رواية مالك المصري الفصل الثاني عشر 12 بقلم نسمة مالك


 رواية مالك المصري الفصل الثاني عشر 


بسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله…

عندما نبتعد عن شخص يحبنا بصدق،و نفرط بقلبه  قد لا نُدرك قيمته الحقيقية إلا بعد فوات الأوان،
حينها ينهش الندم قلوبنا خاصةً حين نكتشف أننا نبادله مشاعره بل مشاعرنا تجاهه أكثر من حبه بأضعاف مضاعفة، حينها
يمكن أن يكون الألم ناتجًا عن:

عندما ندرك قيمة الشخص بعد فوات الأوان، يمكن أن يكون الألم أكثر شدة، لأننا نعلم أننا لن نستطيع استعادة ما فقدناه، نجد أنفسنا نعيش في ذكريات الماضي، ونحاول تذكر كل لحظة جميلة قضيناها مع الشخص الذي فقدناه.

حين نعلم أننا لم نُقدر الشخص ، ولم نعبر عن حبنا له كما كان يجب علينا لم يبق غير الندم يلحقنا لو لم تعطنا الحياة فرصة أخرى.

لذا يجب أن نتعلم من أخطائنا ونحاول أن نكون أكثر تقديرًا للأشخاص الذين نحبهم، وأن نعبر عن حبنا لهم قبل فوات الأوان.

داخل منزل رئيس الوزراء “غفران المصري ” يسود هدوء مُريب على غير العادة، غيمة حزن مرت على هذا المنزل بدلت حاله للنقيض،فرقت الأشقاء الأربعة عن بعضهم مالك،زين،فهد،فارس ،
رغم أنهم أسفل سقف واحد،ولكن كلا منهم منشغل بعمله والصغير مازال طالب يدرس بكلية الشرطة،
جميعهم يقضون معظم أوقاتهم في عملهم و حين يعود أحداً منهم يجلس وحيداً داخل غرفته حتى يعود مجدداً لعمله،سنوات طويلة على وضعهم هذا لم يستطيع أحد ولا أى شىء تغير هذا الوضع إلا بأمر مباشر من رئيسهم في العمل ،أصبحوا مجبورين للعمل معاً في قوة دعم واحدة لتأمين تلك الطبيية “إسراء الدمنهورى “…

“دى هتبقي مهمة زفت على دماغك أنت و هو”..قالها مالك بهدوء مريب لا يُبشر بالخير،هدوء ما قبل العاصفة و هو يقترب منهم بخطى بطيئة مثل النمر الذى يستعد للانقضاض على فريسته مكملا بستفسار:
“مش عايزين تشتغلوا معايا ليه يا بيه أنت وهو؟”

صاح “زين” بغضب قائلاً:
“مش عايزين وخلاص يا مالك باشا وأنت عارف ليه كويس أوى..وأكيد الشغل معاك مش بالعافية ولا عشان أنت رئيسنا في الشغل هتجبرنا!!”..

تنقل مالك بنظره تجاه شقيقه فهد مدمدمًا وهو يعقد ذراعيه أمام صدره:
“اممم و أنت كمان يا فهد مش عايز تشتغل معايا ليه؟”
توحشت نظرة فهد وهو يجيبه :
“مش عايز أى شغل ليه علاقة بالحراسات الخاصة “.
صاح فجأة بغضب عارم قائلا: ” شغل المخابرات كذا قسم ليه أخترت تدخل قسم الحراسات و ختنا معاك ..ليه بس يا مالك!!! وكماااان عايزنا نبقي حرس بنات فارس الدمنهورى!!!”..

قال زين بنبرة منكسرة :
“مش عايز أدخل بيت فارس يا مالك..مش عايز أشوف زهراء”..

“وأنا مش عايز أشوف رواء”..قالها فهد بنبرة يملؤها الآسي،
ساد الصمت لدقائق طويلة كلا منهم ينظر للفراغ بشرود و ملامح مظلــ,,ـــــمة ،ليقطع مالك الصمت قائلاً  :”أنا أخترت قسم الحراسات الخاصة بالذات عشان آن الأوان نعدى من اللى مرينا بيه “..

لكم زين الحائط بجوارة لكمة عنيفة أدمت أصابعه و هو يصيح :” نعدى ايييه يا مالك ..نعدى أن حسن أعز أصدقائك واللى كان مسؤل عن حراستنا ،أمننا خان الأمانة وخطف أختنا الوحيدة وأتجوزها من غير رضانا!!! عايزنا نعدى اللى عمله فينا و كسرته لينا إزاى يا مالك ؟! “

“هنعديها لما أنت ترفع عنهم حمايتك يا مالك و تسبنا ن.ه هو و اللى وافقت على جوازها منه من ورانا ومن غير رضانا”
قالها فهد بتوعد و هو يقوم بتلقيم سلاحه النــ,,ـــــارى ..
لكمة قوية تلقاها في عينيه على حين غرة من قبــ,,ـــــضة مالك،وخطف من يده السلاح قام بتفكيكه ببراعة في ثوانى معدودة :
“أنت اثبت لى إنك لسه عيل صغير فرحان بالسلاح اللى لسه مستلمه”..
عم الصمت المكان مرة أخرى ليقطعة زين مغمغمًا بصوت يملؤه الحسرة:
“بلاش تودينا عند بنات فارس يا مالك..قولتلك مش عايز اشوف زهراء “..

ابتلع “فهد” غصة وهو يقول:
و أنا مش قادر أشوف رواء يا مالك”..

“للمرة المليون هقول لكم افصلوا حياتكم الشخصية عن شغلكم لو عايزين تكملوا في شغل المخابرات بالذات “..
صمت لبرهةً مكملا: “عارف أننا بعدنا عن بعض فترة كبيرة بعد اللى حصل لنا لكن جه الوقت اللى نتجمع فيه تاني و نبقي في ضهر بعض و نحاول نطلع من اللى أحنا فيه ده”
أقترب منهم وقف بينهم و حاوط أكتافهم بذراعيه “أنا محتاج لكم معايا الفترة دى وفي المهمة دى بالذات و للأسف بعد اللى عمله حسن أنا مش هقدر أثق في مخلوق تانى غيركم..بس لو صممتوا على رفضكم يبقي كده هسيب لكم حرية الإختيار عشان طبعاً أنتو عارفين إنى ديمقراطى”..

ربطت على أكتافهم ببعض القوة مكملاً بنبرة لا تحمل الجدال:
“وهشغلكم معايا غصب عن عين كل واحد فيكم و رجلكم فوق رقبتك منك ليه يالا”..
نظروا له بخوف مصطنع ليتابع هو بحدة
.. “معاكم خمس دقايق تجهزوا فيهم عشان سيادة رئيس الوزارة أبوكم عامل لينا إجتماع مهم جداً “..

تنحنح “زين” مردفًا بابتسامة لعوب:”اححم و بعد الإجتماع هنروح على قصر الدمنهوري؟ “..
“آآآه والله وحشنا أوى فارس الدمنهوري يا مالك”..قالها فهد و هو يرقص إحدى حاجبيه..

رمقهم مالك بنظرة نــ,,ـــــارية مغمغمًا بتهديد وهو يُشير على ساعة يده الملفوفة حول معصمه:
“الخمس دقايق بيخلصوا وأنتو لسه واقفين مجهزتوش وشكلكم هتاخدوا جزا من أول يوم في الشغل”..
بلمح البصر كانوا فروا من أمامه وبدؤا يرتدون ثيابهم المخصصة لقوة الحراسات الخاصة..

..صلِ على محمد…

بقصر الدمنهوري..

الفرح يملأ الأرجاء بوصول عزيزة قلوبهم ..يوزعون الهديا و يطعمون الطعام من كل ما لذ وطاب داخل وخارج القصر وحتى على قارعة الطريق ..
تجلس إسراء بحــ,,ـــــضن والدتها التى تضمها بلهفة و فرحة غامرة مرددة برتياح:
“أخيرًا رجعتى لحــ,,ـــــضنى يا إسراء ..الحمد لله يارب “..
ابعدتها عنها أنش واحد لتتمكن من النظر لها و أكملت بأمر:”مافيش سفر و غربة تاني..استكفينا تعليم كده الحمد لله “..
اعتدلت “إسراء و نهضت واقفه سارت نحو المرآه و بدأت تفك عقدة شعرها  وهى تقول:
“هو فعلا أنا مش ناوية على سفر تانى يا مامي..لكن أكيد مش هستكفى ابداً من التعليم ..بس دلوقتي أنا رجعت عشان عايزه أتجوز و أعمل بيت و أسرة “..
شهقت والدتها بخفوت مدمدمة:
“بنت أنتى من أمتى وأنتى ملهوفة على الجواز كده؟!” ..
نهضت وسارت نحوها مكملة ببوادر غضب:
“وبعدين تعالى هنا صحيح..أنتى عيشتك مع الأجانب علمتك البجاحة لدرجة إنك تقولى لمالك أنا رجعت علشان موافقة أتجوزك!!..ده فارس مستحلف لك على اللى قولتيه ده بس لما يرجع من عند غفران”..
عبست إسراء بملامحها و هى تقول : “ده أنا اللى مستحلفة لبابي اللى سابنى وأنا لسه راجعة من السفر و راح لانكل غفران “..
فتحت والدتها فمها لترد عليها لكن صدح صوت رنين خافت لكنه مزعج للغاية  يشبه صوت الإنذار فقالت والدتها بدهشة:
“أيه الصوت الغريب ده يا ساتر يارب!!”.. لم تجيبها إسراء التى انسحبت الدماء من عروقها و أصبحت بشرتها شاحبة للغاية فجأة دون سابق إنذار، و هرولت من أمامها راكضة بخطوات راكضة تجاه حمام الغرفة دون النطق بحرف واحد غالقة الباب خلفها بقوة،لحقتها والدتها وبدأت تطرق على الباب وهى تقول بلهفة: “في يا إسراء ..مالك يا حبيبتي ..افتحي لى الباب يا بنتى “..
تسمرت مكانها و شعرت بشلل كامل في جميع أطرافها حين أتاها صوت أجش مرعب من داخل الحمام يصرخ بصوت مكتوم قائلا:
“أخرجى من الأوضة حالا أحسن لك”……

أتسعت عينيها من قوة الصدمة و أنقطعت أنفاسها وسقطت أرضًا على الفور فاقدة الوعى ..

………سبحان الله وبحمده….

داخل مقر رئاسة المخابرات المصرية، بقاعة الاجتماعات السرية داخل مكتب مغلق يجلس فارس برفقة صديق عمره غفران بمفردهما..

تطلع فارس حوله بأعين منبهرة و من ثم تحدث بتسأل قائلاً: “خير يا غفران ..أيه المكان الغريب اللى أنت جايبنى فيه ده ؟!”

أخذ غفران نفس عميق قبل أن ينتصب واقفاً و يسير تجاه إحدى الحوائط و يقف بجوارها مغمغمًا بنبرة راجية:

“فارس عايزك تهدى و تحاول تمسك أعصابك عشان أقدر أفهمك أحنا داخلين على أيه”..

انقبــ,,ـــــض قلب فارس و جف حلقه و تحدث بقلق جم قائلا:”خير يا غفران؟”..

ساد الصمت للحظات قبل أن يمد غفران يده ويضعها على الحائط ففتح باب سرى أتى منه صوت أقدام تسير نحوهم..جحظت أعين فارس حتى كادت أن تخرج من مكانها من شدة دهشته مرددًا بذهول:

“أيه اللى أنا شايفه ده!!!!”

رفع أثنان من أصابعه مكملا بصدمة “أتنين مالك!!!”

تقدما منه و واقف واحد على يمينه و الأخر على شماله،

لينفتح باب أخر و يدلف منه مالك و أغلقه خلفه وسار بخطى واسعة حتى وقف أمامه مباشرةً مردفًا بغمزة مشاكسة:”لا ده أنا تلاته مالك يا أبو الفوارس”  ،

لهنا لم يستطع فارس منع نفسه و صاح بانفعال متفوهاً بكلمة بذيئة :

“***يا غفران أنت دخلت الواد مالك مطبعة وعملت له نسختين أحطياطى!!!”..

تعليقات