رواية لما قابلتك الفصل السابع 7 بقلم نوري

   

رواية لما قابلتك الفصل السابع بقلم نوري



كل الأصوات اللي حواليا سكتت، عيوني مش شايفة غير صورته وهو مرمي على الأرض وبينزف بغزارة، أيدي وهدومي كلها دم، ودموعي نازلة على خدي زي الشلال، لكني ساكتة، مبتكلمش ولا برد على أي حد، قاعدة على الأرض قدام اوضة العمليات اللي دخلوه فيها مستنياه
هيخرج .. انا متأكدة، مستحيل يسيبني لوحدي، هو وعدني

: آنسة ليلى، حاولي تتمالكي اكتر، إن شاء الله البشمهندس هيقوم لينا بالسلامة 

كان واحد من شباب الورشة اللي شالوه لحد عربية الإسعاف

: طيب قومي اقعدي على الكرسي بلاش على الأرض كدة

مردتش عليه وفضلت زي ما أنا، أنا مستحيل اتحرك من هنا غير لما يطلع واطمن عليه، يارب .. انت عالم بخوفي وضعفي دلوقتي، عالم بقلبي اللي متعلق بيه، يارب احفظه ورجعهولي بخير 

: ليلى

كان صوت حياه، دخلت وهي بتصرخ وكلهم كانوا معاها، قربت مني وانا لسة مكاني وببص للفراغ قدامي

: سيف .. سيف فين .. سيف كويس مش كدة؟
_ مش عارفة، مش عارفة اي حاجة

فضلت تعيط وتصرخ بأسمه وهما يهدوها، مقدرتش استحمل كل دة ف حطيت ايدي على وداني وعيطت وانا بحس بالرعب بينهش في قلبي، شهد قربت مني وخدتني في حضنها، فضلنا كلنا على الحال دة لحد ما اتفتح الباب وخرج منه الدكتور، قومت بسرعة و وقفت قدامه وانا بمسح دموعي بأيدي وبحاول اكون أهدى

_ هو .. هو كويس صح
: طمني عليه ارجوك انا أمه
: اهدوا من فضلكم، الحمد لله حالته مستقرة، النزيف اتلحق في الوقت الصح، وهنحتاج نتابعه شوية تحت الملاحظة
• طب هو دخل العمليات ليه
: لأن الطعنة لمست فرع دموي صغير وعملت نزيف بس الحمد لله قدرنا نسيطر عليه، و العملية كانت مجرد تنظيف وخياطة داخلية ومفيش خطر
_ طب .. انا هقدر اشوفه امتى
: لما يطلع العمليات ويدخل اوضته، لكن من فضلكم بلاش اللمة دي حواليه لأنه محتاج راحة تامة، عن اذنكم

دلوقتي بس اقدر اتنفس من تاني، دلوقتي بس قلبي يطمن عليه، حسيت إن رجلي مش شايلاني اكتر من كدة ف قعدت على اقرب كرسي

: حبيبتي، الحمد لله الدكتور طمنا، اهدي بقا شوية، وتعالي اغسلي ايدك و وشك من الدم دة، عشان كمان لما يفوق ميتخضش لما يشوفك كدة

جملتها الأخيرة هي اللي رنت في وداني، سمعت الكلام وقومت معاها بأتجاه الحمام، كانت لسة اعصابي سايبة وبترعش، غسلت أيدي و وشي كويس وشهد اديتني الچاكيت بتاعها البسه عشان اداري الدم اللي على هدومي، خلصت وخرجت بسرعة عشان اكون جمبه لما يطلع، بعد دقايق خرج الممرضين وهما بيشدوا سريره، كان نايم على بطنه وفي عالم تاني، كان بيقول كلام مش مفهوم بسبب البنج، لكنه كان بينده بأسمي، مسكت في سريره بشويش ومشيت معاه لحد ما دخلوه الأوضة، حياه مبطلتش عياط وقلبها كان بيتقطع عليه، سيبتلها مساحتها إنها تقعد جمبه عشان تطمن عليه وقعدت الناحية التانية، بعدها بشوية فاق من البنج لكن نام، حتى مشافنيش ولا حس بيا، الدم اللي فقده كان كتير وأثر عليه، كلنا كنا معاه في الأوضة لحد نص الليل، جت الممرضة وقالت 

: كده كفاية عليه، ممنوع الزحمة، مسموح باتنين بس يقعدوا معاه، ياريت الباقي يخرج

: انا هفضل معاه
_ وانا كمان
: ليلى، روحي يا حبيبتي ارتاحي، كفاية الخضة واللي شوفتيه
_ مش هسيبه يا خالتو
• طب يا حبيبتي روحي ارتاحي وهنجيله بكرا
_ عشان خاطري يا ماما، سيبوني معاه
• طب لو عوزتوا اي حاجة كلموني على طول، انا هفضل صاحية
: حاضر

سلموا على حياة ومشيوا كلهم وفضلت انا وحياه

: انا هطلع أتوضى عشان اصلي ركعتين شكر لله وهرجع تاني، خليكي معاه يا ليلى
_ مش هسيبه متقلقيش 

خرجت وقفلت الباب وراها، قربت قعدت قدامه على السرير وبصيت له .. وشه كان شاحب شوية، بس ملامحه فيها سلام، كأنه بيهرب من الوجع في النوم، دموعي نزلت من تاني ومقدرتش امنعها، الكلام طلع مني من غير ما أفكر، صوتي كان واطي بس مكسور

_ كان ممكن .. كان ممكن ما تقومش، أنا .. أنا لأول مرة اخاف بالشكل دة

كنت باخد نفسي بالعافية وبترعش

_ انت حتى مشوفتنيش وأنا قاعدة هنا، مش حاسس إن روحي واقفة جنبك مستنية تبص لي بس، أنا بعافر أبان قوية، بس ربنا وحده عالم أنا قلبي كان بيصرخ قد إيه، متبعدش عني تاني بالشكل ده، متعملش كده تاني، أنا مش قد وجع فقدك والله

دموعي نزلت اكتر وضعفت

_ قوم ليا بالسلامة عشان انا مش هقدر اكمل من غيرك يا سيف

حطيت راسي جنب إيده على طرف السرير، كأن وجودي قريب منه هو الأمان الوحيد اللي باقيلي، كنت كل شوية اقرب أيدي ناحيته اشوفه بيتنفس ولا لا، عيني هديت بعد ما دمعت كتير، بس عقلي؟ فضلت صاحية طول الليل، خايفة أغفل وافوت لحظة ما يفتح عينه، وبدعي في سري في كل ثانية إنه يكون بخير

مع أول ضوء دخل من شباك الأوضة، حسيت الدنيا أهدى شوية، كأن الفجر دايمًا بييجي ومعاه وعد صغير إن في حياة، كنت مغمضة بس واعية بكل حاجة حواليا، صوت مامته وهي بتبتهل في سكات، صوت العصافير برا، وصوت نفسه اللي كنت مركزة معاه اكتر من اي حاجة تانية، حسيت بأنين خفيف طلع منه، فتحت عيني في ثانية، رفع جفونه ببطء وفضل يفتح ويقفل في عينه، مامته قربت منه، وأنا كنت ببصله ومش مصدقة عينيا، هو مش بس فاق .. هو رجع للدنيا اللي كنت واقفة ع بابها مستنياه بكل لهفة وشوق
بص حواليه وكان مستغرب، حاول يحرك كتفه لكن اتألم، مامته مسكت إيده وقالتله يهدى وميتحركش، اتكلم بصوت واطي ومبحوح من التعب

* أنا فين؟

مامته ردت، وأنا لسه ببصله كأني أول مرة أشوفه والدموع في عيني

: في المستشفى يا ابني، الحمدلله عدت على خير

حرك وشه وبصلي، نظرة صغيرة بس خلت قلبي يطيح بكل الخوف اللي كان ساكن جواه

* متعيطيش

_ الحمدلله إنك رجعتلي بالسلامة، الحمدلله اني شوفتك بخير

دموعي نزلت للمرة اللي مش عارفة عددها ومقدرتش امسك اعصابي، خرجت حياه وسابتنا لوحدنا، ابتسملي ابتسامة صغيرة عشان يطمني، قربت منه بهدوء، كأن أي حركة زيادة ممكن توجعه، قعدت جنبه على حتة فاضية من السرير، ولسه دموعي بتنزل من غير إذن، كأن جسمي أخيرًا سمح لنفسه ينهار بعد ما عاش يوم كامل واقف على حافة الموت 

* متعيطيش عشان خاطري
_ انا كنت هموت من الخوف عليك
* بعد الشر عنك متقوليش كده، أنا هوه، قدامك وبخير الحمد لله

دموعي نزلت أكتر من صوته ده، حاولت أمسحها بسرعة وانا متضايقة من نفسي إني مش عارفة أكون قوية قدامه

_ بس أنا .. أنا فعلاً حسيت إنك هتروح مني
* الحمد لله إن ربنا ستر وإن لسة ليا عمر عشان اتجوزك

ضحكت غصب عني

_ يعني دة كل اللي همك

غمز وهو تعبان وضحك بشويش

* دة هدفي الوحيد في الدنيا دي
_ سيف .. انت دلوقتي لازم ترتاح، مش وقت الكلام ده
* انا مرتاح طول ما انتي جمبي
_ وانا هفضل جمبك طول العمر

عدى يومين من بعد اللي حصل، وأنا حرفيًا ما فارقتش الأوضة غير دقائق بسيطة، كل شوية أقوم أطمن إن تنفسه ثابت وإن ضمادة كتفه مكانها، هو برضو اتحسن وبدأ يتحرك شوية، بيهزر ساعات ويتنرفز من الملل كعادة الرجالة لما يلاقوا نفسهم محبوسين في سرير، أوقات يكلمني جد وأوقات يغيظني، وأوقات يفضل يراقبني بس، كأنه لسه مش مصدق إني هنا، وإن اللي بينا بقى واضح ومش محتاج كلام، لحد ما في يوم حصلت حاجة غريبة
 كنت واقفة جنمه بظبط المخدة ورا كتفه الباب خبط ودخلت منه واحدة اول مرة اشوفها، شكلها مهتمة بنفسها بطريقة صعبة تتفوت، شعر مصفف، هدوم شيك، وبرفان واضح من أول خطوة، عنيا راحت عليها بسرعة، وقلبي اتقبض من غير ما أفهم ليه، وقفت قرب سيف وابتسمت، قالت بصوت ناعم وواثق

: إزيك يا سيف، ألف سلامة عليك

سيف اتفاجئ، ووشه اتبدل في لحظة

* جميلة؟!

أنا؟ مفيش كلمة اتقالت على لساني، واقفة بتفرج عليهم وبس، حياه اتشد وشها وابتسمت ابتسامة مجاملة مالهاش روح

: اتفضلي يا بنتي

 قربت شوية، وشوفت في عيونها نظرة ما بين شوق وجرح قديم، ورغبة تثبت نفسها، أنا في اللحظة دي حسيت بنار قايدة جوايا، سيف بصلها، وبعدين بصلي بنظرة سريعة، لكنها كانت مليانة معنى واحد

* متفهميش غلط

بس الحقيقة، إني فهمت الموقف صح

: أول ما عرفت باللي حصل جيتلك على طول
* متشكر
: إن شاء الله تقوم بالسلامة، متعرفش انت غالي عندي قد اية
: ملوش لزوم الكلام دة يا جميلة
: انا .. انا بس كنت جاية اعمل الواجب يا طنط
* واديكي عملتيه، ممكن تتفضلي
: همشي يا سيف متقلقش، انا وعدتك لما جيتلك الورشة انك مش هتشوفني تاني، كنت جاية اطمن عليك بس، عن اذنك

بصتله وانا متفاجأة، كمان جاتله الورشة؟ سيبتهم يكملوا كلامهم وأنا واقفة مكانـي، حاسة إن الأرض بتتسحب من تحت رجلي، هي مش بس جت هنا، دي كمان كانت عنده في الورشة قبل كده، يعني رجعت في حياته قبلي بوقت أنا حتى ماكنتش عارفاه، سيف لاحظ نظرتي وحاول يتدارك الموقف

* ليلى، الموضوع مش كده

مبصتلوش، مش عشان بتمنع، عشان لو بصتله في اللحظة دي كنت هعيط قدامهم هما الاتنين، وأنا مش هدي لحد الفرصة يشوفني مكسورة، بصيت لحياه وقولت بهدوء ميليقش بالعاصفة اللي جوايا

_ أنا خارجة أشم هوا، لما الدكتور ييجي كلميني

ومشيت، لا بصيت ورايا ولا سمحت لرجلي تتعثر في خطوتي، نزلت تحت، سندت على اقرب حيطة قابلتني، وبصيت للبوابة، النهار كان طالع، ضوه باهت شبه اللي جوايا
هو ليه خبى عليا؟ ليه يخليني أعرف بالطريقة دي؟ أنا مش زعلانة إنه كان عنده ماضي، أنا زعلانة إنه خبى عليا وسابني أتعامل لوحدي مع المفاجأة، كتمت دموعي على قد ما قدرت وخدت نفس طويل، وبعدين سمعت صوت خطوات ورايا، لفيت ابص لقيت سيف جاي ماشي ببطء، لسه تعبان، بس مصر يقوم عشاني، قرب وسند بإيده على الحيطة جنبي

* ليلى .. متعمليش فيا كده، عينيكي بتقول كل حاجة انتي مش قادرة تقوليها

مردتش وبصلته بثبات بس جوايا كنت منهارة

* الماضي انتهى، وهي جات وأنا ماطلبتش، بس أنا غلطت إني ما قلتش، حقك تعرفي، وحقك تزعلي، بس متسبنيش وأنا محتاجك

كان شكله حزين عشاني أكتر مما كنت متخيلة، بس أنا؟ لسه موجوعة ومن حقي ازعل منه

رفعت عيني فيه و قلت بهدوء

_ يلا ندخل، مينفعش تقوم من سريرك
* ليلى..
_ ارجوك يا سيف مش عايزة اتكلم دلوقتي، من فضلك

احترم رغبتي ومتكلمش تاني رغم أنه مكنش راضي من جواه بكدة

خرجت من المستشفى بعد كام يوم وبقيت احسن الحمد لله، كنت فاكر الوجع اللي في كتفي هو الأصعب، بس لا، السكينة الحقيقية مكانتش في كتفي، كانت في كلامها البارد وهي بتبعد، وكل مرة اكلمها ترد عليا بكلمة وتسكت، ولو حاولت أمسك أي خيط للصلح، تسيبه يفلت كإنها خايفة لو مسكت فيه تضعف وأنا أستغل ده، والله ما كنت ناوي أوجعها، قعدت على السرير ومسكت التليفون وكتبتلها على الواتساب

* ممكن نتكلم؟

لكن مسحتها وكتبت غيرها

* وحشتيني

لكن قفلت الشاشة، معرفتش أبعتها، لو كانت زعقت فيا، لو قالتلي أمشي ومرجعش كان أهون من سكوتها دة، باب اوضتي اتفتح ولقيتها داخلة منه وشايلة على ايديها صنية عليها أكل، قعدت جمبي من سكات وحطت الصنية على رجلي

* مش هعرف اكل، دراعي بيوجعني
_ كل بالتاني
* مهو بيوجعني برضو
_ سيف
* عيونه وقلبه والله العظيم

سكتت ومتكلمتش ف استغليت كدة وقولت كل اللي جوايا

* والله العظيم ما كان قصدي اخبي عليكي، انا بس مكنتش عايز اضايقك بحاجة زي دي وخصوصاً أنها انتهت من قبل ما اشوفك حتى
_ سيف .. انا اسفة، انا اتصرفت غلط، مش من حقي ازعل من حاجة زي دي لأنها خصوصيتك، والماضي بتاعك مليش دعوة بيه، ليا دعوة بالفترة اللي انت معايا فيها وبس، انا بس اضايقت منها ومن دخلتها وكلامها ليك، وكمان أنها جاتلك الورشة من قريب
* والله مشيتها ومقبلتش منها أي كلام، يا ليلى والله العظيم ما في قلبي غيرك، ولا بشوف ولا عايز اشوف غيرك
_ طب ما أنا عارفة
* طب تاعبة امي معاكي ليه
_ عشان اضايقت، معرفش بس فعلاً اضايقت من الوضع كله وغيرت عليك
* قولتي اية
_ انا؟ مقولتش
* لا قولتي
_ حياه بتنادي عليا باين

جريت على برا وهربت من قدامي

* هجيبك يعني هتروحي مني فين

بعد اسبوع من التعافي نزلت الورشة عشان اتابع الشغل من تاني، الشباب مقصروش وكانوا ممشين الشغل كأني موجود واحسن كمان، مكنتش بشتغل كتير عشان عضلة كتفي وكنت بوجههم بس يعملوا اية، وفي مرة كنت مشغول معاهم في عربية جديدة واخدة مننا شغل كتير، لقيت الظابط اللي خد اقوالي وانا في المستشفى واقف قدام الورشة، قربت منه وانا مستغرب وجوده لكن رحبت بيه

* عزيز بيه، اهلا بيك اتفضل
: اذيك يا سيف، عامل اية دلوقتي
* الحمد لله بخير، خير يا باشا
: خير إن شاء الله، عرفنا مين اللي كان ورا الحادثة
* حادثة اية
: الطعنة اللي خدتها وسط الخناقة
* بس دي كانت بالغلط، وحتى مشوفتش مين اللي عملها لأنه طعني من ورا
: لا،مكنتش صدفة .. كانت مدبرة 
* مدبرة ازاي مش فاهم 
: يعني يا سيف انت اتضربت مش عشان كنت واقف غلط، 
اتضربت عشان في حد كان قصدك انت 
* مين دة، وهدفه اية من كدة
: هتعرف كل دة لما تيجي معايا القسم، محتاجين اقوالك انت وانسة ليلى
* ليلى؟ وهي دخلها اية؟ ما ترسيني يا باشا على الحوار
: صاحبتها روان هي اللي عملت كل دة
* روان؟ ازاي مش فاهم
: مش هينفع نتكلم هنا، تعالى معايا على القسم
* اجي، بس متأخذنيش ليلى مش هتعتب المكان دة
: ماشي، وانا عشان خاطرك مش هقولك لا، بس لو احتاجنا اقوالها يبقى لازم تحضر، يلا بينا

وصيت الشباب على الورشة ونبهت عليهم محدش يجيب سيرة لحد من البيت ومشيت مع عزيز، طول الطريق وفي دماغي ميت سؤال لكن مش عارف إجابة ولا فاهم حاجة، وصلنا القسم ولما دخلت شوفت روان هناك، هو في اية بالظبط؟

: اقعد يا بشمهندس 
* هو في اية بالظبط يا باشا
: تشرب اية الأول
* شكرا لحضرتك، انا بس محتاج اعرف في اية
: في ان الخناقة اللي حصلت يومها مكنتش صدفة، وأنها كانت مدبرة من حد قاصد يأذيك انت بالذات، وبمجرد ما طلعت من ورشتك وروحت تحوش اطعنت على طول، اللي طعنك كان قاصد يجيب رقبتك، لكن من ستر ربنا أنها جت في كتفك من ورا لأنه اتشد ساعتها وسط الخناقة بالغلط

مكنتش مستوعب اللي بيقوله، ليه ممكن حد يعمل كل دة عشان يأذيني، هو مين وانا عملتله اية

* يعني انا اللي كنت مقصود من كل دة
: بالظبط
* طب .. طب مين اللي عمل كل دة
: روان بنت الشيخ امين، اللي ساكنة في نفس الحارة بتاعتك

افتكرت اني شوفتها برا، اتصدمت من اللي بيقوله، ليه تعمل معايا كدة وانا مليش علاقة بيها

* حضرتك متأكد من اللي بتقوله
: بص كدة على المحضر دة

اخدت من ايده وقرأت اللي فيه، كان عبارة عن تحقيق معاها ومع شاب تاني انا معرفوش، كانت معترفة بكل حاجة عملتها وأنها هي اللي خططت ودبرت لكل دة، وكمان هي اللي أجرت الناس اللي عملوا الخناقة ودفعت ليهم فلوس، وانا اللي كنت مستغرب وقتها مين الناس الغريبة اللي جاية تتخانق في منطقتنا وليه، سيبت المحضر من ايدي وانا لسة مش مستوعب كل دة

: ممكن تقولي اية علاقتك بيها بالظبط
* مليش علاقة بيها إطلاقا
: بس زي ما قرأت في التحقيق هي قالت إنها بتكرهك، وأنها عملت كدة عشان تنتقم منك بسبب تهديدك ليها
* مكنش تهديد، كان مجرد تنبيه ليها كان عشان ليلى مش اكتر
: وأية السبب
* لأنها كانت..
: عزيز بيه، المتهمة اللي برا غفلت العسكري وبلعت موس وبتنزف جامد

النَفَس اتحبس جوا صدري أول ما سمعت الجملة، خرجت انا وعزيز بيه نجري على برا وكل اللي في دماغي أنها مش سليمة وخطر على اللي حواليها
طلعت برا، لقيت الأرض حواليها متغرقة دم، كانت مرمية على الأرض، صوتها بيطلع متقطع، وعيونها بتلف على كل اللي حواليها، لحد ما وقعت عيني مع عينيها، ابتسمتلي ابتسامة مريضة واغمى عليها بعدها، طلبوا الإسعاف وجت خدتها بسرعة، وانا .. واقف زي ما أنا مش قادر استوعب اي حاجة، المشهد كله كان كابوس، كتفي بيوجعني من الطعنة، وعقلي بينفجر من اللي بيحصل، روان .. اللي كنت فاكر الموضوع معاها مجرد غيرة حمقاء من ليلى، طلعت أخطر بكتير، عزيز بيه رجعلي وهو ماسك تقرير

: التحقيقات أكدت أن البنت دي كانت بتتجسس عليك من أسابيع، وبعد ما حذرتها اتجننت و حاولت تأذيك، وأغلب الظن كانت عايزة توقع ليلى بعدك

شديت عضلة فكي بدون ما أحس، القلق اتمكن مني، طالم قدرت تعمل كده يبقى كانت ممكن تأذيها هي كمان

: واضح إن الموضوع مش غيرة بنات ولا غلط في الكلام زي ما قالت، دي عندها هوس

حسيت الدنيا تدور حوليا لحظة، فكرة إن ليلى كانت ممكن تتعرض لأذى اتحولت لشرارة نار جوا صدري، سحبت نفس وقولت

* لازم أمشي
: ماشي، بس ليلى لازم تيجي
* تمام

رجعت البيت وأنا بفكر هقولها اللي حصل ازاي، وقفت قدام شقتها ومديت أيدي اخبط بتردد، فتحتلي وأول ما شافتني ابتسمت

_ سيف، تعالى اتفضل

دخلت وقعدت في الصالة جمبها

_ طلعت بدري النهاردة، انت كويس 

سكت ومردتش عليها ف بان على ملامحها القلق

_ مالك يا سيف، في حاجة حصلت

بصتلها وانا مش عارف اقول اية، لكن لازم تعرف كل حاجة 

* ليلى، في حاجة لازم أقولها لك
_ في اية
* اللي حصل يومها… مكنش صدفة
– يعني اية

أخد نفس وكملت بهدوء 

* روان كانت مترصداكي، واللي حصل ليا كان عشانك

بصتلي بصدمة 

– عشاني؟

غمضت عيني وانا بحاول اكون هادي ومقلقهاش 

* من شوية جالي عزيز بيه وقالي الكلام دة واخدني معاه القسم، شوفتها هناك لما روحت، حكالي كل حاجة و وراني التحقيق وكلامها، هي قالت في التحقيق إنها كانت عايزة تبعدك عني، وإن أنا السبب في إنها اتمنعت تقرب منك
وقالت كمان إني هددتها
– وانت فعلاً هددتها؟

هزيت راسي بلا

* أنا حذرتها بس، كنت خايف عليكي منها، بس مكنتش متخيل توصل لكده، وللأسف مطلوب اقوالي واقوالك
– اية؟ طب ليه؟

قربت مني بحذر وحاولت اطمنها

* شهادة مش أكتر، محدش هيضايقك، احنا المجني علينا، وأنا هبقى معاكي في كل خطوة، والله ما هسيبك، بس لازم نعمل الصح، لو عليا أشيل كل ده عنك بإيدي، بس إحنا لازم نقفل الموضوع ده من جذره، هي مش هتقربلك تاني، ولا هقربك لأي خطر

– أنا مش بختف بس
* متخافيش، طول ما أنا واقف ولا شعرة منك هتتهز

فضلت بصالي وهي باين عليها الخوف والقلق من اللي سمعته، لكن بصتلي بعدها وهزيتلي راسها

وانا .. اخدت عهد على نفسي مخليهاش تحس بالخوف أبداً ولا تتأذي في الموضوع دة

تعليقات