رواية بين هذا وذاك الفصل الثالث 3 بقلم ناهد خالد


 رواية بين هذا وذاك الفصل الثالث 

اسبوع كامل و (حسام) متجنب اي كلام مع (رانيا) وكأنه بيعاقبها! ومع ذلك هي مش سيباه في حاله, واهتمامها بيه مقلش, ولا مراقبتها لتصرفاته, ولكن بيرد عليها بالعافية وملاحظه تغيره معاها, لحد ما في يوم عزم (صادق) على الغدا, وكان موجود صاحب تالت ليهم اسمه (حسين) ومعاه مراته (هالة) ودول كانوا لسه متجوزين من شهرين, والعزومة كانت على شرف جوازهم. 
كانت قعدة لطيفة والأجواء حلوة, لحد ما بدأوا يفتحوا كلام مختلف ووقتها وهم بيتكلموا عن موضوع معين حست (رانيا) إن جردل ماية اتدلق عليها لما قال (حسام) بضحكة صغيرة مش حقيقية:

-لا رانيا عمرها ما تفكر تشتغل, اصل وقتها كله مشغول بيا... يعني رايح فين وجاي منين وبتعمل إيه وبتكح ليه.. اعتقد لو دي شغلانة كان زمانها رئيسة مجلس إدارة فيها.

والكل ضحك على كلامه ما عدا (سمر) اللي حست بسخافة الكلام على صاحبتها, فادخلت تقول:

-على فكرة بقى رانيا شاطرة اوي في الفاشون, وقولتلها كتير تشتغل وتعمله بيزنس بس هي خايفة شغلها يأثر على بيتها وحياتها, يعني زوجة أصيلة.

ضحك وكمل بسخافة:

-طب وحياة عيالك اقنعيها, وانا بنفسي هفتحلها المشروع من الصبح, وماتخفش على بيتها البيت كده كده هيمشي مش محتاجها, بس تنزل من على وداني شوية. 

ردت "هالة" بنصيحة:

-لا لا يا رانيا, اوعي تكوني زي ما بيحكي كده! قولي إنه بيأفور, يا بنتي الرجالة صنف نمرود, ولو لاقوكي مهتمة ومدلوقة يتنمردوا اكتر, وبعدين ده الراجل يطفش ويزهق. 

فركت كفوفها ببعض وهي مش عارفة ترد, لكن وشها محمر ومتغير بطريقة لاحظتها (سمر) فنغزتها في دراعها بشكل مش ملحوظ, كأنه بتقولها متحطيش بالك في كلامهم, لكن ازاي وكلامهم بيدخل جواها زي السم في العروق, وحاسه إنها زي الطفل الصغير اللي نفسه يعيط من الاحراج والزعل بس المكان مش سامح. 

-معاكي حق يا هالة, لو حسوا بالاهتمام بيتنمردوا.

قالتها (سمر) فعلق (صادق) بسخرية:

-اه, اسألي سمر هي خبيرة في التجاهل.

ولكن (سمر) ماكنتش زي (رانيا) ومبتعرفش تسكت بطبعها فاحتدت وهي بتسأله:

-قصدك إيه؟ 

ادخل (حسين) وهو حس ان القاعدة قلبت وقال:

-استهدوا بالله يا جماعة احنا بنتناقش. 

علق (حسام) بغيظ:

-ماحنا بنتناقش عادي... وهالة معاها حق, الواحد لما يحس نفسه محاصر بيزهق ويطفش, كأنه في سجن بالضبط.

علق (صادق) باستنكار لكلامه:

-يا سلام! وبرضو الواحد لما يحس ان وجوده زي عدمه بيمل من الحياة كلها, وبعدين مانتَ قاعد اهو ومطفشتش. 

قالها بتلقائية محسبهاش, ونسي إن الكل موجود, قالها بالطريقة اللي بيتكلم فيها مع (حسام) في الشغل او قعدتهم الخاصة, لكنه بعد ما قالها انتبه لكلامه فبص ل (رانيا) باعتذار وقبل ما ينطق ويعتذرلها وأنه مش قصده, سبقه رد (حسام) البارد واللي ظهر في اللحظة دي خالي من الضحك والهزار:

-مهو ريان مكتفني. 

ودي كانت الجملة اللي هدت تحكمها في نفسها, وحست بردة في قلبها من جملته دي, فوقفت وهي بتقول بابتسامة صغيرة وصوت مهزوز واضح:

-هعمل قهوة.

وانسحبت من قدامهم فورًا وقامت وراها (سمر), بص (حسام) لخروجها من الأوضة ووقتها بس حس انه زودها, وصوتها المهزوز هو اللي لفت انتباهه وضايقه, لأنه عارف إن هروبها وهزة صوتها دي مبيحصلوش إلا لو اتخنقت اوي.

-إيه يا جماعة الهزار البايخ ده! زودتوها اوي على فكرة!

قالها (حسين) وهو فعلاً متضايق عشانها, وردت عليه (هالة):

-احنا كنا بنهزر عادي واعتقد كان الموضوع عادي لحد ما بدأت تتكلم عن حالتك الخاصة يا حسام, وبعدين إيه ريان اللي مكتفني دي! بجد انا لو مكانها كنت سيبتلك البيت ومشيت, احنا بنتكلم عادي يا جماعه مش بنلقح على بعض! 

أيدهم (صادق) وقال:

-انا كنت هعتذرلها على جملتي الأخيرة, وماكنتش قاصدها بجد, بس حضرتك نيلتها بردك. 
نفخ بعصبية وهو حاسس بضغط من كل الأطراف وقال:

-خلاص يا جماعة اسكتوا بقى وانا هبقى اصالحها.

------------------ 
-كفاية عياط بقى وشك ورم! 

قالتها (سمر) وهي واقفة جنبها في المطبخ, وهي مبتفصلش من العياط, وبعد ما هديت شوية بدأت تتكلم بوجع واضح في نبرتها:

-للدرجادي وجودي خانقه! لولا ريان كان طفش! للدرجادي! انا عملت إيه غير إني بحبه وبحب اخد بالي منه واهتم بيه! 

كان باين عليها إن صعبانة عليها نفسها من كلامه واستهزائه بيها وبحبها قدام صحابه, فاتنهدت (سمر) وهي بتطبطب عليها وبتقول:

-عشان هو حمار..

-الله! متغلطيش فيه! 

قالتها بعصبية وهي فعلاً مابتحبش حد يغلط فيه, فلوت (سمر) بوقها وقالت:

-حاضر مش هغلط في السفير, بس يا هبلة هو مش مقدر النعمة اللي في إيده, مش هو عاوزك تهمليه, اهميله وبطلي تهتمي بيه. 

بصتلها بضعف وقالت:

-مش هعرف! 

-لا هتعرفي, بطلي خيابة, جمدي قلبك عليه وعرفيه إن الله حق, وادبيه على كلامه ده.

بصتلها بتفكير, فصرخت (سمر) في وشها:

-انتِ لسه هتفكري! يخربيتك هتشليني! 

-متصرخيش في وشي طيب الله! 

بصتلها بغيظ وهي بتقولها, وبعدين رددت بصوت مسموع:

-ماشي.. انا بعد كده لما يرجع مش هقوله اتأخرت ليه, ولما يقوم من على الأكل بدري هسأله مره واحده قومت ليه وخلاص, ولما يكون تعبان هحطله الأدوية والأكل ومش هسأله ...

قاطعتها (سمر) وهي بتضربها على كتفها فبصتلها التانية بوجع:

-ياموكوسة, ده اللي هتتجاهليه! يابت تجااااهل, يعني ماتستنيش اصلاً لما ييجي من بره ونامي, لو ماكلش هو حر, ولو تعبان ما يروح يكشف ياختي هو انتِ دكتور! وهو مش نوغة عشان تديله الدوا, ومتسأليش رايح فين ولا بتعمل إيه ولا أي حاجه.. جربي بس وهتدعيلي.

افتكرت كلام (صادق) لها وتغيره معاها فهمست بينها وبين نفسها:

-او هتدعي عليا.

سمعت صوت (رانيا) بتقول بتفكير:

-هحاول. 


تعليقات