رواية لحظة تفاهم الفصل الثالث
عادل: الحل هو الطلاق.
طه: أنت مجنون هو ده الحل.
نجوي: أحنا قاعدين هنا علشان نشوف حل نخليهم يرجعوا عن فكرة الطلاق ،و أنت بتقول الحل في الطلاق.
أخذ نفس عميق و قال: نهدا بس كده، دلوقتي أنا بقول نقولهم أننا موافقين، و من ناحية تانية نطلب تتدخل أبوك في الموضوع.
: أبوي لا طبعا معرفة أبوي مشكلة كبيرة، هو لا يمكن يقبل الموضوع ده، ممكن يقاطع مصطفي فيها.
= أسمع بس، الناس الكبيرة تكون عنده حكمة في المواضيع دي ،خلينا نتكلم معه و نشوف يقول ايه.
نجوى بحزن: جرب كده يا أبو مصطفى ، يمكن تلاقي الحل، الواحد قلبه موجوع من سعت سماع الخبر ده.
أومأ رأسه بنعم و أتصل على والده.
في المنزل
بعدما أخذت حمام و أدت فريضة الصلاة ، حضرت له القهوة الخاصة به..
وقفت أمامه و مدت يدها و قالت: اتفضل.
رفع رأسه لها و أخذ الكوب و قال بابتسامة: شكراً.
: العفو.
قالتها و التفتت حتي تذهب الى غرفتها.
التقط يديها و قال: اقعدي معي شوية يا ياسمين.
: ليه
= نكلم في اللي يحصل بعد الطلاق.
جذبت يدها منه و جلست بجواره، و سألت: قصدك ايه.
= العيال يكونوا مع مين.
أجابت مسرعة: معي طبعا أنا أمهم.
أبتسم بسخرية و أجاب: و أنا أبوهم اوعي تكوني نسيتي.
نظرت له بحدة و غضب، و قالت: الطبيعي يكونوا معي، و كمان احنا هنفضل هنا في الشقة
= و أنا
سأل بعصبية ،لتجيب هي: بسيطة عيش مع عمو في الشقة هو عايش لوحده، اومال حضرتك فاكر أخذ التلات عيال و اروح بيت بابا، لا يا حبيبي أنا هفضل هنا في بيتي و بيت عيالي، و حضرتك تصرف علينا، خلينا ننهي كل حاجة بشكل متحضر و رقي.
=حبيبي
همس لها و كأنه لم يسمع ما قالت قبل أو بعد هذه الكلمة، عضت على شفتيها بخجل و أردفت بتعلثم: كلمة عادية مش مقصود بيها حاجة.
أقترب منها أكثر وضع يده على خدها بحنان، و صوب عيونه عليها، و همس بنبرة هادئة: يعني أنا بطلت أكون حبيبك، أنتِ بتكرهيني يا ياسمين.
: لا طبعا مش بكرهك.
كان الجواب سريعاً منها بدون تفكير و لو لثانية، شعرت بانهيار حصونها، لذا نهضت مسرعة و كادت تهرب من أمامه، لكن يده كانت الاسرع، جذبها و وقعت بين أحضانه.
كانت تغمض عيونها من الخجل و التوتر، و حاولت أن تكون نبرة صوتها ثابتة لكن من الداخل هي مهتزة: أبعد يا مصطفى لو سمحت، كل ده ملوش لازمة ، أنا لا يمكن أرجع في قرري.
لم يجيب عليها، و لا يريد أن يتحدث ،فقط ينظر لها و يسأل نفسه: أنا فعلاً مستعد أطلق، أنا أقدر اعيش من غيرها بعد كل السنين دي، أنا مش بحب الاكل غير من ايدها، كوبية القهوة بتاعها تضبط يومي.
أقبل العيال تكون مقسومة بينا، لازم ناخذ فرصة نفكر صح.
حتي هي تدور في ذهنها نفس الأفكار و الأسئلة.
طال الصمت بينهم حتي تحدث هو: ياسمين.
كانت مغمضه عيونها، و دقات قلبها تقرع الطبول ،حاولت التحدث لكن عجزت عن نطق الكلمات.
أكمل هو عندما لم يجد منها جواب: ياسمين مفيش فرصة نرجع عن قرار الإنفصال.
أبتعدت عنه بخجل و توتر، و ازحت شعرها خلف أذنها و أخذت نفس عميق و قالت: كده كده معنا فرصة لحد امتحانات زياد بعد كده نشوف.
و ركضت إلى غرفتها ، أغلقت باب الغرفة، وقفت خلفه، وضعت يدها على قلبها، و دقات قلبها سريعاً جدا.
حدثت نفسها: لسه بحبه، و مش قادر أنسي حبه، بس في حاجات كتير مضايقة منه بسبه.
و ذرفت الدموع و هي تتذكر، المكالمة الهاتفية بينه و بين أبيه ، و كانت هذه المكالمة سبب قرار الإنفصال.
كانت في منزل عائلتها مع أولادها الثلاثة، عادت من الخارج.
تحدثت بصوت خافت: هوش بابا أكيد نايم، يلا كل واحد على أوضته يغير هدومه و ينام، يلا من غير دوشة.
ذهب زياد و زينة و ظل زين ،قبل أن يتحدث ،قالت هي: على اوضتك يا زين أنت خالص قربت تكمل الخمس
سنين ،مفيش نوم معي تاني.
ذهب الطفل و هو عابس الوجه.
تحركت في إتجاه غرفتها ، بخطوات بطيئة و هادئة محاولة منها عدم إصدار ضجة حتي لا يستقيظ مصطفى ،ظنت أنه نائم.
مجرد أن فتحت الباب، سمعت صوته بعصبية: يا بابا أنا تعبت، حاسس أني مش متجوز.
وضعت يدها على فمها حتي لا تصدر صوت و سمعت بانتباه
حديثه.
دقائق صمت ثم قال: أتحمل ايه يا بابا، بقولك طول الوقت معندهش غير العيال، ده أكل ده ذاكر ده عنده تمرين ، و آخر اليوم تعبانة و عايزة تنام، أنا عايش لوحدي، أرجع من الشغل تحط الاكل و بعد كده تجري من هنا لهنا، أقول تعالي نخرج مش فاضية، نقعد مع بعض لما أخلص.
استمع الى كلمات أبيه ثم قال: هو حضرتك معها أو معي، أيوة يا بابا مش بطلب منها نخرج لأنها بتقول لازم العيال تخرج معنا ،علشان تكون مبسوطة
و أنا مش مبسوط بسبب دوشة العيال، و علشان كده مش بقول نخرج، بقول نقعد في البيت، و حتي دي الهانم مش فاضية..
كانت تبكي بصمت و هي تسمع هذا الحديث عنها ، حتي أكمل ما جرح قلبها: أنا متحمل بس علشان الأولاد ،غير كده كنت طلقتها من زمان.
أغلقت الباب بهدوء، و غادرت إلى غرفة المعيشة ،جلست على الأريكة،و انهارت من البكاء.
و همست لنفسها بحزن: لدرجة دي هو يكرهني ، متحمل وجودي علشان العيال بس، ما هو كمان أتغير معي، و عمري ما فكرت أني أبعد عنه.
في الغرفة
أغلق مع أبيه و نظر إلى الساعة و قال: هي ياسمين اتاخرت ليه كده.
نهض من مقعده و غادر الغرفة، مجرد ما سمعت صوت الباب ، مسحت دموعها سريعاً ،نظر لها بتعجب و سأل: أنتِ رجعتي أمت.
حاولت جاهدة التحدث بشكل طبيعي و قالت: من شوية.
جلس بجوارها و قال: قومي أعملي كوباية قهوة يا سوسو.
لم تتحرك من مكانها، كرر حديثه: عايزة قهوة من إيدك الحلوين.
أنهى حديثه ،و انحني وضع قبلة على يدها.
ارتعشت من لمسته و جذبت يدها و قالت بدون مقدمات: أنا عايزة أطلق.
أبتسم بهدوء و قال: حاضر بعد ما تعملي كوباية القهوة.
ظن أنها تمزح، لكن صرخت بنبرة مرتفعة: أنا مش بهزر، طلقني لاني زهقت من العيشة دي.
نظر لها بغضب شديد و أردف: عيشة ايه، أنتِ مجنونة، فجأة كده تقولي طلاق.
تجمعت الدموع في عيونها و أجابت: مش فجأة، أنا تعبت و مش قادرة أتحمل أكتر من كده، كل يوم خناق على اتفه الأسباب، و كمان كأني عايشة لوحدي، بجري من هنا لهنا، علشان ولادك و علشان البيت ده، و أنت فاكر أن دورك يقتصر على الامور المادية بس.
رغم أنه منذ دقائق قال حديث يشبه حديثها، و قال إنها يريد الطلاق، لكن كرامته لم تسمح له أن يسمع هذا الحديث، فكيف لها أن تطلب الطلاق منه؟
أما هي لأجل كرامتها قررت أن تبدأ هي قبل أن يخبرها أنه يريد الانفصال عنها، لذا سارعت بطلب الطلاق.
قبض على ذراعها بقوة و قال: بطلي كلام فارغ تمام و خلينا كويسين علشان الأولاد.
نظرت لذراعها ثم له و قالت: سيب أيدي لو سمحت.
ضغط عليها أكثر و قال: اهدي يا حبيبتي و بطلي جنان.
جذبت يدها و أبتعدت عنه و صرخت بصوت عالي تزامناً مع دموعها الشديدة و اردفت: كفاية بقا أنا تعبت و معنديش إستعداد أتحمل اكتر من كده.
ثم أكملت بنبرة هادئة: مصطفى أنا و أنت نحاول نكون كويسين قدم الاولاد، و ده ضغط علينا يبقي الموضوع ينتهي أحسن.
نظر لها بصدمة و سأل: لدرجة دي مش طايقة وجودي في حياتك، أنا لو مش عارف أن أمكِ و أبوكِ ناس محترمة كنت قولت راجعة مقلوبة بسبب كلامهم لكِ.
:محدش قال حاجة ده قراري أنا.
=قرارك البعد عني.
:أيوة.
أجابت بالموافقة ،ليجيب رداً لأجل كرامته: عندك حق أنا كمان مش طايق وجودك في حياتي، احنا لازم نتطلق.
حتي لو هذا طلبها ،كان يجب عليها التمسك بها، كيف فعل ذلك؟
قبل أن تنهار أمامها ،ركضت مسرعة إلى غرفتها و هي تحاول إخفاء حزنها و دموعها.
أما هو جلس على الأريكة ،يشعر بالغضب الشديد لأنها طلبت ذلك.
و لم يتوقع أنها سمعت الحديث،
فاقت من شرودها و ذكرى هذا اليوم الأليم التي سمعت في حديث مصطفى مع أبيه، على دق الباب.
مسحت دموعها و جلست على الفراش، بدون حديث ذهب إلى الطرف الخاص به، و هو يقول : تصبحي على خير.
: و أنت من أهل الخير.
و ذهبت الى الطرف الخاص بها، كان كل منهما ينظر إلى الامام، و بدخل العقل حرب مشتعلة من التفكير.
بدأت امتحانات الشهادة الاعدادية.
و كان مصطفى و ياسمين يساعدون زياد في الدارسة.
آخر يوم في امتحانات زياد
كانوا يتناولون وجبة العشاء ، رن هاتف مصطفى ، نظر إلى الإسم بابتسامة ،و أجاب بهدوء: أزيك يا جدي.
: من غير سلامات بكرة الصبح تكون عندي أنت و مراتك و العيال..
سأل بتوتر: ليه في حاجة.
لم يجيب و أغلق الهاتف.
= في ايه
: ده جدي طلب مني نسافر أنا و أنتِ و العيال البلد.
عقدت حاجبيها بتعجب و سألت: ليه خير أن شاء الله.
: مش عارف.
دق على أبيه ليخبره أن جده طلبه و طلب عائلة ياسمين أيضا.
و كلمة الجد تنفذ في الحال.
في الصباح
استعد الجميع لاجل الذهاب...
تم استأجر سيارة ( ميكروباص)
كان يتحدث أبو مصطفى مع أبو ياسمين حتي يمر الوقت.
و أم ياسمين تحاول مع زين حتي ينام.
و زياد و زينة يلعبون على الهاتف.
كان يجلس في الكرسي الخلفي مصطفى و ياسمين فقط، و كل منهم يجلس بجانب الشباك و بينهم مسافة كبيرة.
نظر لها كانت تنظر إلى الشباك.
أقترب منها و وضع رأسه على قدمها و قال: عندي صداع.
تفاجات بفعلته و سألت : أعمل ايه.
: مساج يا حبيبتي.
=حاضر
بيد حنونة بدأت تمرر يدها على رأسها و تتغلغل في خصلات شعرها.
أغمض عيونه باستمتاع.
بعد وقت كان غفى الجميع إلا هي التي تكمل مساج له.
و كانت تنظر له بحب.
دقائق و استقيظ الجميع بفزع على صوت فرامل السيارة.
صرخت ياسمين: ربنا يستر ايه اللي حصل....
