رواية الحلم والقدر ( كامله جميع الفصول) بقلم منه السيد


رواية الحلم والقدر الفصل الاول بقلم منه السيد

السلام عليكم يا طنط، أنا ليلى، الممرضة اللي كلمت حضرتك على الواتساب، جايه أركّب المحلول.لياسمين


أم ياسمين:

أهلاً يا حبيبتي، تعالي يا بنتي، نورتي البيت. ده ربنا بعتهالك والله، الست ياسمين تعبانة قوي من امبارح.


ليلى:

ولا يهمك يا طنط، ربنا يقومها بالسلامة.

(تبص ناحية السرير)

ازيك يا ياسمين، الف سلامه عليكي يحبيبتي مالك؟ 


ياسمين (بصوت ضعيف) الله يسلمك يا أستاذة ليلى، تعبانة شوية بس ربنا كريم.


ليلى:

ما تقوليش أستاذة، قولي ليلى وخلاص.

(تبدأ تجهز المحلول وتلبس الجوانتي)

هو الضغط كان عامل كام آخر مرة؟


أم ياسمين:

كان واطي شوية، ٩٠ على ٦٠.


ليلى:

تمام، يبقى هنديها محلول ملح بس بالراحة.


ياسمين (بابتسامة خفيفة):

انتي شكلك صغيرة أوي، لسه بتدرسي؟


ليلى:

أيوه، في كلية التمريض، بس متدربة فمستشفى كبيرة ف القاهرة.


أم ياسمين:

ربنا يكرمك يا بنتي، واضح إنك شاطرة.

(تبص لبنتها وتضحك)

شوفي إيدها يا ياسمين، زي الحرير.


ياسمين:

بجد، والله يا ليلى إيدك خفيفة جدًا، أنا متعودة كل مرة أتوجع لما حد يركبلي الكانيولا، بس المرة دي محستش بحاجة!


ليلى (بابتسامة فيها رضا):

دي نعمة من ربنا يا حبيبتي، أهم حاجة إن المريض يرتاح.

أم ياسمين:

واضح إنك بتحبي شغلك أوي.

ليلى:

هو مش مجرد شغل، أنا بحس إن دي رسالة.

يعني لما أساعد مريض أو أهون على حد، بحس إني قريبة من ربنا أكتر.

ياسمين:

جميل قوي الكلام ده، مش بنسمعه كتير الأيام دي.

(تبص فيها بنظرة إعجاب)

بس قوليلي يا ليلى، انتي أكيد من عيلة كبيرة كده، شكلك متربي ومتعلم.


ليلى (تسكت لحظة):

لا والله يا حبيبتي، أنا وماما بس اللي عايشين سوا.


أم ياسمين:

أبوكي فين يا بنتي؟


ليلى (بهدوء وهي بتركّب شريط اللاصق):

بابا… موجود. بس مريض.


أم ياسمين:

مريض؟ خير يا رب؟


ليلى:

هو… يعني، ربنا ابتلاه بعقلُه شوية.

الناس بتقول عليه مجنون، بس أنا شايفاه مظلوم.

كان طيب جدًا، بس اتعب فجأة، ومن ساعتها حياتنا اتغيرت.


ياسمين (بحزن):

ربنا يشفيه ويعافيه يا ليلى.


ليلى (بابتسامة صغيرة):

آمين. هو السبب إني بقيت بحب المجال ده، كنت بشوفه محتاج حد يطبطب عليه، محدش كان بيقرب منه.

فقلت لازم أبقى الممرضة اللي قلبها رحيم.


أم ياسمين (بتدمع):

يا حبيبتي… والله إنتي ملاك مش إنسان.

ربنا يكرمك في حياتك ويعوّضك خير عن كل وجع.


ليلى (بهدوء):

هو دا اللي مستنياه، مش من الناس… من ربنا.

أنا بحب دايمًا أقول لنفسي: اللي قلبه متعلق بربنا، عمره ما هيقع.


ياسمين:

فعلاً كلامك يطمن.

(تضحك بخفة)

طب ما تجيليش كل أسبوع؟ وجودك بيريّحني أكتر من العلاج نفسه.


ليلى (بتضحك):

ده كلام جميل يا ياسمين، إن شاء الله تتحسني بسرعة ومحتاجنيش تاني غير في الزيارات الحلوة.


أم ياسمين:

يا بنتي والله أنا مش عايزة تمشي. الناس كلها بتشتغل عشان الفلوس، لكن انتي داخله كأنك بتقدمي خدمة لله.

ليلى:

هو فعلاً كده، أنا دايمًا ببدأ اليوم بدعاء واحد:

“يا رب اجعل إيديا سبب شفاء مش أذى.”

أم ياسمين (بتبص فيها بإعجاب):

ربنا يحفظك.

بس يا ليلى، لو تسمحيلي أسألك حاجة كأني أمك.


ليلى:

طبعًا يا طنط، تفضلي.


أم ياسمين:

انتي لسه متجوزتيش، صح؟


ليلى (بضحكة خفيفة):

أيوه، لسه.


أم ياسمين:

بس مش معقولة بنت بالجمال والأدب ده محدش خطبها؟


ليلى:

العُرسان بييجوا يا طنط، بس… مش بحس إن حد فيهم مناسب.


أم ياسمين:

يعني بتدوري على إيه في العريس؟


ليلى (بصوت واثق وهادئ):

بدور على راجل يكون قريب من ربنا يبقا هين لين سوي نفسيا ياخد بايدي للجنه 

يخاف عليا زي ما بيخاف من ربنا،

ويعرف يعني إيه واحدة تتعب وتستاهل تقدير.


ياسمين (بابتسامة):

الكلام ده يخلي أي حد يقع ف حبك والله.


ليلى (تضحك):

ربنا يبعته بالنية دي بقى.


أم ياسمين:

وأمك رأيها إيه؟


ليلى:

هي بتفضل تقوللي "ارضى بأي حد يا بنتي، الناس كلها بتبص للنسب"،

بس أنا مش مقتنعة،

مش هتجوز عشان أهرب من لقب “بنت المجنون”.

هتجوز لما أحس بالأمان الحقيقي.


أم ياسمين (بهدوء):

وعندك حق، اللي يشوفك يا ليلى يعرف إنك بنت أصل، مش مهم هو أبوكي مين، المهم انتي بقيتي إيه.


ليلى (تدمع عينيها شوية):

الكلمة دي تساوي الدنيا عندي يا طنط، ربنا يبارك فيكي.


ياسمين:

انتي فعلاً مختلفة، بتحسي باللي قدامك من غير ما يتكلم.

أنا حسيّت كأنك أختي، مش ممرضة.


ليلى:

هو ده اللي نفسي أكونه دايمًا، أخت، بنت، طبطبة.

المريض مش دايمًا محتاج علاج، ساعات محتاج قلب يسمعه.


أم ياسمين:

انتي بتتكلمي كأنك ست كبيرة مش بنت عشرينات!


ليلى (تضحك بخجل):

الظروف بتكبر الواحد يا طنط،

اللي يشوف أمه وهي شايلة البيت لوحدها، ويتعلم يصبر،

أكيد هيبطل يشوف الدنيا بلون اللعب.


أم ياسمين:

والله عندك حق.

قوليلي بقى، أمك عاملة إيه؟


ليلى:

تعبانة شوية من الشغل، بس قوية.

هي دي السند الحقيقي، من غيرها مكنتش بقيت كده.

بتفضل تقوللي “يا بنتي خدي بالك من نفسك، ما تتأخريش، الناس وحشة.”

بس برجع أقولها: اللي ماشي مع ربنا عمره ما يخاف من الناس.


ياسمين:

يا سلام على الإيمان!

ربنا يحميك يا ليلى من كل عين وحسد.


ليلى (بابتسامة بسيطة):

آمين يا حبيبتي، الدعوة دي عند ربنا كبيرة.

(تقوم تراجع المحلول وتشيله)

تمام، كده خلصنا. حسيتي بتحسن يا ياسمين؟


ياسمين:

أه والله، كأني كنت دايخة وصحيت على ريحة طيبة.


أم ياسمين:

ريحة الطيبة جاية من قلبها، مش من برفان.

(تضحك)

بصي يا ليلى، والله لو كان عندي ابن، كنت جوزتك ليه دلوقتي حالًا.


ليلى (تضحك بخجل):

ربنا يخليكي يا طنط، ده من ذوقك.


أم ياسمين:

بس بجد يا بنتي، خدي بالك من نفسك. الناس ساعات بتأذي الطيبين من غير سبب.


ليلى (بهدوء):

عارفة يا طنط، عشان كده دايمًا بقول "يا رب اجعلني من عبادك اللي قلبهم أبيض بس عقلهم صاحي."

ياسمين:

الكلمة دي هكتبها وأحطها على المراية.

ليلى:

اعملي كده، هتفكرك دايمًا إن ربنا شايفك، حتى لو محدش شايف تعبك.

أم ياسمين:

هترجعي المستشفى بعد كده؟

ليلى:

أيوه، أنا متدربة في مستشفى كبير ف القاهرة، اسمها "النيل التخصصي"، تحت إشراف دكتور محترم جدًا، اسمه يوسف.


أم ياسمين:

ربنا يوفقك في طريقك ي ليلى انتي تستاهلي كل خير 


ليلى (بابتسامة بسيطة):

آمين.

(بصوت هادي وهي بتلم حاجتها)

أنا همشي بقى يا طنط، بس لو احتاجتوا أي حاجة كلموني في أي وقت.


أم ياسمين:

ربنا يجازيك خير يا ليلى، وسلّميلي على أمك.


ليلى:

هسلم يا طنط، وبلغي ياسمين سلامي، وخليها ما تشيلش هم، كل حاجة هتتظبط بإذن الله.


أم ياسمين:

الله يسهلك طريقك يا بنتي، ويكتبلك نصيب حلو يفرّح قلبك.


ليلى (بابتسامة فيها أمل):

ربنا يباركلك يا طنط والف سلامه ع ياسمين 

ام ياسمين: الله يسلمك يحبيبتي

_______________________________

 

السلام عليكم يا ماما، أنا جيت.


رحاب (بصوتها من المطبخ):

وعليكم السلام، اتأخرتي ليه يا بنتي؟ قلقت عليكي.


ليلى:

كنت عند مريضة يا ماما، الست كانت محتاجة أركّبلها محلول، والحمد لله كل حاجة عدت كويس.


رحاب (بتطلع من المطبخ):

ربنا يكرمك يا بنتي، بس ما تتأخريش كده تاني. الناس وحشة والبلد مليانة بلاوي.

ليلى:

عارفة يا ماما، بس والله دي ست طيبة جدًا، وفضلت تدعيلي تقولّي “إيدك فيها رحمة”.

كلامها ريّحني كأن ربنا بيطبطب عليا من خلال لسانها.

رحاب (بابتسامة خفيفة):

هو ربنا دايمًا بيطبطب على اللي قلبه نضيف.

بس يا ليلى، خليني أقولك كلمتين وأرجوكي ما تزعليش.


ليلى (بتبتسم):

خير يا ماما، قولي.


رحاب:

انتي خلاص كبرتِ، والناس كلها بتتجوز، وأنا مش مطمنة.

مش عايزاك تصحي في يوم وتلاقي نفسك لوحدك.


ليلى (بهدوء):

يا ماما، أنا مش لوحدي. ربنا معايا، دايمًا.

والجواز مش هروب من الوحدة، الجواز مسؤولية، ومينفعش أختار غلط.

رحاب (متنهده):

ربنا يهديكي يا بنتي.

طب قومي غيّري هدومك وتعالي، عاملة شاي بالنعناع.


ليلى:

ماشي يا ماما.

---


تاني يوم الصبح – في المستشفى


مريم:

صباح الخير يا ليلى! انتي شكلك منوّرة النهارده كده ليه؟


ليلى (تضحك):

مفيش والله، يمكن عشان نمت بدري.


غدير (داخلة فجأة):

نامت بدري ولا كانت بتحلم بدكتور يوسف؟


ليلى:

غدير، هو لسه شافني أصلًا؟!

ده أول يوم ليا تحت إشرافه النهارده.


مريم (بتضحك):

استعدي بقى، بيقولوا عليه جدّ جدًا ومبيضحكش حتى لو الدنيا وقعت.


ليلى:

مش مشكلة، أنا بحب الناس اللي في شغلهم جدّ، بتعلّمني أكتر.


غدير:

ربنا يستر بقى من أول لقاء.

-----------------------------


يوسف:

صباح الخير.

انتي ليلى علي؟ 


ليلى (واقفة بثبات):

أيوه يا دكتور، أنا المتدربة الجديدة.


يوسف:

تمام.

(يبص في الورق)

انتي من دفعه القاهرة؟


ليلى:

أيوه يا دكتور.


يوسف:

طيب، النهارده هتتابعي معايا حالة مريضة عندها فشل كلوي.

عايز كل حاجة تتعمل بدقة، الضغط يتقاس كل نص ساعة، والمحلول ما يتغيرش غير بإشرافي.


ليلى:

تمام يا دكتور، مفهوم.


يوسف:

ولو حصل أي حاجة غير متوقعة، متتعاملش لوحدِك. تنادي على حد فورًا.


ليلى:

أكيد، حاضر.


يوسف (يبص فيها لحظة ووشه هادي):

واضح عليكي الالتزام، خليكي كده.

التمريض مش بس شغل، ده أمانة.


ليلى:

عارفة يا دكتور، وأنا بحاول دايمًا أفتكر إن كل مريض ربنا بيمتحني بيه.


يوسف (مفاجَأ شوية):

امتحان؟ دي كلمة تقيلة.


ليلى:

أيوه، لأن لو خدمت المريض بضمير، ربنا هيرفعني،

ولو قصّرت، هيسألني.


يوسف (بابتسامة خفيفة):

مش متعود أسمع الكلام ده من متدربين،

بس باين إنك مختلفة يا ليلى.


ليلى (بخجل):

ده بس من فضل ربنا يا دكتور.


---


بعد شوية – ليلى بتراجع ملف المريضة


مريم:

ها، إيه رأيك في الدكتور يوسف؟ شد أعصابك؟


ليلى (بابتسامة):

لا، بالعكس، جاد بس محترم، وكلامه موزون جدًا.

يعني لما يتكلم تحسي إنك قدام حد بيخاف ربنا ف شغله.


غدير:

يا شيخة، ده بارد ومش بيبص لحد!

أنا كنت واقفة جنبه ساعتين ولا كأني هوا!


ليلى:

ما يمكن مش بيحب الهزار في الشغل.


مريم:

بس واضح إنه لاحظك، كان مركز معاكي قوي.


ليلى (بابتسامة خفيفة):

مركز عشان أول يوم ليا بس، مش أكتر.


---

بعد نص ساعة – داخل غرفة المريضة


يوسف:

ليلى، قيسي الضغط بسرعة.


ليلى:

تمام يا دكتور، ٩٥ على ٦٠.


يوسف:

كويس، خلي المحلول ماشي بنفس السرعة.

انتي شاطرة ف التركيبات؟


ليلى:

الحمد لله، اشتغلت قبل كده مع حالات في بيوتهم،

كنت بركب محاليل لستات كبار.


يوسف:

وده وانتي لسه بتدرّسي؟


ليلى:

أيوه، كنت بساعد الناس اللي مش قادرين يروحوا المستشفى.

كنت بحس إني بعمل ده لوجه ربنا، مش بس كخبرة.


يوسف (بصوت أهدى):

ربنا يباركلك…

مش كتير اللي بيحسوا كده.


ليلى:

اللي بيقرب من ربنا، بيحس إن الرحمة جزء من الشغل، مش واجب بس.


يوسف:

الكلام ده يطمن القلب،

عارفة يا ليلى؟

أغلب اللي بيشتغلوا معايا بيفكروا ف المرتب قبل المريض،

بس انتي أول واحدة كلامها كله دعاء وإيمان.


ليلى (تبتسم):

يمكن عشان اتربيت على كده.

ماما دايمًا تقوللي: “اعملي الخير حتى لو محدش شافك، المهم ربنا يشوفك.”


يوسف (مبتسم بخفة):

واضح إن والدتك ست عظيمة.


ليلى (بابتسامة فخورة):

هي فعلاً كده، دي اللي شايلة الدنيا فوق راسها بعد تعب كتير.


يوسف (بصوت هادي):

ربنا يباركلك فيها، الأم دي رزق.


ليلى:

آمين يا دكتور.


(يسكتوا لحظة وكل واحد فيهم بيبص للتاني كأنه شايف في عينيه حاجة مألوفة)


---


بعد نهاية اليوم

مريم:

انتي عملتي إيه مع الدكتور يوسف؟ شكله اتكلم معاكي كتير.


ليلى (بهدوء):

كنا بنتكلم عن الشغل بس.


غدير:

بس عيونه كانت مختلفة، كان مركز معاكي بطريقة غريبة.


ليلى:

غدير، بلاش التحليلات دي. الراجل محترم وأنا مش بدوّر ع الكلام ده.


مريم:

بس واضح إنه اتأثر بيكي، وده نادر جدًا منه.


ليلى (تبتسم):

ربنا وحده اللي بيكتب الأقدار،

وأنا مش همشي غير في طريق ربنا،

لو في نصيب، هيجي من غير سعي ولا تمثيل.


غدير (تضحك):

ياااه، حتى في الحب هتبقي حكيمة كده؟


ليلى (بابتسامة):

هو مش حب يا غدير، يمكن ارتياح،

بس دايمًا بسلم قلبي للي خلقه.


---


في نفس الوقت – يوسف في مكتبه لوحده


يوسف (يهمس لنفسه):

ليلى… بنت مختلفة.

كلامها هادي بس بيوصل للقلب.

ربنا يثبّتها ويهديني أتعامل بحكمته معاها.


(يسكت لحظة ويبتسم ابتسامة صغيرة كأنه داقي طعم جديد في حياته، طعم راحة كان مفتقدها من زمان.)

الفصل الثاني من هنا

تعليقات