رواية قتل مشروع كامله جميع الفصول بقلم محمود الأمين
انا المقدم نبيل الصاوي، النهارده جالنا بلاغ من سكرتيرة مكتب الدكتور سمير طه، السكرتيرة دخلت الصبح العيادة لقت الدكتور سمير مقتول في مكتبه، بلغت الشرطة على طول، واللي بدورها اتحركت على مسرح الجريمة.
الدكتور سمير طه هو دكتور نفسي مشهور، بيشتغل في مستشفى العباسية للأمراض النفسية والعصبية، دكتور كبير ومعروف، والعيادة بتاعته في 6 أكتوبر.
وصلنا لمسرح الجريمة، وهناك شوفت جثة الدكتور سمير، كان مقتول بالرصاص أو هي رصاصة واحدة كانت مستقرة في جبهته، ومن الواضح إن المجرم استخدم كاتم صوت للمسدس، وده توقع، لأن المنطقة هنا حيوية، يعني لو حد سمع صوت ضرب رصاص أكيد كان هيبلغ في وقتها.
طبعاً وصل رجال المعمل الجنائي عشان يفحصوا مسرح الجريمة، وبعد ما خلصنا الإجراءات، رجعت على مكتبي، وقبل ما نبدأ التحريات، وصلنا بلاغ تاني، واللي بلغني هو الرائد أسامة، واللي اتصل بيا وقال:
_ في بلاغ عن جريمة قتل يا فندم في التجمع الخامس.
= مين اللي مقدم البلاغ؟
_ القاتل هو اللي بلغ عن نفسه، وقال إنه قتل عيلته كلها.
...
اخدت العنوان من الرائد أسامة واتحركنا على مسرح الجريمة، وأول ما وصلنا لقينا نفسنا قصاد فيلا كبيرة، والفيلا دي تابعة لعيلة الفولي، طبعاً معروفين جداً، وفي منهم رجال أعمال.
أول ما دخلنا جوه الفيلا لاحظنا إن في خمس جثث: راجل في الأربعينات، وست في التلاتينات، وراجل تاني في التلاتينات، واتنين رجالة في سن العشرينات.
كلهم مضروبين بالرصاص، والقاتل قاعد على كرسي قدام الخمس جثث وماسك المسدس ومبتسم، من الوهلة الأولى تقول عليه مجنون.
قربنا منه بحرص، لكنه قام وسلمنا المسدس ومد إيده للكلبشات، عرفت إن اسمه طاهر الفولي.
وطبعاً وصل المعمل الجنائي، وبدأت عملية فحص مسرح الجريمة.
أول ما وصلنا المكتب كان لازم يبدأ التحقيق على طول، خصوصاً إن المتهم قاعد قدامنا.
وأول سؤال جه على بالي أسأله للمتهم:
_ انت مدرك إنك قتلت عيلتك كلها؟
= أيوه مدرك، ولو رجع بيا الزمن تاني... بس أنا ارتكبت جريمة تانية، أنا اللي قتلت الدكتور سمير طه.
...
الاعتراف ده خلاني اتفاجئت، وسألته: طيب، وقتلت الناس دي كلها ليه؟
ابتسم وسكت، حاولت كتير أتكلم معاه، لكن الإجابة هي السكوت.
طلبت من الأمين يوديه الحجز لحين عرضه على النيابة، وطلبت تحريات مفصلة عنه.
وبعد خمس ساعات تقريباً، كان قدامي ملف تحريات كامل عن المتهم طاهر الفولي.
فتحت الملف، واللي كان فيه مفاجآت كتير، وبعد ما خلصت قراية طلبت من الأمين يجيبلي طاهر من الحجز.
وفعلاً بعد دقايق كان واقف قدامي، وطلبت منه يقعد، وبعد ما قعد بدأت أتكلم معاه:
_ أستاذ طاهر، أنا قدامي ملف تحريات كامل عنك، وفي الحقيقة في كذا نقطة استوقفتني، وعشان كده طلبت من الأمين يجيبك عشان أتكلم معاك.
على حسب الملف اللي قدامي، حضرتك الدكتور طاهر الفولي، أستاذ علم النفس في جامعة القاهرة، وراجل طلّعت أجيال من تحت إيدك، رغم إن سنك مش كبير، لكن في نفس الملف مكتوب إنك دخلت مستشفى الأمراض النفسية والعقلية بالعباسية، ومن المستشفى طلعتلك شهادة إنك فاقد للأهلية.
وهنا السؤال: إيه اللي حول الدكتور طاهر الفولي لشخص فاقد الأهلية؟
...
ابتسم طاهر قبل ما يتكلم وقال:
= أكيد مكتوب عندك مين اللي قال إني فاقد الأهلية؟
_ هو في الحقيقة مش مكتوب.
= طيب شغل دماغك يا حضرة الظابط.
_ قصدك الدكتور سمير طه؟
= بالضبط كده، هو الدكتور سمير.
_ وعشان كده قتلته؟
....
رجع يبتسم من تاني، وكان بيعمل حركات غريبة بوشه وهو قاعد، ورفض يقول أي حاجة تاني.
ولما راح النيابة، كنت متوقع إيه اللي هيحصل.
النيابة أمرت بتحويله للجنة للكشف على قواه العقلية.
ولحد هنا أنا كان دوري خلص، وبدأ دور الدكتور خالد عوض.
---
_ طاهر، أنا عارف إنك كنت بتتعالج في المستشفى قبل كده، أنا بس جاي أدردش معاك شوية وأفهم إيه اللي حصل بالظبط. بس قبل ما تتكلم، أنا عارف إنك انت اللي قتلت الدكتور سمير، وإنك قتلت عيلتك... وفي الحقيقة أنا مستغرب إنك قتلت عيلتك، اللي أعرفه إنهم كانوا أقرب حد ليك، ده حتى عمك الأستاذ توفيق هو اللي كان بيدفع حساب المستشفى هنا، فانا عاوزك تفهمني، قتلتهم ليه؟
= تعرف إيه عن العيلة يا دكتور؟ إيه مفهومك عنها؟
_ العيلة هما السند والأمان.
= الأماااان، الله ينور عليك... طيب تعمل إيه لو حسيت إن الأمان ده مزيف، وإن كل اللي حصلك ده بسبب إنك وثقت في ناس كنت حاسس معاهم بالأمان بس هما خذلوك؟
_ طيب احكي، وأنا هحاول أساعدك.
....
أنا الابن الوحيد لطلعت الفولي الله يرحمه، أبويا اللي الناس كلها فاكرة إنه مات موتة طبيعية، محدش عارف الحقيقة.
يوم ما مات، المحامي جمعنا عشان يفتح الوصية:
_ بسم الله الرحمن الرحيم (أوصي أنا طلعت مصطفى الفولي، وأنا في كامل قوايا العقلية، أن تؤول كل ثروتي لابني طاهر طلعت مصطفى الفولي).
عمي توفيق لما سمع الوصية اتعصب، وبدأ يقول كلام ماينفعش يتقال في الظروف دي، بس أنا كنت مقدّر، أصل عمي هو اللي بنى الشركة مع جدي، يعني لازم يكون ليه نصيب في الشركة.
وأنا ماكانش فارق معايا كل ده، أنا اللي كان فارق معايا إنهم عيلتي وبس.
وعشان كده كنت بحاول أطمن عمي إن كل حاجة هتفضل زي ما هي.
...
نزلت يومها من البيت، وأنا مش فاهم ليه أبويا عمل كده؟ ليه يحرم أخوه من الميراث؟
وكالعادة، قبل ما أروح شغلي، عديت على شيرين بنت عمي توفيق في الكوفي شوب بتاعها، أصلّي بشرب هناك قهوة مخصوص ومش بعرف أستغنى عنها.
وفعلاً دخلت وشربت القهوة، بس هي ما كانتش موجودة.
وخرجت وروحت على شغلي، في اليوم ده كان معايا محاضرات كتير، وعلى ما خلصت كانت الساعة بقت 7 بالليل.
ركبت عربيتي واتحركت عشان أرجع البيت، لكن وأنا معدي من طريق في مفارق، عربية سريعة خبطت عربيتي، ما حسيتش بنفسي غير وأنا في المستشفى.
كنت حاسس إن دماغي وجعاني وجسمي متكسر، وعرفت إني عملت حادثة، بس الحمد لله عدت على خير.
العيلة كلها جت زارتني واطمنت عليا، والدكتور قالي:
الأفضل إنه يفضل تحت الملاحظة لمدة أربع أيام، لكن اليوم ده كان هو البداية...
الساعة كانت داخلة على واحدة بعد نص الليل، كنت ماسك التليفون بتاعي وبكلم نورهان على الواتساب، ونورهان هي البنت اللي أنا بحبها وكنت ناوي أتجوزها وقتها.
الدنيا كانت ضلمة، كنت سرحان في الكلام معاها، لكن لاحظت إن باب الأوضة بيتفتح، أكيد في دكتور أو ممرض داخل، بس في الحقيقة ما كانش في حد قدام الباب.
اتكلمت وقلت:
_ مين؟... هو في حد بره؟
مافيش حد جاوب، ضربات قلبي بدأت تزيد، خصوصاً لما في شخص ظهر قدام الباب، الشخص ده أنا عارفه كويس... ده بابا.
كان بيقرب مني ببطء، ونور الطرقة كان معكوس عليه.
رجليه كانت سودا وفيها حوافر، وكان عنده عين واحدة والتانية كانت متخيطه.
ماقدرتش أستحمل المنظر وصرخت، ولقيت الممرضين داخلين على صوتي وسألوني: مالك؟
كنت بشاور على الفراغ زي المجنون، بدأوا يبصوا لبعض وسألوني: حضرتك بتصرخ ليه؟
ماكانش عندي إجابة، أصل اللي كنت بشاور عليه اختفى بمجرد ما دخلوا.
وطبعاً الممرضين بلغوا الدكتور باللي حصل، وعشان كده الدكتور قرر إني أقعد كمان يومين وهيعمللي فحص، لأنه كان شاكك إن الحادثة أثرت على دماغي.
وبعد ما خرجوا الدكتور والممرضين، رجعت عشان أنام، لكني صحيت على صوت حد بيهمس باسمي... فتحت عينيا واتصدمت...
