رواية ظنها دميه بين أصابعه الفصل المائة والحادي عشر
يتكالب عليك كل شىء في اللحظة التي أقررت فيها أنك كنت مُخطًئ ومُضلًا وأن عليك البدء من جديد ونفض قيودك البائسة التي لم تجد منها إلا الأنغماس في عالم مظلم.
نظرة الشَّماتةٌ التي أنعكست في عيناي والدته أنغرز سهمها في قلبه الذي أصبح متوقدًا بالقهر وخيبة مزقت رجولته.
أخفض "سيف" رأسه بعد أن ألقى عليها هذه المرة نظرة جعلتها في توجس ثم أطبق يديه على غطاء الفراش الجالس عليه.
اسدلت "سمية" أجفانها لعلها تسيطر على ذلك الشعور العجيب الذي أخترق فؤادها وقد ظهر تخبطها بوضوح على قسمات وجهها ثم تنهدت وهي ترفع رأسها.
ـ أنت مش أول مراته تخونه وكويس أننا خلصنا منها ، ديه كانت بتفكر في عمك وهي في حضنك وأكيد سعت لكل ده وأنت مش واخد بالك...
أغلق أجفانه بقوة لعلَّ ينفض عن رأسه تلك اللقطات التي ظن فيها حسن نوايا "كارولين" نحو عمه لكنها بالفعل كانت تسعى نحو عمه وأتضح له سبب نفور عمه لها وتلميحاته التي صارت مؤخرًا تصيبه بالحيرة.
أرتسمت السخرية على شفتيه ، فالسيد "هارون"
زوج والدته لم يكن حديثه به أهانة له عندما أخبره قبل أيام أنه لا يراه رجلًا ولو كان من قبل أراده زوج لأبنته ..فهذا حدث قبل زواجه وكان الدافع الأكبر الذي يحُركه هو رغبته في مصاهرة "عزيز الزهار" وأعتقاده أنه نسخة من عمه.
أشاحت بوجهها عنه ثم صاحت بنبرة صوت قوية حينما لم تجد منه ردة فعل.
ـ بقى الحسالة ديه بتتهمني إني بحاول أخرب حياة عمك عشان بحبه، ليه شيفاني زيها خاينة.
وأردفت بنبرة صوت خافتة لا تحمل إلا كذبًا يعلمه.
ـ أنا محبتش راجل بعد "سالم" لكن كنت مجبره وأنت عارف كده كويس.
تحولت أبتسامته الساخرة إلى ضحكات عالية ، ضحكات أرتجف معها جسدها ثم باغتها بوقوفه وصراخه.
...
نظرت "ليلى" بتردد إلى صينية الطعام التي جهزتها في مسكن عمها وشجعها على فعل هذا عندما رأت سيارة "سمية" تدلف من بوابة الفيلا.
ـ خليني أنا يا "ليلى" أروح بدالك ،هاتي يا بنتي الصينية عنك.
قالتها "عايدة" وهي تمد يديها إليها ثم بدأت بالسعال الذي يضيق معه صدرها.
أسرعت "ليلى" بترك صينية الطعام وأحضار لها كوب ماء.
ـ عايزين نشوف دكتور شاطر نروح له ، أنتِ بقيتي بتاخدي نفسك بالعافية.
أرتشفت "عايدة" من كوب الماء ببطء ثم رفعت رأسها إليها.
ـ أنا كويسه يا "ليلى" ، ولو فضلت على مشاوير الدكاترة مش هنخلص وهمرض نفسي بزيادة.
زمت "ليلى" شفتيها في رفض وهي تلتقط صينية الطعام مرة أخرى.
ـ هاخد له صينية الأكل وأرجع علطول وأهو أكون عملت اللي عليا...
واستكملت حديثها وهي تسير بخطوات سريعة.
ـ ألحق وجودها معاه ، هي أم وأكيد هتعرف تخلي ياكل وتساعده يخرج من أزمته.
تنهدت "عايدة" بعد مغادرتها ثم أطرقت رأسها بوهن.
ـ "سمية" هانم ، أم !! أنتِ طيبة أوي يا "ليلى" ومع الوقت هتتصدمي في كل حاجة حواليكي يا بنتي.
...
توقف "سيف" أمامها ، يرمقها بنظرة أخافتها وجعلتها تُسرع في قول أي حديث أندفع إلى رأسها.
ـ أوعى تكون صدقت كلامها عني ، تعرف أنا شغلتها معايا ليه ؟ كنت عايزة أحميك من شرها وأعرف هي بتفكر في إيه.
اختفى ذلك الشرر الكامن داخل مقلتيه ثم داعبت شفتيه أبتسامة عريضة ومستخفة ، فـ كل يوم تتضح له صورة والدته التي كان يرفض تصديقها في مرحلة مراهقته حتى أنه أجبر عمه وجده على عدم التفوه عنها بكلمة أمامه أو أمام شقيقته بأي شىء يخصها ويجعلهم يكتئبون ويتراجع معدلهم الدراسي.
ـ الخبيثة كانت عايزة تفضح علاقتك أنت وبنت السواق قدام "عزيز"...
أرتعشت أجفانه وعادت تلك النظرة المظلمة إلى عينيه وأستشاطت ملامحه ولم ينطق بكلمة وكأنه كان يعلم أن سر هذه الليلة سينكشف يومًا.
ـ أنا شغلت "شهد" عندي عشانك ، أصلها كانت ناوية هي كمان تفضحك ، ما الأمل بقى عندها بعد جواز عمك من بنت عمها.
شحب وجه "ليلى" ووقفت مكانها شاخصة البصر لا تستوعب ما تسمعه ثم أرتجفت يديها التي تمسك بهما صينية الطعام.
ـ لولا أني عرفت أتعامل معاهم كويس كنت زمانك مفضوح قدام عمك ومطرود من هنا ولا أنت فاكر إن عمك هيفضلك دلوقتي على أهل مراته حتى لو كانوا شوية خدم عنده.
اِستدار "سيف" بجسده عنها قابضًا على يديه وكاد أن يصرخ عليها حتى تُغادر لكنها أسرعت بأستكمال حديثها وهي مُستمتعة من صمته.
ـ حبيبي أنا مقصدش أضايقك بكلامي لكن أنا لازم أقولك على كل حاجة كانت غيبة عنك وبعملها عشانك.
ألقت بأخر شىء يستطيع أن يتحمله ثم أنتفض جسدها فجأة وتحولت نظرتها إلى الرعب عندما وجدته يدفعها صارخًا.
ـ أنتِ إيه شيطانه ، كفاية حرام عليكي ، أنتِ أستحالة تكوني أم.
خفق قلب "ليلى" خوفًا وسقطت صينية الطعام من يديها وعلى آثرها أهتز جسد "سمية" ودارت بعينيها حولها.
ـ "سيف" أنا أمك...
وبنبرة صوت مُرتعشة أردفت.
ـ أنا همشي وأجيلك وقت تاني تكون رجعت لواعيك.
ألتقط "سيف" ذراعها وسار بها ثم دفعها خارج غرفته وقبل أن يغلق الباب في وجهها تقابلت عيناه بعينين "ليلى".
ـ بكرهك ، بكرهكم كلكم...بكره كل جنس حواء..أمشي من هنا...
صراخه أجتذب مسامع العم "سعيد" الذي أتى إلى الفيلا مهرولًا.
ألقى كل ما أبتاعه من السوق من خضار ولحم وصعد الدرج وهو يُحاول ألتقاط أنفاسه.
ـ "ليلى" ، أنت بتعملي إيه هنا ، مش قولتلك متجيش الفيلا من غيرى.
أحتقن وجه "سمية" وبرقت عيناها بنظرة ساخطة عندما أستمعت إلى صوت العم "سعيد" وتمتمت بهمس خافت.
ـ كانت ناقصة أني أشوف الراجل العجوز ده كمان.
أخفضت ليلى رأسها نحو ما تناثر من طعام أرضًا ومازالت في ذهولها وتداخل صدى جميع الأصوات في أذنيها ، فهي لم تتجاوز صدمتها في أمر ملابسها التي كانت "كارولين" تسرقها من غرفتها بل اليوم ظهرت حقيقة أخرى لا يستوعبها عقلها ولا يستطيع ربطها الآن.
ـ أنتِ عملتي في إيه ، جاية تمشتي فينا ، محدش عارفك ولا فاهمك غيري مش بعيد تكوني أنتِ ورا كل حاجة حصلت.
أندفع العم "سعيد" بغضب نحو "سمية" التي رفعت قامتها عاليًا وعلى ثغرها ابتسامة لم تُخفى عن أنظاره.
ـ يا بجاحتك ، دول لو كانوا ولاد حرام مكنتيش عملتي فيهم كده...
رمقته "سمية" بنظرة مستهزءة وسارت أمامه تتبختر في مشيتها.
تجهمت ملامح العم "سعيد" وهو يراها تقف أمام "ليلى".
ـ أبعدي عنها ، ديه ضفرها برقبتك.
قهقهت "سمية" عقب حديثه واستدارت إليه و و وَدَّت لو أخبرته عن أمر أبنة شقيقته التي تخدعهم وتعمل لديها بل وإذا رآها كيف ترتدي من الملابس سوف ينخرس تمامًا ويدفن رأسه بالرمل كالنعام.
أغمضت ليلى عيناها ، فهي لم تعد تحتمل ذلك الآلم الذي يدق رأسها بقسوة.
ـ أبقي قوليله على سر الدكتورة.
أقتطب العم "سعيد" جبينه وتساءل وهو يتابعه بعينيها.
ـ بتقول إيه بصوت واطي ومش عايزاني أسمعه، ديه مبيجيش وراها غير الشر.
ألتوت شفتيّ "سمية" تهكمًا واستكملت هبوط الدرج بنظرة برقت فيها السخرية.
ـ عم "سعيد".
نادته "ليلى" عندما شعرت بأن ساقيها لا يستطيعان حملها.
....
نظرت "زينب" إلى هاتفها ثم وضعته أمامها وهي تزفر أنفاسها بضجر.
توقف الصغيران عن تناول سلطة الفواكه المفضلة لديهم بأحدى النكهات.
ـ "زوزو "، هي طنط "جيلان" أتأخرت ليه، أحنا زهقنا مش كده يا "عدي" وعايزين نشتري هدية عيد ميلاد
"رنا و روفي ".
تساءل "يزيد" ونظر إلى صديقه الذي أسرع بهز رأسه إليه ولكنه قال.
ـ مش مشكله يا "يزيد" نستنا شوية كمان.
دارت عيناي "زينب" بينهم ثم اسندت ذقنها على كف يدها وعلى شفتيها أبتسامة واسعة.
ـ مين فيكم بقى يا حلوين معجب بـ "روفي" ومين معجب بـ "رنا"
أسرع الصغيران بخفض رأسهم.
ـ "يزيد" بيحب "روفي" يا طنط "زوزو" بس هي مبتحبهوش.
عبس يزيد بشفتيه وعقد ساعديه أمام صدره ثم أشاح بوجهه بعيدًا.
ـ "رنا" كمان مبتحبكش يا "عدي" هي قالتلي كده.
رفرف "عدي" بأهدابه وقد أصابته الصدمة وتساءل.
ـ "يزيد" هي قالتلك كده.
عقدت "زينب" حاجبيها وهي تتنقل بعينيها بينهم وتستمتع إلى ما يخبروا بعضهم به وكل منهم لا يصدق أنه مخدوعًا في حبيبته.
ـ ما شاء الله ، ما شاء الله.. ده أنتوا المستقبل قدامكم طريقه معروف ... أنتوا في القعدة ديه محتاجين "سما".
توقفوا عن حديثهم حول مشاعرهم ونظروا لها.
ـ لأ طنط "سما" لأ يا "زوزو"...
أتت على صياحهم "جيلان" التي لم ينتبهوا على أقترابها من طاولتهم.
ـ أنتِ بتعملي فيهم إيه ومالهم مفزوعين كده؟
نهضت "زينب" ضاحكة على ما يحدث وتستمتع به معهم قائلة:
ـ البهوات طلعوا مغفلين وسيبك منهم عشان ميتفضحوش أكتر من كده وحسابي معاهم بعدين ، هقرص ليهم ودانهم.
حضنتها "جيلان" وهي تضحك ونظرت نحوهم ، فأسرعوا بوضع أيديهم على أذنيهم.
ـ مفترية وتعمليها يا "زوزو".
...
أحتل الذعر وجه العم "سعيد" عند رأى "ليلى" وهي ترتعش وتُحاول جر ساقيها إلى أقرب شىء حتى تستند عليه.
ـ "ليلى" فيكي إيه يا بنتي...
توقف "سيف" عن التحرك حول نفسه بدون هوادة ونظر إلى باب غرفته المغلق بنظرة باهتة.
ـ أنا عايزة أسند على حاجة مش حاسه برجلي.
لطم العم "سعيد" على صدره قبل أن يمد يديه إليها حتى يسندها.
ـ عملت فيكي إيه ، أنا عارفها زي الحيه سمها لازم يصيب الكل ، أنا مش عارف ليه رجعت تدخل في حياتنا من تاني.
غادرت سيارة "سمية" الفيلا وبعدها بدقائق وقفت سيارة الأجرة التي أتى بها "عزيز" من المطار.
أطلق سائقها تنبيهًا حتى يفتح لهم الحارس البوابة.
تهللت أسارير "مسعد" الحارس وهو يرى سيده داخلها.
ـ حمد الله على سلامتك يا "عزيز" بيه.
....
انفرج ثغر "زينب" ذهولًا وهي تستمع إلى التفاصيل التي حدثت إلى صديقتها.
ـ معقول يا "جيلان" كل ده حصل معاكم.
دمعت عيناي "جيلان" عندما تذكرت أن حلمها من فتح ذلك الكافية ربما يتحول إلى كومة من التراب.
ـ أنا و "إيهاب" كنا في مشاكل كتير أوي حتى هو أتضر في شغل مكتبه ، عارفه يا "زوزو" أحنا في لحظة ندمنا أننا رجعنا مصر.
أسرعت" زينب" بالتربيت على يدها ثم تناولت منديلًا ورقيًا وأعطته لها.
ـ متقوليش كده يا "جيجي" ، كل حاجة إن شاء الله وليها حل، قوليلي بس تفاصيل وأنا هحاول أتصرف ونحل الخلاف.
مسحت "جيلان" دموعها وحاولت العودة إلى ملامح وجهها التي يرتسم عليها الأبتهاج دومًا.
ـ شوفي بقالنا مدة متقبلناش ويوم ما نتقابل أكون عايزاكي في مصلحة لأ وأنكد عليكي كمان.
ابتسمت "زينب" وضمت كفوف يديها بين يديها.
ـ أنا زعلانة منك على فكرة عشان كل اللي بيحصل معاكم ولما بنتكلم ساعات بتقوليلي أنك كويسة ولا حتى كمان طنط "نجاة" لما نزلت مصر مقولتيش ليا أني أجي أشوفها.
أخفضت "جيلان" رأسها بخجل.
ـ حقك عليا يا "زوزو" ، ماما زيارتها لـ مصر كانت زيارة سريعة ونزلت لأن أنا كنت تعبانه ،أوعدك المرة الجاية هجيبها هي و بابا لما ينزلوا ونيجي نزورك.
ألتمعت عيناي "زينب" بالحنين الذي أنتشلها منه "يزيد" عندما أجتذبها من ذراعها هامسًا لها.
ـ "زوزو" أنا و "عدي" زهقانا ، أنتِ ضحكتي علينا المرادي في الفسحة بتاعتنا يا "زوزو".
....
خرج "سيف" من غرفته فزعًا بعد أن شعر أن صراخ العم "سعيد" على "ليلى" لا يوحي إلا بحدوث كارثة.
تجمدت ملامح وجهه عندما أبصرها تجلس على الأرض باكية وتخبر العم "سعيد" إنها لا تستطيع الوقوف.
ـ يا غلبك يا بيه هتلاقيها منين ولا منين.
قبضت "ليلى" على ساقيها حتى تقوم بتحريكهما.
ـ مش قادرة أقوم يا عم "سعيد" ، رجلي مش حاسه بيها.
وضع العم "سعيد" يديه على رأسه بوهن ونظر إليها بقلة حيلة ثم صاح قائلًا:
ـ أنا هكلم "عايدة" تيجي تشيلك معايا ونطلبلك الدكتور أو نروح المستشفي بيكي.
ثم أردف وهو يُحاول ألتقاط هاتفه من داخل جلبابه بيد مرتعشة.
ـ المصايب بتتحدف علينا كلها مرة واحده.
ابتلع "سيف" ريقه ثم أطبق جفنيه مُتنهدًا بثقل وأول شىء أقتحم رأسه أن ما حدث لها بسبب ما سمعته من حديث دار بينه وبين والدته.
فتح عيناه عندما أنفلت الهاتف من يد العم "سعيد" وأخذ يلطم جانبي فخذيه.
ـ حتى التليفون بيعاندني.. آه على قلة حيلتك يا "سعيد".
تمالك "سيف" أفكاره المسيطرة وسار إليهم وبصوت متحشرج تمتم.
ـ خليني أساعدك يا عم "سعيد" وندخلها أوضتها.
نظرت "ليلى" إلى يديه الممدودة إليها ليتنفض جسدها ثم زحفت إلى الوراء وهي تهز رأسها رافضة.
ـ لا ، مش عايزه حد يساعدني... أنا كويسة وهقوم لوحدي.
اندهش العم "سعيد" من أنفعالها ونظر نحوه مُجتذبًا ذراعه.
ـ خدنا يا بني المستشفي ديه كانت كويسة وجيبالك الأكل...
توقف "عزيز" عند منتصف الدرج بوجه انسحبت منه الدماء إلى أن بدء يستوعب ما يسمعه ثم هتف بأعلى صوته.
ـ "ليلى".
....
ألتقطت "أشرقت" فنجان القهوة الذي قدمته لها "سيلين" وتساءلت.
ـ كلام إيه المهم ويخص "مراد" مع أني مش عايزة أعرف أي حاجة عنه.
اِفتر ثغر "سيلين" وتناولت فنجان قهوتها وتمتمت بمزاح.
ـ أشرب بس فنجان قهوتي لأني بفضلها سخنه.
بدأت "سيلين" ترتشف من فنجان قهوتها مُتجاهلة نظرة السخط التي وجهتها "أشرقت" نحوها.
ـ أوف أنا دماغي فيها مليون حاجة و معنديش وقت.
توقفت "سيلين" عن أرتشاف قهوتها ثم ضحكت.
ـ ما هي الحاجة اللي أنتِ مش صابره عليها هتبسطك أوي.
ضاقت حدقتيّ "أشرقت" ، فأخذت "سيلين" نفسًا عميقًا وزفرته دفعة واحدة.
ـ "مراد" ليه ماضي مع بنت عمك "زينب" ، إيه هو معرفهوش لكن لو أخدتي بالك من نظراته ليها أول ما بيشوفها وكأنه يعني...
لم تستكمل "سيلين" حديثها وعادت إلى أرتشاف قهوتها بتلذذ.
ـ البن ده بيعدل دماغي أوي.
حدقت "أشرقت" نحو فنجان قهوتها وفي رأسها شىء واحد ، "زينب" تأخذ منها كل شىء حتى زوجها البغيض الذي لم تعد تحبه.
ـ أنا قولت أفتح عينك يمكن تكتشفي سر من أسرار حياته ، مراد أكتر حاجة بتوجعه أسراره.
وتعالت ضحكات "سيلين" وهي تسمع تمتمتها.
ـ كل حاجة لازم تاخدها مني حتى لو بكرهها.
وتوقدت نظراتها بالغصب عندما أنتبهت على ضحكات "سيلين".
توقفت "سيلين" عن الضحك وأسرعت قائلة:
ـ سامحيني على ضحكي لكني نفسي يجي يوم أشوف في "مراد" مذلول خصوصًا على أيد ست وأنا شايفه إن عذاب مراد هيكون على أيدك.
أشاحت "أشرقت" بوجهها عنها ، فدفعت "سيلين" فنجان القهوة إليها.
ـ أشربي قهوتك وخلينا نفكر هنكشف سره مع بنت عمك إزاي أصل شكلها غالية أوي عنده.
...
غادر "سيف" المشفى بعد أن أطمئن على حالة "ليلى" التي لم يفسرها الطبيب سوى وضع مؤقت لأنه نفسي وعليهم أبعادها عن الكثير من الضغوطات والترفيه عنها.
أطلق زفيرًا قويًا ، فنظرة "ليلى" إليه تُجلده.
ـ مكنتش في وعي يومها ، أه حاسس أني بتخنق.
مرر يده على عنقه ، فعيشته صارت ضَنْكة وتضيق عليه.
....
أغلقت "ليلى" عينيها وتسللت الراحة إليها وهي تشعر بيدي "عزيز" تسير بخفة على ساقيها.
ـ بقيتي حاسه بحركة أيدي دلوقتي على رجلك.
هزت له رأسها سريعًا ، فتنهد مُبتسمًا وأستمر فيما يفعله.
ـ قوليلي إيه زعلك ، "سيف" زعلك ، قالك حاجة تضايقك.
شددت من غلق أجفانها ، فهي لا تستطيع تحمل ما سمعته وتخيله عقلها بصورة بشعة.
ـ تحبي تبعدي شوية عن الفيلا...
فتحت عيناها سريعًا وهتفت برجاء.
ـ ياريت يا "عزيز" ، خدني شقة مصر الجديدة ...
....
ترك "هشام" الجريدة جانبًا ونظر نحو "لبنى" في دهشة.
ـ أوض نوم إيه اللي هاتروحي تتفرجي عليه بكره
يا "لبنى".
رفعت عينيها عن تلك الصور المعروضة على الهاتف ونظرت إليه.
ـ مالك يا "هشام" أنت مش مركز معايا كده ليه ، أنت ناسي إن فرح "قصي" خلاص ولسا الشقة ما أتفرشتش ولا قاعة أتحجزت ولا فستان فرح وشبكة أشتريناهم.
ضم "هشام" حاجبيه بدهشة تملكت وجهه بالكامل.
ـ "لبنى" ، أنتِ من تلت أيام بالظبط كنتي بتتخانقي معايا ورافضة "سما" وخلتيني خايف تكسفيني مع أخويا وقولت أستنى أبنك لما ينزل ويقف هو قصادك.
أسترخت "لبنى" في جلوسها ثم أبتسمت بأبتسامة دفعته إلى تساؤلات عدة مصحوبة بالخوف.
ـ كنت وغيرت رأي بعد ما فكرت ولقيت أن كلامك صح.
أرتفع كلا حاجبيّ "هشام" بتوجس ورمقها بنظرة أعقبها نهوضها من أمامه.
ـ أنا هتصل بـ "يسرا" عشان نتفق ننزل أنا وهي و "سما" ونلف شويه ، الوقت خلاص مبقاش فيه حاجة.
وألتفتت إليه وهي تضع هاتفها على أذنها.
ـ حاول يا "هشام" تعمل أتصالاتك وينزل على بداية الأسبوع الجاي ، أهو حتى نكتب كتب الكتاب.
حدق بها "هشام" بفم منفرج ثم ضرب يديه ببعضهما متمتمًا بعد أن أختفت عن أنظاره.
ـ الست ديه حصل في عقلها حاجة.
...
أزال "صالح" نظارته الطبية التي يرتديها ثم وضعها مع ذلك الملف الذي يقوم بمراجعته على المنضدة الصغيرة.
ـ تعالي هنا رايحة فين.
دفعت "زينب" يده التي يلتقط بها طرف منامتها وتمتمت حانقة.
ـ كمل شغلك بتركيز يا أستاذ ...
وواصلت كلامها بمقت وشفتي ملتويتين بتذمر.
ـ كل ما أقولك على حاجة تهز ليا رأسك وتقولي كملي.
أنطلقت ضحكة قصيرة من شفتيه وأجتذبها لتجلس في حضنه.
ـ قماصة زي الأطفال يا "زوزو".
أطبقت شفتيها بعبوس ، فأبتسم وهو يداعب خديها.
ـ أفردي وشك يا حببتي ، وكلي ليكي أذان صاغية.
أزاحت يديه عنها وأسرعت بوضع يديها على خديه وبغنج هتفت.
ـ قول الأول "زوزو" دلوعة "صالح".
أنفرجت شفتيه بأبتسامة عريضة ثم تجلجلت ضحكاته عندما وضعت يدها هذه المره على رقبته.
ـ على رأي "يزيد" ، "زوزو" المتوحشة.
أشتعلت عيناها بنظرة جعلته يُقهقه بقوة.
ـ "زوزو" دلوعة "صالح" كلي أذان صاغية ليها.
ومن هنا بدء حديثها الغير مترابط الذي لم يفهم منه شىء إلا أن عليه مساعدة "جيلان" و "إيهاب" وأبعاد بطش ذلك الرجل الذي وضعهم برأسه بسبب شجار سخيف لا يستحق.
ـ أنا مش فاهم منك أوي يا حببتي ، بكره أكلم "إيهاب" وأفهم منه الموضوع بالظبط.
كادت أن تتحدث لكنه قاطعها بوضع يده على شفتيها متمتمًا بعبث رجولي.
ـ أنتِ أحلويتي كده ليه على الحمل يا "زوزو".
أطلقت "زينب" ضحكة رنانة ، فكمم فمها قائلًا بتحذير وهو يتجه بها نحو غرفتهم.
ـ "يزيد" لو صحي ، هتضيع الليلة وأنتِ و هو ما بتصدقوا تتحالفوا عليا.
...
قوست "سما" شفتيها بأستهزاء وهي ترى زوجة عمها تتنقل من مكان إلى مكان مع والدتها ليختاروا كل شىء يخص الزواج.
رمقت كل ما تقع عليه عينيها بلامبالاة ، فهي لا تُصدق أن زوجة عمها بارعة بالتمثيل هذه الدرجة وتقنع الجميع بترحيبها نحو هذا الزواج الذي لا تراه إلا لعبة سخيفة.
زفرت أنفاسها بصوت مسموع ، فاستدرت "لبنى" نحوها ثم أشاحت بوجهها سريعًا وكأنها تهرب منها.
ـ "سما" تعالي قولي رأيك.
صاحت والدتها عليها لكنها لم تُجيب ، فأقتربت منها وأجتذبتها من ذراعها بأستياء.
ـ هو أنا في كل حاجة هشدك ورايا.
...
اِنمحت تلك الأبتسامة التي كانت منذ لحظات تحتل قسمات وجه "سمية".
ـ أنت عايزني أصور أخوك وهو معايا ، أخوك يا "كمال"!!
أستند بجسده إلى ظهر المقعد الجالس عليه وفي عينيه نظر يلمع بهما الشر.
ـ تصفية حسابات يا "سمية" مالكيش دعوه بيها غير الفيديو اللى هيتصور.
حركت "سمية" رأسها برفض لا يراه ، فأردف قائلًا بأمر لا تراجع فيه.
ـ خطوبة "فارس" من "بيسان" أنتهت بنهاية ممكن تتصلح، دورك بقى ترجعي الأمور لوضعها الطبيعي وكام زيارة لـ "أحمد" أخويا مع حاجات أنتِ عارفاها نوصل لهدفنا بسرعة لا من شاف ولا من دري.
....
توقفت سيارة "هارون" في الحارة الشعبية التي تقطن بها "سماح".
ـ أستنا حضرتك هنا يا "هارون" بيه ولا أشوف مكان تاني أركن العربية فيه.
فتح "هارون" زجاج سيارته المعتم ونظر إلى البناية التي لا تصلح للعيش من وجهة نظره.
...
رفعت "سما" رأسها عن الورقة وقد دونت فيها بعض ملاحظاتها ثم نظرت إلى زميلتها بالعمل التي لا تتوقف عن النداء عليها.
ـ في إيه يا "شمس"، بتنادي عليا ولا كأن في مصيبة في المطار.
توقفت "شمس" بأنفاس مُتهدجة ثم اِستدارت بجسدها حتى تتأكد إذا كان صاحب باقة الورد يتبعها.
ـ في واحد لابس بدلة ضباط البحرية وبيقول إنه خطيبك ، لأ وعزمني أنا وبعض الزملاء على فرحكم.
عقدت "سما" ما بين حاجبيها ونظرت إلى الجهة التي نظرت إليها "شمس" ورأت "قصي" وفي يده باقة من الورد.
ـ "سما" معقول فرحكم بعد أسبوع إزاي وأحنا منعرفش إنك اتخطبتي ولا حتى لابسة دبلة خطوبة ...
