتسمر على الآخر. كانت المواجهة قد بدأت، وما تبقّى هو اختبار من القوة والعقل والجرأة، كل كلمة، كل حركة، كل نظرة ستحدد مصيرهم جميعًا.
---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜
وقف مهاب أمام رائد، عيناه تلمعان بالغضب، صوته يتخطى صدى الغرفة:
ــ "مش هسيبك تكمل زي ما إنت عايز! كل اللي عملته في ليلي، هتدفع تمنه! ضربتها بالرصاص في رجلها ؟ طلعت حامل؟ وحلفت إنها تسقط الجنين و يروح؟ ده مش لعب يا رائد!"
ابتسم رائد ابتسامة مرّة، لكنه لم يخفِ توتره:
ــ "أنت فاكر نفسك مين؟ إنت صغير على كل ده، ومش عارف الدنيا دي ماشية إزاي!"
صرخ مهاب، صوته يختلط بالغضب والعاطفة:
ــ "مش فارقة! حتى لو أنا صغير، مش هسيب واحد زيك يمس أختي! ومش هسيب أي حد يفلت من اللي عمله!"
تقدم خطوة أخرى، عيناه ما تزالان ثابتتين على رائد، وكل جسده مشحون بالغضب:
ــ "أنا مش بطلب منك تعترف ولا تحاول تبين نفسك مظلوم... أنا بطلب منك توقف كل اللي بتعمله في ليلي. ومش هسيبك لوحدك، كل كلمة وكل حركة هتتحاسب عليها!"
تراجع رائد قليلاً، وعينه تلمع بتحدٍ مختلط بالخوف والغضب:
ــ "أنت فاكر نفسك جامد؟! هتقدر توقفني إزاي؟!"
ضحك مهاب ضحكة قصيرة لكنها حادة، ثم قال بحدة:
ــ "مش هوقفك بكلام، هوقفك باللي تقدر تفهمه! لو أي حاجة حصلت تانية، تعرف أنا هعمل إيه... وكل اللي عملته في ليلي، هينقلب عليك!"
وقف شامل على بعد خطوات، صامت، مراقب، لكنه يعلم أن كل لحظة ممكن تكسر التوازن.
تنفس رائد ببطء، ثم قال بصوت منخفض:
ــ "مش هسكت عن ليلي... ومش هسيبك تلعب دور البطل كده!"
رد مهاب بحدة:
ــ "البطل؟! ده مش بطولة، ده حماية! ودي مش حاجة أنا هتهاون فيها، مهما كان اللي قدامي."
ارتفع صوت الغضب في الغرفة، الهواء صار مشحونًا بالتحدي، كل كلمة كانت كالسيف، وكل نظرة كأنها تحفر أثرًا في جدار الزمن.
تقدّم مهاب خطوة أخيرة، وصرخ:
ــ "آخر مرة، رائد! أي مساس بليلي أو حياتها، هيخلي كل حاجة تدفع تمنها... وأنا مش هسيبك تفلت من الحساب!"
توقف كل شيء للحظة، صمت ثقيل ملأ المكان، حتى كأن الجدران نفسها تحبس أنفاسها. كانت المواجهة قد وصلت لذروتها، وما تبقّى الآن هو اختبار من القوة والعقل والشجاعة، حيث سيكشف كل طرف عن حدوده الحقيقية.
---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜
وقف شامل عند الباب، يراقب المشهد بعينين هادئتين، كأن صمته يحمل ثقل كل الأحداث الماضية. ثم، بخطوة واحدة، اقترب ورفع صوته بهدوء لكنه حازم:
ــ "أنا واقف ساكت من بدرى، ومش راضي أدخل... بس ده مش حل المشاكل بينكم."
توقف رائد عن صراخه، ووجهه ما يزال متأججًا بالغضب، لكنه رمق شامل بعينين تختلط فيهما الدهشة بالحذر:
ــ "إنت ليه دلوقتي تتدخل، شامل؟ إنت شايف الموضوع ده لعبة ولا إيه؟"
أجاب شامل بصوت منخفض، منطقي، لكنه حازم:
ــ "لأ، مش لعبة يا رائد. بس أنا عايز أفهم منك حاجة... إيه اللي خلاك تتأكد إن مهاب هو اللي خطف نيرفانا؟ ما يمكن يكون حد تاني خدعك، أو الخشن كدب عليك؟"
اقترب شامل خطوة أخرى، ونظر لمهاب بعينين لا تخلو من الحذر، ثم عاد يوجّه الكلام لرائد:
ــ "وطبعًا، لازم نفهم دوافعه. إيه اللي يخليه يخطف بنتك؟ بينكم نسب ومش يمكن حد استفاد من ده؟"
تنهد رائد ببطء، صوته لا يزال محمّلًا بالغضب، لكنه بدأ يسيطر على نفسه:
ــ "النسب؟! هو ده اللي بتهدّر عليه الكلام دلوقتي؟ مهاب واخد الموضوع كأنه لعبة عيال، وأنا شفت بعيني بنتي نيرفانا ضايعة! دوافعه؟ اللي بينه وبينّي يكفي، واللي بينه وبين أخته كفاية... طول عمره بيبيع أخته برخص التراب علشان مصلحته بس هي بتكرهني و بدور علي اي فرصه تخلص مني علشان كدة اتحالفت معاه المرة دى بس بصراحة، كل اللي عمله ده دلوقتي ياكدلي انها معاه
رمق شامل الطرفين بعينين ثاقبتين، ثم قال بصوت هادئ لكنه حازم:
ــ "تمام... يبقى واضح. الغضب عندكم كل واحد فيه سبب، بس لو الموضوع استمر بالشكل ده، محدش هيخرج منه من غير خسارة. خلينا نفكر قبل ما أي كلمة تتحول لسيف."
مهاب ظل واقفًا، صدره يتحرك بعنف، وعيناه مشتعلة بالغضب، بينما رائد استدار قليلًا نحوه، وكأن كل لحظة فيها توازن هش بين القوة والعاطفة، والقرار النهائي لم يبقَ بعيدًا.
---
قلب السلطة بقلمي مروه البطراوى 💜
نيرفانا تمشي بخطوات مترددة، قدماها تكاد تتعثر على الأرضية غير المستوية. كل ظلّ يمر أمامها يثير رهبتها، وكل صوت خلفها يجعل قلبها يقفز في صدرها. بجانبها، كان هناك شخص يمشي بصمت، لا تعرف له ملامحًا واضحة، لكن حضوره يشعرها بمزيج من الغموض والخطر.
رفعت رأسها، وعيناها تتساءل، وصوتها يخرج مرتجفًا:
ــ "إحنا رايحين على فين؟"
ابتسم الشخص ابتسامة غامضة، لم تستطع نيرفانا تفسيرها، كأنها تخفي شيئًا لا يمكن كشفه:
ــ "رايحين نكمّل اتفاقنا..."
ــ "اتفاقنا؟! أنا مش فاهمة حاجة!" قالت وهي تحاول أن تثبت نفسها، لكنها شعرت برعشة خفية تسيطر على جسدها.
وقف الشخص للحظة، ثم أضاف بصوت هادئ لكنه يحمل قوة:
ــ "بعد ما ولّعنا الدنيا ما بينهم ؛ لازم نكمّل... مفيش طريق تاني دلوقتي."
نيرفانا شعرت بالارتباك، حاولت النظر إلى ملامحه، لكن الظلال أخفت كل شيء، وكل خطوة كانت تقودها أكثر نحو الغموض، نحو شعور بأنها في لعبة أكبر منها، وأن أي لحظة قد تكشف الحقيقة أو تزيدها خوفًا.
