رواية قيصر العشق الفصل الخامس والثلاثون
بعدما دخل امير للداخل توجه كمال نحو الطابق السفلي الذي يحتجزون بداخله معتز ، اما بالنسبة لتحسين الذي اتسعت عيناه باستغراب حينما سمع امير يأمر بأن يقوموا بإخلاء سبيل معتز فقد كان يعتقد انهم سوف يحتجزون رسلان فقط، تمتم قائلا وهو يضع يده خلف عنقه محركا" رأسه :
ده انتوا ليلتكوا سودة وزي الطين الباشا ها ينفخكوا إن ما كانش ها يطير رقابكوا بلااا وماله اهو قاعدين مفيش ورانا حاجة ......
في الطابق السفلي للمصنع
وضع الحراس معتز على كرسي خشبي ، كان رأسه يميل لليسار فاقد للوعي بسبب تلك المادة.
المخدرة التي حقنوها بجسمه الحراس، عيناه مغطاه بقطعة قماشية سوداء وأيديه مكبلة
يحيل متين ومقيد الحركة يسبب تثبيت ارجله بالكرسي ....
ترجل كمال للداخل ناظرا" نحو معتز قائلا" باستنتاج مما راه موجها " حديثه للحارس الذي يقف بجانب الكرسي الموضوع عليه معتز :
الظاهر مزودين الجرعة ....
اجابه الحارس يشتكي ما عانوه من معتز ودفعهم لفعل ذلك :
یا بیه ده فضل يعافر الآخر نفس و مكانش اودامنا حل غير كدة .....
كمال وهو يومي رأسه بخفة ناظرا لساعة يده قائلا بنبره أمرة :
نص ساعة وتاخدوه من هنا تسيبوه بأبعد حته
الحارس بامتثال للأمر :
تحت امرك يا بيه .....
بعد مرور عشرون دقيقة لا يزال على نفس الحال يجوب ذهابا وإيابا" بداخل الغرفة غير مبال بالبرودة التي ازدادت بشكل ملحوظ ووصلت لدرجة الصقيع فقد اعتاد جسده طيلة ايام حياته في بريطانيا ، يعلم جيدا بأنه داخل خطة قذرة لعينة من مخططات امیر ، لآخر لحظة ورمق كان قد منحه فرصة للتراجع والعدول وعدم تجاوز الحدود ....
بقدر ما يحمل رسلان من الم بداخله إلا أنه شجاع ملتزما بتلك القيود والحدود المتمسك بها متمسك بذلك الضمير الذي في كل مرة ينبغي عليه أن يرد الأذى الذي سبب له يسيطر عليه ويدفعه لإعطاء تلك الفرص الأخرى ......
لكل بداية نهاية ونهاية إعطاءه لهذه الفرص أوشكت على الانتهاء إن لم تكن انتهت بالأساس علم جيدا أن اعطاءه للآخرين فرصا متكررة ما هو إلا إعطائهم رصاصات إضافية سوف نقضي عليه بدلا من تلك الرصاصات الأولى التي لم تأتي بنتيجة .......
توقف بالمنتصف واضعا " يداه على جبهته يفرك بها ثم لوى شفتيه بسخرية وغمغم قائلا بخفوت :
- قال هيتعدل قال لا حول الله يا رب مش خسارة فيك اللي ها عمله ......
اطلق تنهيدة قائلا بوعيد :
- ماشی با امیر
وكأنه يعلم بأن هناك عيون تترصد له وتراقبه حرك رأسه باتجاه الباب واضعا" يده اليمنى على خصره واليسرى خللها بخصلات شعره وبحركه سريعة بدأ يضرب الباب ضربات متتالية صارخا " اكثر من مرة بوعيد وتهديد :
ورحمة ابويااااا يا امير لأجيب أخرك .... مبقاش رسلان العطار لو مكتبتش نهايتك ......
عيونه لم تحيد عن تلك الشاشة يراقب كل حركة وردة فعل يقوم بها رسلان بأعين منشفيه تحمل بطياتها حقد دفين ، عقد ما بين حاجبيه بغضب ثم هتف بملل :
باين البرودة مش ها تجيب معاه نتيجة .....
تناول هاتفه من جيب جاكيته ورفعه على أذنه قائلا بنبرة حادة آمرة:
- شغل دلوقتي .....
ضغط تحسين على أزرار التشغيل الخاصة بالجهاز المشبوك في الغرفة ثم استدار مهرولا" باتجاه آخر، في تلك الأثناء حينما رأى رسلان أن البخار بدأ يتدفق الداخل الغرفة وينتشر كتم على نفسه وانتظر قليلا حتى امتلات الغرفة متأكدا تماما" بأن الرؤية محجوبة ولا تستطيع الكاميرا تصوير ما يحدث ، دس يده بجيبه مخرجا " قطعة قماشة ووضعها على وجهه يغطي فمه وانفه ما هي الا لحظات حتى بدأ البخار بالتلاشي ليزيل القطعة على الفور
وأعادها بداخل جيب بنطاله القطني .....
ابتعد عن الزواية وبدأ يسهل بصوت عال ويلهت وكانه لا يستطيع التنفس ......
فور استماعه لصوت سعال رسلان لاحت على شفتيه ابتسامة خبيثة تحمل في طياتها لذة النصر ليستدير بسرعة خارجا من غرفة المراقبة نحو الغرفة التي يتواجد بها رسلان ...... الحق به كل من كمال وحمدي وعند وصولهم لباب الغرفة استدار نحوهم وهتف بحدة وأمر وهو يشير بيده :
أثبتوا مكانكم مش عاوز حد يتدخل ....
دلف للداخل وأغلق الباب وراءه، وجد أثار الدخان توارت تماما ولا يوجد لها أثر توقفت عيناه على رسلان الذي كان جالسا على ركبتيه ويسهل بشده و بلهت بين حين وآخر .... اقترب امير بخطوات حذرة نحو رسلان ......
رسلان فور رؤيته الأمير أخذ يزيد من السعال ويلهت واضعا يداه على صدره، ابتسم امير ابتسامة صفراء خبيثة علت تغره وهو ينظر لرسلان وكانه يقول هذا ما أريده هتف بسخرية وهو ينظر نحو رسلان بنظرات مغلفة بالحقد :
كويس اللي لعبني دي مراحتش عالفاضي .
دس يده بجيبه وأخرج تلك الأنبوبة الزرقاء وأعينه ما زالت على رسلان الذي ما زال يتنفس بصعوبة ويسعل بشدة ، لوى امير شفتيه بسخرية وهتف بشمائه وهو يقبض على علية
البخاخ المماثلة تماما" لتلك التي راها بدرج مكتب رسلان :
شفت يا رسلان العطار الدنيا بتدور ازاي ، جه اليوم اللي تبقى حياتك او موتك بايدي .....
مد العلبة باتجاه رسلان الذي يستمع بكل جوارحه لكل حرف ينطق به هذا الغبي :
المطلوب منك تترجاني عشان اديك اللي ها يسيبك تعيش .. انت اللي ها تختار لو عاندت انشاهد ع روحك .........
حمل الحارسان معتر وأخرجوه من المصنع باتجاه السيارة السوداء التي تصف بالكراج المخصص للمصنع ، ما زال معتز فاقدا للوعي ولكن بسبب حركة الحراس وحمله بدأت حالة اليقظة تعود له تدريجيا"، وضع الحارس معتز بالجزء الخلفي من السيارة ورفع يده ليغلق عليه وبلحظة مباغنة فوجيء بضربة قوية على خلف رأسه اسفل عنقه فجعلته يترنح. واضعا " يده مكان الضربه بريد الاستدارة ورؤية من قام بفعل هذا لكنه فقد الوعي قبل ذلك اما الحارس الآخر الذي أوشك على تشغيل السيارة ولكن حينما رأى ما يحدث خرج على
عجاله نحو تحسين الذي لم يسمح له بالاقتراب أكثر مباعنا إياه بضربة بتلك العصا المتينة
مكررا " الضربات حتى جعله يفقد الوعي ......
هرول تحسين نحو الجزء الخلفي من السيارة وحمل معتز ووضعه على الطرف وبدأ بإزالة القطعة القماشية عن عينية وفك الحبل الذي يقيد يديه ، تحسين وهو يربت على وجه معتز الذي بدأ يستيقظ :
- معتز باشاااا..... يا باشااا فوق
"" عودة للداخل عند رسلان و امير""
اتسعت عيناه صدمة واستنكار لما يراه، ليت ما يراه ويسمعه كابوس وينتهى ، تبقى في قلبه ذرة أمل أن يتراجع ويعدل أمير عما ينتوي له، لكن لا يرى امامه سوى إصرار كبير وحفد دفين، خفف رسلان من سعاله المصطنع حينما نطق أمير بتلك الجمل .....
أظلمت عيناه وأصبحت كسواد الليل قسوة، وقف على حين غرة وأصبح كالوحش الكاسر حينما انقض على أمير لاكما " اياه بقوة على وجهه ثم ركلة قوية على بطنه ، توالت لكمات رسلان على أمير الذي ما زال لا يدرك ما يحدث فقد كان هو المنتصر لا يعلم متى انقلبت الطاولة عليه واصبح هو الخاسر ...
جحظت عيناه حينما اطبق رسلان على رقبته بيده الغليظة معيدا" إياه للخلف ليجعله يخبط بالحيط ، ارتعدت أوصال أمير واهتز كياته من منظر رسلان المرعب والمخيف ملامحه الحادة وعيناه التي تشتعل لهيبا" وغضبا" ، في هذه اللحظة أدرك أن اسوأ ما في رسلان العطار سيخرج .....
تخيل أن الجرح مغطى عليه وبالكاد قد شفي وبحركة منك تضغط عليه على غفلة تخيل حجم الألم الذي ستشعر به فهذا الذي شعر به رسلان الم حقيقي مؤلم ......
كز على أسنانه بغضب ثم هتف قائلا بنبرة قاسية تحمل بطياتها الألم وأعينه الملتهبة من الاحمرار:
مش رسلان العطار اللي ينذل لواحد زيك ... حتى لو كان ثمنها موتي .....
كان ينطق بكل كلمة وهو يزيد من قبضته على رقبة أمير الذي بدأ وجهه بالاحمرار ويعجز عن التنفس
بنفس التوقيت كان معتز بالخارج يتعارك مع كل من كمال وحمدي دفعهم نحو الأرض بضربات متتالية مندفعا " نحو الباب بسرعة يفتحه ....... اتسعت اعين معتز صدمة حينما رأى رسلان والغضب يتطاير من عينيه وتحت قبضات يده أمير الذي توشك أنفاسه على الانقطاع .... ركض معتز نحو رسلان يبعد يديه عن أمير بكل قوته صارخااااا :
رسلاااااان ها تموته شيل ايدكك
استطاع معتز ابعاد رسلان عن امير الذي اثنى جسده وهو يتحسس رقبته يحاول أخذ اكبر كمية من الاكسجين ثم عدل وقفته ينظر الرسلان الذي مازال يحدق به بغضب .... رفع رسلان أصبعه محركا اياه بتهديد وتحذير ونبرة جدية لا تحتمل شيئا" آخر :
المرادي هاسيبك بس مش عشانك عشان رحمة ابويا بس وديني وما أعبد يا امير لو كررت العابك القذرة دى تانى مش ها رحمك .... اللهم بلغت اللهم فاشهد ....
في نفس التوقيت الذي كانت النظرات المحترفة والمتبادلة بين رسلان وأمير والتهديد الصريح، دارت أعين معتز الغرفة نظرات خاطفة حتى علقت عيناه على تلك العلبة المرمية على الأرض كان يعلم ماهيتها جيداااا تحرك نحوها ملتقطا " إياها عن الأرض يتفحصها .
في تلك الاثناء دخل حمدي وهو يمسك بسكين مندفعا " نحو رسلان يريد الانقضاض عليه
اوقفه امير وهو ينزع السكينة من يد حمدي وهدف بغضب :
انا مش قلت ملكوش دعوة ....
حمدي بتبرير :
بس يا باشا دووول ....
قاطعه امير بحدة :
ما تبسبسش مش عاوز كلام فوق كلامي اطلع براااا ....
لوی رسلان شفتيه بسخرية على هذا الموقف ... ثم اعاد ارتداء ملامح الصلابة ....
استدار امیر نحو رسلان بأفكار متضاربة تعصف به
. لو كان مكان رسلان لما تهاون للحظة في رد الاعتبار وتذويقه من أنواع العذاب لأن ما قام به ليس بالهين فوجيء بأن رسلان ما زال محافظا على عرق الدم ما بينهم ، رفع حاجبه باستغراب حينما قال رسلان أنه لن يؤذيه لأجل ابيه ، ثم عقد امير ما بين حاجبيه باستغراب
وتساؤل من ردة فعل رسلان ......
بنفس اللحظة.
اقترب معتز وهو يمسك بالعلبة بتساؤل موجها " حديثه نحو رسلان ليجعله يلتفت نحوه :
رسلان ايه ده !!!
أجابه رسلان بنبرة حادة أمرة :
مش وقت الرغي يا معتز امشي
قال جملته واستدار بخرج من الغرفة جاعلا معتز يلحق به ..... رمق رسلان كمال الذي يتاوه على الأرض نظرة غاضبة واشمئزاز ... ثم استمر بخطواته نحو الخارج ..
عودة الأمير
رفع كفين يديه نحو رأسه يضغط بشدة وقهر حتى بانت عروق صدغه وضرب الجانب الأيسر بكف يده وهو يصك على اسنانه يغضب ليصيح بصراخ :
غبي غييييبي ..... غبييبي
خرج للخارج وهو يصرخ على كمال وحمدي :
انتوا با بهایم ازاي اللي اسمه معتز تسيبوه يدخل هناااا ...... رمق حمدي يغضب وانقض
عليه ممسكا " بتلابيه :
لو تكرر ثاني واتصرفت من غير أمر مني ها ولع بيك ...
ابعد يده متلفتا" حوله قائلا بتساؤل :
فين تحسين ؟؟؟
کمال بتوتر :
متعرفش يا باشا بقاله مدة مختفي ... من ساعة ما شغل البتاع بتاع الدخان مفيش ليه
هر امیر رأسه بغضب :
هاتولي اياه من تحت الأرض .... غور انت وهو قبل ما ادفتكوا هنااا.......
بالخارج
ينتظرهم بفارغ الصبر أن يخرجوا من الداخل، لا يحتمل فكرة عدم خروجهم فلا أحد يستطيع الآن حمايته من امير بعدما يكشف أمره سوی رسلان فاختفاءه ليس بالأمر الهين ولا بد انهم قد شکوا به اطلق تنهيدة راحة بعدما رأه يخرج من البوابة الرئيسية للمصنع بخطى ثابتة ووراءه معتز اقترب رسلان منه ونظر اليه بنبرة امرة :
اركب العربية يا تحسين ها وصلك عند عيلتك ها تختفي تماما دلوقتي ، ومتخافش انت بحمايتي مش ها سمح لأي حد يأذيك انت وعيتلتك
تحسين بسعادة وهو يركب بالمقعد الخلفي :
ربنا يخليك يا باشا ويديمك .....
خرج كمال وحمدي للخارج يبحثون عن تحسين لم يبقى مكان ما يحثوا فيه ولكن دون جدوى ليؤكد لهم بأن تحسين بالفعل كان يعمل لصالح رسلان .
كمال : انا كنت شاكك آخر فترة مكانش مربوط كدة وبتلكك اوي كنت حاسس ان وراه حاجة مش مظبوطة .....
حمدي : هنقول ايه للكبير دلوقتي ؟؟؟
امير من خلفهم بغضب لاعنا " حماقته هتف بصوت حاد وغليظ بعدما استمع لحديثهم : امشي من هنا انت وهو حسابي معاكوا بعدين .....
هرول حمدي و كمال بسرعة من المكان ....
وقف امير ينظر حوله بغضب :
الجولة دي انت اللي كسبت يا رسلان العطار اما نشوف ها تعمل ايه بعد كدة ....... قال جملنه بابتسامة سخرية لاحت على شفتيه وهو يصعد لسيارته ينطلق بها ........
اوصل رسلان تحسين لمكان أمن بالنسبه له هو وعائلته ....... ومن ثم توجه بالسيارة نحو
مكانه المفضل ..... أوقف السيارة على قمة الجبل ونزل منها بخطوات هادئه ومن ثم اتكا على الطرف الأمامي للسيارة تحت انظار معتز الذي نزل هو الآخر ووقف بجانب رسلان ..
عقد رسلان ساعديه امام صدره ينظر أمامه بشرود دون أن ينطق بأي حرف .......
معتز وهو ينظر لملامح رسلان التي يعتليها الجمود والغموض أردف القول بتساؤل :
انا مش فاهم حاجة خالص يا رسلان انا اللي فهمته من ام الليلة دي ان امير ورا الكلاب اللي قطعوا سكنى النهاردة .... انا مش فاهم هو بيعمل كدة ليه وعاوز ايه مهو با اما مجنون أو في حاجة بدماغه .
اطلق رسلان تنهيدة وهو ما زال يحدق امامه بشرود :
تحسين بقاله مدة بيشتغل لصالحي من ساعة ما عرفت أن امير عايش ......
معتز باستغراب وتساؤل :
ازای قدرت توثق بيه تاني بعد اللي عمله يا رسلان ؟؟؟
رسلان ببرود
ما او نقش بيه ثاني ليه ؟؟ تحسين نقطة ضعفه عيلته وامير استغل النقطة دي ........ بالنسبة هو رجع يشتغل لصالحي ثاني ليه عشان هو عليه ديون وشكات راجعة وسندات امانة وانا خبرته ما بين أن يعمل اللى انا عاوزه أو يتسجن وهو طبعا" اختار يشتغل تاني الصالحي بشرط ان عيلته متتأذيش وانا عملت بأصلي وفعلا العيلة بناعته بقت بحمايتي ومستحيل حد يقدر يوصللهم .......
معتز بفضول وتساؤل :
طب انت استفدت ايه دلوقتي من الراجل ده ؟؟؟
رفع رسلان كف يده يمسح على لحينه بابتسسامة قائلا بغموض :
استفدت واوي كمان بس كل حاجة بوقتها ...... و كمان لولا تحسين كان وقعت بالكمين
بتاعه اللي كان ناوي عليه النهاردة ....
معتز : عليك نور هو ده اللي عاوز اوصله هو كان ناوي ع ايه بالزبط ......
تبدلت ملامح رسلان معيدا" ذاكرته للوراء وبدأ يسرد المعتز ما حدث .
فلاش باك
بعدما خرج رسلان من المطعم بعد لقاء نوح.
"" هذا الجزء لم يحدث معتز عنه ".
عاد مرة أخرى للشركة لينهى اعمال المشروع الخاص بالفندق، اسند ظهره على الكرسي الجلدي ورفع كف يده اليسرى يفرك بعيونه بتعب، استمع لصوت رنين هاتفه استجاب للمكالمة التي كانت تحمل رقما " غريب .....
تحسین بصوت خافت :
رسلان باشا انا تحسين
رسلان بصوت أجش :
- تحسين !!! خير حصل تطورات ؟؟ تحسين :
مش عارف اقولك ايه يا باشا بس امير باشا ناويلك النهاردة ع حاجة وجمعنا دلوقتي ....
رسلان رافعا" حاجبه بتساؤل :
حاجة زي ايه يعني ؟؟
تحسين :
مش عارف اقولهالك ازاي يا باشا بس هو طلب مننا حاجات غريبة تعملها، انا عن نفسي مش فاهم
رسلان بتساؤل :
حاجات زي ايه يا يا تحسین متعصينيش اخلص ...
تحسين بتوتر :
اصل يا باشا هو طلب مننا تجهز اوضة للتبريد بمصنع وكمان عاوز يحشرك بيها وجاب جهاز بخرج دخان بكميات كبيرة اوي .....
رفع رسلان حاجبيه باستغراب معيدا" ظهره للوراء مستندا" على الكرسي ثم قال بنبرة هادئة :
ها تعمل اللي هو عاوزه بس تغيير بسيط ها يحصل
تحسين :
اومرني يا باشااا
رسلان بلهجة حافة :
بخار مش دخان فهمك كفاية .....
تحسين بقطنة :
انت تؤمر يا باشا كل حاجة ها تبقى مثل ما انت عاوز .....
خلف
اتسعت أعين معتز بصدمة ...
رسلان بضحكة وهو ينظر المعتز ... كل هدفه من اللي عمله أن يشوفني عاجز وضعيف ... وانا طبعا" مشيت معه باللي هو عاوزه وعملت نفسي مش قادر اتنفس وع شوية هاموت والأخ بصراحة مقصرش بالحكاية دي قام طلع الدوا اللي شفته وبكل بجاحة اودامك خيارين يا
رسلان العطار اما تترجاني عشان اديك الدوا اللي ها يسبك عايش او تتشاهد ع روحك ....
معتز بصدمة : استنى بس كدة هو ازاى عرف بموضوع الدواده ؟؟
رسلان بلامبالاه :
معرفش جايز دور بالورق القديم بتاع بريطانيا
معتز باستغراب :
البني ادم ده مش طبيعي افرض ان انت بجد بتستخدم الدوا ده دلوقتي !!!!
اتسعت اعين معتز على حين غرة متذكر امرا ما قال بشك :-
استنى بس كدة انت مش قولتلي من زمان بطلت تاخد العلاج ده اومال ليه قولت التحسين يحط بدال الدخان بخار ......
رسلان بتأفف :
يا غبي اكيد مش هاسيبه يحط دخان عشان الدخان ها يأثر ع اي حد سواء انا او غيري
اسبل معتز عيونه بضيق قائلا:
ماشي يا عم ناوي ع ايه دلوقتي .....
رسلان بغموض وابتسامة :
ماضی امیر کله قریب اوي ها يكون بين ايدي وها عرف كل حاجة ......
معتز بفضول وتساؤل :
لو اكتشفت ان مظلوم ها تسامحه
رسلان وهو يحرك رأسه بخفه ناظرا" امامه :
الحقيقة دي مش عشاني عشانه هو ها خليه يندم ع كل حاجة عملها انما انا مش ها سامح
معتز باستفهام :
يعني مش ها تديه فرصة ؟؟ انت ناسي ان امك بالمشفى اول ما فاقت قالت اسمه ؟؟؟
زاد حنق رسلان حينما تذكر ما يقوله معتز وفضل السكون .....
تابع معتز قائلا: سيبك يا عم من طنط مريم انت ناسي جدتك لو عرفت ان حفيدها عايش او حتى عمك عبد الحميد انت مش ها نقدر با رسلان تمنعهم انهم يجتمعوا بامير بغض النظر عن هو عمل ايه .....
نكس رأسه قليلا ووضع كفين يديه على وجهه مغلقا " عيناه ثم فتحهم مطلقا " تنهيدة قائلا
بصوت مبحوح :
مش ها منع حد ولا ها وقف بوش حد عشان انا جريت قبل كدة ابقى انسان وحش بس ما قدرتش .. اكتشفت اني أكبر حاجة ممكن اعملها اني اهرب ويقولوا عني جبان او حتى
صل على اسنانه بألم وذكريات مؤلمه تداهم عقله بصوت مرتجف :
ميعرفوش اني اكثر حاجة بكرها اني اشوف حد ضعيف اودامي .... احساس اني ابقى ضعیف احساس مخيف .
أغمض عينيه ضاغطا عليها بشدة واحتدت نبرته يقسوة ليقابل معتز بنظرات غاضبة
متألمة :
انا مش ها عاتب حد بالحكاية دي غير نفسي عشان انا اكثر حد أذيت نفسي انا السبب بكل حاجة حصلتلي ... انا سبب الألم اللي شفته ...... انا مش ها تعاتب ومش ها سامح عشان مش هانسي اليوم اللي بعدت فيه عن أكثر حاجة كنت محتاجلها بالدنيا .... مش هانسي الوحدة اللي حسيت بيها والألم اللي شفته مش هانسي اليوم اللي قررت بيه انهي حياتي بإيدي يا معتززززز مش هانسی مش هانسي الايام والشهور اللي فضلت اعافر بيها لوحدي بزوايا مشفى الامراض النفسية مش هانسي ولا هانسي اليوم اللي اضطريت اخد علاج عشان النوبات اللي كانت تجيني كل ما احاول ابقى قوي .......
اظلمت عيناه وهو يحرك رأسه برفض :
ولا هانسي اليوم اللي تقال عن كل ده تمثيلية انا عملتها عشان قتلت اخويا ... حتى لو كان امیر مظلوم وكل من ليه علاقه بالحكاية دي مظلوم
: انا مش هانسي عشان ده .... نطق جملته وهو يشير بأصبعه على رأسه مكملا" بيأس وتعب
مش بينسى حاجة ......
أدرك معتز أن كل ما عايشه رسلان وعاناه على مضي الستين لم ينساه ولم يغادر روحه وعقله وأن مرض الماضي ما زال عالقا بروحه وتلك القوة التي تتمثل بهيأته ماهي إلا قوة
ظاهرة متناقضة تماما" لما يداخل أحشاءه ........
تراجع رسلان للوراء يفتح باب السيارة واشار برأسه دون كلام المعتز بأن يركب السيارة .
شعر بالأسف والحرج وندم كيف له أن يقول الرسلان هذا الكلام وهو الذي يعلم ما عاشه رسلان جيدااا .
ركب معتز السيارة ليقول باعتذار :
معلش يا رسلان انا خدني الكلام بس انا لمصلحتك ها قولك يا صاحبي انسى اللي فات و متسيبش نفسك بالماضي .
اماء رسلان رأسه بغموض دون أن ينطق بأي شيء وشغل السيارة .. وصل معتز لبيته بصمت رهيب من رسلان ومن ثم توجه نحو القصر ....... وقف السيارة بباحة القصر وترجل
منها كانت الساعة تقترب من الواحدة صباحا"
فور رؤيتها لضوء السيارة استيقظت من غفوتها ونهضت تطمان ان كان رسلان قد عاد
لفت انتباهه وقوف أمه على شرفة غرفتها وكانت تتطلع عليه غمهم قائلا:
ولا له لزوم اهتمامك بعد ما خلصت معركتي مع نفسى .... قال جملته ثم ابتسم لها لكي يجعلها تطمان فهو يعلم بأنها ما زالت مستيقظة لأجله لكي تنظمان عليه ثم توجه للأعلى نحو غرفته لينتهي هذا اليوم المتعب ..........
صباح اليوم التالي
داخل بيت مدحت الدسوقي
خرجت زمردة من غرفتها ترتدي ملابس الخروج لتلاقي امها التي بدأت بحملة التنظيف اليومية للشقة .....
زمردة وهي تتوجه نحو امها تقبلها :
صباح الخير يا احلى ام بالدنيا .....
زينب : صباح النور يا بنتي .. ها تفضلي كدة ما تقطريش لحد ايمته استني ها حطلك قطار تاكليلك لقمتين ....
زمردة باستعجال : معلش با ماما انا ورايا شغل اد كدة .....
زينب بضيق : شغل ايه ده يا بنتی ده مش فاضل لخطوبتك انتي ورسلان غير بكرا يادوبك تلحقي تجهزي نفسك ونشتري كم حاجة ناقصانا .....
زمردة ينبرة مطمأنة : متقلقيش يا ماما كل حاجة ها تتزبط بس انا دلوقتي لازم اخرج عشان ورايا حاجة مهمة اوي لازم اعملها .....
زينب بتساؤل : حاجة ايه دي يا زمردة ما يكونش مخبية عني حاجة كدة ولا كدة
زمردة : لا يا ماما وانا ها حبي عنك حاجة ليه ده انتي قلبي ها و عدك اما ارجع ها بقى الفلك عن كل حاجة ادعيلي ...
زينب : أما نشوف ... تابعت بدعاء : روحي ربنا يسهلك دريك يا بنتي ويبعد عنك ولاد وبنات الحرام
داخل الشركة
مد يده الممسكة بباقة الورود الصفراء لتظهر من الباب دون أن يطل بجسمه ، الإثارة انتباهها اولا ... اسیلت ملك عيونها باستغراب لرؤيتها لباقة الورد كم كانت الباقة جميلة للغاية ابتسمت باستغراب ..... تلاش ابتسامتها عندما رأته يدخل وهو يغطي باقة الورد على
وجهه ويتحدث من خلفها :
- ممكن تقبلي اعتذاري
ازاج الورد عن وجهه ليرى ردة فعلها .....
رفعت ملك رأسها بغرور :
- آسف مبقبلش اعتذار حد وبالذات انت
عمار وهو يجلس امامها على الكرسي المقابل لها :
طب تصدقي انا طول الليل ما قدرتش انام وانا افكر ازاي اعتذر عاللي عملت ده حتى بصي انا جايبلك ورد اصغر عشان ده بالذات للناس الزعلانة ...
ملك يعدم تصديق: امممم صدقت يص من الآخر كدة يا بش مهندس جو الحوارات ده
مينفعش معايا .. واطلع من مكتبي حالا" ......
عمار وهو يسبل عيونه بحزن: حوارات ايه بس يا ملك هو انا بتاع حوارات ده انا مسكين وغلبان تصدقي ماما النهاردة الصبح فضلت ماسکانی عاوزة تجوزني ........
هتفت ملك: وانا مالي ما تجوزك هو انت هتقولى قصة حياتك .....
عمار بابتسامة: مهو انا جايلك بالكلام بصراحة كدة انا عاوزك تساعديني الاقي العروس اللي انا عاوزها .....
ملك يغيظ: نعمممم يا حبيبي !!! هو حد قلك اني خطابة وانا معرفش متروح يا عم تدور عروس لوحدك انا مالي هو انت ليه محسسني اني خلفتك ونسيت ....
عمار وهو يضع يده على قلبه: يااااه ده انا قلبي ابتدى يدق .... كلمة حبيبي طالعة منك زي العسل ....
تم تابع يحزن مصطنع:
اقولك ايه ولا ايه كل البنات اللي عرفتهم طلعوا كدابين انا مظلوم اوي يا ملك .....
الفتح ملك فاها بغيظ قام من مكانها بتهديد وهي تؤشر على الباب تطرد عمار :
امتي بدل ما اديلك باللي يرجلي .
نهض عمار مبتعدا عنها ووقف عند الباب قائلًا بضحكة مكبوته ثم هتف بجدية :
انا هاديكي وقت تفكري باللي قلتهولك انا يتكلم بجد وعاوزك تساعديني .... ها نتقابل تاني
ملك باستغراب :
هو ده بيتكلم بجد عاوزني ادور له عروسة !!!
ضيفت عينيها بخبث وتفکیر اردفت :
والمه ده انا هاجيبله احلى عروسة
عند رسلان بداخل الفندق
على طاولة كبيرة خاصة بالاجتماعات
وقع رسلان آخر ورقة من عقد الشراء ونهض عن كرسيه بشموخ يسلم على المالك السابق للفندق الذي هتف ق يتهناة :
الف مبرووك يا رسلان باشااا ان شاء الله بتشوف ع وشه الخير ورق استلام ادارة الفندق جاهز يا باشا وايمتة ما تحب تستلم
ابتسم رسلان برسمية وهو يوميء برأسه :
متشکر یا داووود ع تعاونك ، يتمنى ليك مشاريع مستقبلية ناجحة انت يتستحق تبقى من الأفضل وشغلك جميل جدااا .....
بعد انتهاءه خرج رسلان والابتسامة تزين ثغره ليقول :
فضلت حاجة واحدة الاسم وكل حاجة تبقى تمام
امام دكانة مدحت اوقف سيارته السوداء وخلفها سيارة سوداء أخرى لحرسه ، هبط منها تحت انظار اهل الحارة ....... .. دلف لداخل المحل .....
نوح ملقي التحية :
- السلام عليكوووو
نهض مدحت عن الطاولة التي يجلس عليها على أثر الصوت واقترب من نوح :
اهلا وسهلا يا بني اتفضل .......
نوح بضحكة :
اهلين بيك يا عمي انت ما عرفتنيش ولا ايه انا صالح ابن اخوك ايوب
اتسعت أعين مدحت بصدمة قائلا
صالح !!!
اماء صالح رأسه بايجاب :
ايواا يا عمي انا صالح ابن اخوك ايوب
مدحت بترحيب وسعادة:
یا اهلا يا اهلا بابن الغالي تعالا اقعد يا بني ....
جلس صالح على الكرسي بابتسامة وجلس قبالته مدحت .
مدحت بتساؤل : انت كنت فين يا بني كل السنين دي قلقتنا عليك بعد ما اتوفى ابوك وامك
ازای مرجعتش لبلدك يا ابني عملت ايه ببلاد الغربة من غيرهم .....
صالح بصدق : كنت ها رجع يا عمي بس حکم ربنا انى الاقي شغل بنفس اليوم اللي كنت ما رجع بيه ومن ساعتها حياتي كلها تغيرت وزي ما انت شايف يا عمي ربنا انعم علي واديني رجعت لبلدي ثاني .......
مدحت بسعادة : مهما تلف يا ابني مش هتلاقي زي تراب وهواااا ونسيم بلدك ... الواحد ملوش غير بلده ومهما تلف بالنهاية ما ترجع ليها ......
اماء صالح رأسه بموافقة :
دي حاجة مفروغ منها يا عمي .... الا قولي يا عمي عامل ايه وازاي مرات عمي ان شاء الله بخير ..
مدحت بسعادة انت ها تتطمن اما تشوفهم عشان النهاردة ها تتغدى وتتعشى عندنا يا ابنى
ده انا مصدقت اشوف حد من ريحة الغالي .......
صالح باعتذار مصطنع : معلش يا عمي انا ورايا شغل
انا بس حبيت اجي اتطمن عليك مبقاليش فترة بالبلد هنا ويربط أمور الشغل ......
مدحت بإصرار : مش ها قبل اعذار ... الشغل ما بيخلصش يا بني انتها تتغدى عندنا وبعدها تشوف شغلك دي زينب ها تفرح اوي اما تشوفك .......
ابتسم صالح بخفة وسعادة لنجاحه باول خطوة ستوصله إلى ما يبتغي
