رواية هالة الفصل الثاني والاربعون
حبها.
بعد خروجه، جلست شقيقتها قربها وقالت:محمود بيحبك من سنين بس عمره ما أذى قلبك، ولا استغل ضعفك.
وهاني؟ باعك في أول فرصة.
أغمضت مروة عينيها، ونزلت دمعة خفيفة على خدها.
وفجأة فُتح الباب دون استئذان.
دخل هاني، ملامحه منهكة، عيناه زائغتان، وعصبيته واضحة.
قال بصوت مبحوح:أنا غلطت بس مقدرتش أبعد، أنا اتجننت.
قاطعته مروة، بهدوء أقسى من الغضب:اللي يخون مرة، بيخون ألف.
بس اللي بيصون في غيابك ده اللي يتحب.
خرجت كلمتها كالسهم، واستقرت في صدره.
نظر إليها محمود من بعيد لم يقترب، لم يتكلم فقط اكتفى بنظرة، كانت تُعبّر عن ألف اعتراف.
مرّت أيام على خروج مروى من المستشفى.
استأجرت شقة صغيرة في حي هادئ أرادت أن تبتعد عن كل شيء.
عن ضجيج الماضي، وخذلان الحاضر، وخوفها من المستقبل.
ذات مساء، كانت جالسة على الأريكة، تحتسي كوبًا من النعناع، حين رنّ جرس الباب.
فتحت، فوجدت محمود يحمل كيسًا صغيرًا:معمول بإيدي فطير سخن بالعسل، زي اللي كنتي بتحبيه أيام زمان.
ابتسمت دون أن تقول كلمة.
دخل بهدوء، جلس مقابلاً لها، قال بصوت خفيض:عارفة يمكن مش وقت مناسب، ويمكن مش من حقي،
بس أنا من زمان نفسي أقولك: أنا بحبك يا مروى.
وبحبك وانتِ بتضحكي، وانتِ بتعيطي، وانتِ بتصديني بس بحبك.
سكتت.
نظرت له مطولًا.
ثم همست:أنا متكسّرة يا محمود وجوايا حاجات كتير لسه مش متداوية.
فقال بثبات:أنا مش طالب حبك دلوقتي، بس لو تسمحيلي أكون جنبك،
لحد ما قلبي يبقى مكان أمان ليكي، مش وجع جديد.
قبل أن ترد، رنّ هاتفها.
رقم هاني.
أغلقت الهاتف.
لكن في اليوم التالي وجدته ينتظرها عند باب البناية.
وقف أمامها، بعيون حمراء، وشعره مبعثر:سامحيني يا مروة أنا غلطت، أنا ضيعتك، بس رجعيلي نفسك،
أنا مستعد أبدأ من أول وجديد، نتعالج سوا، ننسى اللي حصل.
قالها وكأنه يغرق في بحر، وتمسك بها كطوق نجاة.
لكن قلبها ما عاد نفس القلب.
قالت له بصوت هادئ، مليء بالحزن:هاني الحب مش ورقة ترجع تكتبها بعد ما تمزقها.
أنا كنت محتاجة حد يخاف عليّ، وانت كنت الخوف نفسه.
سكت، لم يجد ما يرد به.
مرّ من خلفه محمود، وفي يده باقة ورد بسيطة.
اقترب، وقال بابتسامة خجولة:لو كنتِ محتاجة تهربي من الدنيا أنا عندي مكان نقدر نبدأ منه،
من غير وعد، ولا ضغط، بس بقلب صادق.
نظرت بين الاثنين ثم قالت:أنا مش هختار بينكم دلوقتي
أنا هاختار نفسي لأول مرة.
منذ أيام..
