رواية جريمة في الأعماق الفصل الثاني بقلم شادي اسماعيل
فوقت على صوت خبط على الباب.. وكان عماد هو اللي بيخبط...
- الناس موجودين برة سيادتك.
- هتاخدهم وتروح للدكتور محمود.. هيعملهم اختبار dna عشان نشوف الجثة تبع حد فيهم ولا لا.. ولما نتيجة الاختبار تظهر عرفني.
- تمام يا فندم.
- وابقى عرفني التفاصيل أول بأول.
- تحت امرك يا فندم.
وبعد مرور أسبوع جاتلي المكالمة اللي كنت مستنيها…
- نتيجة الاختبار ظهرت.. وعرفنا مين صاحب الجثة يا فندم.
- طلعت جثة مين يا عماد؟.
- هيثم علي عامر.
- هايل.. اعملي تحريات كاملة عنه يا عماد.. اصحابه.. معارفه.. شغله.. خلافاته.. عايز اعرف كل حاجة عنه.. التقرير ده يكون قدامي في اسرع وقت.. ولو في جديد بلغني.
- تحت أمرك يا باشا.
- وماتنساش كمان تبعتلي والده.. انا عارف الظروف لكن محتاج اسأله كام سؤال.
قفلت معاه وفتحت دفتر ملاحظتي.. وعملت بالقلم دايرة وقسمتها.. كتبت اسم المجني عليه.. وسيبت الباقي فاضي.. أكيد مع الوقت النقط هتتحط على الحروف.. والخانات هتتملي.. تاني يوم دخل عماد المكتب ومعاه ملف.. حطها قدامي وقال...
- ده ملف التحريات يا فندم.
- وصلت لايه؟.
- اثناء تحرياتي عرفت حاجة مهمة يا فندم.
- حاجة ايه؟.. ماتتكلم على طول يا عماد!.
- المجني عليه كان له صاحب اسمه دسوقي.. وعرفت إن قبل اختفائه حصلت بينهم مشكله كبيرة.. والشارع كله اتفرج عليهم.. واتقال إن كل واحد فيهم هدد التاني بالقتل.. وبعدها هيثم اختفى ودسوقي كمان اختفى.
- يعني ايه اختفى؟!.. تقب وتغطس ودسوقي ده يكون قدامي.
- مسألة وقت يا فندم.
(صوت خبط على الباب)
- مافيش وقت يا عماد.. توصل لدسوقي بسرعة.
- حاضر يا فندم.
- ادخل.
دخل الدكتور محمود.. وعلى وشه ابتسامة وقال بهدوء...
- مساء الخير يا فندم.
- أهلًا يا دكتور محمود.. اتفضل اقعد.. ايه الأخبار؟.
قعد على الكرسي وهو بيقول...
- زي ما قولت لسيادتك.. المجني عليه اتضرب على دماغه.. وفي كسر واضح في رجله الشمال.. بس بعد الفحص اتأكدنا إن الكسر ده مش نتيجة الضرب.. وإن الرمانة اللي كانت مربوطة في رجله هي السبب.
- تقصد الرمانة الحديد اللي كان متعلق بها؟.
- بالظبط يا باشا.. وزنها كسر عظمة الساق.. لما الجثة نزلت الماية واتشدت لتحت.. لكن الأهم من كده.. إن الضربة اللي في الرأس كانت سبب الوفاة.
- يعني كان ميت لما اترمى في الماية؟.
- أيوه يا فندم.. مافيش أي اثار على الجثة تقول إنه غرق.. وده دليل إنه اضرب ومات.. بعد كده اترمى في الماية والرمانة سحبته للقاع.
- تمام.. يبقى كده بنتكلم في جريمة قتل متعمدة.
- بالظبط يا باشا.. والاحتمال الأكبر إن الجاني كان عايز يخفي معالم الجريمة.. ويظهرها على إنها حالة غرق.. مايعرفش إننا هنقدر نحدد إذا كان مات قبل ما يترمي في الماية.. ولا مات بعد ما اترمى في الماية.
- طب بالنسبة لوقت الوفاة؟.
- صعب جدًا نحدد الوقت بالظبط.. لكن بعد فحص الهيكل العظمي.. تبين من حالة العظام.. إن الوفاة حصلت من حوالي شهرين تقريبًا.
- تمام يا دكتور.. أنا هحتاج التقرير الكامل بكرة الصبح.
- التقرير جاهز يا فندم.. وهتلاقي فيه ملاحظات تانية ممكن تفيدك في التحقيق.. خاصة في طريقة ربط الجثة والزاوية.. اللي اتضرب منها المجني عليه.
- تمام يا دكتور.. شكرًا لك.
خرج دكتور محمود ودخلت بعده سارة.. واللي تقريرها ماكنش فيه حاجة تفيديني في التحقيق.. لأن ماكنش في بصمات على المركب.. لحد غير عتمان وفريد.. وقبل ما اليوم ينتهي.. كان والد المجني عليه قدامي.. عينيه كانت حمرا.. ودموعه على خده.. طلبتله ليمون في محاولة يائسة اني اهديه.. لكنه ما استجابش لأي حاجة.. اتكلمت وقولت...
- وحد الله يا حاج علي.. ده أجل ومكتوب.. ولكل أجل كتاب.
- ونعم بالله يا باشا.
- انا عارف إن الظرف ما يسمحش ومقدر ده.. لكن صدقني محتاج أتكلم معاك عشان اقدر ارجع حق ابنك.. واوصل المجرم ده لحبل المشنقة.
- ياريت يا باشا.. اهو تبرد ناري شوية.. مع إنه مافيش حاجة تعوض اللي راح.
- قولي.. ابنك الله يرحمه كان شغال ايه؟.
- أنا عندي محل عطارة ورثته عن أبويا.. وكتبت نصه لهيثم لأنه كان سندي ودراعي اليمين عكس التاني.
- يعني انتَ لك ابن تاني؟.
- ايوة يا باشا.
- طب كان عنده علم بالموضوع ده؟.
- اه سعادتك.. وحصل وقتها شوية مشاكل بينهم.. لكن كل حاجة اتحلت.. والماية رجعت لمجاريها من تاني.. بعد ما رضي بالأمر الواقع.
- اسمه ايه ابنك التاني يا حاج؟.
- يعقوب.
فتحت دفتر الملاحظات وكتبت في خانة من الخانات.. يعقوب.. وفي الخانة التانية كتبت.. دسوقي.. دول الاتنين اللي حصل بينهم وبين المجني عليه خلافات.. بعدها رفعت عيني للحاج علي وقولتله...
- انتَ بتتهم حد معين بقتل ابنك؟.
- اخاف اظلم حد يا باشا.. لكن أنا عندي أمل في ربنا.. وفي سعادتك انك هتجيب اللي عمل كدة.. والمحكمة هتحكم بالعدل.. وتبرد ناري على ابني.. الله يرحمك يا هيثم.. الله يرحمك ياحبيبي.
بعد كلام الحاج علي.. كان دسوقي هو المشتبه فيه الوحيد لحد دلوقتي.. ومافيش قدامي غير إني اوصله.. وعدوا كام يوم لحد ما جالي تليفون من عماد..
- ايوة يا عماد.
- دسوقي ظهر يا فندم.. وقدرنا نقبض عليه.. مسافة السكة وهيكون في مكتب سيادتك.
طلبت فنجان قهوة.. وقعدت في انتظار دسوقي.. اللي بعد ساعة.. كان واقف قدامي وباين عليه التوتر.. بصيتله لثواني وبعدين قولتله...
- اقعد يا دسوقي.. الليلة مطولة.. وانتَ أكيد مش هتفضل واقف.
قعد وبعدين سألني باستغراب...
- ممكن اعرف أنا هنا ليه سعادتك؟.
- انتَ ماتعرفش إن هيثم صاحبك اتقتل؟!.
قام وقف في مكانه.. وكان باين على وشه الفزع والمفاجأة في نفس الوقت.. بلع ريقه وقال بخوف...
- ايه.. هيثم اتقتل؟!.. والله العظيم ما اعرف حاجة.. أنا كل اللي اعرفه انه مختفي من مدة.. ده انا حتى وقتها سيبت شغلي.. ونزلت دورت عليه معاهم.. ولما ماعترناش فيه.. اضطريت اشوف أكل عيشي.. ما انا عندي عيال سعادتك ومحتاجين ياكلوا هم وامهم.. ولفي في الشوارع مش هيعشيهم اخر اليوم.
هزيت راسي بتفهم وانا بقوله...
- طب اقعد يا دسوقي.. اقعد واهدى.. انا بقولك اليوم طويل لسه.
قعد بهدوء وقلق.. فكملت كلامي وسألته...
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم