![]() |
رواية قناص الغرام الفصل السادس بقلم رباب حسين
ماذا تظن؟!..... العيش في خوف من اكتشاف حقيقة قد تدمر حياتك وتمحي كل ذرة أمل لديك أم اكتشافها؟.... بالنسبة لي فأنا أخاف من اكتشافها.... أخاف من رؤية العتاب في عينيها.... من حزن يكسرها من دمعةٍ تجرح وجنتها..... أخاف من نفسي عليها وأخاف من عشقي لها..... لم أعد أمتلك القدرة على التحمل..... صرت أهرب كطفل كسر لعبته ويخاف عقاب أمه..... أخبئ مشاعري في تلك الغرفة معتقلًا قلبي العاشق الثائر حتى لا يحنو لها..... أرى ندائكِ لي في عينيكِ التي تغوص داخل أعماقي دون رحمة فقط تقسو على عقلي الذي بدأ يفقد حصونه أمام صرخات هذا القلب..... ولكن جاءت اللحظة التي كنت أخشاها سريعًا.... ها هي تقف أمامي تصدمني بمعرفة حقيقتي.... تشير إليّ بأصابع الإتهام ساحقةً قلبي الذى هوى بين قدميّ ووقفت مكاني أحاول الهروب إلى هذا المخبء ولكن تأبى قداميّ التحرك واختفت الدماء من جسدي ولم أعرف كيف علمت؟.... وماذا تعرف؟.... هل عرفت الحقيقة كلها؟.... هل حان وقت الفراق؟..... سؤال زرع الكسرة داخلي والحزن يلتف حول جسدي من كل اتجاه فصرت أنظر إلى عيناها وكأني أودعها
نظر فارس لها مطولًا ثم نظر إلى حاتم الذي ينظر إليه في صدمة لا يعرف كيف عرفت ثم أردفت ندا : أنا سمعت حاتم وهو بيقولك على عملية إمبارح وقال اسم عزمي درغام..... كده أنا فهمت.... إنت بتخرج بليل عشان تنفذ عمليات القناص وليلة قتل رجل الأعمال اللي قبله كنت برده برا..... عشان كده لما قولت قدامك إني عايزة القناص يقتل غانم بصتلي واستغربت.... إنت مش شغال في الحربية عشان كده حاتم رفض يوديك المستشفى ورفضت تبلغ البوليس لما حاولو يقتلوك في الشارع
حاتم : إنتي سمعتيني إزاي؟
ندا : وإنت بتكلم فارس صوت سماعة التليفون كان عالي وأنا كنت قاعدة جنبه في العربية
أغمض فارس عينيه قليلًا يحاول أن يسيطر على قلبه الذي كاد أن يتوقف عن النبض من الخوف ثم قال : مش عايز حد يعرف حاجة عن الموضوع ده
ندا : أكيد مش هأذيك..... بس عندي سؤال.... هو بابا عرفك منين ووصاك عليا؟
فارس : كنت عارفوه من وأنا في الخدمة
ندا : هو إنت سبت الخدمة ليه؟
فارس : مش مهم تعرفي.... ممكن ناكل بقى
جلس على الطاولة ولاحظ نظرات ندا له وكأنها ترغب في أن تخبره بشئ فقال : عايزة إيه؟
ندا في إندفاع وكأنها كانت تنتظر سؤاله : عايزاك تجبلي حق بابا من غانم
ترك الطعام ونظر لها في حزن ولم يتحدث فقالت ندا : زعلت ليه طيب؟
تنهد فارس وقال : كده كده غانم عدوي.... في يوم من الأيام حقه هيرجع ومين عارف يمكن تاخديه بإيدكي في يوم من الأيام
تعجبت ندا وقالت : أنا؟!.... هاخده إزاي مش فاهمة
فارس : يعني لو لقيتي اللي قتل والدك قدامك هتعملي إيه؟
ندا في غضب : هموته بإيدي
ابتلع فارس غصة مريرة في حلقه.... إن كان الموت سيأتيني على يديكِ فأنا قتيل عشقكِ المرحب بالموت بين راحتيكِ..... نظر له حاتم وهو يشعر بألمه ثم قال فارس : حقك.... وعارف إن نارك مش هتبرد غير لما تجيبي حق والدك
ندا : نفسي أشوف اللي قتله واسئله ليه بابا؟.... ده كان طيب أوي.... أنا مكنش ليا غيره.... كان هو دنيتي كلها ومن غيره حاسة إني تايهة.... إن روحي مش فيا.... بابا كان توأم روحي ومكنش بيهون عليه زعلي ولا حزني ومن ساعة ما مات مش شايفة غير الحزن ومش لاقية حد يطبطب عليا ولا يهون عليا.... مش لاقية حضن أستخبى فيه وأماني اختفى من الدنيا
هربت دمعة من عين فارس فركض إلى الحديقة حتى يتمالك أعصابه.... لاحظت ندا هذه الدمعة فنظرت له في صدمة ثم نظرت إليه وهو يخرج من المنزل وعادت النظر إلى حاتم وقالت : يخرب بيت غبائي..... أكيد فكرته بباباه تاني
ركضت خلفه وحاول حاتم أن يمنعها ولكن لم تعطيه فرصة فخرجت لتجد فارس يواليها ظهره ويبدو عليه أنه يتنفس بصعوبة فاقتربت منه في حزن وقالت : هقولك حاجة بس متبصليش.... خليك واقف كده ومش لازم ترد.... لو شفت عينيك وبصتلي وأنا بتكلم مش هعرف أقولك اللي أنا عايزاه
تنهد فارس واستمع لها في هدوء حتى استجمعت شجاعتها وقالت : لما كنت جاية البيت عندك أول مرة مع حاتم كنت مرعوبة عشان معرفوش أصلًا بس معرفش ليه صدقته أو يمكن مكنش عندي إختيار تاني ولما وصلت وعرفت إني هقعد معاكم إنتو الاتنين خوفي زاد وجسمي بقى واقف بيتحرك بالعافية بس..... بس أول ما شفتك.... حسيت... حسيت إن الأمان اللي راح مني بموت بابا رجعلي تاني.... حسيت أن ربنا بعتلي حضن تاني اترمي جواه وأنا عارفة إني لو بين إيديك مش هخاف أبدًا.... فاكر لما حضنتني في العربية؟.... إتأكدت إن إحساسي صح.... حضنك حنين أوي يا فارس وأنا محتاجاه..... بس حاسة إنك بتهرب مني وبتتغير.... عينيك بتقول حاجة تانية خالص غير الكلام اللي بسمعه منك ومعرفش إيه اللي صح فيهم.... بس اللي أعرفه إن العين مش بتعرف تكدب..... المهم اللي كنت عايزة أقوله إني لما عرفت إنك القناص كبرت في عيني أكتر.... اللي بتعمله بجد حلو أوي.... إنت بتجيب حق كل مظلوم
إلتفت إليها في غضب ولم يتمالك دموعه أكثر ثم قال : حلو إيه؟!.... أنا قاتل يا ندا.... اه بقتل ناس تستحق الحرق بس قلبي مبقاش قلب بني أدم.... القتل حولني لوحش بيخسر روحه حتة حتة مع كل رصاصة بتطلع من سلاحي.... لو أنا قتلت حد تعرفيه وحتى لو خارج عن القانون هتزعلي عليه..... هتزعلي عشان مهما كان بيعمل ويأذي في الناس فهو مهم في حياة ناس تانية.... الناس ديه بتدعي عليا.... الناس ديه بتقعد مع نفسها وتقول قتله ليه ما كان يقدم الدليل للنيابة زي ما بيعمل بعد ما بيقتلهم بس اللي محدش هيقدر يستوعبه إن الرشاوي والفلوس اللي بتدفع تحت التربيزة والمحامين اللي خدو القانون وثغراته مهرب لكل واحد منهم مش هيخلو الدليل اللي عندي يشوف النور بس في النهاية محدش هيعرف ده.... كله هيقف وراه ويقول كان إداله فرصة مش يمكن كان تاب.... الكلام ده بيموتني ميعرفوش إنهم لو فضلو أكتر من كده هيأذو أكتر فا ببعتهم للحق فوق عنده.... مفيش هناك رشاوي.... مفيش تحايل على القانون..... مفيش حد يشفع..... كل ده بصبر نفسي بيه بس الدم اللي بشوفه على إيدي كل ليلة أشيله من دماغي إزاي؟.... إوعى تقولي إني أمانك ولا تتحامي فيا عشان في يوم من الأيام ممكن أخرج مرجعش.... ممكن أبقى أنا المجني عليه مش الجاني.... متحبنيش يا ندا.... متتعلقيش بيا عشان أنا أوحش حد في الدنيا وأكتر واحد هيأذيكي.... إبعدي..... اسمعي كلامي وابعدي عني.... متقربيش ومتستنيش مني حاجة عشان مش هعرف أديكي حاجة وبعدين فيه حاجات كتير أوي تبعدنا عن بعض..... أنا أكبر منك بكتير وداخل على ال ٤٠ سنة إنتي صغيرة وحياتك قدامك ليه تربطي نفسك بواحد أكبر منك مرتين وقاتل سفاح.... حكمي عقلك وبلاش مراهقتك تأثر على قرارك.... أنا مش أمانك ولا الحضن اللي بتدوري عليه
بكت ندا وقالت : ياريت بإيدي.... تعرف توقف قلبي ده؟.... تعرف تنسيني حضنك بعد ما حسيت بيه؟
اقتربت منه أكثر تنظر داخل عينيه وقالت : أنا عايزاك.... قاتل.... حرامي... نصاب.... مش مهم.... أنا عرفت دلوقتي إنك حتى لو بتعمل ده بتعمله عشان تنضف الدنيا ديه من أمثال غانم.... بص يا فارس أنا مش هبعد غير في حالة واحدة إنك تبص في عيني دلوقتي وتقولي إنك مش عايزني ساعتها هبعد نهائي وهعاملك زي ما أنت عايز
تمالك فارس ما به من مشاعر ورغبة وقال في هدوء : أنا مش عايزك
نظرت له في صدمة ولم تتمالك دموعها أكثر وركضت من أمامه..... صعدت إلى غرفتها ولم تخرج منها طوال اليوم.... أما هذا العاشق المذبوح بيديه العارية.... القاتل لمشاعره... جلس بغرفته ينعي وفاة قلبه ويضرب جثمانه بسيف العتاب واللوم.... يذكر نفسه بكلمات تمنى سماعها منها ويلعن ذاته بحديثه ورفضه لها.... رفضتها!.... يلا حماقاتي..... يلا لوعة فؤداي بكسرة فؤداكِ بين حروفي وكلماتي... انساب يا دمع عيني علك تكوي جرح قلبي.... هل أعود تحت قدميها أرجو العفو والسماح؟.... هل أكتب صفحات الحب بالدم؟.... ظل الأسئلة تجوب برأسه وبين ضعف وتحمل يمضي بين باب غرفتها وباب غرفته حتى حل الليل وبعيدًا عن هذان العاشقان.... في منزل أخر يجلس غسان أبو العزم الغاضب من رفض فارس لطلب قتل غندور المعداوي حين أعلن له فريق فارس أن هناك رفض بسبب شكوك حول الطالب ولكن لم يتقبل هذا الرفض فاستعان بأحد أمهر المخترقين في البلد وطلب منه اختراق هاتف الشخص الذي أبلغه برفض القناص له وها هو يقف أمامه ويعطيه نتيجة البحث قائلًا : الرقم كان برايفت بس قدرت أجيبه..... ديه كل المكالمات اللي صدرت من الرقم وجبت كل أسمائهم وعملت بحث عليهم ولقيت أن أكتر إحتمال يكون هو القناص.... واحد اسمه فارس إبراهيم وديه كل المعلومات عنه
غسان : عرفت هو فين دلوقتي؟
الهاكر : اه.... ده عنوانه
غسان : حمدي
حمدي : أوامرك يا باشا
غسان : إديله حسابه وتعالى ورايا على المكتب
نفذ حمدي ما طلبه منه ثم لحق به إلى غرفة المكتب وقال غسان : عايز رجالة تقف تراقب المكان وتجبلي أخباره..... عايز أعرف كل حاجة عنه
حمدي : أوامرك يا باشا
أرسل حمدي سيارة بها شخصان ووقفا خارج سور المنزل..... حل الصباح ونزلت ندا ويبدو عليها الحزن وأنها لم تنام جيدًا ووجدت حاتم يعد الطعام على الطاولة فقال لها في حزن من هيئتها : هو حصل إيه إمبارح بالظبط؟
تنهدت ندا وقالت : ممكن توصلني الجامعة؟
حاتم : ممكن طبعًا
قاطعهم صوت فارس قائلًا : أنا هوصلك
لم تنظر ندا له وقالت : لا شكرًا.... حاتم هيوصلني
فارس : مش كل مرة هعيد نفس الكلام
ندا : وأنا قلت شكرًا مش عايزاك توصلني
فارس : مش هطمن غير لما أوصلك بنفسي
نظرت له ندا في غضب وقالت : وأنا مش عايزاك لا توصلني ولا تقلق عليا ولا تشوفني ولا تتعامل معايا نهائي.... خلاص
فارس : مش هقدر أقعد هنا وأنا قلقان عليكي.... أفهمي الوضع.... معرفش هيحصل إيه برا
ندا : يحصل اللي يحصل.... ياريت يقتلني وارتاح.... سيبني في حالي بقى.... حاتم
حاتم : نعم
ندا : هتوصلني ولا اطلب أوبر؟
حاتم : هوصلك
نظر له فارس في غضب فقال حاتم : إيه طيب.... ما هي مش عايزاك توصلها أكيد هوصلها أنا
ندا : يلا عشان متأخرة
فارس : طيب كلي أي حاجة إنتي مكلتيش إمبارح
نظرت له في غضب وقالت : ملكش دعوى..... زي ما كنت بتقولي متدخليش في حياتي أنا دلوقتي اللي بقولهالك.... ملكش دعوى بيا
تركته ندا ولحق بها حاتم تحت نظرات فارس الغاضبة وبعد أن سمع صوت السيارة لم يتحمل فخرج إلى المواقف خلف المنزل وأخذ سيارة ولحق بهما..... لاحظ حاتم وجود فارس خلفه ولم يخبر ندا بالأمر.... وصلت ندا إلى الجامعة وكان هناك من يتابع سيارة حاتم وفارس وبعد أن نزلت ندا من السيارة ذهب فارس إلى حاتم وطلب منه أن ينتظرها ثم عاد إلى السيارة ووقف بعيد حتى لا تراه..... بعد وقت خرجت ندا واتصلت بحاتم ووجدته ينتظرها عند الباب فأشار لها كي تذهب إليه ولكن لمح رجلان يقتربان منها فخرج حاتم ليذهب إليها سريعًا فلاحظ فارس ركض حاتم فخرج سريعًا ووجد أحد الرجال يجذب ندا من ذراعها وهي تنظر إليهما في خوف والأخر يقترب من حاتم وبدأ العراك بينهما فتدخل فارس سريعًا وقام بلكم ذلك الرجل الذي يمسك بها فسقط أرضًا ونظرت له ندا في خوف فأمسك وجهها بين يديه في خوف وقال : إنتي كويسة؟
فاجأه الرجل بلكمة قوية ثم توالت الضربات بينهما حتى أخرج سلاح من يده وضرب رأس فارس به وعاد إلى السيارة ولحق به الرجل الأخر وسقط فارس أرضًا ينزف من رأسه تحت صرخات ندا
