رواية خلق من الصدف حياة كاملة جميع الفصول بقلم نورا سمير السري
_اي اللي انت عملته ده مش تحاسب!
_انا آسف بجد
بصيت تحت رجلي بصدمه وقهر، الكاميرا بتاعتي اتفتفتت!!
نزلت ع الارض وحطيت ايدي علي بُقي برعشه وانا بحاول امنع دموعي، كُل احلامي وكل شئ انهار، لحظات كتير ضاعت من حياتي كانت محفوظه فيها وبس!، كُـنت بلم في الكسور وكأني بقنع نفسي انها ممكن تتصلح
نزل علي ركبتهُ وهو بيلمها معايّ وبيقول بأسف واضح:
_حقيقي مقصدش والله
رفعت عيني لعيونهُ، شكلهُ مألوف ليّ، حاسه اني قابلتهُ قبل كده
عيني احمرت من الدموع المكبوته جواها وقولت بسخرية وغضب:
_ متقصدش! هو اي اللي متقصدش، انت عارف انت عملت اي!!
ختمت كلامي بنظرة غضب حقيقي، وانا بحاول الم الباقي مِـنها
بصلي بإستغراب وقال:
_ أنتِ بتلميها لي هي خلاص باظت، انا هجبل....
قطعت كلامه وقولت بغضب:
_ أنتَ تسكت خالص فاهم!، انت فاكر ان الموضوع، موضوع كاميرا وفلوس، دي مش شئ دي حاجه ثمينة جداً بالنسبة ليّ ومكنش ينفع اخسرها!
وفجأة وانا بتكلم، جزء مكسور من الكاميرا دخل في ايدي، فتجرحت، دمي مستنش لحظه وسال من ايدي علي الأرض، فقفلت عيني ودموعي اللي كانت محبوسه نزلت!
محستش غير بإيده ضامه ايدي وبتحاول تكتم الجرح، بدون تفكير سحبت ايدي بس هو كان اقوي وماسكها جامد
قال بجدية:
_ متشديش ايدك مِـني، ايدك اتجرحت ولازم الجرح يتكتم فوراً
قولت بعصبية:
_انت سبب الجرح ده مش حد غيرك!
غمض عينه وفتحها تاني وقال بإبتسامة:
_ طلاما انا سبب الجرح سيبيني بنفسي اضمدهولك!
عيونهُ كانت فيها لمعه غريبه لواحدة اول مره يشوفها
فنزلت عيني بتوتر لما عينينا اتقابلت
سحبني معاه وهو كاتم جرحي بمنديل
بس انا اسكت لا طبعاً، مسبتش باقي الكاميرا
اتكسرت اه بس بردو مِـحتجاها
دخلت انا وهو صيديلة فشد ليّ كرسي ونده لبنوته من الصيدليه
بدءت تضمد ليّ جرحي وحطيت مطهر وجعني فغمضت وبدون تفكير مسكت ايده وضغطت عليها
طبيعي اي حد بيعمل كده من الألم
بس انا فعلاً نسيت
ضمدتلي الجرح ومسمعتش غير صوتهُ وهو بيقول:
_ مش يلا نمشي؟!
رفعت عيني له وسحبت ايدي بصدمه لما خدت بالي ان ايدي حاضنه ايدهُ
غمضت عيني كعادة مِـني لما بتحرج، لو كانت الارض اتشقت وبلعتني مكنتش همانع والله!
انا ممكن اعيط في اللحظات اللي زي دي والله!
قمت من مكاني وهو حمحم بحرج وخرجت
قولت بشكر:
_شكراً ليك
قال بأسف واضح:
_انا اللي آسف بجد حقك عليّ
هزيت راسي وقولت بتنهيده:
_ لا حصل خير انا بس الكاميرا دي كانت ثمينه اوي بالنسبة ليّ، لان انا كان نفسي اجيبها جداً من فتره طويلة ولكنِ مكنتش بلاقيها بس حد عزيز عليِّ هداني بيها!
هز راسه وقال:
_طب ممكن رقمك؟!
ضيقت حاجبي وقولت بإستغراب:
_وده لي إن شاء الله؟
ابتسم وقال:
_فهمتيني غلط علي فكره، لي سوء الظن طيب؟! انا عايز رقمك عشان اتواصل معاك واجبلك واحده غيرها
ابتسمت بمجامله وقولت:
_لا شكراً ليك، وبعدين مش هتلاقيها انا لفيت عليها كتير جداً، علي العموم حصل خير، عن اذنك!
مستنتش رد مِـنه ومشيت بسرعه، كنت متوترة وانا واقفه معاه مع اني طول الوقت ثابته، مفيش حد بيهز ثباتي بس انا فعلاً اتوترت
عينيه وشكله مش بيروح عن بالي طول مانا ماشيه، شكلي شوفته فعلاً قبل كده! بس فين ياترى! انا مش فكراه ولا عارفه افتكر
نفخت بغضب من كتر التفكير وقولت:
_ انا شاغله بالي شوفته فين لي أصلاً مايمكن شوفته معدي من مكان انا فيه، انا مكبره الموضوع كده ليه!
روحت لمكان، او متحف بالنسبة ليّ،المكان يشبه لمول كبير مكتوب من برا
(للفن حياة تبدأ من هـُنا)
المكان موجود فيه كُل شئ يخص الرسم! لوح، الوان،كُتب لتعليمه، لوح موجوده في كل مكان مرسومه بكل دقه وفيها كميه مشاعر حقيقه، بصيت علي لوحه لفتت نظري، خليتني ابتسم بفرحه وفخر، لوحه بأسم "لين سامح" أسمي!
كُل ماباجي هِنا بفرح جداً لان ليّ كذا لوحة مرسومه بقلبي مش بس بإيدي رسمتهم فعلاً في وسط مانا زعلانه ولوح وانا في عز فرحي، انا في آخر سنه في كُـليه هندسه، وطبعاً الكليه فيها صعوبه ومحتاجه اني اركز فيها اكتر بس اسكت! لا
انا دائماً بحب ازنق نفسي كده، مرتحش أبداً الا وانا قاعده بعيط كده من كتر مانا مضغوطه
وعشان محسش بزعل اني ضاغطه نفسي، برسم، هوايتي فعلاً وبحبها جداً من صغري ده غير اني نميتها اكتر واخدت فيها كورسات واصبحت زي مابيقوله شاربه المِـهنه
والمكان ده مش بس لبيع كل مايخص الرسم لا ده معرض لعرض اللوح، ده غير ان بيتعمل عليهم مزاد ولوحتي فازت فيه في اجازة السنه اللي فاتت!
اخدت كُـل حاجه هحتاجها لرسم البورترية واتوجهت دفعت سعرهم وللأسف وانا بفتح الشنطه شوفت الكاميرا المكسورة،قلبي وجعني فعلاً عليها مقدرش انكر، اتنفست وقولت لنفسي:
_لعله خير!
بس اتصدمت لما ملقتش الكارت الميموري! المكان اللي بيكون في الكارت متكسرش! بس مفيش جواه حاجه
سمعت صوت الشخص اللي كنت بحاسبه فكان لازم اشيل حاجتي واخرج، خرجت بعصبية وغضب متملكني، ازاي يعني راح! ممكن يكون وقع! بس لا مكنش فيه حاجه هِناك!
كل صوري وكُل زكرياتي عليه! فيديوهاتي وانا برسم، وانا خارجه، وانا مع عيلتي، فيديوهات تكريمي في الرسم وفي الكليه! كُل حاجه كانت عليه واعتقد مفيش نسخه مِـنه غير بعض الصور والفيديوهات القصيرة علي تليفوني
تخيل كل ذكرياتك تتمسح! حزن جامد والله، كنت اي شئ قدامي بصورة، شجر، متحف، اي شئ يلفت ويهُم!
مسحت علي وشي بغضب وعصبيه، سمعت صوت رنه الفون بتاعي كانت "ريماس" صديقتي، فتحت الفون وسمعت صوتها وهي بتقول:
_اي ياجميل، مسمعتش صوتك من زمان!
قولت بسخريه:
_ من زمان اي ياماما انا قافله معاك من ساعتين!
ضحكت وقال:
_ما ده وقت طويل بردو يا"لينو! "
ابتسمت علي كلمه"لينو" اسم الدلع بتاعي فقولت بزعل:
_ حياتنا اتمسحت ياريمو
قال بسرعه:
_ازاي اي اللي حصل!
نفخت بغضب وقولت:
_الكاميرا انهارده وقعت مِـني وانا جايه اعلقها في رقبتي
قالت بزعل:
_واتكسرت!
هزيت راسي وقولت بزعل واضح:
_ للأسف! والكارت مش لقياه!
_ لا حول الله، دي كل حاجه لينا عليها احنا وصحابنا!
بس معلش فداكي مليون كاميرا، ومتزعليش انا معايّ جزء اعتقد كبير من اللي كان معاكِ!
ابتسمت وقولت بإرتياح:
_ ده اللي مهون عليّ شويه!
قفلت معاها عشان قربت اطلع البيت
دخلت والقيت عليهم السلام فقال "خالد " اخويا
_ اي ياكريزه فين صاحبتك اللي بتمشي معاكِ قبل الكوتشي!
كان قاصده علي الكاميرا اللي مش بسيبها من ايدي طول الوقت:
_ اتكسرت!
ضيق حواجبه وقال بإستغراب:
_ده اي السهوله دي، دانا افتكرت وأنتِ بتقولي كده هتعيطي ولا تهبي في وشي زي البوتوجاز
قولت بقمصه:
_عايزني اعمل اي يعني!
فقال بزهول:
_ يابنتي أنتِ ازاي ساكته! الكاميرا اتكسرت عارفه يعني اي اتكسرت! ده المفروض تطربقي البيت فوق دماغنا، لا حول الله
قرب مِـني واتحسس جبيني وهو بيقول بزهول:
_ لا مش سُخنه! امال اللي حصلك ده من اي
ابتسمت فقال بجديه:
_ ايوا كده ابتسمي ومتزعليش هجبلك واحده تانيه
ضمني ليه فحاوطته بإيدي وحطيت راسي علي صدره
دخلت ماما وهي بتقول بفزع:
_ اي ياجماعه اللي حصل، مين اللي مات!
ضيقت حاجبي بإستغراب وبصيتله بإستفهام بادلني بنفس النظره لانه بردو مش فاهم حاجه
فقال بإستفهام:
_مين ياماما اللي مات!
قالت بسرعه:
_ ما هو انتوا قاعدين وساكتين وكمان حاضنين بعض والمواقف دي مش بتحصل غير لما يكون حد ميت دانتوا ناقر ونقير!
ابتسمت وهو كمان وقال:
_ ما فعلاً حد مات.
فتحت عينيها بصدمه وقالت:
_مين ياخالد اللي مات!
قال بإبتسامه وتوضيح:
_متخفيش متخفيش، دي الكاميرا بتاعه كريزه
ابتسمت علي كلمه الدايمه"كريزه"
وماما سقفت علي ايدها بزهق وسابتنا ودخلت جوا
وفجأة وانا محوطاه قمت بفزع فـ اتخض وقال بسرعه:
_في اي يابنتي
قولت بسرعه وانا بجري بجيب شنطتي وبقول:
_ جبت حاجات كتير بس نسيت اجيب الألوان المائيه!
بصلي بغضب وكان فيه قدامهُ علي التربيزه حاجه تشبه لتحفه كده بس خشب محستش غير وهو بيشيلها وبيرميها عليا
اتفاديتها بسرعه طبعاً
هو فاكر نفسه هيبطحني بسهوله يعني ولا اي
دخلت ماما وهي بتقول بإبتسامه:
_ ايوا انتوا كده طبيعين، انا كده اطمنت عليكم!
ابتسمت وقولت:
_طب انا عايزه انزل تاني اجيب الألوان.
ردت ماما:
_ بكره بقي يا"لين" أنتِ لسه مكلتيش
علي عكس "خالد" لما قال:
_ بصي وراك كده!
بصيت ورايّ ملقتش حاجه تلفت الإنتباه فهزيت راسي بإستغراب
قرب عليّ ومسك دماغي ولفها او كسرها ايهما اكبر ووجه دماغي تجاه الشباك وقال:
_ مش شايفه ان احنا بقينا بليل! انا كنت بقول هتتكسف علي دمها بس الظاهر معندكيش دم والله!
زقيته بغضب وبدءت الف دماغي اللي تقريباً انفصلت عن جسمي وقولت:
_وفيها اي ياجدع
جاب شاله ولفه علي دماغه علي شكل عمه وقال بلهجة صعيديه:
_معندناش بنات تخرج لوحديها بليل، عايزه الناس تجول علينا معرفناش نربيكي اياك!
بصتله بعصبيه وقولت:
_بس انا متحاجه اجيبهم ضروري
ضيق عينه وقال:
_متزعقيش!
هديت صوتي وقولت وانا بحاول استعطفه:
_ طب ماتيجي معايا ياخلودي
بصلي بسخريه وقال:
_خلودك؟ وده من امته
ضحكت وانا بقول:
_وقت المهام
فعلاً استعطفته ونزلت انا وهو سوا، اتمشينا الجو كان ساقع جداً فلف ايده علي رقبتي وانا حاوطته بإطمئنان
انا بحب "خالد" اخويا جداً بحس معاه فعلاً اني فرحانه وحاسه بآمان
مع اننا بنتشاكل كتير بس دائماً لينا جزء دافي بنحكي فيه لبعض اسرارنا، مشاكلنا، بنطلع كلامنا اللي مش بنقدر نحكيه لحد غير لبعض
وفي وسط مانا محواطاه وهو كذالك وماشيين شوفت شابيين واحد منهم بيقول :
_ ما ماشيين حاضنين اهو اشمعنا احنا يعني
محستش غير ب "خالد" وهو بيقرب عليه بإبتسامه قلقتني وقاله:
_ ياحبيبي! عايز تتحضن؟ ده احنا عينينا ليك!
وفي لحظه مسكه ولزقه في العمود والتاني جري وسابه
كمل خالد وقال:
_ عاجبك حضن العمود ولا مش بيدفي لو مش بيدفي قولي ادفيك!
مردش فضغط اكتر علي دماغه اللي بقت لازقه في العمود فقال بسرعه:
_لا مدفي والله مدفي!
حرفياً صوته كان بيعيط!
فقولت برجاء:
_سيبه يا"خالد" خلاص
وفعلاً سابه وهو ماصدق جري من قدامنا
انفجرنا في الضحك للحظه وبعدين كملنا مشي، وصلت للمكان وفضلت اتنقل بين كل الرفوف وبدات اشاورله علي لوحي اللي شافهم أصلاً قبل كده وهو طبعاً كان بيطبلي عليهم
اشتريت الالوان فعلاً وخرجنا، وصلنا للشارع اللي فيه بيتنا، وفي وسط مابنتكلم قطع كلامنا صوت تلفونه فتح علي اللي كان بيكلمه والظاهر انه صاحبه فقال:
_معلش ياكريزة لازم امشي دلوقتي جالي تليفون ضروري!
ابتسمت وقولت:
_ماشي هطلع انا متتأخرش
ابتسم وقال:
_حاضر بس اطلعي علطول
هزيت راسي وهو مشي
كنت لسه في اول الشارع فعديت كام بيت كده وقبل بيتنا بشويه حد خبط فيّ والاكياس وقعت
والألوان اتناثرت علي الارض
يادي اليوم الاسود ده
هعيط بجد علي كل اللي بيجرالي ده
ده اللي موقعهم هخنقه انهارده ومش هسيبه غير وهو ميت
اتعصبت جداً
ورفعت عيني له وانا خلاص ههزقه فقولت بصدمه وزهول:
_أنت!
_أنتِ!
