رواية مرايا لا تعكس الحقيقه الفصل الثالث بقلم أمل عبدالرازق
اتّسع توتّر أميرة، وخافت أن يكون إبراهيم قد سمع ما كانت تهمس به، فارتبك صوتها وهي تقول:
– انا… انا مش بقول حاجة يا فندم، أنا بس متضايقة شوية.
نظر إليها إبراهيم بهدوء لا يشبه انفعاله السابق، وقال:
– عموماً أنا جاي أعتذر عن طريقتي معاكِ في الكلام… آسف لو كنت اتعصّبت أو عليّت صوتي.
اطمأنّت أميرة فور أن أدركت أنّه لم يسمع شيئًا، وكأنّ الاعتذار فتح أمامها باب البكاء. انفجرت في نوبة دموع وهي تقول:
– أنا قلبي واجعني من ساعة ما كلمتني كدا… حسيت إني ماعنديش حد أروح له، كله بيقلل مني… بحس إني ماليش لازمة، ولا حد عاملّي قيمة… حتى الراجل اللي اتجوزته طلع فاسد وخاين، وعرف عليّا ستات! وأنا كنت مخلصة له… أهو نصيبي كدا. حتى أمي وأبويا كل واحد فيهم متجوز وعايش حياته… ولا كإني موجودة!
تغيّر وجه إبراهيم، وشعر بوخز ضمير حقيقي تجاه انفعاله السابق. قال بنبرة صادقة:
– أنا آسف بجد… والله ما كان قصدي. انتِ عارفة أنا بحب أسماء قدّ إيه… وكمان هي تعبانه. لما قولتي الكلام دا… لقيت نفسي بتخيّل إني بغدر بيها، يعني وهي في عزّ احتياجها ليا أروح أتجوز غيرها! حسّيت إني واحد ما يستاهلش حبّها… ولا يستاهل واحدة زيّها أصلًا.
كانت هذه فرصتها. مسحت دموعها ببطء وقالت، مستغلّة تعاطفه:
– بس أنت لسه صغير… ومن حقك تفرح وتنبسط وتتجوز واحدة صحتها كويسة. أنا مش بقولك تسيبها… بالعكس. لما تتجوز كدا بتطمنها عليك، بدل ما بتخليها تحس إنها مش مقصّرة معاك.
تجمّد إبراهيم لحظة، ثم قال بنفاذ صبر:
– هو انتِ ليه مُصِرّة تخليني ازعقلك؟! أنا اشتكيت؟!
أسماء مش مقصّرة في أي حاجة… وكل شغل البيت بتقوم بيه، ومش بترضى حد يغسل حتى قميص ليا غيرها. الدكتور طمّنّي وقال العلاج الطبيعي هيحسّنها.
يا أميرة… انتي ناسيه إنّ الحادثة أصلًا كانت بسببك؟
شهقت أميرة باعتراض:
– بسببي إزاي؟ دا قضاء وقدَر! وبعدين محدّش قالها ماتركّزش في الطريق.
ردّ بحدّة مكظومة:
– طبيعي لما ترنّي عليها وانتي بتعيّطي وتقوليلها تيجيلك ضروري… عشان حضرتك متخانقة مع جوزِك! وهي من لهفتها عليكِ عدت الشارع بسرعة… والعربية كانت ماشية غلط وخبطتها! اتكسرت… وحصلها اللي حصل في ضهرها!
خفضت أميرة رأسها تمثيلًا للحزن:
– يعني أنا كمان بقيت السبب في مشاكل حياتكم؟! لو عايزني أقطع علاقتي بيها… حاضر اللي يريحك. وحتى الصدقة اللي بتبعتها كل شهر… مش عايزاها خلاص. أنا أصلاً ماليش حد!
حدّق فيها إبراهيم وشكوكه تتصاعد:
– يا مدام أميرة… طبيعي أحس من كلامك إنك مش بتحبي أسماء. وهي بتحبّك… وبتخاف عليكِ… وانتي في الآخر عايزاني أتجوز عليها!
أدركت أميرة أن خطّتها تتفلت من يدها، فابتلعت لهجتها الحقيقية وتكلّمت بخبث مغطّى بالنعومة:
– بالعكس يا مستر إبراهيم… أنا بحب أسماء أكتر من نفسي.
هي بس دايمًا حاسة إنها مقصّرة معاك… وإنك مش سعيد. وبتفكر إنها تقترح عليك تتجوز… وأنا حبيت أعرف رأيك عشان أطمنّها.
أنا قولتلها مستحيل تعمل فيها كدا… عشان أنت بتحبها أووي.
اتّسعت عين إبراهيم، وصوته خرج مصدومًا:
– أسماء! تفكّر كدا؟!
إزاي تتخيّل إنّي أعمل كدا؟! إزاي أسيب روحي؟ أنتِ عمرك شوفتي حد عايش من غير روحه؟
لمعت الغيرة في قلب أميرة. كلمات الحب الخالصة التي قالها عن زوجته أحرقتها، فقررت أن تُكمل لعبتها للنهاية… حتى لو دفعت إبراهيم دفعًا إلى الخطأ. رقّت صوتها وقالت بدلع بارد:
– أنا قولت كدا برضه… إزاي واحد زيّك يخون؟
أنت طيب وحنين… ولما بتحب بتخلص.
يا بخت أسماء بيك… راجل وسيم وطول بعرض… وناجح وعندك شركتك وتعبت على نفسك… ليها حق تمسك فيك بإيديها وسنانها.
تنهدت، وكأن ذكرياتها تؤلمها:
– مش زي حظي… اتجوزت واحد أكبر مني بعشر سنين… ومش عاجبه! طلقني واتجوز وعايش حياته… ورماني أنا وابني!
ضاق صدر إبراهيم، وشعر بنفور يُخفيه بصعوبة. حدّث نفسه:
الله يسامحك يا أسماء… بلّيتيني بمصيبة. الست دي مش طبيعية… لا بتحترمك، ولا بتحترم نفسها… ولا حتى بتغض بصرها!
حين لاحظت أميرة شروده، ظنت أنها نجحت أخيرًا:
– مالك يا إبراهيم؟ روحت مني فين؟
رفع نظره إليها، وقال بصرامة أعادت الأمور إلى حجمها الحقيقي:
– مالك يا أستاذة أميرة؟ ناسيه إني مديرك في الشغل؟
وبعدين… أسماء اللي بتقولي بتحبني عشان الفلوس… أحب أقولك إننا اتجوزنا وأنا موظف صغير… مش قادر أجيب شقة ملك. قولتلها نأجر… وافقت.
خطبتها بدبلة وما جبتش غيرها.
ربنا عوّضها بعدين… لأنه عارف هي قدّ إيه طيبة، وعلى نياتكم ترزقون، ربنا يرزقك على اد نيتك
شدّت أميرة على كلماتها محاولة التشويش:
– بس جبت لها بدل الدبلة ألماظ… وبدل الشقة الإيجار جبت لها بيت زي الفلة!
تمتم إبراهيم:
– قولي بسم الله ما شاء الله… دا عوض ربنا ليها.
إنتي إيه مزعّلك؟
لفّت وجهها بتصنّع:
– يعني هحسدكم يعني؟!
على العموم… شكراً على سوء ظنّك فيا… وأنا قولت ما شاء الله في سري!
تنهد إبراهيم وقال:
– خلاص يا ستي… حقك عليّا.
هاتي بقى الملف اللي طلبته… وقت الانصراف قرب، وعايز أخلّص اللي ورايا.
قدّمـت له الملف، وانسحبت.
دخل إبراهيم إلى مكتبه وهو يشعر بثقل يجثم على صدره.
لم يكن يشغله الآن إلا شيء واحد:
كيف يتخلّص من أميرة؟
هي فعلًا مجتهدة في شغلها… لكن قلبه ليس مطمئنًا لها.
كل مرة تذكر فيها أسماء… تكون بكلمة سيئة.
ولأول مرة… شعر أنها خطر حقيقي على بيته.
قرر أن يطمئن على أسماء أولًا... ثم يفكر في طريقة تُخرج أميرة من حياته، ومن الشركة… بأسرع وقت ممكن.
__________
كان الصباح ساكنًا حين خرجت سميرة من المطبخ، لتجد أسماء تتهيأ للجلوس. ارتبكت سميرة واقتربت منها بسرعة.
_ إيه اللي قومك من السرير بس يا ست أسماء؟ ما أنا ماشية بكل تعليماتك وبعمل اللي بتقولي عليه.
أسماء (وهي تلتقط أنفاسها بهدوء):
_ أنا نمت، ولما صحيت لاقيت جسمي بقى مرتاح وضهري مش واجعني زي الأول… الحمد لله، ربنا حنين قوي.
_ الحمد لله… ألف سلامة على حضرتك. وبصراحة أنا بقالي يومين النوم طاير من عيني… ونفسي أكلمك في موضوع وخايفة جدًا.
نظرت أسماء إليها، بقلق خفيف يتسلل بين ملامحها المتعبة.
_ خير يا سميرة… في إيه؟ موضوع إيه اللي شاغلك كده؟ اتكلمي… ومتخافيش.
ترددت سميرة لحظة، ثم قالت بصوت منخفض أقرب للبوح:
_ بصراحة ومن غير لف ولا دوران… اليوم اللي كنتي عازمة فيه أميرة صاحبتِك… لما حضرتك دخلتي الأوضة مع الأستاذ إبراهيم… قامت ووقفت تتصنت عليكم.
ولما سألتها بتعملي إيه… مسكتني من إيدي وحطت إيدها على بوقي وسحبتني على المطبخ… وقالتلي لو اتكلمت هتقطع عيشي من هنا.
وطبعًا… أكيد حضرتك هتصدقيها هي… عشان صاحبتك… وأنا مجرد شغالة… لا راحت ولا جت.
سكتت أسماء قليلًا، وظهر في عينيها صراع بين التصديق والدهشة.
_ عارفة يا سميرة… أنا مش هكذبك وأقول مستحيل أميرة تعمل كده.
انتي مش مستفادة حاجة من الكلام ده.
وأنا عارفة إنك بتخافي عليا… وبتحبيني… ومخلصة ليا.
المهم… متتكلميش في الموضوع ده خالص… ولا كأن في حاجة حصلت.
تنهدت سميرة بعمق، كأنها كانت تنتظر هذه اللحظة منذ أيام.
_ والله أنا بقولك اللي حصل عشان خايفة عليكِ.
الغدر لما بيجي من أقرب الناس لينا… قلوبنا بتتكسر… وبنكتئب… وبنفقد الثقة في كل الدنيا.
وانتِ شايفة بنفسك اللي بيحصل اليومين دول…
اللي بتلف على جوز صاحبتها وتخونها وتخليه يتجوزها ويطلق صاحبتها…
واللي بتكون سبب في أذية صاحبتها وترسل صورها لناس سيئين عشان يستغلوها…
واللي بتفسد أخلاق صاحبتها وتخليها تبعد عن الصح…
نماذج كتير وحشة.
صدقيني… ما بقاش في حد له أمان.
وحضرتك بقى… بتدخليها بيتك… وسامحيني يعني… بتحكيلها كل حاجة عنك وعن زوجك.
ودي واحدة مطلقة… فطبيعي يكون في غيره… وهي لسه صغيرة… وحلوة يا ست أسماء.
خلي بالك من نفسك… ومن الأستاذ إبراهيم… لأنه ممكن يكون مطمع لأي واحدة زي أميرة.
رفعت أسماء يدها قليلًا، تطلب منها الهدوء.
_ سميرة…عيب تتكلمي كده عن صاحبتي.
وانتي عارفة إبراهيم على إيه… مستحيل يبص لوحدة غيري… وإلا كان سمع كلامي واتجوز.
أحسني الظن في الناس.
ولو على أميرة… فأنا هركز في تصرفاتها أكتر… وهخلي بالي.
خلصي اللي وراكِ… وأنا هدخل ألبس… عشان إبراهيم بعتلي رسالة وقالي أجهز… جاي ياخدني للدكتور.
___________
خرج إبراهيم من مكتبه، والغضب ظاهر على ملامحه. وقفته أميرة قبل أن يبتعد خطوة.
_ رايح فين يا مستر إبراهيم؟
التفت إليها بحدة مكتومة.
_ هو أنا المفروض أستأذن منك لما أقرر أتحرك يعني؟ لازم أقدملك تقرير عن كل تحركاتي؟ وأنا معرفش؟
_ آسفة… مش قصدي.
أنا بس كنت عايزة أعرف… لو حضرتك راجع البيت… تاخدني في طريقك… عشان آخد ابني من عندكم… وأطمن على أسماء.
ازداد انزعاجه من إصرارها غير المبرر.
_ يا مدام أميرة… أنا راجل متجوز… والناس اللي هنا ميعرفوش ظروفك.
عيب كل شوية يشوفوني معاكِ في الرايحة والجاية.
ممكن تاخدي تاكسي يوصلك للبيت… وأنا هحاسبلك عليه.
_طب… ممكن النهارده بس توصلني؟
أنا بخاف أركب تاكسي لوحدي.
ومن بكره… هركب أي مواصلة تجيبني هنا.
أنا آسفة لو بتقل عليك.
نظر بعيدًا كأنه يريد إنهاء الحديث بأي شكل.
_ تمام.
في ورق مهم نسيته في المكتب… هدخل أجيبه وأجي.
ابتسمت أميرة ابتسامة لم تستطع إخفاء نواياها.
_ خد راحتك يا فندم… وأنا في انتظارك.
دخل إبراهيم المكتب، بينما كانت أفكار أميرة تتصارع داخلها مثل دوامة سوداء:
_ النهارده… إبراهيم لازم يكون ملكي.
لازم أتصرف بسرعة… وأقربه مني… حتى لو بالعافية.
___________
كانت ليلى زوجة فريد الثانية تجول في المنزل حين وقعت عيناها على فريد جالسًا في ركن، ساكن الملامح، مشدودًا كأن الهواء من حوله صار أثقل. اقتربت منه بخطوات حذرة، ورفعت حاجبها باستغراب وهي تلاحظ توتره الواضح.
قالت بقلقٍ :
– مالك يا فريد… شايل طاجن ستّك ليه كدا؟
رفع وجهه نحوها ببطء، وصوته خرج مثقلاً:
– سيبيني لوحدي يا ليلى… أنا العفاريت بتتنطط قدّام وِشي دلوقتي.
ضاقت عيناها بضيقٍ لم تستطع إخفاءه، فجلست أمامه وقالت بإصرار:
– ما تنساها بقى يا فريد! طلعها من دماغك يا أخويا… بقالك أكتر من سنة متجوزني ولا كإني موجودة!
ارميلها قرشين وشوف حياتك… واهتم بيا، أنا ماليش ذنب. وإلا طلقني! ما هو أنا بشر بردو.
تنهد فريد كمن يحمل صخرة فوق صدره، وأجابها بنبرة خافتة لكنها حادة:
– إنتِ مش فاهمة حاجة يا ليلى… أنا لا بفكر فيها ولا نفسي أصلاً أشوفها. بالعكس… أنا ما بكرَهش حد زي ما بكرهها. دي غدرت بيا وخانتني.
ولازم أوقعها في شرّ أعمالها.
وخلاص… أنا حسمت قراري وعارف هعمل إيه كويس. مش هلعب معاها لعبة التهديدات والتخويف… لأ.
خلّينا نلعب على المكشوف بقى.
رفعت ليلى رأسها بدهشة حقيقية:
– لعب إيه؟! أنا مش فاهمة منك حاجة… ما تفهمني إيه اللي بيدور في دماغك يا فريد؟
أغلق عينيه لثوانٍ، ثم فتحهما بتعبٍ عميق:
– اصبري عليّا… وهفهمك كل حاجة بعدين.
المهم… متزعليش مني.
إنتِ مراتي وغالية عندي… وربنا يرزقني منك بالذرية الصالحة.
إنتِ… عوض ربنا ليا يا ليلى.
______________
ما إن دخل إبراهيم مكتبه، حتى اهتز هاتفه بإشعار جديد. فتح الواتساب بلا اهتمام، لكنه مالبث أن تجمّد مكانه.
صورٌ واضحة… صادمة… لامرأة يعرفها جيدًا.
أميرة.
مع رجلٍ غريب.
تضحك له، تقترب منه، وفي الفيديوهات تشتم زوجها بلا خجل.
اختنق صدره وهو يحاول استيعاب ما يراه، قبل أن تظهر رسالة طويلة من رقم مجهول:
"أنا فريد… زوج سكرتيرة حضرتك، صاحبة مراتك. دلوقتي انا طليقها.
دي صور مراتي مع حبيبها اللي هو صاحبي. قبل كدا كلمتك وحذرتك منها… بس الظاهر كلكم مخدوعين في الهانم.
تخيل! أبقى جوزها ومعايا صورها مع واحد تاني؟!
لو كنت مكاني مكنتش هتطلقها فورًا؟
ده غير إنها رافعة عليا قضايا وبتتهمني إني خاين!
أنا سمعت عنك كلام طيب، ومراتك محترمة وبنت أصول. بلاش تدخل واحدة زي دي بيتكم… هتخرب عليك من غير ما تاخد بالك.
كل اللي كان مسكتني قبل كدا كان خوفي على ابني… بس دي عينها جامدة. ومش عارف أوقفها.
ياريت لو تقدر تساعدني أشوف إبني وألحقه منها"
كانت يد إبراهيم ترتجف وهو يقرأ.
وكل كلمة كانت تثبت له أن حدسه لم يخنه يومًا.
لكن قبل أن يرد، اختفى الحساب.
فريد حظره فورًا.
وقتها، انفتح باب المكتب.
دخلت أميرة بابتسامتها المُصطنعة، قبل أن تلحظ وجهه الشاحب.
– مستر إبراهيم… حضرتك كويس؟
مسح وجهه سريعًا، محاولًا لمّ شتاته:
– الحمد لله… كويس. خير؟ في حاجة؟
مش المفروض تخبطي قبل ما ما تدخلي؟
– حضرتك اتأخرت… وكل الموظفين مشيوا. مبقاش غيري أنا وانت.
كأن كلماتها الأخيرة حجبت الهواء عنه.
نظر بعيدًا، وقال بحدة خفيفة:
– طب يلا يا مدام أميرة.
وبعدين رجال الأمن موجودين… احنا مش لوحدنا ولا حاجة.
اقتربت بخطوات محسوبة، وصوتها ينساب بدلالٍ متعمّد:
– وفيها إيه لما نبقى لوحدنا؟
ما إحنا إخوات… وبعدين أسماء قالتلي إنك زي أخويا الكبير… وهتخلي بالك مني.
مش كدا يا هيما؟
أدار وجهه كاملًا إليها، وصوته انخفض لكنه صار أكثر صرامة:
– مدام أميرة… اتكلمي بأدب.
لو مش هتحترميني عشان أنا مديرك… احترميني لأنّي راجل غريب عنك.
وجوز صاحبتِك.
ارتبكت لثانية، قبل أن تعود للتمثيل:
– بس انت مش غريب يا إبراهيم… بالعكس… انت بقيت ليا كل حاجة.
تجاهل كلماتها، وقال بثبات:
– لا… أنا ماعملتش حاجة.
أسماء هي صاحبتِك… ولو بساعدك فعشان هي طلبت كدا.
وبالمناسبة… لازم أكلم المسؤول عن كاميرات المراقبة يزوّد كاميرا جديدة في المكتب لأن اتنين مش كفايه.
اتسعت عيناها:
– في كاميرات هنا؟
طب كويس…
ثم ابتسمت ابتسامة باردة:
– يلا… عشان أسماء وحشتني.
وحشتني أوي.
تنهد إبراهيم:
– الله يكون في عون أسماء صاحبة عمرك… ويصبرها على اللي جاي.
لأن اللي جاي صعب… وربنا يستر.
– هو أنتوا متخانقين؟
أوعى الشيطان يدخل بينكم!
– حاجة زي كدا…
هو فعلاً الشيطان دخل بينا.
ومفيش أصعب من شيطانين الإنس يا مدام أميرة.
حاولت تغيير الموضوع سريعًا:
– معلش إحنا كدا هنعدي على بيتي ضروري… هستأذنك في خمس دقايق أطلع أجيب ورق مهم للمحامي.
– تمام… اتفضلي.
اسبقيني… وأنا جاي وراكِ.
__________
توقفت السيارة أمام منزلها.
التفتت إليه بابتسامة واسعة:
– مش هينفع تفضل قاعد كدا… أول مرة تيجي الحي بتاعنا، لازم تطلع… أعمل معاك الواجب.
– لا معلش… مرة تانية. المهم هاتِي الورق بسرعة.
– والله ما ينفع! هعملك عصير يروق دمّك… لونك مخطوف.
احتار… ثم قال باستعجال:
– حاضر… بس بسرعة يا مدام أميرة.
نزلت وهي تتمتم بسعادة داخلية:
_ أخيرًا… وقع في الفخ. أخيرًا يا إبراهيم… هتبقى بتاعي.
تعالى… تعالى لمصيرك دا انا مجهزلك كمين.
___________ البيدج بتاعتي حكايات أمل للكاتبه أمل عبدالرازق
- سميره: لابسه كدا ورايحة فين يا ست اسماء، الاستاذ إبراهيم هيتضايق جدا لو خرجتي وانتِ تعبانه، مش المفروض هو جاي ياخدك
- اسماء: رايحة مشوار مهم جدا يا سميرة، وإبراهيم قالي إنه هيتأخر في الشغل المهم خلي بالك من الولاد.
شكرا لزيارتكم عالم روايات سكيرهوم
