رواية المنتقبة والجبار الفصل السابع بقلم شيماء طارق
(فجأة يزن ادخل ووشه مليان غضب)
يزن (بصوت هادي بس مرعب):
هو إيه اللي بيحصل هنا؟!
(يبص لسلمى اللي عينيها مليانه دموع فصوته بعد ما كان هادي اتحول لعاصفه قويه وهو بيقول)
مين اللي خلى دموع سلمى تنزل مين اللي زعلها؟!
سعاد (بصوت متكبر قالت): هو في حد كلمها أنت عارف ان هي عايشه دور المظلومه وهي اصلا لسانها طويل وقد كده واحنا مستحملينها علشانك هنقول إيه بقى صعيديه وفلاحه؟!
يزن (قاطع كلامها وقال بصوت هز القصر كله):
اخرسي يا سعاد اللي يقل من مراتي ملهوش احترام عندي!
أنا ساكتلكم من بدري بس الظاهر إن السكوت خلاكم تفكروا إن يزن ضعف! بس لا انتم كده نسيتوا انا مين
ومن النهاردة، محدش في القصر ده ليه كلمه غيري، واللي مش عاجبه الباب يفوّت جمل ده انا مستقبلكم في بيتي يعني من الافضل ان انتم تقعدوا باحترامكم يا اما هرميكوا بره القصر ؟!
(يبص لعفاف وليلى بنظرة جليد)
وانتِ يا عفاف، كلمه تانيه على سلمى… والله هخليكي تتمني بس تبص على القصر ده من بعيد ومش هتعرفي؟
وانتي يا ليلى، آخر مره تتكلمي وتطولي لسانك على اسيادك لان مراتي ست محترمه ومؤدبه وعايشه علشان جوزها بس مش واحدة زيك اللي تيجي تتكلم عنها بالطريقه دي بلاش ننشر غسلنا الوسخ قدام الناس؟!
ليلى (بصوت مهزوز وهي بتحاول تدافع):
يزن، أنا بس كنت...
يزن ( بيقطعها في الكلام وبيقول):
كنتِ إيه؟!
كنتِ بتغلطِي فيها؟!
دي مراتي وسيدة القصر دي! وأي حد حابب ينتقد الناس او يتكلم عنهم يبص على تصرفاته وبعد كده يتكلم عن الناس فاهمين ؟!
(فاطمة الجده بتنزل السلم،و صوتها ضعيف لكن مليان حكمة وحزن)
فاطمة:
كفاية بقى يا يزن… البيت ده بقى قايد نار من كتر الحقد والغل اللي فيه انا زهقت وتعبت
اللي حصل مع سلمى عيب. أنا شايفه بعيني إن البنت دي مظلومة ومكسورة كفايه اللي هي فيه انتم بتزودوها عليها ليه حرام عليكم وانتي يا عفاف انتي وسعاد عندكم عيال اتقوا ربنا؟!
(سعاد تبص لفاطمة بخوف، وعفاف تسحب ليلى من دراعها عشان يخرجوا، لكن يزن بيقول قبل ما يمشوا:)ط
يزن:
اعتبروا نفسكم مطرودين من القصر… من دلوقتي! وممكن ابعتلكم الخدم يظبطوا لكم الشنط بتاعتكم والباب يفوت جمل
واللي ناوي يتكلم كلمه هيندم وانا هندمه؟!
(صوت صرخة ليلى وهي بتمسك شنطتها وتطلع بسرعة، وسعاد وعفاف وراها، والجو كله ساكت إلا من صوت دقات قلب سلمى اللي بتترعش من الموقف.)
(يزن يتنفس بعمق، ويمشي ناحيتها، صوته واطي بس مليان وجع وغضب)
يزن:
هو كل مرة أرجع ألاقيك بتعيطي؟!
كل مرة يوجعوكي وانتي ؟!
(بيقرب منها أكتر عينيها بتلمع بالدموع مش قادره تخفيها وهو بيقرب منها وبيقول )
أنا وعدتك أحميكي… وأهو بوفي بوعدي، محدش هيوصللك طول ما أنا عايش واي حد هيحاول يجرحك هطردوا من حياتنا نهائي حتى لو كان مين؟!
(سلمى بصوت مهزوز):
انا ما كنتش رايده مشاكل، والله كنت رايده القصر يبقى هادي علشان عمي، بس هم اللي دايمًا بيبدؤا وبيتخانقوا وياي وانا والله ما سويت وياهم حاجه؟!
يزن (بيمسك إيديها بلطف وهو بيقول لها):
ما تبرريش يا سلمى، خلاص انا مصدقك…
ومن النهارده محدش يضايقك تاني، لا في القصر ولا بره.
ولو حد فكر يقرب منك، هيتعامل مع يزن القناوي اللي ما بيعرفش يرحم اللي بيجي عليه !
(عيونهم تتقابل لحظة طويلة، وسكون غريب يملأ المكان… نظرات فيها خوف، شكر، وشيء جديد بيتخلق بينهم لأول مرة)
(فجأة صوت الممرضه بييجي من فوق وهي بتقول بخوف):
يا بيه، عبد الحميد بيه تعبان شوية وبيسأل على حضرتك وعلى مدام سلمى!
(يزن بسرعة يبص لسلمى، وبيمسك إيديها): تعالي يا سلمى نشوف هو في إيه؟!
(بيدخلوا اوضه عبد الحميد وهو باين عليه التعب وصوته واطي جدا وبيبص لسلمى بحنان وهو بيقول لها ):
انتي زي بنتي يا سلمى خلي بالك منها يا يزن أنا عايز أشوفكوا بخير دايما اوعى تزعلها؟!
في سؤال انا عارف يا سلمى انك عايزة تعرفيه وان مراتات اعمامك جو هنا وتكلموا فيه وانا شايف ان الاوان انك تعرفي مين امك ؟؟؟
(سلمى بتتجمد في مكانها، عيونها تتسع بخوف ودموعها تلمع، تبص ليزن بخضه وهو مش فاهم حاجه، وعبد الحميد بيغمض عينيه بتعب.)
سلمى (بتقرب منه بسرعة وبتقول وهي عينيها مليانة دموع):
بلاش تتحدت دلوقت يا عمي، إنت تعبان قوي قول كل اللي رايد تقوله لما تقوم بالسلامة إن شاء الله بس دلوقت لازما ترتاح ما تتعبش حالك؟
عبد الحميد (بصوت متقطع وهو بيحاول ياخد نفس):
سلمى…نغمات مش امك يا سلمى الحقيقيه نغمات كانت ست طيبه جدآ ومحترمه واكتر حاجه كانت حلوة في حياة مصطفى وانا كنت عايز
(صوته بيختفي فجأة، عيونه تترفع للسقف، نفسه يتقطع، وإيده تقع من إيدها. سلمى تصرخ بصوت عالي وهي بتقول)
سلمى:
يااااااااه يا عمي… حد يلحقنااااااااااااااااااااااااا!!!
يزن بيصرخ زي المجنون،اما بيشوف ابوه مش قادر يتحرك ولا قادر يتنفس قدامه.
يزن:
بابا!! بابا فوق انا معاك يا حبيبي ما تيجيتش نفسك حاول تفتح عينيك وخليك معايا !!
(بينادي بأعلى صوته على الممرضه اللي اتصلت بالدكتور وكان خلاص وصل القصر و الجده فاطمة، وسعاد، وعفاف، وليلى، وكلهم في حالة ذعر حقيقي)
الدكتور بعد دقايق قليلة بيقول بصوت واطي:
النبض ضعيف جدًا… لازم يروح المستشفى حالًا أنا قلت من الأول ما ينفعش يجي البيت يلا بسرعه ما فيش وقت!
(يزن بيشيل أبوه بنفسه من على السرير وهو بيترعش، وسلمى تبصله وهي مش قادرة تتحرك من مكانها، دموعها نازله بغزارة، قلبها بيتقطع وهي شايفة عبد الحميد في الحالة دي)
بعد نص ساعه كانوا في المستشفى قدام أوضة العناية والجو كله حزن، فاطمة قاعدة على الكرسي بتعيط بصمت، وسلمى قاعدة على الكرسي حضن ركبتها ووشها مدفون فيها. يزن واقف جمب الإزازة يبص على ابوه اللي نايم ومتوصل بالاجهزة
ملامحه باينه عليها الانكسار)
يزن (بصوت مبحوح): ما كنتش متخيل يا بابا اني ممكن اشوفك كده في يوم من الأيام كنت جبل شايل عني كتير أنت سندي يا حبيبي كنت على طول بتقول عليا اني سندك بس بالعكس أنت اللي سندي انا ما اقدرش اعيش من غيرك علشان خاطري ما تسيبنيش؟
(سلمى بتقوم ببطء وتقرب منه، تبص له بخوف):
هيقوم يا يزن… هو وعدني إن هيبقى كويس… كان لسه كان بيحدتني قبل ما يتعب… قالّي كلام غريب… عن… عن أمي ما تقلقش وهو هيبقى مليح خابر انه يوم اللي شفته فيه
وجابني اهنا وعدني انه مش هيهمني واصل…
(يزن بيلف بسرعة ناحيتها، عيونه تتسع وهو بيقول لها):
أمك؟!
سلمى (بتتلخبط وهي بتحاول تفتكر):
الحديت اللي قاله قدامك ان امي مش نعمات كيف ما قالوا نسوان عمامي وبعديها ما كانش قادر ياخد نفسه وما اعرفش يفهمني وما فهمتش هو قصده إيه ؟
يزن (بيحاول يسيطر على ملامحه ويقول بهدوء):
يمكن كان بيهذي يا سلمى… ما تصدقيش اي حاجه وخلاص
واول ما يفوق ان شاء الله هو بنفسه هيشرحلك كان قصده ايه باللي هو قاله ويمكن الكلام اللي قاله ده علشان كان تعبان وخرج منه غصب عنه؟
سلمى (بدموع وهي بتقول له): كان باين عليه ان حديت صحيح ربنا يستر
كان بيحاول يقولّي حاجه مهمه… وانا حاسه إن وراها سر كبير يا يزن سر لو عرفته حياتي كلها هتتغير…
(يزن بيقرب منها خطوة، يحط إيده على كتفها بلُطف، صوته واطي ومليان حنان):
أنا مش هسيبك لحد ما نعرف كل حاجه بس دلوقتي ما فيش اي مجال اننا نفكر في اي حاجه غير اننا ندعي لبابا يقوم بالسلامه فاهمه؟
(سلمى تبص له بعينين كلها وجع وامتنان، ودموعها تنزل وهي بتقول):
أنا خايفه على عمي قوي ربنا يشفيه ويعافيه يا رب والله بدعيله وكل صلاة ليا ربنا ان شاء الله يقف معاه علشان هو قلبه طيب!
(يزن هو بيبص لها بحبه مبسوط جدا من كلامها ويبص على ابوه في نفس الوقت قال): ان شاء الله هيقوم بالسلامه وهيكون كويس؟
(سلمى تبص له، نظرتهم تتقابل لأول مرة بالشكل ده فيها خوف، ووجع، ودفء غريب بيكبر بينهم من غير ما يقصدوا فجأة يزن يبعد بسرعة كأنه فاق لنفسه)
يزن (بصوت متوتر):
أنا رايح أشوف الدكتور، لو احتاج حاجه بلغيني.
(يسيبها ويمشي بسرعة، وهي تبص وراه وعنيها كلها كلام مش قادره تقوله، وتحط إيدها على صدرها تحاول تهدي ضربات قلبها اللي بقت سريعه)
سلمى (بهمس وهي تبكي):
يا رب… لو السر اللي عمي عبد الحميد خابرة ده في خير ليا
ساعدني أعرفه… وساعدني افهم إيه اللي حصل بالظبط ورشدني على الطريق الصح واشفي عم عبد الحميد يا شافي يا الله؟!
قاعد قدام اوضه العنايه والانوار بتعكس على عيونها وهي دموعها نازله بغزاره.
يزن بعد ما اروح للدكتور علشان يطمن على والده رجع تاني وشاف سلمى واقفه زي ما هي ولسه بتعيط على آخرها وبتشهق زي الأطفال الصغيرين راح عليها.
يزن:
خلاص يا سلمى، عيّطنا كفاية الحمد لله الدكتور طمني على بابا وقال ان حالته مستقرة وبابا مش لازما يشوفك وانتي منهارة كده اجمدي؟!
سلمى وهي مش مصدقه وبتبص ليزن وبتقول له : بجد يعني عمي بقى مليح يعني ينفع ادخل اشوفه بجد طمني عليه بالله عليك!
يزن مسكها من ايديها وقعدها على الكرسي جنبه طبعا ده كله ومراتات عمامه وليلى واقفين متغاظين جدآ من المنظر وهو بيقول لها بهدوء : الحمد لله بقى كويس بس ما ينفعش تدخليله دلوقتي انا عارفه انك عايزة تعرفي إيه اللي حصل وبابا كان عايز يقول لك إيه بالظبط؟!
بس انا شايف ان بابا ما كانش في وعيه وهو بيقول الكلام ده
وانتي عارفه ان التعب ممكن يخلي الواحد يقول كلام وهو مش واعي!
سلمى رفعت وشها له، عينيها كلها كلها دموع وخوف و حيرة: انا اول حاجه رايده اطمن على عمي مش فارق وياي اي حاجه ثانيه يا يزن؟!
يزن : إن شاء الله ربنا هيقومه بالسلامه وهيبقى بخير؟!
سلمى :والله انا بحب عمي عبد الحميد كيف ما كنت بحب ابوي بالظبط هو عوضني مكانه واداني اللي اهلي ما قدروش يديهولي؟!
يزن بغيرة مش في وقتها قال: مش عايزك تقولي على اي راجل بحبه اسمها بعزه تمام؟!
سلمى باستغراب من نبرة صوته اللي كانت مليانه غضب قالت :حاضر!؟
في الوقت ده خرج الدكتور ويزن اتكلم معاه وطمنه على حاله والده اللي بقت مستقرة وبعد كده دخل هو وسلمى وجدته عند عبد الحميد وقعدوا معاه في الاوضه.
فاطمة بهدوء، عيونها متغرقة بالدموع بس صوتها ثابت:
عبد الحميد محتاج راحة دلوقتي... ما تخليش حد يدخل هنا يا يزن؟!
يزن وقف وقال:
هنقعد جنبه يا تيتة، مش هنمشي وبالنسبه للناس اللي بره دي ما فيش حد فيهم يتجرا يدخل هنا وانا مبلغ إدارة المستشفى؟!
فاطمة بصت لسلمى بحنان وقالت:
خلي بالك من عبد الحميد يا سلمى هو بيحبك زي بنته، ويمكن أكتر وعايز يجيبلك يا بنتي نجمه من السما؟!
سلمى فضلت سكتة، بتبص على وش عبد الحميد، وقالت بهمس: وانا والله بعتبره كيف ابوي ربنا يخليه ويشفيه ويديله الصحه وطوله العمر؟
يزن بقرب منها وقال وهو بيحاول يطمنها: ان شاء الله هيبقى كويس وهيقوم انا واثق في كرم ربنا؟!
(دمعة نزلت من عين سلمى، مسحتها بسرعة، وقالت بصوت واطي:) انا خابرة كرم ربنا وانه هيشفيه هو طيب ومليح قوي وما فيش كيف واثنين إن شاء الله خير؟!
يزن مد إيده ولمس كفها بحنان، وقال:
إنتي أقوى من كده... وده السبب اللي مخلي أبوي يحبك ويحترمك، لأنه شايف فيك بنت أصيلة، مش مجرد بنت عاديه وهو كان عنده حق؟!
سلمى بصت له، عينيها فيها امتنان وارتباك:
وجودك جنبي بيهون كل حاجه يا يزن.
يزن ابتسم بخفه، وقال:
وهيفضل كده طول العمر.
الجو كله كان مليان بالمشاعر وفاطمه قاعده جنب عبد الحميد من بعيد وسلمى ويزن كانوا قاعدين في آخر الاوضه وباين عليهم الحب والتفاهم الدكتور دخل فجاة عليهم.
الدكتور هو بيتكلم بعمليه وبيقول: عبد الحميد بيه حالته اتحسنت بس لسه ضعيف وهو 10 دقائق بالظبط وهيفوق ان شاء الله ما تحاولوش تجهدوه بالكلام هو عنده جلطه وعنده مشكله في التنفس يعني الموضوع عنده بقى صعب شويه؟!
وفعلا الدكتور خرج من الاوضه وعبد الحميد بدا يفوق.
سلمى وقفت جنبه، ودموعها نازلة بس بتحاول تتمالك نفسها.
عبد الحميد فتح عينه وصوته كان ضعيف جدا وهو بيقول :
"ما تعيّطيش يا بنتي... أنا بخير.
سلمى مسكت إيده بحنان وقالت: الحمد لله يا عم انك بخير ما تجهدش حالك احنا جنبك وياك على طول؟
عبد الحميد سكت لحظه، خد نفس بصعوبة، وقال: ربنا يخليكي ليا يا بنتي وما يحرمنيش منك ابدا!
وبعد كده عبد الحميد كان برده لسه مش قادر يتكلم كويس وعنيه غمضت وراح تاني في النوم الدكتور قال في الوقت ده:
كفاية كده، لازم يرتاح لو سمحت سيبيه دلوقتي؟!
سلمى خرجت من الأوضة، عيونها كلها دموع وحيرة.
يزن قرب منها وقال:
قالك إيه عرفتي حاجه عن الموضوع اللي كان بيكلمك فيه؟
سلمى همست وهي بتبص في الأرض: ما تحدتناش في حاجه هو كان تعبان لسه ربنا يقومه بالسلامه ان شاء الله ما تقلقش هيعرفني كل حاجه رايد عارفها اول ما يبقى مليح؟!
يزن ضمها بحنان، وقال وهو بيهمس:
خلاص، لما ييجي وقتها نعرفها سوا... يا سلمى وزي ما قلتلك ممكن ما يكونش قصده حاجه اصلا والموضوع جه كده صدفه؟
فجأة دخلت ليلى عليهم وقالتلهم حاجه خلت سلمى انهارت في البكاء؟!
تابع...؟!
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
