اسكريبت رحمة وضياء الفصل الخامس 5 بقلم بسمة بهلوان


اسكريبت رحمة وضياء الفصل الخامس بقلم بسمة بهلوان 

= ياه لو حبيبي دي تتقال بجد وبحب كنت رحت في عالم تاني. 


ـ في أحلامك إن شاء الله. 


= هو محدش قال لك إن أحلامي بتتحقق ولا ايه؟ 


فضلنا نرغي في شتى الموضوعات وكإننا ماكناش لاقيين اللي يسمعنا، لحد ما خلصنا ولقيته فاتح موبايله، بصيت له بزهق إنه اتشغل عني وأنا قاعدة زهقانة: 

ـ ابعد موبايلك دا بتعمل بيه ايه؟ 


وفي لمح البصر وراه ليّ، بصيت بعدم فهم شاور لي على الموبايل فشفت اللي فيه، هو.. هو دا بجد؟؟ بصيت له بصدمة ومش قادرة أرد.. دا حجز خلاص؟ حجز تذكرتين لمكة؟ والسفر يوم السبت الجاي؟؟ 


سألني باستغراب من رد فعلي: 

= مالك مبرَّقة كدا ليه؟ 


ابتسمت له بعدم تصديق: 

ـ دا بجد؟ 


ضحك على ملامحي المتحمسة بشدة وقال كإنه بياخدني على قد عقلي: 

= بجد. 


بلا وعي حصل شيء مفاجئ مني أنا، حضنته وأنا مصدومة وبقول بامتنان شديد: 

ـ شكرا شكرا شكرا شكرا شكرا. 


ضحك بصخب وأنا بعدت عنه بإحراج، ولما لقيته بيضحك ضحكت برضه عليه، مكملناش ثواني راح مسك ايدي وقال بغمزة: 

= جهزي نفسك بقى للعمرة بعد 3 أيام، وشوفي هتاخدي معاكِ ايه قبل السفر. 


الحماس كان بياكلني، أخيرا هروح مكة! مش حجة كبيرة اه بس عمرة! وعملت اللي أنا عاوزاه، مش متقبلة بجد ازاي كنت هتجوز واحد غير "ضياء"؟ ازاي هعيش من غير دلعه ليّ دا أصلا واهتمامه بيّ؟ عمري ما كنت هلاقي زيه أبدا.


أنا بقى علشان سافرت قبل كدا فعارفة ايه بالظبط الحاجات اللي هحتاجها، وبالفعل ظبطت كل شيء في خلال الـ3 أيام، ليّ ولـ"ضياء". 


كانوا 3 أيام عبارة عن مناوشات، كل يوم بحكي له قصة، وبحفظه.. وأهو قرب يخلص في الأسبوع دا الجزء التاني بسبب إنه متفرغ واستغل وقته كويس، كل ما ببص له كنت بضحك، بفرح من جوايا إني أكون السبب بعد ربنا في إنه ينتبه للقرآن.. بيصلي بيّ جماعة على طول، وبقينا بنتشارك كل حاجة تقريبا.. 


الأسبوع دا مكانش أسبوع عادي، دا أسبوع معجزة.. قدر بحنانه واهتمامه ينهي على كل كرهي ناحيته، ويخليني.. أبدأ أحبه؟! 

مش مصدقة بجد ازاي دا حصل في أسبوع واحد بس، حاسة إننا بنتعرف من أول وجديد.. 


وصلنا لليوم التالت وفاضل الليلة دي وهنسافر بعد صلاة الفجر، هل هننام الليلة دي؟ مستحيل! قعد جنبي فضلنا نتسامر وهو بيسألني ورافع حواجبه بضيق: 

= يعني دكتور الجامعة الصيني اللي عنده 38 سنة المُطلق اتقدم لك؟ ايه الراجل البجح دا، دا فرق بينك وبينه ساعتها أكتر من 18 سنة! 


ضحكت وأنا برد عليه بفهمه:

ـ والله كان راجل محترم، بس أنا مش فاهمة ليه اختارني أنا من وسط دفعة فيها أكتر من 70 طالبة من شتى الجنسيات مش مصر بس! بس بعد ما رفضته تفهم رفضي واحترم حدودي. 


= ما هو مش معقولة يعني بنت هتقبل براجل أكبر منها بـ18 سنة، دي تبقى مجنونة، دا غير إنه عنده ولد من جوازته الأولى ولو شد حيله شوية كان يبقى قدك.. شكله كان بيجرب حظه اللئيم.


بصيت له بذهول، عاقد ومربع دراعه وباصص بضيق كإنه هياكل اللي قدامه، هو.. غيران؟

 قلت له برفعة حاجب كإني قفشته بالجرم المشهود:

ـ دا أنت غيران بقى؟ 


سألته وأنا مفكراه هينفي وهيحاول يتوه في الموضوع بس فاجئتني ردة فعله، قال بحدة: 

= أومال مأغيرش؟ يعني راجل فكر في مراتي كزوجة ومأغيرش؟ دا أنا لولا إنك بتقولي أنه محترم والله ما كان هيفرق معايا وهروح أزعق له.

 

بصيت ليه وهو غضبان كدا ورحت حطيت كفي في ايده بأهديه بابتسامة: 

ـ خلاص بقى، أنا غلطانة إنيحكيت لك يعني وقلت نتعرف على بعض وعلى حياتنا القديمة؟ 


بص لي وهو بيحاول يهدأ، بس لسة نبرته فيها بعض الغضب: 

= مش غلطانة بس، متحكيش مواقف زي دي تاني علشان هشيط. 


شددت علىايده فبص لها بعدين بص لي، وأنا بقول بهدوء: 

ـ أنا مش عارفة أنا بقول ليه كدا مرة واحدة، وأنا أساسا مليش في الكلام الملزق دا.. بس أنا ابتديت أقع فيك. 


= ما أنا عارف. 


قالها وهو بيضحك بخفة، فأنا شهقت بصدمة وضربته على كتفه من الإحراج: 

ـ دا رد يترد يا أخي؟ طب قول كلمة عدلة ينفع تتقال حتى! 


= بس أنتِ متعرفيش إني واقع فيكِ من أول يوم عيني وقعت عليكِ فيه. 


هو يقصد ايه؟ احنا مع بعض من صغرنا تقريبا! 

استغربت وهو بيبص لي كدا ببسمة حب وهدوء، ولما استدركت قلت بصدمة وأنا ماسكة ياقة قميصه:

ـ قصدك إنك مكنتش مُجبَر على الجوازة أنت التاني؟ 


نفى براسه وقال بغرور:

= هو أنا حد يقدر يجبرني؟ أنا مثلت عليكم كلكم، شاطر في التمثيل أنا صح؟


عندي إحساس شديد بيقول لي أجيب أي فازة وأنزل فيه ضرب دلوقتي حالا، بس حاولت أحكم عقلي لكن رغم كدا شديته من ياقته جامد بوعيد: 

ـ يعني كنت بتكدب عليّ؟ وحتى لو زي ما قلت كدا.. ايه اللي يخليك تسيبني وتسافر ما دام بتحبني من الأول؟ وتقول لي إنك برضه مجبر علي الجوازة؟ 


سكت، كان بيبص لعيني اللي قريبة منه بعمق.. وقال بهدوء:

= كنتِ بتعيطي، مكنتش قادرة أتقبل إنك بتبصي لجوازي منك كأنه حكم إعـدام.. مكنتيش بتحبيني ولا بتطيقي تبصي في وشي..

 وأنا بعدت علشان أسيبك تهدي ويمكن لما أرجع تتقبليني أني بقيت جوزك.. كنت خايف أوي تسيبيني يا "رحمة".


كلامه كان هادي، بيتكلم بالراحة، كل كلمة اتغلغلت جوايا وحسيت بيها كأنها سكاكين جوا قلبي، كنت عارفة إنه بيتأذى برضه، بس كنت فاكراه مش مهتم بيّ أو بالجوازة من الأول وجوازة عادية والسلام.. 

بس لو رجعت لنظراته ليّ يوم كتب الكتاب كانت عيينه بتلمع، وأنا من كتر تشتتي وتعبي ساعتها بسبب القرار دا مأخدتش بالي. 


سيبت ياقته واحدة واحدة، ووقفت قصاده ببص له بسكون، فضلنا ساكتين لدقايق بنبص لبعض بس، وفجأة ودون مقدمات لقيته شاددني ليه في حضنه وأنا شهقت بتفاجؤ.. 


شدني جامد كإنه هيدخلني جواه فأنا بكل تردد لفيت ايدي حواليه، اتنهد بهدوء كإنه كان بيجري ودلوقتي بس وصل.. وأنا حسيت بالأمان فغمضت عيني اللي دمعت وأنا مش مدركة ايه سبب العياط.. بس اللي أعرفه إنه عياط مكتوم من زمان.. من زمان أوي. 


ـ آسفة إني مفهمتكش من الأول. 


أول مرة أعتذر له مباشرة من غير ما ألف وأدور أو أجيب اللوم عليه، بس المرة دي كنت أصدق من أي مرة فاتت.. وهو رد عليّ وبيطبطب على شعري: 

= أنا اللي آسف إني سافرت وسيبتك لوحدك، كان المفروض أشرح لك مشاعري وتفهميني. 


ـ لعله خير، كل خطوة كانت خير واحنا اللي ماكناش عارفين. 


سكتنا شوية وفضلنا على الوضع دا، لحد ما أنا بعدت عنه وهو كان مبتسم.. كإن أعباء الدنيا كلها اتشالت من عليه، ابتسمت له بدون وعي، وحسيت بكسوف.. فجريت من قدامه ودخلت على أوضتي من الإحراج.. مجرد التواصل البصري معاه بيكسفني!


بس بعد شوية أنا نمت أو عملت نفسي نايمة مع إن فاضل ساعتين والفجر هيأذن وهنقوم، بس لقيت بعد شوية باب الأوضة بيتفتح وأنا واعية بس مغمضة عيني، حسيت بدفئه وهو جاي جنبي بعد ما قفل البكلونة علشان البرد.. وأخدني في حضنه.. المرة دي الحضن دا كان أكتر حضن مطمنني، أكتر وقت أنا بحب فيه "ضياء".. وحبي بيتزايد كل يوم. 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


ـ مليش دعوة قعدني جنب الشباك.


= لا والله؟ وأنا مالي دا الكرسي بتاعي.


ـ حد قال لك تحجز لنفسك جنب الشباك؟ قوم وسع لي يا "ضياء" يا حبيبي يلا.


بص لي بنص عين وهو مربع ايده وبيقول بكل رفض:

= مليش فيه، أنا حجزته هنا مخصوص ليّ.


ضيقت عيني بغيظ، وصلنا للطيارة من 3 ساعات عقبال ما خلصنا إجراءات السفر، وأخيرا الساعة 8 الصبح والطيارة هتتحرك بس هو مش راضي يديني الكرسي اللي بحبه.

مفاضلش كدا غير إني أستخدم الحيلة الأخيرة اللي مش بتقنها بس أول مرة هجربها.


ـ علشان خاطري يا "ضياء"، مش هتسيبني أقعد جنب الشباك؟ مش أنت برضه اللي بتقول لي هعمل لك كل اللي أنتِ عاوزاه ولا أنت مش قد كلمتك.


سكت وهو بيبص لي وبيصر على أسنانه بغيظ، وبعدين نقر بصباعه على جبهتي وهو بيقوم وقال:

= علشان خاطرك بس.


بصيت بانتصار وأخدت الكرسي وارتحت فيه خالص، وهو باصص لي وبيبتسم على عكس غيظه من شوية، حضنت دراعه وأنا متحمسة: 

ـ أنا فرحانة أوي، وبحبك أوي. 


ضحك عليّ وأخد ايدي باس باطنها بحب: 

= وأنا بموت فيكِ، ليكِ عندي مفاجأة لما نرجع هتعجبك. 


ـ مفاجأة؟ مفاجأة ايه؟ 


= هتعرفي لما نيجي راجعين. 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


عدى أكتر من أسبوعين كل يوم نعمل عمرة باسمنا أو باسم حد نيابةً عنه، عيطت.. عيطت كتير أوي وأنا بشوف الكعبة لأول مرة في الحقيقة، لمستها بإيدي! فضلت أدعي وأشكر ربنا، وأخدت قرار بالفعل نهائي إني هكمل حياتي مع "ضياء"، مفيش حجة تانية.. أنا بحبه وهو بيحبني.. ايه المانع إننا نبقى سند حقيقي لبعض في الدنيا دي؟ نشيل هموم بعض ونهتم ببعض ونشارك كل كبيرة وصغيرة. 


الأيام عدت هوا، مأدركتش إني هشتاق لمكة كدا وأنا في طيارة الرجوع وبودعها، بسالمرة دي مكنتش لابسة أي لبس عادي، بل المفاجأة اللي عاملها لي "ضياء".. فستان بسيط بس راقي، لونه أبيض وفيه بعض نقوش قماش الدانتيل.. وطرحة من نفس اللون كانت كبيرة وساترة، حسيت يعني ايه أتحرر من كل ذنوبي بعد العمرة دي.. رحت مليانة بالذنوب التي لا يحصيها إلا الله.. ورجعت صحيفتي أنا و"ضياء" بنفس لون الفستان اللي لابساه.


= وصلنا يا حبيبتي، يلا تلاقي ماما والعيلة مستنيننا زي ما قالوا. 


انتبهت ليه بعد ما كنت مركزة مع مشيان الطريق وبفكر لدرجة إني مركزتش إننا وقفنا، نزلت ودخلت معاه شقتنا، وأول ما دخلنا قابلنا كل المباركات من العيلة خاصة مامته اللي كانت فرحانة بينا وحضنتني أنا وهو جامد وعمالة بتدعي لنا.. وأنا غصب عني ضحك من الفرح اللي حواليّ.. بقى دا أجمل ولا إننا تبدأ حياتنا بالذنوب والحفلات اللي ملهاش لازمة؟ 


كنا تعبانين من السفر فأهلنا مطولوش، أخدت نفَسي أخيرًا وقعدت بتعب على الكنبة اللي في أوضتي.. وقلت بحنين: 

 ـ وحشني المكان أوي في الأسبوعين اللي فاتوا دول. 


بصلي بابتسامة خبيثة وقال: 

= طب وصاحب المكان؟ ملوش نصيب ولا ايه؟ 


قلت له وأنا بضحك على تصرفاته: 

ـ أنت بالذات متتكلمش خالص، دا أنت كنت زي الغرا لازق فيّ. 


= أومال أسيبك في البلد الغريبة دي لوحدك؟ 


ضحكت وهو التاني ضحك، وكنت باصة له بابتسامة، بتأمل فيه، فريد من نوعه، عمري ما هلاقي حد زيه في يوم، حنين وطيب وبيهتم.. وأهم حاجة.. مدلعني أكتر من بابا نفسه.


= مش مرتاح لنظراتك دي.


ـ تعرف إنك حلو أوي؟


قلتها بابتسامة هُيام لقيته ضحك بخفة، وهو جاي ليّ قبل ما يدخل يغير هدومه اللي خرجها من شنطة السفر، وقال لي: 

= وأنتِ تعرفي إنك مفيش منك اتنين؟ يا شعنونة. 



الفصل السادس من هنا

تعليقات