رواية خلق من الصدف حياة الفصل الثاني بقلم نورا سمير السري
_معلش ياكريزة لازم امشي دلوقتي جالي تليفون ضروري!
ابتسمت وقولت:
_ماشي هطلع انا متتأخرش
ابتسم وقال:
_حاضر بس اطلعي علطول
هزيت راسي وهو مشي
كنت لسه في اول الشارع فعديت كام بيت كده وقبل بيتنا بشويه حد خبط فيّ والاكياس وقعت
والألوان اتناثرت علي الارض
يادي اليوم الاسود ده
هعيط بجد علي كل اللي بيجرالي ده
ده اللي موقعهم هخنقه انهارده ومش هسيبه غير وهو ميت
اتعصبت جداً
ورفعت عيني له وانا خلاص ههزقه فقولت بصدمه وزهول:
_أنت!
_أنتِ!
بصتله بغضب وقولت وانا بشوح بنفاذ صبر:
_أنتَ بردو
أنتَ يابني أدم حد مصلطك عليّ
قال بإستعطاف:
_ طب والله مااقصد بجد انا..
قولت بغضب وزعيق:
_أنتَ اي؟، أنتَ تسكت خالص
نزل دماغه في الارض وقال:
_انا اسف بجد و..
قاطعته تاني وقولت بسخريه:
_ اوه، اسفك خرب الدنيا وصلحها تاني، يلهوي ده اسفك ده رجعلي كاميرتي ولملي الالوان من علي الأرض، طب مينفش تتأسفلي كمان مره عشان يمكن اللوحه اللي كنت هرسمها تترسم لوحدها بالمره؟!
قال بأسف:
_ حقيقي عارف اني زوتها بس والله بدون قصد مني وصدقيني انا هعوضك
قولت بنرفزه واضحه:
_بلا تعوضني بلا بتاع بقي قرفتوني في عيشتي
لسه هسيبه وامشي بس سمعت صوت دب فيّ الرعب
اي ده خالد؟
مش كان لسه ماشي اي اللي جابه تاني؟
سمعني وانا بزعق؟
اكيد اه
يلا هي موته ولا اكتر
لفيت ضهري وانا ببلع ريقي و..
اي ده؟ ثانيه!
خالد حاضن نفس الشخص؟!
بدل مايضربهُ بيحضنهُ!
اي خدمه الاخوة دي ياجدعان!
ابتسمت ابتسامه بلهاء علي اني طبعاً معملتش حاجه ولا فتحت بوقي من ساعه ماسابني
ساب حُضنه بعد كام دقيقه، معقوله يكون بيحضنهُ وبعدين هيدفيه في العمود زي الولا اللي من شويه؟
بس لا ابتسامتهُ متبينش انهُ هيضربه ده عُمره مابصلي انا شخصياً بالنظرة دي!
قرب مِـني وهو بيقول بإبتسامه:
_لسه مطلعتيش لي ياكريزة
شكلهُ مسمعنيش والحمدلله
انا ربنا نجاني
قولت بتوتر وانا ببلع ريقي وقولت بتعلثم:
_أ.. أصل و.. وانا ماشيه الاكياس وقعت مِـني
نقل نظره للأرض وقال بإبتسامة:
_ولا يهمك ياحبيبتي هجبلك غيرهم متزعليش!
الشاب قال بتوتر:
_ م.. مين دي ياخالد
خالد مسك ايدي وقال:
_اي ده معقول معرفتهاش؟ هي شكلها اتغير فعلاً دي بقي لين اختي!
ضيق حاجبه بإستغراب وقال بزهول:
_أختك؟! لين
ضيقت حاجبي بإستغراب وقولت لخالد:
_ انا اعرفهُ؟
قال بسرعه وبضحك:
_ معقول نسيتي يوسف يالين؟ ده لسه واصل انهارده!
هو قال يوسف صح؟؟ انا من الصبح بقول انا شوفت السحنه دي فين قبل كده
ده يوسف صاحب خالد المقرب وكان مسافر من كام سنه
وانا عملت اي يوم وصولهُ؟ مسكاه تهزيق من اول اليوم لأخرة
بس انا ذنبي اي هو اللي غلطان!
ابتسمت وقولت بترحاب:
_الف حمدلله علي سلامتك، نورت بلدك تاني يايوسف
ابتسم وقال:
_الله يسلمك، ده نورك بجد، وحقك عليّ مره تانيه
مره تانيه اي ياجدع، قول ثالثه رابعه تاسعه كده
طبعاً كنت عايزه اقتله علي اللي حصل انهارده بسببه بس مهما كان ده يوسف
اقصد يوسف صاحب خالد يعني!
رديت وقولت:
_لا عادي حصل خير
خالد بصلي وبصلهُ وقال:
_حقك عليها لي؟ هو عملك حاجه! والله اكسرهولك حالاً
يوسف برق بصدمه وارتاح لما ضحكت وقولت:
_ لا لا معملش حاجه
يوسف اتنهد بإرتياح فقولت:
_ عمل حاجات!
وشه اتغير بخوف مصنطع فمِـسكهُ خالد من ياقتهُ وقال بغضب مُصطنع:
_ عملت اي في أختي يلاا!
_ والله ياباشا، انا بس كسرتلها الكامير، واتعورت وهي بتلمها وكمان وقعتلها الألوان مش حكايه يعني
_مش حكايه اي ده انت نهارك اسود!
ضحكت عليهم وطلعت
دائماً كانوا كده ومتغيروش، حبهم دايم حتي بعد سفرهُ مقاطعوش بعض
ملامح يوسف اتغيرت كُـلياً بس في آثر لسه باقي ببساطه لاني اما شوفتهُ توقعت اني شوفت الشخص ده وطلعت عرفاه فعلاً
دخلت اوضتي وغيرت هدومي ورفعت شعري وطلعت
يادي النيله! ده قاعد في الصالة، ويادي النيله كمان مره ده شافني!
هعيط والله بجد!
نزل عينه في الأرض وحمحم فدخلت الاوضه بسرعة وانا حرفياً دمعت من الاحراج
قربت من المراية وشوفت شكلي، كان وشي من نسل الطماطم تقريباً
لبست اسدال مع اني رافضه رفض قاطع اني اخرج مش عارفه لبساه ليه
هو هيجيلي الاوضه ولا اي
سمعت صوت حد بيتقدم من اوضتي فجريت علي المكتب وانا عامله نفسي مشغوله بين سطور المحاضرات احم قصدي بستخبى بين السطور
ماما دخلت وهي بتقول:
_اي يالين مطلعتيش ليه؟ ده يوسف رجع!
قولت بملل وانا بشغل نفسي عشان متقوليش اخرج:
_ اه ياماما عارفه انهُ رجع بس انا مش هعرف اخرج مشغولة زي مانتِ شايفه كده
قالت بسخريه جرحتني:
_المُذاكرة مقطعة بعضها اوي يعني دأنتِ فاشله ومبتقعديش علي كتاب
كسرت قلبي وخرجت، حنان الام غير بردو، بتحسسك بأمان كده وأنتَ بتتهزق
طبعاً هي بتقلس لاني والحمدلله كنت الاولى علي الدفعة طول السنين اللي فاتت
انا مكنش غرضي اني اجيب الاول او اكون احسن من حد بالعكس انا كان قصدي احاول واوصل وانا بحاول اي نعم كُنت براكم بس بيجي وقت بفصل عن العالم نهائي وبذاكر اكتر من طالب بيذاكر طول السنه
فعلاً انشغلت في كتابة المحاضرات اللي سجلتهم مُؤخراً وحسيت اني اتسحبت فعلاً ونسيت أصلاً ان في حد عندنا محدش فكرني غير خالد لما دخل وقال:
_ لينو
رفعت نظري ليه وقولت:
_قلب لينو
ابتسم وقال:
_ يوسف عايز يعمل مشروع وعايز يعمل تصميم ليه وبما انك مهندسه عايزك تساعديه!
هو انا لسه هتواجه مع يوسف بعد اللي حصل؟! متهزرش بجد
وكمان اكيد هيحصل مصايب العالم مش بعيد المعمار يوقع فوقنا
_بتفكري في اي؟ لو مش هتعرفي تساعديه انا..
قاطعته وقولت بمراوغه:
_ لا عادي معنديش مشكله بس انا عندي ميد ترم ومش هبقى فاضية الفترة دي
قال بسرعة:
_ لا عادي براحتك هو كده كده مش مستعجل!
وانا اللي افتكرتهُ هيقولي لا خلاص خليكِ في مذاكرتك وهو هيتصرف
لبست في الموضوع خلاص
من قله المهندسين يعني!، دانا حتي ههدله المعمار علي دماغهُ من اللي بيحصل فيّ بسببهُ ده
_ يلا بقي اطلعي
ضيقت حاجبي بإستغراب وقولت:
_لي
_ يوسف برا وعايز يتكلم معاكِ
برقت بصدمه وقولت وانا هعيط:
_ا.. اي
استغرب وقال:
_مالك في حاجه
قولت بتعلثم:
_ها.. حاجه! لا مفيش بس مينفعش نأجل الموضوع ده
قال وهو بيقفل الباب:
_ لا تعالى يلا
تقريباً شعري محدش فيه ولا شعرايه من كتر مابشد فيه
لي يابني كده، وليه انهارده، أنتَ حالف تحرجني يعني وخلاص
طلعت وانا ببلع ريقي بتوتر، دائماً يوسف ده بيخليني اتوتر وانا متعودش علي كده ومش لازم اسكت
احم
انا ممكن اعيط قدامهُ عادي جداً
قعدت قدامهم وماما حبيبتي الجميله العسل لقيتها بتقول:
_ هقوم احضرلك عشاء
_ لا والله ياطنط متحرمش منك انا بجد مش قادر
قالت بإصرار:
_لا والله مانتَ ماشي غير لما تاكل، قومي يالين اعملي عشاء
اي ياماما الكرم ده بجد؟ واي الاصرار ده يعني مش فاهمه
وليه أنتِ تعزمي عليه وانا اللي اعملهُ العشاء مش فاهمه بردو
مش قد الكلام بتقولوا ليييي
_بتقولي حاجه؟
_ لا ياماما مفيش اما اقوم اعمل
قولت في سري، سم، اما اقوم اعمل سم
دخلت وحضرت الأكل والفاكهه والعصير، دخلت بصينية الاكل الاول وحطيتها قدامهم
طلبوا اني اكل معاهم وانا رفضت طبعاً بحجه اني لسه اكله
دخلت المطبخ وقعدت علي التربيزة وبدءت اكل، كنت جعانه فعلاً، انا مكنتش اكلت بس انا أصلاً بتوتر وبتعصب مِـنه لو شوفته امال لو قعدت معاه علي اكل ياتري هعمل فيه اي؟
في وسط مانا باكل دخل خالد وقال بغمزه:
_طب ماكان م الاول م الاكل بره
لما قال كده افتكرت كريم عبد العزيز ومني ذكي في فيلم ابو علي لما اصروا عليها تاكل مكلتش ولما قام اكلت
حرفياً منظري كان شبهها وانا باكل
حطيت ايدي علي وشي وفضلت اضحك من الاحراج فقولت بضحك:
_ م أنتَ عارف ياخالد انا مبعرفش اكل قدام حد
قال بسخريه:
_ لا عندك حق، بنتنا بتتكسف
قولت بسخريه:
_نينيني
دخلت ماما وهي بتقول:
_هتفضلوا ماسكيين في بعض كده وسايبين الراجل برا.
اي ياماما ماتسيبي الراجل بره، هيطلعله عفريت يعني ولا اي
اي ده
مايطلعله عفريت احسن مااطلعلهُ انا!
خالد طلع وانا وراه بصينيه العصير، قربت مِـنه
يعني مينفعش اللبسلهُ الصينيه في وشه يعني؟!
حطيت الصينيه فقال بشكر:
_تسلم ايدك!
بدء يتكلم ويقولي مشروعهُ عبارة عن اي، كان عايز يعمل شركه استثمار
من كلامه عرفت ان عنده خبره كبيرة في المجال ده
وعنده شركه برا مصر
اتكلمنا في التكلفه والنظام هيكون ازاي والشكل المعماري للمعمار
كان عايز الواجهه بشكل مميز يشد لان الواجهه فعلاً مصدر اساسي
كان عايز مكاتب الموظفين يكونوا مناسبين جداً ومريحيين لابعد حد عشان يقدروا يشتغلوا وميتعبوش ومن هنا عرفت انه عنده رحمه بالبشر مش زي الناس اللي بتدوس علي غيرهم
كان عايز قاعة الاجتماعات تكون مميزة مش زي حاجه اتعملت قبل كده واتكلم في الأخر عن مكتبه اللي هيباشر منهُ الشغل واللي كان عايزه علي ذوقي
ذوقي انا لي مش فاهمه؟ هو انا اللي هقعد فيه ولا هو!
كل الكلام ده مكنش فارق معايّ، كان في بالي سؤال واحد بس
اشمعنا انا؟ وليه مش حد متخرج وخبير اكتر مِـني ولا هو تلزيق وخلاص؟!
فوقت علي كلامه وهي بيقول بإبتسامة:
_ طبعاً أنتِ مستغربة أشمعنا أنتِ بالذات
اتصدمت
اه والله
شكلهُ اتعلم السحر ده ولا اي
بلعت ريقي وقولت:
_أشمعنا؟
قال ببسمه سمجة:
_ عشان حابب كده
وان خبطتك بحاجه في وشك بقي؟
لا والله عشان حابب كده؟ لا بجد الاجابة اشبعتني خالص وأرضت فضولي
ابتسمت بسخرية وقولت:
_ طب مانا ممكن مبقاش حابه كده وارفض عادي!
ابتسم وقال:
_يعني أنتِ مش حابه؟
لسه هتكلم فقال:
_ خلاص خلاص، السكوت علامه الرضا
والله انا لو اتكلمت هغلط فيه هو ورضا بجد
استئذنت وهو مشي وخالد نزل معاه لتحت، دخلت جوا، ووقفت في البلكونة
الجو كان ساقع ومُنعش
خدت نفس عميق وخرجتهُ وبدءت المس ورق النعناع وانا ببتسم
الهواء وريحه النعناع في وقت زي ده احساس جميل، هادي
سمعت صوت ضحك تحت فبصيت، كان صوت ضحكه يوسف فابتسمت، مع انهُ غلس حبتين ثلاثه بس ضحكته حلوه!
اي الهبل ده مين ده اللي ضحكته حلوه؟ وانا مالي أصلاً
دخلت ونمت بعمق بدون تفكير
فقط استرخيت
صحيت علي صوت المنبه فقومت حضرت اكل
دخل خالد المطبخ وحسيته زعلان فقولت بتساؤل:
_ مالك ياخالد في حاجه؟
اتنهد وقال بتعب واضح:
_تعبان اوي يالين ومش قادر حاسس بكميه ضغط كبيرة ومش قادر ادفعها عني
قربت منه وطبطبت عليه وقولت بإبتسامة:
_ طبيعي ياحبيبي يجي فتره وتحس نفسك مخنوق ومضغوط، طبيعي يحصل حاجات كتير عكس ماكُنت متوقع او مرتب، لازم تشوف ابتلاءات في طريقك عشان تحس فعلاً انك وصلت، لازم يوم وردي وعشره اسود مش يوم ويوم لا، عارفه ان الايام الحلوه اقل بكتير من الايام الوحشه! بس لازم نصبر حتي لو هنصبر طول العُمر مايمكن نهايه الصبر جبر في الجنة؟ لازم نقع ونقوم ونقع ونقوم تاني مفيش حد بيتعلم من مره واحده
طول مانتَ ماشي يما يُرضي الله عُمرك ماهتهلك، خليك صابر إن الله يُحب الصابرين وصدقني أنتَ هتتغلب علي كل الضغط اللي في حياتك،
ختمت كلامي بضحك وانا بقول:
_وفي حد عنده اخت زيي كده ويزعل، لا انا زعلانه زعلانه زعلانه يعني
الابتسامه ظهرت علي وشه وحضني وهو بيقول بتنهيده ارتياح:
_الصخره اللي كانت علي قلبي أنتِ ساعدتيني في شيلها، كلامك ريحني وشال من عليّ هموم كتيرة، من زمان وانا نفسي اسمع الكلام ده بس انا كُنت بحاول ابقى ثابت طول الوقت مينفعش اقع ولا اميل خصوصاً أن بابا مسافر! دائماً بحاول ابقي كويس بس لما ضاقت دنيتي جيت لعندك بس طبعاً انا لجئت لربنا قبلك وحكيتلهُ بس كنت محتاج كلامك فعلاً، وبعدين يابت اي الحكم اللي بقيتي تقوليها دي ده انا اكبر منك وأنتِ اللي ثبتيني
طلعت من حُضنه وانا بقول:
_ونعم بالله،
ياعم احنا نقدر دأنتَ الحاكم هِنا ومفيش ولا قبلك ولا بعدك
سمعت صوت حد ورايّ وهو بيقول:
_يعني اي مفيش لا قبله ولا بعده امال انا ابقي اي؟!
