رواية جريمة في الأعماق كامله جميع الفصول بقلم شادي اسماعيل
الخيانة فعل شنيع.. سواء كانت من الراجل أو من الست.. في الحالتين الشيطان بيلف حوالين رقبتهم.. زي حبل مشنقة.. ويفضل يوسوس لهم ويغويهم.. لحد ما يزرع جواهم فكرة الانتقام.. والانتقام ده في الغالب بينتهي بموت الكل.. ساعتها الشيطان بيضحك.. بيعلن عن انتصار جديد يضيفه لقائمة انتصاراته على البشر.. ويبدأ معركة جديدة.. مع ضحية تانية.
وقضية النهارده بشعة.. ومع الأخذ في الاعتبار إن كل جرائم القتل بشعة.. لكن دي استثنائية.. وبشاعتها مش بس في الجريمة نفسها.. لكن في طريقة تنفيذها.. والخطة اللي استخدمها القاتل.. عشان يجذب الضحية لمكان الحادث.. بس تفتكروا في حاجة اسمها الجريمة الكاملة؟.
******
كنت قاعد في البيت بشرب سيجارة.. مع فنجان قهوة.. قبل ما انزل على المكتب.. وفي الخلفية كان صوت فيروز خارج من الكاسيت...
(مقطع من أغنية فيروز- انا وشادي)
أنا وشادي غنينا سوا
لعبنا على التلج، ركضنا بالهوا
كتبنا على الأحجار قصص صغار
ولوحنا الهوا.
فجأة قطع انسجامي صوت رنة التليفون.. كان عماد اللي بيتصل.. وطيت الأغاني بعدها رديت.. وساعتها سمعته بيقول...
- صباح الخير يا ماهر باشا.
- اهلًا يا عماد.. ايه الأخبار؟.
- تمام يا باشا.. جاتلنا اشارة من خفر السواحل.. عن اكتشاف جثة مجهولة الهوية.. الدنيا مقلوبة هناك.. ومحتاجين سيادتك.
- ابعتلي العنوان.. وأنا جاي حالًا.
طفيت السيجارة وخدت مفاتيح عربيتي.. وللأسف الطريق كان زحمة ووصلت متأخر شوية.. كانت الساعة ٣ العصر تقريبًا.. الناس كانت ملمومة في المرسى تحديدًا حوالين جثة ملفوفة في بطانية.. عماد لما شافني رحب بيا.. بعدها طلبت منه يبعد الناس.. قربت بثبات ناحيتها.. الجثة.. ونزلت بركبتي على الأرض.. وبأيدي رفعت الغطا.. هيكل عظمي مش باقي منه غير هدومه الدايبة.. المتقطعة.. وفي شق كبير بطول دماغه من الجنب.. اعتقد ده كسر في الجمجمة ناتج عن خبطة قوية.. طلبت فرق الطب الشرعي والجنائي.. بعدها بصيت لعماد وقبل ما أتكلم سابقني وقال...
- موجود يا فندم.. ومتحفظ عليه.. عند المركب اللي هناك دي.
غطيت الجثة من تاني واتحركت للمركب.. وهناك قابلت شاب في التلاتينات.. جسمه قوي.. ولابس بدلة غطس.. لكن كان بيترعش.. ماقدرتش احدد ده من البرد ولا الخوف.. طلبت منه يهدا وبعدين سألته...
- اسمك وسنك؟.
- فريد.. فريد حمدان.. ٢٧ سنة.
- قولي يا فريد.. انتَ لقيت الجثة دي فين؟.. ومين كان معاك؟.
أول ما جيبت سيرة الجثة.. اتنفض ومابقاش على بعضه.. فكملت كلامي وقولتله...
- اهدا واسمعني.. هم كام سؤال وهتمشي على طول.. مش عايز تروح ولا إيه يا بطل؟.
رفع وشه وبص لي...
- احنا كنا طالعين رحلة صيد عادية.. وفجأة لقيت عم عتمان بيقولي إن الشبك علق في حاجة.. نزلت الماية عشان اشوف علقت في ايه.. وأول ما نزلت الماية.. لقيت الجثة زي ما حضرتك شوفت كدة.. اتخضيت من المنظر.. وطلعت على طول.. بلغت عم عتمان.. اللي أول ما عرف صمم يطلعها من الماية.. ونزل معايا وربنا قدرنا وطلعناها.. وهو ده كل اللي حصل يا فندم.
- انا مصدقك.. بس ليه ما بلغتوش خفر السواحل.. عشان ينتشلوا الجثة بنفسهم؟.
- الواحد ماكنش فيه عقل سعادتك.. كل اللي كان يهمنا إننا نخرجها.
- تمام.
سيبته وقومت.. بعدها سألت على عتمان.. لقيت عماد بيشاورلي على راجل خمسيني ضخم.. لابس جاكيت كُحلي.. وواقف بعيد شوية.. قربت منه وساعتها قالي...
- اهلًا اهلًا يا سعادة البيه.. نورت.
- قولي المركب بتاعتك فين؟.
- اهي اللي هناك دي سعادتك.
خدته وطلعت على ضهر المركب.. ووقتها لاحظت إن مافيش رُمانة في المركب فسألته...
- انتَ بتتحرك بالمركب دي إزاي؟.
- يعني ايه يا فندم بتحرك إزاي؟!.
- فين الرمانة؟!.
قال بارتباك...
- الواد محروس ابن أخويا.. بيعملها شوية صيانة على الخفافي كده.. وتقدر سعادتك تيجي تشوف بنفسك.. مش بعيد ده هنا جنبنا.
روحت معاه واتاكدت فعلًا من كلامه.. وبعدها حكالي نفس اللي فريد قاله بالظبط.. سيبته ورجعت للمكان اللي فيه الجثة.. في الوقت ده كانت أخصائية الأدلة الجنائية سارة وصلت مع فريقها.. ودكتور محمود من الطب الشرعي. رحبت بهم.. وكل واحد بدأ يشوف شغله.. اتلف شريط لاصق حوالين الجثة.. واتاخدت كام صورة للمكان.. ده غير إن بعضهم طلع على المركب ورفع جميع البصمات.. وفي وسط كل ده قربت من دكتور محمود اللي كان مشغول مع الجثة وقولت…
- ها يا دكتور.. ايه الأخبار؟.
- صعب جدًا يا ماهر بيه.. اعرف أي حاجة دلوقتي.. لكن واضح إن المجني عليه واخد ضربة على دماغه.. وعنده كمان كسر في الرجل الشمال.. لكن كل حاجة هتوضح أكتر بعد التشريح.
بعد ما خلصت شغلي هناك.. طلبت من عماد.. يراجع محاضر الاختفاء.. ويعرفلي اسماء الغائبين في الفترة الأخيرة.. وبعد ما يعمل حصر.. بناءً على مواصفات الجثة.. اللي هياخدها من الطب الشرعي.. يبعت يجيب أهل المختفين.. بعدها رجعت مكتبي تاني.. طلبت قهوة وولعت سيجارة.. وقعدت اشتغل على قضية كانت مفتوحة.. لحد ما يوصل أي جديد في القضية دي.
تاني يوم صحيت على صوت رنة التليفون.. كان عماد اللي بيتصل.. فتحت الخط وسمعته بيقول...
- صباح الخير يا باشا.
- صباح الخير يا عماد.. عملت ايه؟.
- انا حددت لسيادتك كشف باسماء المختفين بناءً على المواصفات.. وكمان بعت لأهلهم.
- تمام نص ساعة وهكون في مكتبي.
وصلت المكتب لقيت الكشف قدامي.. مسكته وبدأت اقرأ الاسماء.. هيثم علي عامر.. محمود حسين مصطفى.. يمنى محسن جعفر.. استبعدت يمنى لأن الهيكل كان لراجل.. وده كان باين من عضم الحوض وحجم الجثة.. فوقت على صوت خبط على الباب.. وكان عماد هو اللي بيخبط...
- الناس موجودين برة سيادتك.
- هتاخدهم وتروح للدكتور محمود.. هيعملهم اختبار dna عشان نشوف الجثة تبع حد فيهم ولا لا.. ولما نتيجة الاختبار تظهر عرفني.
- تمام يا فندم.
- وابقى عرفني التفاصيل أول بأول.
- تحت امرك يا فندم.
وبعد مرور أسبوع جاتلي المكالمة اللي كنت مستنيها…
يتبع..
بإذن الله الجزء الثاني بكرة في نفس المعاد.
ياريت لو وصلت لحد هنا متنساش الريأكت وكومنت برأيك وشير.
ومنشن لصحابك خليهم ينبسطوا معاك.