اسكريبت رحمة وضياء الفصل الرابع 4 بقلم بسمة بهلوان

 






اسكريبت رحمة وضياء الفصل الرابع بقلم بسمة بهلوان 


ـ هتوافق على أي حاجة أطلبها؟ 


= أي حاجة ما دام أنتِ عاوزاها.


بصيت له وابتسمت بحماس، كان نفسي أعمل كدا من زمان بس مجتش أي فرصة ولا حد وافق على الفكرة، قلت له: 

ـ عاوزة نروح نعمل عمرة، كان حلمي من وأنا مراهقة بدل الفرح وإننا ناخد ذنوب كل اللي حضروه وأغاني مزعجة، نروح مكة وأشوف الكعبة بدل مصاريف الفرح.. موافق؟ 


كنت خايفة يرد بالنفي زي عيلتنا وهم رافضين المبدأ، بس لقيته بادلني الابتسامة وهو بيشدد كفه على ايدي: 

= من عيوني الاتنين، نروح مكة. 


بصيت له بدهشة. مكنتش متوقعة إنه هيوافق، قلت بشك: 

ـ على الأقل فكر شوية علشان متندمش على إنك وافقت بعدين؟ 


وهو على النقيض قال باستنكار: 

= بذمتك دي فكرة تترفض؟ بعدين مراتي ماقالتش حاجة غلط وكل طلباتها مُجابة ملكيش دعوة أنتِ. 


ضحكت وقلت: 

ـ مليش دعوة ايه؟ ما هو أنا مراتك! 


مراته! اللقب غريب أوي، حاسة إني مش هتعود عليه أبدا.. وكل ما بسمعه بحس إنه بيتقال لأول مرة فبستغرب، يمكن أتأقلم بعدين. 


لفينا شوية وآخرة ما بردت وفضلت ماسكة فيه وأنا هموت من البرد وهو قال لي هنرجع، فضل يمسك ايدي واحنا ماشيين ويحكها بكف ايده علشان يدفيها، وأنا باصة له وهو منشغل في الطريق ومش قادرة أبعد عيني عنه، متأكدين إنه مش روبوت؟


وصلنا البيت وهو بيفتح لي الباب، فقلت له بابتسامة غير مفهومة: 

ـ أنت غريب أوي. 


= غريب ازاي؟ أكيد حلو ووسيم وأول مرة تشوفي حد كدا صح؟ 


رفعت حاجبي بقلة حيلة: 

ـ يا مغرور مش قصدي كدا، قصدي إنك مراعي أوي، مش كل الرجالة زيك، أو ممكن أنت اللي مختلف عنهم كلهم، اختلاف مميزك ومخليك أفضلهم، أنت ازاي كدا؟ 


رد عليّ وهو ماسك ايدي وبيقول بهدوء:

= حبيبتي الراجل العادي المفروض يتعامل كدا، ياخد النبي ﷺ قدوة ويتقي ربنا في زوجته وعيلته، يهتم باللي حواليه خاصة أقرب ناس ليه. 

 أما باقي الرجالة فيا إما مانشؤوش نشأة كويسة، يا إما دا طبع فيهم.. المجتمع مفهمهم إن اللين والرحمة ضعف.. والدين مفهمهم إنهم يرفقوا بالنساء القوارير، فهم أخدوا رأي الناس مش رأي الدين، ربنا يهديهم.


كلامه دخل لأقرب نقطة في قلبي، مش عارفة ازاي هو ممتاز كدا! أيوة بيكون شخص تاني خالص لما بيتعصب بس ما زال هو! مراعي وحنين ومهتم وتقي وصبور! ومستفز برضه!


= هتحكي لي القصة امتى بقى؟


حاولت أهرب وقلت له بنبرة تعب:

ـ لا أنا تعبانة، أكملها لك بكرة.


= يعني كنتِ بتضحكي عليّ يا "رحمة"؟ أخدتِ غرضك مني ورميتيني.. يا خاينة!


هو كبر الموضوع زي الأطفال كدا ليه؟ ضحكت بدون وعي، دا أكيد فيه جواه ولد معاشش طفولته! أخدت بايده وقلت له: 

ـ حاضر خلاص عند وعدي، غير هدومك وبعدين أبقى أحكي لك. 


سابني بالفعل ولبسنا لبس البيت، قعدنا على الكنبة اللي في أوضتي وسيبنا البلكونة مفتوحة، رغم إن بيدخل منها برد بس الهوا مغير نَفَس الأوضة ومخليها فريش، فضلت أحكي له الباقي وازاي سيدنا يوسف خرج من السجن.. وهو متابع الأحداث باهتمام، كنت بحكي له باستفاضة فقعدنا وقت طويل. 


لحد ما لقيت نفسي بنعس من البرد وحضنته لوحدي كدا بدون إجبار.. بستخبى فيه، هو أنا استحليت الحكاية ولا ايه؟ دا أنا من يوم كنت بزعق له علشان شاف شعري بس! 


وهو مقصرش، فضل يطبطب عليّ وأنا بحكي لحد ما غصت في النوم، المفروض إن اللي بيحكي هو اللي يفضل صاحي، بس دلوقتي أنا اللي نمت على نفسي وهو بيطبطب عليّ؟ 


كنت حاسة بيه وهو بيشيلني ويحطني على السرير بس كنت شبه نايمة ومش واعية، غطاني بالبطانية وبعدين حسيت بيه جنبي رحت لفيت له.. ودفنت راسي فيه.. حاسة بالدفى جنبه. 


قلت بنبرة نعسانة: 

ـ سيبني أنا هعمل الأكل بكرة، ملكش دعوة بحاجة. 


قلتها من هنا وبعدين رحت في النوم، آخر حاجة سمعتها كانت كلمته وهو بيقول: 

= تصبحي على جنة. 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ـ "ضياء"! الحقني بسرعة الطاسة بتولع!


قام مفزوع وهو مش فاهم فيه ايه وأنا هموت من الخوف، صحيت بدري وأنا عاوزة أعمل له الفطار وبعمل حاجة مختلفة بس لقيت الطاسة ولعت، أنا مينفعش أمشي ورا وصفات اليوتيوب تاني! 


فاق وراح بسرعة على المطبخ بعد ما حكيت له اللي حصل، لقى الطاسة مولعة وريحة دخان طالعة منها بسبب الكريب المختلف اللي كنت بعملها. 


تدارك الموضوع بسرعة وشال الأكل من الطاسة وظبط الدنيا، طفى النار وبعدين بص لي وهو مخضوض: 

= أنتِ كنتِ بتعملي ايه علشان يولع كدا؟ 


بصيت له بخزي وقلت: 

ـ كنت بجرب وصفة كريب مثلثات جديدة علشان الفطار. 


هدأ من نفسه وبعدين قال بنبرة هادية وهو بيتخطى الموضوع: 

= متعمليش حاجة غير لما تكوني تحت عيني، ومتلعبيش بالنار دا كان ممكن يروح فيها أرواح، ماشي يا "رحمة"؟ 


كنت حاسة بالذنب وأنا متضايقة من نفسي أشد الضيق، أنا دايما كنت بعمل أكل عادي، ليه دلوقتي بالذات لما هو بقى موجود حابة أعمل أكل جديد؟ مش فاهمة نفسي! 

 

وافقت على كلامه، هو لاحظ ضيقي من نفسي فقال بابتسامة: 

= جربي أي حاجة بس بشرط أكون معاكِ بس، إنما لو عاوزانا نولع في المطبخ والشقة نولع المهم متزعليش. 


طريقته خلتني أبص له بامتنان على كلامه، في اللحظات اللي زي دي كنت بسمع تهزيق من ماما وتقعد تحكي لكل اللي تشوفه إن كان ممكن يموتوا بسبب الغباء اللي عملته.. فمبقتش بجرب حاجة جديدة أبدا. 


ـ طب اعمل لي الباقي بقى بما إنك صحيت، أنا ظبطت الحشوة ولفيته فاضل القلي. 


وهو بالفعل مادخرش جهد، وقعد يقليهم وبعد ما خلصهم رحت ظبطت السفرة وحطيت عليها الأطباق، وقلت له بهدوء: 

ـ أنت المفروض تشاركني في كل حاجة بعملها علشان أنا بخيب في نص الطريق. 


قلتها بهزار فلقيته ضحك بخفة وقال بنبرته المستفزة: 

= قولي بقى إنك فاشلة ومبتعرفيش تعملي حاجة من غيري. 


بصيت له باستنكار: 

ـ فاشلة في عينك، شوف الشهادات اللي عندي والناس اللي مديها لي وابقى اتكلم يا حبيبي. 


كنت بقول حبيبي عادي بدافع الهزار، بس لقيته قال بهيام مصطنع: 

= ياه لو حبيبي دي تتقال بجد وبحب كنت رحت في عالم تاني. 


ـ في أحلامك إن شاء الله. 


= هو محدش قال لك إن أحلامي بتتحقق ولا ايه؟ 


فضلنا نرغي في شتى الموضوعات وكإننا ماكناش لاقيين اللي يسمعنا، لحد ما خلصنا ولقيته فاتح موبايله، بصيت له بزهق إنه اتشغل عني وأنا قاعدة زهقانة: 

ـ ابعد موبايلك دا بتعمل بيه ايه؟ 


وفي لمح البصر وراه ليّ، بصيت بعدم فهم شاور لي على الموبايل فشفت اللي فيه، هو.. هو دا بجد؟؟ بصيت له بصدمة ومش قادرة أرد.. دا حجز خلاص؟ حجز تذكرتين لمكة؟ والسفر يوم السبت الجاي؟؟ 

الفصل الخامس من هنا




تعليقات